شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 18 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60058 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 833 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #171  
قديم 14-11-2022, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [079]
الحلقة (119)


شرح سنن أبي داود [088]


اهتم الشرع الحنيف بالصلاة، فأمر بالطهارة لها، وأمر بطهارة محلها، ونظافة مكانها، وطهارة اللباس لها، وقبل ذلك أمر بطهارة قلب صاحبها؛ فديننا دين الطهارة والنقاء ظاهراً وباطناً.

الصلاة على الخمرة



شرح حديث ميمونة: (كان رسول الله يصلي وأنا حذاءه، وأنا حائض


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة على الخُمرة. حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن الشيباني عن عبد الله بن شداد حدثتني ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حذاءه، وأنا حائض، وربما أصابني ثوبه إذا سجد، وكان يصلي على الخُمرة) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: الصلاة على الخمرة. والخمرة فسرت بأنها: مصلى يتخذ من سعف النخل وخوصه، ومن خيوط تشد بها، وقيل: لا فرق بين الخمرة والحصير، وقيل: إن الخمرة أصغر من الحصير، بحيث يسجد عليها الإنسان بيديه ورأسه، وليست كالحصير الذي يكون شاملاً للإنسان كله، بحيث يقف عليه، ويسجد عليه. وأورد في ذلك حديث ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، أنها كانت تكون بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وهي حائض وربما وقع ثوبه عليها. وهذا مثل الحديث الذي سبق أن مر في الترجمة السابقة في الرجل يصلي وبعض ثوبه على غيره، وعائشة رضي الله عنها أخبرت بأنها كانت تكون حائضاً، وتكون بجواره صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في ثوب وطرفه عليها، تعني: أنه وقع عليها اتفاقاً، وهو دالٌ على أن الصلاة بجوار الحائض، وكذلك قراءة القرآن لا بأس بهما، ولا مانع منهما، ويدل أيضاً على أن اتصال أو وقوع بعض الثوب الذي يكون على المصلي على الحائض لا يؤثر؛ لأن المحذور في الحائض هو النجاسة الموجودة كالدم، وأما إذا كانت النجاسة غير موجودة فجسدها وثيابها الأصل فيها الطهارة. قالت: (وكان يصلي على الخمرة)، سميت خمرة لأنها تستر ما بين المصلي وبين الأرض، وتغطي وتستر ما تحتها، وأصل هذه المادة تدل على التغطية، فسمي الخمار خماراً لكونه يغطي الرأس، وسميت الخمر خمراً لكونها تغطي العقل، وكذلك الخمرة؛ لأنها تغطي الأرض، وكذلك تخمير الإناء، أي: تغطيته، وكذلك المحرم لا يخمر رأسه ووجهه، يعني: لا يغطيه، فهذه المادة تدل على التغطية. والمقصود بالخمرة ما يصلي عليها المصلي، وتكون حائلاً بينه وبين الأرض. وفي هذا الحديث دليل على جواز الصلاة على حائل بين المصلي وبين الأرض، سواء كان من الخوص، أو من القماش، أو ما إلى ذلك، فكل ذلك سائغ، ولا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث ميمونة: (كان رسول الله يصلي وأنا حذاءه، وأنا حائض ...)


قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد ]. هو ابن عبد الله الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشيباني ]. هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن شداد ]. عبد الله بن شداد ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره العجلي من كبار التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ميمونة بنت الحارث ] هي ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الصلاة على الحصير


شرح حديث أنس في صلاة النبي على حصير


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة على الحصير. حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إني رجل ضخم -وكان ضخماً- لا أستطيع أن أصلي معك، وصنع له طعاماً ودعاه إلى بيته، فصلَّ حتى أراك كيف تصلي فأقتدي بك، فنضحوا له طرف حصير كان لهم، فقام فصلى ركعتين. قال فلان بن الجارود لأنس بن مالك: أكان يصلي الضحى؟ قال: لم أره صلى إلا يومئذٍ) ]. أورد أبو داود رحمه الله باب الصلاة على الحصير. والحصير هو: ما يتخذ من خوص النخل، وكل فراش صُنع من خوص النخل يقال له: حصير، والصلاة عليه سائغة، وكل شيءٍ طاهر يجوز استعماله فإنه تجوز الصلاة عليه، سواء كان من خوص النخل، أو من القماش، أو من الصوف، أو من القطن، أو من أي شيء. وقد أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلاً من الأنصار قال: يا رسول الله! إني رجل ضخم، لا أستطيع أن أصلي معك، وجاء في جملة اعتراضية: وكان ضخماً، أي: أن أنس بن مالك رضي الله عنه عندما حكى قول الرجل أخبر أنه كان ضخماً كما قال، أي: أنه يشق عليه المشي والحركة والذهاب إلى المسجد للصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فطلب منه أن يأتي ويطعم عنده طعاماً، ويصلي حتى يراه فيصلي مثل صلاته، فجاء إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعوا له طرف حصير ونضحوه، أي: رشوه بالماء، ولعل الرش ليلين، فربما كان قاسياً، فإذا أصابه الماء لان وخف، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال فلان بن الجارود : قلت لأنس : (أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ قال: لم أره صلى إلا يومئذٍ) أي: أنه لم يره صلى الضحى إلا يومئذٍ، وهذا إخبار من أنس رضي الله عنه عن علمه، وعن مشاهدته، وهذا لا ينفي أنه كان يصلي الضحى، فهي غالباً تكون في البيوت، وتكون خفية، ولا يطلع عليها كل أحد، فأخبر أنس عما شاهده وعاينه، فلم يره يصلي الضحى إلّا هذه المرة فقط. وصلاة الضحى قد جاءت فيها أحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما، ومنها: حديث أبي هريرة المتفق على صحته، قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام). وكذلك حديث أبي الدرداء في (صحيح مسلم ) قال: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد). وكذلك الحديث الذي جاء في الصحيح، والذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس فتعدل بين اثنين صدقة … وفي آخره قال: ويجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى)، يعني: هذه الصدقات التي تكون على الإنسان يحصل أداؤها بصلاة ركعتي الضحى. وكذلك الحديث الآخر الذي في الصحيح لما سئل رسول الله عليه الصلاة والسلام عن صلاة الأوابين قال: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني: حين تشتد الرمضاء، وذلك في شدة حرارة الشمس في الضحى، ففي هذا الوقت حيث تتأثر أولاد البهائم من المشي عليها؛ لشدة حرارتها. فكل هذه الأحاديث تدلنا على سنية صلاة الضحى وثبوتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتدل على فضيلتها.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في صلاة النبي على حصير


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [حدثنا أبي ]. أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن سيرين ]. أنس بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم خدمه عشر سنين منذ أن قدم المدينة إلى أن توفاه الله، وهو واحد من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو سعيد ، وأنس ، وجابر ، وأم المؤمنين عائشة ، هم ستة رجال وامرأة واحدة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين. وفلان بن الجارود قيل: إنه عبد الحميد بن المنذر بن الجارود .

شرح حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سليم ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا المثنى بن سعيد الذارع حدثنا قتادة عن أنس بن مالك : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سليم رضي الله عنها، فتدركه الصلاة أحياناً فيصلي على بساط لنا، وهو حصير ننضحه بالماء) ]. أورد المصنف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سليم -وهي: أم أنس بن مالك رضي الله عنه-، فتدركه الصلاة، فيضعون له حصيراً لهم ينضحونه، أي: يرشونه بالماء؛ كي يلين ويسهل وتذهب شدته وقساوته، فيصلي عليه. وهذا الحديث دال على ما دلت عليه الأحاديث السابقة من صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على الحصير، وأنه لا بأس أن يصلي الإنسان على حائل يكون بينه وبين الأرض إذا كان هذا الحائل طاهراً، ومما يجوز استخدامه، بخلاف ما إذا كان الحائل غير طاهر، أو كان طاهراً إلّا أنه مما لا يسوغ استعماله كالحرير، فلا يجوز الصلاة عليه في هذه الحالة. ومثال ما يجوز استعماله حائلاً: بالصوف والقطن وعسب النخل ونحوها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم كان يزور أم سليم ...)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المثنى بن سعيد الذارع ]. المثنى بن سعيد الذارع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قتادة ]. هو ابن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس قد مر ذكره.

شرح حديث: (كان رسول الله يصلي على الحصير والفروة المدبوغة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة وعثمان بن أبي شيبة بمعنى الإسناد والحديث قالا: حدثنا أبو أحمد الزبيري عن يونس بن الحارث عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير والفروة المدبوغة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الحصير والفروة المدبوغة). والحصير قد مرّ ذكره، وهو الذي يتخذ من خوص النخل. والفروة المدبوغة هي: الجلد الذي دُبغ. والصلاة على الجلد المدبوغ تجوز إذا كان الجلد مما يجوز ويسوغ استعماله، وذلك إذا كان جلداً للحيوان المأكول كالإبل والبقر والغنم، فإنه يطهر بالدباغ، ويصح استعماله، وقد جاء في الحديث: (أيما إيهاب دبغ فقد طهر) وأما جلود السباع وما إلى ذلك فقد جاء ما يدل على النهي عنها، وعن استعمالها. وهذا يدل أيضاً على جواز الصلاة على الأشياء الطاهرة التي يسوغ استعمالها. وهذا الحديث في إسناده رجلان متكلم فيهما: أما الأول فوصف بالضعف، وأما الثاني فوصف بالجهالة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصلي على الحصير والفروة المدبوغة)


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ وعثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ بمعنى الإسناد والحديث ]. هذا مثل كلمة أبي داود التي يقولها أحياناً: (بمعناه)، يعني: أن الشيخين اللذين روى عنهما معنى حديثيهما واحد، والألفاظ مختلفة، وقوله هنا: بمعنى الإسناد والمتن، أي: أن الإسناد واحد، والمتن واحد، إلا أن هناك فرقاً في صيغ الأداء، وكذلك في لفظ المتن. [ حدثنا أبو أحمد الزبيري ]. هو محمد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يونس بن الحارث ]. يونس بن الحارث ضعيف، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي عون ]. هو محمد بن عبيد الله بن سعيد الثقفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن أبيه ]. أبوه هو عبيد الله بن سعيد الثقفي ، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود . [ عن المغيرة بن شعبة ]. لمغيرة بن شعبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
بيان ما تجوز عليه الصلاة وما لا تجوز

والحديث ضعيف من حيث الإسناد، لكن ذكْر الحصير وردت أحاديث بمعناه، كما تقدم، وكذلك الفروة المدبوغة، وهذه الأشياء طاهرة، وكل طاهر يصلى عليه، أما لو كان ممنوعاً منه كالحرير وغيره فلا يجوز الصلاة عليه. ولا يصلح استعمال شيء مع وجود فرش وسجاد يصلي عليه الناس، فكون الإنسان يأتي بشيء يختص به، أو شيء يعتقد فيه خصوصية، أو ميزة، لاسيما مثلما يحصل من بعض أهل البدع كالرافضة الذين يأتون بالحصر، ويصلون عليها، فإن هذا غير سائغ، وفعل الرافضة لهذا يعتبر من أخف ما عندهم وأسهله، وإلا فعندهم البلاء الكثير، والشر العريض. وقوله: (تدركه الصلاة) يحتمل أن يكون المقصود بها الفريضة، ويحتمل أن يكون المقصود سنة الضحى تدركه وهو في ذلك البيت الذي دُعي إليه. والخطابي يقول: فأما ما يتخذ من أصواف الحيوان وشعورها فإنه كان يكرهه. ولا يظهر لي وجه ذلك؛ لأن كل شيء طاهر يمكن أن يصلى عليه، سواء كان من حيوان، أو من شجر، أو غيرهما، فكل شيء غير ممنوع منه شرعاً فإنه تجوز الصلاة عليه.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #172  
قديم 14-11-2022, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

ما جاء في الرجل يسجد على ثوبه


كنا نصلى مع رسول الله في شدة الحر ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرجل يسجد على ثوبه. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا بشر -يعني ابن المفضل - حدثنا غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب الرجل يسجد على ثوبه، يعني: الذي يلبسه، وذلك عند الحاجة، وأما السجود على شيء منفصل كالسجاد وكالقماش فقد مرّ في الترجمتين السابقتين ما يدل على ذلك، لكن المقصود هنا ثوبه الذي هو عليه، وإلا لو أنه أتى بثوب وفرشه وصلى عليه فهو من جنس ما تقدم من ذكر الحصير والخمرة والفروة المدبوغة، وإنما المقصود هنا ثوبه الذي عليه. والثوب يستعمل غالباً في الشيء الذي لم يخط، أي: الذي ليس فيه خياطة، فالقطعة من القماش تسمى ثوباً، وهذا يأتي كثيراً، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، يعني: قطعة من القماش، فهو يطلق على غير المخيط، وقد يطلق على المخيط، لكن إطلاقه على غير المخيط أكثر في الاستعمال. والمقصود من ذلك: أنه يسجد عليه للحاجة، كأن يأخذ طرفه ويضعه أمامه حتى يسجد عليه؛ من أجل السلامة من حرارة الشمس التي لا يتمكن الإنسان معها من الاطمئنان والارتياح في السجود، فلا بأس بذلك، ولا مانع منه. ولهذا أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث عن أنس (أنهم كانوا يصلون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، وإذا لم يستطع أحدهم أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه) ]. ومعنى ذلك: أنهم صلوا في الرمضاء، أو في الشمس، وليس في الظل؛ لأنهم لو صلوا في الظل فليس هناك إشكال، فإنهم يسجدون على شيء ليس فيه حرارة، وإنما الكلام في السجود في الرمضاء، أو في مكان مكشوف، تصل إليه الحرارة بحيث لو وضع الإنسان جبهته فإنها تتأثر. فكان الواحد منهم إذا لم يتمكن من السجود بدون حائل بسط ثوبه، وسجد عليه، وهذا لا يكون إلّا إذا كان الثوب واسعاً، كما جاء في الحديث: (إذا كان الثوب ضيقاً فاتزر به، وإذا كان واسعاً فالتحف به)، فإذا كان واسعاً فليلتحف به، وليخالف بين أطرافه، وقد ينزل طرف من الأطراف فيضعه تحت جبهته، ويسجد عليه؛ حتى يسلم من حرارة الشمس، وحتى يتمكن من السجود والاطمئنان عليه. وفي هذا دليل على أن العمل اليسير في الصلاة للحاجة لا بأس به، فإنّ أخذ الثوب ووضعه تحت الجبهة عمل، وهذا لا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نصلي مع رسول الله في شدة الحر ...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، وهو إمام من أئمة المذاهب الأربعة المشهورة عند أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا بشر يعني ابن المفضل ]. بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وكلمة: (يعني ابن المفضل) زادها أبو داود أو من دونه، وليست من قول أحمد ؛ لأن أحمد لا يحتاج إلى أن يقول هذه الكلمة، بل يذكر شيخه كما يريد، والإمام أحمد إنما ذكر شيخه بلفظ: بشر فقط دون أن ينسبه، ولكن أبا داود أو من دون أبي داود هو الذي زاد كلمة: (ابن المفضل) للتوضيح والتعريف، وكلمة (يعني) هذه فعل مضارع، وفاعلها ضمير مستتر يرجع إلى الإمام أحمد بن حنبل تلميذ بشر بن المفضل . وليس لمن دون التلميذ أن يضيف شيئاً أكثر مما قال التلميذ بدون أن يبين؛ لأنه لو أضافه بدون أن يأتي بكلمة (يعني) لظُّن هذا من كلام التلميذ، والتلميذ إنما قال: بشر فقط، ولم يقل: بشر بن المفضل ، فمن دونه هو الذي أتى بها، وأتى بكلمة (يعني) حتى يتبين بها أن هذا الكلام ليس من التلميذ، ولكنه ممن دون التلميذ أتى به توضيحاً وبياناً لهذا الشخص الذي ذكر مهملاً غير منسوب. [ حدثنا غالب القطان ]. غالب القطان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكر بن عبد الله ]. هو المزني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
حكم السجود على الثوب

وقد كان السجود على الثوب في هذا الحديث للحاجة، وهي شدة الحر، فإذا فُعل هذا الفعل أحياناً ولو بدون هذا العذر فلا بأس، كأن يقع الشماغ أو الثوب بسبب الهواء أو غيره على الأرض، أو الطاقية نفسها إن كان جعلها على جبهته، فكل هذا لا بأس به، ولا مانع من السجود على أي شيء طاهر يسوغ استعماله. والكلام هنا في المتصل؛ باعتبار أنه يحتاج إلى أنه يضعه، وإما ذاك المنفصل عنه فإنه يضعه من الأصل، ولا يحتاج إلى أنه يتحرك في الصلاة من أجله، مثل السجاد؛ فلو أتى إنسان بسجاده ووضعها أمام الصف وصلى عليها، فليس هناك حاجة إلى حركة. لكن إذا لم يكن هناك سجادة، ولا شيء يقي الإنسان من حرارة الشمس، فإنه عندما يصل إلى الأرض ويضع جبهته فإنه لا يطمئن في صلاته؛ بسبب الحرارة، فلا بأس أن يضع طرف ثوبه الذي عليه.

الأسئلة



هل حكم القول بأن القرآن قديم


السؤال: هل نقول: إن القرآن قديم؟

الجواب: لا يقال عن القرآن بأنه قديم، ولكن يقال عن كلام الله بأن نوعه قديم، بمعنى: أن الله لم يكن غير متكلم ثم تكلم، بل هو متكلم بلا ابتداء، ويتكلم بلا انتهاء، فنوع كلامه قديم، وآحاده حادثة. فالكلام الذي كلم الله به موسى عليه السلام حصل في زمن موسى، وسمع موسى كلام الله من الله، فهذا من آحاد الكلام التي وجدت في زمن موسى، والكلام الذي سمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله ليلة المعراج حصل ليلة المعراج، وسمعه عندما تكلم اللله به في ليلة المعراج، لذلك عند أهل السنة: أن نوع الكلام قديم، وأن آحاده حادثة، وكلام الله القرآن من آحاد الكلام، لكن لا يوصف بإنه قديم.
حكم من قال: إنه كافر بالسلفية
السؤال: ما رأي فضيلتكم فيمن يقول: إنه كافر بالسلفية؟

الجواب: هذا جهل وتطاول على الحق، وإذا كان يقصد أنّ استعمال هذه الكلمة لا ينبغي، وأنّه لا ينبغي للإنسان أن يقول: أنا سلفي، فالأمر في ذلك أسهل، وإن كان يقصد بذلك أنه كافر بمنهج السلف وبطريقتهم، وبالحق الذي كانوا عليه، فهذا كفر بالكتاب والسنة، وبما كان عليه سلف هذه الأمة.

الفرق بين السراويل والبنطلون

السؤال: هل السراويل المذكورة في الأحاديث التي مرت بنا هي ما نسميه اليوم بالبنطلون، أو بينهما فرق؟

الجواب: البنطلون هو من جنس السراويل، إلّا أنّه ضيق يحجم الجسم، ويظهر الأجزاء ويبرزها. والسراويل -كما هو معروف فيها- أنها واسعة، ولا يصل الأمر فيها إلى أن تظهر أجزاء الجسم مثلما تظهر في البنطلونات الحديثة.
حكم مؤاكلة شارب الخمر والدخان
السؤال: هل يجوز أكل الطعام مع شارب الدخان، أو شارب الخمر؟

الجواب: إذا كانت الخمر موجودة فلا يجوز؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يأكل على مائدة يدار فيها الخمر، أو يكون فيها الخمر، وأما أن يأكل الإنسان مع شخص من أصحاب المعاصي فلا بأس في ذلك، ولكن عليه أن يقوم بنصحهم، ويحذرهم من مغبة ما وقعوا فيه من المعاصي، ويبين لهم خطورة ذلك.

المراد من قوله تعالى: ( فاسألوهن من وراء حجاب )

السؤال: ما المراد بقوله تعالى: فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53]، وما المراد بالحجاب؟

الجواب: الحجاب كما هو معلوم هو ما يفصل الإنسان عن غيره، كأن يكون من وراء جدار، أو من وراء ساتر، وأيضاً يكون الحجاب بتغطية الوجوه، هذا هو الذي يقال له: حجاب، وهذه الآية هي التي استدل بها على اتخاذ الحجاب.
كيفية التعامل مع النساء في بلاد الكفر
السؤال: ما هي النصيحة لمن يعيش في بلاد الكفار في التعامل مع النساء؟

الجواب: التعامل مع النساء -كما هو معلوم- يكون بابتعاد الرجل عنهن، وعدم اختلاطه بهن، وعدم الاقتراب منهن، وإذا اضطر إلى مخاطبة الواحدة منهن كأن تكون موظفة في مطار، أو في شيء يمر به، فإنه يعاملها بحدود ما لابد له منه، ودون أن ينظر إليها، أو أن يسترسل معها في الكلام، وإنما يتكلم معها بحدود الشيء الذي هو بحاجة إليه، ولا يجوز للرجل إن يصافح النساء، ولا أن ينظر إليهن، وهذا في بلاد الكفار وبلاد المسلمين على السواء.
حكم تَرْكُ الزوجة مدّة طويلة
السؤال: ما الحكم في ترك الزوجة مدة تزيد على نصف سنة؟

الجواب: إذا حصل اتفاق بين الرجل وزوجته على أن يغيب عنها مدة فهذا ليس فيه إشكال، وأما إذا كانت تمانع من ذلك ولا توافق عليه فإذا كان مضطراً لجلب الرزق وما إلى ذلك، فهذه ضرورة، ولكن لا يغيب عنها الغيبة الطويلة، وإذا لم تكن هناك ضرورة فليس للإنسان أن يغيب عن أهله من غير حاجة، ومن غير أمر يقتضي تلك المدة التي يحصل على أهله ضرر فيها.

كيفية زكاة الدين


السؤال: إذا استعار أحد مبلغاً من المال، وجعله رأس ماله في التجارة، فمن الواجب عليه الزكاة هل هو الدائن أو المدين؟ وكيف يكون إخراج الزكاة؟

الجواب: هذا الفعل لا يسمى استعارة؛ فإن الاستعارة هي أخذ عين ينتفع بها ويرجعها، وذلك كأن يستعير قدحاً، أو يستعير إناءً، أو يستعير خيمة، أو يستعير فراشاً، فينتفع به، ثم يرجع عينه، فهذا استفاد من منفعتها وأرجعها، وأما النقود فلا تستعار؛ لأن عينها تتلف، فلا يعقل أن يستعيرها ثم يرجعها كما كانت، فما الفائدة من استعارتها إذن؟! وقد تكون الاستعارة من أجل أن يدلس، فيوهم أن عنده مالاً، وما هو إلّا مال عارية عنده، وأما استعمال المال، وحصول الاستفادة منه فإن ذلك لا يكون إلّا عن طريق القرض. فالإنسان إذا اقترض مالاً وجعله رأس ماله في التجارة فهو من عروض التجارة، فإنه يزكي ما عنده من نقود متوفرة عن سلع قد بيعت، وتقوّم السلع التي لم تبع، ويضم ما قوم إلى النقود المتوفرة، ويخرج ربع العشر، وذلك إذا حال عليها الحول من أول ما بدأ التجارة. وإما الدائن الذي وجبت عليه الزكاة، فإذا كان الشخص الذي اقترض منه مليئاً بحيث إنه إذا طلب منه حقه فإنه يعطيه إياه فإنه يزكيه وكأنه موجود عنده، وإذا كان المقترض ليس عنده قدرة على إعطائه حقه فإنه يزكيه إذا قبضه لعام واحد، وليس لكل السنوات التي مضت، فالمعسر إذا أنظر فلا يزكي الإنسان على ماله الذي عند ذلك المعسر؛ لأنه قد لا يأتي، ولكن المال الذي يزكى هو المال الذي عند الموسر، فهذا المال كأنه عنده، ولو طلبه لأعطي إياه. ولا يقال: إنّ هذا مال واحد زكي عليه مرتين، لأننا نقول: الكلام هنا على أن هذا مال لإنسان، وهذا مال لإنسان، فهذا يعتبر من ماله، وهذا يعتبر من ماله، فزكى كل واحد منهما عن ماله.
كيفية معاملة أفراد جماعة التبليغ
السؤال: إذا التقينا ببعض أفراد جماعة التبليغ في أثناء خروجهم فماذا نفعل؟ هل يجوز لنا أن نصافحهم ونقابلهم؟

الجواب: نعم، صافحهم، وقابلهم، وانصحهم، وادعهم إلى أن يعتنوا بالتوحيد، وبالشيء الذي أرسل الله من أجله الرسل، وأنزل من أجله الكتب، وأن يحرصوا على تعلم العلم النافع، وأن يتكلموا بعلم، فلا مانع من مصافحتهم، ونصحهم، وتوجيههم، وإرشادهم.

حكم تسمية علم التوحيد بعلم الكلام وإنكار الخلاف العقدي بين أهل السنة والشيعة

السؤال: وجدت في كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته) للدكتور وهبة الزحيلي ، في المجلد الأول: أنه يسمي علم التوحيد بعلم الكلام، ويقول: إن اختلاف الشيعة الإمامية مع أهل السنة لا يرجع إلى العقيدة أو الفقه، وإنما يرجع إلى ناحية الحكومة والإمامة، فهل هذا الكلام من كلام أهل السنة؟

الجواب: ليس هذا الكلام من كلام أهل السنة والجماعة، وأصحاب العقائد المنحرفة يسمون علم التوحيد بعلم الكلام. وأما قضية الخلاف مع الشيعة، وأنه ليس اختلافاً في العقائد، فهذا الكلام غير صحيح، فأهل السنة والجماعة يختلفون مع الشيعة في كثير من العقائد، وفي أمور مختلفة، فالشيعة عندهم أنّ الحق هو ما جاء من عند الأئمة، ويقولون: إن كل شيء لم يأتِ به الأئمة فهو باطل، فأهل السنة في وادٍ، وهم في وادٍ آخر، فكيف يقال هذا الكلام؟!

حكم ترك صلاة الجماعة بسبب ضخامة الجسم

السؤال: هل ضخامة الجسم من الأمور التي يعذر بها الشخص عن صلاة الجماعة؟

الجواب: إذا كان الإنسان يتضرر من المشي لضخامة جسمه فإنه يعذر، وأما إذا كان لا يتضرر من ذلك فلا يعذر، بل يصلي جماعة مع الناس.
حكم الصلاة بجوار الحائض
السؤال: إذا صلى الرجل بجوار حائض والدم ينزل منها، لكنها متحفظة، فهل في ملامستها محذور؟

الجواب: ليس هناك محذور؛ لأن المحذور هو ملامسة النجاسة، وأما إذا لمس جسدها أو ثيابها فلا يؤثر.

معنى حديث أنس في نفي علمه بصلاة الضحى

السؤال: قول أنس رضي الله عنه: (لم أره صلى إلا يومئذٍ) يعني: الضحى، هل يدل على النقل المطلق، وأنه غير مقيد بعدد، أم يدل أن النقل مقيد بدليل هذا الحديث وأنه ما صلى إلا لأجل أن يقتدي به الأنصاري؟

الجواب: قول أنس : (ما رأيته صلى إلا يومئذ)، يعني: أنه ما رآه صلى الضحى إلا يومئذ، هذا هو معنى الكلام، وهذا النفي هو بناء على علمه ومشاهدته، وهو لا ينفي ما ثبت في الأحاديث الأخرى التي فيها حثه وترغيبه على صلاة الضحى. ونفي أنس عام، ولم يقيده، فهذا يدل على أنه ينفي علمه بذلك مطلقاً.

حكم طرد الذي يترك الصلاة من البيت

السؤال: هل من حق الوالد أن يخرج ولده من بيته لكونه تاركاً للصلاة؟

الجواب: نعم، من حقه أن يخرجه، لكن ينبغي عليه أن يجتهد في نصحه، وفي إنقاذه، وفي صلاحه وسلامته؛ لعل الله أن يهديه، وإلا فمن حقه أن يخرجه.
حكم الأكل والشرب قائماً أو ماشياً
السؤال: ما حكم الشرب أو الأكل قائماً أو ماشياً؟

الجواب: الأصل في الأكل والشرب أن يكون جالساً، ويجوز قائماً، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وفعل ذلك علي رضي الله عنه؛ ليبين أن ذلك سائغ، وأنه جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن المعروف من هديه ومن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يشرب جالساً، ولكنه فعل ذلك قائماً في بعض الأحيان، فدل على جوازه، وأما ما جاء من النهي عن الشرب قائماً فيحمل على التنزيه لا على التحريم.
حكم لبس النعال المصنوعة من جلود الحيوانات غير مأكولة اللحم
السؤال: هل يجوز لبس النعال المصنوعة من جلد الحيوان غير مأكول اللحم؟

الجواب: الحديث الذي ورد في عدم استعمال جلود السباع يدل على أنها لا تستعمل، وإنما تستعمل إذا كانت مصنوعة من جلد الحيوان مأكول اللحم، وما كان يطهره الدباغ، وهو الذي مات بدون تذكية، وأما الحيوان الذي لا يؤكل فالتذكية وجودها مثل عدمها، وذبيحته ميتة. والله تعالى أعلم."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #173  
قديم 14-11-2022, 09:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [089]
الحلقة (120)


شرح سنن أبي داود [089]

لقد حرص الشرع على صلاح الباطن والظاهر، ومن ذلك أمره بتسوية الصفوف في الصلاة والتراص فيها، وبين أن عدم ذلك يؤدي إلى اختلاف القلوب، فباستقامة الجوارح تستقيم القلوب، وهذا يدل على أن دين الإسلام يهتم بالظاهر والباطن، ويربط بينهما.
ما جاء في تسوية الصفوف

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب الصفوف. باب تسوية الصفوف. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ]. الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب. ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا. وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا. وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف. والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين. أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.

شرح حديث: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب الصفوف. باب تسوية الصفوف. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير قال: سألت سليمان الأعمش عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم جل وعز؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) ]. الإمام أبو داود رحمه الله لا يكثر من ذكر الكتب، وإنما يجمع الأبواب المتعلقة بالطهارة كلها ويجعلها تحت كتاب واحد وهو كتاب الطهارة، ولا يميز الحيض بكتاب، ولا غسل الجنابة بكتاب، ولا التيمم بكتاب. ولكنه عندما يذكر الموضوعات المختلفة فإنه يجمع أحاديث الموضوع الواحد مع بعض، فيجعل أحاديث الجنابة مع بعض، وأحاديث الحيض مع بعض، وأحاديث التيمم مع بعض .. وهكذا، وكذلك لما جاء عند كتاب الصلاة جعل كل ما يتعلق بالصلاة كتاباً واحداً، ولكنه يذكر الموضوعات المختلفة على حدة، فيجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع على حدة، كما سبق أن مر بنا أنه جعل الأوقات على حدة، وبناء المساجد على حدة، والإمامة على حدة، وما يصلى به على حدة .. وهكذا. وهنا ذكر الأبواب المتعلقة بالصفوف، فقال: تفريع أبواب الصفوف، ثم قال: باب تسوية الصفوف، يعني: أن باب تسوية الصفوف من الأبواب المتعلقة بالصفوف، وتسوية الصفوف تكون بإكمال الصف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث .. وهكذا. وفي الصف الواحد تكون التسوية فيه بالتساوي، بحيث يكون كل واحد بحذاء الذي بجواره فلا يتقدم ولا يتأخر عنه، وأيضاً ألّا تكون في الصفوف فرج، فلا بد من التراص في الصفوف. والعبرة في التسوية والتراص هي جهة الإمام، فمن كان عن يمين الإمام فالتقارب إلى جهة اليسار، ومن كان عن يسار الإمام فالتقارب إلى جهة اليمين. أورد المصنف عدة أحاديث تتعلق بتسوية الصفوف، أولها: حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف يصفون؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة، ويتراصون في الصف) أي: يتمون الصف الأول ثم الذي يليه وهكذا، ثم لابد من التراص في الصفوف والتقارب بينها.
تراجم رجال إسناد حديث: ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ... )

قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. هو ثقة، أخرج حديثه البخاري ، وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سألت سليمان الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، لقبه الأعمش وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سألته عن حديث جابر بن سمرة في الصفوف المقدمة، فحدثنا عن المسيب بن رافع ]. يعني: ساق الأعمش الإسناد، إلى جابر بن سمرة . والمسيب بن رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن تميم بن طرفة ]. هو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن جابر ]. جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (... والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن زكريا بن أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه، فقال: أقيموا صفوفكم ثلاثاً، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم، قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه) ]. أورد المصنف حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم بوجهه)، يعني: عندما أراد الصلاة أقبل عليهم بوجهه، وقال: (أقيموا صفوفكم ثلاثاً)، يعني: كررها ثلاثاً. قوله: (والله! لتقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، فهذا فيه دليل على وجوب تسوية الصفوف؛ لأنّ هذا العقاب وهذا الوعيد الشديد لا يكون إلّا على أمر لازم وواجب. قوله: [قال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعب صاحبه]، يعني: أن كل واحد يقرب من صاحبه حتى يلتصق به، وحتى يكون متصلاً به، فلا يكون بين شخص وآخر فجوة، وإنما تكون الصفوف متراصة، ومتقاربة، ويتصل بعضها ببعض. وكما ذكرت سابقاً أنّ العبرة هي جهة الإمام، فيتقارب الناس إلى جهة الإمام، فإذا كان الإمام في جهة فلا يذهبون إلى جهة أخرى ويبتعدون عن الإمام، وإنما يتقاربون إلى جهة الإمام، ويتراصون في جهته. قوله: [والله لتقيمن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم] يعني: أن المخالفة في الظاهر تكون سبباً في المخالفة في الباطن، ومن المعلوم أن القلوب إذا اختلفت وتنافرت فإنه يحصل بذلك الشر الكثير.
تراجم رجال إسناد حديث: ( والله لتقيمنّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين قلوبكم ... )

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زكريا بن أبي زائدة ]. هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي قاسم الجدلي ]. هو حسين بن أبي الحارث وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ قال: سمعت النعمان بن بشير ]. النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الصفة الصحيحة للتسوية في الصف
ما يفعله كثير من الناس من جعل التسوية هي إلصاق أطراف الأصابع فغير صحيح؛ لأن الأرجل تتفاوت في الطول والقصر، فإذا ألصق شخص أصابعه مع أصابع غيره، وكانت رجل هذا طويلة، ورجل هذا قصيرة، فإنها ستتقدم ساق هذا عن ساق هذا، والمطلوب أن تتساوى السوق والركب والمناكب وأن تكون متحاذية. فلو كانت العبرة بأطراف القدمين فإن من كانت رجله طويلة وصف بجواره من رجله قصيرة، وجعل أطراف الأصابع بجنب أطراف الأصابع فإن الذي رجله قصيرة سيكون متقدماً على من رجله طويلة، ولكن حيث يكون الكعب محاذياً للكعب، والمنكب محاذياً للمنكب، والساق محاذياً للساق فسيكون هناك التساوي في الصف.
شرح حديث: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهوكم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف كما يقوم القدح، حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره، فقال: لتسوُّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) ]. أورد المصنف رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يسوي الصفوف كما يسوي القدح، والقدح هو الخشب الذي يكون به النصل، وهو من وسائل الحرب، وتكون هذه القداح متساوية ومتصلاً بعضها ببعض، وليس فيها تقدم ولا تأخر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يسوي الصفوف كهذه الهيئة. فقد نبههم حتى ظن أنهم قد فهموا، فإذا برجل منتبذ صدره، يعني: قد بدا وخرج من بين الناس، فالصف متساوٍ إلا هذا الذي بدا صدره، فعند ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (لتسوُّن صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم). والمخالفة بين الوجوه قيل: تكون بالمخالفة بين القلوب والوجهات، وقيل: تكون تلك المخالفة والعقوبة من جنس الحديث الذي سبق أن مر: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار) يعني: أنه يعاقب فيجعل على هيئة غريبة تخالف ما عليه الناس، فتكون المخالفة في الوجوه إما بهذا، أو بالمخالفة بين القلوب والوجهات كما في الحديث المتقدم: (لتسوون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، فتكون المخالفة في الظاهر سبباً في اختلاف البواطن، وتفاوت القلوب وتنافرها وعدم استقامتها وتآلفها.
تراجم رجال إسناد حديث: ( لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ... )

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو التبوذكي المنقري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم ، وأصحاب السنن. إذا روى موسى بن إسماعيل عن حماد غير منسوب، فالمراد به حماد بن سلمة كما مر بنا ذلك كثيراً. [ عن سماك بن حرب ]. هو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم ، وأصحاب السنن. [ قال: سمعت النعمان بن بشير ]. رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره. قوله: [ (حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا، أقبل ذات يوم بوجهه) ] ليس فيه دلالة على أن الإمام إذا رأى من المأمومين معرفة بهذا الحكم ألا يكرر عليهم ذلك في كل صلاة، بل يكرر ذلك، لكن لكونه يستقبلهم بوجهه ويسوي بينهم كما يسوى القداح لا يفعله دائماً، ولكن كونه يقول: أقيموا صفوفكم، أو استووا، هذا يقوله باستمرار؛ لأن فيه تنبيهاً لهم وبياناً لهذا الأمر المطلوب. ولكن هذه الهيئة الذي كان يفعلها عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، وهي: أنه يسوي الصفوف كما تسوى القداح لم يكن يفعلها دائماً.

شرح حديث: (كان رسول الله يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية)

قال المصنف رحمه الله تعالى: حدثنا [ هناد بن السري وأبو عاصم بن جواس الحنفي عن أبي الأحوص عن منصور عن طلحة اليامي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأُوَل) ]. أورد المصنف حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية) يعني: من ناحية اليمين إلى ناحية اليسار؛ حتى يستوي المناكب والأقدام فيكونون متساوين. قوله: [ يمسح صدورنا ومناكبنا ] أي: حتى تكون متساوية بحيث لا يكون هناك تقدم ولا تأخر، فإذا كان أحدهم متقدماً دفعه بصدره، وإذا كان متأخراً قدمه بمنكبه؛ حتى يكون الصف متساوياً. قوله: [ لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ]، وهذا مثل ما تقدم في الأحاديث. قوله: [ وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأُوَل ]، وهذا يدلنا على فضل الصفوف الأوَل، وأن الصف الأوّل هو خير الصفوف ثم الثاني ثم الثالث .. وهكذا، فكل صف خير من الذي وراءه، والصف الأول هو خير الصفوف كما قال ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) والحديث في ( صحيح مسلم ). والصلاة من الله عز وجل هي الثناء على المصلى عليه، وأما صلاة الملائكة فهي الدعاء.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية...)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هو هناد بن السري أبو السري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم ، وأصحاب السنن. [ وأبو عاصم بن جواس الحنفي ]. هو أحمد بن جواس وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ عن أبي الأحوص ]. هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طلحة اليامي ]. هو طلحة بن مصرف اليامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن عوسجة ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن ]. [ عن البراء بن عازب ]. البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وقد سبق أن مر بنا حديث جابر بن سمرة ، وحديث النعمان بن بشير ، وهؤلاء الثلاثة صحابة أبناء صحابة، فجابر بن سمرة صحابي، وأبوه صحابي، والنعمان بن بشير صحابي، وأبوه صحابي، والبراء بن عازب صحابي، وأبوه صحابي.

شرح حديث: (كان رسول الله يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا خالد بن الحارث حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة عن سماك قال: سمعت النعمان بن بشير أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي صفوفنا إذا قمنا للصلاة، فإذا استوينا كبر) ]. أورد المصنف رحمه الله تعالى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسوي صوفهم إذا قاموا للصلاة، فإذا رأى أن قد استووا كبر ودخل في الصلاة، فهذا يدل على أن الإمام لا يدخل في الصلاة إلّا بعد تسوية الصفوف، وهو يدل أيضاً على عدم صحة ما نقل عن الحنفية من أن الإمام يدخل في الصلاة عند قول المقيم: قد قامت الصلاة، وقبل أن ينهي الإقامة، فإنّ الحديث واضح الدلالة على أنه لا يكبر إلا بعد انتهاء الإقامة وتسوية الصفوف، وليس التكبير عند قول المقيم: قد قامت الصلاة.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة...)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا خالد بن الحارث ]. هو خالد بن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ، قال: سمعت النعمان بن بشير ]. وقد مر ذكرهما.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #174  
قديم 14-11-2022, 09:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي حدثنا ابن وهب ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث وحديث ابن وهب أتم عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر قال قتيبة : عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة لم يذكر ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم -لم يقل عيسى : بأيدي إخوانكم- ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله). قال أبو داود : أبو شجرة : كثير بن مرة . قال أبو داود : ومعنى: (لينوا بأيدي إخوانكم): إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف ]. أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب) أي: أن يكون منكب كل إنسان محاذياً لمنكب الذي بجواره، والمعتبر كما ذكرت هو جهة الإمام. قوله: (وسدوا الخلل) يعني: لا تتركوا فرجاً بين الصفوف، وإنما اجعلوا الصفوف متراصة متقاربة. قوله: (ولينوا بأيدي إخوانكم) فسر اللين بأيدي الإخوان بإنه إذا طلب منه أحد أن يتقدم لكونه متأخراً فإنه يلين ويتقدم، وإذا كان متقدماً وطلب منه أن يتأخر فإنه يتأخر، وإذا كان في الصف فجوة وطلب منه أن يقرب إلى جهة جاره فإنه يقرب، فكل تلك المعاني تدخل تحت قوله: [ (لينوا بأيدي إخوانكم) ] والمراد أن يتحرك إذا طلب منه، وأن يتعاون مع إخوانه في تسوية الصفوف. وفسر المصنف رحمه الله اللين بأن الإنسان إذا أراد أن يدخل في الصف إذا كانت فيه فرجة أو أراد أن يدخل بين شخصين من أجل أن يصل الصف فإن على هذين الشخصين أن يلينا له، وأن يمكناه من الدخول، وألا يمنعاه ولا يحولا دون الوصول إلى ما يريد. قوله: (ولا تذروا فرجات للشيطان)، أي: لا تتركوا فرجات بينكم، فإن الشيطان يدخل من خلالها، ويعجبه ذلك؛ لأن هذا يخالف تسوية الصفوف الذي أمر الله تعالى به، والذي أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، ولأن ذلك يؤدي إلى أن الله يخالف بين وجوهكم وقلوبكم، وهذه من الأشياء التي يريدها الشيطان ويحبها. قوله: (ومن وصل صفاً وصله الله) ، أي: أن يقرب بعضهم من بعض، وإذا كانت هناك فرجة في الصف فإنه يدخل فيها ويسدها، فكل هذا من وصل الصفوف. قوله: (ومن قطع صفاً قطعه الله)، أي: يتسبب في قطع الصف، فالأول يوصله الله بالثواب، والثاني يقطعه من الثواب، أو يحصل له الإثم، أو يعاقبه بضرر يحصل له كما جاء في الحديث (أو ليخالفن الله بين قلوبكم) فتكون هناك منافرة بين القلوب، فهذه عقوبة للقلب، أو تكون عقوبة للوجه كما في الرواية الأخرى، فتحصل مخالفة بين الوجوه.
تراجم رجال إسناد حديث: ( أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ... )

قوله: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي ]. وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح، وحدثنا قتيبة بن سعيد ]. قوله (ح) تعني: تحول من إسناد إلى إسناد، وقتيبة بن سعيد هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. هو الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحديث ابن وهب أتم ]. يعني: الإسناد الأول، فإن أبا داود رحمه الله ذكر هذا الحديث من طريقين: من طريق عيسى بن إبراهيم الغافقي ، عن ابن وهب ، ومن طريق قتيبة بن سعيد ، عن الليث ، وطريق ابن وهب -وهي الطريقة الأولى- أتم. [ عن معاوية بن صالح ]. هو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن ]. [ عن أبي الزاهرية ]. هو حدير بن كريب الحمصي وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن كثير بن مرة ]. وهو: ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال: قتيبة ، عن أبي الزاهرية ، عن أبي شجرة ، لم يذكر ابن عمر ]. يعني: قتيبة الشيخ الثاني في الإسناد الآخر يقول: عن أبي الزاهرية. وقد مر ذكره، عن أبي شجرة. وقد ذُكر في الإسناد الأول باسمه: كثير بن مرة ، وذُكر هنا في الإسناد الثاني بكنيته: أبي شجرة ، والإسناد الأول متصل، والإسناد الثاني مرسل، فإنه لم يذكر ابن عمر ، وإنما هو عن أبي شجرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

معنى قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم)

[ قال أبو داود : ومعنى (لينوا بأيدي إخوانكم): إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه، فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف ]. فهذا من المعاني التي تدخل تحت قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم)، وليس قصراً عليها، لأن منه أيضاً كما ذكرت إذا كان الإنسان متقدماً فطلب منه أن يتأخر فيتأخر، أو كان متأخراً فطلب منه أن يتقدم فيتقدم، أو كان في فجوة فيُطلب منه أن يقترب حتى يسدها فليستجب، أو إذا أراد أن يدخل بين من أمامه حتى يسد فرجة فليتُرك، أو أن يكون هناك سعة فيريد أنه يدخل، فكل هذا يدخل تحت قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم). وتفسير أبي داود تفسير بالمثال، وليس حصراً للين في ذلك، وهذا ما يسمونه التفسير بالمثال، يعني: أن يذكر مثالاً من الأمثلة التي تندرج تحت هذا اللفظ. وهذا الكلام في الصلاة وقبل الصلاة، فلا يجوز للإنسان أن يمتنع، بل عليه وإن كان في الصلاة أن يقترب إذا كان هناك فجوة في الصف، وإذا كان متأخراً فعليه أن يتقدم، وإذا كان متقدماً فعليه أن يتأخر، فإن ذلك من مصلحة الصلاة، ومن الأشياء المأمور بها في الصلاة. وبعض الناس إذا أراد أن يتقدم إلى سد فرجة مثلاً فإنه يمشي مشية معينة، فيسحب رجله سحباً؛ لأنها إذا ارتفعت عن الأرض فقد يؤدي ذلك إلى بطلانها بزعمهم، ولا نعلم في ذلك دليلاً، ولكن كون الإنسان يمشي بهدوء فهذا شيء مطلوب، فلا يتقدم بسرعة، ولا يقفز قفزاً، بل يمشي بهدوء.

شرح حديث: (رصوا صفوفكم وقاربوا بينها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا أبان ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف). أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (رصوا صفوفكم) يعني: تقاربوا فيها وتراصوا فيها كما يتراص البنيان، وكما يتقارب البنيان، فإذا أنتم فعلتم هذا التقارب والتراص الذي يكون فيه كل واحد ملتصقاً بالذي جواره فإنها لا تكون هناك فجوة، ولا تكون هناك فرج أو خلل بين الصفوف. قوله: (وقاربوا بينها) يعني: قاربوا بين الصفوف بحيث لا يكون هناك صف بعيد عن صف، ولا تكون هناك فجوة كبيرة بين الصف والصف. قوله: (وحاذوا بالأعناق) يعني: أن هذا التراص وهذا التقارب يكون بالمحاذاة بالأعناق والمناكب والأكعب والساق، فلا يكون بأطراف القدمين فقط، ولا أن يحاذي الإنسان ببطنه بطن الذي قبله، لا، وإنما يكون بالمناكب والأعناق والأكعب .. وهكذا. قوله: (فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف) المقصود بالحذف: صغار البهائم والغنم التي تدخل؛ لأنها صغيرة ولطيفة وخفيفة، ومعنى هذا: أن الإنسان لا يدع فرجة بين الصفوف يدخل منها الشيطان؛ لأن الشيطان يريد من الناس ألا يتبعوا السنة، وألا يمتثلوا ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالتراص والتقارب في الصفوف، فعدم ذلك يعجب الشيطان؛ لأن فيه مخالفة لما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن الشياطين تدخل من الخلل أو الفجوات التي تكون بين الصفوف كأنها صغار الغنم.
تراجم رجال إسناد حديث: (رصوا صفوفكم قاربوا بينها ...)

قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأما وضع الحبل الممتد من طرف الصف إلى طرفه لإقامة الصف فما نعلم له وجهاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله، وإنما كان يأمر بتسوية الصفوف وتقاربها. وكذلك وضع اللصقة من أول الصف إلى آخره، أو ما إلى ذلك فليس له وجه، لاسيما اللصقة التي يمكن أن تنخلع بحيث تلتصق رجل المصلي بالفراش، فينشغل الإنسان بذلك في صلاته.

شرح حديث: (سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي و سليمان بن حرب قالا: حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة). المقصود بالصف هنا الجنس، أي: الصفوف. قوله: (فإن تسوية الصف من تمام الصلاة) قد يستدل به بعض أهل العلم على أن التسوية غير واجبة، ولكن الأحاديث التي فيها بيان العقوبة، والتحذير من أن الشيطان يجد خلالاً بين الصفوف يدل على الوجوب. فقوله: (من تمام الصلاة) لا يعني أن التسوية غير واجبة، وإنما يعني أن هذا فيه زيادة في الأجر والثواب، وأنَّ الإنسان يأتي بالشيء الواجب ويثاب عليه، لا أنه أمر مستحب.
تراجم رجال إسناد حديث (سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)

قوله: [حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. هو هشام بن عبد الملك وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وسليمان بن حرب ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ، عن أنس ]. وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (استووا وعدلوا صفوفكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة ، حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، عن محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة أنه قال: صليت إلى جنب أنس بن مالك يوماً فقال: هل تدري لم صنع هذا العود؟ فقلت: لا والله! قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده عليه فيقول: استووا وعدلوا صفوفكم) ]. أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه، أنّ محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة فيقول: (صليت إلى جنب أنس بن مالك فقال: أتدري لما صنع هذا العود؟ قلت: لا والله! قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده عليه، ويقول: استووا، وعدلوا صفوفكم) جاء معناه في أحاديث متقدمة، وكذلك في أحاديث ستأتي بعد، كقوله: (سووا صفوفكم)، وقوله: (استووا)، وقوله: (عدلوا صفوفكم) فكل هذه الأحاديث فيها أمر بتسوية الصفوف، وأما ذكر العود الذي كان يضع يده عليه فلا أدري ما المراد بوضع يده عليه. وهذا الحديث في إسناده شخصان متكلم فيهما، ولكن قوله: (استووا، وعدلوا صفوفكم) جاء معناه في أحاديث عديدة ثابتة، فمعناه صحيح وإن كان هذا الإسناد غير ثابت.
تراجم رجال إسناد حديث (استووا وعدلوا صفوفكم)

قوله: [حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. قتيبة مر ذكره و حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج أحاديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ]. وهو لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن محمد بن مسلم بن السائب صاحب المقصورة ]. هو مقبول، أخرج حديثه أبو داود . فهذا الحديث فيه محمد بن مسلم بن السائب ، وفيه مصعب بن ثابت ، وهما ضعيفان. [ عن أنس ]. وقد مر ذكره.

شرح حديث: (اعتدلوا سووا صفوفكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد ، حدثنا حميد بن الأسود ، حدثنا مصعب بن ثابت ، عن محمد بن مسلم ، عن أنس بهذا الحديث قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه، ثم التفت فقال: اعتدلوا، سووا صفوفكم، ثم أخذه بيساره، فقال: اعتدلوا، سووا صفوفكم) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتسوية الصفوف فيقول: (اعتدلوا سووا صفوفكم) يعني: من جهة اليمين ومن جهة الشمال، وهو مثل الذي قبله.
تراجم رجال إسناد حديث: (اعتدلوا سووا صفوفكم ...)

قوله: [حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج أحاديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا حميد بن الأسود ]. هو صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري ، وأصحاب السنن. [ حدثنا مصعب بن ثابت ، عن محمد بن مسلم ، عن أنس ]. وقد مر ذكر الثلاثة.
شرح حديث: (أتموا الصف المقدَّم، ثم الذي يليه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ، حدثنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه: أن كل صف يتم قبل أن ينشأ الصف الذي وراءه، وإذا كان هناك نقص فليكن في الصف المؤخر، أي: أنه لا ينشأ الصف الثاني والصف الأول لم يكتمل، ولا ينشأ الثالث والصف الثاني لم يكتمل، بل يكمل كل صف، وإن كان هناك نقص فليكن في الصف الأخير، ومن جاء بعد ذلك فليتم هذا الصف، وإن بقي الأمر بدون إتمام فإنه يكون في المؤخر، فهذا من تسوية الصفوف.
تراجم رجال إسناد حديث: (أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. هو صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء ]. هو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن قتادة ، عن أنس ]. قد مر ذكرهما.
شرح حديث: (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن بشار ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان ، أخبرني عمي عمارة بن ثوبان ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة). قال أبو داود : جعفر بن يحيى من أهل مكة ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة) يعني: أنه إذا طلب منه أن يتقدم تقدم، وإذا طلب منه أن يتأخر تأخر، وإذا طلب منه أن يقرب قرب، وهذا في الصلاة كما هو ظاهر في الحديث. وهذا من جنس قوله: (لينوا بأيدي إخوانكم)، وفيه بيان فضل من يكون كذلك، وأن هذا مما يمدح عليه، ويعتبر صاحبه من الخيار.
تراجم رجال إسناد حديث (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة)

قوله: [ حدثنا ابن بشار ]. هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عاصم ]. هو أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جعفر بن يحيى بن ثوبان ]. هو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و ابن ماجة . [ عن عمه عمارة بن ثوبان ]. هو مستور، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود و ابن ماجة . [ عن عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ] هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الأسئلة



حكم وصل الصف المقطوع بجدار أو منبر


السؤال: قد يتحرج الإنسان من أن يتقدم إلى الصف المقدم إذا كان مقطوعاً بسبب جدار أو منبر أو نحو ذلك، فهل يبقى في صفه المؤخر؛ لأنه أتم؟

الجواب: لا، ليس كذلك، بل عليه أن يتقدم، ووجود منبر يقطعه لا يعني ذلك أنه يُترك، بل عليه أن يتقدم، ولو قطع بالمنبر، فإن مثل ذلك لا يؤثر.


حكم رد السلعة بعيب حدث لها بسبب التقادم


السؤال: رجل اشترى كمية من العطور من رجل آخر، وتعاقدا على أن يعطيه الثمن بعد مدة كانت معلومة بينهما، وذهب الرجل المشتري بالعطور وبدأ يبيع للناس حتى حصل له ربح منها، وبعد مدة من الزمن وقبل حلول المدة اكتشف المشتري أن العطور المتبقية لديه قد ذهب ريحها بخلاف ما كانت في الأول، ولم يبين البائع الأول للمشتري ذلك، ثم جاء البائع بعد حلول المدة يطلب ثمنه، فرفض المشتري، وقال له: إنه قد وجد عيباً في العطور، وطلب منه أن يأخذ العطور المتبقية والفلوس التي حصل عليها من العطور التي باعها، فما حكم هذا العقد؟ وهل عمل المشتري هذا صحيح؟ وهل يلزمه أن يدفع له النقود؟

الجواب: لا أدري هل ذهاب الرائحة كان بسبب تقادم العهد، وطول المدة؟ فإذا كان هذا بسبب طول مدة بقائه عند المشتري فليس على البائع شيء؛ لأن ذلك العيب إنما هو بسبب تأخر بقائه عند المشتري."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #175  
قديم 15-12-2022, 09:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [090]
الحلقة (121)

شرح سنن أبي داود [090]


للصلاة في الجماعة جملة من الأحكام الشرعية التي تخصها، ومن ذلك كراهة الصلاة بين السواري، وأن يكون أولو الأحلام والنهى خلف الإمام للفتح عليه ولسد حاجة الاستخلاف، وأن يكون الإمام محاذياً لوسط الصف، وما يتعلق بصلاة المنفرد خلف الصف، واتخاذ السترة، وغير ذلك من الأحكام الشرعية العملية التي ينبغي للمسلم معرفتها.

شرح حديث أنس في اتقائهم الصلاة بين السواري

قال المصنّف رحمه الله تعالى: [ باب الصفوف بين السواري. حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن يحيى بن هانئ ، عن عبد الحميد بن محمود أنه قال: صليت مع أنس بن مالك رضي الله عنه يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فتقدمنا وتأخرنا، فقال أنس : (كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب الصفوف بين السواري ]. والسواري هي: الأعمدة التي تكون في المسجد، والصف بينها لا يجوز؛ لأنها تقطع الصفوف، لكن إذا كان المسجد قد امتلأ، واستكملت الصفوف بالمصلين، واحتاج الناس إلى أن يصفوا بين السواري فلهم ذلك، لكن لا يصف المرء منفرداً بين العمودين، وإنما يصف اثنان فأكثر؛ حتى لا يكون المصلي وحده منفرداً. إذاً: فالصلاة بين السواري لا تسوغ؛ لأنها تقطع الصفوف، ولكنها تجوز عند الحاجة إليها، وذلك عند امتلاء المسجد، واحتياج الناس إلى ذلك كما هو الحال في المسجد الحرام والمسجد النبوي في موسم الحج، حيث يكثر الناس، ويمتلأ المسجد، ويحتاج الناس إلى أن يصفوا بين السواري، فإن ذلك سائغ ولا بأس به. وكذلك إذا صلى الإنسان منفرداً متنفلاً، أو مفترضاً منفرداً قد فاتته الصلاة، فإذا صلى بين ساريتين إلى سترة فإنه لا بأس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قد صلى في الكعبة بين عمودين، فإذا صلى المنفرد بين عمودين فلا بأس بذلك؛ لأن المحذور هو تقطع الصفوف، والمنفرد ليس له شأن في هذا، ولكن كونه يصلي إلى عمود أو سارية يجعلها سترة له هو الأولى. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الحميد بن محمود أنهم كانوا يدفعون من بين السواري، فإما أن يتقدموا وإما أن يتأخروا. قوله: [ فدفعنا إلى السواري ] يعني: عما بين السواري، وقوله: [ فتقدمنا أو تأخرنا ] أي: تقدموا إلى ما قبل السواري، أو تأخروا إلى ما بعد السواري من الصفوف، ولم يمكَّنوا من أن يصفوا بين السواري؛ لأنها تقطع الصفوف، لكن هذا حيث يكون المسجد فيه سعة، ولا يحتاج الناس إلى الصلاة بين السواري. ثم روى عن أنس قوله: [ (كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: كنا نتقي أن نصف بين السواري، وإنما نصف في الصفوف المتصلة التي لا تكون بين السواري.

تراجم رجال إسناد حديث أنس في اتقائهم الصلاة بين السواري

قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. هو الملقب بندار ، البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرحمن ]. هو ابن مهدي ، البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو ابن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، وصف بأنَّه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن هانئ ]. يحيى بن هانئ ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبد الحميد بن محمود ]. عبد الحميد بن محمود صدوق ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أنس ]. أنس رضي الله عنه هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون الصف طويلاً فيه المائة أو أكثر من ذلك، ولكنه بين السواري، فإذا صف الناس في الصف الطويل المكون من مائة أو مائة وخمسين رجلاً وفي طرفه عمود يقطع، فهل يدخل في الكراهة؟ الجواب: مادام أن هناك صفوفاً وراء هذين العمودين، وصفوفاً أمامها، فلا ينبغي أن يصف بين العمودين، أو في المكان الذي يقطعه العمودان، وإنما يكون الصف قبلهما أو بعدهما.

شرح حديث: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر. حدثنا ابن كثير ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر ] يعني: من الذي يستحب أن يكون وراء الإمام في الصف الذي يلي الإمام، بحيث يكون وراءه مباشرة؟ والمقصود أنه يكون في هذا المكان ذوو الأحلام والنهى، ومن يكون من البالغين العقلاء، ومن أهل العلم والمعرفة؛ لأنه إذا كان وراء الإمام من كان كذلك فإنه يفتح عليه إذا حصل منه خطأ في القراءة، وكذلك -أيضاً- لو احتيج إلى الاستخلاف فيكون ذلك الذي يليه صالحاً للاستخلاف إذا طرأ على الإمام شيء في صلاته وأراد أن يقدم أحداً مكانه، فإذا كان الذي يليه من ذوي الأحلام والنهى، ومن أصحاب العقول، ومن أصحاب العلم والمعرفة، فإنه يتقدم ويكمل الصلاة، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، فإنه يتقدم وهو لا يحسن الإمامة، ولا يحسن القراءة، فينبغي أن الذي يليه يكون كبيراً، وعاقلاً، وفاهماً، وعنده علم ومعرفة؛ فإن ذلك فيه عدة فوائد. ولهذا أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) ] يعني الكبار البالغين، فالأحلام قيل: المراد بأهلها من بلغوا الحلم، وهم الذين تجاوزوا الصغر وصاروا من المكلفين. والنُهى: جمع نُهية، وهي: العقل، وسمي العقل نُهية لأنه ينهى صاحبه عما لا ينبغي، وتأتي الأحلام أيضاً بمعنى العقول، كما في قوله تعالى: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الطور:32]. ثم قال صلى الله عليه وسلم: [ (ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ]، يعني أن يلي الإمام من يكونون صالحين للإمامة، ومن يكون عندهم علم ومعرفة ليفتحوا على الإمام إذا حصل منه خطأ في القراءة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا. وقوله: [ وكراهية التأخر ]، يعني: التأخر عن إتمام الصفوف الأول، بحيث ينشأ الصف الثاني قبل اكتمال الأول، أو الثالث قبل اكتمال الثاني، وهكذا، فهذا من التأخر.

تراجم رجال إسناد حديث (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ...)

قوله: [ حدثنا ابن كثير ]. هو: محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة، مر ذكره. [ عن الأعمش ]. هو: سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمارة بن عمير ]. هو: ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي معمر ]. هو: عبد الله بن سخبرة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مسعود ]. هو: عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا خالد ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد: (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق) ]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله: (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، وفيه زيادة: [ (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) ] أي: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وذلك بعدم تسوية الصفوف، وحصول التقدم والتأخر في الصف، وكذلك التأخر عن الصفوف الأُول. وقوله: [ (وإياكم وهيشات الأسواق) ] المقصود به: اللغط والكلام الذي لا قيمة له مما يكون في الأسواق، وكذلك الكلام الذي لا يليق، فإن هذا هو المقصود بهيشات الأسواق، فيمنع ذلك في المساجد؛ لكون الأسواق فيها رفع للأصوات، وفيها اللغط، وفيها الكلام الذي لا ينبغي، وكل هذا مما تنزه وتصان عنه المساجد. وكذلك بالنسبة للأسواق، فينبغي على من كان في السوق أن يجتنب الأشياء التي لا قيمة لها، وأن يجتنب الأشياء التي لا تنبغي، والأشياء التي يحاسب عليها الإنسان، فعلى الإنسان أن يصون المسجد عما لا ينبغي، وأن لا يعامل المساجد معاملة الأسواق، وكذلك -أيضاً- ينبغي له أن يبتعد عن اللغط وما لا ينبغي وإن كان في السوق، وأما المسجد فينبغي أن ينزه عما في السوق مما يذم أو يحمد. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)، وذلك أن المساجد محل ذكر الله عز وجل، ومحل الصلاة والعبادة، وأما الأسواق فهي محل اللغط والكلام الذي لا ينبغي، فكانت المساجد أحب البقاع إلى الله عز وجل، والأسواق أبغض البقاع إلى الله عز وجل.
تراجم رجال إسناد حديث (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)

قوله: [حدثنا مسدد ]. هو: مسدد بن مسرهد ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يزيد بن زريع ]. هو: ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد ]. هو: ابن مهران الحذاء ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي معشر ]. هو: زياد بن كليب ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن إبراهيم ]. هو: ابن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو: ابن قيس بن يزيد النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. هو: ابن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا معاوية بن هشام ، حدثنا سفيان ، عن أسامة بن زيد ، عن عثمان بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة [ (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) ] يعني أن ميامن الصفوف أفضل من مياسرها، وأنها أولى من مياسرها، وهذا الحديث فيه ضعف، ولكن كون الإنسان يصلي في يمين الصف لا شك أنه هو الأولى؛ لعموم الأدلة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه التيمن، واستعمال اليمين، وتقديم اليمين، واختيار اليمين، وهذا في كل ما من شأنه الإكرام، وكل ما كان من الأمور الطيبة، وكذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرصون على أن يكونوا في ميامن الصفوف؛ حتى إذا انصرف الرسول صلى الله عليه وسلم من صلاته يقابلهم بوجهه صلى الله عليه وسلم. فالخلاصة أن الحديث فيه ضعف، ولكن تدل على أفضلية ميامن الصفوف على مياسرها عمومات الأدلة التي تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن.

تراجم رجال إسناد حديث (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف)


[حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا معاوية بن هشام ]. معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في (الأدب المفرد)، و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سفيان ، عن أسامة بن زيد ]. سفيان هو: الثوري مر ذكره، وأسامة بن زيد الليثي صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عثمان بن عروة ]. عثمان بن عروة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن عروة ]. هو: عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال، وامرأة واحدة، وهذه المرأة الواحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

مقام الصبيان من الصف


شرح حديث: (ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مقام الصبيان من الصف. حدثنا عيسى بن شاذان ، حدثنا عياش الرقام ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا قرة بن خالد ، حدثنا بديل ، حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم قال: قال أبو مالك الأشعري رضي الله عنه: (ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقام الصلاة، وصف الرجال، وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم، فذكر صلاته، ثم قال: هكذا صلاة، قال عبد الأعلى : لا أحسبه إلا قال: صلاة أمتي ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب مقام الصبيان من الصف ] والمقصود من هذه الترجمة والحديث الذي أورده تحتها أن الصبيان يصفون وراء الرجال، وذلك للحديث الذي أورده أبو داود وفيه كلام، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)، ولما جاء عن ابن عباس أنه قال: (ما كنا نعرف انقصاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير) قيل: لأنه كان مع الصبيان، وصف الصبيان يكون متأخراً. وكذلك يكون الحكم في الجنائز عندما يكون فيها كبار وصبيان ونساء، فإنه يقدم الكبار، ثم الصبيان، ثم النساء وراءهم، وهكذا بالنسبة للصفوف في الصلاة، فيكون الرجال أولاً ثم الصبيان، ثم النساء وراءهم، وهذا فيما إذا لم يترتب على ذلك مضرة بأن يحصل منهم لعب وتشويش وما إلى ذلك، وإلا فإنهم إذا صفوا وهم مميزون مع الناس فلا بأس بذلك، لكن لا يكونون في الصفوف المتقدمة، ولا يكونون قريبين من الإمام؛ لأن هذا يخالف ما جاء عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى). وقد أورد الإمام أبو داود رحمه الله حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه قال: [ ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقام الصلاة، وصف الرجال، وصف خلفهم الغلمان ] يعني: جعل الرجال يصفون في الصفوف الأول، والغلمان يصفون وراءهم، وقال: [ هكذا صلاة ] من غير إضافة. قال عبد الأعلى : [ لا أحسبه إلا قال: صلاة أمتي ]. وقوله: [ (صلاة أمتي) ] يعني أنهم يصفون بهذه الطريقة: الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء وراءهم إذا كان معهم نساء.

تراجم رجال إسناد حديث (ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ...)


قوله: [حدثنا عيسى بن شاذان ]. عيسى بن شاذان ثقة، أخرج له أبو داود وحده. [ حدثنا عياش الرقام ]. هو عياش بن الوليد الرقام ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الأعلى ]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قرة بن خالد ]. قرة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا بديل ]. هو ابن ميسرة العقيلي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا شهر بن حوشب ]. شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في (الأدب المفرد)، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن غنم ]. عبد الرحمن بن غنم قيل: إنه معدود في الصحابة، وقيل: من ثقات التابعين، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [عن أبي مالك الأشعري ]. أبو مالك الأشعري رضي الله عنه حديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . وفي سند هذا الحديث شخص متكلم فيه، وهو شهر بن حوشب.

صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول


شرح حديث: (خير صفوف الرجال أولها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول. حدثنا محمد بن الصباح البزاز ، حدثنا خالد و إسماعيل بن زكريا ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب صف النساء، وكراهية التأخر عن الصف الأول ]، يعني: في حق الرجال؛ لأنه ورد في بعض الأحاديث ذكر كراهية التأخر، والنساء يؤخرن عن الرجال، وصفوفهن تكون مؤخرة عن صفوف الرجال، ولو كانت هناك امرأة واحدة فإنها تصف وحدها، كما جاء في حديث أنس : (صففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز خلفنا)، بل إن الرجل إذا صلى ومعه امرأة فإنها تصف وراءه، ولا تصف بجواره؛ لأن صفوف النساء مؤخرة عن صفوف الرجال، ولا يصاف الرجل امرأة، وكذلك المرأة لا تصاف رجلاً، وإنما تصاف المرأة المرأة، أو تكون صفاً وحدها. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة [ (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) ]، فكان خير صفوف الرجال أولها لقربه من الإمام، ولبعده عن النساء، وكان شر صفوف الرجال آخرها لبعده وتأخره عن الإمام، ولقربه من النساء، وكان خير صفوف النساء آخرها لبعده عن الرجال، وكان شرها أولها لقربه من الرجال، فقد تحصل فتنة. وكون خير صفوف النساء آخرها هذا فيما إذا كانت الصفوف متصلة، أو أن الرجال ليس بينهم وبين النساء فاصل، لكن إذا وجد مصلى خاص بالنساء، فلا الرجال يرون النساء، ولا النساء يرين الرجال، فإن تقدمهن في الصفوف الأول هو الأولى؛ لأن المحذور قد زال بوجود التميز والانفصال، فالمحذور يكون حيث يرى الرجال النساء والنساء يرين الرجال. فإذا وجد ما يحجز بينهما فإن النساء يتقدمن في الصفوف الأول، ولا يكن في الصف الآخر، فالمحذور قد زال، والذي يخشى منه -وهو فتنة الرجال بالنساء وفتنة النساء بالرجال- قد زال، فيتقدمن والحالة هذه كما لو صلين جماعة وحدهن، فإن الصفوف المتقدمة من صفوف النساء حيث يصلين وحدهن أولى وخير من الصفوف المتأخرة.

تراجم رجال إسناد حديث (خير صفوف الرجال أولها ...)

قوله: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. محمد بن الصباح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وإسماعيل بن زكريا ]. هو الخلقاني ، صدوق يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. وهو أبو صالح ذكوان السمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا عبد الرزاق ، عن عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار) ]. هذا الحديث يتعلق بالشق الثاني من الترجمة السابقة، فقد قال: [ باب صفوف النساء، وكراهية التأخر عن الصف الأول ]، يعني: في حق الرجال، وليس في حق النساء؛ لأنّ كراهية التأخر عن الصف الأول إنما هو في حق الرجال، وكذلك في حق النساء إذا صلين وحدهن، فإنهن يتقدمن إلى الصف الأول ولا يتأخرن. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار) ] يعني أنهم يعاقبون، فيكون الجزاء من جنس العمل، حيث تأخروا ولم يقوموا بواجب تسوية الصفوف، وإكمال الصف الأول فالأول، فترتب على ذلك أن يؤخرهم الله في النار، وأن يعاقبهم في النار، فيكون هذا التأخر سبباً في تأخر الثواب عنهم، وفي وقوعهم في النار، وتأخرهم عمَّن يتقدم إلى الجنة، لكن من المعلوم أن كل من دخل النار وهو ليس من الكفار إنه لابد من أن يصل إلى الجنة، ولا يخلد في النار إلا الكفار الذين هم أهلها.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول)
قوله: [حدثنا يحيى بن معين ]. يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار صدوق يغلط، وروايته عن يحيى بن أبي كثير مضطربة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن . [ عن يحيى بن أبي كثير ]. يحيى بن أبي كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها. وهذا الحديث ضعيف، إلّا أنه وردت أحاديث بمعناه، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله). وهذا الحديث هو في التأخر عن الصف الأول، وأما التخلف عن الجماعة فقد ورد فيه وعيد شديد ليس هذا مجال ذكره، فالحديث هنا هو عن التأخر عن الصف الأول، فترى الرجل يأتي المسجد ولكنه لا يبالي أين يصف، فيصف كيفما اتفق، والأصل -كما عرفنا- أنه لا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث، وهكذا.

شرح حديث: (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من قبلكم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل و محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا أبو الأشهب ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بعض أصحابه تأخراً فقال: [ (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل) ] يعني أنّ الجزاء من جنس العمل، أي: تأخروا فأخروا عن دخول الجنة، وأخروا في النار، ولكن عرفنا من قبل أن من دخل النار ولم يكن كافراً لابد من أن يخرج منها وأن يدخل الجنة، ولا يبقى في النار أبداً إلا الكفار الذين هم أهلها، فلا سبيل لهم إلى الخروج منها.

تراجم رجال إسناد حديث (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من قبلكم)
قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ومحمد بن عبد الله الخزاعي ]. محمد بن عبد الله الخزاعي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا أبو الأشهب ]. هو جعفر بن حيان العطاردي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نضرة ]. هو المنذر بن مالك ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم ، وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ]. هو: سعد بن مالك بن سنان ، مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #176  
قديم 15-12-2022, 09:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

مقام الإمام من الصف


شرح حديث: (وسطوا الإمام وسدوا الخلل)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مقام الإمام من الصف. حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن يحيى بن بشير بن خلاد ، عن أمه أنها دخلت على محمد بن كعب القرظي فسمعته يقول: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل) ]. أورد أبو داود [ باب مقام الإمام من الصف ] أي: أين يقف الإمام من الصف؟ هل يقف في وسطه، أو في طرفه من جهة اليمين، أو من جهة الشمال؟ والجواب أنه يكون في وسط الصف ولا يكون في الطرف؛ لأنه إذا توسط سمعه من على اليمين ومن على الشمال، وإذا كان في الطرف فإنه لا يسمعه من كان في الجهة المقابلة، وكذلك إذا توسط الإمام فإنه يقتدي به من يكون حوله من جهة اليمين وجهة الشمال، بخلاف ما إذا كان في الطرف فإنه لا يشاهده ولا يراه إلا من كان في ذلك الطرف. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل) ]. قوله: [ (وسطوا الإمام) ] أي: اجعلوه في الوسط عند الاصطفاف. وهذا الحديث فيه ضعف؛ إذ فيه مجهولان، لكن معناه صحيح، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي لم يكن يصلي في الطرف، وإنما كان يصلي في الوسط، وكذلك المساجد عندما تبنى فإن محاريبها تكون في وسطها، ولا تكون في أطرافها. وأما قوله: [ (سدوا الخلل) ] فقد جاء في أحاديث عديدة، وقد مر بعضها في (باب تسوية الصفوف).

تراجم رجال إسناد حديث (وسطوا الإمام وسدوا الخلل)


قوله: [حدثنا جعفر بن مسافر ]. جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن أبي فديك ]. هو: محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن بشير بن خلاد ]. يحيى بن بشير بن خلاد مجهول الحال، أخرج حديثه أبو داود . [عن أمه ]. وهي مجهولة، أخرج حديثها أبو داود . [ عن محمد بن كعب ]. هو القرظي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، وقد مر ذكره.

الرجل يصلي وحده خلف الصف


شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف. حدثنا سليمان بن حرب و حفص بن عمر ، قالا: حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن هلال بن يساف ، عن عمرو بن راشد ، عن وابصة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد) قال سليمان بن حرب : الصلاة ]. ثم أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [ باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف ] يعني: ما حكم صلاته؟ أي أن ذلك لا يجوز، وصلاته غير صحيحة كما دل عليه هذا الحديث على خلاف بين أهل العلم في ذلك، لكن الحديث الذي أورده أبو داود دال على أن صلاته غير صحيحة؛ لأنه أمره بالإعادة، وما ذلك إلا لعدم إجزاء الصلاة، ولو كانت مجزئة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة. وقد اختلف أهل العلم في صلاة المنفرد خلف الصف: فمنهم من أجاز ذلك، وقال: إن حديث أبي بكرة الذي سيأتي دال على ذلك؛ لأنه ركع قبل الصف، فما دام أن بعض أجزاء الصلاة وقع وهو منفرد، وصح منه ذلك، فإن صلاته كلها تكون كذلك؛ لأن جزءاً من أجزائها قد اعتُبر مع وقوعه دون الصف، فتكون الصلاة كلها صحيحة ومعتبرة، قالوا: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة إنما هو من أجل الاستحباب، وذلك جمع بينه وبين حديث أبي بكرة . وقال بعض أهل العلم: إن صلاته خلف الصف وحده لا تجوز، وإذا فعل ذلك فإن صلاته لا تصح، وعليه أن يعيدها؛ لظاهر الحديث. وأما حديث أبي بكرة رضي الله عنه فقالوا: إنه دبّ راكعاً وأدرك الركوع وراء الإمام في الصف، وعلى هذا فلم يحصل شيء مستقل في ركوعه دون الصف، ولكنه فعل ذلك خشية أن تفوته الركعة فركع ودب، فليس فيه ما يدل على أنه حصل الرفع من الركوع قبل أن يصل أبو بكرة رضي الله عنه إلى الصف. وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يصلي خلف الصف، إلا إذا كان لا يستطيع أن يصلي إلا بهذه الطريقة، كأن يكون الناس الذين يصلون في هذا المسجد محصورين، وقد حضروا جميعهم، فلم يبق أحد حتى ينتظره، ولو لم يصل مع الجماعة فإنها تفوته، ولم يكن متأخراً عن الجماعة، بل جاء إليها، وإذا تيسر للإنسان أن يدخل ويصلي عن يمين الإمام فإن هذا يكون مناسباً؛ لأنه بذلك يكون صف بجوار الإمام، ولا بأس بذلك عند الحاجة إليه. لكن لو كان الإنسان غير مفرط ولا مقصر، وصلى وحده مضطراً إلى ذلك فإن صلاته تصح والحالة هذه، أما إذا كان هناك تقصير أو تفريط، وصلى الإنسان وحده مع إمكانه أن يدخل في الصف فإن صلاته تكون حينئذٍ باطلة، وعليه الإعادة.


تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة

قوله: [حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحفص بن عمر ]. وهو النمري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، مر ذكره. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن يساف ]. هلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن راشد ]. هو مقبول، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن وابصة ]. وهو: وابصة بن معبد ، صاحب رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وجاء حديث آخر عن غير وابصة دال على ما دل عليه حديث وابصة .

الرجل يركع دون الصف


شرح حديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يركع دون الصف. حدثنا حميد بن مسعدة ، أن يزيد بن زريع حدثهم حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن زياد الأعلم ، حدثنا الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه حدث أنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب: الرجل يركع دون الصف ]، يعني: ما حكم ذلك؟ هل ذلك سائغ أم غير سائغ؟ والذي دل عليه الحديث الذي أورده أبو داود أن الإنسان لا يفعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة رضي الله عنه، ولكنه قال: [ (ولا تعد) ] يعني: لا تعد إلى مثل هذا، فدل هذا على أن الإنسان يمشي وعليه السكينة حتى يصل إلى الصف ثم يركع، فما أدركه صلاه، وما لم يدركه فإنه يتمه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، فلا يأت الإنسان وهو يسعى، وإنما يأتي ماشياً، ويستمر ماشياً حتى يصل إلى الصف، فإن ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فإنه يكون قد أدرك الركعة، وإلا فإنه يقضي ما فاته بعد سلام الإمام. وأورد المصنف حديث: أبي بكرة قال: دخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركعت دون الصف، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (زادك الله حرصاً ولا تعد) ].

تراجم رجال إسناد حديث (زادك الله حرصاً ولا تعد)

قوله: [ حدثنا حميد بن مسعدة ]. حميد بن مسعدة صدوق، أخرج حديثه مسلم ، وأصحاب السنن. [ أن يزيد بن زريع حدثهم]. يزيد بن زرع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زياد الأعلم ]. هو زياد بن حسان الأعلم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكرة ]. هو نفيع بن الحارث ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد) وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا زياد الأعلم ، عن الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء ورسول الله راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: (أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال: أبو بكرة : أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً ولا تعد). قال أبو داود : زياد الأعلم : زياد بن فلان بن قرة ، وهو ابن خالة يونس بن عبيد ]. أورد أبو داود حديث. أبي بكرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. قد مر ذكره. [ حدثنا حماد ، عن زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ]. حماد هو ابن سلمة ، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ]. قد مر ذكرهم. قوله: [ قال أبو داود : زياد الأعلم : زياد بن فلان بن قرة ، وهو ابن خالة يونس بن عبيد ]. في (التقريب): زياد بن حسان بن قرة . فما أدري كيف جاءت كلمة (فلان) هذه، وهل المراد أنه أبهم اسمه وذكر جده؟ إذ قد يذكر الشخص إذا كان غير معروف وكان الذي بعده معروفاً فيقال: (ابن فلان) أي: بدلاً من أن يسميه يأتي بكلمة (فلان)، وكملة (وفلان) يؤتى بها لكل أحد، فيقال: (فلان بن فلان) وهي كناية عن الشخص الذي يبهم اسمه.

تفريع أبواب السترة


شرح حديث: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب السترة. باب ما يستر المصلي: حدثنا محمد بن كثير العبدي ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. يقول المصنّف رحمه الله: [ تفريع أبواب السترة ]. أي: سترة المصلي التي يتخذها أمامه سترة له، و(أل) في السترة عوض عن المضاف إليه، أي: سترة المصلي، وهي تكون شيئاً شاخصاً أمام المصلي كعمود ثابت، أو عصا يغرزها في الأرض، أو أي شيء بارز يجعله أمامه؛ ليكون سترة يمنع المرور بين يدي المصلي، وأما المرور وراءه فيجوز. ثم قال المصنّف رحمه الله: [ باب ما يستر المصلي ] يعني: ممَّ تكون السترة؟ أو من أي شيء تكون السترة؟ أو بماذا تكون السترة؟ والمقصود أن السترة تكون بأي شيء شاخص، أو بأي شيء بارز يلفت نظر من يريد أن يمر، فإذا رآه عرف أن هذه سترة تمنع من المرور بين يدي المصلي. فإذا أراد أحد أن يمرّ بين السترة وبين المصلي فإنه يرده ويمنعه كما جاء في الحديث. والسترة إما أن تكون عموداً، أو جداراً، وهذه من الأشياء الثابتة المستقرة، أو تكون من الأشياء المتحركة أو المتنقلة، كالحجر الكبير، أو العصا التي تغرز، أو الدابة ونحوها، فكل هذا تصلح أن تكون سترة. وقد أورد أبو داود حديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. ومؤخرة الرحل: هي العود الذي يستند إليه الراكب عندما يوضع الرحل فوق البعير، فيكون وراء محل الراكب عود مرتفع قليلاً أقل من الذراع يستند إليه الراكب، فالسترة مثل مؤخرة الرحل، فيقول: [ (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. والمقصود بقوله: [ (إذا جعلت بين يديك) ] يعني: أمامك، (فلا يضرك من مر بين يديك) أي: من وراء السترة، وليس المقصود أنه يمر بينه وبين السترة؛ لأن السترة إنما جعلت من أجل أن لا يمر أحد بينه وبينها. فإذا جعل الإنسان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فلا يضره من مر بين يديه، أي: بعد السترة، فتكون السترة هي الحد الفاصل الذي لا يمكن لأحد أن يمر بينه وبينها، ومن مر من ورائها فله ذلك. ويكفي في ارتفاع السترة أن يكون ربع متر أو أقل من ذلك، فمؤخرة الرحل أقل من الذراع.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل ...)

قوله: [حدثنا محمد بن كثير العبدي ]. محمد بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسرائيل ]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ]. هو ابن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم ، وأصحاب السنن. [ عن موسى بن طلحة ]. موسى بن طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه طلحة بن عبيد الله ]. هو أبيه: طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، فقال عليه الصلاة والسلام: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيده بن الجراح في الجنة) فهؤلاء عشرة أشخاص سردهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد، وبشرهم بالجنة. وقيل لهم: العشرة لإنهم سُردوا في حديث واحد، وليس لإن شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة مختصة بهؤلاء العشرة ومقصورة عليهم، بل هناك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من شهد له بالجنة سواهم، كثابت بن قيس بن شماس ، وعكاشة بن محصن ، والحسن و الحسين و فاطمة .. وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاءت أحاديث تشهد لكل واحد من هؤلاء بالجنة، وكذلك غيرهم ممن ثبتت شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة، ولكن اشتهر هؤلاء بلقب العشرة؛ لأنهم سردوا في حديث واحد، وبشروا بالجنة. و طلحة بن عبيد الله الذي معنا في هذا الإسناد رضي الله تعالى عنه وأرضاه هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح أثر: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء أنه قال: آخرة الرحل ذراع فما فوقه ]. أورد أبو داود إسناداً إلى عطاء بن أبي رباح، فهو مقطوع؛ لأن المتن الذي ينتهي إلى من دون الصحابي يقال له: مقطوع، والمتن الذي ينتهي إلى الصحابي يقال له: موقوف، والمتن الذي ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع. وهذا المتن من قول عطاء بن أبي رباح، فهو مقطوع، قال: [ آخرة الرحل ذراع فما فوقه ]، قلت: وقد تكون أقل من ذراع، والمقصود وجود شيء شاخص وبارز يشاهده ويعاينه المارة، فيعلمون أنه سترة أمام هذا الذي يصلي، فيبتعدون عن المرور بينه وبينها. والسترة -كما هو معلوم- يتخذها الإمام والمنفرد، وأما المأموم فلا يتخذها؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين.

تراجم رجال إسناد أثر: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو ابن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا ابن نمير ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثَمَّ اتخذها الأمراء) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنها: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد أخذ حربة) ] وهي العصا التي في آخرها حديدة، فتغرز في الأرض ليتخذها الإنسان سترة، وهذا يبين لنا أن السترة قد تكون غليظة وسميكة، وقد تكون خفيفة ودقيقة، فإن العصا دقيقة، ومؤخرة الرحل أسمك منها وأمتن، وأسمك من ذلك عمود السارية التي يقوم عليها بناء المسجد مثلاً، فكل ذلك يقال له: سترة، واتخاذ العنزة أو الحربة يدل على أن أي شيء شاخص ولو كان خفيفاً ودقيقاً يحصل به المقصود؛ لأن المقصود هو تنبيه من يريد أن يمر إلى أن هذه سترة، فعليه أن لا يمرّ بين المصلي وبينها، وإنما يمر من ورائها إذا أراد أن يمر. وكذلك إذا لم يكن هناك سترة فعلى الإنسان أن يترك مقدار ثلاثة أذرع من قدم المصلي، وليمشِ من وراء ذلك؛ لأن المصلي إذا لم يتخذ سترة فإنه لا يملك ما أمامه من الفضاء، فيجوز للمار أن يمرّ إذا ترك مقدار ثلاثة أذرع من قدمه. قوله: [ (كان إذا خرج يوم العيد يأمر بالحربة فتوضع بين يديه) ] يعني: تغرز في الأرض، [ (فيصلي إليها والناس وراءه) ] أي أن الإمام هو الذي يتخذ السترة، وأما المأمومون فلا يتخذون سترة؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين، ولا بأس بالمرور بين الصفوف، ولكن لا ينبغي أن يمر بينها إلا لحاجة، كأن يريد أن يذهب إلى فرجة، أو يصل صفاً، وأما إذا لم يكن هناك حاجة فلا يمر؛ لأن هذا فيه تشويش على المصلين، فالسترة إنما هي للإمام، وليست للمأمومين، وكذلك يتخذ السترة -أيضاً- المصلي المنفرد، وأما المأموم فإنه لا سترة له تخصه، بل سترة الإمام هي سترة له. قوله: [ (وكان يفعل ذلك في السفر) ] يعني أنه يأخذ العنزة فيغرزها أمامه ويصلي إليها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فكان يفعل ذلك في العيد لأنه يخرج إلى الفضاء، وكذلك في السفر حيث يصلي في فضاء، فتتخذ العصا بين يديه، ويصلي إليها صلى الله عليه وسلم، وأما في الحضر فإنه يصلي إلى جدار، أو إلى عمود، أو إلى شيء شاخص في المساجد أو البيوت. قوله: [ فمن هنا اتخذها الأمراء ] يعني أنهم اتخذوها لصلاة العيد، ويحتمل هذا أنهم اتخذوا حربته صلى الله عليه وسلم، أو أنهم كانوا يتخذون أيّ حربة.

تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه)

قوله: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا ابن نمير ]. ابن نمير هو عبد الله بن نمير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل المشهور، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر و ابن عمرو و ابن عباس و ابن الزبير ، وهو -أيضاً- أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد و أنس و جابر و عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله: المكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

شرح حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء الظهر والعصر وبين يديه عنزة...
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء -وبين يديه عنزة- الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمر خلف العنزة المرأة والحمار) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في بطحاء مكة الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وكان يصلي إلى عنزة، وهي: العصا التي في رأسها حديدة. قوله: [ يمر خلف العنزة المرأة والحمار ] يعني أن ذلك لا يؤثر، فمرور المار من وراء السترة -سواءٌ أكان امرأة، أم حماراً، أم كلباً، أم غير ذلك لا يؤثر في الصلاة شيئاً.

تراجم رجال إسناد حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر وبين يديه عنزة


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي [ حدثنا شعبة ]. شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عون بن أبي جحيفة ]. عون بن أبي جحيفة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو: أبو جحيفة ، وهو: وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا من الأسانيد الرباعية التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود ، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، وهذا أعلى ما يكون عنده، ومثله مسلم والنسائي ، فهؤلاء الثلاثة ليس عندهم أعلى من الرباعيات، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، بين البخاري وبين رسول الله صلى عليه وسلم فيها ثلاثة أشخاص: صحابي، وتابعي، وتابع تابعي، ومعنى هذا أن شيخ البخاري يكون من أتباع التابعين في الأحاديث الثلاثيات، وأما الترمذي فعنده حديث واحد ثلاثي، وأما ابن ماجة فعنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، وذلك الإسناد ضعيف.


الأسئلة



حكم جذب المنفرد خلف الصف امرأ من الصف ليصلي بجانبه

السؤال: قال النووي في (مجموعه): إذا لم يجد الداخل فرجة ولا سعة فالصحيح أنه يستحب أن يجذب إلى نفسه واحداً من الصف، ويستحب للمجذوب مساعدته. فما صحة هذا القول؟

الجواب: ورد في هذا حديث ضعيف، وهو حديث الاجترار، ولكنه حديث ضعيف لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا استطاع أن يصف بجوار الإمام فلاشك في أنه أولى.


حكم من صلى منفرداً خلف الصف ثم صف بجواره آخرون

السؤال: من ركع وحده خلف الصف ورفع ثم تلاحق به المأمومون بعد ذلك فما حكم ركعته؟

الجواب: مقتضى الحديث السابق أنها لا تعتبر صلاته؛ لأنه أمره بالإعادة، فقد يكون من القياس أن الجزء الذي فعله وحده كما لو فعل الصلاة كاملة كذلك، أي أنه يقضي ما صلاه منفرداً. فالقياس على مسألة ما لو صلى الصلاة كلها منفرداً فيعيد أنه إذا حصل شيء منها يعامل معاملة الكل، فمعنى هذا أنه يقضي هذا الذي فعله وحده. ولا يقال: إن أبا بكرة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة ما صلاه قبل الصف منفرداً، فإنا نقول: ليس هناك شيء يبين أنه ما أدرك الإمام وهو راكع، فقد مشى ودب وهو راكع، ودخل في الصف، فليس هناك شيء يفيد بإنه أتى بالركوع قبل أن يصل، وأنه وصل إلى الصف وقد قام الإمام، ولو كان الأمر كذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعد)، يعني أنه لا يجوز ذلك الفعل، لكنه أقره في هذه المرة، بمعنى أنه لا يفعله مرة ثانية، والنهي هنا للتحريم. والمعروف في هذا اللفظ والذي ضبطه العلماء أنه: (لا تَعُد) من العود، وقال بعضهم: إنه (لا تَعْدُ) من العَدْو، وقال بعضهم: (لا تُعِد) من الإعادة، لكن المشهور والمعروف هو الأول. ولو كان المقصود الإعادة لما احتاج إلى أن يقول إلى أن يقول: (لا تعد)، وإنما يقول له: (أعد) إذا كان الأمر يتطلب ذلك، لكن قوله: [ (زادك الله حرصاً) ] معناه أنك أديت ما عليك، لكن لا تكرر هذا الفعل مرّة أخرى."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #177  
قديم 15-12-2022, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [091]
الحلقة (122)

شرح سنن أبي داود [091]

الصلاة شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وقد شرعت لها أحكام خاصة تزيد من رفعة قدرها وتحقق المراد منها، ومن تلك الأحكام: اتخاذ السترة، فقد شرع للمصلي أن يتخذ سترة في صلاته وأن يدنو منها ليمر المار بعدها فلا يقطع عليه صلاته، وتتخذ السترة من شاخص كجدار أو عمود، ويصح أن يستتر بعصا، فإن لم يجد فله أن يخط خطاً ويجعله سترة لصلاته.

خط المصلي بين يديه إذا لم يجد عصا


شرح حديث الخط بين يدي المصلي


قال رحمه الله تعالى: [ باب الخط إذا لم يجد عصا. حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا إسماعيل بن أمية حدثني أبو عمرو بن محمد بن حريث أنه سمع جده حريثاً يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطاً، ثم لا يضره ما مر أمامه) ]. أورد أبو داود -رحمه الله- [باب الخط إذا لم يجد عصا]. فقوله: [باب الخط] يعني: في الأرض إذا لم يجد عصا يغرزها، والمقصود بذلك أنه يخط خطاً في الأرض، فمن يأتي ويرى الخط يعلم أن هذه سترة، وأن المصلي جعل هذا بين يديه سترة حتى يتنبه من يراه فلا يمر بين يديه، وإنما يمر من وراء ذلك الخط. وأورد أبو داود -رحمه الله- حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً). يعني بذلك شيئاً ثابتاً كجدار أو عمود، فإن لم يجد فلينصب عصا في الأرض ويغرزها بحيث تكون منتصبة قائمة، فمن يراها يعلم أنها سترة للمصلي، ومعنى هذا أن السترة بالعصا تتخذ حيث لا يوجد شيء ثابت كالجدار وكالعمود يصلي الإنسان إليه، فإن لم يكن هناك شيء ثابت يجعله سترة له فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطاً مقوساً كأنه محراب، وهذا أحسن ما قيل في تفسيره، وقيل: إنه يكون خطاً مستطيلاً بحيث يعرف من يراه أنه سترة، ولكن المشهور في تفسيره أنه الخط المقوس الذي يكون أمام المصلي كأنه محراب. قوله: [(فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطا ثم لا يضره ما مر أمامه)]. أي: ثم لا يضره ما مر أمام الخط، يعني وراء الخط، وليس أمامه بينه وبين السترة.
تراجم رجال إسناد حديث الخط بين يدي المصلي

قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد هو ابن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ حدثنا بشر بن المفضل ]. بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو عمرو بن محمد بن حريث ]. أبو عمرو بن محمد بن حريث مجهول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة ، وجده حريث كذلك مجهول، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق. والحديث في إسناده رجلان مجهولان، ومن أجل ذلك ضعفه بعض أهل العلم، ولكن بعضهم صححه كابن حبان ، وكذلك حسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، وكذلك صححه غير ابن حبان و ابن حجر . ومن المعلوم أن وجود الخط لا شك أن فيه تنبيهاً للمار بين يدي المصلي بحيث يتنبه إلى أن هذا الخط اتخذه المصلي سترة حيث لم يجد شيئاً شاخصاً، والحافظ في بلوغ المرام ذكره وقال: إنه صححه ابن حبان . قال: ولم يصب من قال: إنه مضطرب، بل هو حديث حسن. وفي عون المعبود عزى تصحيحه إلى غير ابن حبان ، فالذي يظهر أن الإنسان عندما لا يجد شيئاً شاخصاً يجعله أمامه كحجر كبير أو عصا أو غير ذلك فإنه يخط خطاً في الأرض ويصلي إليه.

شرح حديث الخط بين يدي المصلي من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا علي -يعني ابن المديني - عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده -رجل من بني عذرة- عن أبي هريرة عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم أنه قال، فذكر حديث الخط، قال سفيان : لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجيء إلا من هذا الوجه. قال: قلت لسفيان : إنهم يختلفون فيه. فتفكر ساعة ثم قال: ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو . قال سفيان : قدم ههنا رجل بعدما مات إسماعيل بن أمية فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده فسأله عنه فخلط عليه. قال أبو داود : [وسمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال: هكذا. عرضاً مثل الهلال، قال أبو داود : وسمعت مسدداً قال: قال ابن داود : الخط بالطول. قال أبو داود : وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة فقال: هكذا -يعني بالعرض- حورا دورا مثل الهلال، يعني: منعطفا ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله يتعلق بالخط، وأن الإنسان يتخذه عندما لا يجد شيئاً ثابتاً ولا متنقلاً كالعصا، وبعد ذلك ذكر أبو داود أن سفيان بن عيينة قال: [لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه]. فقيل له: [إنهم يختلفون فيه. فتفكر ساعة ثم قال: ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو ]. هذا معناه أنهم يختلفون في الشخص الذي روي عنه، فتفكر سفيان ساعة ثم قال: [(ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو )]. قوله: [ قال سفيان : قدم ههنا رجل بعدما مات إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل هو الراوي عن أبي محمد بن عمرو ، فمعناه أن التلميذ مات قبل الشيخ، والرجل الذي قدم غير معروف عندي. وقوله: [(فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده فسأله عنه فخلط عليه)]. أي أن أبا محمد خلط في الحديث فلم يضبطه حين سأله عنه ذلك الرجل القادم.

كلام سفيان بن عيينة في الراوي أبي محمد بن عمر


وصف الخط الذي يخط سترة للمصلي


قوله: [ قال أبو داود : وسمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال: هكذا. عرضاً مثل الهلال]. هذا فيه أن الإمام أحمد يقول بالخط، ولهذا وصفه بأنه يكون عرضاً كالهلال، يعني: كالمحراب بين يدي المصلي. قوله: [ قال أبو داود : وسمعت مسدداً قال: قال ابن داود : الخط بالطول] معنى ذلك أنه يخطه أمامه طولاً، فيكون الذي أمام المصلي هو طرف الخط؛ لأنه يكون مستطيلاً إلى جهة الأمام ليس معترضاً كما في التفسير الأول الذي جاء عن الإمام أحمد ، وإنما يكون مستطيلاً وطرفه إلى جهة المصلي، والطرف الآخر في الجهة الأمامية المقابلة. قوله: [ قال أبو داود : وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة فقال: هكذا -يعني بالعرض- حوراً دوراً مثل الهلال ]. أي: عرضاً مثل الهلال. وقوله: (حوراً دوراً) يعني أنه مائل منعطف مستدير كالهلال، فلا فرق بين هذا التفسير والتفسير الأول؛ لأنه أخبر أنه منحنٍ ومنعطف وليس مستقيماً بالطول، وإنما فيه انعطاف كالهلال.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #178  
قديم 15-12-2022, 09:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لذكر الخط

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. محمد بن يحيى بن فارس هو الذهلي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا علي -يعني ابن المديني- ]. هو علي بن عبد الله بن المديني ، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير. [ عن سفيان ]. هو ابن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث ]. هؤلاء مر ذكرهم. وأما أبو محمد بن عمرو بن حريث فقد اختلف في اسمه، ولهذا قيل لسفيان : (إنهم يختلفون فيه). وقال سفيان : (ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو ). فعكس الاسم، ففي الإسناد: أبو عمرو بن محمد ، وهنا أبو محمد بن عمرو ، فهم يختلفون في كنيته واسمه. [قال ابن داود ]. في إحدى النسخ أن ابن داود هو عبد الله بن داود الخريبي ، وعبد الله بن داود الخريبي هو من طبقة شيوخ أبي داود ، وليس المراد أبا داود الطيالسي ، وإنما هو عبد الله بن داود الخريبي ، فأبوه داود ، وأبو داود الطيالسي أبوه داود ، وذاك سليمان وهذا عبد الله . و عبد الله بن داود الخريبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال الكلمة المشهورة: ليس هناك آية أشد على أصحاب جهم من قول الله عز وجل: لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19] قال: لأن من بلغه القرآن فكأنما سمع كلام الله من الله. ونقلها عنه الحافظ ابن حجر ، وذكرتها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري. والحديث الذي معنا فيه مجهولان، وقد صححه ابن حبان وحسنه ابن حجر في البلوغ، ولا أعرف سبب التصحيح، فهل لكونه قد عرف المجهولان أم أن هناك شيئاً آخر، وكذلك الإمام أحمد كما يبدو من التفسير، وقد ذكر عنه في (عون المعبود) وعن شخص آخر أنهما صححا الحديث.

شرح حديث وضع القلنسوة سترة بين يدي المصلي


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان بن عيينة قال: رأيت شريكاً صلى بنا في جنازة العصر فوضع قلنسوته بين يديه. يعني: في فريضة حضرت ]. ذكر عن شريك -وهو ابن عبد الله القاضي النخعي الكوفي - أنه صلى بهم في جنازة العصر -يعني: في فريضة حضرت- فوضع قلنسوته بين يديه، والقلنسوة نوع مما يتخذ فوق الرأس من الألبسة، أي أنه اتخذها سترة، وهذا فيه أن السترة تكون من شيء شاخص ولو كان نازلاً، ومن المعلوم أن الخط أخفض وأنزل من القلنسوة، وكذلك العصا إذا كانت معترضة فهي أخفض من القلنسوة، والقلنسوة أرفع .

تراجم رجال إسناد حديث وضع القلنسوة سترة بين يدي المصلي


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ]. هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري المخرمي ، من نسل المسور بن مخرمة ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سفيان بن عيينة قال: رأيت شريكاً ]. سفيان بن عيينة مر ذكره، وشريك هو ابن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. وهو غير شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، فشريك هذا متقدم يروي عن أنس ، وهو الذي روى عن أنس الحديث الطويل في الإسراء الذي فيه أغلاط عديدة جاءت من طريقه.
الصلاة إلى الراحلة


شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة إلى الراحلة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة ووهب بن بقية وابن أبي خلف وعبد الله بن سعيد قال عثمان : حدثنا أبو خالد قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير) ]. أورد أبو داود رحمه الله [باب الصلاة إلى الراحلة]، أي: كون الراحلة باركة ومعقولة أمام المصلي فيصلي إليها ويتخذها سترة، ولا بأس بذلك، وهذا يدلنا على أن الستر تكون من الأشياء الثابتة ومن الأشياء المتنقلة، سواءٌ أكانت من العصيِّ أم كانت من الحيوانات، كل ذلك يجوز أن يتخذ سترة. وأورد حديث ابن عمر: )أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير) يعني أنه بعير بارك يصلي إليه، وهذا لا ينافي ما جاء من النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن إبل المعاطن غير الراحلة التي تكون مع الإنسان في سفره، وتكون باركة معقولة بعقالها فيصلي إليها ويتخذها سترة، وعلة النهي عن الصلاة في المعاطن قيل: هي لرائحتها أو ما فيها من رائحة البول ورائحة تعطين الإبل فيها، وقيل: لأنها مأوى الشياطين. وقيل: لأنها خلقت من الشياطين. وقيل: لأنها قد تأتي فتزعج الإنسان الذي يصلي إذا كان يصلي في معاطنها. فالصلاة إلى البعير لا تنافي النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن المقصود هنا كون البعير معقولاً وصلى إليه وجعله سترة، وأما الأماكن التي تبرك فيها وتتمرغ فيها وتأوي إليها بعدما تشرب الماء وتعطن فيها فمنهي عن الصلاة فيها.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير )


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ ووهب بن بقية ]. وهب بن بقية ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي . [ وابن أبي خلف ]. هو محمد بن أحمد بن أبي خلف ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود . [ وعبد الله بن سعيد ]. عبد الله بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: عثمان ]. يعني أن اللفظ هو لفظ عثمان الشيخ الأول. قال: [ حدثنا أبو خالد ]. أبو خالد هو سليمان بن حيان الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه


شرح حديث (ما رأيت رسول الله يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه. حدثنا محمود بن خالد الدمشقي حدثنا علي بن عياش حدثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل عن المهلب بن حجر البهراني عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها رضي الله عنه قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمدا) ]. أورد أبو داود [باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها أي يجعلها منه]. يعني: هل يجعلها أمامه رأساً أو ينحرف عنها قليلاً إلى جهة اليمين أو إلى جهة اليسار؟ قوله: [ سارية ] يعني كون الإنسان يتخذ العمود سترة. وقول المقداد بن الأسود [ (عود) ] يعني: كالعصا [ (ولا شجرة) ] أي: كونه يصلي إلى شجرة، يعني بذلك شيئاً ثابتاً كالعمود، وفي الحديث دليل على أن الإنسان لا يصمد إلى السترة ويجعلها أمامه رأساً بل ينحرف عنها، ولكن الحديث في إسناده مجاهيل، فهو غير ثابت، والأمر في ذلك واسع، فإن صمد إليها أو جعلها أمامه رأساً أو انحرف عنها يميناً أو شمالاً كل ذلك لا بأس به؛ لأن السترة أمامه، وتكون علامة على أنها سترة، فمن يأتي يمر من ورائها ولا يمر بين المصلي وبينها.

تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت رسول الله يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن ...)


قوله: [ حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ]. محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا علي بن عياش ]. علي بن عياش ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل ]. أبو عبيدة الوليد بن كامل لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود والنسائي . [ عن المهلب بن حجر البهراني ]. المهلب بن حجر البهراني مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود ]. ضباعة بنت المقداد وهي مجهولة لا يعرف حالها، أخرج حديثها أبو داود والنسائي . [ عن أبيها ]. هو المقداد بن الأسود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث فيه مجهولان ولين الحديث.
الصلاة إلى المتحدثين والنيام


شرح حديث (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: قلت له -يعني: لعمر بن عبد العزيز - : حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث) ] قوله: [ باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام ] يعني بيان حكمها. والمقصود أنه لا يصلى إلى المتحدثين ولا النيام؛ لأن المتحدث يشغل المصلي، والنائم قد يحصل منه اضطراب ويحصل منه تحرك، وقد يحصل منه أشياء في نومه لا يعلمها، فيكون في ذلك تشويش على المصلي. لكن جاء حديث عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي مادة قدميها في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت قدميها) فهذا يدل على أنه لا بأس بالصلاة خلف النائم، أو خلف المضطجع، وأنه يكون أمام المصلي، وأنه لا بأس بذلك، ولكن الأولى عدمه إذا أمكن؛ لأنه -كما هو معلوم- قد يحصل من الإنسان في صلاته في نومه أشياء لا تنبغي، وقد يتحرك ويضطرب، وقد يحصل منه كلام في نومه، وقد يحصل منه خروج ريح لها صوت وما إلى ذلك من الأشياء، أما من حيث الجواز فهو جائز؛ لما جاء في قصة عائشة رضي الله عنها وأرضاها. فالنائم عرفنا وجه عدم الصلاة وراءه، والمتحدث كذلك، لكن بالنسبة للنائم -كما عرفنا- جاء حديث عائشة أنها كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعة نائمة والبيوت يومئذ ليس لها مصابيح، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها، وإذا قام مدتهما. أما استقبال الرجل في الصلاة، مثل إنسان مستقبل القبلة وجاء شخص في الصف الثاني يصلي وأصبح في الظاهر كأنه مستقبلاً له فما نعلم أن شيئاً يمنع من هذا، إذا لم يكن هناك حديث ولا كلام وإنما هو جالس أمامه مستقبل القبلة أو مستدبرها.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن ]. عبد الملك بن محمد بن أيمن مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق ]. عبد الله بن يعقوب بن إسحاق مجهول الحال، أخرج له أبو داود والترمذي [ عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي ]. قوله: [ عمن حدثه ] يعني بذلك شخصاً مبهماً. [ عن محمد بن كعب القرظي ]. محمد بن كعب القرظي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ]. هو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر بن عبد العزيز ليس من رجال الإسناد، ولكن محمد بن كعب حدثه عن ابن عباس بهذا الحديث. فالحديث فيه مجهولان، وفيه مبهم غير مسمى، والحديث حسنه الألباني ، لكن لا أدري ما وجه تحسينه إلا إذا كان له شواهد، وقد ورد على خلافه فيما يتعلق بالنائم حديث عائشة !"




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #179  
قديم 15-12-2022, 09:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [092]
الحلقة (123)

شرح سنن أبي داود [092]

يشرع للمصلي أن يتخذ سترة أمامه وأن يدنو منها بحيث يكون بين موضع سجوده وبينها ممر عنز، ويجوز للمار أن يمر بين يديه من وراء السترة، ولا يجوز له أن يمر بينه وبينها، كما لا يجوز له أن يمر بين يديه ولو لم يكن له سترة، وللمصلي أن يدفعه بيديه إن مر، فإن أبى فليقاتله.

الدنو من السترة


شرح حديث (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الدنو من السترة. حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا سفيان ، ح:وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وحامد بن يحيى وابن السرح قالوا: حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته). قال أبو داود : ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد رضي الله عنهما. واختلف في إسناده]. قوله: [ باب الدنو من السترة ]. المصلي يضع سترة إذا كان إماماً أو منفرداً ويدنوا منها، فلا يجعل السترة ثم يكون بينه وبينها مسافة طويلة، وإنما يكون بينه وبينها مقدار ما بينهوبين موضع سجوده، بحيث إذا سجد يكون رأسه عندها، فلا تكون الفجوة واسعة بينه وبينها، وإنما يدنوا منها ويكون قريباً منها، وذلك بحيث تكون عند رأسه إذا سجد، فهذا هو الدنو من السترة. وذلك لأن الإنسان إذا دنا من السترة حصل له قصود منها، بخلاف ما إذا كانت بعيدة، فليس له ذلك، ولا يحجز المسافة الطويلة بالسترة، وإنما يكون قريباً منها. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه قال: [(إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته)]. وقوله: [ (لا يقطع الشيطان عليه صلاته) ] أي: أنه يشوش عليه صلاته بسبب عدم وجود السترة، أو بسبب وجود المسافة الطويلة بينه وبينها فيتسبب في نقصانها . وهذا فيه الدلالة على الدنو من السترة، وأن المصلي يكون قريباً منها ولا يكون بعيداً عنها.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ أخبرنا سفيان ]. هو ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. قوله: [ ح ] للتحول من إسناد إلى إسناد. وعثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ وحامد بن يحيى ]. حامد بن يحيى ثقة، أخرج له أبو داود وحده. [ وابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة . [ قالوا: حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم ]. صفوان بن سليم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع بن جبير ]. نافع بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل بن أبي حثمة ]. سهل بن أبي حثمة صحابي رضي الله عنه، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ] يعني: يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. لأن عبارتي (يبلغ به) و(يرفعه) كلتاهما بمعنىً واحد. [ قال أبو داود : ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم ] قوله: [ ورواه واقد بن محمد ]. هو صدوق ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن صفوان ]. صفوان مر ذكره. [ عن محمد بن سهل عن أبيه ].. أبوه هو سهل بن أبي حثمة ، وقد مر ذكره. قوله: [ أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم ].. معناه أنه مرسل ليس أبوه بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يرفعه محمد بن سهل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد ]. سهل بن سعد لعله الساعدي ، وهو صحابي آخر. قوله: [ واختلف في إسناده ]. هذا الكلام الذي مر هو من الاختلاف في إسناد الحديث، ولكن ذلك لا يؤثر؛ فإن الحديث في الدنو من السترة وكون المصلي يدنو منها ثابت، ولا يؤثر هذا الاختلاف في الإسناد.

شرح حديث (كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي والنفيلي قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: أخبرني أبي عن سهل رضي الله عنه أنه قال: (وكان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز). قال أبو داود : الخبر للنفيلي ]. أورد أبو داود حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: (كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز). يعني أنه كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين السترة ممر عنز، ومعناه أنه مقدار يسير على قدر سجوده، وهذا فيه إشارة إلى الدنو من السترة, لكونه لم يكن بينه وبين القبلة -أي: السترة- إلا ممر عنز، فمعناه أنه قريب منها. قوله: [ قال أبو داود : الخبر للنفيلي ]. النفيلي هو الشيخ الثاني لأبي داود ، فشيخه الأول القعنبي ، وشيخه الثاني النفيلي ، والخبر سياقه للنفيلي ، أي: ليس هذا سياق شيخه الأول وإنما سياق شيخه الثاني الذي هو النفيلي .

تراجم رجال إسناد حديث (كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ والنفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ]. عبد العزيز بن أبي حازم صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: أخبرني أبي ]. أبوه هو سلمة بن دينار أبو حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل ]. هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه



شرح حديث (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه. حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان) ] أورد أبو داود هذه الترجمة [ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه]. يعني: ما يؤمر به المصلي من الدرء عن المرور بين يديه بحيث يدرأ من مر بين يديه، فمعناه أنه يمنعه ويحول بينه وبين المرور إذا مرَّ بينه وبين السترة، أما إذا كان من وراء السترة فإن له ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى السترة فيمر من ورائها من يمر، فالممنوع هو المرور بينه وبين سترته، أما المرور من وراء السترة فلا بأس به ولا مانع منه. قوله: [ (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحد يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع) ] يعني: يمنعه بالتي هي أحسن قدر ما يستطيع؛ لأنه قد يكون ساهياً أو غافلاً، فإذا مدّ الإنسان يده يتنبه، وبدون ذلك قد لا ينتبه، ولكنه إذا مد الإنسان يده له تنبه فيبتعد عن المرور بين يدي المصلي، فهو يدرؤه ما استطاع، أي: بأسهل شيء، وذلك بأن يمد يده حتى يتنبه.
المقصود بالمقاتلة في حديث السترة وعلتها

قوله: [ (فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان) ] يعني أنه إذا رده ومع ذلك لم يحصل امتناعه فليقاتله، أي: يدفعه بقوة، وليس المقصود من المقاتلة أنه يعمل على قتله، وإنما يدفعه بقوة، ففي أول مرة يدرأ بسهولة؛ لأنه قد يكون غافلاً، ولكنه إذا رأى أنه ليس بساهٍ وإنما هو منتبه ولكنه يريد أن يقطع فليقاتله فإنما هو شيطان؛ لأن هذا هو عمل الشيطان، ومن المعلوم أن الإنس فيهم شياطين والجن فيهم شياطين، وشياطين الجن يكونون مع الإنسان، وما من إنسان إلا ومعه قرين من الجن وقرين من الملائكة، ولهذا جاء في بعض الروايات: (فإن معه القرين) يعني القرين من الجن، فيكون هو الذي يدفعه إلى ذلك، وهو الذي يجعله يقدم على ذلك. إذاً: فمنع المصلي من يمر بين يديه يكون أولاً بالتي هي أحسن، وذلك بأن يمد يده حتى ينبهه، فقد يكون غافلاً فيتذكر فيتنبه، فإن رآه غير غافل ولا لاه ولكنه عازم على أن يمر بين يديه فإنه يدفعه بقوة وبشدة، وعلل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [(فإنه شيطان)] يعني: هذا الذي أقدم وحصل منه المخالفة وحصل منه الإصرار على ارتكاب الأمر المحرم هو شيطان، فإما أن يكون المراد أنه شيطان من شياطين الإنس، أو أنه معه القرين من الجن الذي يدفعه ويسول له الأمر المنكر ويرغبه في الأمر المنكر حتى يقدم عليه وحتى لا يحصل منه الابتعاد عما لا ينبغي.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه)

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك ]. مالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي سعيدالخدري ]. عبد الرحمن بن أبي سعيد ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري ، صحابي مشهور بكنيتهأبي سعيد ، ونسبته الخدري ، وهو أحد الصحابة السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولفظ الحديث يقتضي أنه لا يدع أحداً يمر بين يديه، سواءٌ أكان له سترة أم لم يكن سترة، ولا يدع أحداً ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً حتى الأطفال والحيوانات.
شرح حديث (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها) ثم ساق معناه ] أورد هنا حديث أبي سعيد من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم فيه الدنو من السترة وأن الإنسان يصلي إلى سترة، ومع ذلك يدنو من السترة ولا يكون بعيداً منها. وقوله: [ (فليصل إلى سترة) ] أمر حمله بعض العلماء على الوجوب، وبعضهم قال: إن ذلك للاستحباب. وذلك لأنه جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى غير جدار.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة)

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو خالد ]. هو سليمان بن حيان الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه ]. قد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ثم أخبرنا أبو أحمد الزبيري أخبرنا مسرة بن معبد اللخمي -لقيته بالكوفة- قال: حدثني أبو عبيد حاجب سليمان قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائما يصلي فذهبت أمر بين يديه فردني، ثم قال: حدثني أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل) ] أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل) ومعناه أنه يمنع من يمر بينه وبين السترة.

تراجم رجال إسناد حديث (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل)

قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ]. أحمد بن أبي سريج الرازي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ ثم أخبرنا أبو أحمد الزبيري ]. أبو أحمد الزبيري شيخ لأحمد بن أبي سريج ، ولعل قوله: (ثم أخبرنا) يعني أنه معطوف على شيء محذوف، أي أخبرنا بكذا ثم أخبرنا بكذا. فذكر الشيء على ما جاء عليه وأبقى اللفظ للإشارة إلى أن هناك شيئاً متقدماً، مثل قوله: (وأخبرنا) فهي تأتي في بعض الروايات عن فلان قال: (وأخبرنا) فتكون الواو عاطفة على شيء محذوف، أي: على شيء متقدم، وكذلك هنا قوله: (ثم أخبرنا) يدل على أن (ثم) عاطفة على شيء متقدم. والقائل: (ثم أخبرنا) هو أحمد بن سريج ، وليس أبا داود . وأبو أحمد الزبيري هو محمد بن عبد الله بن الزبير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا مسرة بن معبد اللخمي ]. مسرة بن معبد اللخمي صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود . [ حدثني أبو عبيد حاجب سليمان ]. أبو عبيد حاجب سليمان ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي . [ قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي ]. عطاء بن يزيد الليثي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو سعيد الخدري ]. مر ذكره.
شرح حديث (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - عن حميد -يعني ابن هلال - قال: قال أبو صالح : أحدثك عما رأيت من أبي سعيد وسمعته منه؟ دخل أبو سعيد على مروان فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان). قال أبو داود : قال سفيان الثوري : يمر الرجل يتبختر بين يدي وأنا أصلي فأمنعه ويمر الضعيف فلا أمنعه]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله في كون المار بين يدي المصلي يدفع، وإن أبى فليقاتله. وأما قول سفيان فغريب؛ لأن لفظ الحديث عام في المنع من المرور ودرء المار، ولا فرق بين متبختر وضعيف، وإنما الإنسان يمنع الجميع، بل يمنع الصغار ويمنع الحيوانات.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - ]. سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد -يعني ابن هلال - ]. حميد بن هلال ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. قال: [ قال أبو صالح ]. هو ذكوان السمان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أحدثك عما رأيت من أبي سعيد ]. قد مرَّ ذكره.
ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي


شرح حديث (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي. حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم رضي الله عنهما يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي، فقال أبو جهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه) . قال أبو النضر : لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [(باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي )]. يعني: ما ينهى عنه المار؛ لأن الأحاديث التي تقدمت هي للمصلي، وأنه يَدرأُ ويَمنع، وأما هذا فنهي للمار، وأنه لا يجوز له أن يمر، وبيان خطورة ذلك، وأنه لو يعلم ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي، ومعنى ذلك أنه لو يعلم المار ماذا عليه من الإثم لكان وقوفه لينتظر هذا الذي يصلي ليفرغ من صلاته مدة طويلة خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي. قوله: [ قال أبو النضر : لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة ]. يعني أربعين سنة، أو أربعين شهراً، أو أربعين يوماً، وكل ذلك صعب، حتى لو كان أربعين دقيقة، فكونه يجب أن يقف هذه المدة لا شك في أنها كثيرة في حق إنسان يريد أن يتجاوز، وكونه يقف مدة طويلة يكون خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي إنما هو لأن المرور خطير يؤدي إلى إثم عظيم على الإنسان المار، فأبهم، ولو كان المراد يوماً ليس شهراً ولا سنة فمعنى ذلك أنه شيء كثير وأنه شيء عظيم، فإذا كان وقوفه هذه المدة خيراً من أن يمر فمعنى هذا أن المرور في غاية الخطورة، فهذا فيه تحذيرٌ وتنفير من المرور بين يدي المصلي.
تراجم رجال إسناد حديث (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه...)

قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ]. أبو النضر هو سالم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بسر بن سعيد ]. بسر بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم ]. المعنى أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم ، وزيد بن خالد ليس من رجال الإسناد، وإنما بسر يروي عن أبي جهيم ، وكان زيد بن خالد هو الذي أرسله يسأل، ومعنى هذا أن بسراً سمع من أبي جهيم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو جهيم صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #180  
قديم 15-12-2022, 09:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

الأسئلة



حكم وضع العصا ملقاة على الأرض معترضة سترة للمصلي


السؤال: لو أن المصلي ألقى العصا إلقاءً بدلاً من أن يغرزها سترة له في الصلاة، فما الحكم؟

الجواب: هي أوضح من الخط، ولكن كونه يجعلها مغروزة أولى، وإن ألقاها معترضة أو مستطيلة ورأسها قريبٌ منه فإنها حينئذٍ مثل الخط أو أوضح من الخط.

حكم السترة

السؤال: ما حكم السترة؟

الجواب: السترة قال بوجوبها بعض العلماء، وأكثر العلماء قالوا إنها مستحبة وليست بواجبة.

حكم اتخاذ الخط سترة مع وجود الشاخص

السؤال: هل يجوز اتخاذ الخط مع وجود العصا والشاخص؟

الجواب: لا ينبغي أن يتخذ المصلي الخط إلا عند عدم وجود شيء شاخص، سواء أكان ثابتاً أم متنقلاً كالعصا.

نشأة المحاريب وحكم اتخاذها في المساجد

السؤال: هل كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم محراب في زمنه؟ وما حكم اتخاذ المحاريب في المساجد؟

الجواب: ما نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ محراباً، ولكن السلف اتخذوا المحاريب، وفيها فائدة، وهي علامة القبلة واتجاه القبلة، وكذلك تحديد مكان الإمام، بحيث يبدأ الناس منه من جهة اليمين ومن جهة الشمال، ولا بأس بذلك.

حكم محاذاة صفوف النساء صفوف الرجال مع الفاصل بينهم

السؤال: ما حكم محاذاة صفوف النساء لصفوف الرجال إذا كان يفصل بينهم فاصل؟

الجواب: ليس هناك بأس إذا كان بينهم جدار أو ساتر، فالنساء يصلين في المكان الخاص بهن والرجال من وراء الساتر بجوارهن، فلا بأس بذلك ولا مانع منه؛ لأنه ليس هناك مسافة، فالنساء مستقلات بالمكان الخاص بهن، والرجال مستقلون بالمكان الخاص بهم.

حكم الدراسة في المدارس والجامعات التي بها اختلاط

السؤال: ما توجيهكم لمن يدرس العلوم الدنيوية في المدارس أو الجامعات التي يكون بها اختلاط؟

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يدرس في المدارس التي فيها اختلاط، اللهم إلا إذا كان مضطراً لذلك، وليبتعد عن النساء؛ لأن الرجل يمكن أن يبتعد عن النساء، وأما المرأة فإنها لا تستطيع أن تبتعد؛ لأن الرجال أنفسهم يقربون منها ويتصلون بها ويؤذونها، فلا يجوز لها أن تدرس في المكان المختلط، بخلاف الرجل فإنه يستطيع أن يبتعد عن المرأة، فإذا كان يستطيع أن يدرس من غير أن يكون هناك اختلاط فلا شك في أن هذا خير، وإن لم يكن هناك إلا الاختلاط فإنه يدرس ولكن يبتعد عن النساء. أما المرأة فإنه لا يجوز لها أن تدرس مع الاختلاط؛ لأنها لا تستطيع أن تتخلص من الرجال، ولا تستطيع أن تبتعد عن الرجال؛ لأن الخبثاء من الرجال يضايقونها ويتصلون بها ويقربون منها ويؤذونها ويفعلون معها ما لا ينبغي أن يفعل، ففرق بين الرجل والمرأة، فالرجل إذا وجد دراسة فيها اختلاط يبتعد إن لم يجد مكاناً غير مختلط، وبإمكان الرجل أن يبتعد عن المرأة، أما المرأة فلا يجوز لها ذلك، ولا تدرس دراسة فيها اختلاط؛ لأن الرجال يقربون من النساء ويؤذون النساء ويعاكسونهن.

حكم الاستدلال بأقوال المنحرفين عن المنهج السلفي فيما يوافق الدين


السؤال: ما حكم أخذ أقوال بعض المنحرفين عن المنهج السلفي فيما يوافق بعض المسائل في الدين؟

الجواب: لا حاجة إلى كون الإنسان يبحث عن أقوال من عندهم انحراف، فيكفيه أقوال الذين لا انحراف عندهم، ويكفيه ما جاء من النصوص، فإذا كانت المسألة فيها نصوص فالمعول عليه النصوص، ولا حاجة إلى ذكر أقوال من عندهم انحراف، لا سيما إذا كانوا من أهل البدع الذين لا يعتد بمخالفتهم في الإجماع، ووجود خلافهم مثل عدمه، فلا يلتفت إلى مثل هؤلاء، وإنما يعول على كلام أهل العلم الذين هم على منهج السلف وعلى طريقة السلف، سواءٌ أكانوا من المحدثين أم من الفقهاء، كما قال الطحاوي في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة: (وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ). وقد يقال: هل إيراد بعض أقوال هؤلاء المنحرفين في بعض الكتب يجعلها لا تصلح للقراءة؟ والجواب: لا يقال: إنها لا تصلح للقراءة، ولكن الكتب التي تعنى بذكر أقوال العلماء المحققين وأقوال العلماء الذين هم على سلامة وهم مراجع في العلم لا شك في أنها أولى من غيرها، ولكن لا يقال: لا تقرأ بعض الكتب التي تذكر بعض الأقوال لبعض المخالفين إذا كانوا من أهل البدع، فلا تترك هذه الكتب، وإنما يستفاد منها مع الحذر مما فيها من الأمور التي لا تنبغي.

مخالفة اليهود في صوم يوم عاشوراء وبم تتحقق


السؤال: هل يجب في صوم يوم عاشوراء تحقيق المخالفة لليهود فيه وذلك بصوم يوم التاسع معه، أم أن هذه المخالفة مستحبة؟ وهل يمكن أن تحصل المخالفة بصوم يوم بعده، أم أنه يقتصر على ما ورد في الحديث: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)؟

الجواب: لا شك في أن صيام التاسع والعاشر هو الذي ينبغي، ولكن إذا لم يصم المسلم التاسع فإن المخالفة تكون بأن يضيف إلى العاشر يوماً بعده، وبذلك تحصل المخالفة، لكن كون الإنسان يقصد التاسع مع العاشر هذا هو الذي يتفق مع النص، وهذا هو الذي عزم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

ما يفعله المصلي بعد قيام من اتخذه سترة

السؤال: إذا كانت سترة المصلي رجلاً جالساً ثم قام الرجل وأصبحت المسافة بين المصلي والسترة بعيدة، فما هي المسافة المشروعة للمصلي أن يمشيها ليدنو من السترة؟

الجواب: إذا كان سيمشي خطوتين أو نحو ذلك والسترة قريبة منه فإنه يخطو، وإلا فإنه يبقى، ولكن لا يجوز لأحد أن يمر دون ثلاثة أذرع ابتداءً من قدم المصلي، ومن أراد أن يمر من بعد الثلاثة الأذرع فله ذلك.

أشرطة يتهجم فيها على الصحابة رضي الله تعالى عنهم


السؤال: انتشرت أشرطة في قصص الأنبياء وفضائل الصحابة لأحد الوعاظ، وفيها تهجم على الصحابة، فما قولكم في هذا الواعظ وفي أشرطته؟

الجواب: من يتهجم على الصحابة ويجر الوبال والضرر على نفسه؛ لأن غيبة الناس غير سائغة وحرام ومن الكبائر، فكيف إذا كانت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير الناس، والذين جعلهم الله واسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فما عرف الناس كتاباً وسنة إلا عن طريق الصحابة، وما عرفوا الهدى وما عرفوا النور الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور إلا عن طريق الصحابة، فالذي يتكلم فيهم يجني على نفسه ويجر البلاء على نفسه، وكيف يتكلم في خير الناس وفي أفضل الناس الذين ما كان مثلهم قبلهم، ولا يكون بعدهم مثلهم، فهم خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم هي خير أمة أخرجت للناس، وخير هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، ولهذا يقول العلماء: إذا عرف أن الشخص صحابي فإنه لا يحتاج إلى شيء أكثر من كلمة صحابي؛ لأن الصحبة شرف عظيم، من حصلت له فقد ظفر بخير كثير، ولهذا لا يحتاجون إلى توثيق وتعديل، بل إذا عرف أن الشخص صحابي فيكفيه أن يقال: إنه صحابي. والمجهول فيهم في حكم المعلوم، بخلاف غيرهم، فإنه لا بد من معرفة الرواة حتى يعول على أحاديثهم أو لا يعول على أحاديثهم، أما الصحابة فسواء عرفوا أو جهلوا فالمجهول منهم في حكم المعلوم. ولهذا فالأشرطة التي فيها كلام في الصحابة لا يجوز اقتناؤها، ولا يجوز الاشتغال بها؛ لأن فيها بلاء وفيها قدحاً في خير القرون، وقد قال أبو زرعة الرازي رحمة الله عليه: إذا رأيتم من ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق. وذلك أن الكتاب حق والرسول حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. فالشخص الذي كلامه غير سليم لا يجوز الاشتغال بكلامه ولا الالتفات إليه؛ لأن أهل السنة والجماعة طريقتهم أن تكون ألسنتهم سليمة وقلوبهم سليمة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (العقيدة الواسطية): (ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). فهذا من أصول أهل السنة والجماعة، القلوب سليمة والألسنة سليمة، القلوب سليمة من الغل والحقد والغيظ والألسنة سليمة من القدح والذم والشتم والعيب، ولهذا ذكر الله عز وجل في سورة الحشر ثلاث آيات، آية في المهاجرين، وآية في الأنصار، وآية في الذين يأتون بعدهم مستغفرين لهم سائلين الله أن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم فقال تعالى: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ )) يعني: من بعد المهاجرين والأنصار ((يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ )) فهذه سلامة الألسنة، الألسنة سليمة نظيفة لا تذكرهم إلا بخير ولا تتحرك إلا بالثناء عليهم والدعاء لهم وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:10] وهذه سلامة القلوب من الغل والحقد والغيظ، فهذه هي أصول أهل السنة والجماعة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم. ويقول الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حبهم)، أي: نحبهم فلا نبغضهم، ومع حبنا لا نتجاوز الحدود، فقوله: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يخرج طرف الجفاء وجانب الجفاء، فنحن نحب فلسنا مبغضين ولسنا جفاة، بل نحن محبون، ولما كان الحب ينقسم إلى قسمين: حب باعتدال وحب بغلو وإفراط قال: (ولا نفرط في حبهم). إذاً: خرج الطرفان المذمومان، طرف الإفراط وطرف التفريط، طرف الغلو وطرف الجفاء. قال: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حبهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم) فمن ذكرهم بغير الخير فنحن نبغضه، ومن ذكرهم بسوء فنحن نبغضه، قال: (وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان) لأنهم هم الذين جاءوا بالدين، فما عرفنا الدين إلا عن طريق الصحابة، فحبهم دين وإيمان؛ لأن الإيمان والدين ما عرفا إلا عن طريق الصحابة، والحق ما عرف إلا عن طريق الصحابة، والنور الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وقال عنه: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8] ما عرفه الناس إلا عن طريق الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. فلا يلتفت إلى الكلام الذي فيه نيل من الصحابة، والفتن التي كانت في أيام أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قد صان الله منها أيدينا؛ لأننا ما كنا في زمانهم حتى نشارك فيها، فقد صان الله منها أيدينا، فنسأله أن يصون عنها ألسنتنا، فالذي بقي معنا هو الألسنة، فالأيدي سلمت لأنها ما وجدت في ذلك الزمان حتى تشارك وحتى يكون لها نصيب من تلك الفتنة، فنسأله تعالى أن يصون عنها ألسنتنا. فهذه طريقة أهل السنة والجماعة، لا أن يقوم الإنسان ليفتح فاه ويحرك شفتيه ويحرك لسانه في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، بل سائر الناس لا يتكلم الإنسان فيهم، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، فكيف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، الذين هم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فنحن لا نريد أن نسمع شيئاً من التكلم في الصحابة بما لا ينبغي، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، سواء سمعنا أو ما سمعنا.

حكم سماع الأشرطة التي فيها ذكر الفتنة بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم


السؤال: لو قال قائل: نحن نسمع هذه الأشرطة التي تتحدث عن تلك الفتنة من باب معرفة التاريخ فهل له وجه، أو يقال بالمنع؟

الجواب: ليس للإنسان أن يسمع كل شيء، وإذا أراد أن يسمع فليسمع كلام أهل العدل وأهل الإنصاف وأهل العلم وأهل الفهم، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر (العقيدة الواسطية): (وما قيل عن الصحابة أو أضيف إلى الصحابة فمنه ما هو كذب، ومنه ما هو ضعيف لا يثبت، والصحيح منه هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، والمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد وخطؤه مرفوض). فهذا هو الكلام الجميل، فليس كل ما قيل يسلم به، إذ إن بعض الناس عندما يسمع الشيء ولو كان ليس له صحة يكون ذلك سبباً في كونه ينحاز عن شخص إلى شخص، أو يقع في قلبه شيء على شخص من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والواجب محبة الصحابة جميعاً وموالاتهم جميعاً والثناء عليهم جميعاً، مع معرفة أنهم متفاوتون في الفضل، لكن القدر المشترك هو أنهم يحبون ويتولون ويذكرون بالجميل اللائق بهم، ولا يذكرون إلا بالخير ولا يذكرون بسوء، هذا هو الواجب. فالكلام الذي قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر (الواسطية) هو الكلام الذي عليه نور، والكلام الذي هو الحق، فما ذكر من أشياء أضيفت إليهم منه ما هو كذب، وبعض الناس لا يعرف الكذب، وإنما يسمع الكلام ثم يقع في نفسه بغض أو ميل عن شخص إلى شخص، ومن ذلك المذكور ما هو ضعيف، ومنه ما فيه زيادة، والصحيح منه هم فيه معذورون، ولهذا فمن عقائد أهل السنة والجماعة الكف عما شجر بين الصحابة، لكن إذا عرف الإنسان الحقيقة وعرف المنهج الصحيح فيمكن أنه يطلع ويترك الشيء الذي لم يثبت والذي ليس له قيمة، والذي يصح أن يعتذر فيه عن خير الأمة وأفضل هذه الأمة، فيلتمس لهم أحسن الأعذار ويخرج كلامهم على أحسن المخارج، ولا يجوز للإنسان أن يسمع كلاماً ثم يحصل في قلبه شيء على أحدهم، بل الواجب محبة الجميع، وموالاة الجميع، والترضي عن الجميع، وإحسان الظن بالجميع، وأن يذكر الجميع بالخير، ولا يذكرون بسوء. وقد يقال: هل لا يصلح أن نعمل محاضرات عامة أو دروساً عامة فيما شجر بين الصحابة في أشرطة تسجل وتباع للعالم والجاهل وتنشر بين الناس؟ وأقول: العامة إذا سمعوا شيئاً فغالباً لا يعقلون ولا يفهمون ما يصح وما لا يصح وما ينبغي وما لا ينبغي، وأما أهل العلم فإنهم إذا عرفوا أو إذا كان عندهم قدرة على معرفة ما يصح وما لا يصح فإن الواحد منهم يتحاشى مما لا يصح، ويبقى الصحيح فيلتمس فيه الأعذار.

المرور أمام المصلي ونقصان أجره


السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (فليخطط خطاً ثم لا يضره ما مر أمامه) فهل المرور أمام المصلي ينقص من أجره أخذاًَ من مفهوم المخالفة في الحديث؟

الجواب: لا شك أن ذلك فيه تشويش وفيه انشغال عن الصلاة، ففيه مضرة.


كيفية اتخاذ المصلين الستر حال كونهم في مكان مزدحم


السؤال: كيف يفعل المصلون في منزل ليس فيه سعة؟ فإذا صلى المصلون إلى الجدار فهل يجوز للباقين أن يجعلوا هؤلاء المصلين سترةً لهم؟

الجواب: لا شك في أن الصف الأول يكون سترة للصف الثاني، فالمصلون يكملون الصف الأول، ثم يبدءون بالصف الثاني، فيكون المصلي إلى الجدار سترة لمن خلفه.

حكم القود في دفع المار بين يدي المصلي إذا مات

السؤال: إذا دافع المصلي شخصاً وقاتله فمات فهل عليه القود؟

الجواب: ليس له أن يدفعه دفعاً يموت به.

عدد مرات دفع المار بين يدي المصلي


السؤال: كم عدد مرات الدفع للمار بين يدي المصلي؟

الجواب: يدفعه بقوة، ثم يتركه إذا لم يستطع دفعه، لكن لا يلحقه ولا يذهب يقاتله المقاتلة التي تنهي حياته فيخرج من هذه الحياة بسبب هذا الفعل الذي فعله.

حكم صلاة المقاتل من مر أمامه


السؤال: إذا قاتل المصلي المار بين يديه هل تبطل صلاته؟

الجواب: لا تبطل صلاته، بل هو مأمور بهذا، لكن المصلي لا يذهب بعده ليقاتله، وإنما يدفعه في مكانه، فإذا امتنع دفعه بقوة، وإن ذهب تركه وشأنه ولا يلحقه ليقاتله.

حكم دفع المار عند الزحام الشديد

السؤال: إذا وجد الإنسان زحمة شديدة في المسجد فهل يجوز له أن يتساهل في المرور بين يديه؟

الجواب: لا يجوز، اللهم إلا إذا كان المار مضطر، كما إذا أراد قضاء الحاجة ولا يستطيع أن يصبر، فمثل هذا يذهب وهو معذور إذا ما وجد مندوحة إلا المرور، أما إذا وجد مندوحة ليخرج من صف إلى صف آخر ليس فيه أحد يصلي فهذا هو الذي ينبغي. وعلى كل حال فإن على المصلي أن يدفع المار بين يديه ويرده، والمار إذا كان مضطراً فله أن يمر.

حكم النفث في الماء بعد قراءة الأدعية


السؤال: ما حكم النفث في الإناء بعد قراءة بعض الأدعية وبعض الآيات للاستشفاء به؟

الجواب: إذا كان الإناء فيه ماء فلا بأس بذلك، أما كونه ينفث في إناء خال فهذا لا يفعل، وإنما إذا أراد المرء أن ينفث فلينفث في ماء إذا كان سينقل إلى شخص آخر يستفيد منه، فينفث في ماء أو في شيء سائل يمسك النفث ويختلط به.

السترة في الحرمين


السؤال: هل صحيح أن الإنسان في الحرمين لا يحتاج إلى سترة ولا يمنع المار بين يديه؟

الجواب: ليس هذا بصحيح، بل الذي ينبغي أن المصلي عندما يصلي في أي مكان من المسجد الحرام والمسجد النبوي يصلي إلى سترة، ولكن إذا كان عند المطاف وكان هناك زحام شديد فإن الطائفين أولى من المصلين، فالطائفون أولى من غيرهم وأحق من غيرهم؛ لأن الطائف ليس له مكان يطوف فيه إلا حول الكعبة، وأما المصلي فإنه يجد أماكن مختلفة أو متعددة في المسجد، فيترك المطاف للطائفين، وهم أحق من المصلين. فلا يجوز للمصلين أن يصلوا في المطاف مع شدة الزحام؛ لأن الطائفين أولى به من المصلين، ولا يفعل هذا غالباً إلا أناس مخذولون.

ما يباح النظر إليه من المخطوبة

السؤال: ما الذي يجوز أن ينظر إليه الخاطب من مخطوبته؟

الجواب: ينظر إلى وجهها وإلى يديها، فالشيء الذي يظهر غالباً هو الذي ينظر إليه، ولا ينظر إلى شيء أكثر من ذلك.

حكم الطعن في فتاوى كبار العلماء

السؤال: يوجد بعض الإخوة يطعنون في فتاوى المشايخ الكبار حول كيفية التعاون مع الجماعات الإسلامية، فهل من نصيحة لهؤلاء الإخوة؟

الجواب: نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه، وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه، وأما قضية المشايخ الكبار الذين هم القدوة وهم المرجع فهؤلاء لا يطعن فيهم إلا إنسان ضر نفسه، فقد قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة: (وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل). فالعلماء الكبار الذين يرجع إليهم في الفتوى ويرجع إليهم في العلم إذا تُكلِّم فيهم وإذا قُلِّل من شأنهم فمن الذي يرجع إليه بعدهم؟ ومن العوض عنهم؟! ومن البديل؟! هل الجهلة الذين عندهم استكبار هم الذين يرجع إليهم؟! إن هذا قطعٌ لطريق العلم، وقطعٌ للطريق الموصل إلى الحق وإلى الهدى؛ لأن العلم ومعرفة الحق والفتاوى إنما يكون ممن هم أهل لذلك وممن هم مراجع في ذلك، أما إذا نيل منهم أو تكلم فيهم فمعنى هذا أنه تقليل من شأنهم وتحقير لفتاواهم، ومعنى ذلك أن الناس يرجعون إلى جهلة وإلى أناس ليسوا بذوي علم في أمور دينهم، وعند ذلك يحصل الضلال والإضلال.

صحة نسبة كتاب الروح لابن القيم رحمه الله تعالى


السؤال: هل تصح نسبة كتاب (الروح) لابن القيم ؟

الجواب: نعم تصح، وكتاب (الروح) لابن القيم هو أسلوبه ولكنه -كما هو معلوم- في أمور منامية وحكايات غريبة، ولعله كان تأليفه في أول أمره وفي بداية أمره، والكتاب لا شك في أنه له، وليس لغيره، وإنما هو له، ولكن الذي يبدو -والله أعلم- أن تأليفه متقدم، وهناك ما يوضح هذا المعنى: فإنه لما جاء عند الكلام على النفس والروح، وذكر معنى النفس ومعنى الروح، وأن النفس يراد بها الدم قال: وفي الحديث: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه). مع أنه في كتاب (زاد المعاد) قال: وأول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بعبارة (ما لا نفس له سائلة) إبراهيم النخعي ، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده. ففي كتاب الروح حكى ذلك حديثاً، وفي كتاب (زاد المعاد) قال: إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي ."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 283.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 277.64 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]