09-06-2021, 02:26 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة :
|
|
حلم منكسر (قصة)
حلم منكسر (قصة)
أسماء الملاحي
هذه مرام، شابَّة في العشرين، على أريكةٍ خشبية ليس يَكسوها لحاف، جالسة، في غرفة نحاسيَّة تبدو لعجوز في نهاية العمر، فلا نوافذ لها ولا شرفَةَ تطلُّ على منظر بريء، كُتب مبعثَرة في كلِّ مكان، ملصقات حائطيَّة تحمل تواريخ زمنٍ جميل.
عينا الفتاة شاردةٌ منذ ساعات نحو باب الغرفة، فقد أصبح مِن عادتها كلَّ صباح أن تَفعل ذلك بعد أن تَستيقظ، وتلبس وجهها ثمَّ ترتدي بغباءٍ قميصَ الانتظار!
فكما هي معتادة سيدقُّ الباب ويَنتفض الأمل الفتيُّ داخلها مسرعًا ليفتح الباب، إنَّها الخيبة.
• ألا تعرفين غيري؟ استحلفتُك بالله إلَّا تركتِني.
ترد الخيبة بغضب:
• أقسم أنِّي ما عدتُ أقوى على فراقك، سأكون بصحبتك وللأبد.
أوشَك الأملُ أن يجيب الخيبةَ لولا أن قاطعَته مرام قائلة:
• اتركها، ربَّما هي وفيَّة لي حقًّا، على الأقل لم تكن يومًا مثل أشباه الزَّواحف؛ أولئك الذين يغيِّرون جلدَهم في كلِّ مرَّة، فعدا الكلاب وبعض الأغبياء أمثالي مَن يهْوون الوفاء الأبدي؟
في عتبة الباب التحق الألَم ليزور مرام كعادته، غالبًا ما يَعقد الاثنان (الألم والخيبة) اتِّفاقًا خفيًّا ليجتمعا حيث الظُّلم، فيروِّضون الحبالَ الصوتية للمظلوم، ويعلِّمونه الصَّمتَ أو الكبت؛ ليأخذوا كلَّ شيء ثَمين ونبيل في الشَّخص مع الوقت.
دخل الثلاثة غرفةَ مرام، فأغلقَت هي الباب بإحكامٍ، ربَّما كي لا يتمكَّن أحد من سماع نحيبها المنكسِر.
في هذه الأثناء أخذَت مذكِّرتها الفارِغة، وكتبَت إحدى أمنياتها الكئيبة، كانت أُمنيتها الوحيدة التي قد تَدفع مقابل الحصول عليها حصَّتَها من الأكسجين الذي تَحظى به كلَّ ثانية - أن تَحصل على ذاكرة سمكةٍ بحريَّة، أن تَخرج من معتقل الذَّاكرة، بأن تواصِل حياتها دون الوثوق في أحد، أو الاعتمادِ على أحد، كانت هذه إحدى نَصائح الأمل الذي ظلَّ واقفًا خلف الباب يَصرخ متحدِّيًا المختطفين الثلاثة لمرام.
مرام هذه ربَّما حلم انكَسَر قبل أن يولَد، ففاجِعة الانكسار تأتينا بغتة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|