منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - الصفحة 8 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ترك الركوع خلف الإمام يبطل الركعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          الوصية للوارث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الوتر في الأعمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          كتاب(القبر أول منازل الآخرة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          وما أدري، بلى إنّي لأدري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الدعاة وحوار الحضارات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          بدائعُ عمريَّة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          كيف نربى أولادنا إيمانياً على السلوك الاقتصادي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          لا تحسبوه شرًّا لكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          فائدة في أوصاف عرش الرحمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 17-12-2021, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (71)
صـ 494 إلى صـ 500

وهم الذين قال الله فيهم: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} [سورة الحشر: 8] .
فقد اتفق (1) هؤلاء الذين شهد الله لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار - رضي الله عنهم - على أن سموه خليفة رسول - الله صلى الله عليه وسلم -.

ومعنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه المرء لا الذي يخلفه دون أن يستخلفه [هو] (2) ، لا يجوز غير هذا ألبتة في اللغة بلا خلاف. تقول: (3) استخلف فلان فلانا يستخلفه فهو خليفة (4) ومستخلفه، فإن قام مكانه دون أن يستخلفه (5) لم يقل إلا: خلف فلان فلانا يخلفه فهو خالف.

قال (6) : " ومحال أن يعنوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضرورين: أحدهما: أنه لم (7) يستحق أبو بكر قط (8) هذا الاسم على

(1) ف: أصفق، وهي بمعنى اتفق، انظر اللسان، مادة: صفق.
(2) هو: ساقطة من (ن) ، (م) وهو في (ف) .
(3) ن، أ: يقول؛ ب: يقال.
(4) أ، ب: خليفته.
(5) ف: يستخلفه هو.
(6) بعد الكلام السابق مباشرة.
(7) م: لا، وهو خطأ.
(8) قط: من (م) . وفي (ف) : رضي الله عنه قط.
********************************

الإطلاق في حياة رسول الله (1) - صلى الله عليه وسلم -، وهو حينئذ خليفته [على الصلاة] (2) ، فصح [يقينا] (3) أن خلافته المسمى بها (4) هي غير خلافته على الصلاة.


والثاني أن كل من استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته كعلي في غزوة تبوك، وابن أم مكتوم في غزوة الخندق، وعثمان بن عفان في غزوة ذات الرقاع، وسائر من استخلفه على البلاد باليمن والبحرين والطائف وغيرها، لم يستحق أحد منهم قط بلا خلاف بين أحد من الأمة (5) أن يسمى خليفة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (6) ، فصح يقينا بالضرورة التي لا محيد عنها أنها الخلافة (7) بعده على أمته.

ومن المحال (8) أن يجمعوا على ذلك وهو (9) لم يستخلفه نصا، ولو لم يكن هاهنا (10) إلا استخلافه في الصلاة (11) لم يكن (12) أبو بكر أولى بهذه التسمية (13) من سائر من ذكرنا (14) ".
(1) ن، أ، ب: النبي.
(2) ن، م، أ، ب: وهو حينئذ خليفة، والصواب ما أثبته وهو الذي في (ف) .
(3) يقينا: ساقطة من (ن) ، وهي في (ف) .
(4) ف: هو بها.
(5) ف 4/177: من أحد من الأمة؛ ن، م: بين أهل العلم.
(6) ف:. . . . صلى الله عليه وسلم على الإطلاق. وسقطت " صلى الله عليه وسلم " من (ن) .
(7) ف: للخلافة.
(8) ف: ومن الممتنع.
(9) ف: وهو عليه السلام.
(10) ن، م: هنا.
(11) ف: استخلافه إياه على الصلاة.
(12) ف: ما كان.
(13) ب: بهذا الاسم؛ أ: بهذا اسمه، وهو تحريف.
(14) ف: من غيره ممن ذكرنا.
******************************

قال (1) : " وأيضا فإن الرواية قد صحت «أن (2) امرأة قالت: يا رسول الله أرأيت إن رجعت فلم (3) أجدك؟ كأنها تعني (4) الموت. قال: فأتى أبا بكر» " قال (5) : " وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر ".


قال (6) : " وأيضا فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة (7) في مرضه الذي توفي فيه (8) : " لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك، وأكتب كتابا وأعهد عهدا، لكيلا (9) يقول قائل: أنا أحق، أو يتمنى متمن، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (10) .

(* وروي (11) : «ويأبى الله ورسوله والمؤمنون [إلا أبا بكر» ] (12) *) (13) . وروي

(1) بعد الكلام السابق في (ف) بجملة هي: " وهذا برهان ضروري نعارض به جميع الخصوم ".
(2) ف: بأن.
(3) ف: ولم.
(4) ف: تريد.
(5) بعد الكلام السابق مباشرة.
(6) بعد الكلام السابق مباشرة.
(7) ف: لعائشة - رضي الله عنها -.
(8) توفي فيه عليه السلام.
(9) ن، م: لئلا.
(10) (10 - 10) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(11) وروي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(12) إلا أبا بكر: ساقطة من (ن) ، (م) .
(13) ما بين النجمتين ساقط من (ف) فقط.

***************************
[أيضا] (1) : «ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر» " قال: (2) " فهذا نص جلي على استخلافه - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على ولاية الأمة " بعده.

قال (3) : " واحتج من قال: لم يستخلف [أبا بكر] (4) بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر عن عمر (5) ، أنه قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني - يعني أبا بكر - وإلا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبما روي عن عائشة [رضي الله عنها] (6) إذ (7) سئلت: من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا لو استخلف؟ (8) ".
(1) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) بعد الكلام السابق مباشرة.
(3) بعد الكلام السابق (ف) بثلاثة أسطر.
(4) (أبا بكر) ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في البخاري 9/81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) ؛ مسلم 3/1454 - 1455 (كتاب الإمارة، باب الاستخلاف وتركه) ؛ سنن أبي داود 3/184 (كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب الخليفة يستخلف) : سنن الترمذي 3/341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: " هذا حديث صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عمر "؛ المسند (ط. المعارف) 2/284، 323، 333.
(6) رضي الله عنها: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: أنها.
(8) هذا الأثر عن عائشة - رضي الله عنها - في مسلم 4/1856 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) وتمامه فيه:. . . قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر. ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا. والأثر بمعناه في المسند (ط. الحلبي) 6/63.
*********************************
قال (1) " ومن المحال (2) أن يعارض إجماع الصحابة الذي (3) ذكرنا عنهم (4) ، والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لفظه، بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة (5) - رضي الله عنهما - (6) مما لا تقوم به (7) حجة ظاهرة (8) ، من أن (9) هذا الأثر خفي على عمر (10) كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالاستئذان (11)

(1) بعد الكلام السابق مباشرة في (ف) .
(2) ف: فمن المحال.
(3) ن، م: الذين.
(4) عنهم: ليست في (ن) .
(5) ن، م: عائشة وعمر.
(6) رضي الله عنهما: ليست في (أ) ، (ب) .
(7) ن، ف: يقوم به.
(8) ظاهرة: ساقطة من (ف) ، وبدلا منها عبارة زائدة وهي: " مما له وجه ظاهر ".
(9) أ، ب: مع أن. والمثبت من (ن) ، (ف) 4/178. وسقطت (أن) من (م) .
(10) ف: عمر - رضي الله عنه -.
(11) في البخاري 8/54 - 55 (كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثا) عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ". فقال: " والله لتقيمن عليه بينة. أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك. وهذا الحديث في مسلم 3/1695 - 1696 (كتاب الآداب، باب الاستئذان) ؛ الموطأ 2/964 (كتاب الاستئذان، باب الاستئذان) بألفاظ متقاربة وجاء حديث بمعناه قبله مباشرة 2/963 عن أبي موسى الأشعري ونصه: " الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل، وإلا فارجع ".
***************************
وغيره، أو أنه (1) أراد استخلافا بعهد مكتوب، ونحن نقر أن استخلاف أبي بكر (2) لم يكن بعهد مكتوب (3) .

وأما الخبر في ذلك عن عائشة (4) فكذلك أيضا (5) . وقد يخرج كلاهما (6) على سؤال سائل، وإنما الحجة في روايتهما لا في قولهما (7) . ".
قلت: والكلام في تثبيت خلافة أبي بكر وغيره مبسوط في غير هذا الموضع، وإنما المقصود هنا البيان لكلام الناس في خلافته: هل حصل عليها نص جلي أو نص خفي؟ (8) وهل ثبتت بذلك أو بالاختيار من أهل الحل والعقد؟
فقد تبين أن كثيرا من السلف والخلف قالوا فيها بالنص الجلي أو الخفي، وحينئذ فقد بطل قدح الرافضي في أهل السنة بقوله: إنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمامة أحد، وأنه مات من غير وصية، وذلك (9) أن هذا القول لم يقله جميعهم، فإن كان
(1) أ، ب: وأنه.
(2) أ، ب: أن استخلافه.
(3) ف: بكتاب.
(4) أ، ب: عائشة - رضي الله عنها -.
(5) ف: نصا، وهو خطأ.
(6) ن، م: كل منهما؛ ف: كلامها.
(7) ف، ن: في روايتها لا في قولها؛ م: في رواتها، وهو تحريف.
(8) أ، ب: نص خفي أو جلي؟
(9) أ، ب: وكذلك.
*****************************
حقا فقد قاله بعضهم، وإن كان الحق هو نقيضه فقد قال بعضهم ذلك. فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن أهل السنة.

[قول الراوندية بالنص على خلافة العباس]
وأيضا فلو قدر أن القول بالنص هو الحق لم يكن في ذلك حجة للشيعة، فإن الراوندية (1) تقول بالنص على العباس كما قالوا هم بالنص على علي.

قال القاضي أبو يعلى وغيره: " واختلف الراوندية فذهب جماعة منهم إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على العباس بعينه واسمه، وأعلن ذلك وكشفه وصرح به، وأن الأمة جحدت (2) هذا النص وارتدت وخالفت أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) عنادا. ومنهم من قال: إن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة " (4) يعني هو نص خفي.

فهذان قولان للراوندية كالقولين للشيعة، فإن الإمامية تقول: إنه نص على [علي بن أبي طالب]- رضي الله عنه - (5) من طريق التصريح والتسمية
(1) سبقت الإشارة من قبل ص 14 ت 4 إلى الراوندية القائلين بإمامة العباس بن عبد المطلب وإلى ما ذكره الأشعري عنهم في المقالات 1/94، والرازي في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 63. وسيرد بعد قليل كلام ابن حزم عنهم في الفصل 4/154.
(2) أ، ب: كفرت.
(3) أ، ب: أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(4) يقول القاضي أبو يعلى في كتابه " المعتمد في أصول الدين " ص 223: " وذهب قوم من الراوندية إلى أن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة ".
(5) ن، م: علي - رضي الله عنه -، أ، ب: علي بن أبي طالب.
****************************





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #72  
قديم 17-12-2021, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (72)
صـ 501 إلى صـ 507


بأن هذا هو الإمام من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا. والزيدية (1) تخالفهم في هذا.
ثم من الزيدية من يقول: إنما نص عليه بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» (2) ، «وأنت مني بمنزلة هارون من موسى» (3) ، وأمثال ذلك من النص
(1) ن، م: والراوندية، وهو خطأ. وسبق الكلام على الزيدية (انظر مثلا: ص [0 - 9] 4 - 35؛ وانظر ت 9 ص 35) وانظر عنهم أيضا: مقالات الإسلاميين 1/129 - 141؛ الملل والنحل 1/137 - 143؛ الفرق بين الفرق، ص 19، 22 - 25.
(2) الحديث في سنن الترمذي 5/297 (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب. . .) ونصه: حدثنا محمد بن بشار. . قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". قال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب. وروى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وأبو سريحة هو حذيفة بن أسيد صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وصحح الألباني الحديث في تعليقه على " مشكاة المصابيح " للتبريزي 3/243، وعلق على عبارة، شك شعبة. بقول: " قلت: وهو في المسند عن زيد بدون شك ". كما صحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 5/353، والحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 1/45 (المقدمة، فضل علي. . .) ؛ المسند (ط. المعارف) عن علي - رضي الله عنه -: الأرقام: 641 (ضعف أحمد شاكر سنده) ، 950، 951، 952، 961، 964 (ضعف أحمد شاكر سنده) ، 1310، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، رقم 3062، (ط. الحلبي) عن البراء - رضي الله عنه - 4/281، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - 4/368، 370، 372، 372 - 372، عن بريدة - رضي الله عنه - 5/361، عن خمسة أو ستة من الصحابة 5/366، عن زيد بن أرقم 5/370، عن أبي أيوب الأنصاري مع طائفة من الأنصار 5/419، وجاء الحديث في كتاب " فضائل الصحابة " للإمام أحمد بن حنبل (تحقيق وصي الله بن محمد بن عباس) ، إصدار جامعة أم القرى 1403/1983) الأرقام: 947، 959، 1007، 1021، 1048، 1167، 1177، 1206.
(3) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في البخاري 5/19 (كتاب فضائل أصحاب النبي. . .، باب مناقب علي بن أبي طالب) ؛ مسلم 4/1871 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب) ؛ سنن الترمذي 5/301 - 302 (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب) ؛ سنن ابن ماجه 1/42 - 43، 45 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فضل علي بن أبي طالب. .) ؛ المسند (ط. المعارف) 3/97. والحديث في " فضائل الصحابة " الأرقام: 954، 957، 1030، 1045، 1091، 1143، 1153.
******************************
الخفي الذي يحتاج إلى تأمل لمعناه. وحكي عن الجارودية من الزيدية (1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على علي بصفة لم تكن توجد إلا فيه، لا من جهة التسمية.

فدعوى الراوندية في النص من جنس دعوى الرافضة، وقد ذكر في الإمامية أقوال أخر.
قال [أبو محمد] بن حزم (2) " اختلف القائلون بأن الإمامة (3) لا تكون (4) إلا في صليبة قريش (5) ، فقالت طائفة: هي جائزة في

(1) ن، م: الجارودية والزيدية. وهو خطأ. والجارودية هم من فرق الزيدية وينتسبون إلى من يعرف بأبي الجارود. انظر عن مذهبهم: مقالات الإسلاميين 1/133 - 135؛ الملل والنحل 1/140 - 141؛ الفرق بين الفرق، 22 - 24.
(2) ن، م: ابن حزم. والكلام التالي في (ف) 4/154. وأوله في (ف) : واختلف.
(3) ن: الإمامية، وهو تحريف.
(4) ف: لا تجوز.
(5) ف 4/154: صلبة؛ أ، ب: صبية، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) والمعنى أن الإمامة لا تكون إلا في قرشي خالص النسب. وفي " أساس البلاغة " للزمخشري، مادة: " صلب ": عربي صليب: خالص النسب.
************************************
جميع ولد فهر بن مالك بن النضر (1) ؛ وهذا قول أهل السنة وجمهور المرجئة (2) وبعض المعتزلة.

وقالت طائفة: لا تجوز الخلافة إلا في ولد العباس [بن عبد المطلب] (3) ، وهم الراوندية (4) .

وقالت طائفة: لا تجوز [الخلافة] (5) إلا في ولد علي بن أبي طالب (6) .

وقالت طائفة: لا تجوز [الخلافة] (7) إلا في ولد جعفر بن أبي طالب (8) (* ثم قصروها (9) على عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب *) (10) . وبلغنا عن بعض بني الحارث بن عبد المطلب أنه كان

(1) ف: فهر بن مالك فقط.
(2) ن، م: جمهور أهل السنة والمرجئة.
(3) بن عبد المطلب: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ف: وهو قول الراوندية.
(5) الخلافة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(7) الخلافة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(9) ف: ثم قصورها، وهو تحريف.
(10) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . وترجمة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في لسان الميزان 3/363 - 365، وفيها (ص 364) : قال أبو نعيم في تاريخه: قدم المداين متغلبا عليها أيام مروان بن محمد ومعه أبو جعفر المنصور، فبقي من سنة (28) إلى انقضاء سنة (29) ، ثم هرب إلى خراسان فسجنه أبو مسلم إلى أن مات مسجونا سنة إحدى وثلاثين ومائة. ثم نقل ابن حجر عن ابن حزم قوله: كان عبد الله بن معاوية ردي الدين معطلا يصحب الدهرية.
**************************

يقول: لا تجوز الخلافة إلا لبني (1) عبد المطلب خاصة، ويراها في جميع ولد (2) عبد المطلب، وهم: أبو طالب وأبو لهب والعباس والحارث (3) ".

قال (4) : " وبلغنا (5) [عن رجل كان بالأردن يقول: لا تجوز الخلافة إلا في بني عبد شمس (6) ، وكان له (7) في ذلك تأليف مجموع ".

قال (8) : " ورأينا (9) كتابا مؤلفا لرجل من ولد عمر بن الخطاب (10) يحتج فيه أن (11) الخلافة لا تجوز إلا في ولد أبي بكر وعمر خاصة (12) "، وسيأتي تمام الكلام على تنازع الناس في الإمامة إن شاء الله تعالى.

والمقصود هنا أن أقوال الرافضة معارضة بنظيرها، فإن دعواهم النص على علي، كدعوى أولئك النص على العباس، وكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار، ولم يقل أحد من أهل العلم شيئا من هذين القولين،

(1) ف: إلا في بني.
(2) أ، ب: بني.
(3) ف والحارث والعباس، وهم عموم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو طالب اسمه عبد مناف، وأبو لهب هو عبد العزى. . سيرة ابن هشام 1/113، طبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1355/1936.
(4) بعد الكلام السابق مباشرة.
(5) بعد كلمة " وبلغنا " يوجد سقط كبير في (ن) سنشير إلى نهايته فيما بعد إن شاء الله.
(6) ف: إلا في بني أمية بن عبد شمس؛ م: إلا في أولاد عبد شمس.
(7) عند عبارة " وكان له " يبدأ سقط كبير في (م) وينتهي مع نهاية سقط (ن) .
(8) بعد الكلام السابق مباشرة.
(9) ف: وروينا.
(10) ف: بن الخطاب - رضي الله عنه -.
(11) ف: بأن.
(12) ف: إلا لولد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.
***************************
وإنما ابتدعهما أهل الكذب كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه؛ ولهذا لم يكن أهل الدين من ولد العباس وعلي يدعوان هذا ولا هذا، بخلاف النص على أبي بكر فإن القائلين به طائفة من أهل العلم، وسنذكر إن شاء الله تعالى فصل الخطاب في هذا الباب.

لكن المقصود أن لهم أدلة وحججا من جنس أدلة المستدلين في موارد النزاع، ويكفيك أن أضعف ما استدلوا به استدلالهم بتسميته خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد تقدم أن القائلين بالنص على أبي بكر منهم من قال بالنص الخفي، ومنهم من قال بالنص الجلي.
وأيضا، فقد روى ابن بطة (1) بإسناده، قال حدثنا أبو الحسن بن أسلم الكاتب (2) ، حدثنا الزعفراني (3) ، حدثنا يزيد بن هارون (4) حدثنا المبارك بن فضالة (5) ، أن عمر بن عبد العزيز بعث محمد بن الزبير
(1) المتوفى سنة 387، وسبق الكلام عليه (ص 61 ت [0 - 9] ) .
(2) لم أجده فيما بين يدي من المراجع.
(3) أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني من أعيان أصحاب الشافعي وقد توفي سنة 249، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 2/318 - 319؛ الأنساب للسمعاني، ص 274؛ اللباب في تهذيب الأنساب 1/502.
(4) المتوفى سنة 206، وسبقت ترجمته (ص 60 ت 4) .
(5) ترجمته في ميزان الاعتدال 3/5 - 6. وفيها: قال يحيى بن معين: صالح. وقال أبو داود: شديد التدليس، فإذا قال: حدثنا، فهو ثبت. وقال النسائي وغيره: ضعيف. . وقال ابن عدي: عامة أحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة، وتوفي سنة 164 أو 165 أو 166 على ثلاث روايات. وذكره ابن العماد (شذرات الذهب 1/259 - 260) في وفيات سنة 164. وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/188.
*******************************
الحنظلي (1) إلى الحسن فقال: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر؟ فقال: أوفي شك صاحبك؟ نعم، والله الذي لا إله إلا هو استخلفه، لهو أتقى من أن يتوثب عليها. قال ابن المبارك: استخلافه هو أمره أن يصلي بالناس، وكان هذا عند الحسن استخلافا ".

قال: " وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد (2) حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب (3) ، حدثنا يحيى بن سليم (4) . حدثنا جعفر بن
(1) محمد بن الزبير التميمي الحنظلي البصري: في ميزان الاعتدال 3/57: عن أبيه، والحسن، وعمر بن عبد العزيز. . . قال النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في حديثه إنكار، وقال البخاري: روى عن حماد بن زيد منكر الحديث وفيه نظر. وانظر ترجمته أيضا في تهذيب التهذيب 9/167؛ الخلاصة للخزرجي، ص 287.
(2) عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع البغوي، أورد الذهبي طعن ابن عدي وغيره فيه، ولكنه دافع عنه وقال في آخر ترجمته (ميزان الاعتدال 2) : قلت: الرجل ثقة مطلقا، وانظر لسان الميزان 3/338 - 341. وقد توفي البغوي سنة 317. وهو من شيوخ ابن بطة. انظر طبقات الحنابلة 1/190 - 192، 2/144.
(3) زهير بن حرب بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي. ترجمته في تهذيب التهذيب 3/342 - 344، وفيها: وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وروى له النسائي. . مات سنة 234.
(4) يحيى بن سليم الطائفي الحذاء الخزاز المتوفى سنة 195، وثقه البعض وضعفه آخرون، ترجمته في ميزان الاعتدال 3/292؛ تهذيب التهذيب 11/226 - 227. وقد يكون الصواب: يحيى بن سعيد، وهو يحيى بن سعيد القطان المتوفى سنة 143 أو 144 أو 146. ترجمته في تهذيب التهذيب 11/221 - 224. وفي ترجمة جعفر الصادق (تهذيب التهذيب 2) : وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من أقرانه. . . وقال يحيى بن المديني: سئل يحيى بن سعيد عنه فقال: في نفسي منه شيء ومجالد أحب إلي منه، قال: وأملى على جعفر الحديث الطويل، يعني في الحج
********************************
محمد (1) - 105، وفيها أنه مات 148.، عن أبيه (2) ، عن عبد الله بن جعفر (3) قال: ولينا أبو بكر فخير خليفة أرحمه بنا وأحناه علينا (4) . قال: وسمعت معاوية بن قرة (5) يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر " (6) .

ثم القائلون بالنص على أبي بكر من قال بالنص الجلي، واستدلوا على ذلك باتفاق الصحابة على تسميته خليفة رسول الله
(1) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الهاشمي أبو عبد الله، المعروف بجعفر الصادق. قال عنه الذهبي (ميزان الاعتدال 1/192) : أحد الأئمة الأعلام بر صادق كبير الشأن لم يحتج به البخاري. . . وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله. وترجمته في تهذيب التهذيب 2
(2) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو جعفر الباقر. . روى عن أبيه. . وروى عنه ابنه جعفر. . قال ابن سعيد: كان ثقة كثير الحديث وليس يروي عنه من يحتج به. . والأصح أنه مات سنة أربع عشرة (ومائة) - تهذيب التهذيب 9/350 - 352.
(3) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو محمد وأبو جعفر، وهي أشهر، مات سنة ثمانين. ترجمته في الإصابة لابن حجر 2/280 - 281.
(4) هنا ينتهي سقط كبير في (ن) وهو الذي يبدأ بعد كلمة: وبلغنا (ص 504 س [0 - 9] ) . ويوجد بدلا منه في (ن) هذه الجملة: " قال: وبلغنا عن الحسن يحلف بالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر ".
(5) معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رباب المزني، أبو إياس البصري. ترجمته في تهذيب التهذيب 10/216 - 217، وفيها: عن يحيى بن معين: ثقة. وكذا قال العجلي والنسائي وأبو حاتم. وقال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مطر الأعنق عن معاوية بن قرة: لقيت من الصحابة كثيرا، منهم خمسة وعشرون من مزينة. قال خليفة وغيره: مات سنة ثلاث عشرة ومائة.
(6) هنا ينتهي سقط (م) ويوجد بدلا منه: " وكان له في الحسن يحلف بالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر ".
*****************************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #73  
قديم 17-12-2021, 10:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (73)
صـ 508 إلى صـ 514


- صلى الله عليه وسلم - قالوا (1) : والخليفة إنما يقال لمن استخلفه غيره، واعتقدوا أن الفعيل بمعنى المفعول، فدل ذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف (2) على أمته.والذين نازعوهم في هذه الحجة قالوا: الخليفة يقال لمن استخلفه غيره، ولمن خلف غيره فهو فعيل بمعنى فاعل، كما يقال: خلف فلان فلانا. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين (3) : " «من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا» " (4) . وفي الحديث الآخر: " «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا» " (5) .

(1) ن، م: قال.
(2) ن، م: استخلفه.
(3) أ، ب: في الحديث الصحيح.
(4) الحديث عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - في البخاري 4/27 (كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازيا) ؛ مسلم 3/1506 - 1507 (كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي. . . .) ؛ سنن أبي داود 3/18 (كتاب الجهاد، باب ما جاء فيمن جهز غازيا؛ المسند (ط. الحلبي) 4/115، 116، 117، 5/193.
(5) أ، ب: أهلينا. والحديث بهذا اللفظ هو الجزء الأول من حديث عن عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/161 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا) وقال الترمذي: " وهذا حديث حسن صحيح ". وهو جزء من حديث آخر عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/165 (كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا ركب دابة) وأول الحديث: عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر فركب راحلته كبر ثلاثا وقال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) . ثم يقول: اللهم إني أسألك في سفري هذا. . . الحديث. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن ". وهذا الحديث الآخر في المسند (ط. المعارف) 9/138 - 139. وجاء الجزء الأول من هذه العبارات وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل " في أحاديث كثيرة، منها حديث عن ابن عمر في مسلم 2/978 (كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره) ؛ المسند (ط. المعارف) 9/185. ومنها حديث عن أبي هريرة في سنن الترمذي 5/160 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا) ؛ المسند (ط. المعارف) 18/21 - 22، (ط. الحلبي) 2/433. ومنها حديث عن ابن عباس في مسند أحمد (ط. المعارف) 4/87،، 255.
*********************************

وقال تعالى: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات} [سورة الأنعام: 165] . وقال تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} [سورة يونس: 14] (1) وقال تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [سورة البقرة: 30] . وقال: {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} [سورة ص: 26] (2) ، أي خليفة عمن قبلك من الخلق، ليس المراد أنه (3) خليفة عن الله، وأنه من الله كإنسان العين من العين، كما يقول ذلك بعض الملحدين القائلين بالحلول والاتحاد، كصاحب " الفتوحات المكية "، وأنه الجامع لأسماء الله الحسنى، وفسروا بذلك قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} [سورة البقرة: 31] (4) وأنه مثل الله الذي نفي عنه

(1) في (ن) ، (م) ورد جزء من ألفاظ الآيتين فقط.
(2) في (ن) ، (م) جاء جزء من الآية حتى قوله تعالى. . في الأرض.
(3) ن، م: ليس المراد به.
(4) هذه الآراء يذكرها صاحب كتاب " الفتوحات المكية "، وهو ابن عربي في كتابه " فصوص الحكم "، تحقيق الدكتور أبي العلا عفيفي، ص 49 - 51، القاهرة، 1365/1946. حيث يقول: " فسمي هذا المذكور إنسانا وخليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلها، وهو للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر وهو المعبر عنه بالبصر؛ فلهذا سمي إنسانا. . فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود. . إلخ ".
*********************************
الشبه (1) بقوله {ليس كمثله شيء} (2) ، [سورة الشورى: 11] ، إلى أمثال هذه المقالات التي فيها من تحريف المنقول (3) وفساد المعقول ما ليس هذا موضع بسطه (4) .

والمقصود هنا أن الله لا يخلفه غيره، فإن الخلافة إنما تكون عن غائب، وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم إلى غيره، وهو [سبحانه] (5) خالق الأسباب والمسببات جميعا، بل هو سبحانه يخلف عبده المؤمن إذا غاب عن أهله. ويروى (6) أنه قيل لأبي بكر: يا خليفة الله. فقال: بل أنا خليفة رسول الله، وحسبي ذاك.
[الأحاديث الدالة على ثبوت خلافة أبي بكر]
وقالت طائفة: بل ثبتت بالنص المذكور في الأحاديث التي تقدم
(1) ن، م: الشبهة، وهو خطأ.
(2) انظر كلام ابن عربي عن هذه الآية، وعن التشبيه والتنزيه في " فصوص الحكم " 1/68 - 71.
(3) ن، م: القول.
(4) ن، م: ما ليس هذا موضعه.
(5) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: وروي.

********************************
[إيراد بعضها] (1) مثل قوله في الحديث الصحيح: «لما جاءته المرأة (2) تسأله عن أمر، فقالت: أرأيت إن لم أجدك؟ كأنها تعني الموت، فقال: " ائتي أبا بكر» " (3) . ومثل (4) قوله - صلى الله عليه وسلم - (5) في [الحديث] الصحيح لعائشة [رضي الله عنها] (6) : " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس بعدي ". ثم قال: " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» " (7) .

ومثله قوله في [الحديث] الصحيح (8) : " «رأيت (9) كأني على قليب أنزع منها، فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا [من الناس] (10) يفري فريه حتى ضرب (11) الناس بعطن» " (12) .
(1) ن، م: في الأحاديث المتقدمة.
(2) ن: امرأة.
(3) ورد هذا الحديث من قبل مرتين (ص 488، 496) وسبق الكلام عليه (ص 488، ت [0 - 9] ) .
(4) ن، م: ومثله.
(5) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: في الصحيح لعائشة.
(7) ورد هذا الحديث من قبل (ص 492، 496) وسبق الكلام عليه (ص 492 ت [0 - 9] ) ، وورد مع اختلاف في اللفظ من رواية الطيالسي (ص 492) .
(8) ن، م: ومثله في الصحيح؛ ب: ومثل قوله في الحديث الصحيح.
(9) رأيت: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(10) من الناس: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) ن، م، أ: صدر.
(12) سبق الكلام على هذا الحديث، ص [0 - 9] 89.
*****************************

ومثل قوله: " «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ". وقد روجع في ذلك مرة بعد مرة، فصلى بهم مدة مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - من يوم الخميس إلى يوم الخميس إلى يوم الاثنين، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة فصلى بهم جالسا، وبقي أبو بكر يصلي بأمره سائر الصلوات، وكشف الستارة يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك (1) ، وقد قيل: إن آخر صلاة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت خلف أبي بكر، وقيل: ليس كذلك.

ومثل قوله في [الحديث] (2) الصحيح على منبره: " «لو كنت متخذا من أهل (3) الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر» " (4) .
(1) هذه الأخبار جاءت في كتب السيرة، انظر مثلا: سيرة ابن هشام 4/298 - 306؛ جوامع السيرة لابن حزم، ص 262 - 265، وجاءت بعض هذه الأخبار في كتب السنة في أحاديث عن عائشة وأنس - رضي الله عنهما -. انظر مثلا: البخاري 1/139 - 140 (كتاب الأذان، باب من أسمع الناس تكبير الإمام) ، 1/147 (كتاب الأذان، باب هل يلتفت لأمر ينزل به. . .) ، 2/63 (كتاب التهجد، باب من رجع القهقرى في صلاته) ، 4/149 - 150 (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) ، 6/12 - 13 (كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) ، 9/97 - 98 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من التعمق والنزاع في العلم) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/361، 6/96.
(2) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) جاء هذا الحديث في قسمه الأول إلى قول النبي: لاتخذت أبا بكر خليلا، في مواضع كثيرة عن عدد من الصحابة، وأما الحديث بهذه الألفاظ فقد جاء عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في البخاري 1/96 (كتاب الصلاة، باب الخوخة والممر في المسجد) وأوله: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده. . . الحديث، وهو في البخاري 5/4 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب المهاجرين، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر) ؛ مسلم 4/1854 - 1855 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) ؛ سنن الترمذي 5/278 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق) والحديث فيه عن عائشة. وقال الترمذي " وفي الباب عن أبي سعيد "؛ المسند (ط. الحلبي) 3/18. وفي " فتح الباري " 7/14؛ والخوخة طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب ".
******************************
وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم: " من رأى (1) منكم رؤيا؟ " فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانا نزل (2) من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ثم وزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان. فرأيت الكراهية في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم» - " (3) .

ورواه أيضا من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكر مثله، ولم يذكر الكراهية. فاستاء لها (4) النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني ساءه ذلك - فقال: " «خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء» " (5) . فبين [النبي] (6)
(1) ب: أي، وهو تحريف ظاهر.
(2) أ، ب: أنزل.
(3) ورد هذا الحديث من قبل (ص 490) .
(4) ن: قال فاشتكاها، وهو تحريف.
(5) مضى هذا الحديث من قبل، ص 490.
(6) النبي: زيادة في (أ) ، (ب) .
******************************
- صلى الله عليه وسلم - أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة (1) ، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه بل كانوا مختلفين، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك.

وروى أبو داود أيضا من حديث ابن شهاب، عن عمرو بن أبان، عن جابر أنه كان يحدث «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أري (2) الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر ". قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المنوط بعضهم ببعض، فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه» " (3) .
وروى أبو داود أيضا من حديث حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، «أن رجلا قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلوا أدلي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها (4) فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها (5) فشرب حتى تضلع،
(1) نبوة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: رأى.
(3) سبق الكلام على هذا الحديث ص 491 وهو في سنن أبي داود 4/290، وفيها: وأما تنوط. . وفي " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 4/182 (ط. القاهرة، 1311) : نيط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي علق (بضم العين وتشديد اللام وكسرها) .
(4) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
(5) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
**********************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #74  
قديم 17-12-2021, 10:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (74)
صـ 515 إلى صـ 521


ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها (1) فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها (2) فانتشطت فانتضح عليه منها شيء» (3) .
وعن سعيد بن جهمان، عن سفينة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء» ". أو [قال] (4) : " الملك ". قال سعيد: قال لي سفينة: [أمسك] ، مدة (5) أبي بكر سنتان (6) ، وعمر عشر، وعثمان اثنتا عشرة (7) ، وعلي كذا. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة. قال: كذبت أستاه بني الزرقاء، يعني بني مروان (8) . و [أمثال]

(1) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
(2) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
(3) الحديث في سنن أبي داود 4/290 - 291. وفي النهاية لابن الأثير 3/88: العراقي جمع عرقوة الدلو وهي الخشبة المعروضة على فم الدلو وهما عرقوتان كالصليب. . . تضلع (النهاية 3/23) : أي أكثر من الشرب حتى تمدد جنبه وأضلاعه. وفي اللسان، مادة: نشط، نشط الدلو من البئر صعدا بغير قامة وهي البكرة. . . ويقال: نشطت وانتشطت: أي انتزعت.
(4) قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن: قال لي بنفسه: مدة. وسقطت " مدة " من (م) .
(6) ن، م، أ: سنتين، وهو خطأ.
(7) ن، م: اثنا عشر؛ أ: اثني عشر.
(8) الحديث في سنن أبي داود 4/293 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ؛ سنن الترمذي 3/341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جهمان ولا نعرفه إلا من حديثه) ؛ المستدرك للحاكم 3/71. وأستاه جمع است، وفي اللسان، مادة: سته: " الجوهري: والاست العجز، وقد يراد بها حلقة الدبر، وأصله سته على فعل بالتحريك، يدل على ذلك أن جمعه أستاه مثل جمل وأجمال. . ويقال لأرذال الناس: هؤلاء الأستاه. والمراد بعبارة سفينة التحقير ". وتكلم الأستاذ محب الدين الخطيب (المنتقى من منهاج الاعتدال، ص 57 ت [0 - 9] ) على سند الحديث وبين ضعفه وأشار إلى عدم تصحيح ابن العربي له في " العواصم من القواصم "، ص 201، القاهرة، 1371، ولكن الألباني صحح الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 3/118.
*******************************
هذه (1) الأحاديث ونحوها مما يستدل بها من قال: إن خلافته ثبتت بالنص. والمقصود هنا أن كثيرا من أهل السنة يقولون (2) : إن خلافته ثبتت بالنص، وهم يسندون ذلك إلى أحاديث معروفة صحيحة. ولا ريب أن قول هؤلاء أوجه من قول من يقول: إن خلافة علي أو العباس ثبتت بالنص، فإن هؤلاء ليس معهم إلا مجرد الكذب والبهتان، الذي يعلم بطلانه بالضرورة كل من كان عارفا بأحوال الإسلام، أو استدلال بألفاظ لا تدل على ذلك، كحديث استخلافه في غزوة تبوك ونحوه مما سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.

فيقال لهذا: إن وجب أن يكون الخليفة منصوصا عليه، كان القول بهذا النص أولى من القول بذاك (3) ، وإن لم يجب هذا، بطل ذاك.
والتحقيق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دل المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس، ثم لما حصل لبعضهم (4) شك: هل
(1) ن، م: وهذه.
(2) ن، م: تقول.
(3) أ، ب: بذلك.
(4) ن، م: لهم.
********************************
ذلك القول من جهة المرض، أو هو قول يجب اتباعه؟ ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة أبي بكر [رضي الله عنه] (1) .

فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة، لبينه النبي (2) - صلى الله عليه وسلم - بيانا قاطعا للعذر، لكن لما دلتهم (3) دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين (4) وفهموا ذلك، حصل المقصود (* والأحكام يبينها - صلى الله عليه وسلم - تارة بصيغة عامة (5) وتارة بصيغة خاصة *) (6) ولهذا قال عمر [بن الخطاب] (7) في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: " وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل (8) أبي بكر " رواه البخاري ومسلم (9) .
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) . وخبر مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخميس وعزمه على الكتابة واختلاف الصحابة حوله وعدوله عن ذلك مروي عن ابن عباس في عدة مواضع في صحيح البخاري انظر: 1 (كتاب العلم، باب كتابة العلم) ، 4/99 (كتاب الجزية، والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب) ، 6/9 - 10 (كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) ، 7/120 (كتاب المرضى، باب قول المريض: إني وجع. .) ، 9/111 - 112 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب كراهية الخلاف) .
(2) أ، ب: رسول الله.
(3) أ، ب: دلهم.
(4) ن، م: المعين.
(5) ن: تامة، والمثبت من (م) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(7) بن الخطاب: زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) ن، م: غير.
(9) هذه جملة من خطبة طويلة لعمر - رضي الله عنه - وقد وردت في البخاري 8/169 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت) ؛ ابن هشام: (السيرة النبوية) 4/309، القاهرة، 1355/1936؛ المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] ، الأثر 391 (ص [0 - 9] 26) . وقد وجدت في صحيح مسلم 3/1317 (كتاب الحدود، باب رجم الثيب من الزنى) قطعة من خطبة عمر ولكن ليس فيها هذه الجملة، وانظر جامع الأصول لابن الأثير 4/480. ويشرح ابن حجر (فتح الباري 12/125) معنى الجملة فيقول: " قال الخطابي: يريد أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر. . . وعبر بقوله: تقطع الأعناق، لكون الناظر إلى السابق تمتد عنقه لينظر، فإذا لم يحصل مقصوده من سبق من يريد سبقه، قيل: انقطعت عنقه ".
***************************
وفي الصحيحين [أيضا] (1) عنه أنه قال يوم السقيفة بمحضر من المهاجرين والأنصار: " أنت (2) خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) " ولم ينكر ذلك منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة: إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار طمعا في أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلانه، ثم الأنصار جميعهم بايعوا أبا بكر (4) إلا سعد بن عبادة لكونه هو الذي كان يطلب الولاية (5) .

(1) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: أنه.
(3) الحديث في البخاري 5/7 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب أبي بكر الصديق) ، 8/168 - 171 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى. .) ؛ المسند (ط. المعارف) 1/323 - 327.
(4) موقف الأنصار واجتماعهم إلى سعد بن عبادة وطلبهم أن يكون منهم أمير ومن المهاجرين أمير، توضحه الأحاديث المشار إليها في التعليقين السابقين. وانظر سيرة ابن هشام 4/307 - 310؟
(5) م: هو الذي طلب الولاية، وموقف سعد بن عبادة من بيعة أبي بكر يرويه ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص 144 - 145، ط. ليدن، 1321/1904. وانظر ما ذكره ابن كثير من قبول سعد فيما بعد لخلافة أبي بكر في البداية والنهاية 5/247، القاهرة، 1351/1932. وسيرد بعد قليل ما نقله ابن تيمية عن مسند أحمد بهذا الصدد.
*********************************
ولم يقل [قط] (1) أحد من الصحابة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على غير أبي بكر - رضي الله عنه - (2) : لا على العباس ولا على علي ولا على (3) غيرهما، ولا ادعى العباس ولا علي -[ولا أحد] (4) ممن يحبهما - الخلافة لواحد منهما، ولا أنه منصوص عليه. بل ولا قال أحد من الصحابة: إن في قريش من هو أحق بها من أبي بكر: لا من بني هاشم، ولا من غير بني هاشم (5) . وهذا كله مما يعلمه (6) العلماء العالمون (7) بالآثار والسنن والحديث، وهو معلوم عندهم بالاضطرار.

وقد نقل عن بعض بني عبد مناف، مثل أبي سفيان وخالد بن سعيد (8) ، أنهم أرادوا أن لا تكون الخلافة [إلا] (9) في بني عبد مناف،
(1) قط: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) رضي الله عنه: زيادة في (ن) ، (م) .
(3) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ولا أحد: ساقطة من (ن) فقط.
(5) ن، م: ولا من غيرهم.
(6) ن: يعلم.
(7) أ، ب، م: العاملون.
(8) خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، أبو سعيد. يقال: إنه خامس من أسلم من الصحابة، واختلف في تاريخ وفاته - رضي الله عنه - فقيل: استشهد يوم مرج الصفر، وقيل: يوم أجنادين. انظر: الإصابة لابن حجر 1/406؛ أسد الغابة لابن الأثير 2/97 - 98.
(9) إلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
*********************************
وأنهم ذكروا ذلك لعثمان وعلي (1) فلم يلتفتا (2) إلى من قال ذلك، لعلمهما وعلم سائر المسلمين أنه ليس في القوم مثل أبي بكر.

ففي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف (3) أنه طلب تولية غير أبي بكر، لم يذكر حجة دينية شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر، وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته، وإرادة منه أن تكون الإمامة (4) في قبيلته.

ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية ولا الطرق الدينية، ولا هو مما أمر الله (5) ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة (6) جاهلية، ونوع عصبية للأنساب (7) والقبائل. وهذا مما بعث الله محمدا (8) [صلى الله عليه وسلم] (9) بهجره وإبطاله.
وفي الصحيح عنه أنه (10) قال: " «أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستقاء بالنجوم» " (11) .
(1) وعلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فلم يلتفت، وهو خطأ.
(3) أ، ب: من بني عبد مناف.
(4) ن. الإمارة.
(5) ن، م: أمر الله به. . .
(6) ن، م: شيعة.
(7) ن، م: للإنسان؛ أ: الإنسان. والمثبت من (ب) .
(8) ن، م: الله به محمدا. . .
(9) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(10) أ، ب: وثبت عنه في الصحيحين أنه. .
(11) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - في مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/342، 343، 344؛ المستدرك للحاكم 1/383؛ الأحاديث الصحيحة للألباني 2/299 حديث رقم 734.
***********************************
وفي المسند عن أبي بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " «من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أمه ولا تكنوا» (1) ".

وفي السنن عنه أنه قال: " «إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، الناس رجلان: مؤمن تقي، وفاجر شقي» " (2) .
وأما كون الخلافة في قريش، فلما كان هذا من شرعه ودينه (3) ، كانت النصوص بذلك معروفة منقولة مأثورة يذكرها الصحابة. بخلاف
(1) الحديث في المسند (ط. الحلبي) 5/136 عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -. وفي النهاية لابن الأثير 4/256: " ومنه الحديث: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا. أي قولوا له: عض أير أبيك ". وفي اللسان: " هن المرأة: فرجها ".
(2) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 4/450 (كتاب الأدب، باب في التفاخر بالأحساب) ونصه: " إن الله - عز وجل - قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ". وفي اللسان (مادة: عبب) : " والعبية والعبية: الكبر والفخر. . . " وعبية الجاهلية نخوتها. وفي الحديث: إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها: يعني: الكبر ". وقال شارح سنن أبي داود: " والجعلان: جمع جعل - بزنة صرد - وهي دويبة سوداء تدير الخراء بأنفها ". والحديث - مع اختلاف في الألفاظ - في سنن الترمذي 5/390 - 391 (كتاب المناقب، باب في ثقيف وبني حنيفة) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن؛ المسند (ط. المعارف) 16/300 (وصححه أحمد شاكر - رحمه الله -) وحسن الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 2/119.
(3) م: من دينه وشرعه.
*******************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #75  
قديم 17-12-2021, 10:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (75)
صـ 522 إلى صـ 528


كون الخلافة في بطن من قريش أو غير قريش، فإنه لم ينقل أحد من الصحابة فيه نصا، بل ولا قال أحد: إنه [كان] في قريش (1) من هو أحق بالخلافة في دين الله وشرعه من أبي بكر.
ومثل هذه الأمور كلما تدبرها العالم، وتدبر (2) النصوص الثابتة وسير (3) الصحابة، حصل له علوم ضرورية لا يمكنه دفعها عن قلبه أنه كان من الأمور المشهورة عند المسلمين أن أبا بكر مقدم على غيره، وأنه كان عندهم أحق بخلافة النبوة، وأن الأمر في ذلك بين ظاهر عندهم، ليس فيه اشتباه عليهم؛ ولهذا قال [رسول الله] (4) - صلى الله عليه وسلم -: " «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ".

ومعلوم أن هذا العلم الذي عندهم بفضله وتقدمه، إنما استفادوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمور سمعوها وعاينوها، [و] حصل (5) بها لهم من العلم ما علموا [به] (6) أن الصديق أحق الأمة بخلافة نبيهم، وأفضلهم عند نبيهم وأنه ليس فيهم من يشابهه حتى يحتاج في ذلك إلى مناظرة.

(1) ن، م: أحد أن في قريش.
(2) أ، ب: تدبرها العالم تدبر.
(3) أ، ب: وسائر.
(4) رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: وعاينوها حصل.
(6) به: زيادة في (أ) ، (ب) .
*****************************

ولم يقل أحد من الصحابة قط (1) : إن عمر [بن الخطاب] (2) ، أو عثمان، أو عليا، [أو غيرهم] (3) أفضل من أبي بكر، أو أحق بالخلافة منه. وكيف يقولون (4) ذلك، وهم دائما يرون من تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر على غيره، وتفضيله له، وتخصيصه بالتعظيم، ما قد ظهر للخاص والعام؟ ! حتى أن أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين، يعلمون أن لأبي بكر من الاختصاص ما ليس لغيره.


كما ذكره أبو سفيان بن حرب يوم أحد. قال: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاثا. ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ [أفي القوم ابن أبي قحافة] (5) ؟ ثم قال (6) أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ [أفي القوم ابن الخطاب؟] (7) وكل ذلك يقول لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) : " «لا تجيبوه» " أخرجاه في الصحيحين (9) كما سيأتي ذكره بتمامه إن شاء الله تعالى (10) .
(1) قط: زيادة في (ن) ، (م) .
(2) بن الخطاب: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أو غيرهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: يقول.
(5) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) ثم قال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
(8) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) .
(9) الحديث عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في البخاري 4/65 - 66 (كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب) ، 5/94 (كتاب المغازي، باب غزوة أحد) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/293، ولم أجد الحديث في مسلم. وانظر: جامع الأصول لابن الأثير 9/176 - 178.
(10) أ، ب: كما سيأتي إن شاء الله بتمامه.

******************************
حتى إني أعلم طائفة من حذاق المنافقين ممن يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجلا عاقلا أقام الرياسة بعقله وحذقه، يقولون: إن أبا بكر كان مباطنا له على ذلك يعلم أسراره على ذلك، بخلاف عمر وعثمان وعلي.


فقد ظهر لعامة الخلائق أن أبا بكر [رضي الله عنه] (1) كان أخص الناس بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا النبي وهذا صديقه، فإذا كان محمد أفضل النبيين فصديقه أفضل الصديقين.

فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسول [الله صلى الله عليه وسلم] له (2) بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختيارا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله، وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله، فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعا.
ولكن النص دل على رضا الله ورسوله بها (3) ، وأنها حق، وأن الله أمر بها وقدرها، وأن المؤمنين يختارونها، وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها؛ لأنه حينئذ كان يكون طريق ثبوتها مجرد العهد.
وأما إذا كان المسلمون قد اختاروه من غير عهد، ودلت النصوص على صوابهم فيما فعلوه، ورضا الله ورسوله بذلك، كان ذلك دليلا على
(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: ورسوله بها.
(3) ن (فقط) : على رضا الله عنه ورسوله بها.
*********************************

أن الصديق كان (1) فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره، ما علم المسلمون به أنه أحقهم بالخلافة، وأن (2) ذلك لا يحتاج فيه إلى عهد خاص.


كما قال (3) النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يكتب لأبي بكر، [فقال لعائشة: " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ". أخرجاه في الصحيحين. وفي البخاري: " «لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ويدفع الله ويأبى المؤمنون» " (4) .

فبين صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكتب كتابا خوفا، ثم علم أن الأمر واضح ظاهر ليس مما يقبل النزاع فيه، والأمة حديثة عهد بنبيها، وهم خير أمة أخرجت للناس، وأفضل قرون هذه الأمة، فلا يتنازعون في هذا الأمر الواضح الجلي، فإن النزاع إنما يكون لخفاء العلم أو لسوء القصد، وكلا الأمرين منتف، فإن العلم بفضيلة أبي بكر جلي، وسوء القصد لا يقع من جمهور الأمة الذين هم أفضل القرون] (5) ؛ ولهذا قال (6) : " «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» "، فترك ذلك لعلمه بأن [ظهور] (7)

(1) ن، م: كانت.
(2) أ، ب: فإن.
(3) ن: كما أن.
(4) سبقت الإشارة إلى الحديث من قبل. انظر: ص 511 ت 7.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: ثم قال.
(7) ظهور: ساقطة من (ن) .
*********************************

فضيلة [أبي بكر] الصديق (1) واستحقاقه (2) لهذا الأمر يغني عن العهد فلا يحتاج إليه، فتركه لعدم الحاجة وظهور فضيلة الصديق واستحقاقه، وهذا أبلغ من العهد.[فصل بطلان مزاعم ابن المطهر عن بيعة أبي بكر]فصلوأما قول [الرافضي] (3) .
إنهم يقولون: إن (4) الإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر، بمبايعة عمر، برضا أربعة (5) .
فيقال له: ليس (6) هذا قول أئمة أهل (7) السنة، وإن كان بعض أهل الكلام يقولون: إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة، كما قال بعضهم: تنعقد ببيعة


(1) ن، م: فضيلة الصديق.
(2) أ، ب: واستخلافه.
(3) ن، م: وأما قوله.
(4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) انظر ما سبق ص 126. وفي هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " بحث متى يصير الإمام إماما ".
(6) ن، م: فليس.
(7) أهل: زيادة في (ن) فقط.
*************************

اثنين، وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليست هذه أقوال أئمة السنة (1) .


بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماما حتى يوافقه أهل الشوكة عليها (2) الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماما.

ولهذا قال أئمة السلف (3) : من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما (4) مقصود الولاية، فهو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكا بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم بحيث يصير ملكا بذلك. وهكذا كل أمر يفتقر إلى المعاونة عليه لا يحصل إلا بحصول من يمكنهم التعاون عليه؛ ولهذا لما بويع علي - رضي الله عنه - (5) وصار معه شوكة صار إماما.
ولو كان جماعة في سفر فالسنة أن يؤمروا أحدهم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يحل لثلاثة يكونون في سفر إلا أن يؤمروا
(1) انظر الكلام عما يصح به عقد الإمامة في الأحكام السلطانية لأبي الحسن الماوردي، ص [0 - 9]- 7، القاهرة، 1298؛ الفصل لابن حزم 5/13 - 18؛ مقالات الإسلاميين، 2/133، أصول الدين، ص 280 - 281.
(2) عليها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: أئمة السنة.
(4) ن، م، أ: به.
(5) ن، م: علي - عليه السلام -.

******************************
واحدا منهم» (1) " فإذا أمره أهل القدرة منهم صار أميرا. فكون الرجل أميرا وقاضيا وواليا وغير ذلك من الأمور التي مبناها على القدرة والسلطان، متى حصل ما يحصل به من القدرة والسلطان حصلت وإلا فلا؛ إذ المقصود بها عمل أعمال لا تحصل إلا بقدرة، فمتى حصلت القدرة التي بها يمكن تلك الأعمال (2) كانت حاصلة وإلا فلا.


وهذا مثل كون الرجل راعيا للماشية، متى سلمت إليه بحيث يقدر أن يرعاها، كان راعيا لها وإلا فلا، فلا (3) عمل إلا بقدرة عليه، فمن لم يحصل له القدرة على العمل لم يكن عاملا.
والقدرة على سياسة الناس إما بطاعتهم له، وإما بقهره لهم، فمتى
(1) الحديث بلفظ مقارب جزء من حديث طويل عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) 10/174 - 176 وأوله: " لا يحل أن ينكح المرأة بطلاق أخرى. . الحديث، وفيه:. . ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم ". وصحح الشيخ أحمد شاكر الحديث. وجاء الحديث في سنن أبي داود 3
(كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وفي نفس الكتاب والباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وذكر الشيخ أحمد شاكر الحديثين وقال: إن إسنادهما صحيح (المسند في الموضع السابق) ، كما أشار إلى أن الحاكم روى في مستدركه 1/443 - 445 الحديث بمعناه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي. وانظر أيضا: نيل الأوطار للشوكاني 9/157 - 158، القاهرة، 1344.
(2) ن، (فقط) : فمتى حصلت القدرة التي يحصل بها يمكن بها تلك الأعمال. . . إلخ.
(3) فلا: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
************************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #76  
قديم 17-12-2021, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (76)
صـ 529 إلى صـ 535


صار قادرا على سياستهم بطاعتهم أو بقهره، فهو ذو سلطان مطاع، إذا أمر بطاعة الله.
ولهذا قال أحمد في رسالة عبدوس بن مالك العطار (1) : " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إلى أن قال: " ومن ولي الخلافة فأجمع عليه الناس ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين، فدفع الصدقات إليه جائز برا كان أو فاجرا ".

وقال في رواية إسحاق بن منصور (2) ، وقد سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - " «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية» " (3) ما معناه؟ فقال: تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع عليه المسلمون، كلهم يقول: هذا إمام؛ فهذا معناه
(1) عبدوس بن مالك أبو محمد العطار، من أئمة الحنابلة، وكانت له منزلة عند الإمام أحمد. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/241 - 246. وانظر: " مناقب الإمام أحمد " لابن الجوزي، ص 137، 616، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، 1399/1979.
(2) ن، م: إسحاق بن إبراهيم، وهو خطأ. وإسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي المتوفى سنة 251. سمع من سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح، وروى عن أحمد، وأخرج عنه البخاري ومسلم. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/113 - 115؛ مناقب الإمام أحمد، ص 129، 615؛ تذكرة الحفاظ 2/524؛ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 6/362 - 364، القاهرة، 1349/1931.
(3) الحديث عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - في المسند (ط. الحلبي) 4/96 ولفظه: " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ".
*********************

والكلام هنا في مقامين: أحدهما: في كون أبي بكر كان هو المستحق للإمامة، وأن مبايعتهم (1) له مما يحبه الله ورسوله، فهذا ثابت بالنصوص والإجماع.

والثاني: أنه متى صار إماما، فذلك بمبايعة أهل القدرة له. وكذلك عمر لما عهد إليه أبو بكر، إنما صار إماما لما بايعوه وأطاعوه، ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر ولم يبايعوه لم يصر إماما، سواء كان ذلك جائزا أو غير جائز.
فالحل والحرمة متعلق بالأفعال، وأما نفس الولاية والسلطان فهو عبارة عن القدرة الحاصلة، ثم قد تحصل على وجه يحبه الله ورسوله، كسلطان الخلفاء الراشدين، وقد تحصل على وجه فيه معصية، كسلطان الظالمين.
ولو قدر أن عمر وطائفة معه بايعوه، وامتنع سائر الصحابة عن البيعة، لم يصر إماما بذلك، وإنما صار إماما بمبايعة جمهور الصحابة، الذين هم أهل القدرة والشوكة. ولهذا لم يضر تخلف سعد بن عبادة؛ لأن ذلك [لا] (2) يقدح في مقصود الولاية، فإن المقصود حصول القدرة والسلطان اللذين بهما تحصل (3) مصالح الإمامة، وذلك قد حصل بموافقة الجمهور على ذلك.
(1) ن، م: متابعتهم.
(2) لا: ساقطة من (ن) ، (م) ، وبها يتم المعنى.
(3) ن، م: الذي به يفعل. . . إلخ.
***********************

فمن قال إنه يصير إماما بموافقة واحد أو اثنين أو أربعة، وليسوا هم ذوي القدرة والشوكة، فقد غلط؛ كما أن من ظن أن تخلف الواحد أو الاثنين والعشرة يضره، فقد غلط.


وأبو بكر بايعه المهاجرون والأنصار، الذين هم بطانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذين بهم صار للإسلام قوة وعزة، وبهم قهر المشركون، وبهم فتحت جزيرة العرب، فجمهور الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم الذين بايعوا أبا بكر. وأما كون عمر أو غيره (1) سبق إلى البيعة، فلا بد في كل بيعة (2) من سابق، ولو قدر أن بعض الناس كان كارها للبيعة، لم يقدح ذلك في مقصودها، فإن نفس الاستحقاق لها ثابت بالأدلة الشرعية الدالة على أنه أحقهم بها، ومع قيام الأدلة الشرعية لا يضر من خالفها، ونفس حصولها ووجودها ثابت بحصول القدرة والسلطان، بمطاوعة (3) ذوي الشوكة.

فالدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر، كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [سورة الحديد: 25] (4) .
(1) ن، م: عمر وغيره.
(2) أ: في كل بيعة فلا بد؛ ب: ففي كل بيعة لا بد.
(3) ن، م: بطاعة.
(4) ن، م: للناس الآية.
*************************
فالكتاب يبين ما أمر الله به وما نهى عنه، والسيف ينصر ذلك ويؤيده.

وأبو بكر ثبت بالكتاب والسنة أن الله أمر بمبايعته، والذين بايعوه كانوا أهل السيف المطيعين لله في ذلك، فانعقدت خلافة النبوة في حقه بالكتاب والحديد.
وأما عمر (1) فإن أبا بكر عهد إليه وبايعه المسلمون بعد موت أبي بكر، فصار إماما لما حصلت له القدرة والسلطان بمبايعتهم له (2) .
وأما قوله: ثم عثمان [بن عفان] (3) بنص عمر على ستة هو أحدهم، فاختاره بعضهم (4) .
[كانت بيعة عثمان بإجماع المسلمين]
فيقال أيضا: عثمان لم يصر إماما باختيار بعضهم، بل بمبايعة الناس له، وجميع المسلمين بايعوا عثمان [بن عفان] (5) ، ولم يتخلف (6) عن بيعته أحد.
قال الإمام أحمد في رواية حمدان بن علي (7) : " ما كان في القوم
(1) انظر كلام ابن مطهر فيما سبق، ص 126.
(2) له: زيادة في (ن) فقط.
(3) بن عفان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) انظر ما سبق، ص 126 - 127.
(5) بن عفان: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) أ، ب: بن عفان لم تتخلف. . .
(7) حمدان بن علي، أبو جعفر الوراق، وهو محمد بن علي بن عبد الله بن مهران بن أيوب الجرجاني الأصل، البغدادي المنشأ، قال أبو بكر الخلال لما ذكره: رفيع القدر، كان عنده عن أبي عبد الله مسائل حسان. وقد توفي حمدان سنة 272. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/308 - 310؛ تاريخ بغداد 3/61 - 62.
*********************************
أوكد بيعة من عثمان (1) كانت بإجماعهم " فلما بايعه ذوو الشوكة والقدرة صار إماما، وإلا فلو قدر أن عبد الرحمن بايعه، ولم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماما.

ولكن عمر لما جعلها شورى في ستة: عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، ثم إنه خرج طلحة والزبير وسعد باختيارهم، وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن [بن عوف] (2) ، واتفق الثلاثة باختيارهم على أن عبد الرحمن [بن عوف] (3) لا يتولى ويولي أحد الرجلين، وأقام عبد الرحمن ثلاثا حلف أنه لم يغتمض فيها بكبير نوم يشاور السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان، ويشاور أمراء الأنصار، وكانوا قد حجوا مع عمر ذلك العام، فأشار عليه المسلمون بولاية عثمان، وذكر (4) أنهم كلهم قدموا عثمان فبايعوه، لا عن رغبة أعطاهم إياها، ولا عن رهبة أخافهم بها.

ولهذا قال غير واحد من السلف والأئمة كأيوب السختياني (5) وأحمد
(1) ب: ما كان في القوم من بيعة عثمان. . إلخ.
(2) بن عوف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) بن عوف: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: وذكروا.
(5) أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، مولى عنزة، ويقال: مولى جهينة. قال ابن سعد والنسائي وغيرهما: كان ثقة ثبتا، وقال البخاري عن ابن المديني: مات سنة 131. زاد غيره: وهو ابن ثلاث وستين. . ويقال: مات سنة 125، وقيل: قبلها بسنة. ترجمته في تهذيب التهذيب 1/397 - 399.
***************************

[بن حنبل] (1) ، والدارقطني (2) ، وغيرهم (3) : من لم يقدم عثمان على علي (4) فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وهذا من الأدلة الدالة على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم واشتوارهم.

[اتفاق المسلمين على بيعة أبي بكر أعظم من اتفاقهم على بيعة علي]
وأما قوله: " ثم علي بمبايعة الخلق له " (5) .

فتخصيصه عليا بمبايعة الخلق له، دون أبي بكر وعمر وعثمان، كلام ظاهر البطلان. وذلك أنه من المعلوم لكل من عرف سيرة القوم أن اتفاق الخلق ومبايعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان، أعظم من اتفاقهم على بيعة علي رضي الله [عنه] وعنهم أجمعين، (6) وكل أحد يعلم أنهم اتفقوا على [بيعة] (7) عثمان أعظم مما اتفقوا على [بيعة] (8) علي. والذين بايعوا عثمان في أول الأمر أفضل من الذين بايعوا عليا، فإنه بايعه علي وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير] وعبد الله] بن مسعود والعباس
(1) بن حنبل: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) والدارقطني: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي، البغدادي، الحافظ الشهير، صاحب السنن. . . قال القاضي أبو الطيب الطبري: أمير المؤمنين في الحديث. وقد توفي الدارقطني سنة 385. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/991 - 995 ابن خلكان 2/459 - 460.
(3) ن، م: وغيرهما.
(4) أ، ب: من قدم عليا على عثمان.
(5) انظر ما سبق ص 127.
(6) ن: رضي الله عنهم أجمعين؛ م: رضي الله عنه (سقطت عبارة: وعنهم أجمعين) .
(7) بيعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(8) بيعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************

[بن عبد المطلب] وأبي (1) بن كعب وأمثالهم، مع سكينة وطمأنينة، بعد (2) مشاورة المسلمين ثلاثة أيام.

وأما علي [رضي الله عنه] (3) فإنه بويع عقيب (4) قتل عثمان [رضي الله عنه] (5) والقلوب مضطربة مختلفة، وأكابر الصحابة متفرقون، وأحضر طلحة إحضارا حتى قال من قال: إنهم جاءوا به مكرها، وأنه قال، بايعت واللج - أي السيف - (6) على قفي.
وكان لأهل الفتنة بالمدينة شوكة لما قتلوا عثمان، وماج الناس لقتله موجا عظيما. وكثير من الصحابة لم يبايع عليا، كعبد الله بن عمر وأمثاله، وكان الناس معه ثلاثة أصناف: صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وصنف لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه. فكيف يجوز أن يقال في علي: بمبايعة الخلق له، ولا يقال مثل ذلك في مبايعة (7) الثلاثة ولم يختلف عليهم (8) أحد؟ بل (9) بايعهم (10) الناس كلهم لا سيما عثمان.

(1) ن، م: وابن مسعود والعباس وأبي. . .
(2) أ، ب: وبعد.
(3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ، ب: عقب.
(5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) عبارة " أي السيف ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن (فقط) : مبايعته، وهو تحريف.
(8) ن، م: عليه، وهو خطأ.
(9) أ، ب: لما.
(10) ن: تابعهم.
*****************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #77  
قديم 19-01-2022, 06:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (77)
صـ 536 إلى صـ 542



وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَتَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ سَعْدٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَيَّنُوهُ لِلْإِمَارَةِ (1) فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مَا يَبْقَى فِي نُفُوسِ الْبَشَرِ. وَلَكِنْ هُوَ مَعَ هَذَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُعَارِضْ، وَلَمْ يَدْفَعْ حَقًّا وَلَا أَعَانَ عَلَى بَاطِلٍ. [بَلْ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُسْنَدِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَفَّانَ (2) ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ (3) ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ الْحِمْيَرِيُّ - فَذَكَرَ حَدِيثَ السَّقِيفَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: " «قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ» " قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ نَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ. فَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ (4) وَلَعَلَّ حُمَيْدًا أَخَذَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا ذَلِكَ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ(1) ن، م: لِلْإِمْرَةِ.
(2) أ، ب: عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ: ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18؛ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ لِابْنِ كَثِيرٍ 5/247، الْقَاهِرَةُ، 1351 1932.
(3) أ، ب: أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا فِي التَّعْلِيقِ السَّابِقِ، وَنَصُّهُمَا: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ:. . . إِلَخْ.
(4) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَحْمَد شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ (الْمُسْنَدَ، ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18، ص [0 - 9] 64) : " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ، فَإِنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيَّ التَّابِعِيَّ الثِّقَةَ يَرْوِي عَنْ أَمْثَالِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ هُنَا بِمَنْ حَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ وَحَدِيثَ السَّقِيفَةِ وَبَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: " حم (أَحْمَدُ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ
***************************
جَلِيلَةٌ (1) جِدًّا، وَهِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ نَزَلَ عَنْ مَقَامِهِ الْأَوَّلِ فِي دَعْوَى الْإِمَارَةِ، وَأَذْعَنَ لِلصِّدِّيقِ بِالْإِمَارَةِ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ] (2) .
وَلِهَذَا اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ عَلَى أَقْوَالٍ:
[أقوال الناس في خلافة علي]
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ إِمَامٌ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ إِمَامٌ، وَإِنَّهُ يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ [فِي وَقْتٍ] (3) إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُحْكَى عَنِ الْكَرَّامِيَّة ِ وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِمَامٌ عَامٌّ، بَلْ كَانَ زَمَانَ فِتْنَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. وَلِهَذَا لَمَّا أَظْهَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ التَّرْبِيعَ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يُرَبِّعْ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، أَنْكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَقَالُوا: قَدْ أَنْكَرَ خِلَافَتَهُ مَنْ لَا يُقَالُ: هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، يُرِيدُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِحَدِيثِ سَفِينَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَكُونُ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا» "، [وَ] (4) هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (5) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: بَلْ عَلِيٌّ هُوَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِتَالِهِ لِمَنْ قَاتَلَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَاتَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُونَ

(1) أ: جَلِيَّةٌ.
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) فِي وَقْتٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(4) ن، م: مُلْكًا هَذَا.
(5) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ (ص 515 ت [0 - 9] )
**************************
مُصِيبُونَ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، كَقَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ : [أَبِي الْهُذَيْلِ] (1) وَأَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّة ِ: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي حَامِدٍ (2) ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ [أَبِي الْحَسَنِ] الْأَشْعَرِيِّ (3) . وَهَؤُلَاءِ [أَيْضًا] (4) يَجْعَلُونَ مُعَاوِيَةَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي قِتَالِهِ، كَمَا أَنَّ عَلِيًّا مُصِيبٌ.
وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ [مِنَ الْفُقَهَاءِ] (5) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، ذَكَرَهُ [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ] (6) بْنُ حَامِدٍ، ذَكَرَ [لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ] (7) فِي الْمُقْتَتِلِين َ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: (8) كِلَاهُمَا مُصِيبٌ، وَالثَّانِي: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَمَنْ خَالَفَهُ مُخْطِئٌ. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ (9) أَنَّهُ لَا يُذَمُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ (10) وَأَنَّ عَلِيًّا أَوْلَى بِالْحَقِّ [مِنْ غَيْرِهِ] (11) . أَمَّا تَصْوِيبُ الْقِتَالِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، بَلْ هُمْ يَقُولُونَ إِنَّ تَرْكَهُ كَانَ أَوْلَى.

(1) أَبِي الْهُذَيْلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(2) وَهُوَ الْغَزَالِيُّ.
(3) ن، م: عَنِ الْأَشْعَرِيِّ.
(4) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(5) مِنَ الْفُقَهَاءِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(7) لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(8) ن، م، أ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(9) أ، ب: وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
(10) ن، م: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمْ.
(11) مِنْ غَيْرِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
*****************************
وَطَائِفَةٌ رَابِعَةٌ تَجْعَلُ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامَ، وَكَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي الْقِتَالِ، وَمَنْ قَاتَلَهُ (1) كَانُوا [مُجْتَهِدِينَ] (2) مُخْطِئِينَ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ (3) ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
وَطَائِفَةٌ خَامِسَةٌ تَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَةً وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ (4) تَرْكُ الْقِتَالِ أَوْلَى، وَيَنْبَغِي الْإِمْسَاكُ عَنِ الْقِتَالِ لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا (5) خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» " (6) . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ عَنِ الْحَسَنِ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ،

(1) ن: وَمَنْ قَاتَلُوهُ.
(2) مُجْتَهِدِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(3) أ، ب: الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ.
(4) ن، م: وَكَانَ.
(5) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) ، (ب) .
(6) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 4/198 - 199 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ) وَنَصُّهُ فِيهِ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفُ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ 9/51 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2211 - 2212 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ نُزُولِ الْفِتَنِ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 14/207 - 208. وَجَاءَ الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/29 (وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر) وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ زِيَادَةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ " الِاسْتِقَامَةِ " 2/341 وَتَكَلَّمْتُ هُنَاكَ عَلَى مَكَانِهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَالْمُسْنَدِ
***********************
وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ (1) عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " (2) . فَأَثْنَى عَلَى الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ، وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا، لَمَا مُدِحَ تَارِكُهُ.
قَالُوا: وَقِتَالُ الْبُغَاةِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ بَاغٍ، بَلْ قَالَ [تَعَالَى] (3) {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] ، فَأَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا [عَلَى الْأُخْرَى] (4) قُوتِلَتْ.
قَالُوا: وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْقِتَالِ مَصْلَحَةٌ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ
(1) أ، ب: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ.
(2) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 3/186 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ. . .) ، 4/204 - 205 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ) ، 5/26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ، 9/56 - 57 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ. . .) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ:. . . وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ. وَفِي لَفْظٍ: بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/299 - 300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/323 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. . .) ؛ سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/87 - 88 (كِتَابُ الْجُمُعَةِ، بَابُ مُخَاطَبَةِ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) .
(3) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(4) عَلَى الْأُخْرَى: زِيَادَةٌ فِي (م) .
****************************
سِيرِينَ، قَالَ: «قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُدْرِكُهُ الْفِتْنَةُ إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ (1) ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ» " (2) .


قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، [عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا (3) عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا. قَالَ: فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ، فَدَخَلْنَا (4) فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ] (5) ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِكُمْ (6) حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ (7) .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ عَلِيٍّ

(1) مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا إِلَّا تَبُوكَ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ 46 أَوْ 47، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 3/363 - 364؛ الِاسْتِيعَابِ (بِهَامِشِ الْإِصَابَةِ) 3/315 - 317؛ أُسْدِ الْغَابَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (ط. الشَّعْبِ) 5/112 - 113.
(2) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .
(3) م، أ: دَخَلْتُ.
(4) فَدَخَلْنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) .
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(6) ن، م، أ: أَمْصَارِهِمْ.
(7) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
*****************************
وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ، كَمَا اعْتَزَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (1) ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قِتَالٌ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُلُ، بَلْ كَانَ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ (2) أَفْضَلَ مِمَّنْ تَرَكَهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ قِتَالُ فِتْنَةٍ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ [فِيهَا] (3) خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَالسَّاعِي خَيْرٌ مِنَ الْمُوضِعِ» " (4) - 31.، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ [أَئِمَّةِ] (5) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ (6) وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
(1) ن: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ن، م: الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ.
(3) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(4) الْحَدِيثُ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص [0 - 9] 39 ت [0 - 9] ) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، انْظُرْ: ج [0 - 9] ، رَقْمُ 1446، 1609 ج [0 - 9] ، رَقْمُ 4286، ج [0 - 9] 4 رَقْمُ 7783، وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. انْظُرْ شَرْحَ الْحَدِيثِ فِي فَتْحِ الْبَارِي 13
(5) أَئِمَّةِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَسْرُوقِ بْنِ حَبِيبٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ. كَانَ إِمَامًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِين َ. تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 161، وَقِيلَ سَنَةَ 162. تَرْجَمَتُهُ فِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/127 - 128؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/250 - 251
******************************

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #78  
قديم 19-01-2022, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (78)
صـ 543 إلى صـ 549



وَهَذِهِ أَقْوَالُ مَنْ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِي عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةَ، وَمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فَمَقَالَاتُهُمْ فِي الصَّحَابَةِ لَوْنٌ آخَرُ، فَالْخَوَارِجُ تُكَفِّرُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَمَنْ وَالَاهُمَا (1) ؛ وَالرَّوَافِضُ تُكَفِّرُ جُمْهُورَ (2) الصَّحَابَةِ كَالثَّلَاثَةِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَتُفَسِّقُهُمْ (3) ، وَيُكَفِّرُونَ مَنْ قَاتَلَ(1) ذَكَرَ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 45) : " وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ: الَّذِي يَجْمَعُهَا " فِرَقُ الْخَوَارِجِ " إِكْفَارُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَأَصْحَابِ الْجَمَلِ وَالْحَكَمَيْنِ، وَمَنْ رَضِيَ بِالتَّحْكِيمِ وَصَوَّبَ الْحَكَمَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا ". وَيَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ (مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 2/126) أَنَّ بَعْضَ الْخَوَارِجِ يَرَوْنَ أَنَّ كُفْرَ عَلِيٍّ وَالْحَكَمَيْنِ هُوَ كُفْرُ شِرْكٍ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَقُولُونَ إِنَّهُ كُفْرُ نِعْمَةٍ وَلَيْسَ بِكُفْرِ شِرْكٍ. وَانْظُرِ: الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/106، 107، 109، وَقَارِنْ مَا وَرَدَ فِي ص [0 - 9] 18. وَانْظُرْ أَيْضًا: أُصُولَ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيِّ، ص [0 - 9] 86 - 287؛ الِانْتِصَارَ لِلْخَيَّاطِ، 102.
(2) أ، ب: جَمِيعَ.
(3) يَذْكُرُ الْخَيَّاطُ (الِانْتِصَارَ، ص [0 - 9] 04) : " وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَيِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ ": إِنَّهُ لَيْسَ فِي الشِّيعَةِ مَنْ يُجَوِّزُ اجْتِمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْكُفْرِ؛ فَإِنَّ الرَّافِضَةَ بِأَسْرِهَا قَدْ زَعَمَتْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهَا قَدْ كَفَرَتْ وَأَشْرَكَتْ إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً، وَشُهْرَةُ قَوْلِهَا بِذَلِكَ تُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ ". وَانْظُرْ: ص [0 - 9] 00، 101 - 102 - 103. وَيَذْكُرُ الِاسْفَرَايِينِيُّ (التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ ص [0 - 9] 4) بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ مَا يَلِي: " وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ ". وَحَتَّى الْجَارُودِيَّةِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ يَقُولُونَ بِتَكْفِيرِ كُلِّ الصِّحَابِ لِتَرْكِهِمْ بَيْعَةَ عَلِيٍّ، وَانْظُرِ: التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 6؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/140. وَنَجِدُ فِي كُتُبِ الشِّيعَةِ مِصْدَاقَ ذَلِكَ (انْظُرْ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ: أَحْمَد أَمِين: ضُحَى الْإِسْلَامِ 3/249 - 250) . وَفِي كِتَابِ " مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ " يُحَاوِلُ الْمُؤَلِّفُ التَّدْلِيلَ عَلَى جَوَازِ سَبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثُمَّ يَقُولُ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 1) : ". . . فَاسْتَبَاحَا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِتْرَةِ وَتَقَدَّمَا عَلَيْهِمَا، فَهَذِهِ أَدِلَّةُ السَّابِّ، وَهِيَ أَدِلَّةٌ ثَابِتَةُ الصِّحَّةِ عِنْدَ مَنْ تَابَعَهَا وَلَيْسَ لَهَا مُعَارِضٌ، بَلْ لَهَا مَا يُعَضِّدُهَا مِمَّا صَدَرَ مِنْهُمَا مِنَ الْمُخَالَفَاتِ لِلشَّرِيعَةِ وَالْمُشَاقَّاتِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ حَسْبَمَا يَأْتِي الْبَيَانُ. فَمَنْ فَسَّقَ مَنْ سَبَّهُمْ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ لِدُخُولِهِ فِي خَبَرِ: وَقَاضٍ قَضَى بِجَوْرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ؛ لِعِلْمِ الْمُفَسِّقِ بِأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلسَّبِّ بِالسُّنَنِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا. وَيَذْهَبُ الْمُؤَلِّفُ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 8) إِلَى أَنَّ " مَسْأَلَةَ تَفْضِيلِ طَبَقَةِ مُؤْمِنِي الصَّحَابَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الطَّبَقَاتِ مِنَ الْبُهْتَانِ الْبَيِّنِ "، ثُمَّ يَقُولُ: " فَإِنَّهُ يُعْلَمُ يَقِينًا بِأَنَّ أَخْبَارَهُمْ قَدِ اسْتَفَاضَتْ وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّفِّ (يَاقُوتٌ: أَرْضٌ مِنْ ضَاحِيَةِ الْكُوفَةِ) بَيْنَ يَدَيْ رَيْحَانَةِ الرَّسُولِ (ص) أَفْضَلُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُسْتَشْهِدِينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَغَيْرِهِ
******************************

عليا ويقولون: هو إمام معصوم (1) ، وطائفة من المروانية تفسقه وتقول: إنه ظالم معتد (2) ، وطائفة من المعتزلة تقول: قد فسق إما هو وإما من قاتله، لكن لا يعلم عينه، وطائفة أخرى منهم تفسق معاوية وعمرا دون طلحة والزبير وعائشة (3) .
(1) يذكر الأشعري (المقالات 1/122) أن فرقة من الشيعة تكفر من حارب عليا وتضلله، والفرقة الثانية منهم يزعمون أن من حارب عليا فاسق ليس بكافر، إلا أن يكون حارب عليا عنادا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وردا عليه فهم كفار. وفي " منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية " يحاول المؤلف البرهنة على أن كل من حارب عليا - رضي الله عنه - في موقعتي الجمل وصفين لا يعد مسلما، ومن قوله في ذلك (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 3) : " وخبر: وانصر من نصره، واخذل من خذله، دليل على نفاق حتى من لم يحارب معه ولم يحاربه، فإن من خذله الله ليس بمسلم، فعلم مخالفتهم وتركهم لهذه السنن جميعا في حكمهم بأن من حارب عليا مسلم ".
(2) معتد: ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (ن) : متعد. والمثبت من (م) .
(3) في كتاب " أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 90 - 291: " وقال واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد والنظام وأكثر القدرية: نتولى عليا وأصحابه على انفرادهم، ونتولى طلحة والزبير وأتباعهما على انفرادهما، ولكن لو شهد علي مع رجل من أصحابه قبلت شهادتهما ولو شهد طلحة أو الزبير مع واحد من أصحابه قبلت شهادتهما، ولو شهد علي مع طلحة على باقة بقل لم نحكم بشهادتهما: لأن أحدهما فاسق، والفاسق مخلد في النار، وليس بمؤمن ولا كافر ". وذكر الأشعري (المقالات 2/130) أن النظام كان ممن يقول بأن عليا كان مصيبا، في حين أن طلحة والزبير وعائشة ومعاوية كانوا مخطئين. وقال ضرار وأبو الهذيل ومعمر: نعلم أن أحدهما مصيب والآخر مخطئ، فنحن نتولى كل واحد من الفريقين على الانفراد، وأنزلوا الفريقين منزلة المتلاعنين الذين يعلمون أن أحدهما مخطئ، ولا يعلمون المخطئ منهما. هذا قولهم في علي، وطلحة، والزبير، وعائشة؛ فأما معاوية فهم له مخطئون غير قائلين بإمامته. وانظر أيضا: الانتصار للخياط، ص 97 - 98؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 1 - 73؛ الملل والنحل 1/52 - 53.
******************************
والمقصود أن الخلاف في خلافة علي وحروبه (1) كثير منتشر (2) بين السلف والخلف، فكيف تكون مبايعة الخلق له أعظم من مبايعتهم للثلاثة قبله، [رضي الله عنهم أجمعين؟] (3) .


فإن قال: أردت بقولي (4) أن أهل السنة يقولون: إن خلافته انعقدت بمبايعة الخلق له لا بالنص.
فلا ريب أن أهل السنة وإن كانوا يقولون: إن النص على أن عليا من الخلفاء الراشدين، لقوله: " «خلافة النبوة ثلاثون سنة» "، فهم يروون (5) النصوص الكثيرة في صحة خلافة غيره.
وهذا أمر معلوم عند أهل العلم بالحديث (6) ، يروون في صحة خلافة الثلاثة نصوصا كثيرة، بخلاف خلافة علي فإن نصوصها قليلة، فإن الثلاثة اجتمعت (7) الأمة عليهم فحصل بهم مقصود الإمامة، وقوتل بهم

(1) ن، م: وجوده، وهو تحريف.
(2) أ: منذ شهر (وهو تحريف) ؛ ب: مشتهر.
(3) رضي الله عنهم أجمعين: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) بقولي: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
(5) ن: يرون، وهو تحريف.
(6) أ، ب: أهل الحديث.
(7) ن، م: أجمعت.
**************************
الكفار، وفتحت بهم الأمصار. وخلافة علي لم يقاتل فيها كفار (1) ، ولا فتح مصر، وإنما كان السيف بين أهل القبلة.


وأما النص الذي تدعيه الرافضة، فهو كالنص الذي تدعيه الراوندية على العباس (2) ، وكلاهما معلوم الفساد بالضرورة عند أهل العلم، ولو لم يكن في إثبات خلافة علي إلا هذا لم تثبت له إمامة قط، كما لم تثبت للعباس إمامة بنظيره.
[التعليق على ما نسبه ابن المطهر إلى أهل السنة من أقوال عن الإمامة بعد علي]
وأما قوله: " ثم اختلفوا، فقال بعضهم: إن الإمام بعده الحسن، وبعضهم قال: إنه معاوية (3) ".
فيقال:. أهل السنة لم يتنازعوا في هذا، بل هم يعلمون أن الحسن بايعه أهل العراق مكان أبيه، وأهل الشام كانوا مع معاوية قبل ذلك.

وقوله: " ثم ساقوا الإمامة في بني أمية ثم في بني العباس (4) ".
(1) أ، ب: كافر.
(2) انظر أيضا عن الراوندية ونصهم على العباس: أصول الدين، ص 281.
(3) انظر ما سبق، ص 127.
(4) نص كلام ابن المطهر، كما ورد من قبل ص 127: " ثم ساقوا الإمامة في بني أمية إلى أن ظهر السفاح من بني العباس، فساقوا الإمامة إليه، ثم انتقلت الإمامة إلى أخيه المنصور، ثم ساقوا الإمامة في بني العباس إلى المستعصم.
*****************************

فيقال: أهل السنة لا يقولون إن الواحد من هؤلاء كان هو الذي يجب أن يولى دون من سواه، ولا يقولون إنه تجب طاعته في كل ما يأمر به، بل أهل السنة يخبرون بالواقع ويأمرون بالواجب، فيشهدون بما وقع (1) ، ويأمرون بما أمر الله (2) ورسوله، فيقولون: هؤلاء هم الذين تولوا، وكان لهم سلطان وقدرة يقدرون بها على مقاصد الولاية: من إقامة الحدود، وقسم الأموال، وتولية الولايات (3) ، وجهاد العدو، وإقامة الحج والأعياد والجمع، وغير ذلك من مقاصد الولايات (4) .


ويقولون: إن الواحد من هؤلاء ونوابهم وغيرهم لا يجوز أن يطاع في معصية الله، بل يشارك فيما يفعله من طاعة الله: فيغزى معه الكفار، ويصلى معه الجمعة والعيدان، ويحج معه، ويعاون في إقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمثال ذلك، فيعاونون على البر والتقوى، ولا يعاونون على الإثم والعدوان.
ويقولون: إنه قد تولى غير هؤلاء: تولى بالغرب طائفة من بني أمية وطائفة من بني علي (5) ، ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة، وأنه لو تولى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة لكان ذلك خيرا من
(1) ن، م: فيشهدون بالواقع.
(2) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: الولاية.
(4) أ، ب: الولاية.
(5) أ، ب: تولى غير هؤلاء بالغرب من بني أمية ومن بني علي.
************************
عدمهم، كما يقال: ستون سنة مع إمام جائر، خير من ليلة واحدة بلا إمام.


ويروى عن علي - رضي الله عنه - (1) أنه قال: لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة. قيل له: هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟ قال: يؤمن بها السبيل، ويقام به الحدود، ويجاهد به العدو، ويقسم بها الفيء. ذكره علي بن معبد في كتاب " الطاعة والمعصية " (2) .
وكل من تولى كان خيرا من المعدوم المنتظر الذي تقول الرافضة: إنه الخلف الحجة، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدين أصلا، فلا فائدة في إمامته إلا الاعتقادات الفاسدة والأماني الكاذبة [والفتن بين الأمة] (3) وانتظار من لا يجيء، فتطوى الأعمار ولم يحصل من فائدة هذه الإمامة شيء.
والناس لا يمكنهم بقاء أيام قليلة بلا ولاة أمور، بل كانت تفسد أمورهم (4) ، فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لا يعرف ولا يدري ما يقول، ولا يقدر على شيء من أمور الإمامة بل هو معدوم؟

(1) ن، م: علي - عليه السلام -.
(2) في كتب الرجال يذكر اثنان باسم علي بن معبد، الأول: علي بن معبد بن شداد العبدي أبو الحسن، ويقال: أبو محمد الرقي المتوفى 218. والثاني هو: علي بن معبد بن نوح المصري الصغير أبو الحسن البغدادي المتوفى سنة 259، ولم أتبين أيهما المقصود، ولم أجد أي ذكر لكتاب " الطاعة والمعصية ". انظر: تهذيب التهذيب 7/384 - 386؛ ميزان الاعتدال 2/238؛ تاريخ بغداد 12/109 - 110.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: أمورهم تفسد.
*******************************
وأما آباؤه فلم يكن لهم قدرة ولا سلطان (1) الإمامة، بل كان لأهل العلم والدين منهم إمامة أمثالهم من جنس الحديث والفتيا ونحو ذلك، لم يكن لهم سلطان الشوكة؛ فكانوا عاجزين عن الإمامة، سواء كانوا أولى بالإمامة (2) أو لم يكونوا أولى.


فبكل حال ما مكنوا ولا ولوا ولا كان يحصل لهم (3) المطلوب من الولاية لعدم القدرة والسلطان، ولو أطاعهم المؤمن لم يحصل له بطاعتهم المصالح التي تحصل بطاعة الأئمة: من جهاد الأعداء وإيصال الحقوق إلى مستحقيها - أو بعضهم - وإقامة الحدود.
فإن قال القائل: إن الواحد من هؤلاء أو من غيرهم إمام، أي ذو سلطان وقدرة يحصل بهما مقاصد الإمامة (4) ؛ كان هذا مكابرة للحس، ولو كان [ذلك] (5) كذلك، لم يكن هناك متول يزاحمهم ولا يستبد بالأمر دونهم، وهذا لا يقوله أحد.
وإن قال: إنهم أئمة بمعنى أنهم هم الذين كانوا (6) يجب أن يولوا، وأن الناس عصوا بترك توليتهم، فهذا بمنزلة أن يقال: فلان كان يستحق أن يولى (7 إمامة الصلاة وأن يولى 7) (7) القضاء، ولكن لم يول ظلما وعدوانا.

(1) أ، ب: قدرة وسلطان.
(2) أ، ب: بالولاية.
(3) ب (فقط) : بهم.
(4) ن، م: تحصل بها مقاصد الأئمة.
(5) ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) كانوا: ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (م) : كان.
(7) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
********************************





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #79  
قديم 19-01-2022, 06:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (79)
صـ 550 إلى صـ 556


[تفصيل القول في بيان رأي أهل السنة في الإمامة]
ومن المعلوم أن أهل السنة لا ينازعون في أنه كان بعض أهل الشوكة بعد الخلفاء الأربعة يولون شخصا وغيره أولى بالولاية منه، وقد كان عمر بن عبد العزيز يختار أن يولي القاسم بن محمد (1) بعده، لكنه لم يطق ذلك لأن أهل الشوكة لم يكونوا موافقين (2) على ذلك، (3 ولأنه كان قد عقد العهد معه ليزيد بن عبد الملك بعده، فكان يزيد هو ولي العهد 3) (3) .

وحينئذ فأهل الشوكة الذين قدموا المرجوح وتركوا الراجح، أو الذي تولى بقوته وقوة أتباعه ظلما وبغيا، يكون إثم هذه الولاية على من ترك الواجب مع قدرته على فعله أو أعان على الظلم، وأما من لم يظلم ولا أعان ظالما وإنما أعان على البر والتقوى، فليس عليه في هذا شيء.

ومعلوم أن صالحي المؤمنين لا يعاونون الولاة إلا على البر والتقوى، لا يعاونونهم على الإثم والعدوان، فيصير هذا بمنزلة الإمام الذي يجب تقديمه في الشرع لكونه أقرأ وأعلم بالسنة، أو أقدم هجرة وسنا، إذا قدم ذوو الشوكة من هو دونه، فالمصلون خلفه الذين لا يمكنهم الصلاة إلا خلفه، أي ذنب لهم في ذلك؟

(1) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الرحمن المتوفى حوالي سنة 107. روى عن أبيه وعمته عائشة، وعن العبادلة، وعبد الله بن جعفر، وأبي هريرة وغيرهم. قال الزبير: ما رأيت أبا بكر ولد ولدا أشبه من هذا الفتى. ترجمته في تهذيب التهذيب 8/333 - 335؛ شذرات الذهب 1/135.
(2) ن، م، أ: يوافقون.
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
*****************************

وكذلك الحاكم الجاهل أو الظالم أو المفضول إذا طلب المظلوم منه أن ينصفه ويحكم له بحقه: فيحبس (1) له غريمه، [أو يقسم له ميراثه] (2) ، أو يزوجه بأيم لا ولي لها غير السلطان أو نحو ذلك، فأي شيء عليه من إثمه، أو إثم من ولاه وهو لم يستعن به إلا على حق لا على باطل؟ .


وقد قال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} [سورة التغابن: 16] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» " [رواه البخاري ومسلم] (3) .

ومعلوم أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، بحسب الإمكان.
وأهل السنة يقولون: ينبغي أن يولى الأصلح للولاية إذا أمكن: [إما] (4) وجوبا عند أكثرهم، وإما استحبابا عند بعضهم، وأن من عدل عن

(1) ن (فقط) : فحبس.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) عبارة " رواه البخاري ومسلم " ساقطة من (ن) ، (م) . والحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في البخاري 9/94 - 95 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله. . .) ونصه: " دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " والحديث - مع اختلاف في اللفظ - في مسلم 2/975 (كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر) ؛ سنن النسائي 5/83 (كتاب المناسك، باب وجوب الحج) ؛ سنن ابن ماجه 1/3 (المقدمة، باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) .
(4) إما: ساقطة من (ن) فقط.
*****************************

الأصلح مع قدرته - لهواه - فهو ظالم، ومن كان عاجزا عن تولية الأصلح مع محبته لذلك فهو معذور.


ويقولون: من تولى فإنه يستعان به على طاعة الله بحسب الإمكان، [ولا يعان إلا على طاعة الله] (1) ، ولا يستعان به على معصية الله، ولا يعان على معصية الله.

(2 أفليس قول أهل السنة في الإمامة خيرا من قول من يأمر بطاعة معدوم أو عاجز 2) (2) لا يمكنه الإعانة المطلوبة من الأئمة؟ .

ولهذا كانت الرافضة لما عدلت عن مذهب أهل السنة في معاونة أئمة المسلمين والاستعانة بهم، دخلوا في معاونة الكفار والاستعانة بهم، فهم يدعون إلى الإمام المعصوم، ولا يعرف لهم إمام موجود يأتمون به إلا كفور أو ظلوم (3) ، فهم كالذي يحيل بعض (4) العامة على أولياء الله رجال الغيب، ولا رجال عنده (5) إلا أهل الكذب والمكر (6) الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله، أو الجن أو الشياطين الذين يحصل بهم لبعض الناس أحوال شيطانية.

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) : ساقط من (م) فقط.
(3) ن، م: كفور وظلوم.
(4) ن (فقط) : لبعض.
(5) أ، ب: ولا رجال الغيب عنده.
(6) ن، م: والمنكر.
*************************

فلو قدر أن ما تدعيه الرافضة من النص هو حق موجود، وأن الناس لم يولوا المنصوص عليه، لكانوا قد تركوا من يجب توليته وولوا غيره. وحينئذ فالإمام الذي قام (1) بمقصود الإمامة هو هذا المولى دون ذلك (2) الممنوع المقهور. نعم ذلك يستحق أن يولى، لكن ما ولي، فالإثم على من ضيع حقه وعدل عنه، لا على من لم يضيع حقه ولم يعتد.


وهم يقولون: إن الإمام وجب نصبه لأنه لطف ومصلحة للعباد، فإذا كان الله - ورسوله - يعلم أن الناس لا يولون هذا المعين إذا أمروا بولايته، كان أمرهم بولاية من يولونه وينتفعون بولايته، أولى من أمرهم بولاية من لا يولونه ولا ينتفعون بولايته، كما قيل في إمامة الصلاة والقضاء وغير ذلك، فكيف إذا كان ما يدعونه من النص من أعظم الكذب والافتراء؟ .

والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أمته بما سيكون وما يقع بعده من التفرق، فإذا نص لأمته على إمامة شخص يعلم أنهم لا يولونه، بل يعدلون عنه ويولون غيره يحصل لهم بولايته مقاصد (3) الولاية، وأنه إذا أفضت النوبة إلى المنصوص حصل من سفك دماء [الأمة] ما لم (4) يحصل قبل ذلك (5) ولم يحصل من مقاصد الولاية ما حصل بغير المنصوص، كان الواجب العدول عن المنصوص.

(1) ن، م: وحينئذ فالذي قام.
(2) ذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: مقصود.
(4) ن، م: من سفك الدماء ما لم. . .
(5) ب (فقط) : ما لم يحصل بغير المنصوص.
*************************

مثال ذلك أن ولي الأمر إذا كان عنده شخصان ويعلم أنه إن ولى أحدهما أطيع وفتح البلاد وأقام الجهاد وقهر الأعداء، وأنه إذا ولى الآخر لم يطع ولم يفتح شيئا من البلاد، بل يقع في الرعية الفتنة والفساد، كان من المعلوم لكل عاقل [أنه ينبغي] (1) أن يولي من يعلم أنه إذا ولاه حصل به الخير والمنفعة، لا من إذا ولاه لم يطع وحصل بينه وبين الرعية الحرب والفتنة، فكيف مع علم الله ورسوله بحال ولاية الثلاثة وما حصل فيها من مصالح الأمة في دينها ودنياها لا ينص عليها، وينص على ولاية من لا يطاع بل يحارب ويقاتل حتى لا يمكنه قهر الأعداء، ولا إصلاح الأولياء؟ وهل يكون من ينص على ولاية هذا دون ذاك إلا جاهلا، إن لم يعلم الحال، أو ظالما مفسدا، إن علم ونص؟ .


والله ورسوله بريء من الجهل والظلم، وهم يضيفون إلى الله ورسوله العدول عما فيه مصلحة العباد إلى ما ليس فيه إلا الفساد.
واذا قيل: إن الفساد حصل من معصيتهم له (2) لا (3) من تقصيره.

قيل: أفليس ولاية من يطيعونه فتحصل (4) المصلحة، أولى من ولاية من يعصونه فلا تحصل المصلحة بل المفسدة؟ .

ولو كان للرجل ولد وهناك مؤدبان: إذا أسلمه إلى أحدهما تأدب

(1) أنه ينبغي: ساقط من (ن) ، (م) .
(2) له: ساقطة من (ب) فقط.
(3) لا: ساقطة من (أ) فقط.
(4) ن، م: بتحصيل.
**************************

وتعلم (1) ، وإذا أسلمه إلى الآخر فر وهرب، أفليس إسلامه إلى ذاك أولى؟ ولو قدر أن ذاك أفضل فأي منفعة في فضيلته إذا لم يحصل للولد به منفعة لنفوره عنه؟ .


ولو خطب المرأة رجلان، أحدهما أفضل من الآخر لكن المرأة تكرهه، وإن زوجت به (2) لم تطعه، بل تخاصمه وتؤذيه، فلا تنتفع به ولا ينتفع [هو] (3) بها، والآخر تحبه ويحبها ويحصل به مقاصد النكاح، أفليس تزويجها بهذا المفضول أولى باتفاق العقلاء، ونص من ينص [على] (4) تزويجها بهذا المفضول (5) أولى من النص على تزويجها بهذا؟ .

فكيف يضاف إلى الله ورسوله ما لا يرضاه إلا جاهل أو ظالم (6) ؟ .

وهذا ونحوه مما يعلم به بطلان النص بتقدير أن يكون علي هو الأفضل الأحق بالأمر (7) لكن لا يحصل بولايته إلا ما حصل، وغيره ظالما يحصل به ما حصل من المصالح، فكيف إذا لم يكن الأمر كذلك لا في هذا ولا في هذا؟ .

(1) أ، ب: تعلم وتأدب.
(2) ن، أ، ب: وإن تزوجت به.
(3) هو: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) على: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) المفضول: زيادة في (ن) فقط.
(6) أ، ب: ظالم أو جاهل.
(7) أ، ب: بالإمارة.
***************************
فقول أهل السنة خبر صادق وقول حكيم، وقول الرافضة خبر كاذب وقول سفيه (1) . فأهل السنة يقولون: الأمير والإمام والخليفة ذو السلطان الموجود الذي له القدرة على عمل مقصود الولاية، كما أن إمام الصلاة هو [الذي] (2) يصلي بالناس وهم يأتمون به، ليس إمام الصلاة من يستحق أن يكون إماما وهو لا يصلي بأحد، لكن [هذا] (3) ينبغي أن يكون إماما. والفرق بين الإمام وبين من ينبغي أن يكون هو الإمام، لا يخفى إلا على الطغام.


ويقولون: إنه يعاون على البر والتقوى دون الإثم والعدوان، ويطاع في طاعة الله دون معصيته، ولا يخرج عليه بالسيف، وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تدل على هذا. كما في الصحيحين، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (4) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس يخرج عن (5) السلطان شبرا فمات [عليه] (6) إلا مات ميتة جاهلية» (7 وفي لفظ: " «أنه من فارق الجماعة شبرا فمات عليه (7) إلا مات ميتة جاهلية» " 7) (8) ، فجعل المحذور هو الخروج عن السلطان ومفارقة الجماعة، وأمر بالصبر على ما يكره من الأمير، لم يخص بذلك سلطانا معينا ولا أميرا معينا ولا جماعة معينة.

(1) أ، ب: سفه.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) هذا: ساقطة من (ن) فقط.
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م، أ: من.
(6) عليه: زيادة في (ب) فقط.
(7) عليه: زيادة في (ب) فقط.
(8) (7 - 7) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
*******************************






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #80  
قديم 19-01-2022, 07:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 141,724
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (80)
صـ 557 إلى صـ 563



وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة [رضي الله عنه] (1) ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات، مات ميتة جاهلية، ومن قتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة (2) فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي (* يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده (3) فليس مني *) (4) ولست منه» " (5) . فذم الخروج عن الطاعة ومفارقة الجماعة وجعل ذلك ميتة جاهلية؛ لأن أهل الجاهلية لم يكن لهم رأس يجمعهم.والنبي - صلى الله عليه وسلم - دائما يأمر بإقامة رأس، حتى أمر بذلك في السفر إذا كانوا ثلاثة، فأمر بالإمارة في أقل عدد وأقصر اجتماع.

وفي صحيح مسلم، «عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا (6) الله بهذا الخير، فهل بعد

(1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: يغضب لعصبية أو ينصر للعصبة؛ أ: تعصب لعصبية أو ينصر للعصبية.
(3) ن، أ: ولا يفي لذي عهدها.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (م) فقط.
(5) سبق هذا الحديث مختصرا، ص 112. والحديث بهذه الألفاظ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في مسلم 3/1476 - 1477 (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين. . .) ؛ سنن النسائي 7/122 - 113 (كتاب تحريم الدم، باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية) ؛ المسند (ط. المعارف) 15/87 - 89، 201، (ط. الحلبي) 2/488. وجاء الحديث مختصرا في سنن ابن ماجه 2/1302 (كتاب الفتن، باب العصبية) .
(6) ن، م: وقد جاءنا.
********************

هذا الخير من شر؟ قال: " نعم ". قلت: (1) فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: " نعم، وفيه دخن ". قلت: وما دخنه؟ قال: " قوم يستنون بغير سنتي (2) ، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر ". فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: " نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها ". فقلت: يا رسول الله صفهم لنا. " قال نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ". قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: " تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ". قلت: فإن لم يكن [لهم] (3) جماعة ولا إمام؟ قال: " فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» " (4) .


وفي لفظ [آخر] (5) «قلت: [وهل] (6) وراء ذلك الخير من (7) شر؟ قال:

(1) ن، م: قال:
(2) ن، م: بسنتي.
(3) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) الحديث عن أبي حذيفة - رضي الله عنه - في صحيح مسلم 3/1475 - 1476، وفيه: ويهدون بغير هديي (وفي شرح النووي 12/236: يهتدون) ، والحديث أيضا في البخاري 4/199 - 200 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام) ، 9/51 - 52 (كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة) ؛ سنن ابن ماجه 2/1317 (كتاب الفتن، باب العزلة) وجاء مختصرا. والدخن (شرح النووي 12/236 - 237) : " قال أبو عبيدة وغيره. . .: أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفاء ".
(5) آخر: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) وهل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*****************************

" نعم ". قلت: كيف؟ قال: " يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس " (1) . قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: " تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع» " (2) .


وهذا جاء مفسرا في حديث آخر عن حذيفة؛ قال عن الخير الثاني: " «صلح على دخن، وجماعة على أقذاء فيها، وقلوب لا ترجع إلى ما كانت عليه» (3) ".

فكان الخير الأول النبوة (4) وخلافة النبوة التي لا فتنة فيها، وكان الشر ما حصل من الفتنة بقتل عثمان وتفرق الناس، حتى صار حالهم شبيها بحال الجاهلية يقتل بعضهم بعضا.

ولهذا قال الزهري (5) : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله

(1) ب: الإنس، وما أثبته هو الذي في نسختي صحيح مسلم وشرح النووي.
(2) صحيح مسلم 3/1476. وفيه وفي شرح النووي 12/238: لا يهتدون بهداي.
(3) الحديث مع اختلاف في الألفاظ في سنن أبي داود 4/135 - 137 (كتاب الفتن، باب ذكر الفتن ودلائلها) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/386 - 387، 403. وفي اللسان: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في فتنة ذكرها: هدنة على دخن وجماعة على أقذاء؛ الأقذاء: جمع قذى، والقذى: جمع قذاة، وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب، أو تبن أو وسخ أو غير ذلك، أراد أن اجتماعهم على فساد من قلوبهم فشبهه بقذى العين والماء والشراب.
(4) ن، م: وكان الخير الأول للنبوة.
(5) ن، م: الأزهري، وهو تحريف، وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر المدني، أحد الأئمة الأعلام، وعالم الحجاز والشام؛ حدث عن ابن عمر وأنس وابن المسيب وغيرهم، توفي سنة 124 وقيل: سنة 125. ترجمته في تهذيب التهذيب 9/445 - 451؛ الخلاصة للخزرجي، ص 306 - 307.
************************

- صلى الله عليه وسلم - متوافرون، فأجمعوا أن كل دم أو مال أو فرج أصيب بتأويل القرآن فهو هدر، أنزلوهم منزلة الجاهلية. فبين أنهم جعلوا هذا غير مضمون، كما أن ما يصيبه أهل الجاهلية بعضهم من بعض غير مضمون؛ لأن الضمان إنما يكون مع العلم بالتحريم، فأما مع الجهل بالتحريم، كحال الكفار والمرتدين والمتأولين من أهل القبلة، فالضمان منتف.


ولهذا لم يضمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد (1) دم المقتول الذي قتله متأولا، مع قوله: " «أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟ أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله» ؟ " (2) ولهذا لا تقام الحدود إلا على من علم التحريم (3) .

والخير الثاني اجتماع الناس لما اصطلح الحسن ومعاوية، لكن كان (4) صلحا على دخن، وجماعة على أقذاء، فكان في النفوس

(1) بن زيد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) الحديث عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - في موضعين في مسلم 1/96 - 97 (كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله) . وهو في سنن أبي داود 3/61 (كتاب الجهاد، باب على ما يقاتل المشركون) . وجاء في حديث آخر بنفس المعنى عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 2/1296 (كتاب الفتن، باب الكف عمن قال لا إله إلا الله) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/438 - 439.
(3) ن (فقط) : الحدود.
(4) ن، م: وكان ذلك.
******************************

ما فيها، أخبر [رسول الله] (1) - صلى الله عليه وسلم - بما هو الواقع.


وحذيفة حدث (2) بهذا في خلافة عمر وعثمان قبل الفتنة، فإنه لما بلغه مقتل عثمان علم أن الفتنة قد جاءت، فمات بعد ذلك بأربعين يوما قبل الاقتتال (3) .

وهو - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أنه بعد ذلك يقوم أئمة لا يهتدون بهديه ولا يستنون بسنته، وبقيام رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان الإنس، وأمر مع هذا بالسمع والطاعة للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، فتبين (4) أن الإمام الذي يطاع هو من [كان] (5) له سلطان، سواء كان عادلا أو ظالما.

وكذلك في الصحيح حديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «من خلع يدا من طاعة [إمام] (6) لقي الله يوم القيام لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، لكنه لا يطاع أحد في معصية الله» " (7) .

(1) رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
(2) حدث: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: الافتتان: وفي الإصابة لابن حجر 1/316 - 317 في ترجمة حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -: " قال العجلي: استعمله عمر على المدائن، فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان، وبعد بيعة علي بأربعين يوما. قلت: وذلك في سنة ست وثلاثين ".
(4) أ، ب: فبين.
(5) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) إمام: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ورد هذا الحديث من قبل (ص [0 - 9] 10 ت [0 - 9] ) بدون الجملة الأخيرة. وانظر الحديث (مختصرا ومطولا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) الأرقام: 5386، 5551، 5676، 5718، 5897.
*********************************

كما في الصحيح عن علي - رضي الله عنه - (1) - قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا. ثم قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا نارا (2) . ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه وطفئت النار. فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف» (3) ". وفي لفظ: " «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» " (4)


وكذلك في الصحيحين (5) عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -

(1) ن، م: علي - عليه السلام -.
(2) نارا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث عن علي - رضي الله عنه - في البخاري 5/161 (كتاب المغازي، باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي. . .) ، 9/63 (كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية) ؛ مسلم 3/1469 (كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية) ؛ المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] رقم 622، 1018.
(4) الحديث بهذا اللفظ جاء عن علي - رضي الله عنه - في البخاري 9/88 (كتاب أخبار الآحاد، الباب الأول) ؛ مسلم 3/469 (الكتاب والباب السابقين في التعليق السابق) ؛ سنن أبي داود 3 - 56 (كتاب الجهاد، باب في الطاعة) ؛ سنن النسائي 7/142 (كتاب البيعة، باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/98. .
(5) ن، م: في الصحيح.
****************************

أنه قال: " «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (1) ".


وعن كعب بن عجرة قال: «خرج إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن معه تسعة: خمسة وأربعة، أحد العددين من العرب، والآخر من العجم، فقال: " اسمعوا، هل سمعتم أنه سيكون بعدي (2) أمراء، من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني ولست منه، وليس يرد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم ولم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، فهو مني وأنا منه، وسيرد علي الحوض» " رواه أحمد، والنسائي وهذا لفظه، والترمذي وقال: حديث صحيح غريب (3) .

وفي الصحيحين (4) «عن عبادة [بن الصامت] (5) قال: دعانا النبي

(1) سبق ورود هذا الحديث والكلام عليه. انظر: ص 119 ت [0 - 9] .
(2) بعدي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) الحديث بهذه الألفاظ في سنن النسائي (بشرح السيوطي، ط. القاهرة، 1383/1964) 7/143 (كتاب البيعة، باب من لم يعن أميرا على الظلم) عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه -. وهو في سنن الترمذي 3/358 (كتاب الفتن، باب حدثنا هارون بن إسحاق الهمذاني) وفيه: وهو وارد على الحوض. وقال الترمذي تعقيبا عليه: " هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث مسعر إلا من هذا الوجه. . وفي الباب عن حذيفة وابن عمر ". وورد الحديث بألفاظ أخرى في باب " ما ذكر في فضل الصلاة " من كتاب الجمعة في صحيح الترمذي 2/61 - 62. وانظر أيضا جامع الأصول لابن الأثير 4/460 - 461، وانظر المسند (ط. الحلبي) 3/321، 4/243، 5/384.
(4) ن: وفي الصحيح.
(5) بن الصامت: زيادة في (أ) ، (ب) .
**********************





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 261.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 255.64 كيلو بايت... تم توفير 5.80 كيلو بايت...بمعدل (2.22%)]