|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
القربان (قصة قصيرة)
القربان (قصة قصيرة) محمد صادق عبدالعال أدركتُ أنه ينتوي أن يقصَّ عليَّ قصةً جديدةً حينما خرَج من فوهة البيت العريق، الزاخر بالحكايا والقصص، وكانت الشمس حينها في حالةٍ وهن، فأصبح بالإنجاز مرتهنًا.. أسند ظهره إلى جدار الدار، وألقى برأسه إليها يستلهم ما أراد سرده. فبادرتُه: ألدَيك قصة جديدة؟ ♦ بل قديمة جدًّا، غير أنك لم تسمعها من قبل؛ فإنها... قاطعتُه: أعيرك سمعي. غضب من مقاطعتي إياه وقال: • بل السمع والبصر والفؤاد. • كل أولئك؟! قال: غدًا ستصبح مسؤولًا، وعندها... قاطعتُه ثانية: عن ماذا؟ غضب وقال: تعلَّم أدب الحوار. اعتذرتُ خجلًا؛ فقال: • قديمًا كان القطار يمر بقريتنا صباحَ مساء، فاعتاد الناس على هزات عرَباته التي يجرها، وتعودَت البيوت على خضخضته إياها، حتى صار معيارًا من معايير قياس الزمن. قلت: وما الجديد في ذلك؟! رمَقني بعين؛ أحسستُ أني تجاوزتُ حدِّي فأشرتُ إليه، فلم يُعقِّب، واستطرد: • ولأن أكثر ركابه كانوا من الشباب، وممن يذهبون فيَطول علينا أمدُ انتظارهم، وقد ترَكوا خلفهم الديار والعيال والزروع؛ نصحَهم ناصحٌ غيرُ أمين أن يُقدِّموا قربانًا تحت عجَل القطار حين يمر؛ فمِنهم مَن يقرب إبهامًا أو سبابة، ومنهم من يجود بالاثنتين، وكان يقول لهم يصبرهم: ألَمُ ساعة خيرٌ من اغتراب لا حد له! ضحكتُ بصوت عالٍ وقاطعته مجددًا: • أعرفها، وسمعتُها من قبل! لم يستطع معي صبرًا، فغضب وانتفض، ودلف مسرعًا إلى الدار التي منها خرج، وما زال بالشمس بعضٌ من عافية النهار. انطلقتُ خلفه أستجديه وأسترضيه، لكن بلا جدوى؛ حيث أعطاني ظهره واختفى بين طيَّات الحجرات! حدا بي اليأس من عودته إلى الخروج، فولَّيتُ وجهي شطر المخرج، أبصرت رسومًا جِدارية، أمعنتُ فيها؛ إنها لِراعي أغنام وشِياه، يُمسك بسلاحه غيرَ متأهِّب لقتال، برغم الذئب الشارعِ في افتراسهن! تعجَّبتُ.. لكني لما دقَّقت النظر علمتُ أن الراعي كان واحدًا ممن قدَّموا قربانًا للقطار من قبل.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |