#1
|
||||
|
||||
اللغة وأصلها عند ابن جني
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: اللغة وأصلها عند ابن جني
وضع العربية يتفق مع وضع غيرها من اللغات: يرى ابن جني أن تفسيره لأصل اللغة العربية ونشأتها وتطورها وتعلمها قد يتفق مع أصل وضع اللغات الأخرى، ومن ذلك قوله:"وكذلك لو بدئت اللغة الفارسية فوقعت المواضعة عليها لجاز أن تنقل ويولـد منها لغات كثيرة من الرومية والزنجية وغيرهما، وعلى هذا ما نشاهده الآن من اختراعات الصناع لآلات صنائعهم من الأسماء كالنجار والصائغ والحائك والبناء وكذلك الملاح". [24] سبب بقاء بعض اللغات وعدم اندثارها: تعرض ابن جني لسبب حفاظ بعض اللغات على حياتها وعدم اندثارها، وضرب مثالاً على ذلك بانتشار لغة الحجاز ولغة تميم مقارنًا بينهما؛ حيث يقول:" فإن أهل كل واحدة من اللغتين عدد كثير وخلق من الله عظيم، وكل واحد منهم محافظ على لغته لا يخالف شيئا منها، ولا يوجد عنده تعاد فيها، فهل ذلك إلا لأنهم يحتاطون ويقتاسون ولا يفرطون ولا يخلطون، ومع هذا فليس شيء مما يختلفون فيه على قلته وخفته إلا له من القياس وجه يؤخذ به" [25]. وتعرص ابن جني لمسألة تعلم اللغة وانتقالها عبر الأجيال المتعاقبة؛ حيث يقول:" وليس أحد من العرب الفصحاء إلا يقول إنه يحكى كلام أبيه، وسلفه يتوارثونه آخر عن أول وتابع عن متبع، وليس كذلك أهل الحضر؛ لأنهم يتظاهرون بينهم بأنهم قد تركوا وخالفوا كلام من ينتسب إلى اللغة العربية الفصيحة، غير أن كلام أهل الحضر مضاه لكلام فصحاء العرب في حروفهم وتأليفهم إلا أنهم أخلوا بأشياء من إعراب الكلام الفصيح، وهذا رأى أبى الحسن، وهو الصواب".[26] موقف العربي من لغات غيره: تحدث ابن جني عن موقف العربي من لغات غيره، ويقول في هذا الشأن:" واعلم أن العرب تختلف أحوالها في تلقي الواحد منها لغة غيره، فمنهم من يخف ويسرع في قبول ما يسمعه، ومنهم من يستعصم فيقيم على لغته البتة، ومنهم من إذا طال تكرر لغة غيره عليه لصقت به ووجدت في كلامه".[27] ويقول:" آخذ إلى لغته لغة غيره قد يجوز أن يقتصر على بعض اللغة التي أضافها إلى لغته دون بعض"[28]. وقوله:" بعضهم قد ينطق بحضرته بكثير من اللغات فلا ينكرها "[29]. ويعلل ابن جني لإتقان المتكلم لأكثر من لغة، وذلك في (باب في العربي الفصيح ينتقل لسانه)[30]؛ ويقول في موضع آخر: "وقد يجوز أن تكون لغته في الأصل إحداهما، ثم إنه استفاد الأخرى من قبيلة أخرى، وطال بها عهده وكثر استعماله لها؛ فلحقت لطول المدة واتصال استعمالها بلغته الأولى، وإن كانت إحدى اللفظتين أكثر في كلامه من صاحبتها فأخلق الحالين به في ذلك أن تكون القليلة في الاستعمال هي المفادة، والكثيرة هي الأولى الأصلية، نعم، وقد يمكن في هذا أيضًا أن تكون القلى منهما إنما قلت في استعماله؛ لضعفها في نفسه وشذوذها عن قياسه، وإن كانتا جميعا لغتين له ولقبيلته".[31] وتحدث ابن جني عن حال أصحاب اللغات مع لغاتهم، ومن ذلك قوله:" والمروي عنهم في شغفهم بلغتهم وتعظيمهم لها، واعتقادهم أجمل الجميل فيها؛ أكثر من أن يورد أو جزء من أجزاء كثيرة منه، فإن قلت فإن العجم أيضًا بلغتهم مشغوفون، ولها مؤثرون، ولأن يدخلها شيء من العربي كارهون، ألا ترى أنهم إذا أورد الشاعر منهم شعرًا فيه ألفاظ من العربي عيب به، وطعن لأجل ذلك عليه، فقد تساوت حال اللغتين في ذلك فأية فضيلة للعربية على العجمية؟ قيل: لو أحست العجم بلطف صناعة العرب في هذه اللغة، وما فيها من الغموض والرقة والدقة؛ لاعتذرت من اعترافها بلغتها، فضلاً عن التقديم لها والتنويه منها، فإن قيل: لا. بل لو عرفت العرب مذاهب العجم في حسن لغتها وسداد تصرفها وعذوبة طرائقها لم تبوء بلغتها، ولا رفعت من رؤوسها باستحسانها وتقديمها" [32]. وهذا يؤكـد اعتزاز كل قوم بلغتهم. كما تحدث ابن جني عن اللفظ العربي وشروطه حيث يقول:" عربي لكونه في لغة العرب غير منقول إليها، وإنما هو وفاق وقع، ولو كان منقولاً إلى اللغة العربية من غيرها لوجب أن يكون أيضًا وفاقًا بين جميع اللغات غيرها، ومعلوم سعة اللغات غير العربية ، فإن جاز أن يكون مشتركًا في جميع اللغات ما عدا العربية جاز أيضًا أن يكون وفاقًا وقع فيها. ويبعد في نفسي أن يكون في الأصل للغة واحدة ثم نقل إلى جميع اللغات، لأنا لا نعرف له في ذلك نظيرًا. وقد يجوز أيضًا أن يكون وفاقًا وقع بين لغتين أو ثلاث أو نحو ذلك، ثم انتشر بالنقل في جميعها. وما أقرب هذا في نفسي؛ لأنا لا نعرف شيئًا من الكلام وقع الاتفاق عليه في كل لغة وعند كل أمة، هذا كله إن كان في جميع اللغات هكذا، وإن لم يكن كذلك كان الخطب فيه أيسر".[33] ودرس ابن جني أهم لغات العرب؛ كلغة الحجاز، ولغة تميم، وغيرهما، ومن ذلك قوله:" لغة أهل الحجاز وهي اللغة الفصحى القدمى".[34]، وقوله:" وهي اللغة الحجازية القوية"[35]. ومنه قوله:" من ذلك اللغة التميمية في (ما) هي أقوى قياسًا؛ وإن كانت الحجازية أسير استعمالاً، وإنما كانت التميمية أقوى قياسًا من حيث كانت عندهم".[36] [1] دي سوسير، دروس في الألسنية العامة، ترجمة: مجموعة من المؤلفين التونسيين. (ص29). وينظر: فردينان دي سوسور، محاضرات في الألسنية العامة، ترجمة يوسف الغزي، الجزائر، المؤسسة الجزائرية للطباعة، 1986م، وكاترين فوك و بيارلي قوفيك، مبادئ في قضايا اللسانيات المعاصرة، ترجمة: المنصف عاشور، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 1984م، وعامر الحلواني، في القراءة السيميائية، الطبعة الأولى، تونس، كلية الآداب و العلوم الانسانية، 2005م. [2] الخصائص (1/ 33 ). [3] المرجع السابق (1/ 40) وما بعدها. [4] المرجع السابق (1/ 40ـ41). [5] المرجع السابق (1/ 40). [6] محمد الأنطاكي، الوجيز في فقه اللغة، الطبعة الثانية، بيروت، مكتبة دار الشرق، (ص368). [7] دوسوسير، محاضرات في الألسنية العامة، ترجمة: يوسف غازي ومجيد النصر، لبنان، دار نعمان للثقافة، دون تاريخ ودون طبعة، (ص97ـ98). [8] الخصائص (1/ 44). [9] دوسوسير، محاضرات في الألسنية العامة، (ص89). [10] المرج المرجع السابق، (ص90). [11] المرجع المرجع السابق (ص91). [12] المرجع المرجع السابق (ص91). [13] الخصائص (2/ 28). [14] المرجع المرجع السابق (1/ 47). [15] المرجع المرجع السابق (2/ 152). [16] المرجع المرجع السابق (1/ 46 ـ 47). [17] محمد الأنطاكي، الوجيز في فقه اللغة، (ص63). [18] ينظر: إبراهيم أنيس، الألفاظ ومعانيها كانت رموزاً لدلالاتها، الكويت، مجلة العربي الكويتية، العدد (100)، آذار 1967م، (ص134). [19] الخصائص (2/ 30). [20] المرجع السابق (2/ 40). [21] المرجع السابق (1/ 64). [22] المرجع السابق (2/ 28). [23] المرجع السابق (1/ 387 ). [24] المرجع السابق (1/ 46 ـ47). [25] المرجع السابق (1/ 244). [26] المرجع السابق (2/ 29). [27] المرجع السابق(1/ 383). [28] المرجع السابق (1/ 380). [29] المرجع السابق (2/ 26). [30] المرجع السابق (2/ 12). [31] المرجع السابق (1/ 372). [32] المرجع السابق (1/ 242). [33] المرجع السابق (3/ 286). [34] المرجع السابق (1/ 260). [35] المرجع السابق (2/ 335). [36] المرجع السابق (1/ 125).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |