فضائل الورع - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-01-2022, 07:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي فضائل الورع

فضائل الورع
د. محمود بن أحمد الدوسري


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أمَّا بعد: فمن السهولة بمكانٍ أنْ يكون المُسلِمُ مُصَلِّيًا أو صَوَّامًا أو قوَّاماً أو خَطيبًا أو مُعَلِّمًا أو داعيةً أو حتى عالِمًا؛ ولكن من الصعوبة بمكانٍ أنْ يكون وَرِعًا؛ لأنَّ الوَرَعَ رُتْبةٌ عَزِيزة المنال، ومتى ارتقى المُسلِمُ إلى مرتبة الوَرَع فقد نال أسْمَى المراتب، وتحلَّى بِأجْمَلِ المناقب التي تُؤَهِّلُه لِمُصاحَبَةِ ﴿ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69].

قال حبيبُ بنُ أبي ثابتٍ رحمه الله: (لَا يُعْجِبُكُمْ كَثْرَةُ صَلَاةِ امْرِئٍ وَلَا صِيَامِهِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى وَرَعِهِ، فَإِنْ كَانَ وَرِعًا - مَعَ مَا رَزَقَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِبَادَةِ؛ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ حَقًّا). وَقَالَ الْحَسَنُ البصريُّ رحمه الله: (مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْوَرَعِ؛ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ مِثْقَالٍ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ).

وأكثرُ الناسِ اليوم – إلاَّ رَحِمَ اللهُ - إنما يهمه أنْ يُحقِّقَ مآرِبَه في الدنيا، وشهواتها وملذَّاتها دون التفاتٍ للشرع، وبعضُهم – والعياذ بالله – قد امتلأ بطنُه، وعَظُمَ رصيدُه، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ جِسْمُه، وذلك ما يُلاحظ من قِلَّةِ البَرَكة، وانتشارِ المعاصي، فهو نتيجةُ غيابِ مفهومِ الوَرَع.

والوَرَع – في الشَّرع: ليس هو الكف عن المحارم، والتَّحرُّج منها فقط؛ بل هو بمعنى الكَفِّ عن كثيرٍ من المُباح، والانقباض عن بعضِ الحلالِ خشيةَ الوقوع في الحرام.


وقد ورَدَتْ تعارِيفُ كثيرةٌ لِلْوَرَع: ومن أهَمِّها؛ قولُهم: الوَرَعُ: تَرْكُ ما يَرِيبُكَ، ونَفْي ما يَعِيبُك، والأخذ بالأوثق، وحَمْلُ النَّفْسِ على الأشق. وقيل: هو تَجَنُّبُ الشبهات. وقيل: هو تَرْكُ ما يُخْشَى ضَرَرُه في الآخرة. فانظروا لهذه التعريفات؛ ثم لْنَعْرِضْ أنفُسَنا وأحوالَنا وأعمالَنا على مفهوم الوَرَع، فهو في وادٍ، ونحن في وادٍ آخَر!


وفضائِلُ الوَرَعَ أكثرُ من أن تُحْصَى، ومن أهم فضائله:
أنَّ الوَرَع عاصِمٌ من الوقوع في المعاصي: قالت عائشةُ رضي الله عنها – في شأنِ حادثة الإفك: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ! مَا عَلِمْتِ؟ مَا رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ: وَهْيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي [أي: تُنازِعُني الحُظْوَةَ والمَكانَةَ عند رسول الله صلى الله وسلم] فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ» رواه البخاري ومسلم. فتأمَّلوا كيفَ عَصَمَ الورعُ زينبَ رضي الله عنها من التَّحَدُّثِ في شأن عائشةَ، مع احتدام المُنافَسَةِ بينهما.

ومن فضائل الوَرَع: أنه مِنْ أعلى مراتبِ الإيمان، وأفضلِ درجات الإحسان؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحَسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا» صحيح – رواه ابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكِمُ الْوَرَعُ» صحيح – رواه البزار والحاكم.

ومن فضائله: أنه يُحَقِّقُ للمؤمن راحَةَ البال، وطُمأنينةَ النفس؛ ويُطَهِّرُ دَنَسَ القلب كما يُطّهِّرُ الماءُ دَنَسَ الثوب، وهو صَونُ النفس وحِفظُها وحِمايتُها عَمَّا يَشِينُها ويَعِيبُها، فإنَّ مَنْ كَرُمَتْ عليه نفسُه صانَها وحَماها، وزكَّاها وعَلاَّها، ومَنْ هانَتْ عليه نفسُه وصَغُرَت عنده، ألقاها في الرَّذائل، وأطْلَقَ عَنانَها، وحَلَّ زِمامَها.

ومن فضائلِ الوَرَع: أنَّ مَنْ حَصَّلَه فلا يُبالي بما فاته من الدنيا؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ إِذَا كُنَّ فِيكَ فَلاَ عَلَيْكَ مَا فَاتَكَ مِنَ الدُّنْيَا: حِفْظُ أَمَانَةٍ، وَصِدْقُ حَدِيثٍ، وَحُسْنُ خَلِيقَةٍ [أي: حُسْنُ خُلُقٍ، وَالتَّعْبِيرُ بِهَا إِشَارَةٌ إِلَى الْحُسْنِ الْجِبِلِّيِّ لَا التَّكَلُّفِيِّ وَالتَّصَنُّعِيِّ فِي الْأَحْوَالِ]، وَعِفَّةٌ فِي طُعْمَةٍ [أَيِ: احْتِرَازٌ مِنَ الْحَرَامِ]» صحيح - رواه أحمد.


ومن فضائله: التَّعْوِيضُ بالخير في الدنيا والآخرة؛ كما جاء في الحديث الصحيح: «مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلهِ؛ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ»؛ وفي روايةٍ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ إِلاَّ بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ» صحيح – رواه أحمد.

والعِوَضُ أنواعٌ مُخْتَلِفَة: وأجَلُّ ما يُعَوَّضُ به المؤمن: الأُنْسُ بالله ومَحَبَّتُه، وطُمأنينةُ القلب به، وقُوَّتُه ونشاطُه وفَرَحُه ورِضاه عن ربِّه تعالى. ولَمَّا تَرَكَ المُهاجِرُون دِيارَهم وأوطانَهم لله تعالى - وهي أحَبُّ شيءٍ إليهم؛ أعاضَهُم اللهُ سبحانه، بِأنْ فَتَحَ عليهم الدنيا، ومَلَّكَهم شَرْقَ الأرضِ وغربَها. وقد يكون هذا التَّعْوِيض في الآخرة: فإنَّ ثوابَ الآخرة - مَهْمَا قَلَّ؛ فهو أعظَمُ من الدنيا كُلِّها - مَهْمَا عَظُمَتْ. وجميعُ ما في الدنيا؛ لا يُساوِي ذَرَّةً مِمَّا في الجنة.


ومن فضائِلِ الوَرَع: الكَفُّ عن الحرام، والبُعْدُ عمَّا لا ينبغي؛ وهذا من تمام التَّقوى، قال أبو بكرٍ الصِّديق رضي الله عنه: (كُنَّا نَدَعُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْحَلَالِ؛ مَخَافَةَ أَنْ نَقَعَ فِي بَابٍ مِنَ الْحَرَامِ. وقال ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: (إنِّي لَأُحِبُّ أنْ أدَعَ بيني وبين الحَرامِ سُتْرَةً من الحَلالِ لا أخْرِقُها). وقال الحسَنُ البصريُّ رحمه الله: (مَا زَالَت التَّقْوَى بالمُتَّقين حَتَّى تَرَكُوا كثيرًا من الْحَلَال؛ مَخَافَة الْحَرَام).


ومن فضائله: أنَّ الله تعالى يَسْتَجيبُ دُعاءَ أهلِ الوَرَع؛ يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ؛ فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾. وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ!» رواه مسلم.


ومن فضائله: أنَّ أهلَ الوَرَعِ هُمْ أوَّلُ مَنْ يدخل الجنَّةَ؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ؛ الْفُقَرَاءُ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ؛ لاَ يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ - لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ: ائْتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ الْمَلاَئِكَةُ: ربَّنا نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِكَ، وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، أَفَتَأْمُرُنَا أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلاَءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا عِبَادًا يَعْبُدُونِي وَلاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا، وَتُسَدُّ بِهِمُ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمُ الْمَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ؛ لاَ يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً. قَالَ: فَتَأْتِيهِمُ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾» صحيح – رواه أحمد، والبزار، وابن حبان.

الخطبة الثانية
الحمد لله، أيها المسلمون؛ مِنْ أَجْمَلِ قَصَصِ أهْلِ الوَرَع: ما قاله النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي، إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ [أي: لَمْ أَشْتَرِ]. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا. فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ: فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلاَمٌ. وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ، وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا» رواه البخاري ومسلم. فتأمَّلوا – يا رعاكم الله – عاقِبَةَ الصِّدقِ، والأمانةِ، والوَرَع، وحُسْنِ المُعاملة؛ فإنَّ ذلك رَجَعَ بالخير على أصحابه؛ واللهُ تعالى جازاهم عليها في الدنيا قَبْلَ العُقْبَى.


ومِنْ أعْظَمِ مَجالاتِ الوَرَع: أنْ يَتْرُكَ المُؤمِنُ ما لا يَعْنِيه؛ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ» صحيح – رواه الترمذي. قال ابنُ القيِّم رحمه الله: (جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَرَعَ كُلَّهُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَقَالَ: «مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ». فَهَذَا يَعُمُّ التَّرْكَ لِمَا لَا يَعْنِي مِنَ الْكَلَامِ، وَالنَّظَرِ، وَالِاسْتِمَاعِ، وَالْبَطْشِ، وَالْمَشْيِ، وَالْفِكْرِ، وَسَائِرِ الْحَرَكَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ. فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ كَافِيَةٌ شَافِيَةٌ فِي الْوَرَعِ).

فتأمَّلوا – بارَكَ اللهُ فيكم – حالَ الناس اليوم؛ فإنَّ كثيراً منهم يَنْشَغِلُ بالأمور التي لا تَعْنِيهم. ومَنْ تأمَّل مجالسَهم ومحادثاتهم عَرَفَ ذلك جَيِّداً، واللهُ تعالى نَفَى الخيرَ عن كثيرٍ مِمَّا يتناجى به الناسُ بينهم، فقال: ﴿ لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 114].

فيجِبُ على المُسلم: أنْ يُقبِلَ على الأمور التي تَعْنِيه في دِينه ودُنياه، ويشتغل بها، ويدع ما لا يعنيه، لا في أمور دِينه، ولا دُنياه؛ لأنَّ ذلك أحفَظُ لوقته، وأسلَمُ لدِينه، ولو تدخَّل في أمور الناس التي لا تَعْنِيه لَتَعِبَ، وضَيَّعَ ما يَعْنِيه، وهو عَينُ الخُسران والخُذلان.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.48 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]