|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
التعامل مع المشكلات الزوجية البسيطة
التعامل مع المشكلات الزوجية البسيطة أ. عائشة الحكمي السؤال: ♦ ملخص السؤال: سيدة متزوجة وبينها وبين زوجها حب وتفاهم، إلا أنها تشكو كثرة غضبه ومقاطعته لها في المشكلات السطحية، وتسأل عن بعض الخطوات العمليَّة لإصلاح ما بينهما، وللتخفيف مِن حدة المشكلات. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيرًا على ما تُقَدِّمونه مِن خيرٍ، والحمد لله أنا مِن المتابعين الدائمين لكم. أنا امرأة متزوجةٌ منذ سنتين، وأنا وزوجي ولله الحمدُ نتوافق في أغلب الأمور من الناحية العلمية والثقافية والدينية والأهداف والطموحات والفكر، ولكن ثمة مشكلةٌ أرهقتْ كاهلي، وعطَّلَتْ مَصالحي، وما زلتُ أحاول علاجها، ولكن نتاج ذلك يأتي بطيئًا جدًّا. تكمن مشكلتي في حالات الغضب بيني وبين زوجي، فنحن عادةً ما تحصل بيننا مشكلات كأي علاقةٍ إنسانيةٍ، وغالبُها في أمورٍ سَطْحيةٍ جدًّا؛ نظرًا لشدة تعلق كل منا بالآخر، فأصلُ المشكلة في الغالب "غيرة"، أو "سوء تفاهم"، أو نحو ذلك، ولا تَحْصُل المشكلات في أمور مفصليَّة بحمد لله! تكمن المشكلة أساسًا في تعاطي زوجي مع هذه المشاكل، فبمجرد حُصُول المشكلة - مهما كانتْ تافِهَةً - يغضب زوجي غضبًا شديدًا ولا يتحدث معي، ويبقى وحدَه فترة طويلةً إذا لَم أُحاول وأبدأ أنا بالإصلاح، ويراها وقتئذٍ نهايةَ حياتنا، وبابَ طلاقنا، وما إلى ذلك، مع أن المشكلة تافهةٌ جدًّا. مشكلة زوجي أنه ينظر إلى الحياة الزوجية نظرة مثالية جدًّا، وتَنْقُصه الخبرة في ذلك بشكلٍ مَلْحُوظ، مع أنه مثقف مِن الناحية الأسرية والتعامُل الزوجي، لكن النضوج الانفعالي هو مشكلتنا! هذا الأمرُ حقيقةً يُؤَثِّر على نفسيتي بشكلٍ مُدمِّر؛ لأنَّ كلاًّ منَّا يُحب الآخر، ونتغلب على مشاكل الحياة الخارجية، لكن المشكلات الجزئيَّة واليسيرة الداخلية هي التي تُمَزِّقني بسبب ردِّ فِعل زوجي عليها؛ فهو كما أسلفتُ يرى الحياةَ الزوجيةَ بطريقةٍ مِثاليةٍ بَعيدةٍ عن الواقع، وكلُّ سُوء فَهم يُرجعه إلى أنني لم أَعُدْ أحبه أو نحو ذلك، وبمجرد أن تنتهي المشكلة يرجع لما كنا عليه من الود. الحمد لله أنا شخصيةٌ مُتسامِحَةٌ، وأنسى الخلافات بسرعة البَرْق، لكنه عكسي لا ينسى، وغضبُه يستمرُّ لمدة طويلة، وهذا يُؤلمني بشدة، بل يَكسرني. أحتاج منكم خطوات عمليةً لإصلاح هذا الأمر، وأسأل الله أن يأجركم خيرًا كثيرًا الجواب: بسم الله الموفق للصواب وهو المستعان سلامٌ عليك، أما بعدُ:فوالله إنه لَيَسُرني أن أرى في المستشيرين مثلك، نُضوجًا ووعيًا ورقيًّا، وأسأل الله أن يُصْلِحَ لك زوجك، وأن يقر به عينك. ينبغي أن يُطالعَ زوجُك الكريم شيئًا مِن كُتُب السِّيَر؛ سير الأنبياء والصالحين وأحوالهم مع أزواجهم؛ ليعلمَ أن المثاليَّة في الحياة الزوجية التي تخلو مِن المُكدّرات والمشاحَنات هي مِن نَعيم أهل الجنة في الجنة، وأما وهذه الدنيا مَجْبُولةٌ على الكدَر، والإنسانُ فيها مخلوق في كبَد، فلن يسْلَمَ أحدٌ مِن الشعور بالضِّيق والاستياء وخيبة الأمل، مهما بلَغ حبُّه لحبيبه وصفيه مِن هذه الدنيا. بيتُ النبوَّة الذي شَهِد أعظمَ المحبة بين الزوجين لم يكن ليخلو مِن الكدَر الزوجي؛ روى الإمامُ أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، عن النُّعمان بن بشير، قال: جاء أبو بكر يستأذن على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فسمع عائشةَ - رضي الله عنها - وهي رافعةٌ صوتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن له، فدخل فقال: يا ابنة أم رومان - وتناولها - أترفعين صوتك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟! قال: فحال النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينها، قال: فلما خرج أبو بكر جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لها يترضاها: ((ألا ترين أني قد حلتُ بين الرجل وبينك؟))، قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه، فوَجَدَهُ يُضاحكها، قال: فأذن له فدَخَل، فقال له أبو بكر: يا رسول الله، أشْرِكاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما. وعن عمر بن الخطاب قال: كنا - معشر قريش - نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغْلِبُهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذْنَ مِن أدب نساء الأنصار، فصحتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ أن تُراجعني، فقالتْ: ولِمَ تُنكر أن أراجعك؟ فوالله، إنَّ أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليُراجعنه، وإن إحداهنَّ لتهجره اليوم حتى الليل؛ متفق عليه. وكذلك لم يكن ليخلو بيت صهره علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مِن هذا الكدر، ففي البخاري جاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة، فلم يجدْ عليًّا في البيت، فقال: ((أين ابن عمك؟))، قالتْ: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني فخرج، فلم يقلْ عندي، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لإنسان: ((انظرْ أين هو؟))، فجاء فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه ترابٌ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسحه عنه ويقول: ((قُمْ أبا تراب، قُمْ أبا تراب)). والشواهدُ في هذا الباب تَطول وتَكثر، غير أني اقتصرتُ منها على ما أوردته هنا لكي يُعينك على تزويد زوجك بالأمثلة متى ما أردتِ مُساعدته في رفْع مستوى وعيه ونضجه. الكدر الزوجي - يا عزيزتي - لا مَفَرَّ منه، وليس هو المشكلة، وإنما المشكلةُ في الفشل في إدارة هذا الكدر، وفي عدم التعامُل الحكيم مع مُسبباته الرئيسة المتمثِّلة في القضايا الأربع التالية: العلاقة الجنسية، والأمور المالية، وتقسيم العمل، والتربية. وقد يكون لهذا الصراع الزوجيِّ فوائدُه الجليلة؛ فمِن خلاله تنمو شخصياتنا مع الأيام، وتنضج انفعالاتنا، وتتجدَّد علاقتنا وعواطفنا ومشاعرنا تجاه أزواجنا متى ما تَمَّ احتواءُ الصِّراع الزوجي بالحكمة واللُّطف وأدب المعامَلة. اتِّفِقي مع زوجك على إستراتيجيَّة مُعينة لإدارة الغضَب، والتعامُل مع بعضكما البعض في أوقات الزعل؛ بحيث لا يَطول بينكما الهجرُ العاطفيُّ أكثر مِن اثنتي عشرة ساعة، وانتهجَا منهج أبي الدَّرداء في إدارة الغضب مع امرأته: "إذا رأيتِني غضبتُ ترَضَّيني، وإن رأيتُك غضبتِ ترضَّيتك، وإلا لم نصطحبْ". أما أن ترضيه أنت وهو المخطئ فستعودينه بذلك على عدم الاعتذار، وعلى البُعد العاطفيِّ، والهجر الجنسيِّ، وعدم الاهتمام! وعسى الله أن يُصْلِحَ الحال، ويُنعم البال، ويَرزقك وزوجك لذَّة السعادة والاستِقرار، اللهم آمين. واللهُ - سبحانه وتعالى - أعلمُ بالصواب
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |