شرح الاسم الموصول - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2023, 01:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي شرح الاسم الموصول

شرح الاسم الموصول


أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن



الكلام عن الاسم الموصول يدور حول المباحث الخمسة التالية:
المبحث الأول: تعريف الاسم الموصول.
المبحث الثاني: أنواع صلة الموصول.
المبحث الثالث: رتبة الاسم الموصول بين المعارف الستة من حيث قوة التعريف.
المبحث الرابع: ألفاظ الأسماء الموصولة.
المبحث الخامس: إعراب الأسماء الموصولة.
وفيما يلي الكلام بالتفصيل على هذه المباحث الخمسة:
المبحث الأول: تعريف الاسم الموصول:
الاسم الموصول هو ما يدل على معيَّن بواسطة جملة[2] أو شبهها[3]، تُذكَر بعده مباشرة، وتُسمَّى صلةَ الموصول.
إذًا يمكننا أن نقول: إن الذي يُعيِّن ما يدل عليه الاسم الموصول، ويوضح المراد بالاسم الموصول - هو الصلةُ التي تُذكر بعده، فلو قلت - على سبيل المثال -: "جاء الذي"، وسكتَّ، لم نستفد شيئًا، بخلاف ما لو أتيتَ بجملة الصلة، فقلت مثلًا: "جاء الذي نحبه"، فهنا بواسطة هذه الصلة المذكورة قد تعيَّن مدلول الاسم الموصول والمراد منه، وأنه مَن يحبه القائل.
المبحث الثاني: أنواع صلة الموصول:
اعلم - رحمك الله - أن كل موصولٍ لا بد له من صلة تُذكَر بعده مباشرة، وتسمى صلة الموصول، وهذه الصلة قد تكون:
جملة اسمية؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ [البقرة: 61]، فالاسم الموصول هنا في هذه الآية هو (الذي)، وهو قد تكرَّر مرتينِ، وكانت صلته في المرة الأولى الجملة الاسمية: (هو أدنى)، وكانت صلته في المرة الثانية الجملة الاسمية (هو خير)[4].
وقد تكون جملةً فعلية؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ﴾ [الكهف: 1]، فالاسم الموصول في هذه الآية هو (الذي)، وصلته هي الجملة الفعلية: ﴿ أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ[5].
وقد تكون شبه جملة، وهذا يشمل:
الظرف؛ نحو: أكرِمِ الذي عندك[6].
والجار والمجرور؛ نحو: أحسِن إلى الأطفال الذين في دار الأيتام[7].
ومما تحسن الإشارة إليه، وهو مما يتعلق ببحثنا هذا (أنواع صلة الموصول):
1- أن صلة الموصول، سواء أكانت جملة بنوعَيْها، أم ظرفًا، أم جارًّا ومجرورًا، فإنها لا محل لها من الإعراب، وهذا الحكم مُتَّفق عليه بين النحاة.
2- أن جملة الصلة، سواء كانت جملة اسميةً، أم جملة فعليةً، لا بد أن تشتمل على ضمير يعود على الاسم الموصول، ويطابقه في النوع (التذكير والتأنيث)، وفي العدد (الإفراد والتثنية والجمع)، ويسمى هذا الضمير بالعائد[8]، وهذا بخلاف ما لو كانت صلة الموصول ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا، فإنها لا تحتاج إلى هذا الضمير العائد على الاسم الموصول.
المبحث الثالث: رتبة الاسم الموصول بين المعارف الستة من حيث قوة التعريف:
يأتي الاسم الموصول في المرتبة الرابعة بين المعارف الستة من حيث قوةُ التعريف، فأقوى المعارف الستة في الدلالة على تعيين مدلولها وتوضيح المراد منه - كما تقدم - الضمير، يليه العَلَمُ، ثم اسم الإشارة، ثم الاسم الموصول.
المبحث الرابع: ألفاظ الأسماء الموصولة:
للأسماء الموصولة ألفاظ معينة[9]؛ هي:
1- (الذي) للمفرد المذكَّر؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴾ [الشعراء: 27][10].
2- (التي) للمفردة المؤنثة؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [المجادلة: 1][11].
3- (اللذانِ) بالألف، و(اللذينِ) بالياء للمثنى المذكر؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 16]، وقوله عز وجل: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾ [فصلت: 29][12].
4- (اللتان) بالألف، و(اللتين) بالياء للمثنى المؤنث؛ نحو: جاءت الطالبتان اللتان نجحتا - رأيت الطالبتين اللتين نجحتا[13].
5- (الذينَ) لجمع الذكور؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ [البقرة: 16][14].
6- (اللائي واللاتي) لجماعة الإناث[15]؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ﴾ [النساء: 15]، وقوله عز وجل: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ ﴾ [الطلاق: 4][16].
فهذه الألفاظ المذكورة كلُّها معارفُ، وهي تلي اسم الإشارة في قوة التعريف، على ما تقدَّم بيانه في المبحث السابق.
المبحث الخامس: إعراب الأسماء الموصولة:
اعلم - رحمك الله - أن ما قيل في إعراب أسماء الإشارة، وما سبق ذكره من المعارف الستة[17]، يقال هنا كذلك في إعراب الاسم الموصول، فالأسماء الموصولة تُعرب كذلك حسب موقعها في الجملة رفعًا ونصبًا وجرًّا، وهي كأسماء الإشارة إما أن تكون:
مبنية[18]، وحينئذٍ تعرب إعرابًا محليًّا، فتكون مبنية على حركة آخر حرف فيها، في محل رفع، أو نصب، أو جر، وهذا يشمل جميع الأسماء الموصولة التي ذكرناها[19]، ما عدا المثنى منها[20].
فعلى سبيل المثال الاسم الموصول (مَن) هو مبني على السكون مطلقًا[21]، وقد يكون في محل: رفع؛ نحو قوله تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [الأعلى: 14][22].
أو في محل نصب؛ نحو قوله عز وجل: ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ [البقرة: 30][23].
أو في محل جر؛ نحو قول الله تعالى: ﴿ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [البقرة: 85][24]،[25].
وإما أن تكون معربة، وهذا لا يكون إلا في المثنى منها فقط، وهو الاسمان (اللذان، واللتان) بالألف رفعًا، وبالياء نصبًا وجرًّا، فهذان الاسمانِ يُعرَبان إعراب المثنى، فيرفعان بالألف، وينصبان ويجران بالياء، وذاكم هي الأمثلة على ذلك:
مثال رفع الاسم الموصول (اللذان) بالألف: قولُ الله تعالى: ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 16][26].
ومثال رفع الاسم الموصول (اللتان) بالألف: قولُ عبدالله بن عباس لعمر رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين، مَن المرأتان اللتان تظاهَرَتَا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"[27].
ومثال نصب الاسم الموصول (اللذينِ) بالياء: قولُ الله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ﴾ [فصلت: 29][28].
ومثال نصب الاسم الموصول (اللتين) بالياء: قولُه صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا هاتين الآيتين اللتين من آخر سورة البقرة؛ فإن ربي أعطانيهن من تحت العرش))[29].
ومثال جر الاسم الموصول (اللذين) بالياء: قولُ عبدالله بن عمر رضي الله عنه: ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنينِ اللذين يليانِ الحجر إلا أن البيت لم يُتمم على قواعد إبراهيم[30].
ومثال جر الاسم الموصول (اللتين) بالياء: قوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة: ((يا بنت أبي أمية، سألتِ عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناسٌ مِن عبدالقيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان))[31].


[1] فالاسم الموصول هو النوع الرابع فيما نذكره من أنواع المعارف، وهو كذلك النوع الثاني من الأسماء المبهَمة التي تُعَد من المعارف، والنوع الأول هو - كما سبق - أسماء الإشارة، ووجه كون الاسم الموصول يُعَد من الأسماء المبهمة، أنه يحتاج دائمًا في تعيينِ مدلوله وإيضاح المراد منه إلى أحد شيئينِ بعده: إما جملة، وإما شبهها، وكلاهما يُسمَّى صلةَ الموصول، فهذه الصلةُ هي التي تُفيد الاسمَ الموصول التعريفَ، وهي قرينة لفظية، كما تقدم، ولكون الاسم الموصول يفتقرُ في بيان المقصود منه إلى هذه الصلة التي يوصل بها؛ سَمَّاه النحاة اسمًا موصولًا، هذا وسيأتينا إن شاء الله تعالى الحديثُ عن صلة الموصول وأنواعها بالتفصيل.

[2] سواء كانت هذه الجملة اسميةً أم فعليةً؛ كما سيأتينا في المبحث الثاني من مباحث الاسم الموصول؛ مبحث أنواع صلة الموصول، إن شاء الله تعالى.

[3] المراد بشبه الجملةِ الظرفُ أو الجار والمجرور؛ كما سيأتينا في مبحث أنواع صلة الموصول، إن شاء الله تعالى.

[4] وكانت هاتان الجملتان اسميتين؛ لأنهما بدأتا باسم، هو الضمير (هو) فيهما.

[5] وكانت هذه الجملة جملة فعلية؛ لأنها بدأت بفعل، هو الفعل الماضي (أنزَلَ)، وقد اجتمع النوعان (الجملة الاسمية، والجملة الفعلية) في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، فالاسم الموصول (الذين) قد أتى مرتينِ في هذه الآية، وكانت صلته في المرة الأولى جملةً فعلية، هي جملة الفعل والفاعل: (اتقوا)، وكانت صلته في المرة الثانية جملة اسمية، هي الجملة المكونة من المبتدأ والخبر: (هم محسنون)، كما أنهما قد اجتمعَتا كذلك في قول الشاعر - يصف إساءة أحد أقاربه -:
ويسعى إذا أَبنِي ليهدمَ صالحي *** وليس الذي يبنِي كمَن شأنُهُ الهدمُ
فقد وقع في هذا البيت جملتان للصلة: إحداهما: جملة فعلية، وهي جملة (يبني)، وقد وقعت صلة الاسم الموصول (الذي)، والأخرى: جملة اسمية، وهي جملة (شأنه الهدم)، وقد وقعت صلة الاسم الموصول (مَن).

[6] فصِلَةُ الموصول هنا في هذا المثال هي الظرف (عندك).

[7] فصلة الموصول هنا في هذا المثال هي الجار والمجرور (في دار).

[8] تقول على سبيل المثال: أكرِم الذي كتب - والتي كتبَتْ - واللذين كتبا - واللتين كتبَتَا - والذين كتبُوا - واللاتي كتَبْنَ.

[9] وهذا كما ذكرنا تمامًا في أسماء الإشارة، فإنها كذلك كان لها ألفاظ معينة.

[10] فـ(الذي) اسم موصول للمفرد المذكر، وصلة الموصول هنا جملة فعلية، هي الجملة المكوَّنة من الفعل المبني لِمَا لم يُسَمَّ فاعله (أُرسِل)، ونائب الفاعل الضمير المستتر فيه (هو)، وهي لا محل لها من الإعراب، كما هو معلوم، وكما سبقت الإشارة إليه في مبحث أنواع صلة الموصول، وهذا الضمير المستتر (هو) هو العائد من جملة الصلة على الاسم الموصول (الذي)؛ ولذلك وافقه في التذكير والإفراد، كما هي القاعدة، والتي قد تقدَّم ذكرها كذلك في مبحث أنواع صلة الموصول.

[11] فـ(التي) اسم موصول للمفردة المؤنثة، وصلة الموصول هي الجملة الفعلية المكوَّنة من الفعل المضارع (تجادل)، وفاعله الضمير المستتر (هي)، والمفعول به الضمير كاف المخاطب، وهي لا محل لها من الإعراب، والضمير المستتر (هي) هو العائد من جملة الصلة على الاسم الموصول (التي)؛ ولذلك وافقه في الإفراد والتأنيث.

[12] فكل من الاسمين الموصولين (اللذان واللذين) هما للمثنى المذكر، وجملة الصلة هي (يأتيانِها) في الآية الأولى، و(أضلَّانا) في الآية الثانية، وكل منهما جملة فعلية، لا محل لها من الإعراب؛ لأنها وقعت صلة للموصول، والعائد في هاتين الجملتين هو الضمير ألف الاثنين في الفعلين (يأتيانها، وأضلانا)، وقد أتى موافقًا للاسم الموصول (اللذان، واللذين) في التذكير والتثنية.

[13] فالاسم الموصول في هذين المثالين هو (اللتان) بالألف، و(اللتين) بالياء، وقد دلَّ على المثنى المؤنث، وجملة الصلة هي الجملة الفعلية (نجحتا) في المثالين، وهي لا محل لها من الإعراب، والعائد من جملة الصلة على الاسم الموصول هو الضمير ألف الاثنتين في الفعل الماضي (نجحتا)؛ ولذلك وافق الاسم الموصول (اللتان، واللتين) في التثنية والتأنيث.

[14] فالاسم الموصول في هذه الآية هو (الذين)، وقد دلَّ على جماعة الذكور، وجملة الصلة هي الجملة الفعلية: ﴿ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ [البقرة: 16]، وهي لا محلَّ لها من الإعراب، والعائد من جملة الصلة على الاسم الموصول (الذين) هو الضمير (واو الجماعة) في الفعل الماضي (اشتروا)؛ ولذلك أتى موافقًا للاسم الموصول (الذين) في التذكير والجمع.

([15]) ومن الأسماء الموصولة كذلك (مَن، وما)، وهما يستعملان في جميع ما ذُكر؛ أي: إنهما يستعملان للمفرد والمثنى والجمع، المذكر والمؤنث، غير أن الاسم الموصول (من) يكون للعاقل، والاسم الموصول (ما) يكون لغير العاقل.
تقدَّم بنا في باب الأفعال من هذا الكتاب الطيب المبارك، عند ذكر أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين - أن كلًّا من الاسمين (من، وما) هما من أسماء الشرط التي تجزم فعلين مضارعين، ونحن هنا قد ذكرنا كذلك أن كلًّا من هذين الاسمين (مَن، وما) قد يَرِدانِ في اللغة العربية على أنهما اسمان موصولان؛ بمعنى (الذي، أو التي، أو اللذان، أو اللتان، أو الذين، أو اللائي واللاتي)، وبذلك يكون قد اجتمع لدينا أن لهذين الاسمين نوعينِ في اللغة العربية، والذي يحدد هل هما اسمان موصولان، أم اسما شرطٍ هو سياق الكلام الذي وردَا فيه، وأيًّا كان نوع هذينِ الاسمين فيما وردَا فيه من آية أو حديث نبوي، فإننا نقول: إنهما، سواء دل السياق على أنهما اسمان موصولان، أم اسما شرطٍ - فهما مِن ألفاظ العموم، كما ذكر ذلك الأصوليون في مبحث (ألفاظ العام)، وهل تنحصر أنواع (من، وما) في اللغة العربية في هذين النوعين فقط؟
الجواب: أنها لا تنحصر في هذين النوعين، بل إن (ما) وحدها لها في اللغة العربية عشرة أنواع، ولكن لَمَّا كان هذا الكتاب موضوعًا للمبتدئين، لم يكن من المناسب أن نذكر هنا هذه الأنواع، فإن شئتَها - أخي طالب العلم، سدَّد الله خطاك - فانظُرْها بتمامها في كتابنا (نهاية السالك شرح ألفية ابن مالك رحمه الله)، يسَّر الله له بحوله وقوته سبحانه التمام والطبع.
ومن شواهد إتيان (مَن) اسمًا موصولًا للعاقل من كتاب الله سبحانه: قولُ الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [الأحزاب: 21]، فالتقدير في هذه الآية: للذي كان يرجو الله واليوم الآخر، وجملة (كان يرجو الله واليوم الآخر) لا محل لها من الإعراب، صلة الموصول الاسمي (مَن).
ومِن شواهد ذلك أيضًا: قولُ الله تعالى: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ [يونس: 42]؛ أي: ومنهم الذين يستمعون إليك...، إلى غير ذلك من الآيات.
ومِن شواهد إتيان (ما) اسمًا موصولًا لغير العاقل: قول الله تعالى: ﴿ يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ ﴾ [القصص: 79]؛ فالمعنى: مثل الذي أوتي قارون، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما بين مَنكِبَي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع))؛ أي: الذي بين مَنكِبَي الكافر، وصلة الموصول هنا شبه جملة، وهي الظرف (بين) في قوله صلى الله عليه وسلم: ((بين مَنكِبَي الكافر)).

[16] فكل من الاسمين الموصولين (اللائي، واللاتي) في هاتين الآيتين قد دلا على جماعة الإناث، وجملة الصلة في هاتين الآيتين هي الجملة الفعلية: ﴿ يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ ﴾ [النساء: 15] في الآية الأولى، والجملة الفعلية: ﴿ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ ﴾ [الطلاق: 4] في الآية الثانية، وهما لا محلَّ لهما من الإعراب صلة الموصول الاسمي (اللاتي، واللائي)، والعائد من جملة الصلة إلى الاسم الموصول (اللاتي، واللائي) هو الضمير (نون النسوة) في الفعلين المضارعين (يأتين، ويئسن)؛ ولذلك أتى موافقًا للاسم الموصول (اللائي واللاتي) في التأنيث والجمع.

[17] بل وما تبقى منها كذلك مما لم يُذكَر بعدُ، وهو المعرَّف بـ(أل) والمعرَّف بالإضافة.

[18] أي أن يلزم آخرها حركة واحدة وحالة واحدة، ولا تظهر عليها علامات الإعراب، كما سيتضح بالأمثلة، إن شاء الله تعالى.

[19] بما فيها الاسمان الموصولان (مَن، وما).

[20] وهو: (اللذان، واللتان) بالألف رفعًا، و(اللذين، واللتين) بالياء نصبًا وجرًّا، على أن بعض النحاة يرى أن المثنى من الأسماء الموصولة مبنِيٌّ كباقي الأسماء الموصولة، وقالوا: إنه يكون مبنيًّا في حالة الرفع على الألف، وفي حالتي النصب والجر على الياء، وعلَّلوا ذلك بأن حق الأسماء الموصولة أن تكون مبنية؛ لمشابهتها للحروف، وهذا في حقيقة الأمر مُشكِل من وجهين: الوجه الأول: أن القاعدة عند النحاة أن الكلمة إذا كان آخرها يتغير باختلاف العوامل الداخلة عليها، فإنها تكون معربة، لا مبنية [كما وضحنا ذلك عند تعريف الإعراب في بداية الكتاب]، وهاهنا الاسمان الموصولان (اللذان، واللتان) يتغير آخرهما باختلاف العوامل، فيكونان بالألف رفعًا، وبالياء نصبًا وجرًّا، فهذا مما يرجح كونهما معربين لا مبنيين، وانظر: ما تقدم في أول هذا الكتاب من مبحث تعريف الإعراب.
والوجه الثاني: أن هذين الاسمين مثنَّيان، والتثنية من خصائص الأسماء، والأسماء الأصل فيها أن تكون معربة.
والخلاصة الآن: أن الاسمين الموصولين (اللذان، واللتان) قد حدث فيهما خلاف بين النحاة: هل هما معربان أم مبنيَّان؟ فمِن النحاة مَن رأى أنهما معربان؛ وحينئذٍ يقول في إعرابهما: إنهما مرفوعان بالألف، ومنصوبان ومجروران بالياء، ومِن النحاة مَن يرى أنهما مبنيَّان؛ وحينئذٍ يقول في إعرابهما: إنهما مبنيان على الألف في حالة الرفع، ومبنيان على الياء في حالتي النصب والجر.

[21] أي: في حالة الرفع والنصب والجر.

[22] فـ(من) في هذه الآية: اسم موصول مبني على السكون، في محل رفع فاعل.

[23] فـ(من) في هذه الآية: اسم موصول مبني على السكون، في محل نصب مفعول به، ولا نقول: مفعول به أول، لأن (تجعل) هنا بمعنى (تخلق)، فهي لا تنصب إلا مفعولًا واحدًا.

[24] فـ(مَن) في هذه الآية: اسم موصول مبني على السكون، في محل جر مضاف إليه.
فيُلاحظ في هذه الآيات الثلاث أن الاسم الموصول (مَن) لم يتغيَّر آخره، بل إن آخره قد لزم السكون في هذه الآيات المباركات الثلاث المذكورة كلها، ولم تظهر عليه علامة إعراب، على الرغم من تغير العوامل الداخلة عليه؛ من عامل يقتضي الرفع في الآية الأولى، إلى عامل يقتضي النصب في الآية الثانية، إلى عامل يقتضي الجر في الآية الثالثة، وهذا هو المبني، وقد أُعرب هذا الاسم الموصول (من) في هذه الآيات الثلاث - كما رأيت - إعرابًا محليًّا.

[25] ومثال ذلك أيضًا: الاسم الموصول (الذين)؛ فإنه يُبنَى على الفتح، مع لزومه الياء مطلقًا رفعًا ونصبًا وجرًّا، ويكون في محل رفع، أو نصب، أو جر، ومثالُ بنائه على الفتح، وهو في محل رفع: قولُه تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى ﴾ [البقرة: 16]، فالاسم الموصول (الذين) في هذه الآية مبني على الفتح، وهو في محل رفع خبر المبتدأ؛ اسم الإشارة (أولئك).
ومثالُ بنائه على الفتح، وهو في محل نصب: قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 10]، فالاسم الموصول (الذين) في هذه الآية مبني على الفتح، في محل نصب اسم (إن).
ومثالُ بنائه على الفتح، وهو في محل جر: قولُه تعالى: ﴿ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [البقرة: 59]؛ فالاسم الموصول (الذين) في هذه الآية مبني على الفتح، وهو في محل جر اسم مجرور بحرف الجر (على) قبله.
وكون الاسم الموصول (الذين) مبنيًّا على الفتح، ملازمًا للياء على كل حال، رفعًا ونصبًا وجرًّا، وإعرابه إعرابًا محليًّا - هذا هو الذي ورد به الكتاب العزيز، وتكلَّم به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المشهور في لغة العرب، إلا أن مِن العرب مَن يُعرِب الاسم الموصول (الذين)، ويجعل إعرابه إعراب جمع المذكر السالم، فيجعله بالواو في حالة الرفع، ويقول: (الَّذونَ)، وبالياء في حالتي النصب والجر، ويقول: (الَّذين)، وهذه هي لغة بني هُذَيل وعقيل.
في (الكواكب الدرية) 1 /65: وعلى هذه اللغة يكتب بلامَينِ، بخلافه في لغة مَن ألزمه الياء مطلقًا، فإنه يكتب بلام واحدة؛ اهـ.
ومِن شواهد هذه اللغة: قول الشاعر:
نحن الَّذُونَ صبَّحوا الصباحا *** يومَ النُّخَيْلِ غارةً ملحاحا
والشاهد في هذا البيت قولُه: الذون؛ حيث جاء به بالواو في حالة الرفع، كما لو كان جمع مذكر سالمًا، وذلك على لغة هُذيل وعقيل، ولو مشَى على اللغة الأخرى لقال: نحن الذين؛ كما قال الصحابة رضي الله عنهم:
نحن الذين بايعوا محمدا *** على الجهادِ ما بقينا أبدا
وبذلك يجتمعُ لنا أن في الاسم الموصول (الذين) لغتينِ واردتينِ عن العرب: لغة بالياء مطلقًا، وهذا هو الوجه المشهور في لغة عامة العرب، ولغة أخرى أنها تتغيَّر، فتكون بالواو في حالة الرفع، وبالياء في حالتي النصب والجر.

[26] فـ(اللذان): اسم موصول للمثنى المذكر، وهو هنا في هذه الآية مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الألف؛ لأنه ملحق بالمثنى، وجملة (يأتيانها) صلة الموصول، لا محل لها من الإعراب، كما تقدم.

[27] فـ(اللتان) اسم موصول للمثنى المؤنث، وهو مرفوعٌ على أنه صفة للاسم المرفوع قبله (المرأتان)، وعلامة رفعه الألف؛ لأنه ملحق بالمثنى، والجملة الفعلية (تظاهرتا) لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

[28] فالاسم الموصول (اللذين) في هذه الآية منصوب على أنه مفعول به ثانٍ، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى، والجملة الفعلية (أضلَّانا) لا محل لها من الإعراب، صلة الموصول.

[29] فالاسم الموصول (اللتين) في هذا الحديث منصوب على أنه صفة للاسم المنصوب قبله (الآيتين)، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى، وصلة الموصول هنا هي الجار والمجرور (من آخر).

[30] فالاسم الموصول (اللذين) في هذا الأثر مجرور على أنه صفة للاسم المجرور قبله (الركنين)، وعلامة جره الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى، والجملة الفعلية (يليان الحجر) لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.

[31] فالاسم الموصول (اللتين) في هذا الحديث مجرور على أنه صفة للاسم المجرور قبله (الركعتين)، وعلامة جره الياء؛ لأنه ملحق بالمثنى، وصلة الموصول هنا هي الظرف (بعد).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 31-01-2023 الساعة 11:32 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.04 كيلو بايت... تم توفير 1.74 كيلو بايت...بمعدل (2.42%)]