أدب أم سوء أدب؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي Ashefaa Forum
اخر عشرة مواضيع :         الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          توقفوا عن التنصيف رحمكم الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3363 )           »          مكافحة الفحش.. أسباب وحلول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أي الفريقين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          نكبتنا في سرقة كتبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف نجيد فن التعامل مع المراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الطفل والأدب.. تنمــية الذائقة الجمالية الأدبية وتربيتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترجمة موجزة عن فضيلة العلامة الشيخ: محمد أمان بن علي الجامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         
[حجم الصفحة الأصلي: 62.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.25 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-05-2021, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,016
الدولة : Egypt
افتراضي أدب أم سوء أدب؟

أدب أم سوء أدب؟




عبدالعزيز كحيل






يُفتَرض في الأدب أن يعبِّر عن عواطِف الإنسان ومشاعره بأرقى الأساليب المؤثِّرة، سواء كانت نثرًا أم شعرًا، وهو يَتَوخَّى البحث عن الجمال بكلِّ أشكاله وصُوَرِه، يستَلهِمه ويُبرِزه ويحبِّبه للقارئ والمستمِع، مهما كان الموضوع الذي يَتناوَله.

هذا هو الأدب كما يُؤمِن به أصحاب الرِّسالات السامِيَة والأخلاق الرفيعَة، الباحثون عن الحقِّ والخير والجمال والفضيلة، لا يَتَذرَّعون بالواقع المنحَرِف ليَزِيدوه انحِرافًا، ويجعلوا منه النموذج المُبتَغَى؛ فيَطمسون المعاني التي يدعو إليها الدِّين والفطرة والخُلُق الكريم، ويحوِّلون الأدب العالي إلى محطَّاتٍ للشُّذوذ الفكري والثقافي، والفلسفي والسلوكي، ألَسنَا نرى كيف لَخَّص بعضُهم الشعرَ العربي في غراميَّات عمر بن أبي ربيعة، وخمريَّات أبي نُوَاس، وفلسفة ابن عربي المنحَرِفة عن الإسلام، وقد احتفوا بذلك أيَّما احتِفاء، وأهالوا التراب على رَوائِع تُراثِنا، وشَكَّكوا حتَّى في نسبته إلى أصحابه - بغير دليل - وسَخِرُوا منه، وأزاحوه عن المناهج الدراسيَّة، وشوَّهوا لغة الأدب - وهي وِعاؤُه وقرينه - بما سمَّوه الشعر الحرَّ، وأكثره أقرب إلى نقيق الضفادع، وبغام الدوابِّ، ليس فيه سبْك العربيَّة ولا رونقها، أمَّا مُحتَواه فهو موضوع هذا البحث القصير المختصر.


فقد تميَّزت فترة الستينيَّات والسبعينيَّات من القرن العشرين باستِحواذ النزعة اليساريَّة على الساحة السياسيَّة في أغلب البِلاد العربيَّة، وشاعَتْ في ظِلِّها الاشتراكيَّة التي أفرزَتْ - مثلها مثل الليبراليَّة - الماديَّة والإباحيَّة والعلمانيَّة، وانعَكَس ذلك على الإنتاج الأدبي بصفة واضحة، فعجَّت البِلاد بخلق مُستَهجَن غريب أطلقت عليه أسماء برَّاقة لا يستحقُّها؛ كالشُّعَراء والروائيين والقُصَّاص، تجمع بينهم ميزة أساسية، هي التسبيح بحمد الفلسفة السائدة (القوميَّة العربيَّة، البعث، الاشتراكيَّة، والنِّظام الحاكم).

ولا غَرابة في ذلك؛ فهؤلاء الأدباء ليسوا - في أكثر الأحيان - سوى مجرَّد صنائع تُغدَق عليها الألقاب والأموال لتَملأ الساحة التي أفرغَتْها تلك الفلسفات والأنظِمة من الأصوات الحرَّة والأقلام النزيهة، وملأ المُستأجِرون الدنيا بعَجِيجٍ لا يُطاق أذهب جمال اللغة، وتجاسَر على مقام القصيدة، ومرَّغ القصَّة في وحْل الغريزة، وأهان الفضيلة، وشَانَ الأدب والفنَّ.

وما زلنا نذكر مَوْكِب الفارغات (بتعبير سيد قطب - رحمه الله) الذي تربَّع منذ السبعينيَّات على عرْش الأدب في البِلاد العربية، وهو عِبارة عن مجموعة من الوصوليِّين والمرضَى والعاجِزين صِيغُوا على عين الحاكم، لا يُحسِنون إلا المديح واقتِحام الأبواب المشرعة؛ لأنهم أعجز من أن يفتَحُوا الأبواب المغلَقة.

هؤلاء الناس وأشباهُهم في الجزائر ومصر وسوريا والعراق وغيرها، تفنَّنوا في ظلِّ سطوة المذاهب الإلحاديَّة واللادينيَّة في ذمِّ كلِّ ما يمتُّ بصلة للإسلام وشريعته ورموزه، وراحوا يؤدُّون شعائِر الوَلاء والعِبادة والتقديس - على سبيل النِّفاق غالبًا - لأصنامٍ حديثةٍ، هي: الوطن، والثورة، والحرية، والتقدُّمية، والحَداثَة.

فهؤلاء الأُدَباء يتميَّزون باغتِراب حضاري صارِخ، تنكَّروا في خِضَمِّه لدينهم وقِيَمِهم ورَوابِطهم الأخلاقية والاجتماعية... وإلى جانب الاغتِراب يتميَّزون بانحِراف عقَدِيٍّ شديد يمسخ آدميَّتهم، فضلاً عن دينهم، والغرَض من هذا المَقال هو إعطاء نماذِج من هذا الاغتِراب وهذا الانحِراف؛ حتى يتبيَّن مَدَى الفساد الذي أصاب أمَّتنا، حتى في النسق الجمالي والذوق والتفسير الشعوري للحياة، ولا بُدَّ قبلَ ذلك من الإشارة إلى أنَّ الاغتِراب والانحِراف ليسا وليدَي الفترة التي تحدَّثنا عنها؛ إنما ظهَرَا مع مرحلة الانهِزام النفسي أمام الغرب، وواكَبَا أحقابًا من الصِّراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربيَّة اللادينيَّة، من ذلك على سبيل المثال: أنَّ أحمد شوقي قال مُخاطِبًا مصر:
وَلَوْ أَنِّي دُعِيتُ لَكُنْتَ دِينِي
عَلَيْهِ أُقَابِلُ الْحَتْمَ الْمُجَابَا

أُدِيرُ إِلَيْكَ قَبْلَ الْبَيْتِ وَجْهِي
إِذَا فُهْتُ الشَّهَادَةَ وَالْمَتَابَا

فاستَبدَل بالكعبة بيت الله الوطنَ، ونحن لا نظنُّ بأمير الشُّعَراء سُوءًا، لكنَّه الانهِزام أمام هجمة الوطنيَّة بالمفهوم الغربي جعل القلم يزيغ ويُغالِي.


ولعلَّه من المُناسِب أن نذكُر أنَّ أحدَ كبار مُنظِّري حزب البعْث "منيف الرزاز" - وكان يُستَقبَل في البلاد العربية "التقدُّمية" استِقبالَ الأَفذاذ في الأيَّام الخوالي - قد قال: "لو امتدَّت يد الله إلى البعث لقطعناها".


وانظُروا إلى كاتِب ياسين - رأس الأدب الفرنكوفوني - كيف أعطى لبعض ما كتب في السنوات الأخيرة من حياته هذا العنوان المُوحِي "الأجداد يزدادون شراسةً"، وهو يُشِير إلى قوَّة الصَّحوة الإسلاميَّة التي تَفرِض على المجتمع نظرة الأجداد - حسب رأيه - أي: قِيَم الماضي السَّحِيق الذي تجاوَزه الزمن.


أمَّا عبدالحميد بن هدُّوقة - الذي سعَوْا إلى تَنصِيبه على رأس الرِّواية الجزائريَّة المكتوبة بالعربيَّة - فقُطْبُ الرَّحَى في كتاباتِه هو تحرير المرأة من قُيُود الدين وأَسْر "الدراويش" كما يُسَمِّيهم.


إذا انتَقلنا إلى شهادات حَيَّة عن اغتِراب أُدَبائنا وانحِرافهم، نُورِد مقاطع مُعبِّرة من روايةٍ للطاهر بن جلون - الكاتب المغربي الفرنكوفوني المُقِيم بفرنسا - وقصائد لبعض الشعراء المشهورين من المشرق العربي.


يقول ابن جلون في رواية "الليلة المقدَّسة" وهو يتحدَّث عن المؤذِّن: "قد ينخَفِض صوت هذا الغبيِّ الذي ينهق، يجب أن يُعاش الدِّين في صمت وتأمُّل، وليس في هذه الجلَبَة التي تعكِّر صفو ملائكة القدر"، ويقول: "أحبُّ القرآن كشِعرٍ رائعٍ، وأمقتُ الذين يستَغِلُّونه في تشويشات، ويحدُّون من حريَّة الفكر، إنهم منافقون ويتحدَّثون عن الفاحِشة قُبَيل منتصف الليل بأحد المساجد"، ويقول أيضًا: "وكما في المسرح رأيت خمس نساء (...) لابِسات بنفس الطريقة جلاَّبة رماديَّة ووشاحًا أبيض يخفي الشَّعر ابتداءً من الحاجبين، اليدان في قُفَّازَيْن والوجه شاحِب لا أثَر فيه لأي تبرُّج، كُنَّ جميعًا ذميمات وينبَعِث منهنَّ الضِّيق، لقد فهمتُ مَن كانت أمامي: طائفةٌ من الأخوات المسلمات المتعصِّبات الشرسات (...) مجموعة من المخبولات".


1 - رشيد سليم الخوري:
يقول:
صِيَامًا إِلَى أَنْ يُفْطِرَ السَّيْفُ بِالدَّمِ
سَلاَمًا إِلَى أَنْ يَنْطِقَ الْحَقُّ يَا فَمِي

سَلاَمٌ عَلَى كُفْرٍ يُوَحِّدُ بَيْنَنَا
وَأَهْلاً وَسَهْلاً بَعْدَهُ بِجَهَنَّمِ


ألا يذكِّرنا هذا الاستِهتار بقول ابن هانئ الأندلسي يمدح بعض الأُمَراء:
مَا شِئْتَ لاَ مَا شَاءَتِ الْأَقْدَارُ
فَاحْكُمْ فَأَنْتَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ



2 - نزار قباني:
يقول مُخاطِبًا عبدالناصر بعد وفاته:
قَتَلْنَاكَ يَا آخِرَ الْأَنْبِيَاءْ
قَتَلْنَاكَ لَيْسَ جَدِيدًا عَلَيْـنَا قَتْلُ الصَّحَابَةِ وَالْأَوْلِيَاءْ

ويقول في الديوان نفسه "لا":
مِنْ بعْد مَوْت الله مشنُوقًا على بابِ المدينهْ
لَمْ يبقَ للصلاة قِيمهْ
لَمْ يبقَ للكُفر أو الإيمان قِيمَهْ

ويقول في ديوان "الرسم بالكلمات":
أَنا أرفُضُ الإحسانَ مِن يدِ خالِقِي
قد يأخُذ شكلاً مُفجِعًا

ويقول في ديوان "100 رسالة حب":
حين وزّع الله النساء على الرجال... وأعطاني إياك
شعرت أنَّه انحاز بصورة مكشوفة إليَّ
وخالَف كلَّ الكتب السماوية التي ألَّفَها

وختم بهذا الكفر البَواح من الديوان نفسه بقوله:
لأنَّنِي أحبُّك
يحدث شيء غير عاديٍّ في تقاليد السماء
يصبح الملائكة أحرارًا في مُمارَسة الحبِّ
ويتزوَّج الله حبيبته.


3 - محمود درويش:
هل نستَطِيع الموت في ميلادنا الكحلي؟
أم نحتلُّ مِئذَنة ونُعلِن في القَبائِل أن يثرب أجَّرَت قرآنها ليهود خيبر
الله أَكْبر
هذه آياتنا فاقرأ باسم الفدائي الذي خلقا
من حرمة أُفُقَا
قلت: فالشاعر التقدُّمي ينسخ آيات الله ويتلو قرآنًا جديدًا.

4 - صلاح عبدالصبور:
وهو رجلٌ جمع في شعره من الضلال ألوانًا، فيتغنَّى بالعبث والوجودية وتأليه الإنسان، في تقليد غبيٍّ للفكر الغربي الوافِد، يقول مثلاً:
إن السأم هو جَوْهَرُ إنسانٍ هذا العصْر
إنسان هذا العصر سيِّد الحياة
لأنَّه يعيشها سأمَا
يزنِي بها سأمَا
يموتها سأما
(من ديوان "أقول لكم").


واسمع إليه يجمع بين النبوَّة والسحر في تخريفٍ غريبٍ (ديوان الناس في بلادي):
وقالت لي الأرضُ: الملك لك
تموتُ الظِّلال ويحيَا الوَهَج (...)
فيا صَيْحَة لم يقُلها نبي
ولا ساحِر همجي

وفي الكلام الآتي تلخيصٌ لرؤية الشاعر عن الله - تعالى - والإنسان:
ما غاية الإنسان من أتعابه؟
ما غاية الحياة؟
يا أيُّها الإله كم أنت قاسٍ موحِش
يا أيُّها الإله
لديوان السابق).


وبعدُ، فهذه نُقولٌ تُغنِي عن غيرها في بيان ما يُعانِيه بعض أُدَباء العربيَّة من غربة حضاريَّة وانحِراف عقَدِي وأخلاقي، ومن غبشٍ في التصوُّر، وكفر بوَاح، ولعلَّ ذلك ما جلَب لهم الشهرة التي صنعَتْها لهم الأوساط التغريبيَّة المستحوِذَة على ساحة الأدب ووسائل الإعلام، فهل هذا العبث والكفر هو الأدب أم هو قلة وسوء بل وانعدام الأدب كليًّا؟ وقد تصدَّى لعبثهم أصحاب الأيدي المتوضِّئة والأقلام النزيهة، فأنتجوا أشعارًا رائدة وأدبًا يستحقُّ اسمه، لكنَّهم ما زالوا قلَّة مهمَّشة، يحتاجون إلى تنامٍ ورِعاية وتشجيع؛ ليَنشُروا عبر القصيدة والرواية والقصَّة التصوُّر الصحيح عن الله والإنسان والحياة، ويُحارِبوا القبح، ويُقِيموا صرحًا للجمال.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.25 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]