إعداد تقرير إداري

[ابوالوليد المسلم]

إعداد تقرير إداري


د. علي أحمد الشيخي







إعداد تقرير إداري










للشباب (15)











التقرير الإداريُّ هو إحدى وسائل الاتصال الثلاثة: المكتوب: كالتقارير والبيانات ووسائل الإيضاح، واللفظي: كالمحاضرات والمؤتمرات والمقابلات الشخصية، وغير اللفظي: كالابتسامة والإيماءات.







ويتطلَّب الاتصال مهارةً في نقل وتبادل المعلومات التي على أساسها يتوحَّد الفكر، وتتفق المفاهيم، وتُتخذ القرارات المناسبة، وتتبادل الحقائق والأفكار والمشاعر، وذلك من خلال عمليات الإرسال والاستقبال بين شخصينِ أو أكثر، وله عدة وظائف، منها: نقلُ الرسالة من طرَف إلى آخر، واستقبال البيانات والاحتفاظ بها، وتحليلُها واشتقاق المعلومات منها، والتأثير في العمليات الفسيولوجية للجسم وتعديلها، والتأثيرُ في الآخرين بالتوجيه والإقناع.







وتتنوَّع صيغُ التقارير؛ فمنها: الخطابات، والمذكرات، والنشرات، والأدلة، والخرائط، وعن طريق التقارير الكتابيَّة يتمُّ نقل المعلومات بين المستويات الإدارية بمختلف مواقع العمل، وهو عرضٌ مكتوب، سواء كان ورقيًّا أو إلكترونيًّا، لإعلام الجهة الطالبة بالموقف في مشروعٍ أو حدث معيَّن، حيث ينقل حقائق خاصة بمشكلة معينة، تُعرض بطريقة ميسرة، تتضمن تحليلًا واقتراحاتٍ وتوصيات وأفكارًا وَفق رؤية مُعِدِّ التقرير، تتماشى مع النتائج التي تم التوصُّل إليها من خلال البحث والتحليل، وعادةً يهتمُّ التقرير بتوضيح الإيجابيات والسلبيات المتعلِّقة بالموقف.







والتقرير نشاط نستطيع ممارسته بسهولة بعد التدرُّب عليه، وهو مجال من مجالات التفكير المنطقي، تُعرض فيه وجهاتُ النظر والأفكار أمام الآخرين، وتتم كتابة التقرير - في الغالب - بعد الانتهاء من العمل الموكَّل إلى معدِّ التقرير، لإعلام الجهة الطالبة بالنتائج النهائية لذلك المشروع، وقد يترتب على التقرير قراراتٌ معيَّنة؛ كفصل شخص من العمل، أو استحقاق ترقية، أو نقل إلى جهة أخرى، أو إعادة تصميم البرنامج الحالي، أو توسيع نشاط المنظمة أو تحجيمه، وقد تُعد تقاريرُ مرحلية؛ لإيضاح نِسب إنجاز المشروع، قبل إعداد التقرير النهائي.







وتعتبر التقارير وسيلةَ اتصال هامةً داخل دوائر الأعمال على اختلاف أنواعها وتخصصاتها، وبدون التقارير يكون من الصعب على الإدارة السيطرة على المنشأة وقياداتها بفاعلية وكفاءة، حيث تعتمد الإدارة على ما تتضمنه التقارير من معلومات لمعرفة ما يجري داخل المنشأة، وما هو الموقف الحالي.







ويتطلب إعدادُ التقرير أن يكون واضحًا يسهُل فهمُه، موجزًا غير مخلٍّ، كاملًا يغطي كافة جوانب الموضوع، دقيقًا غير مضلِّل، وإذا كان التقرير طويلًا يزيد عن (5) صفحات فيفضل أن يُعد ملخصٌ له، يأتي في مقدمة التقرير، يتراوح الملخص من نصف صفحة إلى صفحة بحد أقصى، وتكون الحاجة أكبر إلى الملخص متى ما كان التقرير موجَّهًا إلى مسؤول رفيع المستوى مراعاةً لوقته، وإذا زاد حجم التقرير عن سبع صفحات، فينبغي وضع قائمة بالمحتويات؛ ليتم الرجوع إلى الجزئية المطلوبة بسهولة، ومتى ما كان التقرير يحتوي على بيانات إحصائية، توجَّبَ اشتماله على رسومات بيانية، تساعد قارئ التقرير على إجراء المقارنات أثناء قراءته للتقرير، وينبغي أن يُختم التقرير بخاتمة تضم عرضًا سريعًا للعناصر الرئيسة التي تمَّت مناقشتها في ثنايا التقرير، كما ينبغي أن تأتي الاقتراحات والتوصيات على شكل نقاط، وأن تكون واقعية وقابلة للتطبيق، وتُرتَّب حسب أهميتها.







ويلاحظ أن هناك تقاريرَ لا تَلقَى قبولًا لدى بعض الرؤساء؛ إذ يتم ردها؛ لأنها ناقصة أو لا تحقق الغرض الذي أُعدَّت من أجله؛ ولهذا فإن هناك عناصرَ وضوابطَ مهنية لا بدَّ من أخذها بعين الاعتبار عند كتابة التقرير، هذه الضوابط تجعل التقرير مقبولًا ومفيدًا وذا أثر، ولكي يكون التقرير وافيًا، ويحظى بالقبول، ينبغي التحققُ من توفر الضوابط التالية:



• التأكُّد من مصداقية المعلومات والحقائق التي نقوم بجمعها، وتحرِّي الدقة فيها.



• استخدم اللغة المناسبة واللهجة الدارجة، التي تتناسب مع خلفية قارئ التقرير.



• تدوين الأفكار بإيجاز ودقَّة وشموليَّة؛ حتى لا نشتِّت انتباه القارئ.



• سرد الأفكار والمواضيع بتسلسلٍ منطقي وواضح.



• عدم التأثُّر بالمصالح الشخصية عند كتابة التقرير؛ (كالصداقة أو المنفعة).



• التأكُّد من القواعد اللغويَّة والإملائية والعلميَّة، التي يتمُّ إيرادها في ثنايا التقرير.



• التأكُّد من تنسيق التقرير؛ كاستخدام خط واضح، ولون مناسب، ومسافات معتدلة.







وللتقارير الكتابية ميزات، تنبع من أهميتها التي تتمثل في:



1- تمدُّ التقارير كلًّا من المرسل والمستقبل بإطار مرجعيٍّ مكتوب، يتم التحاكمُ إليه عند حدوث مشكلات أو خلافات قانونيَّة.



2- التقارير وسيلة إرشادية لتوجيه نشاطِ وتفاعل العاملين بالمنظمة، من خلال مساهمتها في تعديل السلوك الفردي والجماعي للجمهور والعاملين.



3- تعتمد فعاليَّة التقرير في المقام الأول على قدرة المرسل ومهارته في صياغة الأفكار وتوضيحها.



4- تمتاز التقارير بالقدرة على إنجاز الأهداف من خلال كفاءة الاتصال.



5- تساعد التقارير أكثرَ من وسائل الاتصال الأخرى على فهم واستيعاب المعلومات والحقائق، وتتميَّز بالاعتدال في إعدادها إذا قورنت ببعض أساليب الاتصال الأخرى.



6- تعتبر التقارير القاعدة الأساسية التي تُتخذ القرارات بناء عليها في المواقف المختلفة.



7- تساعد التقارير في التعرف على وجهات نظر وآراء العاملين من خلال التوصيات التي يقدِّمونها، والحلول التي يقترحونها للتعامل مع المشكلات التي تعيق الإنجاز، إن وُجدت.







ويسعى معدُّ التقرير للوصول إلى غايات؛ منها: معاونة الإدارة في أداء وظائفِها المختلفة - التوثيق والتسجيل للبيانات والنتائج - نقل المعلومات وتبادلها مع الجهات ذات العلاقة - حفظ المعلومات كمرجعيَّة قانونية عند نشوب خلافات لاحقًا - تحريك سلوك الآخرين عن طريق إقناعهم بوجهة نظر معينة يرى معدُّ التقرير أهميتها في تحسين وتطوير الوضع الحالي إلى الأفضل.







ومن الفوائد التي تتحقَّق نتيجةَ الأخذ بالتقارير:



• إجراء تغييرات في سياسات وفلسفة المؤسسة، حيث إن معظم التغيرات تكون نتيجة اقتراحاتِ تقريرٍ معين.



• التبوُّء بالحاجات: حيث إن هناك تقاريرَ تشير إلى وجود حاجات معينة يجب توفيرها للمنظمة؛ مثل الحاجة إلى زيادة عدد العاملين في إدارة معينة، أو الحاجة إلى تطوير إجراءات السلامة داخل المؤسسة.



• مقارنة الإنجاز بمعايير الأداء: وهذا يعني: استعمال التقارير في الرقابة، وخاصة في رقابة التكاليف.



• تخفيض التكاليف: تشير التقارير أحيانًا إلى ضرورة تخفيض التكاليف في المؤسسة، وقد تشير إلى الوفورات الممكنِ تحقيقُها نتيجة تطبيق التوصيات والمقترحات التي تضمَّنها التقرير.







وهناك أخطاء شائعة ينبغي الحذر منها عند إعدادنا للتقارير؛ منها:



• عدم وضع مراجع للمعلومات التي تَرِد في صلب تقريرك، فالبعض يظن واهمًا أن ذلك ينقص من تقدير جهوده، بينما الواقع هو تقوية للتقرير، وتعزيز لنقاط قوته؛ إذ ليس مطلوبًا من الموظف أن يخترع أرقامًا، أو يأتي بحقائق من مخيِّلته، فعلى سبيل المثال إذا استشهد معدُّ التقرير بموقع البنك المركزي، أو بأحد تقارير بيوت الخبرة، فيجب عليه أن يذكر المصدر؛ حتى يعطي تقريره المصداقية، ويدفع متلقِّيَ التقرير إلى الوثوق بوجهة نظره بناء على المعلومات الموثقة.



• يعزف البعض عن كتابة التقرير المطلوب منه؛ لاعتقاده بأن أسلوبه غير جيد، أو أنه غير قادر على توصيل رسالته، وهو لا يعلمُ أنه ليس مطلوبًا منه أن يكون كاتبًا ماهرًا، فالكتابة هي أحد أنواع التواصل التي نمارسُها في حياتنا اليومية، وينبغي على الموظف أن يمارسها دون وجَلٍ؛ حتى يؤدِّي مهمته على أكمل وجه، ولا يمنع عند الانتهاء من كتابة مسودة التقرير أن يقوم بعرضه على متخصص في اللغة، أو على شخص ماهر في كتابة التقارير، ما لم يكن التقرير سريًّا.







ومن النصائح التي ينبغي مراعاتها عند إعداد التقرير:



• إذا رغب معدُّ التقرير في الاستشهاد بأرقام أو إحصائيات، فيُفضل أخذُها من مصادرها الخاصة، كالجهة نفسها التي يدور حولها التقرير، أو الجهات الموثوقة ذات العلاقة.



• يحبَّذ أن يلجأ كاتب التقرير إلى المختصين عندما يتطرق إلى جزئيات تقع خارج نطاق تخصصه، فمثلًا لو كان التقرير يحتاج إلى أرقام في الاقتصاد أو القوائم المالية، فالمتوقع أن يستأنس برأي شخص مختصٍّ في الاقتصاد أو المحاسبة؛ حتى يكون تقريره وافيًا ومفيدًا، وبعيدًا عن النقص أو التناقض.



• إذا كان من يكتب التقرير فريقًا من الموظفين (اثنين فما فوق) فيجب تقسيم جزئيات التقرير بينهم، وفقًا للاهتمامات والتخصصات؛ حتى نضمن سلامته وقبوله.



• من الأهمية بمكان أن يُكتب في أعلى التقرير وبخط أغمق ولون مخالف كأحمرَ مثلًا: "نسخة أولية أو مسودة"؛ حتى لا يخطئ المدير فيسلِّمه عند الاستعجال إلى المسؤول، ظنًّا منه أن التقرير في صورته النهائية، فيفاجأ بخلاف ذلك.



• ينبغي الحرص على إنجاز التقرير قبل الموعد النهائي للتسليم بيوم أو يومين؛ حتى يتسنى مراجعته وتعديل ما يلزم، فقلما تجد شخصًا يكتب تقريرًا لا يحتاج إلى إجراء تعديلات، طفيفة كانت أو جذرية.







ومن الأهمية بمكان أن نختم حديثنا بالتفريق بين الحقائق والرأي الشخصي، فمن المعلوم أن عدم الاكتراث بأهمية هذا الأمر، قد يعرِّض التقرير إلى وابل من الانتقادات أو الشك، فمعدُّ التقرير الذي لا يهتم بالتفريق بين الرأي الشخصي وبين الحقائق، يقع - بلا شك - في هذه المصيدة، فالحقائق هي المعلومات الدقيقة سواء كانت رقمية أم غير رقمية، فمثلًا لو حققت الشركة أرباحًا، أو تعرضت لخسائر، فلا ينبغي أن نقول: حققت الشركة أرباحًا عالية، أو تعرضت لخسائر فادحة، ونسكت على ذلك؛ وإنما يجب أن نقول: حققت الشركة أرباحًا بنسبة كذا، أو تعرضت لخسائر بنسبة كذا، أما الرأي الشخصي، فيأتي إما تعليقًا على حقائق، أو تدعيمًا لها بحكم الخبرة المهنية في ذلك المجال، ويُنصح بالتركيز أكثر على الحقائق؛ حتى يكون التقرير موثوقًا ومفيدًا في مجاله.








مع دعائي لكم بالتوفيق والسداد في تقديم تقارير وافية وشاملة، تحقِّق الغرضَ الذي قمتم بإعدادها من أجله، والسلام.