أريد أن أهرب من كثرة الضغوط

[ابوالوليد المسلم]

أريد أن أهرب من كثرة الضغوط
أ. أريج الطباع

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدَّمتُ في العمر بدون زواج؛ وذلك لرفضي للزواج، وكان ذلك بتشجيع مِن الأهل، فلم أكن أفهم معنى الزواج، ولا الأمومة، بسبب القصص التي تُروى على مسامعي ليل نهار؛ مِن مشكلاته، والطلاق، وضرب الأزواج لزوجاتهم - كل هذا شوَّه صورة الزواج عندي.
فكلما تقدَّم لي شابٌّ ورفضتُه، عاملني أهلي كأنني ملكة! وأظهروا سرورهم لرفضي!
وهكذا قضيتُ حياتي حتى مرَّ سن الزواج، المشكلةُ الآن في كثرة الضُّغوط التي أتعرَّض لها، فقد مرَّ سنُّ الزواج، وما زلتُ أرفض كلَّ مَن يتقدَّم لي؛ بحجة كبر السن، وضغوط العمل، أتعرَّض لمضايقات كثيرة، والناس لا يكفون ألسنتهم عني!
أرغب في الهروب من المنزل؛ للتخلُّص من هذه المضايقات التي أعيشها ليلًا ونهارًا؛ حتى إخوتي الأصغر مني أصبحوا يرفعون أصواتهم عليَّ! ووصل الأمر إلى الضرب! بل أصبح الكبير يحرِّض الصغير على شتمي وإهانتي، وإذا أوقفتهم عند حدهم، اتهموني بالقسوة!
كنتُ في بداية الأمر أصبر وأحتَسِب، لكن بعد ذلك أصبحتُ لا أطيق ما يُفعل بي، فاعتزلتُ الناس جميعًا، وأصبحتُ أجلس في غرفتي وحيدة منطوية؛ هربًا من الإذلال والاستخفاف الذي أتعرَّض له.
تقدَّم لي رجلٌ أكثر من مرة، وكنتُ أستخير وأرفُض، ويعود كل سنة وأرفض، وعندما وافقتُ وقررتُ الزواج منه هربًا مما أنا فيه، وجدتُه كاذبًا، إذ كان متزوجًا بزوجتين، ويريدني كثالثة له!

أخبروني ماذا أفعل؟ فقد فقدتُ توازني، وهُدرت كرامتي وسط أهلي.


الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما زالتْ هناك جوانبُ خفيَّة لم تتضحْ بما كتبتِه في استشارتكِ، فحتى عمركِ لم تكتبيه لنا، ولم توضحي إن كان والداكِ على قيد الحياة أم لا!
لكن مما كتبتِه أنصحكِ بالتالي:
- لا تسمحي لأحدٍ أن يؤثرَ على قراراتكِ واختياراتكِ في الحياة أيًّا كان، فأنتِ المسؤولةُ الوحيدة في النهاية عن اختياركِ، وهم لا يضرهم شيء!
- لا يكون تصرُّفك سلبيًّا ويأتي كرد فعل على ما يفعله الآخرون معك، وتذكري أنَّ اختياركِ لن يضرهم ولن ينفعهم، وإنما يعود عليكِ فقط!
- احترام الآخرين لكِ أمرٌ يمكنكِ فرْضُه عليهم، وإذا تعذر عليك ذلك فبإمكانكِ الحسم والتعامل بثقةٍ مع نفسكِ، دون أن يؤثرَ عليكِ ذلك، نظرتُكِ لنفسكِ تؤثِّر كثيرًا في التعامل مع من حولك، فلا تنظري لها على أنكِ ضحية، بل أنتِ صاحبة قرار واختيار في النهاية وتملكين ذلك
لو عدتِ للوراء قليلًا لأمكنكِ استعادة الرؤية بطريقةٍ مختلفة، فالنظر للماضي يُفيدك حينما يمكنكِ استخلاص العِبَر منه، ويعوقكِ حينما تقفين عليه فقط للتحسُّر!
تقولين عن رفضكِ للخاطبين: إنه أتى بناءً على ما سمعته من قصص، (رد فعل لما لم تجربيه!)، وإن أهلك كان لهم دورٌ في ذلك (سمحتِ لهم بالتأثير على قرارك)، وإن ما يتعبكِ هو عدم احترام الصغار لكِ، (وهذا أمر يُمكنكِ التحكم فيه، وجعله لا يؤثر عليك على الأقل!).
في النِّهاية الزواج حاجة وفطرة عند كل أنثى، ومن حقكِ التفكير فيه مهما بلغ عمرك، فلا تبحثي عن تبرير له.
ولكن في نفس الوقت ثقي بأنَّ الخير في الاستخارة، ولعل الله يختار لكِ الخير حيث كان، فاستخيري واستشيري، واسألي عن الخاطب، والله أعلم بما يُناسبكِ في النهاية وسيُيسره لكِ - بإذن الله.
الكذبُ خصلةٌ سيئة جدًّا، ومن الصعب أن تقبلي شخصًا بدأ معكِ بكذبٍ، ولو كان قاضيًا، فاحرصي على ألا تتعجلي في قرارك، وألا تتخذي قرارًا لتهربي فقط، فقد هربتِ سابقًا من الزواج خوفًا من المشكلات؛ فوقعتِ في مُشكلات دون زواج! والآن لو أردتِ الهرب من الزواج، فلن تستفيدي كثيرًا.
ابحثي عن الطرُق التي تُساعدكِ على تجاوُز مُشكلتكِ من داخلكِ، واستعيني بالله وادعيه أن يعينكِ، وربما تجدين أحدًا مِن إخوتك أو أقاربكِ يُعينك على رؤية الوضع حولك بطريقة منصفة أكثر.

أعانكِ الله، ويسَّر لكِ الخير حيث كان