وسطية غذائنا في عصر العلم والوفرة .. والكوارث! - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847593 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384622 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59468 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 587 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم الطبي و آخر الإكتشافات العلمية و الطبية > الملتقى الطبي > الطب الباطني

الطب الباطني قسم يشرف عليه الدكتور احمد محمد باذيب , ليجيب على اسئلتكم واستفساراتكم حول ما يختص بالطب الباطني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-10-2022, 11:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي وسطية غذائنا في عصر العلم والوفرة .. والكوارث!

وسطية غذائنا في عصر العلم والوفرة .. والكوارث!
د. غنية عبدالرحمن النحلاوي

ومثالان عن غفلتنا: تفاهة الطعام، وفلورة المياه



عبر خبرة امتدَّت آلاف السنين، تعلَّم الإنسان بفطرته السليمة ما هو الغذاء المناسب له، وكيف يطهوه ويتناوله، وكيف يستبعِد الفاسد ويستزيد من الصالح، وتستطيع أن تلمس إعجازًا إلهيًّا رحيمًا من خلال الإنجاز المدهش للمخلوقات في هذا المقام، وعلى رأسها الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 35].

ولكن هذا الإعجاب صار يصطدم بأخطاء غفلنا عنها حتى بلغَتْ مداها في زمننا هذا: أخطاء كيِّفية؛ نوع الغذاء، وأخرى كميَّة؛ من حيث الإفراطُ والتفريط، وما تلاها مِن عِلَل مثل وهن العِظام وفقر الدم ونقص المناعة وغيرها.

وهي أخطاء تتعلق بتصادم الآلة الاقتصادية الهادفة لزيادة الأرباح وإنقاص التَّكلِفة مع البيئة البِكر والفِطرة السليمة التي فطَرَنا الله عليها؛ كما ترتبط باستغلال حب الإنسان للتغيير وانبهاره بالإعلام المتناقِض مع المعرفة والخِبرة؛ ليترافقَ الضرر الناتج غالبًا بمُخالفة تعليماته - سبحانه وتعالى - في أنفسنا وفيمن حولنا، وبالإخلال بالبيئة التي سخَّرها لنا وتلويثها!

ويَنطبِق على كل ما ذكر وصف سوء التغذية: فهي ليست حِكرًا على الفقراء والجهَّال كما كان يظن منذ عقود، فالغنيُّ يُصاب بسوء التغذية، والفقير يصاب بها، وكذلك المثقَّف والجاهل!

ومِن أمثلة التفريط - لا سيما في الكوارث والحروب -: أمراض نقص التغذية؛ منها الخاصة: للبروتينات والفيتامينات والمعادن، ومنها العامة لجميع المُغذِّيات، والتي تكون خطرة لا سيما على طرفي العمر - عند الأطفال والمسنين - فيموتون من المخمصة في أنحاء من المَعمورة بينما تُرمى الأطعمة في القمامة في أنحاء أخرى!

ومن أمثلة الإفراط:
سوء التغذية المؤدّي للبدانة ونِسَبها العالية؛ حيث الوفرة الاقتصادية (زيادة الأكْل ونقْص الحركة)، وزيادة الفلور في طعامنا وشرابنا عن حدِّ السلامة.

وبين الإفراط والتفريط من حيث الكم، نجد للخلل النوعي أو الكيفي دورًا كبيرًا، أما أبسط أمثلته وربما أشيعها فهي الوجبات السريعة التي تعرَّف بأنها: أطعمة مثقلة بكل شيء، إلا ما هو مغذٍّ ومُفيد (وكأنك تأكل: منكهات، مواد دسمة، عناصر كيميائية.. إلخ).

ومع انتشار وسائل المعرفة بين الناس على نطاق واسع، صار التدخل في غذاء الإنسان يتلبس بالعلم والدراسات الإحصائية، ولكن هذا لم يُنقِذ المتلقّي بل زاده بلبلة في بعض الحالات؛ كالحالات التي يتمُّ التوصية فيها بأمر ما اليوم ثم يوصى بضدِّه بعد أيام! ناهيك عن التلقي من مجلات "المنوعات" ومواقع "النت"، والتي صار الحديث عن غذائنا فيها مُتاحًا لكل حاطب ليل.

لذلك تزداد حاجتنا: لأسس وخطوط عامة، بما يتناسب مع الفطرة السليمة لكل إنسان، ومع الصبغة الإسلامية التي سأوجز بعضها من القرآن الكريم والسنَّة النبوية:
1- تبيين المحرَّمات من الأطعمة والأشربة، وكل ما سواها محلَّل "سورة المائدة وتفسيرها، وفقه ذلك في مظانِّه".

2- خطوط أساسية لكيفية إعداد الطعام وتناوله، مِن أهمها: الذبح الحلال، والتسمية، واليمين، وطهارة الأيدي، وقاعدة الأثلاث الثلاثة - عندما يملأ ابن آدم بطنه - (وعلى الهامش، فقد ثبت أن معظم اللحوم في الوجبات السريعة ليسَتْ ذبحًا حلالاً، وبعضها تعافُه الحيوانات كالقطط، من خلال تجارب حدَّثني عنها أصحابها)!

3- بيان بعض العناصر الغذائية التي تتميَّز بالفائدة ليس للشِّبَع وحسب؛ بل للنمو والوقاية من الأمراض أو علاجها: مثل العسل والعجوة وحبَّة البركة وماء زمزم...، وهي معلومات وردت مركزة بإيجاز في القرآن الكريم والسنة الشريفة فلم تحجِّر علينا واسعًا.. سبحان الله! إذ من فوائد ورودها بإيجاز أن تُترك للإنسان آفاق رحيبة للتوسُّع والاستزادة في العلم والتعلُّم حولها وحول غيرها، مثل كشفِ ودراسة المزيد من العناصر كالفيتامينات والمعادن ومعرفة حدود الضرر والفائدة كما سنرى!

4- قاعدة: ((لا ضرر ولا ضرار)) النبوية لمحرَّمات طارئة؛ كالتدخين، وبعض ما يؤكل أو يُشرَب (المشائم وجنون البقر)[1].

5- عدم العبث بالتوازن البيئي الذي سخَّره الله تعالى لنا، سواء بيئتنا الداخلية (أبداننا) أو الخارجية (الكون من حولنا)، وبذل بعض الجهد للتحقق من مصداقية ما يقدم لنا نظريًّا وعمليًّا على أنه الغذاء الأفضل.

مع تأكيدي اليقيني بأننا لا ندلِّل على صحة ودقة ما جاء به القرآن الكريم والحديث الشريف عندما تَخرُج علينا بحوث علمية فيها - لدهشة الجميع - إثبات للفوائد والمضار التي سبق لها الإسلام، بل النقيض تمامًا، فنحن نستنتج احتمال دقة البحث العلمي إذ يوافق صريح القرآن والسنة، كما أننا لا نلوي أعناق النصوص فنُحمِّلها ما لا تحتمل لنجعلها تطابق ما يبدو حقيقة علمية اليوم قد يَثبت خطؤها بعد حين.. سبحان الله وبحمده!


وعندما نتجاوز تلك الأسس القويمة، وما أضيف لها من قواعد الصحة العامة التي أنتجتها خبرات البشر وعلومهم، ونتركها إلى ما لا ينفع وقد يضرُّ: يَنفتح باب المُنتجات الصناعية من دوائية وغذائية، بهدف تصحيح الأخطاء، وعلاج ما أدَّت له من أعراض وأدواء - أو الوقاية منها - (كما أشرنا في أبحاث سابقة عن البروبيوتيك.. وعن حليب الأم)[2]، وهكذا تُتابع الدوامة دورانها، وتظهر التحذيرات والتوصيات في العالم، وتقام على هامشها الدعاوى القضائية في بعض البلدان، وقد تُتَّخذ إجراءات على مستوى وزارات الصحة، (وربما تكون متأخرة)!

ولقد اخترت مثالين من حياتنا اليومية عن الأغذية الضرورية.. وكيف تصبح ضارَّة:
المثال الأول - الطعام السريع أو سقط الطعام:
بدأ الأمر بتحرِّي السهولة في التحضير؛ لأن الجميع في العمل، ثم انقلب لمُحاولة التغيير وطرد الملل بحثًا عن الطعام الممتع واللذيذ، ثم رضينا بجعل تلك المتغيرات ثوابت لحياتنا العصرية؛ وما لبث أن امتلأ غذاؤنا بالملوَّنات والمنكهات والأسمدة الكيميائية الضارة، والمواد الحافظة، والهرمونات، وحتى الأمواج الكهرومغناطيسية الضارة (الميكرو ويف)!

ونأى الإنسان عن الأطعمة الصحية الطازجة، أو هي نأت عنه، فقلَّ إنتاجُها وارتفعَت كلفتُها (حسب قانون العرض والطلَب).

ولا بد في هذه العجالة من الإشارة إلى التسمية الأعم والأحدث من تسمية "الطعام السريع: fast food" في علم التغذية وطب الأطفال وهي الـ "junk food " وأترجمه: "الطعام التافه"، والمعنى اللغوي الحرفي: السقط - مثل سقط المتاع -: أي الذي يُسقطه المرء أو يتركه لأنه غير صالح، (ومن معانيها - لغير الطعام - في القواميس: الخردة..، ثم قرأت ترجمته بهذا المصطلح: "قمامة الطعام: أي أطعمة سريعة غير متوازنة "[3]!

و: "الطعام التافه"junk food: تصفه القواميس بما ترجمته: "أي: شيء جذاب ولكن فائدته مهملة":
ولاحظ أهمية أن يكون جذابًا، وكذلك يوصف بأنه "طعام لذيذ وفقير بالفائدة".

مما يعكس استغلال من يصنعه ويروِّج له غفلة الإنسان العصري عن الضرر والنفع إذ يضع المتع أعلى سلم أولوياته، مع الأسف!

أما التعريف الطبي الأدقُّ للطعام التافه أو السقط: فهو أيُّ طعام محضَّر وجاهز يَحوي كمية مفرطة مما يلي: الدسم، السكر، الصوديوم (الملح)، المضافات الكيميائية؛ ويحوي القليل من القيمة الغذائية! وهذا جعلهم يدخلون ضمن تلك التسمية المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة ومنتجات البطاطا المصنَّعة (شيبس) والأطعمة المحلاة بشدة (كالمثلوجات والفطائر)، إضافة للبرغر والناغيت وما إليها (من الفاست فود) التقليدي؛ بمعنى أنه ليس فقط قليل الفائدة، بل هو مُؤذٍ للصحة.

ومع الأسف نشأ جيل جديد اعتلَّت فطرته، فلا يستسيغ "الطيبات" الحقيقية بوجود هذه التي غفل عن ضررها لجاذبيتها!


وجاءت النتائج: من خلال دراسات إحصائية، لتشمل الكثير من الأمراض خاصة عند الأطفال والمراهقين والتي تراوَحَت بين الأبسط كالاضطرابات الهضمية والأسوأ كالداء السكري، مرورًا بأمراض التحسُّس، وأمراض الغدد، والأعراض العصبية؛ كالصداع والأرق، وفرط الحركة، وشملت - مع كل ما سبق -: البدانة، أيضًا، البلاء العصري المستشري بين الأطفال والمراهقين!

ذلك أن الوجبات السريعة تكاد تفوق النهم في إحداث البدانة، فكل وجبة منها تحوي 40% دهون مقابل 15% دهون في الطعام العادي، والمؤسف أنهم وجدوا أن نصف أطفال الصف الأول الابتدائي البدناء سيُعانون البدانة في الكبر، وأنها أدّت لانتشار النوع الثاني من الداء السكري بين الأطفال بعد أن كان مقتصرًا على الكبار!

المثال الثاني: مادة الفلور بين الضرر والضرورة:
تشترك عدة معادن وأشباه معادن في تمتين الشبكة العظمية، أو إضعافها، وعلى رأسها: الكالسيوم والفوسفور والمغنزيوم والتوتياء (أي الزنك)، وكذلك الفلور.

ويوجد عنصر الفلور إضافة للأسنان، في العظام والدم والجلد والأظافر والشعر، وهو ضروري لعمليات الشفاء والترميم، والواقع أن الجسم يحتاج إليه ولكن بقدر زهيد، ويتركَّز معظمه في العظام والأسنان، ومثل كافة العناصر الضرورية الزهيدة (كما نسميها) كاليود والحديد والمغنزيوم، يوجد الفلور بكميات مناسبة في الماء والخضار كما نحصل عليه من الأطعمة كالدَّجاج والبيض والجبن والشاي، وإن الأسماك، بل والأطعمة البحرية كافة، هي أكثر الأطعمة الطبيعية غنىً به، فجميع الأطعمة البحرية تحوي شكله العُضوي (الفلورين) بنسبة جيدة!

وتاريخيًّا: استعمل الفلور بشكل فلورايد الصوديوم فيما مضى كسمٍّ للفئران، ودرسه الكيميائيون الألمان في فترة الحرب العالمية الثانية كعنصر محتمَل للتحكُّم في تعداد السكان في أية منطقة من خلال معالجة ضخمة لمياه الشرب، وجرَّبه كلٌّ من الروس والألمان على سُجناء تلك الحرب لأثره في إخضاع إرادة الذين يُريدون الهيمنة عليهم بإضافة فلورايد الصوديوم إلى ماء الشرب المعطى لهم حيث اعتقد أنه جعلهم أغبياء وحمقى، وهو يعتبر بشكله الغازي من أكثر الغازات ضررًا على طبقة الأوزون، وبعض المصادر تضعه عندما يزيد في البيئة مع الزرنيخ والرصاص والزئبق!

ومنذ الأربعينيات تم ربط صحة الأسنان وتلألئها والوقاية من النخر بإضافة المزيد من هذه المادة، فانتشرت بدعة "فلورة" مياه الشرب وإضافة الفلور لمعاجين الأسنان على مستوى العالم، وصارت نسبة كبيرة من الشعوب تشرب مياها مُفلوَرة من صنابير البلدية أو العبوات المعبَّأة! وللوهلة الأولى يشعر المرء أن ثمة خطأً ما، فالله تعالى خلق الناس عروقًا وأنواعًا، وهو تعالى سخَّر لكل منا البيئة الغذائية المناسبة، وألهمَنا حسن التأقلُم والتفاعل معها عبر خبرات تراكمية، وهو ما عبَّرت عنه عادات الأمم الغذائية المتنوعة، وكثيرًا ما تجد مناطق جغرافية مختلفة في الدولة الواحدة! وعندما كنت أسأل الزملاء من أطباء الأسنان عن رأيهم بتعميم فلورة مياه الشرب كانوا يبدون تحفَّظهم مشيرين لوجود قرى في بلادنا مياهها تَحوي نِسَبًا عالية من الفلور، وأن ذلك التعميم مع إعطاء حبوب الفلور روتينيًّا للأطفال خلال زيارة المستوصَف للتلقيح يؤذي ولا ينفع.

ويبدو أن هذه التحفظات ليست جديدة في معظم دول العالم؛ حيث تبيَّن للمهتمين أن معظم العصائر الصناعية (برتقال وعنب وتفاح وأجاص) والمياه الغازية والشاي متخمة بالفلور الذي يتركز فيها أكثر من الماء الذي حضرت به، وفي عام 1996 نشرت الجمعية الأمريكية لأطباء الأسنان دراسة بيَّنت احتواء (19) نوع من العصير وخمسة أنواع من الشاي على الفلور بنسبة تزيد على أعلى مقدار مسموح إضافته لمياه الشرب، ومعلوم أن الحد المأمون هو مِن نصف إلى واحد غرام فلور في اللتر (أي جزء بالمليون فقط أو ما يعادل ربع ملغ فلوريد في كأس سعته ربع ليتر وكانت تلك المعلومات أحد مؤشرات الخطر، ولكن الأسوأ أنهم وجَدوا أن الحليب الصناعي فيه (100 - 200) ضعف محتوى حليب الأم من الفلور، وأن الحبوب عندما تحضِّرها الأم لطفلها بإضافة الماء وطبخِها تكون غَنِيَّة بالفلور بسبب تبخُّر الماء وتركز الفلور ضمنها، كما أن الكثير من اللحوم المصنَّعة (كالدجاج المسمى ناغيت) تحويه..! ناهيك عن وجوده في الأدوية المختلفة كالمضادات الحيوية!

وبناءً على دراسات على الإنسان، وجد العلماء أن بلع مادة الفلورايد (الشكل اللاعضوي من الفلور) له تأثير ضار على دماغ الإنسان، وخاصة عند إعطائه للرضَّع يوميًّا ولو بتركيز منخفِض، وهو يقلِّل من مستوى مؤشر الذكاء لدى الأطفال، وأكثرهم مغرم بمَعاجين الأسنان ذات النكهات اللذيذة والمحتوية على الفلورايد، وبعضهم يَبتلعها باستمرار إضافة لما يَرِدُهم منه مع الماء والعصير.

فكان المؤشر الثاني للخطر: هو أننا لا نعلم بالمُجمل مدى ما نبتلعه نحن أو أطفالنا - والخطر عليهم مضاعف - من فلور حتى لو حاوَلْنا، كما أن الكثير من شركات الأغذية لا تكتب نسبة الفلور بمنتجها.

ويبرز سؤال مفاده: لماذا كل هذه الضجة؟ وهل زيادة الفلور ضارة إلى هذا الحد؟!


أضرار الفلور:
في الواقع فإن عنصر الفلور ذو نشاط كيماوي شديد، لدرجة أنه يخرش الجهاز الذي يستحضر به، وتؤدي زيادة ابتلاعه لتَراكُمه في الأمعاء ومن ثم في بعض النسيج، ولتدخله في وظيفة بعض الأعضاء الحيوية في الجسم بشكل ضار، كما سيَلي:
على العظام: يُضاعف الفلور بكمية ضئيلة كثافة العظام، إلا أن المُبالغة في إعطائه تؤدي لهشاشتها وسهولة كسرها، ويسبق ويُرافق ذلك أعراض تم رصدها سريريًّا مثل: الآلام والتيبُّس في العظام والمفاصِل والأوتار، ويَحدث تكلُّس في الأربطة واعتلال في المفاصل، ومع الوقت تَحدُث تشوُّهات في العمود الفقري ووهن في الكتلة العضلية، وأسوأ ما قد يحدث سرطان عظام عند الصغار، ومن اليابان وجد الباحثون أن المستوى "الآمن" للفلورايد - الذي حدَّده المعهد الوطني الأمريكي للسرطان بجزء واحد في المليون - يُمكن أن يؤدي ليس فقط إلى خلل مورثي (جيني) بل وإلى إنتاج خلايا سرطانية، ومن علماء السرطان في أمريكا من أكد أن تأثير الفلوريد الضار والمُسرطن هو تراكمي مهما ضؤلت نسبة إضافته، وأضاف أحدهم: "ولا يهمُّني كم مرة سوف يُكرِّرون في وسائل الإعلام والمطبوعات أن فلورة موارد المياه هي "آمنة"! ثم وجد بالمقارنة أن الفلورايد يسبِّب السرطان بدرجة أعلى من مبيد الحشرات DDT.

الجملة العصبية: يسبب الفلور الزائد الصداع عند عموم الناس، ولكن المصيبة هي أثره الضار على أدمغة الأطفال لا سيما الرضَّع، كما ورد، والتي تتجلى نتائجها فيما بعد بشكل فقدان ذاكرة، وإنقاص القدرة الذهنية (انخفاض معدل الذكاء)، ففي الصين أدَّى الفلور المضاف لتدهور ملحوظ في ذكاء الأطفال، وفي دراسات أمريكية تبين أن الفلور المضاف يحلِّل الرصاص الموجود في أنابيب المياه والسيئ السمعة جدًّا في الأداء الذهني، وخاصة في مرحلة الطفولة؛ مما يسبب صعوبات تعلُّم ومشاكل نفسية، وله دور في داء (الزهايمر)!

الغدد: من المؤكد أن زيادة ابتلاع الفلور يؤدي لخمول في وظائف الغدة الدرقية ولقصور في عملها، ولا سيما بوجود نقص في (اليود) عند الإنسان الذي يشرب المياه والعصائر المفلورة.

الأسنان: وللغرابة فإن صحة الأسنان التي كانت حجة لإضافة الفلور للماء تغدو مرضًا حال ابتلاعه غير المحسوب، لا سيما الأسنان الآخذة في التشكُّل (الأطفال) فتصفر وتتبقع وقد تصاب بالهشاشة (كحال العظام)!

دور الكُليَة: لا بدَّ من التنبيه إلى أن أي خلل في وظيفة الكُلية حتى لو كان مؤقتًا، سيؤدِّي لاحتباس الفلور المبتلع عشوائيًّا - كما رأينا - وتراكمه وظهور الأضرار المذكورة، أو تفاقمها.

اهتمام عالمي بالفلور: حقائق كانت غائبة وتوصيات:
لكل ما سبق ذكره، أصبح جليًّا أن ضرر إضافة الفلور للمياه العذبة هو أشد بكثير من الفائدة المحتمَلة منه.

والأسوأ هو تأذي الأطفال كما مر بنا، لذلك خرجت بعض الجهات عن صمتها مع تنامي المعارضة الجماهيرية في الغرب لفلوَرة المياه، وتكررت نداءاتهم مثل: "لماذا أعارض فلورة مياه الشرب"؛ وأصبح الحديث عن فائدتها للأسنان في قاع القائمة بعد العناوين المبرزة لضرر الفلوريد وأسئلة الناس عنه، مثل: "كيف يُمكنني إخراج الفلوريد من ماء شربي؟".

ولكن لا يزال الأمر مثارًا للجدل، وتَذكر الأرقام أنه حتى عام 2012 فإن حوالي (400 مليون) شخص في العالم كانوا يَحصلون على المياه المفلوَرة صناعيًّا!

بالمقابل فإن أوربا شهدت تراجعًا كبيرًا في تسوُّس الأسنان بدون تطبيق فلورة مياه الشرب في جميع دوَلِها، وعُزي ذلك لفلورة معاجين الأسنان هناك منذ سبعينيات القرن العشرين، والأهم هو تقرير نشر عام 2007 جاء فيه أنه تمَّ إيقاف فلورة المياه في دول من العالم المتقدِّم منها: فنلندا - ألمانيا - اليابان - الجزر المنخفضة - السويد - وسويسرا![4].

مع ذلك استمر الاعتقاد بأن هذا الإجراء - أي فلورة المياه - هو مبرر أكثر في الولايات المتحدة بسبب التباين الاجتماعي والاقتصادي الكبير المؤثر على صحة الأسنان والعناية بها!

وعمومًا،فتَتواتر اليوم تحذيرات من جميع أنحاء العالم مما يُبرِز أهمية التوصيات التالية:
الإصرار على الإرضاع الوالدي، هبة الله تعالى للطفل، وتجنُّب الحليب الصناعي، وفي حال الاضطرار، يفضل تحضير الحليب الصناعي بمياه خالية من الفلور أو فقيرة به، ونفس الأمر يَنطبق على ماء طبخ الحبوب لصغار الأطفال.

تحرِّي الغذاء المتوازِن ذو المصدر الطبيعي للأسرة ككل، وتجنُّب العصائر المعلَّبة والمشروبات الغازية قدر الإمكان، والاستعاضة عنها بالفواكه الطبيعية وعصائرها.

التقليل أو منع استعمال معاجين الأسنان المحتوية على الفلور لا سيما للذين يبتلعونها باستمرار، ومنعها نهائيًّا بالنسبة للأطفال دون سن الثالثة؛ كما أوصت جمعية أطباء أسنان الأطفال الكندية التي أوصت كذلك بمنع أولئك الأطفال من شرب الماء المفلور، وقد ثبَت أن كمية الفلور الموجودة بعبوة مَعجون أسنان واحدة متوسِّطة الحجم كافية في الاستعمال المديد لإلحاق الضرر بالطفل - بشكل تراكمي - وأن أفضل الطرق لاستخدام الفلوريد للأطفال هي طريقة التطبيق الموضعي له، ويفضل بإشراف طبيب الأسنان؛ أما بالنسبة للكبار فيُمكن استعمال معاجين الأسنان وغسول الفم المفلورة ولكن مع تفادي بلعها.

إقلال استعمال الآنية المطلية بالتيفلون لمنع الالتصاق (المسماة تيفال)، وهي المادة التي يُستعمل الفلور في تصنيعها.

ومع تركز الفلور المضاف للماء في التربة وفي البيئة من حولنا، ومع استمرار الدراسات، ننتظر المزيد من التوصيات، والأهم لنا تمحيص المعلومات التي وراءها لنتابع تكوين توصياتنا الخاصة ببلادنا والمناسبة لها.

وفي الختام نشير من باب الطرافة إلى رد فعل الحضارة المادية التي تُحسِن استغلال كل شيء، فالشركات الصناعية والتجارية لم تُضيِّع الوقت أمام تصاعد الوعي بأضرار الفلور في البيئة، وانبرت لتسويق البدائل المؤقتة التي قد لا تحرر الإنسان، وهي لا تُعينه حقًّا على تنقية فطرته واستعادة سلامتها، بل تُبقيه رهينًا لمنتجاتها الأقل ضررًا، والأغلى؛ كالوجبات السريعة "الصحية"، والدجاج المغذَّى بدون هرمونات، والماء المعبَّأ الخالي من الفلور والذي ثمنه يزيد عن خمسة أضعاف ثمن الماء العادي المعبأ! لا بل والآنية البديلة لتلك المطلية بالتفلون والتي وجدتُ لدهشتي بعض المقالات المحذِّرة من ضرر الفلور في بعض المجلات تستغلُّ للترويج لها!

ويبقى بوسع الإنسان التمتُّع - ببساطة.. ووسطية - بما سخره له البارئ - عز وجل - في الكون الواسع دون الإخلال بشيء، فهو عندما يَحفظ بيئته الخارجية ستسلم بيئة جسمِه الداخلية بإذن الله تعالى ورحمته ﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]، سبحانه!

الحمد لله..

[1] جمع مشيمة، وانظر: (ص 110 - 122) كتاب: "الثابت والمتغير"؛ د. غنية النحلاوي - دار الفكر دمشق.

[2] انظر مثلاً: "جراثيم ولكن"؛ شبكة الألوكة، وعن حليب الأم:
http://www.alukah.net/culture/0/77557

[3] في قاموس المعاني، قاموس عربي إنجليزي: Junk food : "سقط الطعام؛ قمامة الطعام (أطعمة سريعة غير متوازنة غنية بالكوليسترول والدهون المشبعة"، والأعجب أن بعضهم عرَّبها: "حثالة الطعام"!

[4] وفي 26 آب 2014 أوقفت دولة العدو الإسرائيلي رسميًّا إضافة الفلوريد لمصادِرِ المياه، كما ورد في الويكيبيديا!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.69 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]