من أين استمد الحوثيون قوتهم؟

[ابوالوليد المسلم]

من أين استمد الحوثيون قوتهم؟


د.بسام خضر الشطي




كانت الكويت والسعودية تنفقان على الشعب اليمني بشكل كبير ولاسيما في الجانب التعليمي والصحي وبناء الشوارع والمساهمة في المشاريع التنموية الكبيرة وفتح مجالات كبيرة لسوق العمل؛ لما يتمتع به اليمنيون من حسن السيرة والسلوك الحسن والأمانة، حتى احتل العراق الكويت في 2/8/1990م وانكشفت المخططات بتعاون عراقي يمني فلسطيني وغيرها... وعندها توقف الدعم واتحد شمال اليمن مع جنوبه، وهنا استنزفت الحرب الأموال الكبيرة، وعلى الرغم من اكتشاف النفط وتنمية الموارد فإن هناك خللا واضحا في الأمن البحري وبطالة في ازدياد مستمر، فضلا عن المشكلات الداخلية في وقت تقوم/ إيران بتهريب الأسلحة الثقيلة وتفتح أبوابها للحوثيين في صعدة وفي غفلة من الحكومة اليمنية، بعد ذلك خاضت سبع حروب معهم دون جدوى فأين الخلل...؟




لا يعقل أن يكون هناك حكومة لها جيش نظامي وتتمتع بعضوية هيئات إسلامية وعربية وأممية ويهزم جيشها من قبل عناصر قليلة من أفراد إلا بوجود أسباب موضوعية لابد من الانتباه إليها جيدا:

- دخل حسين بدر الدين الحوثي على الشباب وقام بإنشاء منتدى الشباب المؤمن عام 1991م، وبعدها أسس جمعية لتأهيل الشباب لدراسة العلوم الشرعية «الإمامية» واستطاع أن يستقطب مئات الشباب.

- ادعى أنه من النسل الطاهر، ويعمل على إعادة حكم الإمامة، وأبرم وثيقة المبايعة مع جميع أتباعه ونصها:«أشهد الله على أن سيدي حسين بدر الدين الحوثي هو حجة الله في أرضه في هذا الزمن، وأشهد الله على أن أبايعه على السمع والطاعة والتسليم وأنا مقر بولايته، وأني سلم لمن سالمه وحرب لمن حاربه» وادعى أنه اليد اليمنى للمهدي المنتظر الذي سيخرج في هذا الزمان لقتال النواصب وأعداء آل البيت وليحكم العالم، وسيمر على «كرعة» في منطقة خولان في صعدة شمال اليمن، وقد وعدهم بالنصر والتمكين وأن نصرة الحوثي واجب ديني مقدس، وعليه فإنه يستحق الخمس من الأموال فقدمت له على طبق من ذهب.

- استغل الوضع السياسي السيئ والاقتصادي والاجتماعي والفساد الذي استشرى في مؤسسات الدولة لتحقيق النصر أكثر من مرة على الجيش وعلى القبائل المساندة له، واستغل تشرذم الناس «وأن الرئيس غير دينه إلى المذهب السني فيجب تغييره لاسيما أنه ليس من آل البيت»، وهذا الكلام منشور في موقعه (المنبر الإلكتروني) الذي أسسه عام 2007م لنقل منهجه عالميا والتواصل مع الأتباع والمؤيدين له، ونصب نفسه مصلحا ومساندا لكل من يريد الإطاحة بالنظام الحالي.

- حصل على الدعم المالي الكبير من إيران فأعلن الجيش اليمني عام 2004 أنه في أثناء تمشيطه لمواقع الحوثيين حصل على مخازن أسلحة ورشاشات وقذائف وصواريخ إيرانية الصنع، وعثر على وثائق في المستشفى الإيراني في صنعاء تؤكد تورطهم في إقامة علاقات وأهداف للإطاحة بالنظام الحالي وتأسيس دولة في صعدة، وتم ضبط عملاء إيرانيين مهمتهم التجسس، وضبطوا أجهزة تنصت مباشرة مع إيران، وتبادل الزيارات مع مسؤولين إيرانيين والتقوا في طهران وبيروت وبرلين، وصدرت فتاوى تأييد من المرجعيات في قم، وتلقى بعض الحوثيين تدريبات عسكرية في إيران، وهناك دعم مباشر من القنوات الفضائية التابعة لمنهج الآيات في إيران، وقيام أحد أشقاء حسين الحوثي بتدريس مادة عن الثورة الإيرانية في الدورات التدريبية لاتحاد الشباب المؤمن.

عندما يتخلى المصلحون عن دورهم في الدعوة وعن نصرة الدين فقد يسلط الله عز وجل علينا من لا يرقب فينا إلاًّ ولا ذمة، وهذا ما حدث عندما رفعوا شعارات القومية والعلمانية وغيرهما.

- استغل منصبه كعضو مجلس النواب في المؤتمر الشعبي، وكذلك دخل شقيقه يحيى الحوثي في مجلس النواب فله اتصالات مباشرة مع بعض السفارات والمسؤولين، وبعد أن قتل شقيقه حسين أواخر عام 2004 طلب اللجوء السياسي إلى برلين، وصار المسؤول السياسي لجماعة الحوثيين.

- استغل فقر بعض الشباب وأيضا بعض أفراد وضباط الجيش فقدم لهم الرشاوى واشترى منهم الأسلحة والخرائط والمعلومات السرية للمواقع، وظهرت خيانات كبرى في الجيش ببيع الأسلحة والمعلومات عن الضباط والمواقع، وقاموا بتسليمهم موقع الزعلاء العسكري ومعهم 70 جنديا بمنطقة العميشية في محافظة عمران ويسعون للخيانة الثانية بتسليم موقع المدائن!

- بث المسائل الخلافية وإثارة ما يؤلب الناس على النظام كغلاء الأسعار والفساد المالي، وتمهيد أتباعه لخروج المهدي وضرورة الخروج على الحاكم، وقام بإثارة النعرات والخلافات تحت شعار آل البيت ونصرتهم وإظهار نوع من القوة والتحدي، ففي كل المناسبات كعيد الغدير يطلق الرصاص والمتفجرات.

- سهل على أتباعه والمؤيدين والمحبين له الدراسة في الجامعات الإيرانية والعلاج في المستشفى الإيراني، وتزويدهم بالمال مقابل التدريب العسكري وإظهار الولاء للحزب.

- دخل على التيار الصوفي من خلال تعظيم الآل وتقديسهم والتقرب إلى الأضرحة ومساندة امتداد التيار الصوفي مقابل التأييد المطلق.

- خلال الـ 12 سنة الماضية استطاع أن يبني طرقا وأماكن خاصة تحت الأرض لتحصينهم من أي حرب، وأقام مشاريع لأتباعه واستعطف البسطاء بشعار (الموت لأميركا وإسرائيل) وأنه ضدهما ومقاتل شجاع ضد الغرب.

- أوهم الناس بأن الأمة تحتاج إلى إمام يعلمها ولا يحتاجون إلى كتاب أو سنة، كما أوهمهم بأن العرب عندهم المال والعتاد والرجال ولكنهم هزموا ولم ينتصروا على اليهود، بينما الفرس والثورة وأتباعهم هم الذين لقنوا إسرائيل درسا، وكذلك إيران معاندة وقوية ومنتصرة.

- يعتبر الحوثي خطيبا مفوها لديه القدرة على حشد المناصرين والأتباع، واستقطب قادة الزيدية وعامتهم وقادة في الجيش والمعارضة، وابتدأ بصراع فكري وسجال سياسي في صدام عسكري يسعى لاسترداد (حكم الإمامة) وبأسلوبه الجذاب في طرح وتوصيل الأفكار والتلاعب بالعواطف وتأسيس القناعات حتى تدخلت دول خليجية أكثر من مرة لإقامة الهدنة.


الواجب على اليمن الاهتمام بالفقراء، ونزع فتيل الحرب، وتحسين العلاقة مع الشعب، والتخلي عن بطانة الفساد، وإقامة مشاريع تنموية والاهتمام بالتعليم والصحة والاهتمام بالعسكريين، ولايمكن قبول الفوضى وزعزعة الأمن وتنمية العدوان ومزيد من الرعب وزرع الفتنة ووقف التجسس الإيراني والاهتمام بالإعلام والعلماء.