طفل من القرية (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أسئلة بيانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 84 )           »          نذر الخواص.. ونذر العوام!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          من هو عمران؟ البيت الرسالي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الطريق طويل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أجلُّ النِّعَم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          هل سيشفع لك الصيام والقرآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          غزة رمز للعزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 493 )           »          حقوق العباد لا تسقط بالتقادم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4376 - عددالزوار : 826536 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-07-2021, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,355
الدولة : Egypt
افتراضي طفل من القرية (قصة)

طفل من القرية (قصة)
عمر الملاحي





بدأَتْ خطواتُه الأولى متثاقلةً وهو يغادر قريتَه النائيةَ، النائمةَ عند سَفْح الجبل الشامخ، انتابَه إحساسٌ بالرَّهْبةِ وهو يغادر للمرة الأولى الحدودَ الجغرافية لعالمِه الضيِّق، وحاصَرَه السؤالُ بإلحاحٍ: إلى أين تمضي وحيدًا؟ وعلى أثرِه عيونٌ دامعة ترقبُه: أمُّه، وأطفالُ القريةِ، رفقاءُ الكُتَّاب، أهكذا تتآكلُ الروابط دَفعةً واحدةً ممهِّدةً الطريقَ لعالم جديدٍ مجهولٍ لا حيلة أمام الطفل المسكين كي يدفعَ عاصفتَه الهوجاء؟

يتوارى الطفل رويدًا رويدًا عن الأنظارِ، مُخلِّفا وراءَه عالمَه الحالمَ الوديع، تاركًا الأم الحنون والأهل، تترقرَقُ الدُّموعُ في عينَيْه، وفي حَلْقِه غُصَّةٌ، تَجتاحُه رغبةٌ جامحةٌ، تدفعه دفعًا كي يَتقَهْقَرَ إلى الوراء، عائدًا إلى وَكْرِه التَّليدِ، همَّ أن يفعلَ لولا مخافتُه من عصيان أمرِ الأب الآمر له بالرحيل إلى المدينة لأجل الدراسة.

خالف الصغيرُ رغبتَه الجامحةَ، ولم يُصْغِ إلى نداء هاجسِ الأعماق، فمضى كشِراعٍ يترنَّحُ وسطَ أمواجِ البحر، ولا يَعلَمُ على وجه اليقينِ أي مرفأٍ سيأويه.

وفي محطةِ الإقلاع؛ القرية الوديعة، كانت الأمُّ أشدَّ إيلامًا من الطفل، عبثًا تحاول كَبْحَ جماحِ دموعِها أمام مَن تبقَّى من أخوات الطفل وإخوانه!

تحوَّل وضعُ الأسرة إلى ما يُشبِهُ المَأْتمَ، ولم يَحُلْ كثرةُ الإخوان دونَ تفقُّدِه لأمرٍ يَجهَلُ سرَّه، ارتبَطَ في ذاكرةِ الأبوَيْنِ والأبناء ببشاراتٍ تزامَنَتْ مع لحظة ميلادِ الطفلِ ونشأتِه، وأما رفقاءُ الكُتَّاب، فقد فَقَدوا منافسًا متميِّزًا في الحفظ؛ إذ سرعانَ ما يُنهِي ما يُكلَّفُ بحفظِه من آيِ الذكر الحكيم، مُخلِّفًا بذلك وضعًا صعبًا لبقيَّة رُفقائِه الذين عليهم اقتفاءُ أثرِه لحفظ ما دُوِّن على ألواحهم الخشبيَّة.

توقَّفتِ الحافلةُ في محطة المدينة، وَطِئتْ رِجْلا الطفلِ أرضَها العذراء، التي لم يَزُرْها من قبلُ، كان برُفْقتِه عمُّه الذي سيأويه بيته لسنوات طِوال، ظلَّ يلتفت يَمنةً ويَسْرةً، كأنما يحاولُ أن يُلِمَّ بكلِّ ما تقع عليه عيناه؛ استعدادًا لمقامٍ طويلٍ، عرَف الآن نقطةَ بَدْئِه، ولا يملكُ حيلةً لمعرفة مُجرياته ونهايتِه.

هأنت الآن أيها الصغيرُ تَشُقُّ طريقَك نحو الغد، وحيدًا بلا أمٍّ تَرعاك في النوم واليَقَظةِ، وبلا أبٍ يُراقِبُ حركاتِك بين أطفالِ الكُتَّاب، وبين يدي شيخِك الوقور!

انظر حواليك: لا رفقاءَ يواسونك، أنت متروكٌ للغُربة القاتلة، ما أعظمَ الهَوْلَ!

مصابُك جلَل، كيف بك دفعةً واحدةً في هذا العالم الصاخب الذي لا يَرحَمُ؟ أيُّ قوة أَقلعَتْك من عالَمِك الوديع القابع عند سَفْح الجبل؟

كان العمُّ مسرعًا في خطواته، على أَثرِه ظلَّ الطفل يَلهَثُ كمن يسابق فرسًا جموحًا، إنها لحظاتُ البداية التي تُنذِرُ بأُفقٍ مُكفهرٍّ مُفْعمٍ بعذاباتٍ قادمة، لا تزالُ قابعةً في رَحِم الغدِ، دخل العمُّ بيتَه المتواضعَ رفقة الطفلِ، كلُّ ما ها هنا يُنذِرُ بالشُّؤمِ، ما أضيقَ عالمَك الجديدَ!

حَمْلق الصغيرُ في جَنَبات البيت وكأنه يَستطلِعُ بعضَ ما خَفِي منه؛ هذي بعضُ الأواني المتقادمة من كثرة الاستعمال، مرتبةً في زاوية من المطبخ، وفي البيت الوحيد المجاور أفرشة متراصَّة على نحو جيدٍ وأنيقٍ، لكن أجملَ ما في هذه الدار - كما خُيِّل للطفل - هذا الفناءُ الواسعُ المُطلُّ على العالم الخارجي، حيث ضوءُ مصباحِ الشارع ليلًا، ونورُ الشمس نهارًا.

وبعد أن أوهم الطفلُ نفسَه بالاطمئنان إلى وَضْعِه الجديد، راح يستشعر أُفُقَ الغدِ، حيث يومُه الثاني في عالم المدينة غدًا، تمتصُّ خطواتك شوارع المدينة الواسعة المضيئة وأزقَّتها الضيِّقة المُظْلِمة، غدًا بداية رحلتك في هذا العالم المُتمدِّن، ستمضي وحدَك ودونما سَنَدٍ يُؤازِرُك غير عنايةِ اللهِ ودعاء أمك عند سَفْح الجبل في قريتك الوديعة.

انتبَه الطفلُ من تأمُّلاته، ويدُه تمتد لتُزيلَ آثار العَبَرات المتبقية على وَجْنتَيْه، بدت ليلتُه الأولى من ليالي المدينة متباطِئة، تَنوءُ بثُقلها على صدرِ الصغير فتحرمُه النوم، ليعودَ ثانيةً إلى عالمه الوديعِ، فراحَ يُقارِنُ بينَ هذَيْنِ العالمَيْنِ: هنا الأضواءُ والضوضاءُ، وهناك الظُّلْمة والسكونُ إلا ما كان من نُباح، أو نَهيقٍ، أو ثُغاء، أو صَهيل مما هو مَعْهود من أصوات الحيوانات الأليفةِ، عالمان مُتناقِضان، يَقِفُ الصغيرُ الآن كجسرٍ يَربِطُ بينهما.

كانت عيناه تحدقان في العتمة دونَ وعيٍ منه، ولم ينتبه إلى العَبَرات الحارَّة تسيلُ على وَجنَتَيْه؛ تُذكِّرُ الصغيرَ أمَّه، الركن الحصين في رحلةِ الحياة، لا أحدَ يتفقَّدُك في النوم، ولربما في اليقظة أيضًا، أين الأناملُ الناعمةُ التي طالما لامسَتْ جسدَك الصغيرَ؛ تردُّ الغطاءَ؛ مخافةَ لَسْعة البردِ القارس؟ كيف اختفى كلُّ شيء دفعةً واحدةً؟ وغاب الطفلُ في تضاريسِ الأسئلة المُعلَّقة، ولم يَنتبِهْ إلا حين ارتفعت أصواتُ المؤذِّنين مُعلنةً حلولَ الفجرِ، وسَمِعَ حركةَ العمِّ يُهيِّئُ نفسَه للصلاة والعمل، وراح الصغيرُ يتحسَّسُ مطلعَ النهار في عالمه الجديد، كل ما هاهنا يَختلِفُ عما أَلِفَه في قريته الوديعة، الحركة هنا خليطٌ من أزيزِ المُحرِّكات، وضَرَبات أحذية المارَّة على الأرصفةِ، وقَرْع أبواب المحلَّات التجارية، وتساءل في قَرارَة نفسِه: عجبًا كيف تغيَّر كلُّ شيء دفعةً واحدةً؟! ثم انتبه إلى نفسِه، وأردَفَ متسائلًا ثانيةً: هل سيَلفُّني التغييرُ أنا أيضًا؟


كانت عقاربُ الساعةِ تُشير إلى السابعةِ والنَّصْفِ حين سَمِع طَرَقات خفيفةً على الباب، ها قد جاء مَن يَصحَبُ الصغيرَ إلى حلقات الدرس، لَقِي عامًا كاملًا في كُتَّابِه العصريِّ، الذي تشرفُ عليه معلِّمة في عمر الشباب، قبلَ أن يَلِجَ عالمَ المدرسة، لحظتَها أحسَّ الصغيرُ حقًّا بداية رحلته في الحياة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.23 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.42%)]