|
|
روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
التوازن في الإنفاق على الأولاد
التوازن في الإنفاق على الأولاد نجوى شاهين وصلتني رسالة منتشرة على بعض وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها، تأمر الآباء بصرف كل ما ينفقون على أبنائهم، وعدم البخل في تعليم الأولاد، والإنفاق عليهم بكل ما نملك، ولا يهم أن ندخر جزءاً من أموالنا للمستقبل، فالأولاد هم الاستثمار الأمثل الذي يبقى لنا، وهذا جزء من نص الرسالة: "إياكم تبنوا طوبة واحدة لأولادكم، إياكم أن تبنوا لهم بيتاً، أو تشتروا لهم شققاً، أو أراضٍ، أو تتركوا لهم مدخرات في البنك، لو معاكم فلوس زيادة استثمروها في أولادكم، وإياكم أن تستثمروا لهم، اصرفوا كل الفلوس الزيادة عليهم، أدخلوهم أحسن مدارس، وأفضل جامعات وعلموهم أحسن تعليم، اجعلوهم يتحدثون ويتقنون لغتين أو ثلاثة أو أربع، اجعلوا جميع استثماراتكم في أولادكم، ابني ابنك ولا تبني له، واستثمر فيه، ولا تستثمر له، وأخيراً: فالميراث الحقيقي لأولادكم في غير الفلوس أو بناء البيت أو شراء الأرض، الميراث الحقيقي هو أولادكم أنفسهم". انتشرت هذه الرسالة التي فيها مبالغة للإنفاق على الأولاد، وفيها بعد عن الاعتدال، وعلى الرغم من ورود الأدلة في الكتاب والسنة والتي تحث على النفقة على الأولاد، وتبين فضلها، ومع ذلك لم تأمر بالإسراف في النفقة أو التبذير، بل بالتوسط والاعتدال والتوازن، وقبل أن نؤكد هذا المعنى ونوضحه، نستعرض بعض الأدلة التي تأمر بالنفقة على الأولاد، ومنها قول الله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/233، وقال سبحانه: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) الطلاق/7 . ووردت أدلة من السنة النبوية توضح فضل الإنفاق على الأبناء، و فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَاتِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((دِينَارٌ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَدِينَارٌ أَنْفَقْته فِي رَقَبَةٍ, وَدِينَارٌ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ, وَدِينَارٌ أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك, أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلِك)) رواه مسلم. وعند مُسْلِمٍ أيضاً وغيره عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رفعه: ((أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ, وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: بَدَأَ بِالْعِيَالِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمُ اللَّهُ أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ. وَفِي الصحيحين عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: ((وَإِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك)) أَيْ: فِي فَمِهَا، وَفِيهما أيضاً عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً)). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا, وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)) وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ -رحمه الله-: يُنْفِق عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُقَتِّرٍ عَمَّا يَجِبُ لَهُمْ، وَلَا مُسْرِفٍ فِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَاَلَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) وَهَذِهِ النَّفَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَمِنْ جَمِيعِ النَّفَقَاتِ. راجع طرح التثريب (2 /74). أفضل النفقة: فالإنفاق على الزوجة والأولاد يعتبر من أفضل الإنفاق ويثاب عليه المرء، إضافة للسعادة التي يدخلها على أهله وأولاده. أما الدعوة للإنفاق على الأولاد وعدم الادخار، فهي تخالف الفطرة السوية والعقل الراجح، إضافة إلى بعدها عن التوازن والاعتدال الذي يتميز به الإسلام، الذي أمر بالاعتدال في الإنفاق، وعدم الإسراف، ومع الاهتمام بتربية الأولاد، والتشجيع على تعليمهم والرقي بعلمهم، لكن لا مانع من ادخار بعض الأموال لمصلحتهم في المستقبل، وعدم تركهم عالة على الناس. وهذا التوازن والاعتدال هو ما يميز البيت المسلم الوسطي، فالله -سبحانه وتعالى- وصف الذين آمنوا بقوله: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) [الفرقان:67] والقوام هو الوسط: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) [البقرة:143]. وأما الإسراف: فهو الإنفاق فوق الحد، وهذا الإسراف يؤدي إلى مشكلات في البيت المسلم، منها الاقتراض والدين وإرهاق البيت وإدخال التعاسة عليه بسبب كثرة النفقات وقلة الإيرادات، فالإسراف ممقوت، وورد النهي الواضح عنه، قال تعالى: (وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام141. الزينة والتمتع بالطيبات: ولما أمر سبحنه وتعالى في هذه الآية الكريم التي لم يحرم فيها ولم ينه عن التمتع بالطيبات، سبقها بآية توضح منهج التوسط والتوازن والاعتدال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ، قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف31،32. وأما التبذير: هو الإنفاق في معصية الله، فأي إنفاق فيما يخالف شرع الله فهو تبذير، قال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا، إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء27،26 فحتى لو طلب الولد شيئًا محرمًا أو فيه تبذير، لا بد أن نرفض، ونقول له: إن هذا حرام، وفيه ارتكاب للمعصية والسير في طريق الذنوب والمعاصي التي توصل إلى النار، فالتوازن مطلوب، قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) [الإسراء:29] ولذلك يجب أن نُعَرِّف الأبناء ما هو الاعتدال وحدوده في المصروفات المختلفة، ومن ناحية أخرى عند تقدير المصروفات الشخصية للأولاد يجب عدم المغالاة فيها فوق الاعتدال؛ حتى لا نشجعهم على الإسراف، والذي يقود إلى مفاسد الأخلاق ثم الانحراف، ولا مانع من تعويد الأولاد على الادخار، بل لا بد من تدريبهم عليه، وعلى الإنفاق والصدقة منذ الصغر، وتعليمهم كيفية تنظيف المصروفات، والتوازن بينها وبين الإيرادات. لا مانع من الادخار وترك الورثة أغنياء: فليس كل ما تكسبه تنفقه، وليس كل ما تشتهيه تشتريه، فهذا من الفهم الصحيح للجمع بين التوازن وعدم البخل في الإنفاق على الأولاد، ففي وقت الرخاء ندرب الأولاد على الادخار للمستقبل، ونزودهم بالوسائل والأساليب المشجعة على ذلك، ومن ناحية أخرى يجب أن نربيهم على القناعة عموما، وزيادة التقشف وقت الأزمات، وأن هذا كله بقدر الله سبحانه وتعالى، وَنَقُصُّ عليهم كيف كان سلوك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت الأزمات، بل في غالبية حياته التي كان الزهد فيها واضحاً في الحياة الدنيا، وكانت حياته بعيدة تماما عن الإسراف والتبذير، وفيها من الكرم والإسراف في الإنفاق وكذلك حياة أصحابه. عدم ترك الورثة فقراء: ويتضح الأمر جلياً من هذين الحديثين، ففيهما المنهج الإسلامي الواضح، الذي لا يمنع الادخار،ولا يمنع الصدقة، بل يحث عليها، ولكن يأمر بالتوازن والاعتدال، وعدم ترك الورثة فقراء إذا تصدق المسلم بكل ماله، ولا يترك شيئاً لورثته. ففي الحديث الصحيح: ((كفى بالمرء إثمًا أن يُضيِّع مَن يقوت)) رواه أبو داود وغيره، وصححه العلماء، ومنهم الألباني. وعن سعد بن أبي وقاص، قال: كان النبيُ -صلى الله عليه وسلم- يَعودُني وأنا مريضٌ بمكةَ في حجة الوداع، فقلتُ: لي مالٌ أُوصي بمالي كلِّه؟ قال: ((لا)) قلتُ: فالشطرُ؟ قال: ((لا)) قلتُ: فالثُّلُثُ؟ قال: ((الثُّلُثُ والثُّلُثُ كثيرٌ، أن تدعَ ورثتَك أغنياءَ، خيرٌ من أن تدعَهم عالةً يَتكَفَّفون الناسَ في أيديِهم، ومهما أنفقتَ فهو لك صدقةً، حتى اللقمةَ ترفعُها في في (فم) امرأتِك، ولعل اللهَ يرفعُك ينتفعُ بك ناسٌ، ويُضَرُّ بك آخرون)) متفق على صحته، وهذا لفظ البخاري. فإن المسلم مطالب بالاعتدال والتوازن، والابتعاد عن كل مظاهر الفساد والترف والإسراف والتبذير، ويجب الابتعاد عن الإسراف في الكماليات، مع التخطيط الجيد والتحضير المستمر لنكون شعباً منتجاً، بدلاً من أن نكون عالة على الآخرين، ونظل دائما مجتمعا مستهلكا، وتلك هي آفات بعض المجتمعات المعاصرة.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |