|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الزواج الثاني
الزواج الثاني أ. أروى الغلاييني السؤال تزوجتُ منذ 15 عامًا، وبدأتْ حياتي بالمشاكل الكثيرة من كلِّ جانب، ورغم كلِّ المشاكل إلاَّ أنِّي حافظت على بيتي، وزوجي، وأولادي، ولا أُنكر أنَّ المشاكل كانت تدبُّ بيني وبين زوجي كثيرًا، إلاَّ أنَّ الأمور كانت تهدأ، فكلٌّ منَّا يحمل للآخر مشاعرَ تجعل العواصف تهدأ، وسافر زوجي إلى خارج البلاد، ولأوَّل مرَّة بعد عشر سنوات زواج نفترق فترةً طويلة من الزَّمن، كان كلَّ يوم يرسل إليَّ رسالة، وأكلمه هاتفيًّا أو على (النت)، وعاد بعد خمسة أشهر من سفره؛ لعدم قدرته على الابتعاد عنِّي، ثم لم يستطعْ أن يسافر بعدها مباشرة؛ لأنَّه كان ممنوعًا من السَّفر بسبب ديونٍ كانت عليه، فلبث في داخل البلد سنة ونصف تقريبًا، وهو يحاول أن يقضيَ دُيونه، حتَّى يتمكن من السَّفر، ولم يكن يعيش معنا بالمنزل طولَ هذه الفترة، وبعدها سافر، وبعد مُضي حوالي ستة أشهر اكتشفت أنَّه تزوَّج من امرأةٍ أخرى، وكانت تلك صدمةَ عمري التي كادت أن تقضيَ على حياتي، وعانيتُ منها سنتين في بكاء مستمر، وطلبتُ منه الطلاق، ولكنَّه كان دائمًا يتعلَّل بأنَّه ليس معه أوراق تارةً، وتارةً أخرى عندما أعود أُطلق، ثم جاء إلى البلد، وتناقشْنا كثيرًا في الطلاق؛ لكنَّه يرفض الطلاق رفضًا باتًّا، والمشكلة أني لا أستطيع أن أتعايشَ مع وجود امرأة أخرى في حياته، ربما كان هذا هو الشَّرع، لكن لا يُكلِّف الله نفسًا إلاَّ وُسعها، أشعر أنِّي سوف أُجنُّ - ولا أبالغ في هذا القول - من وجود امرأة أخرى؛ يتكلَّم معها ويحبُّها، وهى متفرِّغة له تفرُّغًا كاملاً، أمَّا أنا فعندي عملي، وعندي أربعة أولاد، وقد تناقشْنا في ترْك العمل، ولكنَّه رفض، فهو لا يستطيع الآن أن يتحمَّل نفقتَنا، وواللهِ حاولتُ كثيرًا أن أتقبَّل وأعيش، لكن مجرَّد هاتف منها يجعلني أثور وأغضب، وأطلب الطلاق. لقد تعبت، فماذا أفعل؟ وأنا على هذا الحال من يوم أن حضرَ مِن السَّفر منذ 3 أشهر، يومًا بعد يوم وأنا في صراع معه من أجل الطَّلاق، فلست أرى حلاًّ آخرَ يُخرجني مِن مأساتي هذه. الجواب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حيَّاكِ الله، أختي الكريمة من مصر، من أرض الكِنانة. قرأتُ رسالتك عدَّة مرَّات، ولم أجد سؤالاً محدَّدًا تُلقينه لأجيبَكِ عليه، والذي بدا لي أنَّكِ بحاجة للحديث مع أحد، والتفريغ ممَّا يُؤلمك، والحَيْرة التي تعيشينها بسبب زواج زوجِكِ من زوجة ثانية، والعزم على أن تطلبي منه الطَّلاقَ؛ اعتقادًا منك أنَّ هذا الذي يريحك من تعبك. مِن سطوركِ - أيَّتُها الأخت الفاضلة - يتبيَّن أنَّكِ امرأةٌ تحمَّلتِ أعباءً كثيرة، وتحمَّلتِ مسؤولياتٍ كبيرة،ً وأنتِ في سنٍّ مبكرة. ومن سطورك يتبيَّن أنَّكِ الآن تثْأَرين لأُنوثتك ووفائِك لزوجك، الذي قابله بالزواج من أخرى، ولو كان وضْعُك أنَّ زوجك هو الذي يُنفق عليكِ وعلى أولادكم، ويتحمَّل المسؤولياتِ، ومِن ثَمَّ اختار أن يتزوج، ما تألمتِ هذا الألمَ الذي تعبِّرين عنه دون مبالغة - أكاد أُجن - وكأنَّ حالك يقول "أحشفًا وسوءَ كيلة؟!"، والحشف هو أردأ أنواع التمر، ثم يُكال بظلمٍ وسوء! الذي أقترحه عليكِ هو كتابة مشكلتك في جدول فيه الإيجابيات والسلبيات، ثمَّ وازني بينهما، وأُساعدك بفرْض بعض النِّقاط: هل تكون أمورُك مستقرَّة مع أولادك وأنت مُطلَّقة؟ هل لديكِ بناتٌ قد يتعطَّل أو يتأخَّر زواجهن؛ بسبب أنَّ والديهن منفصلان؟ هل تُفضِّلين أن يُشار إليك في المجتمع - الذي له ضغوطه - بالمطلقة، أو بالتي تزوَّج عليها زوجها؟ ألست تحبِّين زوجَكِ وتشتاقين إليه؟ أين تذهبين بالحبِّ إن طُلِّقت منه؟ وإن كَبِرْتِ في السِّنِّ، ألاَ تشتاقين لرَجل تُسندين عليه كَتِفَك، يُشاركك ذكرياتك؟ أو أنَّك تختارين زوجًا لا يُشاركك فيه أحد؟ هذه أمثلةٌ لنقاط قد تنطبق، وقد لا تنطبق عليك، أوردتها أمثلةً فقط، وهذا الجدول يساعدك على أن تجعلي العواطفَ والمشاعر عقلاً، ومنطقًا، وتفكيرًا، وهذا أسلمُ وأفضلُ حين اتِّخاذ قرار مهمٍّ ومصيري كالطلاق؛ قرار متعدٍّ إلى غيرك؛ لأنَّه يؤثِّر على أولادك، ولا بدَّ أن تفكِّري فيهم - حاضرًا ومستقبلاً - قبلَ اتِّخاذ القرار. ثُمَّ إنَّه مِن نِقاط القوَّة لَدَى الإنسان: قدرتُه على الارتقاء من الشخص إلى الفكرة، هذا الارتقاء مرهق، نَعَمْ؛ لكنَّه ممكن، ومفيد جدًّا، وحقيقة هذا الارتقاء هو الأمرُ الوحيد الذي يجعلنا نتحمَّل آلامَ الفِراق، والمشاكلَ والصِّعاب، والابتلاءات بشتَّى أنواعها. ابدئي، فانظري للأمور واربطيها بفكرة الثواب، أنت عندما أعنتِ زوجك، فأنت - بإذن الله - مأجورةٌ على دعمِه ومساندته، والمساهمة في قضاء حوائجه، وعندَما صبرتِ على معاناة اقترانه بأخرى، فإنَّك تصبرين ابتغاءَ وجه الله لتربيةِ أبنائك تربيةً حسنةً، تمنحينهم بها بيتًا يَنعمُ بحنان الأمِّ، ودِفء الأبِ. اقرئي في السِّيرة النبويَّة، واقرئي عن موقف سيِّدنا أبي بكر الصِّدِّيق، وكيف استطاع أن يتحمَّل موتَ الحبيب نبيِّنا وسيِّدنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو أحبُّ الناس إليه بإطلاقه عبارة: "مَن كان يعبد محمَّدًا، فإنَّ محمَّدًا قد مات، ومَن كان يعبد اللهَ، فإنَّ الله حيٌّ لا يموت"، إن َّعبودية الله لا تقترن ببقاء سيِّدنا محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل هي باقيةٌ به وبدونه - عليه الصلاة والسلام. وأخيرًا: إنَّ الواقع الذي تعيشين ليس سيِّئًا جدًّا كما ترينه، فإنَّ نظرتكِ إليه هي التي جعلتْه سيِّئًا؛ فزوجك يبادلك مشاعرَ الحبِّ، وباقٍ عليك، ولا يريد أن يطلِّقَك، ثم هل سألتِ نفسك: ما الذي جعله يتزوَّج غيرك؟ لقد ذكرتِ أنت بدايةً أنَّ المشاكل كانت كثيرةً في حياتكم، فهل وجد عندَ الزوجة الجديدة شيئًا افتقده لديك؟ غيِّري ما بذهنك، يتغيَّرِ العالَمُ مِن حولك. وإن عزمتِ على البقاء مع زوجك، فعدِّدي محاورَ حياتك، ولا تنظري للدنيا أنَّك زوجة فلان فقط الذي تزوج عليك، بل أنتِ أمٌّ لأربعة أطفال، ومسؤولة أن تُحسني تربيتهم، كذلك أنتِ فردٌ بالمجتمع، فحبَّذا المساهمةُ في بنائه عن طريق الاشتراك في الأعمال التطوعيَّة على سبيل المثال، كذلك اشغَلي نفسَكِ بحفظ وتدبُّر القرآن، وفَهْم وتدبُّر أسماء الله الحُسنى، ففيها بلسم لكلِّ بلوى، وتفهمين مِن فَهْمك لهذه الأسماء والصِّفات الشريفة أنَّ كلَّ شيء أراده الله – تعالى - أراده لحكمة بالغة، (يُعْرض برنامج "أسماء الله الحسنى" على قناة الرسالة يوميًّا 8 صباحًا بتوقيت السعودية). آمل أن يكون فيما ذكرتُه لكِ الرَّاحةُ التي نشدتِ وأردت. دعواتي لك بالتوفيق والسَّداد، والحياة الطيِّبة في الدنيا والآخرة. والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |