الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله - الصفحة 17 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386387 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16174 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3121 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 101 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #161  
قديم 31-05-2021, 09:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المزارعة]
صـــــ 10 الى صــــــــ
20
الحلقة (119)

[حكم المزارعة وركنها وشروطها وما يتعلق بذلك]-
للمزارعة بالمعنى المتقدم أركان وشروط وحكم، وكلها مبنية ئفي المذاهب (1)
(1) الحنفية قالوا: ركن المزارعة الذي يتم العقد به هو الأيجاب والقبول بين المالك والعامل، فإذا قال صاحب الأرض للعامل دفعت إليك هذه الأرض لتعمل فيها مزارعة بالنصف أو الثلث، وقال العامل قبلت، فقد تم التعاقد بينهما.
وبديهي أن صيغة الإيجاب والقبول المذكورة تتضمن وجود عمل العامل، والأرض التي يعمل فيها، وآلات الزرع التي يستخدمها، والبذر الذي يلقى على الأرض حتى تنبت، ولذا عد بعضهم أركانها أربعة وهي: الأرض؛ وعمل العامل، والبذر، وآلات الزرع.
وأما شروطها فهي قسمان قسم يشترط لصحة العقد وقسم إذا وجد يفسد العقد، فأما شروط الصحة فأنواع:
النوع الأول: يتعلق بالمتعاقدين وهو العقل، فلا تصح المزارعة من مجنون ولا صبي لا يعقل أما الصبي المميز المأذون من وصية فإن مزارعته تصح؛ ولا تشترط فيها الحرية فتصح أيضاً من العبد المأذون من سيده.
النوع الثاني: يتعلق بالمزروع وهو أن يبين النوع الذي يريد زرعه من قمح أو قطن أو نحوهما، إلا إذا قال له صاحب الأرض ازرع ما شيءت فإنه يجوز له أن يزرعها ما شاء، إلا أنه ليس له أن يغرس فيها شجراً لأن عقد المزارعة خاص بالنبات. فإن لم يبينا جنس البذر من قمح أو شعير مثلاً فإن كان البذر على العامل فسدت المزارعة، وإن كان على المالك فإنها لاتفسد، وذلك لأن عقد المزارعة لا يتأكد في حق من عليه البذر قبل إلقائه على الأرض فيجوز له فسخه قبل ذلك بدون عذر، فإن كان البذر على المالك فلا يلزم ببيان جنس البذر لأنه صاحب الحق في بيان النوع الذي يختار زرعه في أرضه، وحيث كان عليه البذر كان العقد صحيحاً، ويكتفي في إعلام العامل في إلقاء البذر الذي به يتأكد العقد أما إذا كان البذر على العامل فإن العقد يتأكد في حق صاحب الأرض بالإيجاب والقبول، فلا بد من بيان نوع البذر إلا إذا فوض صاحب الأرض للعامل له ازرع ما شيءت من زرع الأرض بعد فساد المزارعة، فإذا تمكن العامل من زرع الأرض بعد فساد العقد ورضي له المالك فإنها تنقلب صحيحة لأن المالك قد رضي بالضرر الذي لحقه من عدم بيان جنس المزروع وخلى بينه وبين زراعة الأرض وتركها في يده حتى ألقى البذر فزال المفسد بذلك.
النوع الثالث: يتعلق بالناتج المتحصل من الزرع وهو ستة:
أحدهما: أن يكون مذكورأ في العقد، فلو سكت عن ذكر المتحصل وكيفية استحقاق الشريكين فيه فسد العقد.
ثانيها: أن يكون المتحصل لهما معاً، فإذا اشترطا أن يكون الخارج كله لأحدهما دون الآخر لا يصح عقد المزارعة ثم كان الخارج كله للعامل كان إعارة من المالك، وإذا كان الخارج كله للمالك كان إعانة من العامل.
ثالثهما: أن تنكون حصة كل من الشريكين من نفس الخارج فلو كان شرطاً أن يكون نصيب أحدهما قمحاً مع كون الخارج قطناً لا يصح، وكذلك لو شرطا أن يكون نصيب أحدهما قطاناً من القطن المزروع في أرض أخرى وهكذا.
رابعهما: أن يكون نصيب كل منهما من ذلك الخارج معلوماً كالبصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذكك.
خامسهما: أن يكون جزء شائعاً كا منهما من ذلك كأن يكون نصفاً أو ثلاثاً أو نحو ذلك.
سادسهما: أن لا يشترط لأحدهما وزيادة معلومة كأن يشترط لأحدهما نصف الخارج مع زيادة أردب أو يشترط له قيمة البزر ثم يقسم الباقي نصفين أو ثلاثاً لجواز أن لا تخرج الأرض سوى البذر.
النوع الرابع: يتعلقب الأرض التي يراد زرعها وهو ثلاثة: أحدها: أن تون صالحة للزراعة فلو كانت سبخة نزلاً يجوز العقد، وأما إذا كانت صالحة للزراعة في المدة التي بنيت في العقد ولكن منع من زرعها مانع وقت العقد كعدم الماء فإن العقد يصح.
ثانيهما: أن تكون معلومة كان يبين أنه دفع إليه الأرض المحدودة بكذا ليعمل فيها مزارعة فإذا لم تكن الأرض معلومة فلا تصح المزارعة ولو دفع له أبنية من الأرض وقال له الذي يزرع منها قمحاً يكون كذا والذي يزرع منها ذرة يكون كذا، فلا يصح العقد أيضاً، إذا لا بد من بيان ما يزرع قمحاً بحدوده وما يزرع منها يكون منها ذرة كذلك حتى لا تكون الأرض التى يراد زرعها مجهولة. وكذلك لا يصح العقد إذا قال بعضها يكون ذرة وبعضها يكون قمحاً لوجود الجهالة في مقدار ما يزرع من النوعين فلا بد من بيانه.
ثالثهما: أن تكون الأرض مسلمة إلى العقائد من كل ما يمنع زرعها، وأن يمكن العامل من العمل والتخلية بينه وبين الأرض، ومثل ذلك ما إذا اشترط أن يكون العمل بينهما معاً فإن العقد لا يصح لعدم التخلية التامة وبين الأرض مسغولة بزرع، فإذا كان نباتاً صغيراً فإن العقد يصح على أنه معاملة (مساقاة) لا مزارعة أما إذا كان الزرع كبيراً قد أدرك فإن العقد لا يصح رأساً لا مزارعة ولا مساقاة إذ لا يكون للعامل حينئذ.
النوع الخامس: يتعلق بالمدة وهو شروط ثلاثة:
أحدهما: أن تكون المدة معينة.
ثانيهما: أن تكون صالحة لوقوع الزرع فيها.
ثالثهما: أن لا تكون ممدة إلى زمن طويل بحيث لا يعيش إليه أحد المتعارفين غلباً.
ويصح عقد المزارعة بدون بيان المدة إذا كان وقت الزرع معروفاً لا يفاوت وقفه وتقع على أول زرع.
النوع السادس: يتعلق بآلة الزرع، وهو أن تكون في العقد تابعة فإذا جُعل للبقر الذي يحرس مقابلاً معيناً من عمل أو بذر أو نحوهما فسد.
ومن شروط الصحة أيضاً بيان من عليه البذر سواء أكان المالك أم العامل لأن البذر إن كان من قبل صاحب الأرض مانت المزارعة استاجاراً للعامل، وإن كان البذر من قبل العامل كانت استأجاراً للأرض فإذا لم يذكر من عليه البذر لم بعلم إم كان العقد إجارةً للأرض أو للعامل فيكون المعقود عليه مجهولاً فلا يصح العقد.
وأما الشروط المفسدة لعقد المزارعة فمنها: اشتراط كون الخارج لواحد منهما. ومنها:
اشتراط العمل على صاحب الأرض فلو اشترط العامل ان يكون العمل على صاحب الأرض فسد الغقد لأن ذلك يمنع تسليم الأرض إلى العامل وهو شرط من شرزط الصحة كما تقدم.
ومنها: شرط كون آلة الزرع من حيوان ونحوه على المالك، أما شرط الحصاد والتذرية ونحو ذلك فقيل يجوز أن يكون ذلك على العامل إذا كان عرف الناس على هذا، وقيل أنه شرط يفسد العقد وذلك هو المفتى به.
والذي ينبغى في ذلك هو أن كل ما يحتاج إليه الزرع قبل إدراكه وجفافه من السقي والحراسة وقلع الحشائش الضارة به وحفر الأنهار ونحو ذلك، فإنه يكون على المزارع العامل.
أما ما يحتاج إليه الزرع بعد جفافه وإدراكه فهو على قسمين:
القسم الأول: ما يحتاج إليه الزرع قبل قسمة الغلة من تخليص الحب من السبل والتبن والتذرية وتنقية الحب ونحو ذلك ونفقات هذا تكون على الشركين بنسبة مالهما من الخارج من النصف أو الثلث وهكذا.
القسم الثاني: ما يحتاج إليه الزرع بعد قسمة حبه من الحمل إلى البيت ونحو ذلك ونفقات هذا تكون على كل واحد في نصيبه بمعنى أن كل واحد ينفق على ما خصه بعد القسمة.
ومن الشروط المفسدة للمزارعة أن يشترط كون التبن لمن لا يدفع البذر لأن هذا الشرط لا يقتضيه العقد فإن العقد يقتضي أن يكون التبن لصاحب البذر، فإذا اشترط كون التبن لصاحب البذر صح الشرط والعقد وكان التبن لصاحب البذر، وإذا لم يتعرض للتبن فلم يشترط كونه لهذا ولا لذاك فبعضهم يقول إنه يكون لصاحب البذر لأن التبن ناتج من الحب فهو من حق صاحب الحب بدون شرط، وبعضهم يقول أنه يكون بينهما على حسب نصيب كل منهما تبعلاً للعرف، على أن العامل إذا كان شريكاً بالربع فإن الظاهر عندهمأن لاشيء لهم في التبن، وإذا كان بالثلث فإنه يستحق نصف التبن.
ومنها أن يشترط صاحب الأرض على المزارع أن يحدث بأرض شيءاً يستمر بعد انتهاء زرع المدة المتفق عليها كبناء دار أو مصرف ما أو حفر (ترعة) أو نحو ذلك فإن شرط شيء من ذلك في العقد فقد فسد، وأما كراء الأرض (وهو قلبها للحرث) فلا يخلو إما أن يشترط شيء لمصلحة الزرع أو لمصلحة الأرض بحيث تستمر فائدته بعد انتهاء مدة الزرع المتفق عليها من أول شرط صحيح يقتضيه العقد لأن الزرع لا يصلح إلا بالحرث، والثاني شرط فاسد مفسد للعقد. ومثال ذلك ان يشترط (حرث) الأرض من أجل الزرع وحرثها مرة أخرى بعد حصاد الزرع ليستلمها صاحبها محروثة، فإن المرة الثانية في هذه الصورة لا علاقة لها لالزرع فيفسد العقد، أما إذا اشترط (حرثها) مرتين أثناء مدة الزرع وكانت منفعة المرة الثانية مقصورة على الزرع لا تفيد الأرض بعد انتهاء الزرع فإنه يصح. وإذ قد عرفت معنى المزارعة عند من يجيزها ومن يمنعها وعرفت الشروط المصححة لها والمفسدة فإنه يسهل عليك معرفة الصور الجائزة والممتنعة منها، ولكننا نريد أن نذكر لك هنا ملخص ما ذكره من الصور الجائزة والممتنعة عند الصاحبين بعدما عرفت فيما تقدم الصور الجائزة عند الإمام.
فأما الصور الجائزة عندهما، فمنها: أن تكون الأرض من أحدهما والبذر والعمل وآلات الزرع من الاخر، وشرطا أن يكون لصاحب الأرض شيئاً معلوماً من المتحصل من الزرع كالنصف أو الثلث أو نحو ذلك لأنه في هذه الحالة يكون العامل مستأجر للأرض بشيء معلوم مما يخرج منها وذلك جائر عندهما كما أن استأجار العامل ببعض الخارج من الأرض جائز كذلك إنما الممتنع هو استأجار غيرهما.
ومنها: أن تكون الأرض والبذر وآلات الزرع على المالك، ويكون العمل وحده على العامل ويكون له نصيب معين في المتحصل من الزرع كالنصف أو الثلث أو الربع، وهذه الصور جائزة أيضاً لأنها استئجار العامل ببعض ما يخرج من الأرض وقد علمت جوازه عندهما.
ومنها: أن تكون الأرض والبذر من أحدهما، والعمل وآلات الزرع على الثاني، وهذه أيضاً جائزة أيضاً لأن صاحب الأرض في هذه الحالة يكون مستأجراً ليعمل في أرضه ببقرة ونحوه من آلات الزرع.
وأما الصور الممتنعة فمنها: أن تكون الأرض وآلات الزرع كالبقر وما في معناه من الآلات التى تستعمل لشق الأرض من أحد الشيكين ويكون البذر والأرض من الشريكين الأخر؛ وإنما كانت هذه الصور فاسدة لأن منفعة الأرض لا تجانس منفعة آلات الحرث حتى تنضم إليها ويقدمها اللمالك في نظير البذر والعمل، وذلك لأن منفعة الأرض إنبات الزرع ومنفعة البقر وما في معناه العمل ولا تجانس بين المنفعتين حتى يمكن خلطهما، وهذا هو الذي عليه الفتوى، وقيل بجوار هذه الصورة إذا جرى عليها العرف.
ومنها: أن يكون البذر من أحدهما والأرض والعمل وآلات الزرع من الآخر، وهذه الصورة فاسدة لأنها عبارة عن كون صاحب البذر قد استأجر الأرض ببذره. وقد عرفت مما تقدم أن من شروط الصحة أن يتتمكن المستأجرلا على الآخر فكيف يمكنه أن يضع يده عليها وهي في يد العامل.
ومن أجل ذلك لا يصح أن يشترك في المزارعة ثلاثة على أن يكون على أحدهما وعلى الثانى البذر وعلى الثالث البقر وما في معناه من آلات الزراعة. لأنه في هذه الحالة يكون صاحب البذر مستأجراً للأرض وهي في يد الذي عليه العمل فلا يمكن أن يضع المستأجر عليها يده فيفسد العقد.
أما إذا اشترك أربعة على أن يكون البذر على احدهما، والأرض على الثانى؛ والقر على الثالث، والعمل على الرابع، فإن عقد المزارعة يفسد بعلة أخرى وهو أن البقر وحده لا يصح اسئجاره
ببعض الخارج من الأرض وفي هذه الحالة يكون مستأجرا ببعض الخارج، لأنه جعل قسماً مقابلاً. للأقسام الأخرى من البذر والعمل والأرض، ولهذا جعل من شروط الصحة أن لا تكون آلة الزرع مقصودة في العقد ببعض الخارج منها كما يصح استأجار العامل ببعض الخارج من الأرض ولا يصح استئجار غيرهما.
ومنها: ان يكون البذر والبقر من أحدهما؛ والعمل والأرض من الاخر، وهذه الصورة لا تصح لأنك قد عرفت أنه يشترط تجانس منفعة الأمرين المنضمين لبعضهما فيما يدفعه كل واحد من الشريكين، ولا تجانس بين منفعة البذر والبقر، كما تجانس بين منفعة الأرض والعمل.
ومنها: أن تكون الرض على أحدهما والبذر عليهما معاً مناصفة واشترطا أن يكون العمل على غير صاحب الأرض وأن يكون الخارج من الأرض بينهما نصفين؛ وهذه الصورة فاسدة لأنها تتضمن أن العامل يزرع نصف الأرض ببذره على أن يأخذه كله، فتكون مزارعة بجميع الخارج من الأرض بشرط 'عارة نصفها للعامل وذلك باطل.
أما إذا كانت الأرض ملكاً لهما معاً والبذر عليهما وكذلك العمل واشترطا أن يكون الخارج بينهما نصفين فإنه يجوز لأن كل واحد منهما يكون عاملاً في نصف الأرض واشترطا أن يكون الخارج بينهما نصفين فإنه يجوز لأن كل واحد منهما يكون عاملاً في نصف الأرض ببذره، فكانت هذه إعارة نصف الأرض لا بشرط العمل.
وأما حكمها فينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: حكم المزارعة الصحيحة وهو ملك منفعة الأرض حالاً والشركة في المتحصل من الزرع مالاً، وذلك لأن صاحب الأرض ملك العامل منفعة أرضه وهو اللزوم تارة وعدمه تارة أخرى فيكون العقد لازماً على من لابذر عليه سواء كان صاحب الأرض أو العامل، فإذا كان عقد المزارعة مشتملاً على يكون البذر على صاحب الأرض، فإنه لا يلزم بتنفيذه إلا إذا بذر الحب فعلاً، فأما قبل بذره فإن له أن يفسخ العقد بدون عذر خوفاً من ضياع بذره بدون فائدة؛ أما العامل الذي عليه فإنه يكون ملزماً بتنفيذ العقد بمجرد تمامه بالإيجاب والقبول ولا يصح له فسخه بدون عذر فإذا كان العقد مشتملاً على أن البذر على العامل كان الأمر بالعكس فلا يلزم بتنفيذه إلا إذا ألقى البذر فعلاً فإذالا لم يذكر من عليه البذر صحيحاً فإنه يكتفى بذكره ضمناً، كأن يقول له دفعت إليك الأرض لتزرعها لى أو استأجرتك لتعمل في أرضي، فإن في هذه الحالة
يكون البذر على رب الأرض بخلاف ما إذا قال دفعتها لك لتزرعها لنفسك فإن معنى هذا أن البذر يكون على العامل.
القسم الثاني: حكم المزارعة الفاسدة وهو أمور:
أحهما: أن المزارع لا يجب عليه شيء من أعمال المزارعة فلا يلزم بشيء إلا بالعقد الصحيح.
ثانيهما: أن البذر إن كان من قبل رب الأرض كان للعامل عليه أجر المثل وإن كان البذر من العامل لرب الأرض عليه أجر مثل أرضه ثم إن الذي يدفع البذر يكون له كل الخارج من الأرض فإن كان من قبل صاحب الأرض استحق الخارج ومفع للعامل أجر مثله الذي يستحقه على عمله، فالخارج كله حلال له فلا بالبصدق بشيء منه، أما إن كان البذر من قبل العامل واستحق الخارج من الأرض ودفع لرب الأرض أجرة مثل أرضه فالخارج كله لا يطيب له بل الذي يحل له أخه من الخارج هو قدر بذره وقدر أجرة الأرض التى دفعتها ويتصدق بما عن ذلك.
ثالثهما: أن أجر المثل لا يجب في المزارعة الفاسدة مالم يوجد استعمال الأرض. فإذا لم يعمل المزارع في الأرض شيءاً فلا يجب له أجر مثل العمل كما لا يجب عليه أجر مثل الأرض فإذا استعملت الأرض وجب أجر المثل وإن لم تخرج شيئاً.
(وبعد) فإذا فسد عقد المزارعة في موضع من مواضع سواء كان فاسداً بإجماع أئمة المذاهبأو بعضهم وأراد الشريكين أن يطيب لهما الخارج فإنه يمكنهما ذلك بعمل ما يأتى: وهو أن يعزل كل واحد من الشريكين (رب الأرض والمزارع) نصيبه من المتحصل حسبما اتفقا ثم يقول رب الأرض للمزارع: قد وجب لي عليك أجر مثل الأرض ووجب لك علي أجر مثل عملك وعمل ثيرانك وقيمة بذرك فهل صالحتنى هذه الحنطة (مشيراً إلى نصيب المزارع) وعلى ما وجب لك علي مما وجب لى عليك؟ فيقول المزارع: صالحت، ثم يقول المزارع لرب الأرض: قد قد وجب لي عليك أجر مثل عملى وثورى وقيمة بذري ووجب لك علي مثل الأرض صالحتنى على هذه الحنطة؟ (مشيراً إلى نصيب رب الأرض) وعما وجب لك على عما وجب لى عليك؟ فيقول رب الأرض: صالحت.
وحاصل ذلك أن يقرر كل منهما لصاحبه فب ما وجب له وما وجب عليه ويطلب منه مصالحته على أخذ النصيب المفروز من الغلة وأن يترك ما وجب له نظير ما وجب علبه وبذالك يطيب لكل منهما نصيبه من الغلة لأن الحق بينهما لا يتعداهما إلى غيرهما فمتى تراضيا فقد حل لكل واحد منهما نصيبه وفي ذلك سعة لا تخفى ويسر عظيم.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #162  
قديم 31-05-2021, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المزارعة]
صـــــ 10 الى صــــــــ
20
الحلقة (120)

المالكية - قالوا: ركن المزارعة ما به تنعقد على وجه صحيح وحكمهما الجواز إذا استوفت شرائطها.
أما الزرع في ذاته سواء كان في مشاركة أو لا فهو كفاية لاحيساج الإنسان والحيوان إليه، وهل يلزم عقد الشركة في المزارعة بمجرد الصيغة أو لا يلزم خلاف، فبعضهم يقول: إنه ينعقد لازماً بمجرد الصيغة، وبعضهم يقول: إنها لا تلزم بمجرد ذلك، بل لا بد بعد العقد طرح الحب على الأرض أو شتل الخضر كالبصل والخس أو وضع جذور القلقاس والقصب ونحو ذلك، فالكل واحد من الشيركين بعد العقد أن يفسخه ويرجع عنه مالم يطرح الحب ونحوه انه يلزم بعد ذلك وليس له فسخه وبعضهم يقول: إنها تلزم بالعمل فإذا شقت الأرض بالحرث وسويت لزم العقد وإن لم يطرح الحب، فالأقوال ثلاثة. الأول: أنها تلزم تلزم بالصيغة وحدها. الثانى: أنها تلزم بالصيغة والعمل من حرث الأرض في الأرض من حرث وتسوية. الثالث: أنها إلا إذا طرح البذر.
ويشترط الأول: أن يشتمل العقد على كراء الأرض بشيء ممنوع، وذلك بأن تجعل الأرض في مقابل البذر سواء كان طعاماً كالقمح والذرة أو لا كالقطن وذلك لأنه يمتنع تأجير الأرض بما ينبت بها مطلقاً إلا ما استثنى من الخشب ونحوه كما يأتى في الإجازة وكذلك يمنعون تأجير الأرض بالطعام وإن لم ينبت بها كالعسل، وقد تقدم إيضاح ذلك في تعريف المزارعة قريباً.
الشرط الثاني: أن يتساوى الشريكان في الربح بأن يأخذ كل واحد منهما بنسبة ما دفع من رأس المال، فلا يجوز أن يدفع اصف النفقات الازمة ثم يأخذ الثلث، نعم يصح لكل من الشريكين أن يتبرع لصاحبه بشيءمن حصته ولكن لا يصح ذلك إلا بعد أن يخرج كل واحد منهما ما التزم به كاملاً وبعد أن يبذر البذر ويشترط أن لا يتقدم ذلك وعد ولا عادة.
الشرط الثالث: خلط زريعة كل من الشريكين ببعضها والزريعة بتشديد الراء (التفاوي) سواء كانت حباَ أو غيره كما تقدم.
فإن كانت الزريعة من كلا الشريكين فإن المزارعة لا تصح إلا إذا خلط كل شيء منهما ما يخصه بما يخض صاحبه إما حقيقة بأن يضع كل منهما بذره على بذر الآخر، أو حكماً بأن يخرج كل منهما ما عليه إلى الأرض (الغيظ) ثم يبذر من هذا ومن ذاك بدون تمييز؛ فإذا اختص أحدهما بالبذر من تقاويه في فدان خاص تفسد المزارعة وقال بعضهم: لا يشترط ذلك بل لو اختص كل واحد بفدان ببذره فأخذ الحب ويذره بدون أن يخلطه ببذر صاحبه فإنه يصح والقولان راجحان.
الشرط الرابع، أن يخرج كل واحد من الشريكين بذره مماثلاً لبذر صاحبه في الجنس والنصف فلا يصح أن يخرج أحدهما قمحاً والآخر فولاً فسدت الشركة وكان لكل واحد ما انبته بذره وعليه يقول: إنه لازم، وبعضهم إنه ليس بلازم، فيصح أن يخرج أحدهما قمحاً والآخر فولاً.
فالشرط المتفق على رجحانها اثنان: أن لا يشتمل العقد على تأجير الأرض بممنوع وان يتساوى الشريكان في الربح بحسب رأس المال، وبعضهم يقول بجوار تاجير الأرض مما يخرج منها فتصح المزارعة عنده مطلقة وفي المالكية وفي ذلك سعة.
الصورة الأولى من صور الصحيحة: هي أن يتساوى الشريكان أو الشركاء في الأرض والعمل والبذر وآلة الزرع والثيران وأن يتفقان على ان يأخذ كل واحد من الربح بقدر ما اخرجه وهذه الصورة جائزة بالتفاق وقد تم بيانها وهي جائزة عند الشافعية بلاخلاف.
الصورة الثانية: أن تكون الأرض مملوكة لهما معاً أو أرضاً مباحة ليست ملكاً لأحد ثم يتفقان على زرعها شركة وعلى أحدهما البذر وعاى الثانى العمل، وهذه أيضاً صحيحة وتصح عند الشافعية لو أن صاحب البذر جعل للشريك الآخر بعضاً من البذر شائعاً نظير عمل شريكه له فيما لصاحب البذر من الرض شائعاً.
الصورة الثالثة: أن تكون الأرض مملوكة لأحدهما ويكون عليه البذر أيضاً نظير أن يكون على الآخر العمل باليد والبقر والآلة فقط. فسيأتى وهذه أيضاً جائزة إذا كانت لها قيمة.
الصورة الرابعة: أن تكون مملوكة لأحدهما وعليه بعض البذر وعلى الشريك الاخر العمل وبعض البذر، وهذه الصورة تصح بشرط أن لا ينقص ما يأخذه العامل من الزرع عن نسبة ما دفعه من البذر بل لا بد أن تكون حصة مستوية لما دفعه أو زائدة عليه.
مثال ذلك: أن يخرج رب الأرض ثلثي البذر ويخرج العامل الثث ثم يشترط أن يكون للعامل نصف الربع أو ثلثه، فإذا اشترط النصف فقد أخذ أكثر من نسبة بذره لأنه أخرج الثلث، ولإذا اشترط الثلث فقد أخذ ما يساوى بذره أما إذا اشترط له الربع فإن المزارعة تفسد.
الصورة الخامسة: أن تكون الأرض مملوكة لأحدهما وعليه البذر والبقر والآلة، وعلى هذا الشريك الثانى العمل فقط وهذه الصورة نعروفة بمسألة الخماس، وقد اختلف في صحتها، والراجح أنها تصح إذا كان العقد بلفظ الشركة على أن يكون للعامل جزء من الربح أو الخمس أما إذا كان العقد بلفظ الإجازة أو لم ينص على الشركة والإجازة فإنه يكون فاسداً الإجازة بجزء مجهول لا تجوز وعدم النص يحمل على الإجازة؛ وبعضهم يقول إنها ولو وقعت بلفظ الشركة.
وأما صور الفساد، فمنها: أن يتفقا على إسقاط الأرض من الحساب ويستويان فيما عدا ذلك من بذر وعمل ونحوهما كما يستويان في الربح. وهذه فاسدة لأن إلغاء الأرض التى لها قيمة توجب التفاوت بين الشريكين فلا يكون أحدهما مساوياً لصاحبه في رأس المال؛ أما إذا كانت الأرض رخيصة لا قيمة لها فإن إلغاءها جائز.
ومنها: أن يكون لأحدهما أرض رخيصة لا قيمة لها وعليه العمل ويكون على الثاني البذر وهذه فاسدة لأن بعض البذر في هذه الحال يكون واقعاً في مقابلة الأرض؛ وقد عرفت أن ذلك ممنوع. وقد يقال إن الأرض الرخيصة يصح إلغاؤها كما ذكر في الصور التى قبلها؛ والجواب أن البذر لم يقع في الصورة الولى مقابل الأرض لأنك قد عرفت أنهما متساويان في البذر وفي كل شيء ما عدا الأرض فإنها أسقطاها من الحساب.
ومنها: أن تكون احدهما الأرض وبعض البذر ويخرج الاخر العمل وبعض البذر ويأخذ العامل الربح أنقص من نسبة بذره كما تقدم في الصورة الرابعة.
ومنها: أن تكون مملوكة لهما معاً وأخرج كل واحد منهما نصيباً من البذر واختص أحدهما بالعمل وهذه الصورة ممنوعة للتفاوت في رأس المال لأن الذي اختص بالعمل وحده يكون زائداً فيما أخرجه عن الآخر فإذا اشترطا التساوى في الربح بعد ذلك كله كان إجحافاً بالذي
عليه العمل وقد علمت بطلانه.
ومنها: أن يتساوى الشريكان في الجمع ولكن أحدهما يسلف الآخر البذر لأن السلف في هذه الحالة يكون في نظير منفعة المقترض بالزرع والسلف الذي يجر نفعاً لا يجوز.
أما أحكام المزارعة الفاسدة فهي على وجهين:
الوجه الأول: أن يعرف الفساد قبل الشروع في العمل وحكم هذا الوجه ان العقد يفسخ وتنتهى المسألة.
الوجه الثاني: أن لا يعرف الفساد الا بعد العمل، ويشتمل هذا الوجه على ست صور:
الصورة الأولى: أن يشترك المتعاقدان معاً في العمل سواء كان عمل كل واحد منهما مساوياً لعمل الآخر أو كان أكثر أو أقل على المعتمد، وأن تكون الأرض من أحدهما والبذر على الاخر وحكم هذه الصورة أن يقسم الزرع بينهما نصفين فيأخذ كل واحد نصفه ثم يرجع كل منهما على صاحبه بنصف ما دفعه من رأس المال فيأخذ صاحب البذر من صاحب الأرض مثل نصف بذره ويأخذ صاحب الأرض من البذر نصف كراء أرضه ولا يخفى أن فساد هذه الصورة إنما جاء من جعل البذر مقابلاً للأرض، وهو ممنوع لأنه لا يجوز تأخير الأرض بالطعام كما تقدم قريباً.
الصورة الثانية: أن يشترك المتعاقدان في العمل ولكن ليس لأحدهما سوى العمل أما البذر والأرض وآلات الزرع فللآخر، هذه مسألة الخماس المتقدمة، وقد عرفت انها لا تكون فاسدة إىلا إذا كان العقد بلفظ الإجارة لا بلفظ الشركة أو أطلق عن ذكر الشركة والإجارة، أما إذا ذكر بلفظ الشركة فإنه يكون صحيحاً على الراجح وحكم هذه الصورة إذا كان العقد فاسداً (بأن ذكر فيه لفظ الإشارة او لم يذكر شيء) أن لا يكون للعامل من الزرع شيء وإنما يكون له اجر مثله في عمله
الصورة الثالثة: أن ينفرد أحد الشريكين بالعمل وأن يكون له مع عمله البذر أما الأرض فتكون للاخر، وحكم هذه الصورة أن يكون الزرع للعامل وعليه أجر مثل الأرض وإنما فسدت هذه الصورة لأن الأرض وقعت في مقابلة العمل والبذر فيكون جزء من الأرض في مقابل العمل والجزء الآخر في مقابل البذر، وقد عرفت أنه لا يجوز.
الصورة الرابعة: أن ينفرد أحدهما بالعمل وأن يكون له مع عمله الأرض أما البذر فلشريكه، وحكم هذه كسابقتها وهو أن الزرع يكون للعامل وعليه أن يدفع مثل بذر لصاحبه.
وإنما فسدت هذه الصورة لأن البذر جعل في مقابل الأرض والعمل فكان جزء منه للأرض وجزء مقابلاً للعمل وقد علمت أنه لا يجوز.
الصورة الخامسة: أن ينفرد أحدهما بالعمل وتكون الأرض والبذر لهما، وحكم هذه الصورة أن يكون الزرع للعامل أيضاً وعليه أن يدفع لشريكه مثل بذره ومثل أرضه وفساد هذه الصورة أن يكون الزرع للعامل أيضاً وعليه أن يدفع لشريكه مثل بذره ومثل كراء أرضه وفساد الصورة أن يكون المساواة لأن الذي ينفرد بالعمل يكون مظلوماً كما تقدم.
الصورة السادسة: أن ينفرد أحدهما بالعمل ولا يكون له شيء سوى عمله كما تقدم، بل تكون الأرض والبذر وآلة الزرع للآخر، وفي هذه الحالة لا يكون للعامل سوى أجرة عمله كما تقدم، وكل ما تقدم من الصور مبنى على المختار المرتضى، وفيه أقوال اخرى لا حاجة بنا إلى إيرادها.
الحنابلة - قالوا: ركن المزارعة الإيجاب والقبول، فأما الإيجاب فإنه لا يصح بكل لفظ يدل على المعنى المقصود كأن يقول به زارعتك على أراضي هذه أو دفعت إليك لتزرعها بنصف ثمرتها أو نحو ذلك.
وتصح المزارعة بلفظ الإجازة، فلو قال استاجرتك على أن تعمل في أرضى بنصف الزرع الذي يخرج منه أو على أن تعمل في بستانى بنصف ثمرته. أو زرعه فإنه يصح أيضاً بما يدل عليه من قول أو فعل فلو استلم الأرض شرع في العمل بدون أن يتكلم فإن يعد قابلاً.
وهو عقد جائز غير لازم فيصح لكل من الطرفين فسخه ولو بعد إلقاء البذر فإن فسخها رب الأرض فإنه يلزمه أن يدفع للعامل أجرة عمله.
ويشترط لصحة العقد أمور أحدها أهلية العاقد فلا يصح من مجنون وصغير ولا يميز كما تقدم في البيع. ثانيها: معرفة جنس البذر وقدره فلا يصح العقد إذا كان البذر مجهولاً. ثالثهما: تعيين الأرض وبيان مساحتها رابعها: تعيين النوع الذي يراد زرعه فلو قال رب الأرض للعامل إن زرعتها شعيراً فلك الربع وإن زرعتها حنطة فلك النصف لم يصح لوجود الجهالة، ومثل ذلك ما إذا قال ما زرعته من شعير فلى نصفه وما زرعته من قمح فلى ثلثه ولم يبين مساحة المزروع من كل منها فإنه لا يصح.
ولا يشترط أن يكون البذر من صاحب الأرض على الصحيح إنما الشرط أن يدفع كل واحد منها رأس مال فيصح أن يدفع احدهما الأرض فقط ويكون على الاخر البذر والبقر والعمل، كما يصح أن يكون البذر أو البقر أو هما على صاحب الأرض وعلى الآخر وهكذا.
ويشترط أن يكون نصيب كل منهما شائعاً كالنصف أو الثلث أو نحو ذلك فإن شرط أحدهما ان يكون له عدد معبن كإرردبين أو ثلاثاً فإنه لا يصح وحكم الفاسدة أن الزرع يكون لصاحب البذر وعليه أجرة العامل.
وإذا كان لشخص فدان أرض فأعطاه لعامل على أن يزرعه بنصف غلته ولكن قال له صاحب الأرض إنني آجرتك نصف آجرتك نصف الفدان بنصف البذر اللازم للفدان ونصف منفعتك ومنفعة دوابك فيكون للعامل نصف الفدان في نظير نصف البذر الذي وضع في النصف الثانى ونصف منفعة العامل اللازمة له فإن ذلك لا يصح لأن المنفعة وجهولة نعم إذا أمكن ضبطها وتقديرها فإنه يصح.
وإذا شرط المزارع أن يأخذ رب الأرض مثل بذره ثم يقسم الباقى فلا يصح. لأنه بمنزلة اشتراط عدد من الأرادب.
الشافعية - قالوا: المزارعة بمعنى تأجير الأرض بما يخرج منها أو تاجير العامل بما يخرج من الأرض فاسدة، فإذا عمل المزارع في أرض بناء على ذلك العقد الفاسد فإن الخارج من غلتها يكون لمالكها وعليه أجر العامل وقيمة ما أنفقه على الأرض.
وقد عرفت أن المزارعة أن المزارعة بذلك المعنى يصح تبعاً للمساقاة وذلك بأن يدفع أحد الملاك أرضه المغروسة نخلاً أو بها كرم عنب للهامل أن يقوم على تنميتها بسقيها والمحافظة عليها في نظير جزء معين من ثمرتها وهذا هو عقد المساقاة، فإذا كان بتلك الأرض التى عليها النخل والكوم فراغاً صالحاً لزرعه حبوباً ونحوها فإنه يصح تأجيره ببعض الخارج من غلته ولكن بشروط:
الأول: أن يكون عقد المساقاة وعقد المزارعة واحد فلو انفراد كل منهما بعقد فسد المزارعة على المعتمد.
الثاني: أن لا يفصل بين المزارعة والمساقاة فاصل حال العقد كأن يتعاقدا على المساقاة ثم يصبرا زمناً طويلاً يفهم منه أنه قد تم التعاقد بينهما ثم يشرع بعد ذلك في عقد المزارعة الثالث: أن تتقدم المساقاة على المزارعة في العقد كي يعلم أن المساقاة هي المقصودة وان المزارعة تابعة لها.
الرابع: أن يكون عامل المساقاة هو بعينه عامل المزارعة، وزاد بعضهم شرطاً خامساً وهو: أن يتعذر تنفيذ عقد المساواة بدون زرع الأرض وذلك بأن يمكن سقى الشجر أو النخل وحده اما إذا أمكن فإنه يصح تأجير الأرض المتصلة به مزارعة ولكن المعتمد أن هذا الشرط غير لازم.
على أنهم قالوا: إن المزارعة يمكن تحصيلها في صور أخرى ليس فيها تأجير الأرض بما يخرج منها.
منها: أن يخرج المالك الأرض والبذر ثم يعطى الأرض مشاعاً إعارة ويستأجره على العمل في نصف الأرض المشاع الباقي له بنصف البذر العامل في نصف الأرض الذي استعار فإذا عمل العامل في الأرض على هذا التعاقد استحق نصف الخارج منها ولا يكون فيه استاجار الأرض ببعض الخارج. لأن المالك في هذه الحالة يكون قد استأجر بالبذر الذي بذره.
ومنها: أن يشترك المالك والعامل في رأس المال كأن يدفع المالك الأرض ويقوم المزارع بالعمل والدواب اللازمة على أن تكون قيمة اجرة الأرض مساوية لما يقوم به المزارع، وهذه الصورة إنما تصح بثلاثة شروط.
الشرط الأول: أن يكون البذر من منهما وذلك لأن نصيب كل منهما في الغلة يتبع البذر الذي أخرجه.
الشرط الثاني: أن يأخذ كال واحد منهما نصيباً مساوياً لما دفعه فإذا كانت أجرة الأرض تساوي ثلث الخارج فلا يصح أن يشترط أخذ النصف.
الشرط الثالث: أن يقول المالك للعامل قد نصف الأرض بنصف العمل والبقر حتى لا يوجد تاجير الأرض بما يخرج منها.
ومنها: أن يقرض المالك العامل نصف البذر مثلاً ثم يؤجر له نصف الأرض شائعاً بنصف عمله ونصيب منافع دوابه التى تعمل في الزرع، وهذه المنافع وإن كانت مجهولة في ظاهرها إلا انها منضبطة في المادة والعرف.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #163  
قديم 31-05-2021, 09:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المزارعة]
صـــــ 20 الى صــــــــ
33
الحلقة (121)

[دليل المزارعة]

-أما دليل صحة المزارعة فهو مأخوذ من السنة الصحيحة،
فمن ذلك ما رواه ابن عمر قال:
عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع. متفق عليه.وروى عن أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن على ثم أهلوها إلى اليوم يعطون الثلث أو الربع. فقد عمل الخلفاء الراشدون بالمزارعة ولم ينكر عليهم أحد فكان كالإجماع.
هذا هو دليل المزارعة المشهور،
وهو يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون ذلك مختصاً بالأرض المزروعة نخلاً كما هو الشأن في أرض خيبر.الثاني: أن يكون ذلك عاماً في كل أرض سواء كانت مغروسة أولا.وقد اختلفت وجهة نظر المجتهدين على بناء هذا الاحتمال فمن منع المزارعة بمعنى تأجير الأرض بما يخرج منها أو تاجير العامل بما يخرج من الأرض تمسك بالأحاديث الدالة على النهى عن تاجير الأرض بما يخرج منها أو تأجير العامل بما ينتج من عمله لأن ذلك تأجير بمجهول لجواز أن لا تخرج الأرض شيئاً من الزرع فيضيع على العامل عمله.والشريعة الإسلامية تحث الناس دائماً على أن تكون معاملتهم واضحة جلية حتى ترتفع من بينهم أسباب الشكوى والخصام، وتحث أيضاً على الرفق بالعامل فلا يصح أن تجعل عمله معلقاً في ميزان القدر بل لا بد أن يكون ضامناً لشيجة وجهوده وكده، وبيان ما سيحصل عليه من أجر.أما ما ورد، في حديث ابن عمر ونحو بأرض خيبر وهي مزروعة نخلاً له ثمر معروف، فكان العامل على تنميتها وسقيها وهو واثق من نتتيجة عمله، وهذه هى المسافاة التى سيأتى بيانها، ولا خلاف في جوازها فلا يصح أن يقاس عليها الأرض التي لا زرع بها أصلاً أو الأرض التي ينبت بها ضعيف.أما من اجاز المزارعة بالمعنى المذكور وهو تأجير الأرض بما يخرج منها فقد رأى أن الحديث عام وليس فيه ما يدل على الجواز خاص بهذه الأرض بدون غيرها، ولأن العلة وهي كون الأجرة مجهولة موجودة أيضاً في المساقاة، فإنه يجوز أن لا يجوز أن لا يثمر النخل أو يشيص أو تجتاحه آفة فيضيع على العامل عمله.على أن الذي منع المزارعة بالمعنى النتقدم أجازها تبعاً للمساقاة، وفيها تاجير الأرض بمجهول على أى حال. وحينئذ تكون المزارعة مستثناة من منع التأجير بمجهول كالمساقاة، لما في ذلك من مصلحة الناس وعدم الحرج،
فإن بعضهم قد يملك أرضاً وليس له قدرة على زرعها ولا يجد من يستأجرها:
وبعضهم لا يملك أرضاً ولكن له قدرة على الزرع ويرغب في زرع الأرض على أن يكون لكل منهما نصيب شائع معلوم مما يخرج منها فإذا منعنا ذلك فقد أضعنا على الفريقين مصلحة وضيقنا عليهما مما يخرج منها فإذا منعنا ذلك فقد أضعنا على الفريقين مصلحة وضيقنا عليهما ما فيه سعة وليس للشريعة الإسلامية غرض في ذلك إنما غرضها مصلحة الناس وراحتهم والتوسعة عليهم.هذا بيان وجهة نظر كل من الأئمة المتازعين في جواز المزارعة (أو تأجير الأرض بما يخرج منها ومنعه) وبديهي أن كل واحد من الفريقين إنما يبحث في تفكيره عن المصلحة التي تنشدها الشريعة الإسلامية ويناضل عن تفكيره عن المصلحة التى تنقضي إلى الحصول على تلك المصلحة والبعد عن الضرر الذي يلحق العامل الضعيف أو يصيب غيره.وإذا كان الحال على ما ذكر فإنه يمكننا أن نطبق رأي الفريقين على ما هو واقع في زماننا وأن نختار ما هو مناسب لمصالح الناس ومنافعهم.فمن الناس من ينتهز فرصة حاجة العامل الشديد إلى العمل فلا يعطي له أرضه إذا غبته غباًفاحشاً وأرهقه إرهاقاً شديداً، فإذا ما دفعته الحاجة إلى العمل مزارعة في تلك الأرض كانت نتيجة عمله للمالك خاصة، فيستولى على غلتها فوق ما يفرضه عليه من مال وعمل؛ وهذا لا يجوز في نظر الشريعة الإسلامية التي توجب مساعدة المضطر ومعونة العامل الضعيف. فلهذا ينبغي تحذير الناس من المزارعة التي يترتب عليها حرمان العامل من كده واستغلال المالك إياه لحاجته. وعند ذلك يفتى برأي المالكية الذين يشترطون المساواة في الربح بنسبة ما قام به كل من الشريكين من عمل أو أرض أو نحوهما، حتى لا يطمع أحدهما في صاحبه.أما إذا كانت عاطفة الخير متبادلة بين الناس وكل من الشريكين لا يريد إلا أن ينتفع بما يستحقه من أرض أو عمل فلا ينبغي أحدهما على صاحبه ولا يغنيه في أمر، ولا يخونه في عمل، وكانت المصلحة تقتضي العمل في الأرض مزارعة بقسمة ما يخرج من غلتها فإنه في هذه الحالة يفتى برأي من أجاز تأجير الأرض بما يخرج منها، بدون نظر إلى القيود التي ذكرها الفريق الآخر.
[مباحث المساقاة]
[تعريفها وشروطها وأركانها وما يتعلق بها]

-المساقاة في اللغة مشتقة من السقي. وهي استعمال شخص في نخيل أو كروم أو غيرها لإصلاحها على سهم معلوم من غلتها ذلك هو المعنى اللغوي وهو مساوٍ للمعنى الشرعي، إلا أن المعنى الشرعي يشتمل على شرائط خاصة يترتب عليها صحة العقد بخلاف المعنى اللغوي فالمغايرة بينهما من هذه الناحية، ثم إن المساقاة مفاعلة والقياس أن يكون مصدرها وهو السقي واقعاً بين اثنين، مع أنه هنا واقع من العامل وحده، وأجيب بأنها على غير بابها أو أنها لوحظ فيها التعاقد وهو أعماله خصوصاً إذا كان بالدلاء من بئر عميق، فإن السقي يكون شاقاًكل المشقة فلا تكاد الأعمال الأخرى تذكر بجانبه.أما معنى المساقاة اصطلاحاً فهو عقد على خدمة شجر ونخل وزرع ونحو ذلك يشرائط مخصوصة في المذاهب (1) .
(1) المالكية - قالوا: ما ينبت بالأرض ينقسم إلى خمسة أقسام:
الأول: ان يكون له أصل ثابت وله ثمرة تجنى مع بقاء ذلك الأصل زمناً طويلاً كالنخل وشجر العنب والتين والبرتقال والمانجو ونحو ذلك.
الثاني: أن يكون له أصل ثابت ليس له ثمر يجنى كاللأثل والصنوبر والصفصاف ونحو ذلك.
الثالث: أن يكون له أصل غير ثابت وله ثمر يجنى كالموز والمقشأة (المقات من بطيخ وعجوز وقثاء ونحو ذلك) ، ومن المقثأة القرع ومثلها الباميا وقصب السكر ونحو ذلك.
الرابع: أن يكون له أصل غير ثابت يجنى ولكن له زرع وورق يبتفع به وذلك كالورد والياسمين ونحو ذلك.
الخامس: الخضر الرطبة التي يقصد الأنتفاع لا بثمرها وهي على قسمين: ما يقلع من جذوره ولا خلفة له كالبصل والثوم والفحل ونحوها مما لا ينبت غيره بعد قلعة. وما له خلفة كالكراث والكزبرة والجرجير والبقدونس والبرسيم ونحو ذلك مما يقطع وتبقى أصوله فتنبت ثانية، ولكل قسم من هذه المساقاة عليه شرطان.
الشرط الأول: أن يكون الشجر أو النخل قد غرسه زمن حتى صار بالغاً لأن يثمر في عامه الذي وقع فيع العقد سواء كان ذلك الثمر موجوداً وقت العقد أو لم يكون موجوداً أما إذا كان صغيراً كالنخل الصغير الذي لم (يطرح) في العام الذي حصل فيه التعاقد فإن المساواة لا يصح عليه ويسمون النخل الصغير الذي لم يبلغ فهل يصح العقد على الصغير تبعاً للكبير؟
والجواب: أنه إذا كان عدد الصغير قليلاً بحيث لا يتجاوز الثلث فإنه يصح. أما إذا كان عدد الصغير أكثر من الثلث فإن العقد يكون فاسداً.
الشرط الثاني: أنه إذا كان على النخل أو الشجر ثمر العقد فإنه يشترط أن يكون ذلك الثمر صغيراً لم يظهر صلاحه، وظهور الصلاح في كل شيء بحبسه ففي البلح باحمراره أو اصفراره وفي غيره بظهور الحلاوة به فإذا ظهر صلاحه فإنه لا يصح عقد المساقاة عليه في هذه الحالة لأن الشجر يكون مستغنياً عن الخدمة حينئذ.
وبعض أئمة المالكية يقول بصحة العقد على أنه إجارة لأن الإجارة عنده بلفظ المساقاة فإذا أراد المالك أن يتعاقد مع العامل على خدمة بستان به شجر قد ظهر صلاح ثمره فهل يصح التعاقد؟
والجواب أنه يصح بشرطين:
أحدهما: أن يكون الشجر الذي ظهر صلاحه أقل من الذي لم يظهر بحيث لا يزيد عن ثلثه كما تقدم في الذي قبله.
ثانيهما: أن يكون الشجر أنواعاً مختلفة كنخل ورمان ويكون النوع الذي ظهر صلاحه غير النوع الذي لم يظهر صلاحه فإذا ظهر بعض صلاح البلح مثلاً ولم يظهر بعض صلاح الرمان وكان الذي ظهر صلاحه من البلح أقل مما لم يظهر فإنه يصح.
أما إذا كان الشجر نوعاً واحداً كنخل فقط؛ وظهر بعض صلاح ثمره، فإن جميع النخل في هذه الحالة يحل بيعه، فالذي لم يظهر صلاحه يكون في حكم ما ظهر صلاحه، وكذلك إذا كان الشجر الذي بالبستان نوعين فأكثر ثم ظهر صلاح كل نوع منه سواء كان قليلاً فإنه في هذه الحالة يدل على صلاح الجميع.
وحكم ما يدل في العقد تبعاً أن يكون بين المالك والعامل فإذا شرط أن ينفرد به أحدهما بطل العقد.
وهناك شرط ثالث فيما له أصل وله ثمر يجنى؛ وذلك الشرط هو أن يكون الشجر مما لا يخلف والإخلاف له معنيان، معنى في الشجر ومعنى في الزرع، فمعناه في الشجر هو أن ينبت بجانب الثمرة التي استوت قبل قطعتها شجرة أخرى جديدة مثمرة كالموز فإنه بعد أن تثمر شجرة الموز تنبت إلى جانبها شجرة أخرى تثمر قبل قطع الأولى وهكذا، ومعهناه في الزرع هو أن ينبت له خلف بعد قطعة كالبرسيم ونحوه مما تقدم، وحكم الشجر الذي يخلف بعد قطعه أنه لا تصح مساقاته لما فيه من الجهالة وعدم معرفة ما يتفرغ من الشجر الذي يخلف بعد القطع كشجر النبق وغيره (فإن معظم شجره ينبت ثانياً إذا قطع وبقي أصله) فإن المساقاة تصح عليه وحكم الزرع الذي يخلف أنه لا تصح عليه المساقاة كما ستعرفه.
وأما القسم الثاني: وهو ماله أصل ثابت وليس له ثمر يجنى فإن المساقاة لا تصح عليه.
واما القسم الثالث: وهو ماله أصل غير ثابت وله ثمر يجنى كالمقثاة وكذلك القسم الخامس وهو الخضر الرطبة فإنه لا تصح المساقاة عليها إلا بخمسة شروط:
الشرط الأول: أن يكون مما لا يخلف مما لا يخلف بعد قطعة المساقاة في البصل والفحل والخس والجزر (والمقات) فإنها لا تنبت غيره بعد قطعه وكل ما يقلع من أصول ولا يترك أصله حتى ينبت ثانياً كالبرسيم والكراث والكزبرة والبقل ونحوها فإنه لا تصح عليها المساقاة.
الشرط الثاني: أن يعجز صاحبه عن تمام سقيه وخدمته فإن أمكنه أن بخدم مقثأته وبصله وفجله فإنه لا يصح أن يتعاقد مع غيره على أن يتم له خدمته بجزء منه.
الشرط الثالث: أن يخاف موته إذا لم يتعاقد مع غيره على سقيه.
الشرط الرابع: أن يكون قد برز من الأرض ليكون شبيهاً بالشجر.
الشرط الخامس: أن لا يكون صلاحه قد ظهر، فإن لم تتحقق هذه الشروط في ذلك القسم فإنه لا تصح المساقاة عليه.
وأما القسم الرابع: وهو ماله أصل غير ثابت ولكن له زهر وورق ينتفع به كالورد والياسمين فإنه كالشجر فلا يشترط فيه عجز صاحبه عن سقيه وإنما يشترط فيه الشروط التي ذكرت أولاً في الشجر واختلف في القطن الذي يجنى مرة بعد أخرى وكذلك العصفر فقيل إنه يشترط فيه الشروط الخمسة المتعلقة بالزرع وهو الراجح وقيل هو كالشجر فلا يشترط فيه سوى شروط الشجر.
ولا يشترط في المساقاة أن يكون الزرع محتاجاً للسقي فلو فرض وكانت الأرض ندية والشجر يشرب بعروقه منها بدون حاجة إلى سقي فإنه يصح عقد المساقاة لأن الشجر يحتاج إلى خدمة كثيرة غير السقي وحراسته وخدمة الأرض التي علها وهذا كاف في صحة العقد، ويسمى
الزرع الذي لا يجتاج إلى الماء بعلاً.
وكذلك لا يشترط في المساقاة أن تكون بجزء الثمرة بل تصح بجزء الثمرة وبجميعها فلو اشترط العامل أن تكون الثمرة كلها في نظير خدمته فإنه يصح وكذلك إذا اشترط ذلك المالك، إنما الذي يشترط من ذلك أن يعين عدد مخصوص أو يعين ثمرة نخلة مخصوصة كأن يقول المالك للعامل ساقيتك على بستاني هذا بشرط أن يكون لي عشرون كيلة من بلحه أو بشرط أن يكون لي بلح نخلة كذا، يصح أن يجعل نصيب أحدهما شائعاً في بعض النخل أو الشجر كما لا يصح أن يكون نصيبه مجهولاً كأن يكتفي في عينيه بالعرف إذا كان الناس لهم عرف في مثل ذلك.
وكذلك يشترط أن يكون الجزء الذي يخص كلاً منهما مستوياً في جميع أشجار البستان، فإذا كان البستان نخل ورمان وعنب واتفقا على خدمته بالثلث فإنه يجب أن يكون الثلث شائعاً في الجميع فلا يصح أن يكون في النخل الثلث وفي غيره الربع مثلاً ويفي هذا الشرط اشتراط شيوع النصيب في جميع الأشجار لأنه إذا كان له الثلث شائعاً فلا بد أن يكون في كل أنواع الشجر بنسبة واحدة ولكن دكرناه لزيادة الإيضاح.
فالشروط المختصة بنصيب كل من المالك والعامل ثلاثة:
أحدهما: ان يكون معيناً كالربع او الثلث أو نحو ذلك سواء كان تعينه بالنص لفظاً أو بعادة أهل البلد.
ثانيهما: أن يكون شائعاَ مستوياً في جميع الأشجار.
ثالثهما: أن لا يعين قدر مخصوص كعشرين كيلة أو يعين ثمن شجر مخصوص.
هذه هي شروط صحة المساقاة.
وأما شروط المفسدة لها، فمنها: أن يشترط المالك إخراج الخدم أو الدواب الموجود في البستان حين التعاقد فإذا لم يشترط ذلك ثم أخرجها بدون شرط فإن العقد لا يفسد. وكذلك إذا أخرجها قبل التعاقد، ولو كان إخراجها بعد العزم على العقد.
ومنها: أن يشترط تجديد شيء في البستان لم يكن موجوداً حين العقد كبناء حائط أو غرس شجر فإذا جدد أحدهما شيئاً من نفسه بدون شرط فإنه لا يضر.
ومنها: أن يشترط أحدهما على الآخر القيام بعمل خارج عن خدمة الشجر كأن يشترط أحدهما على صاحبه خدمة بيته او القيام بطحن غلته او نحو ذلك.
وعلى العامل أن يقوم بجميع ما يحتاج إليه البستان عرفاً ولو بعد انتهاء مدة المساقاة كتلقيح الشجر وتنقية من الحشائش الضارة وإحضار ما رث من حبال ودلاء لازمة للسقي وهكذا وعلى المالك أن يدفع أجرة الخدم الذين كانوا في البستان حين التعاقد وأن يجدد بدل من يمرض منهم.
واما أركلنها فهي أربعة: الأول: ما يتعلق بالعقد من شجر وعامل ومالك. الثاني: المشروط للعامل. الثالث: العمل. الرابع: ما به تنعقد من الصيغة، وتنعقد بلفظ ساقيت بخصوصه على رأي بعضهم، وتنعقد به زبلفظ عاملت ونحوه على رأي البعض الآخر، وهو الراجح.
الحنفية - قالوا: المساقاة وتسمى المعاملة تصح في كل نبات يبقى في الأرض سنة فأكثر، فتصح في الشجر الكبير كشجر النبق (النخل) ونحوهما، وكذلك تصح في الزرع سواء كان خضراً كالراث والسلق والجرجير ونحو ذلك وتسمى بالبقول. أو كان (مقثأة) كالبطيخ والعجور
والقثاء والشمام ونحو ذلك ومنه القرع ومثله الباذنجان والباميا أو كان شجر كروم كالعنب والرمان والسفرجل ونحو ذلك ويسمى ذلك كله بالرطب جمع رطبة كقصعة وقصاع ولا يشترط في الشجر أن يكون مثمراً فتصح في الصفصاف والجوز والصنوبر والأثل ونحوها بشرط
أن تكون في حاجة إلى السقي والحفظ فإذا لم تحتج لذلك فلا تصح عليها المساقاة. وركنها الإيجاب والقبول وذلك بأن يقول له دفعت إليك هذا البستان مساقاة فيقول العامل قبلت.
ويشترط لها أمور، ومنها: أن يكون العاقدان عاقلين ولو يكونا بالغين.
ومنها: انهما إذا تعاقدا على شجر مثمر يزيد بالعمل فيه، فإذا كان فيه طلع أو فيه ثمر قد احمر أو اخضر أو اصفر ولكنه لم يستو فإنه تصح مساقاته، أما إذا كان قد استوى وأصبح صالحاً للجني ولكن ينقصه أن يكون رطباً فإن مساقاته لا تصح.
ومنها: أن يكون الخارج من الثمر لهما فلا يصح أن يكون لواحد منهما فقط.
ومنها: ان تكون حصة كل واحد منهما معلومة القدر كالثلث أو الربع أو نحوهما.
ومنهما: أن تكون شائعة في جميع الشجر.
ومنها: التسليم للعامل وهو أن يخلى بينه وبين الشجر فلو اشترطا أن يكون العمل عليهما معاً فسد العقد.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #164  
قديم 31-05-2021, 09:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المزارعة]
صـــــ 20 الى صــــــــ
33
الحلقة (122)


ولا يشترط في صحة المساقاة بيان المدة فإذا تعاقدا بدون بيان مدة فإن العقد يصح ويقع على أول ثمرة تخرج بعد العقد فإذا تعاقدا على خدمة كرم وليس لثمرته مدة يعرف فيها ابتداؤه وانتهاؤه فإنه لا يصح اما إذا كانت له مدة تعلم فإنه يصح.
وأما الشروط المفسدة لعقد المساقاة، فمنها: كون الخارج كله لأحدهما. ومنها أن يكون لأحدهما نصيب معلوم العدد أو الكيل العدد أو الكيل كأن يشترط أن يكون كيلة من الثمر ونحو ذلك.
ومنها شرط العمل على صاحب الأرض لأو عليهما معاً لما عرفت.
ومنها: أن يشترط على أحدهما حمل الثمر وحفظه بعد قسمته لأن بعد القسمة يكون كل واحد مسؤولاً عن نصيبه.
ومنها: شرط قطع الثمر أو قطفه على العامل وحده. ومنها: شرط عمل تبقى منفعته بعد انتهاء مدة المساقاة كبناء حائط أو غرس أشجار أو نحو ذلك، ومنها أن يكون نصيب تابعاً للعمل، فلو تعاقدا على أن يخدم العامل ليأخذ ثلث ثمره ويأخذ المالك الثلث الثاني ويأخذ شخص
ثالث لم يعمل الثلث الآخر لم يصح العقد.
ويتعلق بالمساقاة أحكام:
منها: أن ما يحتاج إليه الشجر ونحوه من السقي وإصلاح الترع والحفظ وتلقيح النخل وتنقية الحشائش ونحو ذلك فإنه يلزم به العامل. أما ما يحتاج إليه الشجر من النفقة، وما تحتاج إليه الأرض من تقليب ويسمى "عزقاً" أو سباخ، أو نحو ذلك من النفقات المطلوبة لإصلاح الأرض والشجر لينمو الثمر ويزيد، فإنه يكون عليهما بحسب نصيب كل منهما.
ومنها: أن يقسم الخارج بينهما بحسب الشرط.
ومنها: أنه إذا لم يخرج الشجر شيئاَ فلا شيء لواحد منهما على الأخر.
ومنها: عقد المسا قاة لازم من الجانبين فلا يضح لأحدهما فسخة بعد تمامه من غير رضا صاحبه إلا لعذر كمرض العامل إذا كان يضعه عن العمل، أو تبين للمالك أن العامل سارق معروف با لسرقة، فإن له أن يفسخ التعاقد معه. وتفسخ بموت المتعاقدين أو أحدهما وبانقضاء المدة.
ومنها: أن العامل يجبر على العمل إلا لعذر.
ومنها: جواز الزيادة على الشرط والحط منه.
وأما المساقاة الفاسدة فحكمها أن الخارج يكون كله للمالك وأن للعامل أجر مثله سواء أخرج الشجر ثمراً أولا. وصفة عقد المساقاة أنه لازم كما عرفت.
وبالجملة، فشرائط عقد المزارعة إلا فيما لا يمكن وجوده في المساقاة كبيان نوع البذر. وحكمها، وهو الصحة على المفتى به، خلافاً للإمام الذي يقول بعدم صحة المساقاة كالمزارعة.
ولكن يفرق بين المساقاة والمزارعة بأربعة أمور:
الأول: أن يعقد المساقاة لزم فلا يصح لأحدهما فسخة بعد الإيجاب والقبول بخلاف عقد المزارعة فإنه لا يلزم في جانب صاحب البذر إلا ألقي بالأرض كما تقدم.
الثاني: إذا تعاقدا على مدة معينة في المساقاة ثم انقضت المدة قبل استواء الثمرة فإنه يكون للعامل الحق في أن يقوم على الأشجار ويباشرها حتى تنتهي ثمرتها ولكن لا يكلف العامل يدفع أجرة حصته من الشجرة حتى تستوي الثمرة التي يجنيها، وبيان ذلك أنه انقضاء مدة المساقاة قد يتوهم أن يقول المالك للعامل لا حق لك في بقاء ثمرك على الشجر الذي أملكه بعد بطلان العقد بانقضاء مدته، فإذا شيءت بقاءه إلى أن ينتهي فادفع عليه أجراً. ولكن هذا لا يجوز إذ ليس للمالك مطالبة العامل بأجر على بقاء الثمر لأن الشجر استئجاره.
أما المزارعة فإن العامل وإن كان له الحق في القيام على الزرع بعد انقضاء المدة حتى تنتهي ولكن للمالك الحق في مطالبته بأجر أرضه التي عليها زرعه إلى أن ينتهي، لأن الأرض يصح استئجارها.
الثالث: إذا تعاقد شخص مع آخر على خدمة بستان مساقاة وعمل فيه ثم ظهر أن ذلك البستان حق لشخص آخر غير الذي تعاقد معه، فإن كان به ثمر فإن العامل يرجع على من ثبت أن ذلك له. أما إذا تعاقد معه عقد مزارعة وثبت أن الأرض حق لغير من تعاقد نعه، فإن الزرع كله يكون لمن ثبت له الأرض، ويرجع العامل عليه بقيمة ما يخصه من الزرع.
الر ابع: أن بيان المدة شرط في المزارعة وليست شرطاً في المساقاة، وذلك لأن وقت إدراك الثمر معلوم عادة، فإذا لم يبينا المدة فيقع العقد على أول ثمر في تلك السنة كما تقدم.
الشافعية - قالوا: المساقاة هي أن يعامل شخص يمولك نخلاً أو عنباً شخصاً آخر على أن يباشر ثانيهما النخل أو العنب بالسقي والتربة ونحو ذلك وله في نظير عمله جزء معين من الثمر الذي يخرج منه ولللولي أن ينوب عن المالك القاصر في ذلك.
وأركانها خمسة:
الركن الأول: الصيغة، وهي تارة تكون صريحة وتارة تحتمل أن تكون صريحة وأن تكون كناية، فالصريحة هي ما كانت بلفظ ساقيت وعاملت، فإذا قال له ساقيتك على هذا النخل أو العنب بكذا من ثمره، فإن العقد يقع صريحاً لازماً، اما الألفاظ التي تحتمل الأمرين فهي كأن يقول له سلمت لك هذا النخل أو هذا العنب لتتعهده بكذا من ثمره. أو يقول له تعهد هذا النخل الخ، أو يقول له اعمل فيه. فهذه الألفاظ الثلاثة تحتمل أن تكون صريحة في المساقاة وتحتمل أن تكون كناية لأنه يصح أن يقول قصدت بها الإجارة فيفسد العقد حينئذ لأن الإجارة لا تصح بجزء من الخارج.
ولكن المعتمد أن هذه الألفاظ صريحة في المساقاة لأن عدم ذكر لفظ الإجارة مع جعل العوض جزءاً من الثمر يعين المساقاة.
نعم لو صرح بلفظ الإجارة بأن قال له: أجرتك هذا النخل بجزء من ثمره فإنها تقع إجارة فاسدة نظراً للتصريح باللفظ وإن كانت في معنى المساقاة،
وكذا لو قال له ساقيتك على هذا النخل بعشرين جنيهاً فإن يقع فاسداً لأن المساقاة إنما تكون بجزء من الثمر لا بالنقد ولا يصح أن يكون إجارة نظراً للفظ المساقاة وإن كان في معنى الإجارة من حيث كونه بالنقد.
ويشترط لصحة الصيغة القبول لفظاً فلا يكفي مباشرة من العامل أو تسليم الشجر من المالك، فإذا كان أخرس فإن إشارته تقوم قوله إلا أن إشارته تون صريحة إذا كانت مفهومة لكل أحد وتكون كناية إذا كانت مفهومة للفطن فقط فإذا كانت كناية لا يلزم بها إذا امنتنع عن تنفيذ العقد إلا إذا قامت قرينة ترجح إرادة العقد.
الركن الثاني: العاقدان، إذ لا تتحقق المساقاة إلا بمالك وعامل يشترط فيهما أن يكون كل واحد منهما أهلاً للتعاقد فلا تصح من مجنون وصبي
الخ ما تقدم في البيع ويجوز للولي أن يتولى ذلك عن القاصر كما عرفت قريباً.
الركن الثالث: مورد العمل وهو النخل أو العنب إذ لا تتحقق المساقاة إلا
بوجودهما.
ومذهب الشافعية المعمول به الآن أن المساقاة لا تصح إلا في النخل والعنب بخصوصه ويعللون هذا بأن غيرهما من الأشجار ينمو بنفسه فلا يحتاج إلى من يباشر العمل فيه بخلاف النخل والعنب وقد يقال إن كثيراً من الأشجار تحتاج إلى تربية وعلاج أكثر كالمانجو وغيرهما أما المذهب القديم عندهم فإنها تصح في جميع الأشجار المثمرة واختاره بعض أئمتهم.
وعلى مذهب المعمول به عندهم إذا ساقى شخص آخر على نخل آخر كنبق أو برتقال أو غيرهما فهل تصح المساقاة عليهما تبعاً للنخل؟ خلاف والأصح الجواز بالشروط المتقدمة في المزارعة التي تصح تبعاً للمساقة. فإذا كان بالبستان شجر لا يثمر كالصنوبر فإنه لا تصح المساقاة عليه تبعاً للنخل كما لاتصح المساقاة منفرداً، ومثله الزرع الذي لا ساق له كالبطيخ والعجور وقصب السكر فإنها المساقاة عليها تبعاً كما لا تصح منفردة وبعضهم يقول بجواز المساقاة عليها تبعاً بالشرائط المذكورة.
ويشترط لصحة المساقاة أن يكون النخل أو العنب والشجر التابع معيناً مرئياً فلا تصح أن يقول له ساقيتك على احد البستانين اللذين أمامنا من غير أن يعين واحداً منهما ولا تصح المساقاة على ان يغرس العامل نخلاً ابتداء على أن يكون له نصفه أو ثلثه أو نحو ذلك لأن الغرس ليس من عمل المساقاة فإذا فعل ذلك فسد العقد وللعامل أجر مثله. إذا ساقاه على نخل مغروس ولكنه صغير لم يبلغ الحد الذي يثمر فيه ويسمى (ودياً. وفسيلاً) بأن يتعهد سقيه وتربيته من ثمره لا منه فإن ذلك يشمل ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن يقدرا مدة يثمر فيها النخل أو ظناً وفي هذه الحالة يكون العقد صحيحاً فإذا لم يثمر النخل في تلك المدة فلا يستحق العامل أجراً ويضيع عليه عمله فإذا قدر له مدة خمس سنين مثلاً تبتدئ بعد شهرين ثم أثمر قبل قبل حلول الموعد فإن لا يستحق أجراً. وكذا إذا أثمر قبيل أن تنتهي المدة وتأخر بلوغ الثمر حتى فرغت المدة فإن للعامل حقه
في الثمر وعلى المالك أن يتم المطلوب للنخل.
الصورة الثانية: أن يقدر له مدة لا يثمر فيها غالباً ولا يقيناً وظناً ولا احتمالاً وفي هذه الحالة يقع فاسداً بلا نزاع وللعامل عمله.
الصورة الثالثة: أن يقدر يحتمل أن يثمر فيها ويحتمل أن لا يثمر لجهل حال بلوغ مثل هذه النخل واختلف في هذه الصورة فقبل بفساد وقيل بصحته لأن الثمر مرجو ومن بعدم صحته يقول إن العامل يستحق الأجرة وإن لم يثمر.
الركن الرابع: العمل إذ لا تتحق المساقاة بدون عمل فالعامل مكلف بأن يقوم بكل الأعمال اللازمة لإصلاح الثمر ونمائه من سقي وحفظه وتنقية حشائش ضارة وتنظيف مجاري الماء وقطع الفروع الجافة التي تضر بالشجر (تقليم العنب) وتلقيح النخل ونحو ذلك من الأعمال التي تتكرر كل سنة ولا يشترط ان تبين هذه الأعمال في صيغة العقد بل يلزم بها العامل على أي حال حتى حال لو كلن المتعارف عند بعض الناس أن لا يعمل بعضها لأن ذلك ضروري.
أما الأعمال الداخلة في معنى المساقاة من غير الأعمال فإنه يشترط بيانها تفصيلاً في صيغة العقد إلا إذا كان فيها عرف متبع بين الناس معلوم للعاقدين فإنه في هذه الحالة يصح بدون بيانها تفصيلاً ويتبع فيها عرف أهل الجهة التي فيها النخل والشجر فإذا لم يكون فيها عرف أو كان ولم يعرفه المتعاقدان فسد العقد بدون بيانها واختلف في قطع الثمر وتجفيفه فقيل على العامل وقيل على المالك والأصح أنه على العامل.
أما الأعمال الثابتة التي لاتكرر كل سنة فهي على المالك كحفر الآبار
والمساقي وبناء الأسوار ووضع السقوف ونحو ذلك فإذا اشترط على العامل شيء من ذلك فسد العقد وكذا فإذا اشترط على المالك أن يعمل شيء من ذلك فسد العقد وكذا إذا اشترط على المالك أن يعمل شيئاً من أعمال المساقاة التي يختص بها العامل فسد العقد فإذا اشترط احدهما على الاخر شيئاً لا يختص به خارج العقد كما إذا اشترط المالك على العامل أن يبني سوراً فإن العقد لا يفسد ولا يلزم بتنفيذه.
ويشترط في العمل ثلاثة شروط:
أحدهما: أن يكون مقدراً بمدة كسنة أو أقل أو أكثر اشترطا مدة غير معينة فسد العقد.
الشرط الثاني: أن يكون العامل منفرداً بوضع اليد أيضاً فإن اشترطت المشاركة فسد أيضاً لأنه لا يكون حراً في العمل.
نعم يصح أن يشترط مساعدة العامل بخادم المالك بشرط أن يكون الخادم معروفاً بالرؤية أو الوصف وأن يعمل تحت تدبير العامل.
الركن الرابع: الثمر ويشترط لها شروط.
أحدهما: أن تكون مختصة بالمالك والعامل فلو شرط دخول ثالث معهما في الثمرة فسد العقد.
ثانيهما: أن يكون نصيب كل منهما معيناً كالنصف أو الثلث أو نحو ذلك فلو قال: ساقيتك بجزء من الثمر فإنه لا يصح لأن الجزء غير معين. نعم لو قال ساقيتك على أن يكون بيننا فإنه يصح ويكون بينهما مناصفة.
ثالثهما: أن تكون الثمرة قد ظهر صلاحها فلا تصح المساقاة على الثمر الذي ظهر صلاحه.
هذا ولا يشترط أن يكون للعامل شيء من الشجر كالجريد ونحوه مما يختص به المالك.
واعلم أن عقد المساقاة لازم لا يصح لأحد الشريكين فسخه فإذا امتنع العامل عن العمل لعذر أو لغيره فللمالك أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليلزمه. وإذا كان النخل أو العنب مملوكاً لاثنين فإنه يجوز لأحدهما مساقاة الآخر عليه يشترط له جزءاً زائداً عما يستحقه بملكه، فإذا كان يملك النصف فلا تصح المساقاة إلا إذا كانت بجزء من النصف الثاني.
الحنابلة - قالوا: المساقاة يشمل أمرين:
أحدهما: أن يدفع المالك أرضاً مغروسة نخلاً أو شجر مأكول بجزء معلوم من ثمرته كنصفها أو ثلثها.
ثانيهما: أن يدفع له أرضاً وشجراً غير مغروسة ويعمل عليه بجزء معلوم منه أو من ثمره، ولكن المعنى الثاني يختص باسم المناصبة والمغارسة لأنه الشجر ليغرسه.
ومن هذا يتضح أن المساقاة أعم لأنها تشمل ما كان الشجر مغروساً لافعل أو غير نغروس أما المناصبة فهي مختصة بغير المغروس.
ويشترط لصحة عقد المساقاة شروط:
أحدهما: ان يكون الشجر له ثمر مأكول كما ذكر تصح على شجر الكافور والحور والصنوبر والصفصاف والسنط ونحو ذلك من الأشجار التي لا ثمرة لا تؤكل ومثل ذلك الورد والياسمين ونحوهما، فإنه لا يصح عقد المساقاة عليه لأنه ليس له ثمر. وبعضهم يقول إن المساقاة تصح على الورد والياسمين ونحوهما من المزروعات التي لها زرع ينتفع به بجزء معلوم من زهره.
ثانيهما: أن يكون الشجر له ساق فلا تصح عقد المساقاة عليه ولإنما يصح عليه عقد المزرارعة.
ثالثهما: أن يكون نصيب كل منهما جزء معيناً بجزء مشاع كالنصف أو الثلث أو الربع أو نحوه ذلك.
حتى لو جعل المالك للعامل جزءاً من ألف جزء جاز لأنه لا يلزم التساوي في الأنصبة أما لو بين نصيب واحد منهما بعدد معين كعشر كيلات ومثل ذلك ما إذا جعل دراهم معلومة وكذا لو جعل له جزءاً معلوماً كالخمس وضم إليه جنيهين مثلاً، فإن كل ذلك لا يصح لجواز أن لا يخرج شيء من الثمر يساوي النقد عينه.
رابعها: أن يكون الشجر معلوماً للمالك والعامل بالرؤية أو الصفة التي لا يختلف الشجر معها كالبيع فإذا ساقاه على أحد هذين البستانين ولم يعين واحداً منهما فإنه لا يصح وكذا ساقاه على بستان لم يعرفه ولم يصفه وصفاً يرفع الاشتباه.
خامسهما: أن لا يشترط للعامل ثمر مخصوص من بين الأشجار كما إذا كان في البستان شجر برتقال وتين وتفاح فاختص العامل بشجر التين مثلاً، فإنه لا يصح وكذلك إذا اشترط له ثمر سنة غير السنة التي ساقاه في سنة أربع بثمر سنة خمس مثلاً وكذلك لا تصح إذا ساقاه على بستان بثمر بستان آخر وكذلك إذا ساقاه بجزء من ثمر هذا البستان في هذا العام على أن يعمل فيه في العام الذي بعده، فإن كل ذلك يفسد العقد.
وركن المساقاة الإيجاب والقبول وتنعقد بلفظ المساقاة والمعاملة كاعمل في بستاني أو تعهده، وبالجملة فالمعول عليه في ذلك هو المعنى فمتى حصل بأي لفظ صح. وأنا القبول فإنه يصح بما يدل عليه أيضاً من قول وفعل فشروع العامل في العمل قبول.
وتصح المساقاة بلفظ الإجارة كما تصح المزارعة بذلك لما تقدم من أن الإجارة تصح بجزء مشاع معين من الخارج من الثمر.
وتصح المساقاة على الشجر الصغير الذي لم يبلغ حد الإثمار بجزء من ثمرته بشرط أن تكون مدة المساقاة يثمر فيها الشجر غالباً، وكذلك تصح المساقاة على أن يغرس العامل شجراً ابتداء ويتعهده حتى يثمر وينمو جزء منه وهي المغارسة النتقدم دكرها كما يصح بجزء من ثمره أو بجزء من الشجر وجزء من الثمر بشرط أن تكون الأصول التي يراد
غرسها من مالك الأرض كالبذر فإذا اشتراها العامل وغرسها كان المالك مخيراً بين قلعها ويدفع له قيمة ما نقص منها وبين تركها وعليه قيمتها.
وهو عقد غير لازم كالمزارعة فالكل من العاقدين فسخة في رأي وقت فإذا فسخ العامل بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه عند العقد في هذه الحالة يملك العامل نصيبه من الثمر الظاهر ويلزم بالعمل وفي إلزامه بالعمل وله أن يبيع نصيبه لمن يقوم مقامه بالعمل ويصح أن يشترط على من يبيع له أن يعمل بدله. أما إذا فسخ فإن عليه للعامل أجرة مثل عمله.
ولا يشترط توقيت المساقاة بمدة لأنها عقد غير لازم كما عرفت فلو عينت مدة للمساقاة ولكن الثمر لم يثمر فيها فلا شيء للعامل.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #165  
قديم 31-05-2021, 09:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المضاربة]
صـــــ 33 الى صــــــــ
46
الحلقة (123)


[مباحث المضاربة]
[تعريفها]
-هي في اللغة عبارة عن أن يدفع شخص مالاً لآخر ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما على ما شرطا والحسارة على صاحب المال.وهي مشتقة من الضرب بمعنى السفر لأن الاتجار يستلزم السفر غالباً.
قال تعالى:
{وإذا ضربتم في الأرض} أي سافرتم، وتسمى قراضاً ومقارضة مشتقة من القرض وهو القطع سميت بذلك لأن المالك قطع قطعة من ماله ليعمل فيه بجزء من الربح والعامل قطع لرب المال جزءاً من الربح الحاصل بسعيه؛ فالمفاعلة على بابها.
وأما عند الفقهاء: عقد بين اثنين يتضمن أن يدفع احدهما للآخر مالاً يملكه ليتجر فيه بجزء شائع معلوم من الربح كالنصف أو الثلث أو نحوهما مخصوصة.وظاهر أن هذا المعنى يطابق المعنى اللغوي إلا أنه مقيد بالشروط التيتجعل العقد صحيحاً أو فاسداً في نظر الشرع.ومناسبة المضاربة للمساقاة والمزارعة ظاهرة لأنك قد عرفت أنهما عقدان بين اثنين من جانب أحدهما الأرض أو الشجر، ومن جانب الآخر العمل، ولكل منهما نصيب في الخارج من الثمر، وكذلك المضاربة فإنها عقد يتضمن أن يكون المال منة جانب والعمل من جانب آخر ولكل من الجانبين نصيب في الربح، وتسمى المضاربة قراضاً عند الفقهاء أيضاً ويقال لرب المال مقارض - بكسر الراء - وللعامل مقارض - بفتحها - أما المضاربة فيقال للعامل فيها مضارب - بكسر الراء - وليس للمالك اسم مشتق منها.
[أركانها وشروطها وأحكامها]
-ولها أركان وشروط وأحكام مفصلة في المذاهب (1)
(1) الحنفية: قالوا: عقد المضاربة بالنظر لغرض المتعاقدين يكون شركة في الربح لأنه دفع من جانب المالك، ويذل عمل من جانب المضارب، بأن يتجر في المال ليشترك مع صاحبه في ربحه فالغرض من
ذلك العقد هو الاشتراك في الربح ومن أجل ذلك عرفوه بأنه عقد على الشركة في الربح بمال من أحد الجانبين وعمل من الآخر.
ولكن المضارب له أحوال يختلف معها حكم المضاربة، ولهذا قالوا: إن حكم المضاربة بتنويع إلى أنواع:
أحدهما: أن المضارب عند قبض المال وقبل الشروع في العمل يكون أميناً وحكم الأمين أن يكون المال أمانة في يده يجب عليه حفظه ورده عند طلب المالك وليس عليه الضمان إذا فقد منه.
ثانيهما: أنه عند الشروع في العمل يكون المضارب وكيلا وحكم الوكيل أنه يقوم مقام موكله فيما وكل فيه ويرجع على صاحب المال بما يلحقه من التعهدات المالية المتعلقة بوكالته. ومن أحكامه أنه لا يجبر الوكيل على العمل فيما وكل فيه إلا في دفع الوديعة، كأن قال رجل لآخر: وكلتتك في دفع هذا الثوب المودع عندي لفلان فإنه إذا غاب الموكل على دفع الثوب لصاحبه وعقد الوكالة ليس لازماً فإن لكل منهما أن يتجلى عنه
بدون إذن صاحبه.
ثالثهما: انه عند حصول الربح يكون حكم المضارب كالشريك في شركة تاعقود المالية، وهي أن يكون لكل من الشريكين حصة معينة من الربح الناتج الآتية لأن المفهوم الآتي مشترط فيه أن يدفع كل واحد من الشريكين رأس مال.
رابعهما: إذا فسدت المضاربة يكون حكم المضارب حكم الأجير بمعنى أن الربح جميعه يكون لرب المال والخسارة تكون عليه وللمضارب أجر مثله سواء ربح المال أو خسر خلاف، والصحيح أنه إذا عمل في المضاربة الفاسدة فلا أجر له إذا لم يربح لأنه إذا أخذ أجراً مع عدم الربح الفاسدة
تكون الفاسدة أروج من الصحيحة إذ من الصحيحة إذ ليس له شيء إذا
لم يربح في الصحيحة فكيف يستحق في الفاسدة مع عدم الربح؟
خامسهما: إذا خالف المضارب شرطاً من الشروط يكون غاضباً. وحكم الغاضب أنه يكون آثماً ويجب عليه رد المغصوب شرطاً من الشروط يكون غاصباً. وحكم الغاصب أنه يكون آثماً ويجب عليه رد المغصوب وعليه ضمانه وقد اغترض جعل الوجه الثالث والرابع من أحكام المضاربة وذلك لأن اعتبار المضارب أجيراً للشروط ومتى خالف فقد نقص العقد فكيف يصح جعل الغضب من أحكامها وقد أجيب بأنهما من أحكام الفاسدة؟ ولكن هذا الجواب لا ينفع في مسألة الغصب لأن حكم الإجارة الفاسدة وهو أن يكون للمضارب أجر مثله وليس للغاصب أجر،
على أن الكلام في أحكام المضاربة الصحيحة، فالظاهر أن ذكر هذين الأمرين من الأحكام مبنى على التسامح.
سادسهما: أنه إذا شرط أن يكون الربح كله للمضارب كان قرضاً فإذا قبض المال وعمل فيه على هذا الشرط يكون مسؤولاً عنه وحده فله ربحه وعليه خسارته وإذا فقد منه كان ضامناً له ويجب عليه رده
لصاحبه.
سابعهما: إذا شرط أن يكون الربح كله للمالك كان حكمه كحكم هقد البضاعة وهو أن يوكله في شراء بضاعة بلا أجر فكل ما يشتريه يكون له وعليه نفقات حمل وليس للمشتري أجر، فهذا هو حكم المضاربة.
واما ركنها: فهو الإيجاب والقبول وذلك يكون بألفاظ تدل على المعنى المقصود كأن يقول له: خذ هذا المال واعمل فيه مضاربة أو مقارضة أو معاملة، أو خذ هذا المال مضاربة على ما رزقنا الله من ربح فهو بيننا نصف أو ثلث، فيقول المضارب: أخذت أو رضيت أو قبلت. ولو قال: خذ هذا المال بالنصف أو على النصف ولم يرد على هذا فإن ذلك يكون مضاربة صحيحة.
وأما شروط صحتها فهي أمور:
منها: أن يكون رأس المال من النقدين الذهب والفضة المس****ن باتفاق أهل المذهب وتصح بالفلوس الرائحة على المفتى به، والمراد بالفلوس الرائحة ما يتعامل به من غير الذهب والفضة كالقروش الصاغ والتعريفة وغيرهما من النقد المتخذ من النيكل أو النحاس في جواز المضاربة بالذهب والفضة إذا لم تكن مضروبة وقد اختلف في جواز المضاربة بالتبر إذا كان رائحاً كالنقد المضروب فقيل تصح به وقيل لا وكذلك لا تصح المضاربة بعروض التجارة فإذا أعطى رجل لآخر قطنا أو ثياباً ببمائة جنيه مثلاً وقال له: بعضها مضاربة على أن يكون الربح بيننا فهي مضاربة فاسدة فإذا باعها وخسر لا يكون العامل مسؤولاً عن تلك الخسارة حتى لو اصطلح مع رب المال على أن يعطيه كل المال بدون خسارة فإن ذلك الصلح لا يعمل به. وهل للعامل أجر مثله في حال الخسارة أو لا؟ خلاف تقدم قريباً فإذا عمل المضارب في الثمن الذي باع به البضاعة عومل بالشرط الذي تعاقدا عليه لأنه في هذه الحالة يصير مضاربة فالعامل في الأول لم يضمن لأنه أمين بمقتضى الوكالة فلما عمل في الثمن صار مضارباً بعد ذلك فاستحق المشروط.
ومنها: أن يكون رأس المال معلوماً عند العقد كي يقع العاقدان في منازعة.
ومنها: أن يكون رأس المال معيناً حاضراً عند المالك فلا تصح المضاربة
بالدين الذي له عند المضارب فإذا قال له: اعمل قال له: اعمل فيما عندك من مضاربة على أن يكون لك نصف الربح فإنه لا يصح. فإذا اتجر المديون في مال الدين الذي عليه وخسر أو ربح كانت الخسارة عليه والربح له وكان الدين باقياً بحاله وقيل يبرأ المديون من الدين ويكون الربح لصاحب المال والخسارة عليه وللمضارب أجر مثله، أما إذا كان الدين عند شخص آخر غير المضارب فقال له صاحبه لي عند فلان مائة جنيه فاقبضها واعمل مضاربة ففعل فإنه يصح مع الكراهة وكذا إذا قبض بعض المائة وعمل فيه فإنه يصح كذلك أما إذا قال له اقبض ديني من فلان فاعمل مضاربة أو ثم اعمل فيه مضاربة فقبض بعضه وعمل فيه مضاربة فإنه لا يصح لأن الفاء وثم تفيد لا يعمل فيه إلا بعد قبضه جميعه.
وإذا أودع رجل عند آخر مالاً وقال له اعمل فيما عندك مضاربة فإنه يصح. وكذا إذا أعطى رجل لآخر مالاً يشتري له بضاعة ثم قال له اعمل فيه مضاربة فإنه لا يصح.
ومنها: أن يكون المال مسلماً للمضارب بحيث يتصرف فيه وحده فإذا شرط أن يعمل رب المال مع غير المضارب فإن العقد يفسد ولا فرق في ذلك بين أن يكون صاحب المال هو الذي تولى صيغة العقد أو غيره
فإذا كان صاحب المال صغيراً وتولى التعاقد وليه شرط أن يعمل الصغير مع المضارب فسدت، وإذا فسدت يكون للمضارب أجر مثله من مال القاصر. وإذا وكل شخص آخر في أن يتعاقد مع شخص في ماله مضاربة فاشترط الوكيل أن يعمل مع ذلك المضارب بجزء من الربح فسد العقد لأن الوكيل يقوم مقام موكله فيما وكل فيه. وقد عرفت أنه لا يصح أن يشترط صاحب المال العمل مع المضارب فكذلك وكيله.
ومنها: أن يكون نصيب المضارب من الربح معلوماً على وجه شائع كالنصف والثلث أو نحوهما أما إذا عين عداً مخصوصاً كأن قال له اعمل هذا المال مضاربة ولك عشرون جنيهاً من الربح فإن العقد يكون فاسداً، وكذلك إذا ضم إلى نصيبه عدداً معيناً كما قال له اعمل مضاربة ولك نصف الربح وعشرون جنيهاً فوق ذلك فإنه لا يصح، وكذا إذا شرط له نصف الربح إلا عشرين جنيهاً أو عشرة أو أقل أو أكثر فإن العقد يفسد، أما إذا شرط أن له ربح نصف المال أو ثلثه بدون تعيين نصف خاص أو ثلث خاص فإنه لا يصح.
وإذا شرط للمضارب أجرة شهرية زيادة عن نصف الربح مثلاً، فإن ذلك الشرط باطل ولكن العقد صحيح فإذا عمل على ذلك الشرط فإنه لا يستحق إلا نصيبه في الربح فقط أما إذا دفع له مالاً ليضارب فيه بشرط أن يعطيه منزله ليسكنه، أو أرضاً ليزرعها، فإن العقد يفسد بذلك.
المالكية - قالوا: المضاربة أو القرض في الشرع عقد توكل صادر من رب المال لغيره على أن يتجر بخصوص النقدين (الذهب والفضة) المضروبين يعامل به ولا بد أن يدفع رب المال للعامل القدر الذي يريد أن يتجر فيه عاجلاً.
فقولهم: توكيل يشمل كل توكيل، وقولهم: على أن يتجر بخصوص النقدين اخرج التوكيل على أن يتجر بعرض تجارة أو حبوب أو حيوان فإنه في هذه الحالة يكون قراضاً فاسداً فإذا قال له رب المال خذ هذا القطن مثلاً وثمنه مائة جنيه فبعه ولك نصف ربحه أو أقل أو أكثر ففعل ذلك فإنه لا يأخذ الجزء الذي سماه من الربه لأن المضاربة فاسدة ولكن للعامل الحق أولاً في أجر مثل بيعه إن كان له أجر وثانياً له جزء في الربح يعادل الجزء الذي يستحقه العامل الذي يضارب في مثل ذلك المال ويقال له قراض المثل سواء كان ذلك الجزء موافقاً لما سمي أو أقل أو زيد وينتظر في ذلك للعادة فإن لم يربح شيئاً فلا شيء له. وكذلك إذا قال له خذ هذا القطن فبعه واعمل بثمنه مضاربة على أن لك كذا من ربحه فإن حكمه كالأول وبعضهم يقول إن ذلك إنما يكون مضاربة فاسدة إذا كان بيعه محتاجاً لعناء وله شأن أما إذا كان بيعه هنياً فإن المضاربة تكون صحيحة ولكن المعتمد المنع مطلقاً فإذا كانت عروض التجارة تحت رجل آخر يتولى بيعها غير رب المال والعامل ثم قال رب المال للمضارب: خذ ثمن العروض التي يتولى بيعها فلان واعمل فيها مضاربة بكذا فإنه يجوز وهذا كله إذا لم تكن عادة أهل البلد الذي وقع فيه العقد أن يتعاملوا بعروض التجارة فقط أما إذا كانت عادتهم هذه وليس عندهم نقد مضروب فإنه يصح جعل العروض رأس مال المضاربة حينئذ.
وقولهم: مضروب معناه مختوم بختم الحاكم يخرج به التوكل على أن يتجر له بقطع الذهب أو الفضة غير المضروبة ويشمل ذلك صورتين: الصورة الأولى أن يكون عقد المضاربة في بلد لا تتعامل بالمضروب بغير المضروب أصلاً. الصورة الثانية أن يكون في بلد تتعامل بالمضروب وغير المضروب، وفي كلتا الحالتين ينتنع أن يجعل رأس المال من غير المضروب فإذا وقع العقد وعمل المضارب على ذلك فإنه يمضي على عمله ويكون له قراض المثل فقط إذا جعل قطع الذهب أو الفضة أثماناً. أما إذا باعها واتجر بثمنها فإن له مع قراض المثل أجر مثل بيعها إن كان له أجر في العادة. وقد عرفت أن قراض المثل هو أن يكون له جزء في الربح يساوي ما يؤخذ عادة من مثل ذلك المال الذي يعمل فيه مضاربة بقطع النظر على الجزء المسمى عند العقد فإذا لم يربح شيئاً فلا شيء له.
أما إذا كان عقد المضاربة في بلد لا تتعامل إلا بقطع الذهب والفضة ولا تعرف النقد المضروب فإن عقد المضاربة يكون صحيحاً وليس للعامل إلا
الجزء الذي سمي من الربح ومثل قطع الذهب والفضة الفلوس كالقروش المأخوذة من النحاس فإنه لا يصح جعلها رأس المال المضاربة فإن جعلت ووقع العقد عليها كانت قراضاً وعلى العامل ردها عمل فيها فحكم ذلك كالذي قبله وهو أنه إذا باعها بنقدين وضارب في ثمنها كان له أجر مثل بيعها وقراض مثلها وإذا عمل بها هي كان له قراض مثلها فقط.
وقولهم: وأن يدفع له عاجلاً القدر الذي يتجر له فيه خرج ما ليس كذلك وهو يشمل أموراً ثلاثة:
الأول: الذين وكذلك بأن يكون لرب المال ديناً على العامل فقال له: اعمل في الدين الذي عليك مضاربة بثلث ربحه أو نحو ذلك، فإن ذلك يكون مضاربة فاسدة، فإذا اتجر العمل في ذلك الدين كان له ربحه وعليه خسارته، والدين باق بحاله وعلى المدين ضمانه.
فإذا وكل رب المال العامل على أن يخلص له ديناً عند آخر ويتجر من ربحه فإن ذلك يكون مضاربة فاسدة أيضاً فإذا مضى فيها العامل فإنه يكون له أجراً مثل تخليص الدين إن كان له أجر عادة وله قراض المثل في ربحه أي يأخذ جزءاً من الربح يساوي الجزء يأخذ المضارب من مثل ذلك المال عادة سواء وافق المسمى أو لا كما تقدم فإذا أحضر المدين
اتلدين وقبضه صاحبه منه ثم عامله به مضاربة فإنه يصح. وكذلك إذا أحضره ولم يقبضه ولكن يشترط في هذه الحالة أن يشهد المدين رجلين أو رجلاَ وامرأتين على أنه قد أحضر الدين وبرأت ذمته منه، وفي هذه الحالة يصح أن يجعل رأس مال مضاربة.
الأمر الثاني: الرهن بأن يكون تحت يد العامل نقود مضروبة مرهونة عنده في نظير دين له عند رب المال فإنه لا يصح في هذه الحلة أن يقول صاحب المال المرهون للراهن: اعمل فيه مضاربة بنصف ربحه مثلاَ إلا إذا سد الدين الذي له عليه، مثال ذالك ما يفعله الملاّك في زماننا مع المستأجرين فإنهم يأخذون منهم تأميناَ نقدياَ رهناَ على دين إجارتهم فإنه لا يجوز أن يقول صاحب التأمين لمن هو عنده اعمل فيه مضاربة بنصف الربح الذي يخرج منه أما إذا كان المرهون عروض تجارة أو حيوان فأن المنع فيها ظاهر لأنه لا يصح أن تجعل رأس مال المضاربة كما علمت وكذالك إذا كان المرهون في يد أمين فإنه لا يجوز أن يقول صاحب الرهن للأمين: اعمل فيها مضاربة بجزء من الربح قبل أن يسد الدين الذي رهنت تحت يد الأمين من أجله.
الأمر الثالث: أن يكون المال وديعة عند العامل فأذا أودع شخص عند شخص آخر مالاَ فإنه لا يصح أن يقول له أتجر في ذلك المال ولك نصف ربحه أو ثلثه أو نحو ذلك.
فإذا أحضر الوديعة واستلمها صاحبها فإنه يصح أن يعطيها له ليعمل فيها مضاربة بعد ذلك وكذلك إذا احضرها ولم يستلمها صاحبها، ولا حاجة الى الإشهاد في الوديعة وكذلك إذا كانت الوديعة تحت يد شخص غير الشخص الذى أودعت عنده فإنه لاتصح المضاربة عليها فإذا أودع شخص عند أخر نقوداَ ثم خاف عليها الشخص الذى أودعت عنده فأودعها شخصاَ آخر فإنه لا يصح أن تجعل رأس مال المضاربة ابضاً فإذا اتجر فيها من اودعت عنده بإذن صاحبها كان الريح لصاحبها والخسارة عليه للعامل اجرة مثله والرهن فىذلك كالوديعة. اما إذا اتجر فيها من غير إذنه فالربح والخسارة على العامل.
ويؤخذ من بيان التعريف على هذا الوجه بعض الشروط الازمة لصحة عقد المضاربة وجميع شروطه عشرة، احدهما: دفع راس المال للعامل فوراً فإذا كان مؤجلاً فسد العقد، ثانيها: كون راس المال معلوماً وقدره وقت العقد ككونه مائة جنيه مصرية مثلاً فلا يصح ان يضاربه على مبلغ غير معين ثالثها: كون رأس المال غير مضمون فلو شرط رب المال على العامل ان يكون ضامناً لرأس المال إذا فقد منه قهراً عنه فإن المضاربة تكون فاسدة فإذا عمل العامل على هذا الشرط كان له قراض مثل هذا المال في ربحه ولا يضمنه إذا فقد بلا تفريط لأن هذا الشرط باطل فلا يعمل به أما إذا تطوع العامل بالضمان من تلقاء نفسه بدون طلب من رب المال فقيل تصح المضاربة بذلك وقيل لا تصح وإذا سلم رب المال للعامل وطلب منه ضامناً يضمنه فيما تلف من ماله يتعدى العامل فإنه يصح إذا طلب منه ضامناَ يضمنه مطلقاَ فيما تلف بتعديه وغيره فإن المضاربة تفسد ولا يلزم الشرط.
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #166  
قديم 31-05-2021, 09:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المضاربة]
صـــــ 33 الى صــــــــ
46
الحلقة (124)


رابعها: كون رأس المال عيناً يتعامل بها اهل البلد سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة.
خامسها: ان يبين الجزء الذي يختص به العامل من الربح كالنصف أو الثلث ونحوهما فإن لم يبينه أصلاً كأن قال له: اعمل فيه ولك نصيب في ربحه أو لك جزء أو نحو ذلك ثم عمل فيه على هذا الإبهام فإن للعامل قراض مثله فإن كان للناس عادة في نحو هذا فإنه يعمل بها حتى إذا كانت العادة بإن العامل يأخذ النصف كان له النصف وإن كانت تقضي بأقل أو أكثر عمل بها.
أما إذا قال هل: اعمل والربح مشترك فإن ذلك معين لإن معناه متساوي
في الربح عرفاً فللعامل في هذه الصورة نصف الربح.
سادسها: أن لا يختص أحدهما بشيء معين سوى الجزء الذي له فلا يصح أن يضاف لأحدهما عشر جنيهات أو خمس مثلاً على ثلث الربح أو
نصفه، نعم للعامل أن يأخذ ما يضطر إلى إنفاقه في سبيل التجارة وما يلزمه من مؤونة السعر ونحوها بقدر الضرورة.
سابعها: أن يكون الجزء المعين في الربح مشاعة كالنصف والثلث ونحو ذلك فلا يصح ان يكون مقدراً بعدد كأن يقول له لك عشرون جنيهاً في الربح كما لا يصح أن يكون مبنياً بحالة معروفة كأن يقول له: اعمل مضاربة ولك في الربح مثل ما أخذ فلان وهل يصح أن يشترط الربح كله للعامل أو لرب المال أو لا؟
والجواب أنه يجوز ولكن لا يكون داخلاً في تعريف المضاربة لأنك قد عرفت أنها عقد على أن يتجر العامل بمال المالك وله جزء من ربحه.
ثامنها: أن يخص العامل بالعامل فلا يصح أن يشترط مشاركة رب المال
أو غيره معه وإلا فسد العقد.
تاسعها: أن لا يحجر على العامل في عمله كأن يقول: لا تتجر إلا في الصيف فقط أو في موسم القطن او القمح او نحو ذلك مما عين فيه زمن العمل فإن العقد في هذه الحالة يقع فاسداً وللعامل أجرة مثله على رب المال الخسارة وله الربح.
عاشرها: ان لا يضرب له أجلاً فإذا ضرب له أجلاً كأن قال له: اعمل فيه سنة أو اعمل به بعد شهرين فإنه يكون مضاربة فاسدة وللعامل في هذا القراض المثل لا أجر المثل لأنه اخف مما قبله فإن الذي قبله فيه حجر شديد على العامل بخلاف ذلك فإن الأمر أمامه كما يجب في المدة التي حددها له.
أما حكمه فهو الجواز، وأما أركانه فهي رأس المال والعمل والربح والعاقدان والصيغة. وحيث أنك قد عرفت انه عقد توكل فلا بد فيه من الللفظ كأن يقول: اعمل في هذا المال ولك كذا من ربحه فيقول قبلت. وذلك لأن التوكل لا بد فيه من اللفظ فلا تكفي فيه المعاطاة كان يسلمه المال فيأخذه العامل ويعمل فيه بدون لفظ وبعضهم يقول أنه عقد إجارة للعامل وعلى هذا لا يشترط فيه اللفظ لأن الإجارة تكفي في المعاطاة كالبيع متى وجدت قرينة تدل عليه.
الحنابلة - قالوا: المضاربة عبارة عن أن يدفع صاحب المال قدراً معيناً من ماله إلى من يتجر فيه بجزء مشاع معلوم من ربحه ولا بد من ذلك المال من أن يكون نقداً مضروباً ويقوم مقام دفع المال أن يكون قد أودع عند شخص مالا ثم قال له: اعمل في هذا الماللا المودع مضاربة فتصبح المضاربة عندهم بالوديعة.
وحكم المضاربة يختلف باختلاف الأحوال فهي في أول الأمر أمانة ووكالة لأن العامل يتصرف بإن رب المال فهو وكيله في التصرف - والمال تحت يده أمانة - فإذا ربح العامل في المال كان عقد المضاربة شركة لاشتراكهما في الربح وإذا فسدت المضاربة كان إجارة لأن العامل يأخذ أجر مثله.
وإذ خالف العامل ما أمره به صاحب المال تكون غصباً فعليه أن يرد المال وربحه ولا شيء له نظير عمله لأن حكم الغاصب كذلك.
وركنها: الإيجاب والقبول بكل لفظ يؤدي معنى المضاربة أو القراض أو المعاملة أو نحو ذلك لأن المقصود المعنى وهو يحصل بكل ما يدل عليه
وتكفي فيها المعاطاة فإذا أخذ العامل المال وباشر العمل فيه من غير أن يقول: قبلت فإنه يصح فلا يشترط فيها اللفظ كما يشترط في التوكل.
ويشترط لصحة المضاربة شروط:
منها: أن يبين نصيب العامل من نصف أو ثلث أو نحوهما لأنه لا يستحقه إلا بالشروط فإذا لم يبين أصلاً بأن يقال: خذ المال مضاربة ولم يذكر نصيب العامل في الربح أو بينه على وجه العامل على هذا كان الربح لرب المال والخسارة عليه وللعامل أجرة مثله. وإذا شرط المالك أن يكون الربح كله لم تكن مضاربة وإنما تكون إضاعاً له (توكيل على عمل بدون أجر) .
فالربح كله لرب المال ولا شيء للعامل لأنه يكون في هذه الحالة وكيلاً متبرعاً، فلو شرط رب المال أن يكون ضمان ماله على العامل لا ينفذ ذلك الشرط لأن هذا العقد يقتضي كون المال أمانة غير مضمونة ما لم يتعد العامل أو يفرط فإنه يضمن حينئذ.
وإذا شرط أن يكون الربح كله للعامل كان قرضاً ليس للمالك شيء من ربحه ولا شيء عليه من خسارته وعلى العامل ضمانه حتى لة قال صاحبه: لا ضمان عليك لا ينفذ ذلك الشرط لأن عقد القرض يقتضي أن يضمنه المقترض فإذا فقد منه شيء أو فقد كله لزمه.
ومنها: أن يكون رأس المال معلوماً فلا تصح المضاربة بصرة فيها جنيهات من غير عد وبيان لما في ذلك من الغرر المفضي إلى النزاع في الربح لجهله حينئذ.
ومنها أن يكون رأس المال حاضراً فلا تصح بالمال الغائب أو المال الذي في الذمة فإذا كان لشخص مال عند آخر لم يحن موعده فإنه لا يصح أن يضاربه به عليه. نعم إذا قال له: اقبض ديني من فلان أو منك واتجر فيه مضاربة فإنه يصح، وكذا إذا قال له: اقبض وديعتي من فلان أو منك واعمل فيها مضاربة فإنه يصح، لأنه في هذه الحال يكون قد وكله في قبض الدين أو الوديعة وعلق عقد المضاربة على قبضها وتعلبق المضاربة صحيح.
ومنها: أن يكون رأس المال ذهباً أو فضة مضروبين مختومين بختم الملك فلا تصح إذا كان رأس المال قطع ذهب أو فضة لم تضرب كما لا تصح إذا كان فلوساً (عملة من غير الذهب والفضة) كالنحاس ونحوه سواء كانت رائحة يتعامل بها أو كاسدة. وكذلك لا يصح أن يكون رأس المال عرض تجارة فإذا قال شخص لآخر: خذ هذه الثياب أو هذا البر أو هذه الغم وهي بمائة جنيه مثلاً وبعها مضاربة بجزء معين من الربح فإنه لا تصح إذ ربما ارتفع سعرها فربحت قبل ان يعمل فيها المضارب عملاً فيأخذ نصيباً من ذلك الربح بدون عامل وذلك غبن لصاحب السلعة كذلك لا يصح ان يقول له بعها ولك نصف الربح ما يزيد على قيمتها لأن قيمتها قد ترتفع فتستغرق كل الربح الذي حصل عليه العامل فلا ينال شيء وكل ذلك موجب للنزاع نعم يصح أن يقول له: خذ هذا القطن وبعه
واعمل بثمنه مضاربة لأنه في هذه الحالة يكون قد وكله في بيعه وعلى المضاربة على قبضة للثمن فأشبه الوديعة وتعليق المضاربة جائز اما إذا قال له: ضاربتك على ثمن هذه السلعة قبل بيعها فإنه لا يصح لأن ثمنها معلوم قبل بيعها فلا تصح المضاربة به فعلاً.
ومنها: أن يكون نصيب كل منهما مشاعاً في كل المال بأن يقدر النصف أو الثلث أو نحو ذلك فإذا عين لواحد منهما مخصوص كعشرة جنيهات أو خمسة أو نحو ذلك فسدت. وإذا اشترط أن يكون الربح بينهما فإنه يصح ويكون لكل واحد نصفه.
وإذا فسدت بالمضاربة كان الربح كله لرب المال والخسارة عليه وللعامل أجر مثله خسر المال أو ربح.
وهناك شروط لا تفسد العقد، ولكنها هي باطلة لا يعمل بها، منها: أن يشترط عليه أن يكون نصيبه من الخسارة أكثر من نصيبه في الربح او شرط عليه ان ينتفع بالسلعة التى يشتريها العامل او ان تبقى الشركة بينهما مدة معينة اولا يشترى إلا من فلان، فهذه كلها شروط فاسدة لاتنفذ ولا يعمل بها ولكن العقد لا يفسد بها فيستمر على حاله ويصح ان تؤقت المضاربة بوقت معين كان يقول له: خذ هذه الجنيهات واتجر مضاربة مدة سنة فإذا مضت السنة فلا تيع ولا تشتري فإن ذلك يصح.
الشافعيةـ قالوا: المضاربة او القراض عقد يقتضى أن يدفع شخص لاخر مالاً ليتجر فيه على ان يكون لكل منهما نصيب فى الربح بشروط مخصوصة.
ومن هذا تعلم ان المضاربة قائمة على ستة أركان: مالك المال هو الذى يدفع والعامل الذى يتجر به، والعقد الذى هو الصيغة اعنى الأيجاب والقبول. فلا تتحقق المضاربة إلا الصيغة فإنها ذكرت ضمناً فى قوله عقد لان العقود لابد فيها من الصيغة والمراد بالركن ما يتوقف على ذكره تحقق العقد فلا يرا أن العمل فى الربح يوجدان العقد فكيف يكونان ركناً له يتوقف وجوده عليهما لان الغرض ان وجوده يتوقف على ذكرهما إذا لم يذكرا في العقد يكون فاسداً وهذا لا ينافى أن وجودهما فى الخارج يكون بعد تحقق صحة العقد وقد عرفت فى اركان البيع أن الركن منقسم إلى قسمين: اصلى وهو ماكان داخلاً فى حقيقة الشيء وذلك هو الإيجاب والقبول، وغير أصلي وهو ما يتوقف وجود الشيء
فمن نظر إلى الأول قال إن ركن المضاربة الاجاب والقبول فقط. ومن نظر إلى الثاني عد أركانها على الوجه الذي ذكره الشافعية، وذلك النظر مطرود في كل العقود منه على ذكر.
أما شروط صحة المضاربة فهي تتعلق بكل ركن من هذه الأركان، فأما العامل والمالك فتشترط فيهما معاً أن يكونا للتصرف كما هو الشأن في سائر العقود فلا يصح عقد المضاربة من أعمى، ولكن يوكل من يقبض عنه.
ويشترط في العامل وحده أن يكون مستقلاً بالعمل منفرداً فلو اشترط أن يعمل معه غيره فسد العقد، ويستثنى من ذلك اشتراط أن يعمل معه غلام المالك فإنه يجوز ولكن بشروط ثلاثة:
أحدهما: أن يكون الغلام معروفاً للعامل بالمشاهدة أو الوصف.
ثانيهما: أن لا يشترط أن يكون بعض المال تحت يد الغلام.
ثالثهما: أن لا يحجر به على العامل أن لا يتصرف العامل إلا إذا رجع رب المال أو لا يتصرف إلا تحت إشراف فلان لأن كل هذا يغل يد العمل فتقوم معذرته في الأعمال والتفريط، والمفروض أنه أمين فتقييده بعد ذلك ضار بالمال وموجب لفتح باب النزاع. وأما العمل فيشترط فيه شرط، الأول: أن يكون عملاً في تجارة من بيع وشراء فلا تصح المضاربة على عمل صناعي، كأن يضارب نساجاً على أن يشتري قطناً ثم ينسخه ويبيعه منسوجاً، او يضارب خبازاً على أن يشتري قمحاً ويطحنه ثم يخبزه ويبيعه قرضاً، وإنما لا تصح المضاربة في ذلك لأنه عمل محدود تصح إجارة العامل عليه فلا داعي حينئذ للمضاربة لأنها إنما أبيحت للضرورة حيث لا تمكن الإجارة وذلك لأن التجارة التي سيقوم بها العامل مجهولة وقد يكون رب المال عاجزاً عن القيام بها فأبيح له أن يفعل ذلك النوع من المعاملة بأن يشرك معه غيره في الربح المجهول في نظير ذلك العمل المجهول. فإذا أمكن ضبط عمل العامل فلا يصح أن يفعل ذلك بل عليه أن يستأجره بأجرة معينة بإزاء ذلك العمل المنضبط.
فإذا تعاقد معه على أن يتجر فاشترى العامل من تلقاء نفسه قمحاً وطحنه وخبزه فإن ذلك لا يفسد العقد ولكن أجرته تكون على العامل ويكون ضامناً له إذا تلف لأن وظيفة العامل في المضاربة إنما هي التجارة ولوازمها فإن كان يتجر فيما يقاس كالثياب فإن كان يتجر فيما يقاس كالثياب فإن عليه أن يقوم بنشرها وطيّها وقياسها بالذراع ونحوه كلما دعت الحاجة، وإن كان يتجر في مكيل أو موزون كالحنطة والسكر
فإن عليه أن يزن أو بكيل ونحو هذا مما تستلزمه التجارة، أما إنه يخبز أو ينسج فهذه ليست أعمالاً تجارية وإنما هي أعمال صناعية فليست من وظيفته.
الشرط الثاني من الشروط المتعلقة بالعمل: أن يكون العامل حراً في عمله فلا يصح لرب المال أن يضيق عليع والتضييق عليه يكون على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يشترط عليه شراء سلعة معينة كأن يقول له: لا تشتر إلا حللاً هندية. فإن شرط عليه ذلك فسد العقد. نعم له أن يمنعه من شراء سسلعة معينة ويعمل بذلك الشرط
الوجه الثاني: أن يشترط عليه شراء شيء ينذره وجوده كأن يقول له: اشتر فاكهة الشتاء في زمن الصيف أو لا تشتر إلا الخيل المضمرة البلق إلا إذا كان في محل يكثر وجود ذلك أو لا تبع إلا لفلان فإن ذلك يفسد العقد.
أما إذا قال له: لا تشتر من فلان ولا تبع لفلان فإن له ذلك. وإذا شرط أن يشتري من حانوت (دكان) مخصوص فإن العقد يفسد أما إذا اشترط من سوق معين فإنه يصح.
ولا يضر أن يعين المالك جنس التجارة أو نوعها كأن يقول له: اشتري قمحاً هندياً فإن ذلك يصح إذا لم يندر وجوده إذا لم يندر وجوده كما تقدم
الشرط الثالث: أن لا يكون العمل مؤقتاً بمدة معلومة فإذا قال له: قارضتك لمدة سنة فسد العقد سواء صرح بمنعه من التصرف بعد تلك المدة بأن قال: قارضتك سنة ولا تبع بعدها أو لا تشتر بعدها أو لم يصرح بشيء
بل قال له: قارضتك لمدة سنة وسكت فإن العقد فاسد على أي حال لأن التأقيت ينافي الغرض من الربح. نعم إذا قال: قارضتك ولا تشتري بعد سنة فإنه يصح لأنه لم يقيض المقارضة بالمدة ولكن منعه من الشراء فقط بعد سنة وذلك لا يضر إلا إذا لم يمنعه عن بيع ما يكون قد اشتراه ولم يفيده بمدة يحجر عليه فيها يحرمه من الربح على انه إنما يصح إذا كانت المدة واسعة كما ذكر. أما إذا كانت ضيقة لا يأتي فيها شراء شيء لغرض الربح عادة فإنه لا يصح على أي حال وأما الربح فيشترط له أمور:
الأول: أن يكون مختصاً بالعاقدين فلا يصح أن يجعل لغيرهما جزء منه إلا لعبيديهما فما شرط لأحدهما يضم ما شرط لسيده.
الثاني: أن يكون الربح مبيناً بالجزئية والتعيين كالنصف أو الثلث أو نحوهما لو قال له: قارضتك على أن يكون لك نصيب أو جزء من الربح فسد. أما إذا قال له: قارضتك والربح بيننا فإنه يصح ويكون لكل واحد منهما النصف وقيل: لا يصح ولكن المعتمد الأول ولا بد من بيان نصيب العمل فلو قال له: قارضتك ولي نصف الربح فسد على الأصح لأنه لم يبين نصيب العامل فيحتمل أن يقول أنه أراد يكون النصف له والنصف الآخر يتصرف فيه كما يحب وليس للعامل شيء.
أما إذا بين نصيب العامل بأن قال: قارضتك ولك نصف الربح فإنه يصح على المعتمد لأن النصف الباقي يكون لصاحب المال من غير شبهة وبعضهم يقول: لإنه لا بد من بيان نصيب المالك أيضاً
الثالث: أن يكون الربح مختصاً بالعاقدين فلا يصح أن يدخل معهما فيه آخر إلا إذا كان مملوكاً لأحدهما فيصح أن يبشترط له شيء من الربح مضاف من ملك سيده إذا اشترط أن يكون الربح كله للعامل فقيل: إن عقد المضاربة يفسد وقيل: لا أما إذا اشترط الربح كله للمالك فقيل: يفسد فللمالك الربح وعليه الخسارة وللعامل أجرة مثله كما هو الشأن في سائر صور المضاربة الفاسدة وقيل يكون إيضاعاً (توكيل بلا جعل) وهو الأصح رضي أن يعمل مجاناً. ولا يصح أن يشترط لأحدهما شيء معدود الربح كعشرة جنيهات والباقي بينهما لأنه قد لا يربح سواهما فيحرم الشريك الآخر من الربح. وكذلك لا يصح أن يخص أحدهما بربح نوع مخصوص.
وأما الصيغة فهي الإيجاب والقبول فإنها تحقق بقوبول المالك ضاربتك وعاملتك ونحوهما فيقول العمل قبلت أو رضيت. وإذا كان الإيجاب بلفظ الماضي كما في ضاربتك وعاملتك المذكورين فلا بد أن يكون القبول رفضاً فلا يصح أن يأخذا العمل المال ويعمل فيه دون تصريح بالقبول أما إذا كانت الصيغة بلفظ الأمر كأن يقول المالك: خذ هذا الألف مثلاً واتجر فيه على أن يكون الربح بيننا نصفين وقيل لا بد فيه من القبول لفظاَ أيضاً كغيره من سائر العقود وقيل يكفي فيه الشروع في العمل فإذا أخذ وعمل فيه بدون قول صح العقد، ومثل ذلك ما إذا قال له: خذه وبع فيه واشتر على أنا يكون الربح بيننا ويشترط لصحة الصيغة أن يذكر فيها الربح نصاً، فإن لم ينص على الربح فسد العقد كما تقدم.
وأما المال فلا يشترط له شروط. وأحدها أن يكون نقداً مضروباً (ذهباً أو فضة مختومين بختم الحاكم ليتعامل بهما) فلا تصح بالتبر (كسارة الذهب والفضة إذا أخذ من معدهما قبل تنقيتهما من ترابهما) ولا بقطع الذهب التي لم تضرب ضرباً يتعامل به كالحلي من أسورة والخلاخل ونحوهما فلو أعطت امرأة حليها لشخص على أن يتجر فيه بجزء من الربح فإنه لا يصح وكذلك لا يصح بعرض التجارة كالنحاس والقطن والقماش ونحو ذلك.
ومن عروض التجارة الفلوس (العملة المأخوذة من غير الذهب والفضة) فلا تصح المضاربة بها لأنها مأخوزة من النحاس والبرونز وهما من عروض النجارة وبعضهم يقول إن الفلوس يتعامل بها كالنقدين فهي من النقد لا من عروض التجارة فيصبح جعلها رأس مال المضارية.
ثانيها: أن تكون معلومة القدر والجنس كمائة جنيه مصري أو ألف ريال مصرية فلا تصح بالمجهول لما فيه من الغرر المفضي للتنازع.
ثالثها: أن يكون معيناً فلا يصح أن يقول له: ضاربتك على أحدى هاتين الصرتين المتساويتين فإن قال له ذلك ولم يعين إحداهما في مجلس العقد فسد، وإذا قال المالك: قارضتك على مائة جنيه في ذمتي ذم بينهما في مجلس العقد فإنه يصح لأن الواقع في مجلس العقد مثل الواقع في نفس العقد. أما إذاكان له دين في ذمة العامل أو في شخص آخر أجنبي عنهما فإنه لاتصح المضاربة عليه وكذلك لاتصح المضاربة على المنفعة كأن يقول له: خذ هذه الدار وقم على تأجيرها كلما خلت ولك نصف ما زاد على أجر مثلها.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #167  
قديم 16-06-2021, 12:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المضاربة]
صـــــ 47 الى صــــــــ
55
الحلقة (125)

[دليل المضاربة وحكمة تشريعها]
-دليل المضاربة الإجماع فقد أجمع المسلمون على جواز ذلك النوع من المعاملة ولم يخالف فيه أحد وقد كان معروفاً في الجاهلية فأقره الإسلام لما فيه من المصلحة وذلك شأنه في كل تشريعة فهو دائماً يبحث عن المصلحة ليقرها ويحث على تحصيلها ويحذر من المفسدة والدنو منها.حتى يعيش المجتمع عيشه راضية يستعين بعض أفراده فيما يعود عليهم جميعاً بالخير والسعادة.فالمضاربة عقد قد يكون فيه مصلحة ضرورية للناس وعند ذلك يكون داخلاً في القاعدة العامة وهي الحث على عمل فيه المصلحة ويكون له حكم الفائدة المترتبة عليه فكلنا عظمت فائدة المضاربة كلما كان طلبها مؤكداً في نظر الشرع ولهذا قال بعضهم انها سنة ولا حاجة إلى تأويلقوله هذا بأنها ثبت بالسنة لا أن حكمها السنية لأنها نوع من المعاملةالاختيارية فهي جائزة لأنه يمكن حمل قول هذا القائل على أنها سنة حقيقة من حيث أنها قد يترتب عليها استثمار المال ومنعه الفقير بل قد يتأكد إذا كانت الحاجة ماسة كما إذا كان فيها تقليل العاطلين وتنشيط حركة التجارة ورواحها بين الأمة فإذا كان مع شخص مال ولمنه عاجز عن تنميته واستثماره وإلى جانبيه شخص لا مال وهو قادر على استثمار المال أفلا يكون من السنة في هذه الحالة أن ينتفع المالك باستثمار ماله وينتفع الفقير العاطل بالجد والعمل وينتفع غيرهما ممن يتداول بينهما النقود وسلع التجارة من بقية أفراد الأمة؟لا شك في أن ذلك من الأمور التي تحث الشريعة الإسلامية عليها وترغب فيها ولكن بشرط أن تتأكد الأمانة وحسن التصرف والصدق والإخلاص فإن ذلك أساس اطمئنان أرباب الأموال ونجاح العمال فمن قال إنها سنة فقد فرض أن التشريع إنما هو لجماعة المسلمين والمسلم الصحيح هو الامين الذي لا يخون. الصادق الذي لا يكذب المخلص الذي لا يضمر لصاحبه سوءاً. وذلك الذي يرتاح له صاحب المال معه من حفظ ماله واستثماره. فإذا لم يوجد ذلك المعنى كان منهياً عنه فإن الإنسان لا يصح له أن يعطي ماله لخائن أو منذر أو سيئ التصرف لأن المحافظة على المال واجبة وإضاعته منهي عنها، وبالجملة فغرض الشارع الحث على المصلحة حيث كانت والتحذير من المفسدة أين وجدت ولهذا الكلام بقية في الجزء الثاني من كتاب الأخلاق.وأول قراض وقع في الإسلام هو قراض عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب رضي الله عنهم وحاصل ما ورد من ذلك أن عبد الله وأخيهخرجا في جيش العراق وكان أبو موسى الأشعري يومئذ أمير البصرة فنزلا عنده فرحب بهما فرحب وأكرمهما وقال لهما إني أحب أن أعمل لكما عملاً ينفعكما لو أقدر على ذلك ثم قال لهما إن عندي مالاً من قال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فخذاه سلفاً واشتريا به تجارة من العراق تبيعانها بالمدينة ةتدفعان رأس المال إلى أمير المؤمنين وتنتفعان بريحه فرضيا بذلك وفعلا،
باعا فربحا فلما دفعا إلى أمير المؤمنين سألهما:
هل أسلف أبو موسى كل الجيش أو اختصكما أنتما به؟ فقالا بل اختصنا، فقال إنه قد فعل معكما ذلك لأنكما ابنا أمير المؤمنين يريد أنه قد حاباهما وطلب منهما أن يدفعا رأس المال وربحه إلى بيت المال فسكت عبد الله أما عبيد الله فقال له هذا لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين لأن المال كان في ضماننا ولو هلك لألزمتنا به قرض مضمون وليس للمقرض أن يأخذ فائدة من المستقرض فلم يلتفت عمر إلى قولهوأعاد ما قاله، فطلب منهما تسليم المال وربحه فرد عليه عبيد الله ثانياً فقال رجل من الحاضرين لو جعلته قراضاً يا أمير المؤمنين، أي لبيت المال نصف الربح ولهما نصفه،
فقال:
أجعله قراضاً وفعل ذلك.
[مبحث في بيان ما يختص به كل من رب المال والعامل]
-يختص كل منهما بأمور لا يجوز له أن يتعداها وهي مفصلة في المذاهب (1)
(1) الشافعية - قالوا: يختص العامل بما يأتي:
-1 - التصرف في البيع والشراء ولكن ينبغي له أن يتصرف تصرفا حسنا فلا يصح أن يشتري سلعة بالثمن الذي يطن أنها تباع به بل لا بد من أن يترجح عنده أنه سيربح فيها، لأن ذلك هو الغرض من المضاربة. وكذلك لا يصح له أن يبيع السلع بثمن مؤجل غير مقبوض لأنه قد يضيع عند المدين وفي ذلك ضرر على رب المال فله منعه عن البيع في هذه الحالة، أما إذا منعه من البيع بثمن مقبوض فإن العقد يفسد وللعامل أن يبيع بثمن غير مقبوض بإذن المالك فإذا أذنه المالك فإنه يصح بشرط أن يشهد على البيع أو يكتب الدين فإن لم يفعل ذلك كان ضامناً لما باع به بحيث لو هلك لومه دفعه لرب المال. وله أيضاً أن يشتري سلعة مؤجلة (سلماً) بإذن رب المال كأن يشتري عشرين إردَبّاً من الحنطة ويستلمها في شهر كذا.
-2 - للعامل أن يبيع بعرض تجارة فإذا اشترى عشرين قنطاراً من القطن وأراد بيعها بثياب منسوجة فإنه يصح لأن ذلك وسيلة للربح والعامل مختص بكل ما من شأنه أن يفضي إلى الربح.
-3 - عليه أن يرد السلعة التي اشتراها إذا وجد بها عيناً وكانت المصلحة في ردها وليس للمالك أن يرضي بالعيب ويمنعه من الرد لأن له حقاً في المال بعمله إلا إذا كانت المصلحة تقتضي إمساك السلعة لأن البيع لم ينقص فائدة ربحها.
وفي هذه الحالة لا يكون للعامل الحق في ردها على المعتمد. نعم قد يقال إن العمل كالوكيل المكلف بشراء سلعة فمتى وجد بها عيباً له الحق في ردها مطلقاً فيصح أن يقال ذلك هنا ويكون ييعامل الحق في رد السلعة المعيبة سواء كان عيبها يمنع الربح أولاً، ولكن الصحيح أن هناك فرقاً بين الأمرين لن الغرض في المضاربة إنما هو الربح وحيث كان الربح غير ضار بالربح فلا يحق للعامل ردها خلاف الوكيل في شراء سلعة فإنه مكلف بشراءها خالية من العيوب فله الرد مطلقة.
ومن هذا يتضح لك أن المداتر على المصلحة فإذا كانت الصلحة تقتضي الرد وأراد العامل إمساكها وأراد رب المال ردها نفذت إرادت رد المال فإذا لم تعرف المصلحة بأن كانت الحالة مستوية الرد والإمساك فإن القول للعامل حينئذ لأنه مباشر للعمل.
وليس له أن يعامل رب المال بأن يبيعه شيئاً من تجارة القراض، وليس له ان يشتري بأكثر من رأس المال إلا بإذن صاحب المال فإن زاد بدون إذن كان ذلك على حسابه فلا يحسب من مال القراض وليس للعامل أن يسافر بالنال بدون إذن المالك فإن فعل كان عليه ضمانه وإن إذن له بالسفر فلا يصح له أن يسافر في البحر الملح إلا بنص عليه اتقاء للخطر وليس له الحق في أن ينفق على سفره من رأس المال على الأصح وقيل يصح الإنفاق بقدر ما يزيد على نفقاته كالكراء والباس اللازم للسفر ونحو ذلك مما يقتضيه السفر في العرف ويحسب من الربح فإن لم يحصل الربح فيعتبر خسارة. وهذا القول وإن كان ضعيفاً فإنه أقرب إلى عرف التجار وأسهل في عمل التجارة، فلو شرطت نفقات السفر في العقد وعلى العامل فعل ما يعتاد كطي الثوب ونشره ووزن الأشياء الخفيفة كالمسك والذهب أما الأشياء الثقيلة كالقطن والحبوب ونحوهما فليس عليه وزنها وإنما يستأجر على ذلك بحسب العرف ويدفع الأجرة من مال المضاربة.
أما الذي يفعله بنفسه فإنه لا أجر له عليه وإن استأجر عليه لزمته. أما المالك فقد عرفت ما يختص به مما تقدم ومنه:
-1 - أن له منع العامل من شراء متاع فإذا أراد أن يشتري بالمال قطناً مثلاً فللمالك منعه ولكن الذي يمنع منه المالك إنما هو أن يشترط على العامل شراء سلعة نعينة كما مرّ.
-2 - للمالك منعه من السفر.
-3 - للمالك منعه من البيع بثمن غير مقبوض.
-4 - للمالك منعه من معاملة شخص معين وليس له أن يشترط عليه معاملة شخص معين.
وإذا فسدت المضاربة فلا تخلو إما أن يكون الفساد بسبب عدم أهلية المالك وفي هذه الحالة لا ينفذ شيء من تصرفات العامل أصلاً. وإما أن يكون الفساد بسبب فوات شرط من الشروط التي تقدمت وفي هذه الحالة ينفذ تصرف العامل لأن المالك قد أذنه بالتصرف ويكون الربح جميعه للمالك وعليه للعامل أجرة المثل وإذا اشترط المالك أن يكون الربح جميعه له وقبل العامل ذلك الشرط فإنه لا يكون له أجرة في هذه الحالة.
وإذا اشترى العمل بغير مال القراض كأن أخذ سلعاً بثمن مؤجل في ذمته بذلك أن يشتري لنفسه كان الربح له للمالك منه ولا أجر عليه.
الحنفية - قالوا: يختص المالك بأمور:
أولاً: له أن يقيد المضاربة بالومان فيصح له أن يشترط أن لا يعمل المضارب إلا في موسم البصل أو القطن أو لا يعمل إلا في الشتاء أو الصيف أو لا يعمل إلا مدة سنة أو نحو ذلك.
ثانياً له أن يقيدها بالمكان فيصح له أن يشترط أن لا يعمل إلا في مصر أو اسكندرية أو نحوهما من البلدان.
ثالثاً: له أن يقيدها بالنوع فيصح له أن يشترط على المضارب أن لا يتجر إلا في نوع القطن أو الحبوب أو الغنم أو نحو ذلك.
رابعاً: له أن يقيدها بالشيء فيصح له أن يشترط على المضارب ألا يعامل إلا شخصاً معيناً فلا يبيع إلا لفلان ولا يشتري إلا من فلان.
وفي هذه الأحوال لا يصح للمضارب أن يخالف مما تقدم قيد به المالك فإن خالف يعتبر غاصباً فإذا اشترى شيئاً بمال المضاربة يكون على حسابه ولا شك لرب المال وعليه ضمان المال ولا أجرة له وإذا خالف شرطاً يمكن فيه الرجوع فيه على المخالفة ثم رجع عادت المضاربة كما كانت. وذلك كما إذا اشترى من بلد غير البلد الذي اشترطه رب المال فإنه إذا عاد واشترى من البلد المشروط عادت المضاربة صحيحة.
وليس للمالك أن يشترط غير مفيد كما إذا نهاه عن البيع بثمن مقبوض فإن ذلك الشرط لا يعمل به لأن فيه إضراراً بالربح والعامل شريك فيه نعم إذا كان بيعه مؤجل مضموناً وفيه زيادة عن الثمن المقبوض فإن للمالك الحق في نهيه عن البيع بالثمن المقبوض الناقص فإن فيه فائدة حينئذ. وإذا اشترط عليه شرطاً فائدته يسيره كما إذا شرط عليه أن يعمل في سوق من أسواق مصر كأن قال له: اعمل في سوق روض الفرج مثلاً أو سوق مصر القديمة فإن هذا القيد لا يعمل به إلا إذا نهاه عن العمل في غيره كأن قال له: لا تعمل في سوق كذا لأن المالك له الولاية على ماله فإذا نهى العامل عن شيء لزمه تنفيذ نهيه.
فإذا لم يقيد المالك المضاربة بالزمان والمكان أو غيرهما مما ذكر - وتسمى هذه بالمضاربة المطلقة - فإن تصرفات العامل تنقسم فيها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن له الحق في عمل أشياء في مال المضاربة بجرد العقد من غير توقف على تفويض المالك بأن يقول: اعمل برأيك ولا على إذن
صريح وهي أمور منها:
حق البيع والشراء لكل احد حتى ولو كان مما لا تقبل شهادته بالنسبة له بسبب القرابة أو الزوجية والملك فيجوز أن يبيع لولده وزوجه ووالديه إلا أنه لا يصح أن يبيع بغبن كبير لا لقريب ولا أجنبي فإن فعل ذلك كان مخالفاً حتى لو قال له المالك: اعمل برأيك. وقد عرفت حكم من خالف شرطاً فإنه يعامل معاملة المغصوب أما البيع والشراء بالغبن اليسير الذي يقع عادة منم الناس ولا يمكن الاحتراز عنه وقيل يصح وقيل يمنع أيضاً.
ومنه أن يبيع ما اشتراه من عروض التجارة لرب المال ولكن رب المال في هذه الحالة يكون مخير بين أن يدفع الثمن وتستمر المضاربة وبين أن لا يدفعه ويحسبه من رأس ماله وتنقطع المضاربة أما إذا اشتر عرض تجارة من رب المال بمال المضاربة فإنها تفسد.
ومنها أن يبيع بثمن حال ومؤجل إلى أجل متعارف بين الناس وفي مثل ذلك فإذا باع بأجل طويل فقيل يصح وقيل لا.
ومنها: إذا باع لأحد سلعة فظهر للمشتري أن بها عيباً فإن للمضارب أن يحط عنه من ثمنها ما يقابل مثل ذلك العيب عادة فإذا انقص له من ثمنها نقصاً كثيرة لا يتناسب مع ذلك العيب كان على حساب المضارب نفسه ولا تفسد به المضاربة.
ومنها: له أن يشتري عن مال المضاربة دابة لاستعمالها في شؤون التجارة ةليس له أن يشتري سفينة مثلاً بالإذن.
ومنها أن يستأجر أرضاً ويشتري بذر من مال المضاربة كي يزرعها أو يغرس فيها نخلاً فإذا فعل ذلك فإنه يصح والربح بينهما على حسب الشرط أما إذا اخذ شجراً أو نخلاً لسعمل فيه مساقاتة من مال المضاربة فإنه لا يصح ويضمن المضارب المال الذي أنفقه على ذلك حتى ولو تعرض له المالك.
ومنها أن له أن يسافر من مال المضاربة براً وبحراً وليس له أن يسافر سفراً مخوفا يتحاما الناس عنه على المعتمد.
ومنها أن المضارب أن يوكل عنه غيره في البيع والشراء. ومنها أن له أن يدفع مال المضارب بضاعة بأن يعطيه لمن يشتري بع عروض التجارة متبرعاً. وإذا أعطى المال لصاحبه بضاعة وعمل فيه بالبيع والشراء فإنه يصح ويعتبر معيناً للمضارب والشرط على حاله لا فرق
في ذلك بين أن يكون المال نقداً أو عروض تجارة، وإذا أخذ رب المال من منزل المضارب بدون إذنه فإن كان نقداً فإن المضاربة تبطل. وإن كان عروض تجارة المضاربة لا تبطل ولكن رأس المال ألفاً وباع رب المال عروض التجارة بالغبن ثم اشترى (رب المال) بالألفين عرضاً يساوي أربعة آلاف فإنه يكون له وعليه للعامل خمسمائة وهي نصف الربح الذي ربحه في بيع العرض الأول. وإذا دفع المضارب المال لمالكه
مضاربة فإن المضاربة الثانية تفسد والمضاربة الأولى باقية على حالها فالربح بينهما على ما شرطاً في المضاربة الأولى.
ومنها أن يدفع أن يودع مال المضارب عند من يجب. ومنها أن له أن يرهن مال المضاربة ويرتهن به.
ومنها أن له قبول الحوالة بالثمن على المعسر لأن كل ذلك من لوازم التجارة وصنيع التجارة.
القسم الثاني: أن له الحق في عمل أشياء بتفويض المالك بأن يقول له:
اعمل برأيك وهي أمور:
منها أن يتعاقد مع غيره مضاربة. ومنها أن يشترك مع شخص آخر.
ومنها أن يخلط مال المضاربة بمال نفسه أو بمال غيره إلا إذا كانت العدة في تلك البلاد أن يخلط المضاربون أموالهم بأموال المضاربة وأرباب الأموال يرضون بذلك فإنه يصح الخلط في الخلط في هذه ولو لم يقل له المالك: اعمل برأيك أما إذا قال ذلك فإنه يصح له أن يعمل كل هذه الأمور.
القسم الثالث: أن له الحق في عمل أمور بإذن المالك الصريح بها. منها أن المضارب ربما يملك أمرين بالإذن الصريح والاستدانة فلا يملكها بمجرد المضاربة كله ثم يشتري غيرها ديناً وليس عنده من مال المضاربة شيء من جنس الثمن الذي به ومثل ذلك ما اشترى تجارة بجميع المال ثم استدان لإصلاحها فإذا اشترى ثياباً بمال المضاربة ثم استدان نصفها أو قتلها أو حملها كان متطوعاً إذا أذنه المالك بذلك.
ومنها الإقراض فلا يصح له أن يقرض مال المضاربة إلا بإذن صريح من المالك.
المالكية - قالوا: الأعمال والشروط التي تصدر من المالك والعامل إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما يفسد العقد وللعامل فيه قراض المثل في الربح إن وجد ربح فإن لم يوجد ربح فلا شيء له. الثاني ما يفسد العقد وللعامل فيه قراض المثل المدكور مضافاً إليه أجر المثل إن كان قد عمل عملاً زائداً على التجارة ولمثل ذلك العمل أجر الثالث: ما يفسد العقد وللعامل أجر المثل
سواء خسر المال أو ربح.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن لكل من المالك والعمل حدوداً لا يصح له أن يتعداها فإذا خالفها وكانت من القسم الأول أو الثاني فإن المخالفة إذا عرفت أثناء العمل لا يفسخ العقد ولا يوقف العمل بل يستمر العامل في عمله وله قراض مثله مع أجرة عمله في غير التجارة إن كان قد عمل على الوجه المتقدم اما إذا كانت المخالفة من القسم الثالث ثم عرفت أثناء العمل فإن العقد يفسخ ويوقف العقد ويأخذ العامل أجر مثله فيما عمله سواء ربح أو خسر.
فاختصاص العامل الذي ليس للمالك أن ينقصه هو أمور:
منها أن له الحق في الاتجار بدون توقيت العمل بمدة كأن يقول امالك اعمل به سنة أو اعمل به تبتدئ من الآن ولكن لا تعمل إلا بعد شهر فإن
شرط عليه ذلك وعمل فله قراض المثل بخلاف ما إذا حدد له وقت العمل كأن قال: لا تشتر إلا في الصيف أو لا تبع إلا في الشتاء فإن ذلك يفسد والعقد وللعامل أجر مثله وسيأتي.
ومنها أن له الحق في شراء النوع الذي يستمر وجوده في الأسواق فبيس للمالك أن يشترط عليه شراء شيء يوجد تارة ويعدم تارة أخرى فإذا فعل ذلك وعمل المضارب في التجارة فإن العقد يفسد وللعامل قراض المثل في الربح سواء اشتر ما طلبه أو اشترى غيره على المعتمد،
وبعضهم يقول: إذا اشتر ما اشترطه عليه فلا يفسد العقد أما إذا اشترط عليه شراء شيء يقل وجوده ولكنه موجود دائماً فإنه يصح.
ومنها أن للعامل الحق في أن يشتري السلعة التي يتجر فيها من مال القرض بالنقد كما أن له الحق في بيعها كذلك بالنقد فليس لرب المال أن يشترط عليه شراءها أو بيعها بالدين فإذا اشترط عليه ذلك فسد العقد وللعامل قراض المثل في الربح أما الخسارة فإنها على العامل في هذه الحالة فإذا خسر المال أيضاً وليس للعامل أن يبيع السلعة بالدين من غير إذن كما سيأتي من اختصاص رب المال.
ومنها أن للعامل الحق في القيام على بيع السلع التي يشتريها بمال القراضفإذا باع رب المال سلعة منها بدون إذن العامل لا ينفذ بيعها وللعامل رده لأنه هو المباشر لحركة التجارة وهو الذي يقدر الظروف التي يربح فيها منة بيع السلعة ومنها أن للعامل الحق في أخذ اللمال بدون ضامن فإذا شرط المالك ضامناً يضمنه إذا هلك المال بلا تفريط فإن العقد يفسد وللعامل قراض المثل في الربح.
أما إذا طلب ضامناً يضمنه فقد المال بسبب إهماله أو بتعديه فإنه لا يضر كما تقدم.
وإذا تطوع العمل بالضامن فقيل يصح وقيل لا. فهذه الحقوق التي للعامل إذا خولفت يفسد العقد وللعامل قراض المثل فقط. ويزاد عليها ما إذا اختلف العاقدان (المالك والمضارب) في الربح بعد العمل وكانت مسافة الخلف بينهما واسعة كأن قال أحدهما لي الثلثان فقال الآخر بل لك الثمن فإن في هذه الحالة يكون للعامل قراض المثل دفعاً للنزاع وإن كان العقد صحيحاً على حاله. أما إذا كانت مسافة يبنهما ضيقة بأن ادعى كل واحد منهما زيادة محتملة فإنه يعمل بقول المضارب وإذا ادعى المالك فقط زيادة يعمل بقوله. كما إذا ادعى العامل فقط. أما إذا كان الاختلاف قبل العمل فالقول للمالك على أي حال لأن العامل لم يشرع في العمل بعد والعقد غير لازم فللمالك الحق في تعيين النصيب كما يحب.
أما المسائل التي فيها المثل مع أجر المثل فهي متعلقة برأس المال وقد تقدمت موضحة في مجترزات التعريف قريباً فارجع إليها إن شئت.
وأما الحقوق التي للعامل ويترتب على مخالفتها فساد العقد وفسخه بمعرفتها أثناء العمل ويكون للعامل في هذه الحالة أجر المثل سواء ربح المال أو خسر، فهي أمور:
منها أن يكون العامل منفرداً بالعمل فلا يصح للمالك أن يشترط وضع يده على العامل فإذا اشترط ذلك وعمل العامل كان له أجر المثل وفسخ العقد أثناء العمل، ومثل ذلك ما إذا اشترط العامل على رب المال أن يعمل معه.
ويستثنى من ذلك أن يشترط رب المال أن يعمل مع العامل خادم بنصيب من الربح من غير أن يكون رقيباً على العامل بشرط أن يكون النصيب للخادم لا لسيده وإلا فسد العقد.
ومنها أن يكون له الحق في أن لا يعمل شيئاً لم تجر به العادة كخياطة ثياب التجارة وخرز الجلود المشتراة له ونحو ذلك فإذا وقع ذلك الشرط فسد العقد وللعامل أجر المثل ومثل ذلك ما إذا اشترط عليه أن يزرع بمال القراض لأن الزرع غير التجارة بخلاف ما إذا كلفه أن ينفق المال على الزرع فإنه يصح أما الذي علىى العامل من ذلك فإنه هو ما جرت به العادة من الأشياء الخفيفة التي لا تستلزم عناء كنشر الثياب للمشتري
وطيها، فإذا استأجر العامل على ذلك كانت الأجرة في ماله.
ومنها أن من حق العامل أن لا يشارك معه غيره في مال المضاربة فإذا اشترط عليه المالك مشاركة الغير فسد العقد وللعامل أجر المثل.
ومنها أن من حق العامل أن لا يخلط مال المضاربة بماله فإذا اشترط عليه المالك ذلك فسد العقد وله أجر مثله، أما إذا خلطه العامل بدون شرط فإنه يجوز بشروط: أحدهما أن يكون المال مثلياً لا قيماً وقد يقدم بيانها في مباحث البيع وأن يكون في الخلط مصلحة غير متيقنة وأن يكون الخلط قبل أن يشتغل بأحدهما.
ومنها أن له الحق في الشراء والبيع في مكان أراد فإذا اشترط عليه المالك أن لا يشتري إلا إذا وصل إلى بلد كذا وبعد بلوغه، يكون له التصرف في أي محل، فسد العقد وللعامل أجر مثله.
ومنها أن له الحق في التصرف بدون مشاورة المالك فإذا اشترط عليه ذلك فسد وله أجر المثل.
ومنها أن له الحق في الشراء من أي شخص فإذا اشترط المالك عليه أن يشتري من شخص معين كأن قال له: لا تشتر إلا من فلان أولا تبع بفلان فسد العقد وللعامل أجر المثل.
ومنها أن له الحق في بيع ويشتري في أي زمان فإن اشترط على العامل أن لا يسافر بالبحر وأن لا ينزل منخفضاً كترعة وأن لا يسافر ليلاً. فإذا خالف العامل واحداً من هذه الأمور الثلاثة فإن عليه ضمان المال بشروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن يكون قادراً على التنفيذ فإذا كان في جهة وتعين عليه النزول إلى المنخفض أو للسفر في البحر أو ليلاً مع الركب فإنه لاضمان في هذه الحالة.
الشرط الثاني: أنه يضمن إذا تلف المال بسبب غير النهب والغرق فإذا نهب أو غرق في البحر لا يضمن وكذلك إذا اجتاحته جائحة سماوية. أما إذا تلف بغير ذلك كأن أصابه البلل من البحر فأفسده أو سقط عليه منه نازل من المنخفض فتلف، أو اصطدم بشجرة لم يرها ليلاً فكسر فإن عليه ضمانه في هذه الحالة.
الشرط الثالث: أن يقع ذلك التلف وقت المخالفة فإذا تلف نعد الخروج من البحر أو بعد الصعود من المنخفض أو بعدها انقضاء الليل الذي منع من السفر فإنه لا يضمن وإذا تنازع العامل ورب المال في أن التلف وقع زمن المخالفة أو بعدها فإن القول يكون للعامل فيصدق في ذلك.
ثانياً: له أن يشترط على العامل أن لا يشتري سلعة بعينها لقلة ربحها أو لأنها تخسر وفي هذه الحالة يجب على العامل التنفيذ فإذا خالف كان عليه ضمان المال مطلقاً حتى ولو نهب منه أو غرق في البحر أو اجتاحه جائحة سماوية.
ومنها أن للمالك منعه من السفر بماله قبل أن يشغل فيه فإذا منعه قبل ذلك وسافر عليه ضممان المال.
ومنها أن له الحق في أن يشتري من العامل شيئاً من مال القراض بشرط أن يشتري منه كما يشتري من الربح للمالك حقاً فيه.
ومنها أن الحق في منع العامل عن أن يشارك غيره بمال المضاربة فإذا شارك العامل شخصاً آخر إذن المالك فسد العقد وعلى العامل ضمان المال إذا تلف.
ومنها أن له الحق أن يمنعه عن أن يبيع السلعة بثمن مؤجل فإذا فعل العامل ذلك بدون إذن فسد العقد وعلى العامل ضمان المال وكذلك للمالك الحق في منع العامل من أن يتعاقد مع غيره مضاربة في رأس مال المضاربة فإن فعل ذلك بدون إذن رب المال فسد العقد وله أجر المثل.
ومنها أن للمالك الحق في منع العامل من أن يستعمل مال المضاربة في الإنفاق على زرع بمكان ليست له فيه حرمة ولا جاه أو في الإنفاق على
مساقاة نخل بمكان ليست له فيه حرمة ولا جاه فإذا خالف العامل ذلك بأن اشترى بذراً وآلة حرث وايتأجر أرضاً من مال اللمضاربة وزرعها فسد العقد وإذا فسد العقد وإذا نهب الزرع أو سرق كان على العامل ضمانه.
أما إذا زرع في مكان له فيه جاه فإنه لاضمان عليه إذا سرق الزرع أو نهب ومنها أن للمالك الحق في منع العامل من أخذ مال آخر من غيره مضاربة إن كان يشغله عن العمل في مال له.
هذا ولا يجوز للعامل أن يشتري سلعاً للقراض بثمن مؤجل حتى ولو أذنه رب المال فإن فعل كان ضامناً للمال الذي اشترى به وله ربحه وعليه خسارته ويكره أن يشتري العامل من رب المال عروض تجارة حتى لا يكون ذلك احتيالاً على جعل رأس المال عروض تجارة.
الحنابلة - قالوا: للمضارب الحق في أن يبيع ويشتري بجميع أنواع البيع المتقدمة فيصح له أن يبيع مرابحه ومساومة ونحوهما وله الحق في المطالبة بالدين واقتضاءه بالمخاصمة فيه وأن يحيل من له عليه دين على آخر عنده من المضاربة وأن يقبل إحالة الغير عليه وأن يستأجر عيناً يستغلها من ذلك المال. وله أن يرد السلعة التي اشتراها إذا وجد فيها عيباً وله الإيداع والرهن والارتهان، وله حق السفر مع أمن البلد والطريق فإذا سافر إلى جهة يغلب فيها السلامة ضمن المال إذا كان يعلم بذلك، أما إذا لم يكن لديه علم فإنه لا يضمن. وله أن يقر بالثمن أو ببعضه وبالنفقات اللازمة للتجارة كأجرة الحمالين. وله أن يبيع بثمن مؤجل وإذا ضاع لا ضمان عليه إلا إذا باع لشخص غير موثوق به أو إلى شخص لا يعرفه فإنه في هذه الحالة يكون مفرطاً فعليه ضمان ما ضاع.
وليس له أن يضارب برأس مال المضاربة ولا أن يشارك فيه أحداً وليس كذلك أن يخلط مال المضاربة أو بمال غيره وكذلك ليس له أن يبضع (والإبضاع هو أن يدفع من مال المضاربة جزء إلى شخص يتجر فيه متبرعاً على أن لا يكون لذلك الشخص شيء من الربح بل الربح للمضارب ورب المال) وليس له أن يقرض مال المضاربة ويجب على المضارب أن يفعل ما جرت العادة به كنشر الثياب وطيها وختم النقود ونحو ذلك.
وليس للمضارب أن يأخذ شيئاً من الربح إلا إذا سلم رأس المال لصاحبه، فإذا اشترى سلعتين ربح في إحداهما وخسر في الأخرى ضم الربح إلى الخسارة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #168  
قديم 16-06-2021, 12:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث المضاربة]
صـــــ 56 الى صــــــــ
59
الحلقة (126)

[مبحث إذا ضارب المضارب غيره]

-إذا أعطى محمد مالاً لخالد ليتجر فيه مضاربة فأعطاه خالد
لشخص ليتجر فيه مضاربة بجزء من الربح فإن في ذلك تفصيلاً في المذاهب (1)
[مبحث قسمة الربح في المضاربة]
-إذا ربح العامل في مال المضاربة شيئاً فإن قسمته بينه وبين رب المال تفصيلاً في المذاهب (2) .


(1) (الحنفية - قالوا: إذا ضارب العامل شخصاً فلا يخلو إما أن يكون ذلك بإذن رب المال أو لا فإذا لم يكن بإذنه فسد العقد ولكن لا يضمن العامل إلا إذا عمل فيه المضارب الثاني ففي المثال المذكور إذا أعطى خالد المال لشخص ليعمل فيه المضاربة فهلك المال في يد ذلك الشخص قبل أن يعمل فيه فإن خالداً لا يضمنه لأن دفع المال إيداع والمضارب يملك إيداع المال فإذا عمل ذلك الشخص بالفعل تأكد كونه مضاربة وليس للعامل أن يضارب غيره بدون المالك.
أما إذا عقد خالد مع غيره مضاربة فإنه لا ضمان عليه إذا هلك المال في يد الشخص الثاني الذي تعاقد نعه وذلك لأن فساد العقد يجعل العامل أجيراً والمضارب يملك من يعمل له في التجارة ويكون لذلك الشخص الثاني على خالد أجرا مثله ولخالد نصيبه المشروط في الربح مع المالك ولو غصب المال من المضارب الثاني كان الضمان على الغاصب وإذا استهلكه الثاني أو وهبه كان الضمان عليه فقط.
أما إذا ضارب بإذن المالك بأن استأذن خالد محمداً في أن يعطي رأس مال المضاربة أو بعضه لشخص على أن يتجر فيه بجزء من الربح فأذن له فإنه يصح ثم إن كان محمد ضارب خالداً بقوله: ان ما رزقنا الله من الربح يكون بيننا بالنصف وضارب خالد الشخص الآخر بالثلث كان لرب المال الذي شرطه وللشخص الثاني الثلث الذي شرطه له خالد ولخالد السدس فقط أما إذا قال له ما رزقك الله بكاف الخطاب فإنه يكون للشخص الثاني الذي تعاقد معه خالد الثلث الذي شرطه والباقي يقسم بين خالد وبين محمد نصفين وبين فيكون لكل منهما الثلث ومثل ذلك ما إذا ما قال له ما ربحت من شيء فهو بيننا أو ما كان لك فيه من ربح فأعطاه لغيره مضاربة فإن المضارب الثاني بأخذ الثلث المشروط وما بقي يقسم بين المضارب الأول وهو خالد ورب المال نصفين فيكون لكل واحد من الثلاثة الثلث وإذا قال يقسم لخالد: ما رزقنا الله من الربح يكون بيننا نصفين فأعطى خالد رأس المال لغيره مضاربة بنصف الربح أخذ المالك النصف والمضارب الثاني النصف ولا شيء لخالد مطلقاً.
الشافعية - قالوا: أعطى العامل رأس مال المضاربة لشخص آخر ليتجر فيه مضاربة فلا يخلو إما أن يكون ذلك بدون المالك أو يكون بإذنه فإن كان بإذن المالك فهو على وجهين أحدهما: أن يكون المضارب الأول قد تعاقد مع الثاني على أن يكون شريكه في العمل والربح وفي ذلك قولان قول بالفساد وهو الأول من الربح بل يأخذه المالك وعليه أجر المثل للعامل الثاني للعامل الثاني لأنه عمل بإذنه أما إذا عملا معاً فللأول من الربح بنسبة ما عمل والباقي للمالك وعلى الأول للثاني أجر المثل فإذا
قصد الثاني إعانة الأول فلا شيء.
ثانيهما أن يكون المضارب الأول تعاقد مع الثاني على أن يعمل الثاني وحده وفي هذه الحالة يكون العقد صحيحاً وينعزل المضارب الأول ولكن يشترط لصحة العقد حينئذ أن يكون رأس المال مستوفياً للشروط التي تصح بها المضاربة كأن يقول: نقداً لا عروض تجارة إلى آخر ما تقدم. أما إذا تعاقد العامل مع شخص آخر مضاربة بدون إذن المالك فإن العقد الثاني يكون فاسداً.
فإذا اشترى الثاني شيئاً بمال المضارية أو باع أو نحو ذلك من العقود التي يتولاها تقع باطلة لأنه فضولي لا لأن ثلثها على المال ويضمن ما تصرف فيه لأنه كالغاصب وللعامل الأول نزع المال الذي أعطاه للثاني والعمل فيه بالعقد الأول بينه وبين المالك صحيح.
أما إذا اشترى شيئاً ولم يدفع ثمنه من مال بل بثمن مؤجل في ذمته وكان ذلك الشرط للعامل الأول فإن يكون للعامل الثاني أجر المثل على العامل الأول أما إذا اشترى لنفسه فإن له الربح فإن الربح ولا شيء له على
العامل الأول.
المالكية - قالوا: إذا تعاقد مع شخص آخر مضاربة فإن كان ذلك بإذن رب المال فهو صحيح وإن لم يكن بإذنه فهو فاسد فإذا أعطى محمد لخالد مالاً ليتجر فيه بجزء من ربحه فأعطاه خالد لشخص آخر ليعمل فيه مضاربة بدون إذن محمد كان ضامن المال على خالد فإذا هلك المال أو خسر كان عليه أن يرده لصاحبه أما إذا ربح المال فإنه لا شيء لخالد أيضاً وإنما الربح يكون بين العامل الثاني وبين رب المال وإذا تعاقد خالد مع محمد على أن يكون له النصف في الربح ثم تعاقد مع شخص آخر بدون إذن محمد على أن يكون له الثلثان فإن الربح يكون العامل الثاني وبين رب المال مناصفة ويضمن خالد للعامل الثاني ما بقي من الربح الذي اشترطه فعليه أن يكمل له النصف إلا الثلثين حسب الشرط. وإذا تعاقد الشخص مع ذلك الشخص بأقل مما له كأن جعل له الثلث مع أن له النصف لا يستحق خالد شيئاً بل يكون الربح للعامل ورب المال فيأخذ العامل الثاني الذي شرطه له والثلثان يأخذهما رب المال ولا شيء الأول وهو خالد.
فإذا لم يربح المال فلا شيء للعامل الثاني مطلقاً لأن القاعدة أن العامل لا يستحق إلا في الربح فإذا انعدم الربح فلا شيء له.
الحنابلة - قالوا للعامل أن يضارب في المال إذن رب المال فإذا فعل فسد العقد أما أذنه يجوز له أن يضارب به ويقع تصرفه المضارب الثاني صحيحاً) .
(2) (الحنفية - قالوا: لاتصح قسمة الربح قبل أن يقبض صاحب المال رأس ماله فإذا قسم الربح قبل ذلك وقعت القسمة موقوفة فإن قبض المالك رأس المال صحت وإلا بطلت القسمة، فإذا عمل المضارب في رأس المال فربح مائة فأعطى لرب المال خمسين وهو قد أخذ خمسين كانت القسمة موقوفة فإذا قبض رب المال من رأس ماله صحت وإلا كانت القسمة باطلة ويحسب مبلغ الخمسين الذي أخذه رب المال من رأس ماله ويلزم العامل أن يدفع له الخمسين التي أخذ على أنها من رأس المال فإن تصرف فيها وأضاعها فعليه أن يرد مثلها حتى يتم لرب المال رأس ماله والمال الذي يبقى في يد المضارب وهو الربح فيقتسمانه وإذا هلك في يد أو نقص المضارب لا يضمن لأنه أمين على الاثنين كما تقدم.
وإذا قسم الربح وبقي رأس المال في يد المضارب ففسخ عقد المضاربة ثم جدد عقد مضاربته آخر فإن الربح الذي قسم تنفذ قسمته ولا يرد بعد ذلك.
وإذا أنكر المضارب رأس المال ثم أقر بعد ذلك بمائة كان عليه ضمان المال وإذا اشترى بعد الإقرار فاقياس أن يكون مشترياً لنفسه والاستحسان أن تكون المضاربة باقية ولا ضمان على العامل.
الشافعية - قالوا: يصح قسمة الربح قبل أن يقبض رأس المال إلا أن الربح إذا قسم قبل بيع جميع السلع وقبل أن يصبح رأس المال (ناضاً) أي يتحول عن عروض تجارة إلى نقد ملك الربح لا يستقر فلو حصل بعد القسمة خسارة في رأس المال جبرت بالربح فيرد الجزء الذي أخذه العامل منه وبحسب الجزء الذي أخذه رب المال من رأس المال وهل العامل يملك حصة من الربح بمجرد أنه يملكها بمجرد ظهور الربح على أنك عرفت أن الماك لا يستقر إلا بعد أن تباع السلع ويتحول رأس المال إلى نقد، ولم تقع خسارة فيه، ولا جبرت الخسارة من الربح فيرد من العامل في هذه الحالة.
وإذا استرد المالك شيئاً من ماله ظهور والخسارة فإنه لا يضر ويبقى رأس المال ما بقي بعد ذلك. أو لو استرد شيئاً بعد ظهور الربح فالمردود يحسب من رأس المال ومن الربح بنسبة ماله فإذا كان المال مائة والربح خمسون له نصفها فاسترد خمسة وسبعين مثلاً وتحسب من رأس المال وخمسة وعشرون نصف الربح الذي يستحقه.
المالكية - قالوا: القاعدة في رأس المال إذا خسر منه شيء بالعمل فيه
أو تلف بآفة سماوية أو سرقة لص فإن الخسارة تجبر من الربح بمعنى أن الباقي بعد التلف أو الخسارة يكمل بالربح ثم إن زاد شيء بعد ذلك يقسم بين المالك والمضارب بحسب الشرط الذي دخلا عليه، فإذا قسم
الربح قبل أن يقبض المالك رأس ماله عمل بهذه القاعدة فيرد الذي دخلا عليه، فإذا قسم الربح قبل أن يقبض المالك رأس ماله عمل بهذه القاعدة فيرد الذي أخذ من الربح، ويكمل به رأس المال في حال الخسارة. أما إذا قبض المالك رأس المال من العامل بعد الخسارة أو التلف ثم أعاده له
ثانياً ليعمل فيه مضاربة فإنه لا يجبر بالربح بعد ذلك لأنه مضاربة جديدة وكذلك إذا تلف المال جميعه فأعطاه المالك مالاً جديداً فربح فإن ربحه الجديد لا يجبر المال التالف لأنه مضاربة أيضاً.
وإذا تلف بعض المال وأراد المالك أن يسد ذلك العجز الذي وقع بإعطاء العامل مبلغاً قدر الذي تلف فإن كان التلف قد وقع بعد العمل فإن العامل يلزمه بقبوله كما يلزم قبول بدل المال إذا تلف كله، أما المالك فلا يجبر سد العجز على أي حال.
الحنابلة - قالوا: لا يستحق المضارب شيئاً من الربح حتى يستلوم رأس المال إلى صاحبه والخسارة تجبر من الربح فإذا اشترى متاعاً ربح فيه ثم اشترى صفقة أخرى فخسر فيها حل الربح محل الخسارة ولا يحسب شيء من الخسارة على رأس المال فإذا قبض رأس المال ثم رده للعامل مرة أخرى ليعمل فيه مضاربة فربح فيه فإن ذلك لا يجبر خسران ما قبله، لأن هذه مضاربة جديدة ويقوم مقام القبض بالفعل أنة تباع كل السلع ويصير رأس المال نقداً أو فضة وهذا معروف في زماننا (بتصفية التجارة) ويعبر عنه الفقهاء بأن رأس المال صار ناضاً (ومعنى ناضاً في اللغة) تحول المتاع إلى نقد فإذا تحاسبا بعد ذلك واقتسما الربح ولم يقبض رب المال ماله واتفق معه على أن يعمل فيه مضاربة فربح فإن ذلك الربح لا يجبر الخسران السابق) .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #169  
قديم 16-06-2021, 01:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث الشركة]
صـــــ 60 الى صــــــــ
71
الحلقة (127)

[مباحث الشركة]

[تعريفها وأقسامها]
-الشركة (بكسر الشين وسكون الراء) وقد تفتح الشين وتكسر الراء، ولكن الأول أفصح حتى قال بعضهم إنه لم يلبث فيها غيره، ومعناها لغة خلط أحد المالين بالآخر بحيث لا يمتازان عن بعضهما. وأما معناها في الاصطلاح فهو يختلف باختلاف أنواعها لأن الشركة تتنوع إلى شركة مفاوضة وعنان وأبدان، ووجوه ذلك وفي ذلك تفصيل المذاهب (1)
(1) الحنفية - قالوا: تنقسم الشركة أولاً إلى قسمين شركة ملك وشركة عقود فأما شركة المالك فهي عبارة عن أن يتملك شخصان فأكثر عيناً من غير عقد الشركة. وأما شركة العقود فهي عبارة عن العقد الواقع عن أن يتملك شخصان فأكثر عيناً من غير عقد الشركة. وأما الشركاء لصاحبه شاركتك في كذا ويقول الآخر: قبلت، وذلك هو المعنى العام الذي يتناول جميع أقسام شركة العقود وسيأتي تعريف كل قسم على انفراده فيما يأتي.
ثم إن شركة الملك تنقسم إلى قسمين شركة جبر وشركة اختيار فشركة الجبر هي أن يجتمع شخصان فأكثر في ملك عين قهراً كما ورثا مالاً أو اختلط مال أحدهما بمال الآخر قهراً بحيث لا يمكن تمييزهما مطلقاً كاختلاط قمح أو يمكن بمشقة وصعوبة كاختلاط شعير بقمح أو أرز بشعير.
وأما شركة الاختيار فهي أن يجتمعا في ملك عين باختيارهما كما إذا خلطا مالهما باللاختيار أو اشتريا عيناً بالاشتراك أو أوصى لهما بمال فقبلاه فإن ذلك كله ملك باختيار الشريكين وركز شركة الملك اجتماع النصيبين فمتى اجتمع نصيب شخص مع نصيب آخر تحققت شركة الملك.
ويتعلق بشركة الملك مسائل
(الأولى) إذا اشترك اثنان في ملك أرض زراعية وغاب أحد الشريكين فإن للآخر أن يزرع الأرض كلها بقدر المدة التي انتفع فيها شريكه على المفتى به لأن الشريك الغائب يرضى بما ينفع أرضه عقلاً وإن لم يأذن في الزرع وله الحق في أن ينتفع كما انتفع شريكه.
أما إذا كان الزرع يضر الأرض أو كان تركها بدون زرع أنفع لها لكونه يزيد في قوتها فليس للحاضر أن يزرع فيها زرعها شيئاً أصلاً في هذه الحالة يكون حكمه حكم الغاصب فإذا حضر الغائب أأصلاً فإذا زرعها في هذه الحالة ولم يقر الزرع بل أراد قلعه فإن له أن يقسم ويأخذ الأرض نصيبه منها ويقلع الزرع الذي بها كما يجب وما وقع في نصيب الشريك الذي زرع الذي يترك لشريكه قيمة ما نقصته الأرض بالزرع في نصيب شريكه تعويضاً له لأنه غاصب بالنسبة لذلك النصيب، هذا إذا كان الزرع صغيراً يصح قلعه، أما إذا استوى أو قرب من الاستواء فإنه لا يصح قلعه وعلى الزراع أن يدفع لشريكه قيمة ما نقصته في نصيبه تعويضاً ويأخذ زرعه.
(الثانية) إذا اشترك اثنان في دار للسكنى وغاب أحدهما فإن لشريكه أن يستعمل كل الدار في سكنه إذا كان ذلك الاستعمال ينفعها ولم يخربها الترك أما إذا لم يكن كذلك فإن للحاضر أن يستعمل ما يخصه منها فقط بأن يقسم حجرها أو شققها ويسكن فيما يخصه أو يسكن مدة ويتركها مدة أخرى بنسبة نصيب كل منهما. وبالجملة فكل تصرف يقع من الشريك الحاضر في مصلحة نصيب الغائب فإنه ينفذ وكل ترف يضر به لا ينفذ ويكون الحاضر أن لا يلاحظ ما ينتفع شريكه على أي وجه من الوحوه ثم إذا سكن أحد الشريكين في دار بينهما وخربت بالسكن كان على الساكن تعميرها.
(الثالثة) إذا خلط أحد الشريكين ماله بمال الآخر برضاه كما إذا كان لكل منهما صبرة من القمحب فاتفقا على خلطها أو اختلط مال أحدهما بمال الآخر بدون إرادتهما كما إذا وضع كل منهما قمحه في مخزن ملاصق للآخر فسقط الحاجز فاختلطا فإنه في هذه الحالة لا يصح لكل مهما أن يبيع نصيبه بدون إذن الآخر وذلك لأنه في هذه الحالة يكون منهما مالكاً لكل حبة من حبات قمحه كاملة فلا يصح أن يبيع مشاعاً إلا بعد الفرز والقدرة على تسليمه بخلاف ما إذا ورث اثنان قمحاً فإن كلاً منهما يملك نصيبه في الجميع شائعاً بدون إذن. أما إذا خلط أحدهما قمحه بقمح الآخر بدون عمله فإن للذي خلط أن يبيع الجميع لأنه بالخلط ملك نصيب الآخر وصار ضاكناً له بالمثل لأنه قد تعدى.
(الرابعة) أنه إذا اشترك اثنان في بناء دار مثلاً فلا يخلو إما أن تكون الأرض ملكاً معاً، أو تكون ملكاً لأحدهم دون الآخر، أو تكون ملكاً لأجنبي. فإن كانت ملكاً لهما فإنه لا يصح لأحدهما أن يبيع نصيبه في البناء لأجنبي مطلقاً سواء أذن شريكه أو لم يأذن؛ وذلك لأن للبائع في هذه الحالة أن يطلب من المشتري هدم البناء وإخلاء أرضه منه إذ ليس للمشتري سوى الأنقاض وذلك الهدم يضر بالشريك الآخر، ومثل ذلك ما إذا كان البناء لشخص أن يبيع نصفه لأن المشتري يطالب بالهدم ليأخذ الأنقاض التي اشتراها فيلحق الضرر بالبائع فيكون البيع فاسداً وهل يصح للشريك أن يبيع نصف حصته في البناء لشريكه أو لا خلاف؟ فقيل يجوز وقيل لا لأنه في هذه الحالة يصح للبائع أن يطلب من لأحدهما دون الآخر فإنه لا يصح أحدهما أن يبيع نصيبه من الأجنبي لما في ذلك الذي ذكر وهو أن المشتري هو الذي يملك الأرض أو الذي لا يملكها، وذلك لأن الذي لا يملك ليس له حق البناء ولكن الذي يملك أباحه إياه وما كان بطريق الإباحة فإنه يصح إزالته فإذا كان البيع لصاحب الأرض فالأمر ظاهر وإذا كان لغيره فإنه يصح له أو للمالك إزالته لأنه عرضة للإزالة.
أما إذا كانت الأرض ملكاً لغيرهما كأن مستعارة أو مستأجرة أو مغصوبة أو موقوفة ثم اشترك اثنان في البناء عليها فإنه لا يجوز لأحدهما بيع بصيبه من أجنبي لأن المشتري هدم البناء ليستولي على الأنقاض التي اشتراها وفي ذلك ضرر بالشريك ويجوز لأحدهما أن يبيع نصيبه لشريكهإذا لم يترتب على ذلك ضرر مثلاً إذا استعان شخصان أرضاً مدة معينة واشتركا في البناء عليها ثم مضت المدة فإن لأحد الشريكين أن يبيع نصيبه للآخر لأنه لا يملك مطالبته بالهدم لأنها ليست أرضه ولا علاقة له بها ومثل ذلك ما إذا كانت مستأجرة لمدة قد انتهت تلك المدة بخلاف ما إذا كانت مدة الإيجارة لم تنته فإنه لا يجوز البيع للشريك أيضاً لأنه يصح للبائع المستأجر أن يطالب بالهدم ليستلم الأرض المؤجرة له إلا إذا أجره نصيبه قبل البيع. أما الأرض المغصوبة فإنه يصح بيع كل واحد نصيبه لصاحبه وللأجنبي لأن البناء الذي عليها عرض للهدم في أي وقت.
وأما الأرض الموقوفة فإنه إذا اشترك اثنان عليها بعد تحريكها مدة طويلة على رأي من يقول بجواز الحكر زمناً طويلاً فإنه يصح لكل منهما أن يبيع نصيبه للأجنبي والشريك لأن المشتري يحل محل البائع في تحكير الأرض وفي نصيبه من البناء فلا ضرر في ذلك على الشريك. وكذا إذا باع نصيبه قبل التحكير ثم حكرت الأرض فإن البيع ينقلب صحيحاً لزوال علة الفساد وهي الضرر الذي يترتب على الهدم.
(الخامسة) إذا اشترط اثنان في شيء لا يمكن قسمته كحمام وسفينة وبئر وآلة لسقي الماء (ماكينة) أو آلة للطحن (وابور) أو غير ذلك مما تضيع منفعته بالقسمة ثم احتاج لتعمير وأراد أحد الشريكين تعميره فامتنع الآخر فإنه لا يصح له أن يعمره قبل أن يرفع الأمر للقضاء لأن يقضي في هذه الحالة يخبر الممتنع عن العمارة فليس من المصلحة أن يتسرع ويستبد بالعمل بدون إذن القاضي ما دام موقناً بأن القاضي سيلزم الشريك بالتعمير فإذا أمر القاضي بالتعمير ولم ينفذ عجزاً أو نعتاً فإن القاضي يأذن من يريد التعمير بالعمل ويمنع الرشيك من الانتفاع بالعين حتى يؤدي قسطه من التعمير على المفتى به وهكذا في كل شيء لا يمكن قسمته فإن القاضي أن يجبر الممتنع مع شريكه فإذا عمل أحدهما بدون إذن صاحبه أو أمر القاضي كان متطوعاً لا يرجع بشيء مما أنفقه.
أما إذا اشتركا في شيء مضطراً في تعميره إلى الشريك الآخر كما إذا اشترك اثنان في بناء على أن لأحدهما (الدور) الأعلى وللثاني الأسفل واحتاج الدور الأعلى إلى ردم، فإنه وإن كان لكل منهما قسم من البناء مستقل به، ولكن أحدهما بالآخر في التعمير.
وحكم هذا القاضي لا يجبر الشريك على التعمير فإذا عجز صاحب العلو من تلقاء نفسه وأنفق على الأسفل ما يحتاج إليه كان له حق الرجوع بما أنفقه على شريكه لأنه مضطر للعمل معه ففي هذه الصورة لا يحتاج إلى القضاء ابتداء ولكن له الحق فيما أنفقه في آخر الأمر.
ومثل ذلك كل ما يقبل القسمة ويكون أحد الرشكين مرتبطاً بالآخر في العمل معه ارتباطاً قهرياً كحائط بين اثنين عليها سقف كا منهما فإذا انهدمت وكانت هذه الحائط تقبل القسمة بأن كان أساسها عريضاً ويمكن قسمته بحيث يأخذ أحد الشريكين نصفه ويترك النصف الآخر أو إذن القاضي فإن له حق الرجوع بما أنفقه لأن الشريك الممتنع لا يجبر على البناء في هذه الحالة لأنه يمكن قسمة الحائط.
ويجبر على القسمة إذا طلبها الشريك على المفتى به فإذا كانت الحائط ضيقة لا تقبل القسمة فإنها تكون القسم الأول وهو ما يجبر فيه القاضي الشريك على التمير فلا يصح له حينئذ أن يرفع الأمر للقاضي.
الوجه الثاني: أن لا يكون أحد الشريكين مضطراً في التعمير إلى الشريك الآخر كما إذا اشتركا في دار يمكن قسمتها وتخربت فإن منهما حق قسمتها فإذا لنفرد أحدهما بتعميرها من غير إذن الآخر كان متطوعاً وضاع عليه ما أنفقه في نصيب شريكه.
واعلم أن القاضي لا يجبر الشريك على التعمير إلا في ثلاثة أمور:
الأول: أن يتعذر قسمة العين المشاركة بينهما كما تقدم.
الثاني: أن يكون الشريكان صغيرين ولكل واحد منهما رصي. فإذا اشترك صغيران في حائط محمول عليها سقف كل منهما ثم اختلت فأراد أحد الوصيين بناءها وامتنع الآخر فإن القاضي يجبر الممتنع عن التعميير سواء كانت الحائط تقبل القسمة أو لا. بخلاف ما إذا كان الممتنع كبيراً كما تقدم فإن القاضي لا يجبره إذا كانت تقبل القسمة لأن الكبير يعرف الضرر ورضي به. أما الصغير فلم يعرفه وأراد الوصي إدخاله عليه فالقاضي يجبره في هذه الحالة. فإذا كانت الشركة بين صغير وكبير وكان الضرر يلحق الكبير فإن وصي الصغير لا يجبر أما إذا كان يلحق الصغير فإنه يجبر.
الثالث: أن يكون الشريكان ناظرين على العمل إما بالمال أو بالأبدان أو بالوجوه وكل واحد من الثلاثة ينقسم إلى قسمين مفاوضة وعناناً فالأقسام ستة:
النوع الأول: الشركة بالمال وهي عبارة عن أن ينفق اثنان فأكثر على أن يدفع كل واحد منهما مبلغاً من المال لاستثماره بالعمل فيه ولكل واحد من الشركاء جزء معين من الربح وتنقسم شركة المال إلى القسمين المذكورين (مفاوضة وعناناً) .
القسم الأول: شركة المفاوضة في المال وهي عبارة عن أن يتعاقد اثنان فأكثر أن يشتركا في عمل بشرط أن يكونا متساويين في مالهما وملتهما ويكون كل واحد منهما كفيلاً عن الآخر فيما يجب عليه من شراء وبيع كما أنه وكيل عنه فيما له فلا تصح أن يكون مال أحد الشريكين شركة مفاوضة أقل من مال صاحبه ولكن مشروط بأن يكون المال مما تصح الشركة به بأن كان نقداً فلا يصح أن يملك أقل مال صاحبه ولكن ذلك مشروط بأن يكون المال مما تصح الشركة به بأن كان نقداً فلا يصح أن يملك أحدهما ألف جنيه ويملك الآخر خمسمائة مثلاً فإذا تساويا في ملك النقدين ولكن انفرد أحدهما بملك عقار، أو عروض تجارة، أو دور فإنه يصح أن يكون تصرف أحدهما أقل من تصرف صاحبه فلا تصح بين صبي وبالغ ولا بين مسلم وكافر ولا يخفى أن التساوي في التصرف يستلزم التساوي في الدين وإنما ذكر لزيادة الإيضاح. وبعضهم يقول إنه تصح مع الاختلاف في الملة إلا أنها تكره. ولا بد أن يتضمن العقد الكفالة والوكالة كما ذكرنا فلا تصح إن خلت من ذلك.
القسم الثاني: شركة العنان في المال وهي أن يشترك اثنان في نوع واحد من أنواع التجارة كالقمح أو القطن، أو يشترك في جميه أنواع التجارة ولا تذكر فيها فهي تتضمن الوكالة دون الكفالة فتجور بين المسلم والكافر. والصبي والمأذون له في التجارة والبالغ الخ، ولا يشترط تساوي الشركاء في رأس المال كما سيأتي.
فالفرق بين شركاء المفاوضة والعنان هو أن يكون كل واحد من الشريكين في المفاوضة أهلاً للكفالة بأن يكونا بالغين حرين عاقلين متفقين في الملة وأن يكون رأس مالهما على السواء بخلاف شركة العنان فإنه لا يشترط فيها ذلك كما عرفت.
النوع الثاني: شركة الأعمال وهي أن يتفق صانعان فأكثر كنجارين أو حدادين أو أحدهما نجار والآخر حداد على أن يشتركا من غير مال أن يتقبلا الأعمال ويكون الكسب بينهما على وحكم هذه الشركة أن يصير كل واحد منهما وكيلاً عن صاحبه في تقبل الأعمال جائز سواء كان الوكيل يحسن مباشر العمل أو لا.
وتنقسم شركة الأبدان إلى قسمين أيضاً وعناناً:
فالقسم الأول من شركة الأبدان مفاوضة هو أن يذكر فيها لفظ المفاوضة أو معنى بأن يشترط الصانعان أن يتقبلا الأعمال على التساوي وأن يتساويا في الربح والخسارة وأن يكون كل واحد كفيلاً عن صاحبه فيما يلحقه بسبب الشركة.
والقسم الثاني من شركة الأبدان عناناً: هي أن يشترطا التفاوت في العمل والأجر بأن يقولا إن على أحدهما الثلثين من العمل وعلى الآخر الثلث مثلاً والربح والخسارة بينهما على نسبة ذلك، وكذلك إذا ذكر لفظه عنان:
النوع الثالث: شركة الوجوه، وهي أن يشترك اثنان ليس لهما ولكن لهما وجاهة عند الناس توجب الثقة بهما على أن يشتريا تجارة بثمن مؤجل وما يربحانه بينهما وتنقسم شركة إلى قسمين أيضاً مفاوضة وعناناً.
فالقسم الأول: من شركة الوجوه مفاوضة هي أن يكونا من أهل الكفالة وأن يكون بينهما نصفين وعلى كل واحد منها ثمنه وأن يتساويا في الربح ويتلقطا بالمفاوضة ويذكرا معنى تقصيها فتتحقق وكالة كل واحد منها عن صاحبه فيما له وكفالته فيما عليه.
القسم الثاني: من شركة الوجوه عناناً هي أن يفوت شيء من هذه القيود كأن لا يكونا من أهل الكفالة أو يتفاضلا فيما يشتريانه كأن يشتري أحدهما ربع السلع والآخر باقيها أو لم يذكر شيئاً يدل على المفاوضة.
فهذه هي أقسام الشركة، ولم يعد الحنيفية المضاربة قسماً من أقسام الشركة لأنك قد عرفت أنها إنما تكون شركة إذا حصل ربح أما إذا لم يحصل ربح فتختلف الأحوال التي عرفتها في بابها على المضاربة جاءت على غير القياس فلهذا أفردت بباب وحدها بخلاف غيرها من أقسام الشركة فإنها على القياس وبعض المذاهب عدها قسماً من أقسام الشركة نظراً لكونها شركة في الربح.
المالكية - قالوا: تنقسم الشركة إلى أقسام: شركة الإرث هي اجتماع الورثة في ملك عين بطريق الميراث، وشركة الغنيمة وهي اجتماع الجيش في ملك الغنيمة وشركة المبتاعين شيئاً بينهما، وهي أن يجتمع اثنان فأكثر في شراء دار ونحوه وهذه الأقسام هي التي عبر عنها الحنفية بشركة الملك.
وحكمها عند المالكية لا يجوز لأحد الشريكين أن يتصرف بغير إذن صاحبه فإذا تصرف فقيل يكون كالغاصب وقيل لا فإذا زرع أحد الشركاء
في أرض مملوكة لهم أو بنى فيها فإن ورعه بقلع وبناءه يهدم على القول الأول أما على الثاني فإن زرعه وبناءه يتركان وعليه كراء نصيب شريكه في الأرض وله قيمة بنائه الذي بناه لشبهة الشركة.
ويتعلق بهذه الشركة فروع كثيرة:
منها: أنه إذا اشترك اثنان او اكثر في عقار لا يمكن قسمته كحمام وفرن وبرج، ثم خرب ذلك العقار وأراد أحد الرشكاء تعميره فأبى الاخر فإنه يقضى على من امتنع من التعمير بأن يعمر أو يبيع جميع حصته لشريكه الذي يريد التعمير ولو كان يملك أكثر العقار أو يبيع لمن يعمر وقيل يقضى عليه بأن يبيع بعض حصته التي تكفي التعمير ولكن أول أرجح لتقليل الشركاء.
ولا فرق أن يكون العقار الذي لا ينقسم بعضه ملك وبعضه وقف وأبى الموقوف عليه أو ناظر الوقف التعمير فأنه يقضى بأن يعمره الشريك ويستوفي ما أنفقه على عمارته من إراده ولمن قال أنه يباع منه بقدر الحاجة إلى التعمير لأن الغرض تقليل الشركاء كما ذكر في بيع غير الموقوف نعم لا يقضى ببيع الوقف إلا إذا لم يكن للوقف ريع يعمر منه ولم يوجد من يستأجره بأجرة معجلة سنين تكفي لتعميره فإن وجد ذلك فإن لا يقضى ببيعه.
هذا ولا يقضى بالبيع في الحالتين إلا بعد الأمر بالعمارة ويقضى بالبيع إذا لم ينفذ الأمر بالتعمير ومنها:
أنه إذا اشترك اثنان مثلاً يملك أحدهما منها الطبقة السفلى (الدور الأسفل ويملك الثاني الطبقة العلية (الدور الأعلى) ثم اختل الدور الأسفل أو ضعفت جدرانه عن احتمال الدور الأعلى فإن الحاكم يأمر صاحب الدور الأسفل بأن يعمر فإن لم يفعل يقضي عليه ببيعه لمن يعمر لا فرق بين أن يكون العقار ملكاً أو وقفاً بالشروط المتقدمة.
وعلى صاحب الدور الأسفل حفظ الدور الأعلى من السقوط حال بناء الدور الأسفل بتعليقه أو عمل دعائم تحفظه من السقوط ونحو ذلك.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #170  
قديم 16-06-2021, 01:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الثالث
[مباحث الشركة]
صـــــ 60 الى صــــــــ
71
الحلقة (128)

وعليه أيضاً السقف لأنه متعلق به عند التنازع وليس على صاحب الأسفل أن يبني سلماً يرقى عليه صاحب الدور العلى وكذلك ليس عليه البلاط الذي يوضع على سقف الدور الأسفل فيقضى عند التنازع بالسقف
لصاحب الأسفل وبالبلاط لصاحب العلى أما (كسح) المرحاض الموجود في الدور الأسفل المشترك بينه وبين الأعلى فيعمل فيه بالعرف فإن لم يوجد عرف فإنه يقوم باشتراك بقدر الاستعمال على الظاهر وكذلك المراحيض الموجودة في البيوت المستأجرة فإنه يعمل في كسحها وتنظيفها بالعرف فإن لم يوجد عرف فقيل على المالك وقيل على المستأجر. واما طين المطر الذي ينزل في الأسواق فليس على أصحاب (الدكاكين) رفعه إلا إذا جمعوه في وسط الطريق فأضر بالمارة فإن عليهم في هذه الحالة كنسه.
ومنها: انه إذا اشترك اثنان في دار على أن يكون لأحدهما الدور الأسفل وللآخر الأعلى ثم أراد صاحب الأعلى أن يبني (دوراً ثالثاً فإنه لا يمكن في ذلك ويقضى عليه بعدم فعله إلا إذا كان البناء لا يضر بالدور الأسفل لا حالاً ولا مآلاً ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة والمعرفة بمثله. ومنها:
أنه إذا اشترك ثلاثة مثلاً في دار ثم تهدم وأراد أحدهم تعميره وامتنع الآخران فإن له أن يعمرها ويستولي على إرادها جميعه حتى يخلص بما أنفقه ثم يقتيمون الإراد بعد ذلك إلا إذا أعطوه ما أنفقه فإنه يصح له الاستيلاء على الإيراد وحده بعد ذلك.
وله الاستلاء على الإيراد في أربه صور:
الأولى: أن يستأذن شريكاه بالعمارة فيمتنعا.
الثانية: أن يستأذنهما فيسكنا ثم يمتنعا أثناء العمارة.
الثالثة: أن يستأذنهما فيمتنعا ثم يسكتا عن رؤية العمارة.
الرابعة: أن يأذنوا له في العمارة ثم يمنعاه من قبل شراء المؤن التي يعمر بها ثم عمر بعد منعهما وفيما عدا ذلك يكون ما أنفقه ديناً في ذمتهم.

ومنها: أنه إذا كان لأحد الجيران حائط متصلة ببيت جاره ويتوقف إصلاحها على دخول عمل جاره فليس لجاره أن يمنعه من الدخول في داره لترميمها وإصلاحها، فإذا امتنع يقطى عليه بتمكينه من غرز خشب ونحوها وبتمكينه من اخذ ثوب سقط عنده أو دابة دخلت أو نحو ذلك.
وكذا إذا كان خزان مرحاطه في دار جاره فإنه يقضى له بإدخال العمال لكسحه وللجار منعه من إدخال الطين والجص في داره وعليه أن يفتح نافذة في حائط داره لإدخال ما يلزمه من ذلك حتى لا يقذر دار جاره.
ومنها: أنه إذا كان بين جارين حائط يستر أحدهما فأزالها صاحبها وانكشف بسبب ذلك جاره فإنه يقضى على من أزالها لإعادة بنائها إلا إذا كان هدمها لخلل فيها يخشى منها الضرر أو هدمت وحدها فإنه في هذه الحالة لا يقضى على صاحبها بإعادتها ويقال للجار افعل ما يسترك إن شئت.
ومنها: إذا بنى أحد في طريق مشتركة بين الناس فإنه يقضى عليه بهدم ما بناه ولم يضر بالمارة سواء كانت تلك الطريق نافذة أم لا فإن كانت لأحد الناس دار يملكها فهدمت وصارت طريقاً فإن ملكه لا يزول عنها بذلك لا يمنع من البناء فيها إلا إذا مضى زمن طويل (وقدره بعضهم بعشر سنين) فإنه لا يكون له حق فيها حين إذن
ومنها: ألا يمنع الباعة من الجلوس بأفنية الدور ويقضى به وهي ما زاد على مرور الناس في طريق واسعة نافذة إذا كان في جزء من اليوم أما إذا كان في كل النهار فإنه يمنع ولا يقضى به على الرجح ومثله فناء الحانوت (الدكان) ويمتنع الجلوس في أفنية الدور ونحوها لحديث لأن فيها ضياع للوقت وضرر بالمارة.
وإن تنازع اثنان من الباعة في الجلوس بمكان فإنه يقضى للسابق منها ومثل ذلك الجلوس في المسجد إلا إذا كان غير السابق يجلس فيه لتعليم العلم أو الإفتاء فإنه يقدم على غيره استحساناً يعني أن الأفضل للسابق أن يترك ذلك المكان للمدرس.
ومنها: أنه إذا فتح جار نافذة في حائط بيته بينه وبين جاره وكانت تلك النافذة تكشف جاره بان يرى وجوه سكانها فإنه يقضى عليه بسدها وإزالة معالمها بحيث لا يبقى لها أثر يمكن الاحتجاج به.
أما إذا كانت النافذة لا تلرى منها الوجوه أو على المزارع والحيوانات فإنه لا يأمر بسها إذ لا ضرر منها وليس ببجار أن يطلب سد نافذة مضى عليها عشر سنوات وهو ساكت.
ومنها: أن للجيران منع إحاث ما يتصاعد منه دخان يضر بهم وبمساكنهم كبناء حمام بجوارهم أو مطبخ أو فرن أو نحو ذلك وكذلك لهم منع إحداث ما تتصاعد منه رائحة كرية كمدبغة ومسمت ونحوهما.
ومحل ذلك ما إذا حدث شيء من ذلك بعدهم. أما إذا كان موجوداً من قبل ودخلوا عليه فليس لهم منعه.
ومنها: أن للإنسان أن يمنع من إيجاد الجرين (الجرن) عند منزله لأنه يتضرر بالتين الحاصل من التذرية ومثل البيت في ذلك الحانوت (الدكان) وكذلك يقضى بمنع إحداث ما يضر بجدار البيوت كرحا ومدق وبئر حاض واصطبل وأما الحداد والنحاس والنجار فإنهم لا يمنعون به، ومثل هؤلاء الصباغ الذي يدق القماش.
وكذلك يمنع إحاث مصطبة في مقابل باب المنزل (دكان) للبيع والشراء إذا كان يضر بالسكان ويكشفهم. ولا يمنع مالك من فتح باب طريق نافذ إلى القضاء ولو كان في مقابل باب جاره.
وكذلك لا يمنع من بناء ما يحجب الضوء أو الشمس عن داره وله أن يمنع من إحداث ما يمنع الضوء والشمس المحتاج خشبة فيه لأن ذلك من مكارم الأخلاق.
وأما أقسام الشركة المشهورة غير ما ذكر فهي سنة:
مفاوضة، وعنان، وجبر، وعمل، ومضاربة، ولكل منها تعريف خاص.
وقد عرفها بعضهم تعريفاً تاماً فقال:
هي تقرر ملك متمول بين مالكين فأكثر. فقوله تقرر متمول معناه استقرار ملك شيء له قيمة مالية بين مالكين فأكثر فلكل واحد أن يتصرف فيه تصرف المالك خرج به تقرر شيء غير مالي كتقرر النسب والولاية فإن النسب الثابت بين اثنين ليس شيء مالي فلا يتصرفان في النسب تصرفات الشركات.
وكذلك تقرر الولاية بين اثنين على مملوك فإنه لا يكون شركة وقوله بين مالكين خرج به تقرر شيء مالي بين وصيين أو وكيلين فإن القاصر الموجود في يد تصرفات الشركاء لأن ماله بينهما ليس مملوكاً لهما.
ويدخل في التعريف جميع لأنواع الشركة سواء كانت شركة إرث أو غنيمة أو شركة مال ستعرفه في التعريف، وكذلك يدخل في التعريف شركة الأبدان باعتبار الفائدة المالية التي تترتب لأنها تكون مملوكة بينهما.
وقد عرف بعضهم الشركة المالية التجارية بأنواعها بأنها عبارة عن إذن كل واحد من الشريكين أو الشرطاء للآخر في أن يتصرف في مال يملكه على أن كلاً منهما يتصرف لنفسه وللآخر فكل من الشريكين يعمل في مال الآخر لصاحبه ولنفسه بخلاف الوكيل فإنه يعمل في مال الموكل خاصة. وأما تعريف كل قسم من أقسام الشركة على حدة فإليك
بيانه:
فأما شركة المفاوضة فهي اشتراك اثنين فأكثر في الاتجار بماليين على أن يكون منهما نصيب في الربح بقدر رأس المال بدون رأس ماله بدون تفاوت وأن يطلق كل من الشركاء حرية التصرف للآخر في البيع والشراء ولاكتراء وأن يشتري في غيبته وحضوره سواء اتفقا على أن يتجرا في نوع واحد كالقمح أو الشعير أو في جميع الأنواع. وبعضهم يقول إنها إذا كانت في نوع واحد تكون عناناً لا مفاوضة لأن شركة المفاوضة يجب أن تكون عامة في كل الأنواع ولا تفسد شركة العنان عندهم بانفراد أحد الشريكين بمال غير مال الشركة فيصح أن تكون الشركة على ألف كل منها خمسمائة وعلى أحدهما زيادة على الخمسمائة.
وأما شركة العنان فهي أن يشتركا على أن لا يتصرف أحدهما إلا بإذن صاحبه فإن كل واحد مهما آخذ صاحبه يمنعه إذا أراد حتى لو تصرف أحدهما بدون إذن الآخر كان له رده. وإذا اشترطا أن يكون لأحدهما التصرف المطلق دون الآخر فقيل إنها تكون عناناً في المقيد ومفاوضة في المطبق. وقيل تفسد وهو الظاهر.
وأما شركة العمل (وهي المعروفة شركة الأبدان في بعض المذاهب) فهي أن يشترك صانعان فأكثر على أن يعملا معاً ويقتسمان أجرة عملها بنسبة العمل بشرط أن تكون الصنعة متحدة كحدادين. أو نجارين أو خياطين أو نساجين فلا يصح اشتراك حداد ونجار ولا اشتراك صانع ونساج نعم يصح اشتراك صانعين تتوقف صنعة أحدهما على صنعة الآخر كأن يشترك الذي يغوص في البحر لاستخراج اللؤلؤ مع صاحب الزورق الذي يحمله ويمسك له. وأن يتساويا في العمل بأن يأخذ كل واحد بقدر عمله من الغلة ويصح أن يزيد أحدهما على الآخر شيئاً يتعارفه الماس ويحصل التعاون بينهما ولو كانا بمجلين مختلفين (كدكاكين) وإذا كان لكل منهما آلة للبرادة أو الحدادة أو النجارة فإنه لا يجوز أن يعمل بها قبل أن يشتري كل منهما نصف ألته بنصف الأخرى حتى يكون لكل منهما نصف إحداهما ملكاً أصلياً والنصف الآخر بالشراء. وقيل يجوز والأول هو المعتمد.
وأما شركة الذمم فهي عبارة على أن يتعاقد اثنان على أن يشتريا شيئاً غير معين بثمن مؤجل في ذمتها بالتضامن بمعنى أن كلاً منهما كفيل لصاحبه ثم يبيعانه وما خرج من الربح فهو بينهما.
وأما شركة الوجوه عند المالكية فهي عبارة عن أن يتفق رجل ذو وجاهة مع رجل خمل لا وجاهة عنده على أن يبيع الوجيه تجارة الخمر لأن وجاهته تحمل الناس على الثقة به والشراء منه وله في نظير ذلك جزء من الربح وهي ممنوعة عندهم أيضاً لأن فيها تغريراً بالناس فإذا وقع ذلك فعلاً كان للوجيه أجر المثل أما المثل من اشترى من الوجيه فله رد السلعة وإمساكها بثمنها وإن كانت نفذت فإنها بالأقل من القيمة.
وأما إذا وقع عقد شركة الذمم فإنه يعمل مع الشريكين بحسب ما اتفقا عليه من الربح.
وأما شركة الجبر فهي عبارة عن أن يشتري شخص سلعة بحضرة تاجر اعتاد الاتجار في هذه السلعة ولم يخطر بأنه بشتريها لنفسه خاصة ولم يتكلم ذلك التاجر فإنه له الحق في أن يشترك فيها مع من اشتراها ويجبر من اشتراها على الشركة مع ذلك التاجر.
والمالكية: يقولون إن عمر رضي الله عنه قضى بهذا بالعرف في ذلك ويشترط فيها ستة شروط ثلاثة في السلعة وثلاثة في الشخص الذي يريد الاشتراك فاما الشروط الخاصة بالسلعة فهي أن تشتري بالسوق الذي تباع فيه عادة، وأن يكون شراؤها للتجارة فإذا اشتراها للاقتناء أو ليجعلها أثاث منزله فإنه لا حق للغير في أن يشاركه فيها وأن يكون الاتجار فيها بها في البلد الذي اشتريت به فإذا اشتراها للسفر بها فإنه لا يجبر على الشركة فيها.
وأما الشركة المتعلقة بالشخص الذي يطلب فهي أن يكون حاضراً في السوق وقت شراء السلعة.
وأن يكون من تجار تلك السلعة التي يبعث بحضرته وأن لا يتكلم وقت الشراء وهناك شرط آخر يتعلق بالمشتري وهو أن لا يقول لهم إنني أشتري ولا أريد أن أشارك أحداً فمن شاء أن يزيد فليفعل فإن قال ذلك فإنه لا يجبر الحاضر على مشاركة المشتري إلا إذا طلب ذلك فقبل.
وأما شركة المضاربة فقد تقدم معناها وأحكامها في بابها فارجع إليها إن شئت.
الحنابلة - قالوا: تقسم الشركة إلى قسمين: شركة في المال. وشركة في العقود فشركة المال هي اجتماع اثنين فأكثر في استحقاق عين بإرث أو شراء أو هبة أو نحو ذلك ولا فرق بين أن يملكا العين بمنافعها أو يملكا رقبتها دون منفعتها أو منفعتها بدون رقبتها. وأما شركة العقود وهي المرادة هنا فهي اجتماع اثنين فأكثر في التصرف وتنقسم شركة العقود إلى خمسة أقسام:
شركة العنان. وشركة الوجوه. وشركة الأبدان. وشركة المفاوضة وشركة المضاربة.
فأما شركة العنان فهي أن يشترك اثنان فأكثر بمالين على أن بعملا معاً في تنميتها والربح بينهما على ماشترطا أو يشترك اثنان فأكثر بماليهما على أن يعمل أحدهما فقط بشرط أن يكون للعامل جزء من الربح أكثر من ربح ماله ليكون ماله الجزء نظير عمله فإن شرط له ربحاً قدر ماله فقط إيضاع لا يصح لأنه عمل في مال الغير بدون أجر.
وأما شركة الوجوه فهي أن يشترك اثنان فأكثر في شراء تجارة بثمن في ذمتهما اعتماداً على وجاهتهما التي توجب الثقة بهما ثم يبيعانه والربح بينهما نصفين أو ثلاثاً أو نحو ذلك وهي في جائزة مطلقاً سواء عينا جنس ما يشتريانه أو قدره أو قيمته أو لم يعنيا شيئاً فلو قال أحدهما لللآخر ما اشتريت من شيء فهو بيننا صح.
وأما شركة الأبدان فهي أن يشترك صانعان فأكثر على أن يعملا بأبدانهما وما يروقانه من الأجر فهو بينهما على ما اشترطا وهي جائزة مطلقاً سواء اتخذت الصفة أو اختلفت فيجوز اشتراك نجار مع حداد ولكل واحد منهما أن يأخذ وللمستأجر أن يعطيها لأيهما أراد.
ومن شركة الأبدان الاشتراك في تملك المباحثات كالاصطياد ولاحتطاب ونحو ذلك.
وأما شركة المفاوضة فهي الاشتراك في استثمار المال مع تعويض كل واحد لصاحبه في الشراء والبيع والمضاربة والتوكيل والبيع والسعر بالمال والرهن والارتهان والضمان وغير ذلك إلا إنه لا يصح أن يدخلا فيها الكسب النادر كوجدان بقطة أو نحو ذلك.
وأما المضاربة فقد تقدم معناها.
الشافعية - قالوا: الشركة الجائزة نوع واحد وهي شركة العنان (بكسر العين) وهي عبارة عن أن يتعاقد اثنان فأكثر على الاشتراك في مال للاتجار فيه ويكون الربح بينهم على نسبة أموالهم بشرائط مخصوصة سيأتي بيانها.
أما أنواع الشركة المذكورة في المذاهب الأخرى فهي باطلة وهي ثلاثة أقسام:
الأول: شركة الأبدان وهي أن يشترك اثنان فأكثر يحترف واحد منهم حرفة ليعمل كل منهما ببدنه وما يرزقهم الله من أجر يقسمونه وهذه ممنوعة سواء اتحدت الحرفة كحدادين ونجارين أو اختلفت كحداد ونجار، فإذا وقع عقد شركة كهذه فإن حكمه أن كل ما يحصله أحدهم من أجرة عمله وحده يختص به ولا يعطي منه شيئاً لشريكه وما يعملانه معاً يوزع عليهما بنسبة مثل أجرة عمل كل منهما. مثلاً إذا عملا معاً في بناء حائط يأخذ كل مهما أجرة مثل عمله التي يستحقها في اليوم فلو كان أحدهما يستحق في اليوم عشرة قروش وزعت الأجرة عليها بهذه النسبة.
الثاني: من أقسام الشركة الباطلة شركة المفاوضة وهي أن يتعاقد اثنان فأكثر على الاشتراك بأموالهم من غير خلط المالين ببعضها قبل العقد أما إذا خلط المالين ببعضهما قبل العقد فإنها لاتكون شركة مفاوضة بل تكون من شركة العنان الجائز حتى ولو صرحا بالمفاوضة ونويا بها العنان فإنها تصح بعد الخلط قبل العقد وكما تكون المفاوضة بالأموال تكون بالأبدان فقط أو بالأموال والأبدان.
الثالث: شركة الوجوه وهي أن يشترك زجيهان فأكثر في شراء تجارة بثمن مؤجل لوجاهتهما ليبيعونه والربح بينهما أو يشترك وجيه وخمل على أن يشتري الخمل بماله ويبيع الوجيه بوجاهته ويبيع الخمل وكل هذه الأقسام باطلة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 308.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 302.02 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]