ليلة مخيفة (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850999 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386988 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 225 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60077 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 848 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2021, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي ليلة مخيفة (قصة)

ليلة مخيفة (قصة)
محمد كساح









في ليلة بارِدةٍ من ليالي كانون الثاني، جلس عبدالحميد بالقُرب من المدفأة المتوقِّدة التي تعمل على الحطَب، التصَق بالمدفأة أكثر فأكثر؛ لأنَّ البرد كان شديدًا على ما يَظهر في تلك الليلة.



كان يَسهر وحيدًا حيث غابت زوجتُه الحامل في نومٍ عميق منذ أكثر من ساعتين، ذهب إلى المطبخ وأحضر ركوةَ القهوة والوعاءَ الذي يضَع فيه البن وفنجانًا نظيفًا.



انتظر لحظات حتى غاب لهبُ النَّار وأصبحَت المدفأة جاهزةً ليغلي عليها قهوتَه المسائيَّة.


حرَّك قطعَ الجمر بملقَطٍ صغير يَضعه دائمًا إلى جانب الموقد، وسوَّى الجمرات المتَّقدة الحمراء، وخدُّه الأيمن يَلمع من الوَهج، ووضع الركوةَ عليها بعد أن دقَّ بالفنجان حبات من الهيل قاذفًا إياها داخل الماء، الذي اقترب من الغليان سريعًا؛ لأنَّ جمر حطب الزيتون كان حاميًا جدًّا.




انتظر عبدالحميد قليلًا وهو يفكِّر، كان غارقًا في تأمُّل موضوعٍ هام!

وما هي إلَّا لحظات حتى سمِع غليان الماء، فسارَع إلى وضع ملعقتين من البنِّ داخل الركوة، التي فارَت كبركانٍ صغير ولكنه غير مؤذٍ على الإطلاق، ما جعل رائحة القهوة مع الهيل تَفوح في أرجاء الغرفة.



أحسَّ بشعور جميل، وراودَته أفكار خلَّاقة في هذه اللَّحظات، وربما امتزج ذلك مع دفقات من الفرَح وشيءٍ من الأمل في لحظةٍ ما، لكن ذلك كله سرعان ما تلاشى مخلِّفًا الحزنَ والكمد؛ فقد كان الموضوع الذي يؤرِّق فِكر عبدالحميد طاغيًا على تفكيره وأحاسيسِه.



اليوم صباحًا فتح خزانةَ المؤونة في مطبخه، فصُدم لِما رأى، لقد كانت الرُّفوف فارغة تمامًا إلَّا من كيلوين من الأرز لم يتبقَّ غيرهما... منذ تلك اللَّحظات انتابَه شعور مخيف؛ إنَّه حصار جديد يمرُّ متابعًا سلسلة الحصارات الماضية التي ولَّت وولَّى معها تعَبُها وحزنُها والآلام التي سبَّبَتها.



منذ شهر والمدينة محاصَرَة، ومنذ ثلاثة أشهر تقريبًا كان عقد زواج عبدالحميد، لم يفرَح إذًا ببهجة العرس، ولم يتمتَّع بالزواج سوى شهرين اثنين.

شهران فقط، شهران!

إنَّه ظلم، ظلمٌ فظيع، ما أقسى ذلك!

لم يتبقَّ شيء لنأكله أنا وهذه المسكينة.



كان هذا ما خاطَب به نفسَه في صمْتٍ، دون أن يحرِّك شفتيه ناظرًا بحزن مشوب بالشَّفقة إلى الفتاة الصَّغيرة التي لم تَبلغ السادسةَ عشرة من زهرات ربيعها.

إنَّها نائمة.. مسكينة!

لا تَعلم ماذا تخبِّئ لها الأيام من متاعِب؟!



وحامل أيضًا.. يا للعذاب الذي سوف تكابِده في الأيام المقبِلة! هذه الأفكار جعلَته يَنسى ركوةَ القهوة على الجمر، لكنَّ فوران البنِّ وصوت ارتطامه بالجمر جعله ينتبه، فرفع الركوةَ وأخذ يصبُّ فنجانًا من القهوة، كان يصبُّه ببطءٍ وعناية ليتسنَّى له تأمُّل مشهد امتلاء الفنجان الأبيض بالسائل الأسود، ورويدًا رويدًا كانت القهوة تغطِّي هذا البياض الناصِع وتَملأ الفنجان.



ما أجمل أن يعيش المرء وكل شيء مؤمَّن له؛ الطعام، المال، الكساء، الأمان، الدِّفء، كلُّها أشياءُ اعتاد النَّاس على وجودها ولم يفكِّروا يومًا من الأيام في أنَّهم سيفتَقدونها.



لكن هذا الحصار المريع - وضغَطَ على أسنانه بشدَّة - هذا الحصار القاسي، إنَّه رهيب حقًّا، وحْش مفترس، لا يُبقي ولا يذَر، لم يَبْق إلَّا رمق أخير ونموت جوعًا، ماذا أفعل يا ربِّ؟ ماذا أفعل وزوجتي الحامل التي تَشتهي قطعةَ السكَّر ولا تجدها، ماذا يمكنني أن أقدِّم لها؟



إنَّها عروس جديدة، يا حرام! إنَّها صغيرة كالوردة النَّاضِرة التي سيذبلها الجفاف، ودمعَت عيناه بصمتٍ حين شرع في التفكير في زوجته الصَّغيرة، وعجْزِه عن تقديم أبسط الأشياء إليها.



وكانت الأفكار تَصطرع في ذِهنه كأنَّها الأمواج المتلاطِمة، وكان عبدالحميد حائرًا خائرَ القوى، وبدا له الحِصار في هذه اللَّحظة بمثابة شبَح مخيفٍ يَفتح ذراعَيه العاريتَين اللتين بدَت عروقهما ونفرَت بشكلٍ مروِّع، هاجِمًا على عبدالحميد يريد التهامَه بأنياب مسنَّنة كالخَنجر!



لم تعجِب هذه الصورة عبدالحميد فوضع فنجانَ القهوة جانبًا وشرع يذرَع الغرفةَ جيئةً وذهابًا.

آمُل أن يُفتح الطريق في الأيام القريبة.



سوف أستدين، أدبِّر المالَ من أيِّ مكان ومن أيِّ شخص كان؛ حتى لا أقع في مثل هذا الحِصار؛ سوف أشتري البرغل والفول والطَّحين، وأتزوَّد بكميات لا بأس بها من التَّمر والسكَّرِ والحلوى.



آه! على كأس شاي أخضر محلًّى بالسكُّر الأبيض، يا لروعته وأنا أحمله بهذه اليد.. ورفع يدَه عاليًا، هذه اليد تَحمل كأسًا كبيرًا من الشاي الساخن حلو المذاق، وعندما أرتشفُه كاملًا سوف أعبِّئ كأسًا أخرى، وأخرى حتى أملَّ من الشرب.



آه! لو أنَّ أمامي الآن في هذه اللَّحظة صدر كنافة أو صينية من الهريسة "مممم"، وتلمَّظ عبدالحميد وسال ريقُه لمشهد الكنافة والهريسة "ممممم"، كنتُ سألتهمها دفعةً واحدة، في مجلسٍ واحد.



إنَّ في جسدي جوعًا ضخمًا، لا، بل كلمة ضخم لا تَفي بالغرَض، إنَّه جوع من نوعٍ آخر، ربَّما لا يَشعر به إلا المحاصَر، يا ليتني أتخلَّص منه الساعة! متى ستأتي تلك اللَّحظة التي يقال فيها: إنَّ المعْبَر قد فُتح، ونشاهد البضائعَ والأغذيةَ تَدخل، والمحلَّات التجارية تُفتح؟



وعلى ما يبدو فإنَّ صاحبنا قد تعِبَ من المشي، فجلس على كرسيِّه بجانب المدفأة، ورَشَف من فنجان القهوة ما شاء اللهُ له أن يرشف، ممسكًا كتابًا كان قد بدأ بالقراءة فيه منذ ليلة أمس.



وهكذا أمضى ليلتَه باردةً مملَّة، كان جائعًا بائسًا، وكان متعبًا جدًّا؛ جسديًّا ونفسيًّا، إنَّ قواه كانت خائرةً إلى أبعد الحدود.



وبعد نِصف ساعة ترك كتابَه جانبًا بعدما ملَّ من القراءة، وخلد إلى النَّوم إلى جانب زوجته الطِّفلة... وقد ألحَّ عليه هذا الخاطر: كم من شخص في المدينة سهر ليلتَه على هذه الطَّريقة، وبنفس تلك الأفكار وبهذا البؤس المزري!



وقال عبدالحميد مجيبًا عن هذا السؤال: "إنَّهم كثيرون من غير شكٍّ"، ولكنَّه أجاب هذه المرَّة بصوتٍ مسموع ما جعل زوجتَه تَستيقظ من نومها وتقول له:

ما بكَ يا عبدالحميد؟

هل شاهدتَ حلمًا مزعجًا؟

وأنهى عبدالحميد ليلتَه بالقول:

نامي يا عزيزتي؛ فالصَّباح رباح، تصبحين على خير.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.61 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]