#1
|
||||
|
||||
التعبيرية
التعبيرية قحطان بيرقدار التعبيرية مدرسة أدبية فلسفية تجريبية، إذ يعطي الأديب فيها للتجربة بعداً ذاتيّاً ونفسيّاً وذلك على عكس الانطباعية التي تركز على التعبير عن الانطباع الخارجي عن الذات. نشأت التعبيرية في فرنسا وألمانيا وانتشرت بعد ذلك في أوربا والعالم الغربي كله. وقد اهتمت التعبيرية بالمسرح كما اهتمت بفنون الأدب الأخرى. تفرعت المدرسة التعبيرية إلى اتجاهات متعددة، منها: الاتجاه التطبيقي الذي يرى أصحابه أن مهمة الأدب هي تنشيط عقل الإنسان ووجدانه، ومنعهما من الركود والبلادة، وليس مجرد تقديم صورة لما يراه الإنسان بالفعل في حياته اليومية. ومن شخصيات هذا الاتجاه: توللر، وهاسين كليفر، وبيتشر، وكابر، والأمريكي جون هاورد لوسون. ومن اتجاهات التعبيرية أيضاً الاتجاه اللاعقلاني الذي يرى أصحابه أن المعقول هو ما اتفق عليه الناس، وعلى المسرح أن يعالج ما لم يتفق عليه الناس بعد. ومن شخصيات هذا الاتجاه: الأيرلندي صَمُويل بيكيت، والروماني أوجين يونسكو الذي يعد من أركان مسرح اللامعقول. ومن رموز التعبيرية الألماني التشيكي (كافكا) لاسيما في المؤلفات الخيالية التي كتبها، وأونيل الذي بلغت التعبيرية قمتها في مسرحيته (أيام بلا نهاية). يتركز هدف الفن التعبيري في التجسيد الموضعي الخارجي للتجربة النفسية المجردة، عن طريق توسيع أبعادها، وإلقاء أضواء جديدة عليها، لكي تكشف عن الأشياء التي يخفيها الإنسان أو التي لا يستطيعون رؤيتها لقصر نظرهم. وتجسد التعبيرية جوهر الأشياء، دون إظهار خارجها، ولذلك فهي لا تعترف بأن هناك تشابهاً بين الظاهر والباطن. تهتم التعبيرية بالإنسان ككل، ولذا فإن الشخصيات في المسرح التعبيري تتحول إلى مجرد أنماط أكثر منها أناس من لحم ودم، وأحياناً تتحول إلى مجرد أرقام أو مسميات عامة. وتقوم المسرحية التعبيرية على شخصية محورية تمر بأزمة نفسية أو عاطفية، لذلك يستعين المؤلف بعلم النفس في أحيان كثيرة حتى يبلور مأساة الشخصية الداخلية. تطور المسرح التعبيري بوصفه حركة في ألمانيا وانتشر تأثيره، ووصل قمته بعد الحرب العالمية الأولى في مسرحيات الكتاب المسرحيين مثل: إرنست تولر، وفرانك، وديكند، وجورج كايسر، وجوزيف، وكاريل كابك. أما في الولايات المتحدة، فإن مسرحيات (إلْمر رايس، ويوجين أونيل، وآخرين) قد تأثرت بالتعبيرية. كما يمكن أن يُرى تأثير التعبيرية أيضاً في بعض الشعر الألماني الذي كُتب في أوائل القرن العشرين. ولو أن التعبيرية لم تعد حركة محددة، فإن أهدافها وطرقها ما زالت موجودة في كثير من الدراما والفن المعاصرين. ركز أصحاب المذهب التعبيري على مهمة الأدب التقليدي الذي غالباً ما يتميز بالمحدودية والغباء وضيق الأفق. ويعد الاتجاه اللاعقلاني في التعبيرية الابن الشرعي للمذهب السريالي الأم، ولذلك فهو يعد ثورة على منطق الحياة وعلى العقل، فلا يخضع لقواعد الفن، ويعتقد بأن الحياة في جوهرها وفي حقيقتها التجريدية شيء لا معقول أي غير مفهوم وغير قابل للفهم أو للتفسير. وقد هاجم الناقد الفرنسي (مورياك) في كتابه (الأدب المعاصر) أدب (بيكيت) اللامعقول. فقال: إننا لا نعرف مِنْ بيكيت شيئاً محققاً أو واضحاً ولا نفهم شيئاً مما يقول على حقيقته. وكذلك هاجم الناقدُ أندريه مارسيل أدبَ اللامعقول، فقال: يبدو أن الهدف الرئيس لبيكيت هو كتابة العمل الأدبي الذي لا يُكْتَبُ والذي لا يمكن تأليفه، إنها محاولة نحو المستحيل، وهي مأساة فشل لا مفر منه، ومجرد أكوام من الحطب المحترق التي تملأ الجو دخاناً في أرض مبهمة مجهولة. تعد الحرب العالمية الثانية، وما تركته من دمار في الأرض ودمار في النفوس والأفكار، المحضنَ الحقيقي للاتجاه اللاعقلاني في الأدب، لذلك كان اليأس والتشاؤم والقلق هو الغالب على مسرحيات هذا الاتجاه، إذ إن كثيراً من المفكرين والأدباء الأوروبيين فقدوا الأمل في الفكر العقلاني الواعي لأن ما جرى خلال الحرب ينافي العقل والمنطق في رأيهم. إن التعبيرية مذهب أدبي فلسفي، يهتم بالتجربة الإنسانية، ويعطيها بعداً ذاتياً ونفسياً، فالعبرة فيه بجوهر الشيء لا بمظهره، لأنه لا يوجد أي تشابه بين الظاهر والباطن. وفي مجال المسرح يركز هذا المذهب على فكرة الشخصية المحورية التي تجتاز أزمة نفسية أو عاطفية ويتم تحليل أبعادها الخارجية من خلال معطيات علم النفس وأدواته. ويعد هذا المذهب مظهراً من مظاهر أمراض العصر الذي يغصّ بالقلق واليأس من الحياة والمصير المظلم الذي يسود كثيراً من دول الغرب وينتهي بكثير من الناس إلى فقدان الإحساس بقيمة الحياة والقيم الروحية التي تثريها وتجعل للإنسان فيها هدفاً ولوجوده معنى. والإسلام لا يمنع التعبير عن مكنونات النفس إذا كان ذلك لا يتعارض مع معطيات الشرع، كالإفضاء بأسرار الحياة الزوجية مثلاً أو الدعوة إلى الإباحية.. وهكذا، وفي الوقت نفسه يحبب حياة الجد والعمل والاجتهاد، ويمحو مفاهيم الفوضى والعدمية واللامعقول من عقول الناس حتى لا تسيطر عليها وتحيل الحياة إلى جحيم لا يطاق.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |