إضاءات سلفية - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وصايا للزوجة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          الوتر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 283 )           »          ملخص كتاب: لماذا لم أتشيع - الأول: المقدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 430 )           »          إمكانات اللغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          غزوة مؤتة أمل جديد وروح فتيَّة قادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          ضَعْفُ الْمُقْرِئِين فِي الْإِقْرَاء: أَسْبَابُهُ وَعِلَاجُهُ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          شرح (ما يقول الصائم إذا سابه أحد ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          شرح دعاء الصائم إذا حضر الطعام ولـم يفطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          التحذير من إفشاء الأسرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          كيف تأخذ أجر الصدقة بدون دفعها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 30-09-2024, 12:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 143,246
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية(11)

- الكـــرم ومجاهدة النفس






قال ابن مسكويه: الكرم إنفاق المال الكثير بسهولة من النّفس فى الأمور الجليلة القدر، الكثيرة النّفع.

قال الكفويّ: الكرم إن كان بمال فهو جود. وإن كان بكفّ ضرر مع القدرة فهو عفو. وإن كان ببذل النّفس فهو شجاعة.
قال أبو حامد الغزاليّ: والكريم من أسماء الله تعالى؛ هو الّذي إذا قدر عفا، وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرّجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى، وإن رفعت حاجة إلى غيره لا يرضى، وإذا جفي عاتب، ولا يضيع من لاذبه والتجأ. ويغنيه عن الوسائط والشّفعاء، فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتّكلّف، فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط.
من معاني الكرم في القرآن الكريم:
1- الحسن، قال تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيم}ٌ (النمل/ 29) .
2- السّهل، قال تعالى: {وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً} (الإسراء/ 23) .
3- الكثير، قال تعالى: {وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً} (الأحزاب/ 31) .
4- العظيم، قال تعالى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (المؤمنون/ 116) .
5- الفضل. ومنه قوله تعالى في (بني آدم) : {أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيّ}َ (الإسراء/ 62). أي فضّلت عليّ، وفيها: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ (آية/ 70).
6- الصّفوح، ومنه قوله تعالى في (الانفطار) (آية 6) {ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيم}ِ.
وعن سلمان الفارسيّ- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله حييّ كريم، يستحيي إذا رفع الرّجل إليه يديه أن يردّهما صفرا خائبتين» رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
وعن أبي شريح العدويّ- رضي الله عنه- قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته «7» ، قيل: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: «يوم وليلة، والضّيافة ثلاثة أيّام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» متفق عليه.
مجاهدة النفس
قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} (النازعات: 40، 41). ومجاهدة النفس هي محاربة النّفس الأمّارة بالسّوء بتحميلها ما يشقّ عليها بما هو مطلوب في الشّرع.
قال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-: جهاد النّفس على أربع مراتب:
الأولى: مجاهدتها على تعلّم الهدى ودين الحقّ.
الثّانية: مجاهدتها على العمل به (أي: بالهدى ودين الحقّ) بعد علمه.
الثّالثة: مجاهدتها على الدّعوة إلى الحقّ.
الرّابعة: مجاهدتها على الصّبر على مشاقّ الدّعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمّل ذلك كلّه لله.
ثمّ قال- رحمه الله- عقب ذلك: فإذا استكمل المسلم هذه المراتب الأربع صار من الرّبّانيّين، فإنّ السّلف مجمعون على أنّ العالم لا يستحقّ أن يسمّى ربّانيّا حتّى يعرف الحقّ ويعمل به ويعلّمه، فمن علم وعمل وعلّم فذاك يدعى عظيما في ملكوت السّموات.
عن ربيعة بن كعب الأسلميّ- رضي الله عنه- قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأتيته بوضوئه وحاجته. فقال لي: «سل» فقلت: أسألك مرافقتك في الجنّة. قال «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك. قال: «فأعنّي على نفسك بكثرة السّجود» رواه مسلم.
قال أبو بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- في وصيّته لعمر حين استخلفه: «إنّ أوّل ما أحذّرك: نفسك الّتي بين جنبيك». وسأل أحدهم عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- عن الجهاد، فقال له: «ابدأ بنفسك فجاهدها، وابدأ بنفسك فاغزها».
قال ابن القيّم- رحمه الله-: لا يسيء الظّنّ بنفسه إلّا من عرفها. ومن أحسن الظّنّ بنفسه فهو من أجهل النّاس بنفسه. قال الشّاعر:
يا من يجاهد غازيا أعداء دي
ن الله يرجو أن يعان وينصرا
هلّا غشيت النّفس غزوا إنّها
أعدى عدوّك كي تفوز وتظفرا
مهما عنيت جهادها وعنادها
فلقد تعاطيت الجهاد الأكبرا



اعداد: وليد دويدار
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 24-10-2024, 03:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 143,246
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية (12)
– التقــوى والتكبير





قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿33﴾إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (لقمان: 33- 34).

وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اتّقوا الظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلمات يوم القيامة، واتّقوا الشّحّ؛ فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم» رواه مسلم.

وعن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ الله يحبّ العبد التّقيّ الغنيّ الخفيّ» رواه مسلم.

وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قيل للنّبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم النّاس؟ قال: «أكرمهم أتّقاهم» ، قالوا: يا نبيّ الله، ليس عن هذا نسألك. قال: «وأكرم النّاس يوسف نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن نبيّ الله ابن خليل الله» . قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: «أفعن معادن العرب تسألونني؟» . قالوا: نعم. قال: «فخياركم في الجاهليّة خياركم في الإسلام إذا فقهوا» رواه البخاري.

قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102) قال : أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر.

قال طلق بن حبيب- رحمه الله-: «التّقوى العمل بطاعة الله على نور من الله، رجاء رحمة الله، والتّقوى ترك معاصي الله على نور من الله، مخافة عذاب الله».

وسأل رجل أبا هريرة- رضي الله عنه-: ما التّقوى؟ قال: «هل أخذت طريقا ذا شوك؟» قال: نعم، قال: «فكيف صنعت؟» . قال: إذا رأيت الشّوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه، قال: «ذاك التّقوى» وأخذ أحدهم هذا المعنى فقال :

خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقي

واصنع كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

التكبير

قال المناويّ: يقال: التّكبير لتعظيم الله بقولك: الله أكبر ولعبادته ولاستشعار تعظيمه

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} (المدثر: 1 - 7).

وعن قتادة قال: ذكر لنا أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يعلّم أهله هذه الآية {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} (الإسراء: 111) الصّغير من أهله والكبير. وكان القرظيّ يقول في هذه الآية (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً)، قال: إنّ اليهود والنّصارى قالوا اتّخذ الله ولدا، وقالت العرب لبّيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك، وقال الصّابئون والمجوس لولا أولياء الله لذلّ الله فأنزل الله (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) أي كبّره أنت يا محمّد على ما يقولون تكبيرا.

عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّه خلق كلّ إنسان من بني آدم على ستّين وثلاثمائة مفصل، فمن كبّر الله وحمد الله وهلّل الله، وسبّح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق النّاس أو شوكة أو عظما عن طريق النّاس، وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك السّتّين والثّلاثمائة السّلامى؛ فإنّه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النّار» رواه مسلم.

وفي صحيح مسلم أيضاً عن سعد بن أبي وقّاص-رضي الله عنه- قال: جاء أعرابيّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: علّمني كلاما أقوله. قال: «قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا. سبحان الله ربّ العالمين. لا حول ولا قوّة إلّا بالله العزيز الحكيم». قال: فهؤلاء لربّي فما لي؟ قال قل: «اللهمّ اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني»







اعداد: وليد دويدار








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 28-10-2024, 04:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 143,246
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية(13)

- تكريم الإنسان





قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: 70).
قال الطّبريّ في تفسير هذه الآية: يقول- تعالى ذكره- ولقد كرّمنا بني آدم بتسليطنا إيّاهم على غيرهم من الخلق، وتسخيرنا سائر الخلق لهم، وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ على ظهور الدّوابّ والمراكب، وفي البحر في الفلك الّتي سخّرناها لهم، وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي طيّبات المطاعم والمشارب، وهي حلالها ولذيذاتها وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا وذلك تمكّنهم من العمل بأيديهم، وأخذ الأطعمة والأشربة بها، ورفعها بها إلى أفواههم، وذلك غير متيسّر لغيرهم من الخلق» وعن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- في قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ ... الآية ) أنّ التّفضيل بالعقل.
قال ابن كثير: تكريم الله للإنسان يتجلّى في خلقه له على أحسن الهيئات وأكملها وفي أن جعل له سمعا وبصرا وفؤادا، يفقه بذلك كلّه وينتفع به ويفرّق بين الأشياء ويعرف منافعها وخواصّها ومضارّها في الأمور الدّينيّة والدّنيويّة.
عن أبي هريرة وأبي سعيد- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بالعبد يوم القيامة، فيقول الله له: ألم أجعل لك سمعا وبصرا ومالا وولدا، وسخّرت لك الأنعام والحرث، وتركتك ترأس وتربع فكنت تظنّ أنّك ملاقي يومك هذا؟ قال: فيقول: لا. فيقول له: اليوم أنساك كما نسيتني» رواه الترمذي.
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: «المؤمن أكرم على الله من ملائكته»
ونظر ابن عمر- رضي الله عنهما- يوما إلى البيت- أو إلى الكعبة- فقال: «ما أعظمك وأعظم حرمتك! والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك»
(46) حق الجار
قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } (النساء: 36).
حق الجار هو امتثال الوصيّة بالجار بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطّاقة. كالهديّة، والسّلام إلى غير ذلك وكفّ أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه حسّيّة كانت أو معنويّة
قال ابن حجر: واسم الجار يشمل المسلم والكافر، والعابد والفاسق، والصّديق والعدوّ، والغريب والبلديّ، والنّافع والضّارّ، والقريب والأجنبيّ والأقرب دارا والأبعد، وله مراتب بعضها أعلى من بعض، فأعلاها من اجتمعت فيه الصّفات الأول كلّها ثمّ أكثرها وهلمّ جرّا إلى الواحد، وعكسه من اجتمعت فيه الصّفات الأخرى كذلك، فيعطى كلّ حقّه بحسب حاله.
عن أبي ذرّ- رضي الله عنه- قال: إنّ خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني: «إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه. ثمّ انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره». متفق عليه. وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه» متفق عليه.
وعن أبي شريح الخزاعيّ- رضي الله عنه- أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت» رواه مسلم.
ويروى أنّ رجلا جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه- فقال له: إنّ لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيّق عليّ، فقال: اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه».



اعداد: وليد دويدار






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 08-11-2024, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 143,246
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية(14)

- الحكمــــــة





النقمة هي كراهية الشّيء كراهية شديدة تصل إلى حدّ السّخط، وقد تستعمل النّقمة ويراد بها ما ينجم عنها وهو الانتقام.

قال ابن حجر: واختلف في المراد بالحكمة فقيل: الإصابة في القول. وقيل: الفهم عن الله، وقيل ما يشهد العقل بصحّته، وقيل نور يفرّق به بين الإلهام والوسواس. وقيل: سرعة الجواب بالصّواب. وقيل غير ذلك.
قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ} (البقرة: 268، 269).
وعن عبد الله- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلّا في اثنتين، رجل آتاه الله مالا فسلّطه على هلكته في الحقّ، وآخر آتاه الله حكمة، فهو يقضي بها ويعلّمها» متفق عليه.
وعن عون بن عبد الله؛ قال: قال عبد الله: «نعم المجلس مجلس ينشر فيه الحكمة، وترجى فيه الرّحمة»
وعن شرحبيل بن شريك أنّه سمع أبا عبد الرّحمن الحبليّ يقول: «ليس هديّة أفضل من كلمة حكمة تهديها لأخيك»
وكان وهب بن منبّه يقول: «يا بنيّ عليك بالحكمة، فإنّ الخير في الحكمة كلّها، وتشرّف الصّغير على الكبير، والعبد على الحرّ، وتزيد السّيّد سؤددا، وتجلس الفقير مجالس الملوك»
وعن موسى بن عليّ، قال: «قال ربيط بني إسرائيل: «زين المرأة الحياء، وزين الحكيم الصّمت»
وقال ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:- اسم الحكيم له سبحانه- من لوازمه ثبوت الغايات المحمودة المقصودة له بأفعاله، ووضعه الأشياء في مواضعها، وإيقاعها على أحسن الوجوه.
(48) النميمة
قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (القلم: 10 - 15).
النميمة هي نقل كلام النّاس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد. وقيل: إفشاء السّرّ، وهتك السّتر عمّا يكره كشفه.
قال الذّهبيّ: النّميمة من الكبائر، وهي حرام بإجماع المسلمين، وقد تظاهرت على تحريمها الدّلائل الشّرعيّة من الكتاب والسّنّة.
عن حذيفة- رضي الله عنه- أنّه بلغه أنّ رجلا ينمّ الحديث، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنّة نمّام» متفق عليه.
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال النّبي صلى الله عليه وسلم : «تجد من شرار النّاس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه» متفق عليه.
قال رجل لعمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-: «يا أمير المؤمنين، احذر قاتل الثّلاثة». قال: «ويلك، من قاتل الثّلاثة؟» قال: الرّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب، فيقتل الإمام ذلك الرّجل بحديث هذا الكذّاب، ليكون قد قتل نفسه، وصاحبه، وإمامه».
وقال الحسن البصريّ- رحمه الله تعالى-: «من نمّ إليك نمّ عليك»
تنحّ عن النّميمة واجتنبها ... فإنّ النّمّ يحبط كلّ أجر
يثير أخو النّميمة كلّ شرّ ... ويكشف للخلائق كلّ سرّ
ويقتل نفسه وسواه ظلما ... وليس النّمّ من أفعال حرّ
(49) النقمة
قال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (3) قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (البروج: 1 - 9).
النقمة هي كراهية الشّيء كراهية شديدة تصل إلى حدّ السّخط، وقد تستعمل النّقمة ويراد بها ما ينجم عنها وهو الانتقام.
ويتجلّى الفرق بين النّقمة والانتقام في أنّ النّقمة من أعمال القلوب والانتقام من أعمال الجوارح، كما أنّ النّقمة تسبق الانتقام وهو كالنّتيجة لها، وأيضا فإنّ النّقمة قد لا يعقبها عقوبة ولا انتقام، أمّا الانتقام فلا بدّ أن تسبقه النّقمة.
وعن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهمّ إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك» رواه مسلم.
عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من يهود فيهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وغازي بن عمر وزيد بن خالد وأزار بن أبي أزار وأسقع، فسألوه عمّن يؤمن به من الرّسل؟ قال: «أؤمن بالله وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون» فأنزل الله تعالى الآية الكريمة: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } (المائدة/ 59).
(50) الكسل
قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿142﴾
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } (النساء: 142، 143).
وعن زيد بن أرقم- رضي الله عنه- قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهمّ إنّي أعوذبك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم وعذاب القبر. اللهمّ آت نفسي تقواها، وزكّها أنت خير من زكّاها. أنت وليّها ومولاها. اللهمّ إنّي أعوذبك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها» رواه مسلم.
قال المناويّ: الكسل: التّغافل عمّا لا ينبغي التّغافل عنه ولذلك عدّ مذموما وضدّه النّشاط..
والكسل قسمان: الأوّل: كسل العقل بعدم إعماله في التّفكّر والتّدبّر والنّظر في آلاء الله من ناحية وفي تركه النّظر إلى ما يصلح شأن الإنسان، ومن حوله في الدّنيا الّتي فيها معاشه. وليس تأخّر الأمم ناتجا إلّا عن كسل أصحاب العقول فيها وقلّة اكتراثهم بالقوّة الإبداعيّة المفكّرة الّتي أودعها الله فيهم.
الثّاني: كسل البدن بما يشتمل عليه من الجوارح، وينجم عن هذا الكسل تأخّر الأفراد، بل الأمم في مجالات النّشاط المختلفة من زراعة وصناعة وغيرهما.



اعداد: وليد دويدار





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 13-11-2024, 01:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 143,246
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات سلفية

إضاءات سلفية(15)

- الكـــــــذب




قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ} (الشعراء: 221 - 223).
قال ابن حجر: الكذب: هو الإخبار بالشّيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمدا أم خطأ
ذكر الإمامان ابن حجر والذّهبيّ الكذب (الّذي لا رخصة فيه) من الكبائر، وأفحش الكذب ما كان كذبا على الله عزّ وجلّ أو رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وقد صرّح العلماء بعدّ هذين النّوعين (الكذب على الله والكذب على الرّسول) من الكبائر، وذهب بعضهم إلى أنّ الكذب على الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كفر، قال ابن حجر: ولا ريب أنّ تعمّد الكذب على الله ورسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال كفر محض، وإنّما الكلام في الكذب عليهما فيما سوى ذلك.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» متفق عليه.
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ كذبا عليّ ليس ككذب على أحد. من كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار» متفق عليه.
قال أبو عبد الله الإمام أحمد: الكذب لا يصلح منه جدّ ولا هزل»
قال صالح بن عبد القدّوس:
واختر صديقك واصطفيه تفاخرا ... إنّ القرين إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحبا ... إنّ الكذوب لبئس خلّا يصحب
(52) ترك الصلاة
قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ}(المد ثر: 38 - 47).
قال الإمام أبو عبد الله المروزيّ رحمه الله-: «لقد شدّد تبارك وتعالى الوعيد في تركها، ووكّده على لسان نبيّه صلى الله عليه وسلم بأنّ تاركها يخرج من الإيمان بتركها، ولم تجعل فريضة من أعمال العباد علامة بين الكفر والإيمان إلّا الصّلاة، فقال: ليس بين العبد وبين الكفر من الإيمان إلّا ترك الصّلاة» فأخبر أنّها نظام للتّوحيد، ويكفر بتركها، كما يكفر بترك التّوحيد».
المقصود هنا بترك الصلاة: أن يدع الإنسان إقامة الصّلاة المفروضة عمداً حتى يخرج وقتها بغير عذر. عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بين الرّجل وبين الشّرك والكفر ترك الصّلاة»
وعن عبد الله بن عمر وأبي هريرة- رضي الله عنهم- أنّهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، على أعواد منبره: «لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمنّ الله على قلوبهم، ثمّ ليكوننّ من الغافلين» رواه مسلم.
عن عمر- رضي الله عنه- قال: «لا إسلام لمن لم يصلّ». وقال عليّ- رضي الله عنه-: «من ترك صلاة واحدة متعمّدا، فقد برئ من الله وبرىء الله منه»
عن عبد الله بن شقيق العقيلي- رضي الله عنه- قال: «كان أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصّلاة»
(53) الجبن
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (الأحزاب: 9 - 11).
قال الفيروز آباديّ: الجبن: ضعف القلب عمّا يحقّ أن يقوى عليه.
وقال الأبشيهيّ- رحمه الله تعالى-: الجبن خلق مذموم قد استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن نعوذ بالله ممّا استعاذ منه سيّد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « شَرَّ ما في رَجُل: شُح هَالِعٌ، وجُبْنٌ خَالعٌ». رواه أبو داود وصححه الألباني.
وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهمّ إنّي أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من عذاب القبر» متفق عليه.
قال ابن تيمية- رحمه الله تعالى.: «إنّ الجميع يتمادحون بالشّجاعة والكرم حتّى إنّ ذلك عامّة ما يمدح به الشّعراء ممدوحيهم في شعرهم، وكذلك يتذامّون بالبخل والجبن»
قال أبو الزّناد- رحمه الله تعالى-: «لمّا حضرت خالد بن الوليد الوفاة بكى، ثمّ قال: لقد حضرت كذا وكذا زحفا وما في جسدي شبر إلّا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء»
(54) السحر
قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (البقرة:102)، قال ابن قدامة- رحمه الله- عن السحر: هو عقد ورقى يتكلّم به أو يكتبه السّاحر أو يعمل شيئا يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له.
قال النّوويّ: «عمل السّحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع وقد عدّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم من السّبع الموبقات، ومنه ما يكون كفرا، ومنه ما لا يكون كفرا بل معصية كبيرة فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كافر، وإلّا فلا، وأمّا تعلّمه وتعليمه فحرام»
الطرق الشرعية في الوقاية من السحر والسحرة
(1) الاستعاذة بالله، وقد أرشدنا القرآن إلى الاستعاذة في غير موضع من كتابه.
(2) تقوى الله وحفظه عند أمر الله ونهيه، فمن اتّقى الله تولّى الله حفظه ولم يكله إلى غيره.
(3) التّوكّل على الله والاعتماد عليه، فمن توكّل على الله فهو حسبه.
(4) تجريد التّوبة إلى الله من الذّنوب الّتي سلّطت عليه أعداءه.
(5) الصّدقة والإحسان؛ فإنّ لذلك تأثيرا عجيبا في دفع البلاء والسّحر والحسد.
(6) الإكثار من قراءة القرآن والأدعية المأثورة.
(7) استخراج السّحر وإبطاله، وهذه من طرق علاج السّحر بعد وقوعه.
(8) استعمال الأدوية المباحة شرعا الّتي يعرفها الأطبّاء وأهل العلم.
(55) الطموح
الطموح هو أن ينزع الإنسان إلى معالي الأمور ويعمل على تغيير حاله إلى ما هو أسمى وأنفع، وكلّما نال مرتبة نظر إلى ما فوقها، ولا يكون ذلك محمودا إلّا إذا وافق الشّرع الحنيف.
قال الشّيخ الخضر حسين- رحمه الله-: «وممّا جبل عليه الحرّ الكريم، ألا يقنع من شرف الدّنيا والآخرة بشيء ممّا انبسط له، أملا فيما هو أسنى منه درجة وأرفع منزلة».
وعن الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله- تعالى- يحبّ معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها»
قال الشاعر
والحرّ لا يكتفي من نيل مكرمة
حتّى يروم الّتي من دونها العطب
يسعى به أمل من دونه أجل
إن كفّه رهب يستدعه رغب
لذاك ما سال موسى ربّه أرني
أنظر إليك وفي تساله عجب
يبغي التّزيّد فيما نال من كرم
وهو النّجيّ لديه الوحي والكتب
وقال آخر:
لا يدرك المجد من لا يركب الخطرا
ولا ينال العلا من قدّم الحذرا
ومن أراد العلا صفوا بلا كدر
قضى ولم يقض من إدراكه وطرا
وأحزم النّاس من لو مات من ظمأ
لا يقرب الورد حتّى يعرف الصّدرا



اعداد: وليد دويدار
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 96.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 93.25 كيلو بايت... تم توفير 3.51 كيلو بايت...بمعدل (3.63%)]