تحقيق فقهي: هل أجاز الإمام مالك قتل ثلث الأمة لاستصلاح الثلثين؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3359 )           »          مكافحة الفحش.. أسباب وحلول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أي الفريقين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 12 )           »          نكبتنا في سرقة كتبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف نجيد فن التعامل مع المراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الطفل والأدب.. تنمــية الذائقة الجمالية الأدبية وتربيتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترجمة موجزة عن فضيلة العلامة الشيخ: محمد أمان بن علي الجامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          يجب احترام ولاة الأمر وتوقيرهــم وتحرم غيبتهم أو السخرية منهم أو تنــقّصهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 1185 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-01-2022, 09:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي تحقيق فقهي: هل أجاز الإمام مالك قتل ثلث الأمة لاستصلاح الثلثين؟

تحقيق فقهي: هل أجاز الإمام مالك قتل ثلث الأمة لاستصلاح الثلثين؟
أ‌. محمد فضل العجماوي




هذه المسألة شديدة الإشكال، شديدة الخطورة، بسبب خطورة مضمونها وأثرها، وعظم مقام من تنسب إليه، ولهذا كان ينبغي تحرير القول وتحقيق صحة نسبته إلى إمام دار الهجرة رضي الله عنه.

إن أول من نسب هذا القول إلى الإمام مالك هو إمام الحرمين في البرهان (2/ 207) حيث قال: "وبيان ذلك بالمثال: أن مالكًا لما زلَّ نظره، كان أثر ذلك تجويز قتل ثلث الأمة مع القطع بتحرز الأولين عن إراقة محجمة دم من غير سبب متأصل في الشريعة".

وقال في الغياثي (ص219): "نقل النقلة عنه أنه قال: للإمام أن يقتل ثلث الأمة في استصلاح ثلثيها".

وتابعه على هذه النسبة تلميذه أبو حامد الغزالي في المنخول (ص 454) فقال: "استرسل مالك- رضي الله عنه- على المصالح، حتى رأى قتل ثلث الأمة لاستصلاح ثلثيها". وأعاد الغزالي تأكيد هذه النسبة في (ص612) من الكتاب ذاته.

إلا أن الغزالي-رحمه الله- صار فيما بعد أكثر حذرا في نسبة هذا القول إلى الإمام مالك في شفاء الغليل (ص247) حيث ذكره بصيغة التمريض فقال: "وقد نُقِل عن مالك -رضى الله عنه-: قتل ثلث الأمة لاستبقاء ثلثيها".

وأقول: الذي يبدو لي أن ههنا احتمالين:
الاحتمال الأول: أن إمام الحرمين لم يطلع على هذا القول في أي من كتب الإمام مالك، ولا حتى في كتب مقلديه من فقهاء المالكية، وأنه نقله بالواسطة من كتب غير كتب المالكية، يشعر بذلك قوله (نقل النقلة)، فهذه العبارة منه شديدة التعميم، تفيد أنه نقل هذا القول لا عن أحد من المالكية، وإنما من كتب أخرى غير كتب المالكية.

ويقوي هذا الافتراض أن الغزالي حكى القول بصيغة التمريض في كتابه شفاء الغليل.

فإن قلتَ: فما ردُّك على أن الغزالي نسب القول إلى الإمام مالك جازما به في كتابه المنخول؟

أجبتُ: إن المنخول إنما لخصه الغزالي-رحمه الله تعالى- في بدء حياته من أقوال شيخه إمام الحرمين، كما صرح هو بذلك في مقدمة الكتاب، ولكن لما تبين له ضعف هذه النسبة فيما بعد، ذكرها بصيغة التمريض في كتابه شفاء الغليل، ومن المقطوع به أن الغزالي ألف الشفاء بعد المنخول.

وبهذا يتضح أن إمام الحرمين وتلميذه الغزالي –رحمهما الله- إنما نقلا هذا القول من مصادر وسيطة، لا من كتب الإمام مالك ولا من كتب مقلديه، كما يتضح أن الغزالي تشكك فيما بعد في صحة نسبة هذا القول للإمام مالك.

الاحتمال الثاني: أن يكون إمام الحرمين قد ألزم هذا القول للإمام مالك بناء على بعض قواعد مذهبه، ومن المعلوم في أصول الفقه: أن لازم المذهب ليس بمذهب. [قواعد الأحكام، للعز بن عبد السلام 1/ 203، والبحر المحيط للزركشي 2/ 116، 353، والتقرير والتحبير لابن أمير الحاج 3/ 319، والتحبير للمرداوي 2/ 579، حاشية العطار على شرح المحلي 2/ 173].

هذا عن مصدر إمام الحرمين وتلميذه الغزالي فيما نسباه إلى الإمام مالك، فماذا عن شراح كتاب البرهان من الأصوليين، وكلهم أو أغلبهم -والحمد لله- مالكية؟

نقول: الذي وصل إلينا من شروح البرهان اثنان، هما: شرحا المازري والإبياري.

أما المازري فقد نقلت عنه بعض كتب المالكية-كما سيتضح فيما بعد- موافقته إمام الحرمين على نسبة هذا القول للإمام مالك، ولكن من المؤسف حقًّا أننا لا نستطيع تبيُّن حقيقة موقفه بدقة من كلام إمام الحرمين، لأنه لم يكمل شرحه على البرهان-كما ذكر مترجموه-، كما أن النسخة المطبوعة من كتابه تنتهي عند باب الكلام في الأخبار، ونص إمام الحرمين إنما ورد بعد ذلك في باب التعارض والترجيح.

فإن قلتَ: لقد حجَّرت واسعًا، وتكاسلتَ في البحث، فما لك لم تفتش في كتب المازري الأخرى المطبوعة، كشرح التلقين، والمعلم بفوائد مسلم؟

قلت: قد -والله- قد فعلتُ وفتشتُ فلم أظفر بشيء حول هذه المسألة.

فإن قلتَ: فإذا عجزتَ عن أن توثق وتبين لنا حقيقة موقف المازري، فهلا بينتَ لنا موقف شيخ الإسلام الإبياري، وهو مالكي أيضا؟

قلتُ: أما شيخ الإسلام الإبياري في التحقيق والبيان في شرح البرهان (4/ 320-320)، فقد عقَّب على كلام إمام الحرمين بما يفيد ظاهره تأييد كلامه فيما نسبه إلى الإمام مالك في المسألة، فقال: "وأما تجويزه القتل للسياسة في حق من لا يجب القتل عليه، فهذا باطل لا شك فيه، وإذا جرى سببُ القتل فلا تهويل لقتل الثلث لاستبقاء الثلثين".ا.هـ.

فأنت ترى الإبياري يوافق على قتل الثلث لاستبقاء الثلثين إذا كان هناك سبب يدعو لهذا القتل.

فإن قلت: إن موقف الإبياري لا يعنينا كثيرًا-وإن كان عالي المقام في العلم والفهم- ولكننا نريد آراء العلماء المعتمدين في نقل المذهب وتحريره، المعول عليهم، المفتي بقولهم؟

قلتُ: لقد اختلفت مواقف علماء المالكية تجاه هذه المسألة إلى ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: قبول هذا القول عن الإمام مالك. وأعني بالقبول ههنا نقله وعدم الاعتراض عليه.

وممن اتجه هذا الاتجاه محرر المذهب المالكي الشيخ خليل الجندي في التوضيح (7/ 218)- وعنه نقل الحطَّاب في مواهب الجليل (5/ 430)، وإليه ذهب أيضا أبو الحسن المالكي (ت939) في كفاية الطالب الرباني (2/ 199-200)، والإمام العدوي في حاشيته عليه.


الاتجاه الثاني: تثبيت صحة القول للإمام مالك مع تأويله:
وهذا اتجاه بعض شراح خليل، مثل النفراوي والزرقاني.

حيث تأول النفراوي المسألة بأنها محمولة على قتل ثلث أهل الفساد، فقال في الفواكه الدواني (2/ 118): (ما نقله العلامة خليل عن مالك من جواز قتل الثلث من المسلمين لإصلاح الثلثين، ومحمله عندنا على أن الجميع مفسدون، ولا يحصل انزجارهم لا بحبسهم ولا بضربهم إلا بقتل ثلثهم، هذا محل الجواز إذ لم يقل أحد بجواز قتل أهل الصلاح لإصلاح أحد من أهل الفساد، واتضح أن المراد يجوز قتل ثلث المفسدين؛ لإصلاح ثلثيهم حيث توقف الإصلاح على القتل، وإلا ارتكب الأخف).

وقال الزرقاني (7/ 55): " قال مالك ما معناه: يجوز قتل ثلث مسلمين مفسدين لإصلاح ثلثين مفسدين حيث تعين القتل طريقًا لإصلاح الثلثين دون الحبس أو الضرب وإلا منع صونًا للدماء والمراد بالإفساد تخريب أماكن الناس وقيام بعضهم على بعض ونهب أموال خفية من غير قتل ولا زنا، إذ لو كان كذلك لقتل أو رجم من ثبت عليه ذلك بالوجه الشرعي".

فأنت ترى الزرقاني-رحمه الله- يؤكد على أن ما نقل عن الإمام مالك محمول على حالة معينة، هي حال الخروج وما يستتبعها من الفوضى وثورة الأوباش والسفلة من الناس الذين يفسدون في الأرض، فيخربون أموال الناس، وينهبونها، ويقطعون الطرقات، وقتال بعضهم بعضا، فإذا كانت الحالة هذه، يجوز حينئذ للإمام قتل بعض هؤلاء المفسدين حتى لو وصل القتل إلى إفناء ثلثهم، لردع وتخويف البقية، وزجرهم وحضهم على ترك الإفساد وإنهاء الشغب.


الاتجاه الثالث: إنكار نسبة القول للإمام مالك مطلقًا:
وهذا الاتجاه لعله هو الأكثر عند علماء المالكية، وقد تزعم هذا الاتجاه بقوة شيخ المالكية الإمام القرافي، فقال في نفائس الأصول (ص4092): "المالكية ينكرون ذلك إنكارًا شديدًا، ولم يوجد ذلك في كتبهم، إنما هو في كتب المخالف لهم، ينقله عنهم، وهم لم يجدوه أصلاً".

ومنهم العلامة الشيخ محمد عليش آخر الفقهاء المالكية الكبار، حيث حكى-رحمه الله- تأويل الزرقاني، وتعقبه بأنه غير صحيح " ولا يحل القول به، فإن الشارع إنما وضع لإصلاح المفسدين الحدود عند ثبوت موجباتها، ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله تعالى، ومثل هذا التأويل الفاسد هو الذي يوقع كثيرا من الظلمة المفسدين في سفك دماء المسلمين نعوذ بالله من شرور الفساد". منح الجليل (7/ 514).

ومن المالكية المتأخرين الذين أنكروا هذا القول: الشيخ أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي، والعلامة المحقق أبو عبد الله سيدي العربي الفاسي، وابن الشماع والمحقق العلامة البناني في حاشيته على شرح الزرقاني، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه (المصالح المرسلة، ص10)، وشيخ الأزهر محمد الخضر حسين كما في موسوعة الأعمال الكاملة له (1/ 4/ 66).

كما أنكر نسبة هذا القول إلى الإمام مالك جماعة من العلماء من المالكية، نذكر منهم بدر الدين الزركشي الشافعي في تشنيف المسامع (3/ 25)، ونجم الدين الطوفي الحنبلي في شرح مختصر الروضة (3/ 211).


الخلاصة:
مما سبق يتضح لنا ما يلي:
1- ثبت أن ما نسبه إمام الحرمين إلى الإمام مالك غير موجود في كتب مالك، ولا في كتب أحد من مقلديه، وأغلب الظن أن إمام الحرمين نقله عن مصدر وسيط.


2- يحتمل أن إمام الحرمين نسب هذا القول إلى الإمام مالك عن طريق الإلزام، بناء على بعض قواعد مذهبه، ولازم المذهب ليس بلازم.

3- لا يمكن تبين موقف المازري في المسألة، لأنه لم يصل في تأليفه لشرح البرهان إلى الموضع الموجودة به المسألة.


4- إن أكثر المالكية على إنكار نسبة هذا القول للإمام مالك، وأهل المذهب أدرى بما فيه.

هذا آخر القول، والحمد لله رب العالمين.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.52 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]