في حكم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853340 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388491 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213914 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-01-2022, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي في حكم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب

في حكم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب
محمد عبدالعاطي محمد عطية


الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسوله ومصطفاه، ونبيه ومجتباه، ومن تبع هديه وسلك نهجه إلي يوم أن نلقاه، أما بعد:

فقد بيَّنت النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، ما يحل وما يَحرُم من الأطعمة والأشربة، وأكد الحق جل وعلا في كتابه العزيز حقيقة أزلية خالدة مبينة إلى يوم الدين، تفيد أن كل طيِّب حلال، وأن كل حرام خبيث؛ قال المولى تبارك وتعالى في الطيِّبات: ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ﴾ [1]، وقال أيضًا: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾[2]، وقال آمرًا جميع البشر بأكل الطيب (الحلال) من الأطعمة، ومنفرًا لهم من خلاف ذلك: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [3].



وقال تعالى محذرًا المؤمنين من الخبائث، ومنفرًا أصحاب الطبع السليم والإيمان القويم منها: ﴿ قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ﴾ [4]، وقال أيضًا: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾[5].

فهذه الآيات وأمثالها في الذكر الحكيم تؤصِّل هذا المنهج القويم لكل مسلم ومسلمة.



ومن السنة المطهرة ما يؤكِّد ويبيِّن حُرمة كلِّ مسكرٍ وكل خمرٍ، وأن كل ذلك من قبيل الحرام، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، فَمَاتَ، وَهُوَ يُدْمِنُهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ "[6].



وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ - فَسَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: « أَوَمُسْكِرٌ هُوَ »، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ"[7].



وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا، وَمِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا: وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا، وَمِنْ التَّمْرِ خَمْرًا، وَمِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا، وَأَنَا أَنْهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ" [8].



ووجه الدلالة: دلت الأحاديث الشريفة علي أن كل مسكر مهما تغيَّر اسمُه أو وصفه، ما وجد فيه الإسكار، فإنه محرَّم، كما دلت أيضًا على أن السكر قد يكون من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب، أو العسل أو العنب، وهو أكثرها شيوعًا، وكل ذلك منهي عنه نهي يفيد التحريم.



وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلاَثٌ أَيُّهَا النَّاسُ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ عَهِدَ إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْدًا نَنْتَهِى إِلَيْهِ، الْجَدُّ وَالْكَلاَلَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا[9].



أقوال العلماء في كلمة الخمر:

اختلف أهل العلم في تعريف الخمر اصطلاحًا بناءً على اختلاف تعريفها في اللغة.



فذهب أهل المدينة، وسائر الحجازيِّين، وأهل الحديث، والحنابلة، وبعض الشَّافعيَّة - إلى أنَّ الخمر تُطلق على ما يُسكر قليله أو كثيره، سواءٌ اتُّخِذ من العنب أو التمر أو الحنطة أو الشعير، أو غيرها.



وذهب أكثر الشافعيَّة، وأبو يوسف ومحمَّدٌ من الحنفيَّة، وبعض المالكيَّة إلى أنَّ الخمر هي المسكر من عصير العنب إذا اشتدَّ، سواءٌ أُقذف بالزُّبد أم لا، وهو الأظهر عند الشُّرنبلالي.



وذهب أبو حنيفة وبعض الشافعية إلى أن الخمر هي عصير العنب إذا اشتدَّ.



وقيَّده أبو حنيفة وحده بأن يقذف بالزُّبد بعد اشتداده.



يتبيَّن مما سبق أن إطلاق اسم الخمر على جميع أنواع المسكرات عند الفريق الأوَّل من باب الحقيقة، فكلُّ مسكرٍ عندهم خمرٌ.



وأمَّا الفريق الثَّاني والثَّالث، فحقيقة الخمر عندهم عصير العنب إذا غَلَى واشتدَّ عند الفريق الثَّاني، وقذف بالزُّبد عند الفريق الثالث، وإطلاقه على غيره من الأشربة مجازٌ وليس بحقيقةٍ[10].



حرمة الميتة:

ودليل حرمة الميتة قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ﴾[11].



وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ»، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهَا تُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ: «لاَ هُوَ حَرَامٌ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهَا ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ" [12].



وروى البخاري عن عبدالرحمن بن غُنْم الأشعري قال: حدثني أبو عامرٍ أو أبو مالكٍ الأشعري، والله ما كذَبني: سمِع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونَنَّ مِن أمتي أقوامٌ يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف، ولينزلنَّ أقوامٌ إلى جنب عَلَمٍ يروح عليهم بسارحةٍ لهم يأتيهم، يعني الفقير، لحاجةٍ، فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيُبيِّتهم الله، ويضَع العَلَم، ويمسخ آخرين قردةً وخنازير إلى يوم القيامة)[13].



ووجه الدلالة: أن النبي صلي الله عليه وسلم حرم الخمر وبيعها، وأنه سيظهر أقوام يستحلونها ويسمونها بغير اسمها، وهي محرمة كتابًا وسنةً.



قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: المعازف: اسمٌ لكل آلات الملاهي التي يُعزَف بها؛ كالزَّمْر، والطنبور، والشبابة، والصنوج[14].



وأجمع الفقهاء على حرمة أكل الميتة في حالة السعة والاختيار[15].



وقد عبَّر الإمام الرازي [16] عن حكمة تحريم أكل الميتة التي نفَقت حتفَ أنفها بقوله: واعلم أن تحريم الميتة موافق لما في العقول؛ لأن الدم جوهر لطيف جدًّا، فإذا مات الحيوان حتف أنفه احتبس الدم في عروقه، وتعفَّن وفسد، وحصل من أكله مضارُّ عظيمة [17].



وأما حكمة تحريم أكل الميتة التي قُتلت على هيئة غير مشروعة (أي بدون تذكية) - فقد أوضحها الإمام ابن القيم بقوله: فلأن الله سبحانه حرَّم علينا الخبائث، والخبث الموجب للتحريم قد يظهر لنا وقد يَخفى، فما كان ظاهرًا لم ينصب عليه الشارع علامةً غير وصفه، وما كان خفيًّا نصب عليه علامة تدل على خَبثه، فاحتقان الدم في الميتة سبب ظاهر، وأما ذبيحة المجوسي والمرتد وتارك التسمية، ومَن أَهَلَّ بذبيحته لغير الله، فنفسُ ذبيحة هؤلاء، أكسبت المذبوح خبثًا أوجَب تحريمه، ولا ينكر أن يكون ذكر اسم الأوثان والكواكب والجن على الذبيحة يكسبها خبثًا، وذكر اسم الله وحده يكسبها طيبًا إلا مَن قلَّ نصيبُه من حقائق العلم والإيمان وذوق الشريعة [18].



حرمة الخنزير:‏ الخنزير حيوان خبيث؛ قال الدميري [19]: الخنزير يشترك بين البهيمية والسبعية، فالذي فيه من السَّبُع الناب وأكل الجيف، والذي فيه من البهيمية الظلف وأكل العشب والعلف.



وتدور أحكام الخنزير على اعتبارات:

الاعتبار الأول: تحريم لحمه وسائر أجزائه.

الاعتبار الثاني: اعتبار نجاسة عينه.



أما الاعتبار الأول، فقد أجمعت الأمة على حرمة أكل لحم الخنزير؛ كما في قوله تعالي: ﴿ ‏قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ‏ ﴾ [20]. ‏‏‏



وكما في حديث أَبِي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حرم الخمر وثمنها، وحرَّم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه [21].



قوله تعالى: ﴿ أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ [22]، فوصف الخنـزير بأنَّه "رجس"؛ قال الفيروز آبادي: الرجس: القذر[23]، وقال البيضاوي في تفسيره: الرجس: القذر، وسُمِّي بذلك؛ لتعوُّده أكْلَ النجس.



ونص الحنابلة على تقديم أكل الكلب على الخنزير عند الضرورة، وذلك لقول بعض الفقهاء بعدم تحريم أكل الكلب.



كما يقدم شحم الخنزير وكليته وكبده على لحمه؛ لأن اللحم يحرم تناوله بنص القرآن، فلا خلاف فيه، ونص المالكية على وجوب تقديم ميتة غير الخنزير على الخنزير عند اجتماعهما؛ لأن الخنزير حرام لذاته، وحرمة الميتة عارضة [24].



وأما الاعتبار الثاني: وهو اعتبار نجاسة عينه:

فقد اتفق الحنفية والشافعية والحنابلة على نجاسة عين الخنزير، وكذلك نجاسة جميع أجزائه وما ينفصل عنه كعرقه ولعابه ومنيه [25].



والضمير في قوله تعالى: ﴿ أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ﴾ راجع إلى الخنزير، فيدل على تحريم عين الخنزير وجميع أجزائه.



وذلك لأن الضمير إذا صلَح أن يعود إلى المضاف وهو "اللحم"، والمضاف إليه وهو "الخنزير"، جاز أن يعود إليهما.



وعودُه إلى المضاف إليه أَولى في هذا المقام؛ لأنه مقام تحريم؛ ولأنه لو عاد إلى المضاف وهو اللحم، لم يَحرُمْ غيره، وإن عاد إلى المضاف إليه، حرُم اللحم وجميع أجزاء الخنزير.



فغير اللحم دائر بين أن يحرم، وألا يحرم، فيحرم احتياطًا، وذلك بإرجاع الضمير إليه طالَما أنه صالح لذلك، ويقوِّي إرجاع الضمير إلى "الخنزير" أن تحريم لحمه داخل في عموم تحريم الميتة، وذلك لأن الخنزير ليس محلًّا للتذكية، فينجس لحمه بالموت.



وذهب المالكية إلى طهارة عين الخنزير حال الحياة، وذلك لأن الأصل في كل حي الطهارة، والنجاسة عارضة، فطهارة عينه بسبب الحياة، وكذلك طهارة عرقه ولعابه ودمعه ومخاطه [26].



ما ورد في الكلب:

الأصح عند الحنفية أن الكلب ليس بنجس العين؛ لأنه ينتفع به حراسةً واصطيادًا، أما الخنزير فهو نجس العين؛ لأن الهاء في الآية القرآنية: ﴿ فإنه رجس ﴾ [27] منصرف إليه لقُربه، وفم الكلب وحده أو لعابه ورجيعه هو النجس، فلا يقاس عليه بقية جسمِه، فيُغسل الإناء سبعًا بولوغه فيه [28]؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا شرِب الكلب في إناء أحدكم، فليَغسله سبعًا»، ولأحمد ومسلم: «طُهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهنَّ بالتراب» (3).



وقال المالكية: الكلب مطلقًا، سواء أكان مأذونًا في اتخاذه؛ ككلب الحراسة والماشية، أم لا، طاهر، والولوغ لا غيره كما لو أدخل رجله أو لسانه بلا تحريك، أو سقط لعابه، هو الذي يغسل من أجله تعبُّدًا سبع مرات، على المشهور عندهم[29].



وقال الشافعية والحنابلة: الكلب والخنزير وما تولَّد منهما من الفروع وسؤره وعرقه نجس، ويغسل ما تنجس منه سبع مرات إحداهنَّ بالتراب؛ لأنه إذا ثبتت نجاسة فم الكلب بنص الحديث السابق: «طهور إناء أحدك»، والفم أطيب أجزائه، لكثرة ما يلهث، فبقيته أَولى[30].



روى البخاري في صحيحه من حديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ[31]، وروى أبو داود من حديث ابن عباس قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ، فَامْلَأْ كَفَّهُ تُرَابًا[32].



قال النووي في شرح مسلم: "وأما النهي عن ثمن الكلب وكونه من شر الكسب، وكونه خبيثًا، فيدل على تحريم بيعه، وأنه لا يصح بيعه، ولا يَحِلُّ ثَمنه، ولا قيمة على من أتلفه، سواء كان معلمًا أم لا، وسواء كان مما يجوز اقتناؤه أم لا، وبهذا قال جماهير العلماء"[33].



قال ابن حزم رحمه الله: "ولا يحل بيع كلب أصلًا، لا كلب صيد، ولا كلب ماشية ولا غيرهما، فإن اضْطُُرَّ إليه ولم يجد مَن يعطيه إياه، فله اتباعه، وهو حلال للمشتري حرام على البائع ينتزع منه الثمن متى قَدِرَ عليه؛ كالرشوة في دفع الظلم، وفداء الأسير، ومصانعة الظالم ولا فرق[34]؛ ا هـ.





[1] سورة المائدة الآية رقم (4).




[2] سورة المؤمنون الآية رقم (51).




[3] سورة البقرة الآية رقم (168).




[4] سورة المائدة الآية رقم (100).




[5] سورة البقرة الآية رقم ()267.




[6] صحيح مسلم كتاب الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام(ج6/100) رقم الحديث (73).




[7] صحيح مسلم (5335) وسنن النسائي كتاب الأشربة باب: ذكر ما أعد الله لشارب الخمر من الذل والهوان وأليم العذاب (ج8/327).




[8] سنن أبي داود كتاب الأشربة باب: الخمر مما هي (ج4/56) رقم الحديث (3677)، وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وقال الشيخ الألباني: صحيح، أخرجه أحمد (4/273، رقم 18431، والترمذي (4/297)، رقم 1872)، وقال: غريب، وابن ماجه (2/1121، رقم 3379)، والحاكم (4/164، رقم 7239)، وقال: صحيح الإسناد.




[9] صحيح مسلم كتاب التفسير، باب: في نزول تحريم الخمر (ج8/245) رقم الحديث (3032).




[10] الموسوعة الفقهية الكويتية (5/12).




[11] سورة المائدة: الآية رقم (3).




[12] صحيح البخاري، كتاب البيوع باب: بيع الميتة والأصنام (ج3/84) رقم الحديث (2236).




[13] صحيح البخاري كتاب الأشربة باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه (ج7/106) رقم (5590).




[14] سير أعلام النبلاء للذهبي جـ 21 صـ (158).




[15] تبيين الحقائق (5 / 185)، والكافي لابن عبدالبر (1 / 439 - ط الرياض).




[16] محمد بن عمر بن الحسين الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي أبو عبدالله فخر الدين، وُلد بالري من أعمال فارس؛ من تصانيفه الكثيرة: مفاتيح الغيب من القرآن الكريم؛ (تفسير الفخر الرازي).




[17] تفسير الرازي (11 / 132).




[18] إعلام الموقعين لابن القيم (2 / 154).




[19] هو محمد بن موسى بن عيسى بن على الدميري، أبو البقاء، كمال الدين: باحث، أديب، من فقهاء الشافعية، من أهل دميرة (بمصر)، وُلد ونشأ وتوفي بالقاهرة 802هـ؛ الأعلام للزركلي7/118.




[20] الانعام الآية رقم (145).




[21] سنن أبي داوود، كتاب الإجارة، باب في ثمن الخمر والميتة، (ج3/487) رقم الحديث (3485).




[22] الأنعام الآية رقم (145).




[23] القاموس المحيط؛ محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية، 1987، ص 706.




[24] حاشية ابن عابدين (5 / 196)، حاشية الدسوقي لمحمد بن عرفة الدسوقي (2 / 116، 117).




[25] الموسوعة الفقهية الكويتية:20/33.




[26] الشرح الصغير لأبو العباس أحمد محمد ط دار المعارف بيروت (1 / 43).




[27] سورة الأنعام145.




[28] سنن النسائي رقم (464).




[29] الشرح الكبير:83/1، الشرح الصغير:43/1.





[30] كشاف القناع:208/1، المغني:52/1.





[31] صحيح البخاري برقم (2086)




[32] رواه أبو داوود.




[33] شرح صحيح مسلم (10/ 477) مختصرًا.




[34] المحلى (9/9) كتاب البيوع مسألة رقم (1513).











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.48 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]