الوصايا النبوية - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حال السلف في شهر رمضان المبارك (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أخي الصائم.. تذكر (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          علاقة القرآن بشهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          ماهية الاعتصام بالله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          فوائد مختصرة منتقاة من المجلد الأول من الشرح الممتع على زاد المستقنع للعلامة العثيمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          سحر صلاة العشاء في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          من أقوال السلف في السفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أساليب التعذيب النفسي في السجون الإسرائيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حق اليقين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 24-11-2022, 06:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,369
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوصايا النبوية

الوصايا النبوية (11)
وصايا للمسافر
(موعظة الأسبوع)






كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

المقدمة:

- الإشارة إلى فضل الوصايا النبوية (مقدمة الخطبة الأولى).

- وصية اليوم: عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- أَنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي أريدُ أن أسافِرَ، فَأوصِني، قالَ: (عليكَ بتقوَى اللَّهِ، والتَّكبيرِ على كُلِّ شَرَفٍ)، فلمَّا ولَّى الرَّجُلُ، قالَ: (اللَّهُمَّ اطوِ لَه البُعدَ، وَهوِّن عليهِ السَّفرَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

- الإشارة إلى أن هذه الوصية تضمنت بعض آداب السفر الإيمانية والعقدية، وعلى هامش ذلك سنقف على بعض الآداب الأخرى التي جاءت في سنته -صلى الله عليه وسلم-.

الأدب الأول: الوصية بالتقوى:

- والتقوى في مجموعها تعني خوف الله في السر والعلن: قال علي بن أبي طالب -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: "التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل" (سبل الهدى والرشاد للصالحي).

- الوصية بالتقوى تكون في كل وقت، ولكنها تتأكد في السفر؛ لأن المسافر يكون غريبًا عن الناس، فربما اجترأ على المعصية، لعدم خوف الملامة، حيث لا يعرفه أحد(1): قال -تعالى-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) (النساء: 131)، وقال -تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (البقرة: 197).

الأدب الثاني: التكبير على كل شرف:

- الصعود إلى الأماكن المرتفعة يشعر الإنسان بالعلو والكبرياء، فعند ذلك ينبغي عليه أن يستحضر أن الله أعلى وأكبر وأجل: قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "ومناسبة التكبير عند الصعود إلى المكان المرتفع، أن الاستعلاء والارتفاع محبوب للنفوس، لما فيه من استشعار الكبرياء، فشرع لمن تلبس به أن يذكر كبرياء الله -تعالى-، وأنه أكبر من كل شيء، فيكبره، ليشكر له ذلك فيزيده من فضله" (فتح الباري).

- المسلم مرتبط بعقيدة التوحيد في كل حاله وترحاله: عن جابر -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قال: "كُنَّا إذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وإذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا" (رواه البخاري)، وعن ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قال: "كانَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وجيوشُهُ إذا علَوا الثَّنايا كبَّروا وإذا هبَطوا سبَّحوا" (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

ومن آداب السفر الأخرى:

الأدب الثالث: التوبة والتحلل من المظالم:

- ينبغي للمسافر أن يبدأ بالتوبة، ويخرج من المظالم، ويقضي ديونه إن لم يترك مَن يوفيها في موعدها، ويرد الأمانات إن كان سفره طويلًا، ويطلب مسامحة أصحاب الحقوق، ويتذكر بسفره خروجه من الدنيا: قال -تعالى-: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (البقرة: 281)، وقال: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) (النساء: 58)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

الأدب الرابع: إرضاء الوالدين:

- فلا يسافر إلا برضاهما، لا سيما إذا كان سفره يطول، ويتضرران به: عن أبي سعيد -رَضِيَ اللَّهُ عنْه-: أنَّ رجلًا هاجرَ إلى رسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- منَ اليمَنِ فقالَ: (هل لَكَ أحدٌ باليمَنِ؟)، قالَ: أبوايَ، قالَ: (أذنا لَكَ؟) قالَ: لا، قالَ: (ارجِع إليهما فاستأْذِنْهما، فإن أذنا لَكَ فجاهِدْ، وإلَّا فبرَّهُما) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وعن معاوية بن جاهمة السلمي أنه جاءَ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ، فقالَ: (هل لَكَ مِن أمٍّ؟)، قالَ: نعَم، قالَ: (فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها) (رواه النسائي، وصححه الألباني).

الأدب الخامس: توديع الأهل والأحباب:

- وليتواصوا بالحق، وليدعوا كلٌّ للآخر: ففي وصية اليوم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ اطوِ لَه البُعدَ وَهوِّن عليهِ السَّفرَ)، وعن أنس -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قال: جاءَ رجُلٌ إلى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي أريدُ سفرًا فزوِّدني، قالَ: (زوَّدَك اللَّهُ التَّقوى)، قالَ زِدني، قالَ: (وغفرَ ذنبَك)، قالَ: زدني بأبي أنتَ وأمِّي، قالَ: (ويسَّرَ لَك الخيرَ حيثُما كنتَ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح")، وكان ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عنْهما- يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا: ادْنُ مِنِّي حَتَّى أُوَدِّعَكَ كمَا كَانَ رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- يُودِّعُنَا، فيقُولُ: (أَسْتَوْدِعُ اللَّه دِينَكَ، وَأَمانَتَكَ، وخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

الأدب السادس: اختيار الرفيق:

- السفر يُمتحَن فيه الناس في أخلاقهم: قال بعض علماء اللغة: "سُمِّي السفر سفرًا؛ لأنه يكشف عن أخلاق الرجال".

- والرفيق في السفر إذا كان صالحًا كان عونًا ومؤنسًا، وإن كان فاسدًا كان همًّا وعبئًا على صاحبه، ولربما حَمَّله من الذنوب ما لا يعلمه إلا الله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ، والجَلِيسِ السّوءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) (متفق عليه).

- وإذا كانوا جماعة جعلوا عليهم أميرًا، يرجعون إليه إذا اختلفوا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ في سَفَرٍ فَلْيُؤمِّروا أَحَدَهُم) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

- ولا تسافر المرأة بغير محرم لها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) (متفق عليه).

الأدب السابع: التعجيل بالرجوع إلى أهله:

- فلا يمكث في سفره فوق حاجته؛ مراعاة لحق أهله وعياله عليه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ، يَمْنَعُ أحَدَكُمْ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ ونَوْمَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ، فَلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِهِ) (متفق عليه)، وكان عمر -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- يأمر في سفر الجهاد والغزو ألا يزيد على ستة أشهر، حتى لا تتضرر المرأة(2).

الأدب الثامن: البدء بالمسجد عند الرجوع:

- يفعل ذلك تبركًا، واقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-: فعن كعب بن مالك أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "كانَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، بَدَأَ بالمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ" (رواه البخاري).

قال النووي -رحمه الله-: "فإن كان القادم مشهورًا يقصده الناس، استحب أن يقعد في المسجد، أو في مكان بارز، ليكون أسهل عليه وعلى قاصديه، وإن كان غير مشهور ولا يقصد، ذهب إلى بيته بعد صلاته الركعتين في المسجد" (المجموع).

خاتمة: عود على بدء:

- إعادة ذكر الوصية، مع الإشارة إلى فضل مراعاة ذلك عند السفر، حيث وَصَّى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فاللهم وفقنا إلى ما تحب وترضى في السفر وفي الحضر، والحمد لله رب العالمين.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وما أكثر صور ذلك في السفر، كحال بعض الطلبة المبتعثين في بلاد الغرب، أو بعض المسافرين للتنزه والسياحة، بل وصل الأمر ببعضهم إلى إحداث مَثَل شعبي حول التحلل من الأخلاق في السفر، وهو قولهم: "إذا دخلت بلدًا لا يعرفك أحد فيها، فتجرد من ثيابك وأمشي فيها!"، نعوذ بالله من الفجور والضلال.

(2) إن واقع الحياة يحمل الصور المأسوية الكثيرة على فساد وانهدام كثير من البيوت، نتيجة غياب الأزواج في الأسفار مدة طويلة. نسأل الله أن يحفظ بيوت المسلمين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 02-12-2022, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,369
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوصايا النبوية

الوصايا النبوية (12)
اجتنبوا السبع الموبقات
(موعظة الأسبوع)










كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

المقدمة:

- الإشارة إلى فضل الوصايا النبوية (مقدمة الخطبة الأولى).

- وصية اليوم: عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ)، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ وما هُنَّ؟ قالَ: (الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ) (متفق عليه).

- الإشارة إلى سبب تسميتها موبقات: قال المهلب: "سُميت بذلك؛ لأنها سبب لإهلاك مرتكبها"، قال الحافظ: "الموبقة هي الكبيرة" (فتح الباري).

أول وأعظم المهلكات: الشرك بالله:

- الشرك بالله تبديل للفطرة وجحود لنعم الله؛ ولذا فهو أكبر الكبائر: ففي الحديث في قصة يحيى بن زكريا -عليهما السلام- أنه قال لبني اسرائيل: (وإنَّ مَثلَ مَن أشرَك باللهِ كمثَلِ رجلٍ اشترى عبدًا مِن خالصِ مالِه بذهَبٍ أو ورِقٍ، فقال: هذه داري وهذا عمَلي، فاعمَلْ وأدِّ إليَّ، فكان يعمَلُ ويُؤدِّي إلى غيرِ سيِّدِه؛ فأيُّكم يَرْضَى أن يكونَ عَبْدُه كَذَلِك؟!) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- والشرك بالله عاقبته الخلود في النار: قال -تعالى-: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) (المائدة: 72).

- من مظاهر الشرك في حياة المسلمين:

1- اعتقاد أن غير الله من الأولياء والصالحين والأنبياء والملائكة يدبرون الأمر! (الشيعة مع أئمتهم - الصوفية مع الأولياء).

2- اعتقاد البعض الحرية في قبول الشرع أو رفضه! (العلمانيون - الليبراليون - ... ).

3- دعاء غير الله من الأموات وأصحاب الأضرحة، وسؤالهم الحاجات وتفريج الكربات!

4- الذبح والنذر لغير الله!

5- إتيان الكهان والعرافين وتصديقهم!

6- تعليق التمائم على البيوت والسيارات ونحوها، اعتقادًا لجلبها النفع أو دفعها الضر!

المهلكة الثانية: السحر(1):

- السحر كفر بالله -عز وجل-؛ لأن الساحر يوهم الناس أنه قادر على النفع والضر بما يتسبب فيه بسحره: قال -تعالى-: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة:102).

- السحرة لا يتوصلون إلى سحرهم إلا بالكفر والأقوال والأفعال الشنيعة: قال ابن تيمية -رحمه الله-: "يكتبون كلام الله بالنجاسة(2)، وقد يقلبون حروف كلام الله -عز وجل-، إما حروف الفاتحة، وإما حروف (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) (الصمد:1)، وإما غيرهما، ويذكر أنهم قد يكتبون كلام الله بالدم أو بغيره من النجاسات، وقد يكتبون غير ذلك مما يرضاه الشيطان، أو يتكلمون بذلك" (مجموع الفتاوى).

- ولذا كان إتيان السحرة خطر شديد على عقيدة المسلم وإيمانه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً) (رواه مسلم).

المهلكة الثالثة: قتل النفس التي حَرَّم الله:

- قتل النفس يضيق على العبد أمره في الدنيا والآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ، ما لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) (رواه البخاري)، وعَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ قالَ: "إنَّ مِن ورَطَاتِ الأُمُورِ الَّتي لا مَخْرَجَ لِمَن أوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بغيرِ حِلِّهِ"(رواه البخاري).

- لقد تبرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ممَّن يقتل المسلمين: قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَمَلَ عليْنا السِّلاحَ فليسَ مِنَّا) (متفق عليه).

- دماء المسلمين أشرف الدماء، ولو استهان بها الفجار: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لو أنَّ أَهلَ السَّماءِ وأَهلَ الأرضِ اشترَكوا في دمِ مؤمنٍ لأَكبَّهمُ اللَّهُ في النَّارِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وعن نافع قال: "نظرَ ابنُ عُمرَ يومًا إلى الكعبةِ فقال: ما أعظَمَكِ! وما أعظَمَ حُرْمَتَك! والمؤمِنُ أعظمُ حُرْمةً عند اللهِ مِنْكِ" (رواه الترمذي وابن حبان، وقال الألباني: "حسن صحيح").

المهلكة الرابعة: أكل الربا:

- جريمة الربا حرب مباشرة مع الله ورسوله، نتيجتها محسومة خاسرة: قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (البقرة: 278-279).

- المتعامل بالربا متوعد بالوعيد الشديد في الدنيا والآخرة: عن جابر -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قال: لعنَ رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آكلَ الرِّبا وموكلَهُ وشاهديْهِ وَكاتبَه، وقال: (هُمْ سَوَاءٌ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الربا ثلاثةٌ وسبعونَ بابًا، وأيسرُها مثلُ أنْ ينكِحَ الرجلُ أمَّهُ، و إِنَّ أَرْبَى الرِّبَا عرضُ الرَّجُلِ المُسْلِمِ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وفي حديث الاسراء الطويل: (وأَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه يَسْبَحُ في النَّهَرِ ويُلْقَمُ الحَجَرَ، فإنَّه آكِلُ الرِّبَا) (متفق عليه).

- المتعامل بالربا متوعد بذهاب بركة المال، وحلول الخراب والوبال(3): قال -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) (البقرة: 276).

المهلكة الخامسة: أكل مال اليتيم:

- فقد الأب في الصغر يكسر قلب الصغير، ويضعفه بين الناس؛ ولذا جاء التحذير من إيذائه: قال -تعالى-: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) (الضحى: 9)، وقال: (كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) (الفجر: 17)، وقال عن الكافر: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (الماعون: 2).

- وأوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- باليتيم والإحسان إليه: قال -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهمَّ إنِّي أحرِّجُ حقَّ الضَّعيفينِ: اليتيمِ، والمرأَةِ) (رواه ابن ماجه، والنسائي في السنن الكبرى، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا) (متفق عليه).

- فكيف بمَن يأخذ ماله أو يتلفه (كحال بعض الورثة - أو بعض الأولياء - أو غيرهم)؟! قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (النساء: 10)، وقال: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) (الإسراء: 34).

المهلكة السادسة: التولي يوم الزحف(4):

- الفرار من ميدان الجهاد من الكبائر العظام؛ لما له من أثر سيئ على الصف المسلم: قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ . وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ) (الأنفال: 15-16)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الأنفال: 45).

- فلا يجوز الانسحاب إلا لمصلحة شرعية بأمر أمير الجيش: قال -تعالى-: (إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ) (الأنفال: 16)، ومن ذلك فعل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يوم مؤتة؛ لما رأى من خطر البقاء على المسلمين، وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعله فقال: (حتَّى أخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِن سُيُوفِ اللَّهِ، حتَّى فَتَحَ اللَّهُ عليهم) (رواه البخاري).

المهلكة السابعة: قذف المحصنات الغافلات(5):

- قذف الأعراض بغير بينة من الكبائر العظام لما له من أثر سيئ في إفساد المجتمع المسلم؛ ولذلك شرع حد القذف: قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ? وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 4)، وقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 23).

- الحذر الحذر مما شاع بين كثيرٍ من الجهلة وأصحاب الألسنة البذيئة من سب وقذف الناس: قال -تعالى-: (وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (النور: 15).

خاتمة:

- تذكير بالوصية بالإشارة إلى خطر الوقوع في ذلك بإجمال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: "السحر عزائم ورقى وعُقَد تؤثِّر في الأبدان والقلوب، فيمرض ويقتل، ويفرِّق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه، قال الله -تعالى-: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) (البقرة: 102)" (نقلًا عن فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، باب ما جاء في السحر).


(2) كدم الحيض أو المني، أو غيرهما.

(3) اسألوا عنابر السجون الممتلئة بمَن عجزوا عن سداد الديون الربوية.

(4) التولي يوم الزحف: الانسحاب أثناء المعركة دون سبب مشروع، وهو يتضمن مفسدتين: الأولى: كسر قلوب المسلمين. والثانية: تقوية الكفار على المسلمين.

(5) بأن يقول: هي زانية، وما أشبه ذلك. ومثله أن يقول عن رجل عفيف: هو زان، أو نحو ذلك.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 08-12-2022, 05:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,369
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوصايا النبوية

الوصايا النبوية (13)
الحث على أكل الحلال
(موعظة الأسبوع)










كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

المقدمة:

- الإشارة إلى فضل الوصايا النبوية (مقدمة الخطبة الأولى).

- وصية اليوم: عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ(1) لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون: 51)، وقالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة: 172)، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ: يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!) (رواه مسلم).

- شرح مجمل للوصية ثم التفصيل في عناصر: قال العلماء: بعد أن بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله لا يقبل الا طيبًا، وأن المرسلين والمؤمنين أمروا بالأكل مِن الطيبات، بيَّن أن مِن الناس مَن يخالف هذا المسلك، فلا يكون أكلة طيبًا، بل يعمد إلى اكتساب الحرام واستعماله في جميع شئونه من مأكل وملبس وغذاء، وأن ذلك من أسباب عدم قبول دعائه، مع كونه أتى بأسباب قبول الدعاء، وهي في هذا الحديث أربعة: السفر مع إطالته، وكونه أشعث أغبر، وكونه يمد يديه بالدعاء، وكونه ينادي الله بربوبيته مع الحاحه على ربه بتكرار ذلك، ومع ذلك لا تحصل الإجابة، لوجود مانع عظيم، وهو أكل الحرام.

الحث على أكل الحلال الطيب:

- أمر الله بأكل الحلال الطيب (الأمر في الوصية): قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة: 172)، وقال -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) (المائدة: 4)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ?) (البقرة: 168)(2).

- وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأكل الحلال: (وصية اليوم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَتَصَدَّقُ أحَدٌ بتَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، إلَّا أخَذَها اللَّهُ بيَمِينِهِ، فيُرَبِّيها كما يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، أوْ قَلُوصَهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ، أوْ أعْظَمَ) (متفق عليه).

- من أقوال السلف في الحث على أكل الحلال: قال سهل بن عبد الله: "النجاة في ثلاثة: أكل الحلال، وأداء الفرائض، والاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-" (تفسير القرطبي)، وقال وهيب بن ورد: "لَوْ قُمْتَ قِيَامَ هَذِهِ السَّارِيَةِ مَا نَفَعَكَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا يَدْخُلُ بَطْنَكَ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ" (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبو نعيم الأصبهاني)، وقال بعضهم: "الحجر المغصوب في البناء أساس الخراب" (كتاب اللطائف لابن الجوزي).

عاقبة أكل الحرام:

- لقد شاع أكل الحرام في هذا الزمان، حتى تنافس الناس في طرقه ووسائله، دون مبالاة بعاقبته(3): قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ) (رواه البخاري).

- أكل الحرام من أعظم أسباب هلاك الانسان في الدنيا والآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ... ) وذكر منها: (وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ) (متفق عليه).

بعض آثار وعواقب أكل الحرام:

لا يقبل الله دعاءه: ففي وصية اليوم: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟!) وقال بعض السلف: "لَا تَسْتَبْطِئِ الْإِجَابَةَ وَقَدْ سَدَدْتَ طَرِيقَهَا بِالذُّنُوبِ" (سير أعلام النبلاء للذهبي)، وعن وهب بن مُنبِّه قال: "من سرَّه أنْ يستجيب الله دعوته، فليُطِب طُعمته" (جامع العلوم والحكم)، وروي في الحديث: "يا سعدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ؛ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ" (رواه الطبراني باختلاف يسير، وحكمه ضعيف).

- محق البركة في حالة وماله: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ لِلْبَرَكَةِ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الْبَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِما) (متفق عليه)، وقال -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) (البقرة: 276)، و(وهكذا في كل عمل محرم وكسب محرم).

- استجلاب غضب الجبار سبحانه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن حَلَفَ علَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بها مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وهو عليه غَضْبانُ) (متفق عليه).

- وأعظم آثار أكل الحرام استحقاق النار: ففي سنن الترمذي بإسناد صحيح، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌يَا ‌كَعْبَ ‌بْنَ ‌عُجْرَةَ، ‌إِنَّهُ ‌لَا ‌يَرْبُو ‌لَحْمٌ ‌نَبَتَ ‌مِنْ ‌سُحْتٍ ‌إِلَّا ‌كَانَتِ ‌النَّارُ ‌أَوْلَى ‌بِهِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وفي رواية أحمد: (يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ ‌لَا ‌يَدْخُلُ ‌الْجَنَّةَ ‌لَحْمٌ ‌نَبَتَ ‌مِنْ ‌سُحْتٍ ‌النَّارُ، ‌أَوْلَى ‌بِهِ) (رواه أحمد، وقال محققو المسند: إسناده قوي).

الصالحون يتحرون الحلال الطيب:

- الصالحون ينظرون أدق النظر فيما يتكسبونه ويدخلونه بطونهم وبطون أهليهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌إِنِّي ‌لَأَنْقَلِبُ ‌إِلَى ‌أَهْلِي، ‌فَأَجِدُ ‌التَّمْرَةَ ‌سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيَهَا) (متفق عليه)، وعن عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عنْها- قالت: "كانَ لأبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ له الخَرَاجَ، وكانَ أبو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِن خَرَاجِهِ، فَجَاءَ يَوْمًا بشَيءٍ، فأكَلَ منه أبو بَكْرٍ، فَقالَ له الغُلَامُ: أتَدْرِي ما هذا؟ فَقالَ أبو بَكْرٍ: وما هُوَ؟ قالَ: كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ في الجَاهِلِيَّةِ، وما أُحْسِنُ الكِهَانَةَ، إلَّا أنِّي خَدَعْتُهُ، فَلَقِيَنِي فأعْطَانِي بذلكَ؛ فَهذا الذي أكَلْتَ منه. فأدْخَلَ أبو بَكْرٍ يَدَهُ، فَقَاءَ كُلَّ شيءٍ في بَطْنِهِ" (رواه البخاري).

الصالحون يجنون ثمار تحريهم أكل الحلال، واجتنابهم أكل الحرام:

- لقد كانت المرأة في السلف الصالح حريصة ألا تأكل هي وأبناؤها إلا الحلال؛ خوفًا من هذا الحديث، فكانت الواحدة منهن توصي زوجها وهو ذاهب إلى عمله قائلة: "يا أبا فلان، إننا نصبر على ألم الجوع، ولا نصبر على ألم عذاب الله؛ فاتقِ الله فينا".

- تعففوا عن الحرام فأغناهم الله من فضله -المبارك والد الإمام عبد الله بن المبارك-: "كان المبارك عبدًا رقيقًا أعتقه سيده، ثم اشتغل أجيرًا عند صاحب بستان، وفي ذات يوم خرج صاحب البستان مع أصحاب له إلى البستان، وقال للمبارك: ائتنا برمان حلو فقطف رمانات، ثم قدَّمها إليهم، فإذا هي حامضة، فقال صاحب البستان: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟ قال لم تأذن لي إن آكل حتى أعرف الحلو من الحامض، فقال له: أنت من كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا! وظن أنه يخدعه، فسأل الجيران عنه، فقالوا: ما أكل رمانة واحدة، فقال له صاحب البستان: يا مبارك ليس عندي إلا ابنة واحدة فلمن أزوجها؟، فقال له: اليهود يزوجون للمال، والنصارى يزوجون للجمال، والعرب للحسب، والمسلمون يزوجون للتقوى، فمن الأصناف أنت زوج ابنتك للصنف الذي أنت منه، فقال: وهل يوجد أتقى منك! ثم زوَّجه ابنته".

ومن هذا البيت العفيف خرج الإمام عبد الله بن المبارك الذي كان يقول: "أَنْ أَرُدَّ دِرْهَمًا مِنْ شُبْهَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَمِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى بَلَغَ سِتُّمِائَةَ أَلْفٍ" (الورع لابن أبي الدنيا).

- تعففوا عن الحرام فبورك في الذرية "والد الإمام البخاري": عن أحمد بن حفص قال: دخلت على أبي الحسن -يعني إسماعيل والد الإمام البخاري- عند موته، فقال: "لا أعلم من مالي درهمًا من حرام، ولا درهمًا من شبهة"، قال أحمد: فتصاغرت إليَّ نفسي عند ذلك، وقلتُ: وصلاح الآباء ينفع الأبناء؛ كما قال -تعالى-: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) (الكهف: 82) (حجية السنة النبوية ومكانتها في التشريع الإسلامي).

- وقد ذُكِر أن جنيدًا البغدادي -رحمه الله- جاء يومًا إلى داره فرأى جارية جاره ترضع ولده، فانتزع ولده منها، وأدخل أصبعه في فيه (فمه) وجعله يتقيأ كل الذي شربه، فلما سُئِل، قال: جاري يأكل الربا، يأكل الحرام، وجارية جاري تعمل عنده فهي تأكل الحرام، وجارية جاري ترضع ولدي فهي ترضع ولدي الحرام، ورسول الله -عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام- يقول: (لا يربو لحمٌ نبتَ من سحتٍ إلَّا كانتِ النَّارُ أولى بِهِ ". (رواه الترمذي: (614)، وصححه الألباني).

- فيا عبد الله، إذا كنت لا تبالي بمثل هذا الوعيد؛ فهلا راعيت فلذات كبدك، وتحريت الحلال من أجلهم!

خاتمة:

- تذكر -يا عبد الله- دائمًا مع إعداد الجواب أن أحد الأسئلة الإجبارية يوم القيامة عن كسبك: أمن الحلال أم من الحرام؟ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌لَا ‌تَزُولُ ‌قَدَمَا ‌عَبْدٍ ‌يَوْمَ ‌القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- تذكر حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال في الحديث الصحيح: (اتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ، ولا يَحمِلَنَّ أحدَكم استبطاءُ الرِّزقِ أن يطلُبَه بمَعصيةِ اللهِ، فإنَّ اللهَ -تعالى- لا يُنالُ ما عندَه إلَّا بِطاعَتِهِ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

- تذكر قول الله -تعالى-: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ) (المطففين: 1)، (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ . لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) (المطففين: 4-5).

فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال القاضي: الطيب صفة الله -تعالى-، بمعنى المنزه عن النقائص، وهو بمعنى القدوس، وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث (شرح مسلم للنووي).

(2) يأتي هنا السؤال: ما مناسبة ذكر اتباع خطوات الشيطان بعد الأمر بأكل الحلال؟ الجواب: أن الانسان إذا كان كسبه من حرام فسد كلُّ حاله؛ فطعامه وشرابه سيكون من الحرام، ونكاحه سيكون من الحرام، وحجه، إلخ.

(3) يحسن الاشارة إلى بعض الأعمال والوظائف التي يكون كسبها حرام، مثل: المؤسسات الربوية - الغش في البيع - بيع المحرمات - الموظفون المتهربون من أعمالهم - المقاهي والملاهي وقاعات الافراح المصحوبة بالمحرمات - بيع ملابس المتبرجات - حلاق السيدات - إلخ.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 15-12-2022, 05:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 130,369
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوصايا النبوية

الوصايا النبوية (14)
عليك بالإياس مما في أيدي الناس
(موعظة الأسبوع)









كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

المقدمة:

- الإشارة إلى فضل الوصايا النبوية (مقدمة الموعظة الأولى).

- وصية اليوم: عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أوصني، قال: (عليكَ بالإياسِ مِمَّا في أيدي النَّاسِ، وإيَّاكَ والطَّمَعَ فإنَّهُ الفقرُ الحاضرُ، وصلِّ صلاتَكَ وأنتَ مودِّعٌ، وإيَّاكَ وما يُعتَذرُ منهُ) (رواه الحاكم والبيهقي، وقال الألباني: "حسن لغيره").

- الإشارة إلى أن هذه الوصية يرجى للمؤمن إذا أخذ بها، العزة والكرامة في الدنيا والآخرة: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون: 8).

(1) عليكَ بالإياسِ مِمَّا في أيدي النَّاسِ(1):

- إذا أردتَ أن تكون غنيًّا عن الناس، عزيزًا بينهم، محبوبًا مطلوبًا، فلا تمدن عينيك إلى ما في أيديهم من متاع الدنيا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وازْهَد فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يحبُّكَ النَّاسُ) (رواه ابن ماجه، وصححه الالباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (واعلمْ أنْ شرفَ المؤمنِ قيامُهُ بالليلِ، وعزَّهُ استغناؤهُ عنِ النَّاسِ) (رواه الحاكم والبيهقي، وحسنه الألباني).

- استغنِ عما في أيدي الناس ولو كنت أفقرهم، فإنك لا تزال بذلك سيدًا كريمًا: قال أعرابي لأهل البصرة: "مَن سيدكم؟ قالوا: الحسن البصري. قال: بمَ سادكم؟ فقالوا: احتاج الناس إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم"، وقال الحسن البصري: "لا يزال الرجل كريمًا على الناس حتى يطمع في دنياهم، فإذا فعل ذلك؛ استخفوا به، وكرهوا حديثه وأبغضوه".

وقال الشاعر:

كن زاهدا فيما حوته يد الورى تـبـقـى إلـى كـل الأنـام حـبـيـبًا

(2) وإيَّاكَ والطَّمَعَ فإنَّهُ الفقرُ الحاضرُ:

- الإنسان إذا ابتلي بداء الطمع لا يشبع أبدًا مهما أعطاه الله -تعالى- من رزق: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ كانَ لِابْنِ آدَمَ وادِيانِ مِن مالٍ لابْتَغَى ثالِثًا، ولا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تابَ) (متفق عليه).

- علاج هذا الداء الوبيل هو الرضا بالقليل، ومجاهدة النفس وردها عن جعل الدنيا أكبر الهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ: فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ: جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، ورُوي أن موسى -عليه السلام- سأل ربه -تعالى- فقال: "أي عبادك أغنى؟ قال: أقنعهم بما أعطيته" (إحياء علوم الدين للغزالي).

وقال أبو العتاهية:

رَغيفُ خُبزٍ يَابِسٍ ... تَأكُلُهُ فِي زَاوِيَه

وَكُوزُ مَاءٍ بَارِدٍ ... تَشْرَبُهُ مِنْ صَافِيَهْ

وَغُرفَةٌ ضَيِّقَةٌ ... نَفْسُكَ فِيهَا خَالِيَهْ

أَوْ مَسجِدٌ بِمَعزِلٍ ... عَنِ الوَرَى فِي نَاحِيَهْ

تَقرَأُ فِيهِ مُصحَفًا ... مُستَنِدًا لُسَارِيَهْ

مُعتَبِرًا بِمَنْ مَضَى .... مِنَ القُرُونِ الخَالِيَهْ

خَيْرٌ مِنَ السَّاعَاتِ ... فِي فَيْءِ القُصُورِ العَالِيَهْ

(3) وصلِّ صلاتَكَ وأنتَ مودِّعٌ:

- إشارة إلى الاستعداد للموت في كل لحظة، والحرص على العمل الصالح ليكون آخر ما يلقى البعد به ربه: "التأمل لمشهد إنسان يعلم أن ملك الموت واقف أمامه ينتظر انصرافه من الصلاة! فكيف سيؤدي هذه الصلاة؟!".

- مَن كان ينتظر الموت سيقصر أمله، ويكثر عمله الصالح: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: مَرَّ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَنَحْنُ نُعَالِجُ خُصًّا لَنَا، فَقَالَ: (مَا هَذَا؟) فَقُلْتُ: خُصٌّ لَنَا، وَهَى نَحْنُ نُصْلِحُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا أُرَى الْأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (وَاعْدُدْ ‌نَفْسَكَ ‌فِي ‌الْمَوْتَى) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).

- وفي التوجيه التنبيه على الإحسان في أداء الصلاة: قال -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون: 1-2)، وعن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (ما مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ فيُحْسِنُ وُضُوءَها وخُشُوعَها ورُكُوعَها، إلَّا كانَتْ كَفَّارَةً لِما قَبْلَها مِنَ الذُّنُوبِ ما لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً وذلكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ) (رواه مسلم)، وعن عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ -رَضِيَ اللهُ عنه- قال: "رأيتُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصلِّي وفي صدرِه أزيزٌ كأزيزِ الرَّحى مِنَ البكاءِ" (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الرَّجلَ لينصرِفُ، وما كُتِبَ لَه إلَّا عُشرُ صلاتِهِ تُسعُها ثُمنُها سُبعُها سُدسُها خُمسُها رُبعُها ثُلثُها، نِصفُها) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أسوَأُ النَّاسِ سَرِقةً الذي يَسرِقُ مِن صَلاتِه)، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكيف يَسرِقُ مِن صَلاتِه؟ قال: (لا يُتِمُّ رُكوعَها، ولا سُجُودَها) (رواه أحمد، وقال الألباني: "صحيح لغيره").

(4) وإيَّاكَ وما يُعتَذرُ منهُ:

- كن حكيمًا في كل تصرفاتك، ولا تقدم على شيء الا بعد تفكير؛ حتى لا ترتكب ما يضعك في موقف الاعتذار، لاسيما بين يدي اللئام(3): قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌التأَنِّي ‌مِنَ ‌اللهِ، ‌والعَجَلَةُ ‌مِنَ ‌الشَّيْطَانِ) (رواه البيهقي، وحسنه الألباني)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأشج عبد القيس: (‌إِنَّ ‌فِيكَ ‌خَصْلَتَيْنِ ‌يُحِبُّهُمَا ‌اللهُ: ‌الْحِلْمُ، ‌وَالْأَنَاةُ) (رواه مسلم)، وقال بعض الحكماء: "مَن أسرع في الجواب أخطأ في الصواب، ومَن ركب العجل أدركه الزلل".

خاتمة: عود على بدء:

- تذكير بوصية اليوم مرة أخرى، مع الإشارة إلى مجمل فوائدها التي يرجى منها تحقق العزة للمؤمن.

فاللهم أعزنا بالإسلام، وزيِّنا بالإيمان، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تنبيه: اعلم أن الغنى المقصود في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الغنى الحقيقي، وهو غنى النفس، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ الغِنَى عن كَثْرَةِ العَرَضِ، ولَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ) (متفق عليه).

(2) يعني: أنك قد لا تبقى في الدنيا إلى أن يسقط هذا الحائط، بل العمر أقصر وأسرع من ذلك.

(3) لا مانع من الاعتذار عند الخطأ، ولكن هذا يجعل للناس عليك يدًا؛ فكيف إذا كان المعتَذَر إليه لئيمًا؟!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 113.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 109.87 كيلو بايت... تم توفير 3.31 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]