قراءة في نص (الببغاء) لخوان رامون خيمينيث - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853533 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388645 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 214073 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-10-2022, 04:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي قراءة في نص (الببغاء) لخوان رامون خيمينيث

قراءة في نص (الببغاء) لخوان رامون خيمينيث


محمد حسن جباري





قراءة في نص: (الببغاء)

نص قصير من نصوص (أنا وحماري) لِـ: خوان رامون خيمينيث



"أنا وحماري" أشهرُ كتُب الأديب والشاعر الإسباني: (خوان رامون خيمينيث)، وقد نال بسببه جائزة نوبل سنة: 1956م.

والكتاب عبارة عن مجموعة نصوص قصيرة، جمع مِن خلالها المؤلف تأملاته في طبيعة قريته (موغير).

بكلمات شاعرية رقيقة، وبلُغة دافئة تترقرق عذوبتها مع خرير الغدير، وتُداعب أناملها البليلة أعطاف شجر القرية الحالمة، وتتردَّد أصداء موسيقاها مع زقزقة عصافيرها الجذلى... بهذه اللغة الحريرية الساحرة، كان المؤلف يَغزل خيوط نصوصه المرهفة، فيتغزَّل بجمال الفجر الباسم تارة، ويَرثي للغزال الجريح، والعصفور المحتضَر تارة، ويَعجب من انصراف الناس عن هذا كلِّه تارة أخرى، متخذًا مِن حماره الفِضِّي الصغير (بلاتيرو) رفيقَه الأثير، لائذًا بهذه الأجواء الآسرة من اهتمامات الناس الصلبة.

الببغاء:
"كنا نلعب مع بلاتيرو والببغاء في بستان صاحبي الطبيب الفرنسي، حين جاءت إلينا من أسفل الطريق امرأة في مقتبل العمر مضطربة قلقة، وقبل أن تصل إلينا وهي تتطلَّع إليَّ بنظر أسود فيه كآبة، سألتني:
أيها السيد، هل الطبيب موجود هنا؟
وكان يتبعها أطفال هيئتُهم رثَّة، ينظرون في كل لحظة - وهم يلهثون - إلى أعلى الطريق، وخلفهم رجال يَحملون رجلاً مصفرًّا مُتهالكًا، إنه صياد مُستَخْفٍ مِن أولئك الذين يصطادون الوعول في أرض "دنيانا"، وقد انطلقت فيه رصاصة من بندقية عجيبة مشدودة بحبل، والطلقة في ذراعه.

وأقبل صديقي على الجريح في حنان، فنزَع عنه خِرَقًا باليةً، وغسل عنه الدم، وأخذ يتحسَّس عظامَه وعضلاته، وكان يقول لي من حينٍ لآخر:
لا شيء.

وسقط الماء، وأخذت تُقبل مِن والبة رائحة الغدير والقطران والسمك... وأشجار البرتقال تلفُّ المغرب بقطيفتها القرمزية، وفي إحدى شجرات اللعل الخضراء أخذت الببغاء الخضراء والحمراء تروح وتَجيء وهي ترمقنا بعينيها المستديرتَين.

أما الصائد المسكين فقد ملأَت الدموع الدافقة عينيه بالشمس، وكانت تَنطلِق منه أحيانًا صيحة مكبوتة، والببغاء تقول:
لا شيء.
ووضع صاحبي للجريح القطن والضمادات.

والإنسان البائس يَصيح:
آي آي!

والببغاء في أشجار اللعل تقول:
لا شيء... لا شيء... "[1].


القراءة:
ملخَّص القصة:
"صياد وعول يُصاب بطلقة نارية من بندقيته بطريق الخطأ، وهو ينصبُ كمينًا لصيده، أحضَروه إلى الطبيب دامعَ العينين، يئنُّ مِن شدة الألم، كان الطبيب يضمِّد جراحه ويواسيه بقوله:
لا شيء، لا شيء؛ أي: لا تقلق فإصابتك خفيفة.

في الجوار.. كانت الببغاوات تردِّد جملة الطبيب:
"لا شيء، لا شيء".
..............................
أظهرُ ميزات الببغاء - علاوةً على جماله وذَكائه - قدرتُه على تَلَقُّن الكلام، وهي الميزة التي خوَّلته ليكون بطَلَ هذا النص القصير، وينال بفضلها شرفَ العنوَنةِ باسمه.

وفِكرة توظيف الحيوان في القصص - بحسب ما يُميِّزه من قدرات - فكرة ليست بالجديدة؛ فالتراث البشري عامة، وتراثنا العربي خاصة حافلٌ بمثل هذه النماذج، فما أشهَرَ قصة الإسكندر والنملة، وقصص كليلة ودمنة، وحِكَم لافونتين...! وهي طريقة ذكية توفِّر على الكاتب الكثير من الجهد في رسم الشخصية وصفاتها، لو كانت هذه الشخصية بشرية.

غير أن الأمر يحتاج إلى دراسة دقيقة لسلوكيات هذه المخلوقات؛ عن طريق مطالعة الكتب المتخصصة، أو التأمل العميق فيها على أرض الواقع.

لا يَعْدو النصُّ كونَه حادثة يومية من الحوادث التي تَزْخر بها حياة البشر، لكنَّ الكاتب الملهَم هو الذي يَستطيع أن يحوِّل هذه الحوادث الروتينية إلى مادة أدبية راقيةٍ لغةً ومعنًى، ويتَّخذَ منها مصدرًا ثَرًّا لاستِنباط العِبَر، واستخلاص الدروس؛ عن طريق التأمُّل العميق، والخيال الخصب، والذائقة الأدبية المرهفة، وهو ما فعله كاتبنا المُلهم في هذه القصة.

ولعلَّ مِن أشهر مَن عُرف بهذه الميزة - تحويلِ الموقف اليومي العادي إلى قصة متكاملة العناصر - الأديبَ الفرنسيَّ (غي دو موباسان)، ومِن أشهر نماذجه في ذلك قصته الرائعة: "في ضوء القمر".

هذه القطعة الأدبية الرائعة - كغيرها من سائر نصوص الكتاب - نفثَة عاطفية من قلبٍ مكلوم، يأكله الأسف على ما آلت إليه أحاسيسُ البشر التي زحَف عليها التصحُّر، وأدركها النضوب.

فصاحِبُنا يلعب مع الحمار! ومتى كان الحمار لائقًا ليُلعب معه عند الناس؟! أليس الحمار دابَّةً لحمل الأثقال، ومزاوَلة أشقِّ الأعمال؟ ومتى سوَّلَت له نفسُه بعصيان الأوامر فالعَصا؟

ويَرثي للوعول في الوقت الذي لا تتعدَّى فيه هذه المخلوقاتُ عند البشر منزلةَ أن تكون مصدرًا للثروة من بيع الفِراء، أو الغَداء، ويتغنَّى برائحة الغدير، وأشجار البرتقال وقطيفتها القرمزية.

لقد امتلأَت نفسُ الكاتب من حب الطبيعة، والأُنس بمخلوقاتها إلى درجة الهيام بذلك كله، بل إلى درجةِ أن صار يَفهم لغتَها، ويَنسجِم معها؛ من خلال رائحة الغدران الآسرة، وحمرة الشفق الخجول، وخضرة الحقول الجريئة، والشعور بآلام أبنائها من الحيوانات المسكينة التي تَلقى الويل من عبث هذا البشر بمصائرها.

كل ذلك بلغة شفيفة، تَفيض رقةً ورهافة، وألفاظٍ سهلة رُصفَت رصفًا بديعًا، وتولَّدت منها عبارات سلسة، رسمت لنا هذه اللوحات الفاتنة التي يقف أمامها القارئ مأخوذًا برَوعة التصوير، مشدوهًا من براعة الكاتب وإتقانه.

آه لو تذوَّقتَ أيها الإنسان المتعجرِف شيئًا مِن الألم الذي تُذيقه هذه المخلوقاتِ كلَّ يوم، وأنت تبتسم!
آه لو شربتَ أيها المخلوق القاسي قطرةً من الكأس التي تُجرِّعها هذه الحيواناتِ المسكينةَ دومًا!


هذا ما أراد الكاتب البوح به من خلال هذه التجربة المأساوية التي أقضَّت راحة هذا الصياد.
لقد أصيب بالطلقة التي كان يوجِّهها إلى الوعل بدم بارد.
ها هو يتجرع الألم نفسه الذي كان سيُسبِّب مثلَه أو أضعافه للوعل نفسه.
وإن تعجَب - أيها القارئ - فاعجَب من الخاتمة الذكية اللطيفة، التي ودَّع بها الكاتب نصه الرائق.


لا شيء، لا شيء..
فلئن كان الطبيب يقولها مواسيًا، فإن الببغاوات تردِّدها شامتة في الصياد.
كفاك تَحسُّسًا أيها الصياد، أليس هذا الألم نفسه الذي كنتَ تُسببه للوعول؟ فلماذا لم تحسَّ بها قَبْلُ؟!


[1] - أنا وحماري، خوان رامون خيمينث، (ص: 44) ترجمة د. لطفي عبدالبديع، دار المدى، طبعة :سنة 2000م.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.81 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]