تمام المنة - الحج - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 256 - عددالزوار : 87806 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 165 - عددالزوار : 102249 )           »          الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 3835 )           »          الكبائر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 3037 )           »          التحذير من قطيعة الرحم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مفاتيح الرزق الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حقيقة الزهد في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          تأملات في آيات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 269 )           »          أمانة العامل .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 07-12-2019, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تمام المنة - الحج

تمام المنة - الحج (10)

الشيخ عادل يوسف العزازي




الفوات والإحصار

معناه:
معنى الفَوَات: أن يُسْبَق فلا يُدْرِك، كأن يَذْهَب إلى الحج وقد فاته الوقوفُ بعرفة.
ومعنى الإحصار: الحَبْس والمنع؛ أي: يُمْنَع عن إتمام النُّسُك.

دليل مشروعيته: قول الله -تعالى-: ï´؟ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ï´¾ [البقرة: 196].

حكم الفَوَات:
إذا فاته الوقوف بعرفة؛ بمعنى: أنه لم يُدْرِك الوقوف بها في أي وقت من الليل أو النهار، فقد فاته الحج، وعلى ذلك فحكمه كالآتي:
1- إن كان اشترط في إحرامه: "فمَحِلِّي حيث حبستني"، تحلَّل ولا شيء عليه؛ أي: إنه يخلع ملابس الإحرام، ويَلْبَس ملابسه الأخرى، ويرجع إلى أهله.
والأَوْلى: أن يتحلَّل بعمرة إن أمكنه، فيُتِم أعمال العمرة: بأن يذهب إلى مكة، فيَطُوف، ويَسْعَى، ثم يحلق أو يقصر.

2- وإن كان لم يشترط، تحلَّل، وعليه القضاء إن كان الحج واجبًا، واختلفوا إن كان تطوُّعًا، هل يجب عليه القضاء أم لا؟
على قولين، رجَّح شيخ الإسلام عدمَ وجوبِه، ورجح ابن عثيمين وجوب القضاء.
واختلفوا كذلك هل يجب عليه هَدْي أم لا؟
وليس هناك دليل يوجب ذلك؛ فالراجح عدمه.

حكم الإحصار:
مَن صُدَّ عن البيت بعدوٍّ، أَهْدَى؛ أي: ذَبَح الهَدْي، إذا كان ساق الهَدْي معه، ثم حَلَق؛ لأن الله -تعالى- قال: ï´؟ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ï´¾ [البقرة: 196].
وكذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه يوم الحُدَيْبِيَة بالحَلْق أو التقصير.
وأمَّا إن كان المحصر قد اشترط عند إحرامه: "مَحِلِّي حيث حَبَستني"؛ فإنه يتحلَّل، ولا شيء عليه.

ملاحظات:
1- الراجح أن هذا الهدي يكون واجبًا لمن ساقه، وأمَّا مَن لم يَسُقِ الهَدْي، فلا شيء عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُلْزِم كل مَن كان معه من الصحابة يوم الحُدَيْبِية بشراء الهَدْي، ومعلوم أن فيهم فقراء لم يكونوا ساقوا الهَدْي معهم.

2- الصحيح أن نَحْرَ الهَدْي إنما يكون في المكان الذي أُحْصِر فيه، ولا يَلْزَمه إرساله إلى الحرم ليُذْبَح هناك.

3- اختلفوا في حقيقة الإحصار: فيرى بعضهم أنه لا يكون إلا مَن حُصِر بعدو، والراجح أنه متى مُنِع عن البيت بعدو أو بغيره، كمن حُصِر لمرض، أو ذَهَاب نفقة ونحو ذلك، فحكمه سواء.

4- إذا أُحْصِر عن واجب كمَن يُمْنَع الوقوف في مُزْدَلِفة، فإنه لا يتحلَّل؛ لأنه يمكنه جبرُه بالدمِ.

5- الصحيح أنه لا قضاء على المُحْصَر؛ لأنه لم يَثْبُت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أحدًا أن يَقضِيَ شيئًا يوم الحُدَيْبِية، إلا أن يكون أُحْصِر عن حجَّة الفريضة، فعليه قضاؤها، وهذا هو الثابت عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما.


6- لا يَأكُل المُحْرِم من هَدْي الإحصار.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 07-12-2019, 03:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تمام المنة - الحج

تمام المنة - الحج (11)

الشيخ عادل يوسف العزازي



الهدي





معنى الهدي:
ما يُهْدَى من النَّعَم إلى الحرم؛ تقربًا إلى الله - عزَّ وجلَّ.

من أي شيء يكون الهَدْى؟
يكون الهَدْي من بَهِيمة الأنعام، وهي: الإِبِل، والبقر، والغَنَم.

وأقل ما يُجْزِئ في الهَدْي: شاة - ضَأْن، أو مَعْز - أو سُبُع بَدَنة، أو سُبع بقرة؛ يعني: يشارك سَبْعة في بَدَنة - وهو: الجمل - أو بقرة.

فعن جابر - رضي الله عنه - قال: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل، والبقر: كلُّ سبعةٍ منا في بَدَنةٍ"[1].

قال ابن القيم:
"فأَهْدَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغَنَم، وأَهْدَى الإِبِل، وأَهْدَى عن نسائه البَقَر، وأَهْدَى في مُقَامه، وفي عُمْرته، وفي حجَّته"[2]، ومعنى "في مُقَامه"؛ أي: وهو مقيم في وطنه، غير معتمِر أو حاجٍّ.

أقسامه:
الهَدْي: منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحبٌّ.

أولاً: الهَدْي المُستَحبُّ:
1- ما يُهْدِيه المُفْرِد، أو يُهْدِيه المعتمر.

2- ما يُرْسِل به المُقِيم هَدْيًا إلى البيت.

واعلم أنه إذا أرسل هَدْيًا إلى البيت، وهو مُقِيم فلا يعني ذلك أنه يكون مُحْرِمًا، بل هو حلالٌ[3]؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُهْدِي من المدينة، فأَفْتِلُ قَلائِد هَدْيِه، ثم لا يَجتَنِب شيئًا مما يَجتَنِب المُحْرِم"[4].

ثانيًا: أمَّا الهَدْي الواجب، فهو أقسام:
1- هَدْي التمتُّع.
2- هَدْي واجب على مَن ترك واجبًا من واجبات الحج.
3- هَدْي واجب على من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام.
4- هَدْي واجب بالجناية على الحرم؛ كالتعرُّض لصيده.
5- هَدْي واجب بالنذر.

تقليد الهَدْي، وإِشْعَار البُدْن:
ومعنى "الإشعار": أن يَكْشِط جلد "البَدَنة"، حتى يَسِيل الدم، ثم يَسْلته، ويكون ذلك في الجانب الأيمن لسَنمة البعير، وهذا الحكم مختصٌّ بالبعير فقط، دون البقر والغنم.

وأما "التقليد"، فهو أن يعلِّق في عنقها نعلين، أو يضع عليها شيئًا من صوف ونحوه، وهذا الحكم عام للبقر والغَنَم والإِبِل.

فعن ابن عباس - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر بذي الحُلَيفة، ثم دعا ناقته، وأشعرها في صفحة سَنَامها الأيمن، وسَلَت الدم عنها، وقلَّدها نعلين، ثم رَكِب راحلته"[5].

ومعنى: "صفحة سَنَامها": جانب السَّنمة، وهي أعلى الجمل.

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "فَتَلتُ قلائد بُدْن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاد البخاري: مِن عِهْنٍ كان عندي - ثم أشعرها وقلَّدها، ثم بَعَث بها إلى البيت"[6]، ومعنى "العِهْن": الصوف.

متى يُشْعر الهَدْي؟
من الأحاديث السابقة أنه إذا ساق الهَدْي معه، أشعره من المِيقات؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أشعر ناقته من ذي الحُلَيفة، كما في حديث ابن عباس السابق.

وأما إن أرسل بها تطوُّعًا وهو في بلده، أشعرها من مَحلِّ إقامته؛ لحديث عائشة السابق.

جواز ركوب الهَدْي:
عن جابر- رضي الله عنه - أنه سئل عن ركوب الهَدْي، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اركَبها بالمعروف إذا أُلْجِئت إليها حتى تجد ظهرًا))[7].

ومعنى ((أُلْجِئتَ)): اضطُرِرْتَ.

فهذا يدل على جواز ركوب الهَدْي إذا احتاج لذلك، وفي المسألة خلاف، والذي ذكرته هو الأرجح؛ للحديث السابق.

وهذا الحكم عامٌّ، سواء كان في هَدْيٍ واجبٍ، أو هَدْي تطوُّع.

وأجاز الجمهور أن يَحْمِل عليها متاعَه، ومنعه الإمام مالك، كما أجاز الجمهور أيضًا أن يَحْمِل عليها غيره إذا احتاج لذلك.

قال الشوكاني: "ونقل عياضٌ الإجماعَ على أنه لا يؤجِّرها"[8].

ماذا يفعل إذا عَطِب الهَدْي؟
عن أبي قَبيصة - رضي الله عنه - قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث معه بالبُدْن، ثم يقول: ((إن عَطِب منها شيءٌ، فخشيت عليها موتًا، فَانْحَرها، ثم اغْمِس نعلَها في دمِها، ثم اضرب صفحتها، ولا تَطْعَمها أنت ولا أحدٌ من أهل رُفْقَتِك))[9].

ومعنى هذا الحديث، كالآتي:
أنه إذا عَطِب الهَدْي أثناء الطريق؛ بمعنى: أصابه مكروهٌ يُخْشَى منه الموت، فعلى مَن يسوقها أن يتصرَّف فيها كالآتي:
1- ينحرها.

2- يَغْمِس نعلَها، أو قلائدها في دمِها، ثم يُلَطِّخ صفحتها؛ يعني: جانبها، ليعلم المارُّ أنها مما أُهْدَي للبيت.

3- لا يأكل هو ولا أحدٌ من رُفْقَته منها، وهذا سدًّا للذريعة؛ حتى لا يتسبَّب أحدٌ في إعطابها، إذا علم أنه لن يأكل منها.

4- يخلِّي بينها وبين بقية المارين ليأكلوا منها، وقد بيِّن ذلك في حديث آخر رواه أصحاب السنن، وفيه: ((وَخَلِّ بين الناس وبينه يأكلونه))[10].

هذا بالنسبة لهَدْي التطوُّع.

وأما الهَدْي الواجب، فإنه إذا عَطِب، فعليه أن يأتي بغيره؛ لأنه في ذمته حتى يؤديَه، ولا تَبْرَأ ذمَّتُه بمجرد شرائه.

حكم الأكل من الهَدْي:
قال - تعالى -: ï´؟ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ï´¾ [الحج: 36].

وقد تقدَّم في حديث جابر - رضي الله عنه -: "ثم انصرف إلى المَنْحَر، فنحر ثلاثًا وستين بَدَنة بيده، ثم أعطى عليًّا - رضي الله عنه - فنَحَر ما غبر وأشركه في هَدْيه، ثم أمر من كلِّ بَدَنةٍ ببَضْعَة، فجُعِلت في قِدْر فطُبِخت، فأكلا من لحمها، وشَرِبا من مَرَقها"[11].

وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ".. فدخل علينا يوم النَّحْر بلحم بقرٍ، فقلت: ما هذا؟ فقيل: نَحَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه"[12].

فالحديث الأوَّل: دليل على جواز الأكل من هَدْي التمتُّع والتطوُّع.

والثاني: دليل على جواز الأكل من هَدْي القِرَان، وقد ذهب بعضهم إلى وجوب الأكل من هذا الهَدْي؛ للأمر به في الآية، ولفعلِه - صلى الله عليه وسلم - حيث إنه أخذ من كلِّ بَدَنةٍ بَضْعة منها، ولم يَقتَصِر على أخذ اللحم من بعض البُدْن.

وأما مقدار ما يَأكله، فلم يحدِّده الشرع بشيءٍ.

قلتُ: وأمَّا ما عداها من الهَدْي كجزاء الصيد، أو هَدْي الإحصار، أو هَدْيٍ وجب لفعل محظور من محظورات الإحرام، أو ترك واجب من واجبات الحج، وكذلك ما كان عن نذر، فإنه لا يأكل منه[13].

قال ابن حزم: "كل هَدْيٍ أوجبه الله -تعالى- فرضًا، فقد ألزم صاحبه إخراجَه من ماله وقطعه منه، فإذا هو كذلك فلا يَحِلُّ له ما قد سقط ملكه عنه إلا بنص، لكن يأكل أهلُه وولدُه إن شاؤوا؛ لأنهم غيره، إلا ما سمَّى للمساكين، فلا يأكلوا منه إن لم يكونوا مساكين" [14].

تنبيه:
بقي بعض المسائل، وهي: السِّن المعتبرة في الهَدْي، وطريقة تقسيمها، وحكم إعطاء الجازِر منها، ووقت الذبح، وما يُجْزِئ منها، وما لا يجزئ.

وسيأتي بيان ذلك مع أحكام الأضحية.


[1] مسلم (1318)، وأبو داود (2809)، والترمذي (904)، وابن ماجه (3132).

[2] زاد المعاد (2/310).

[3] أعني لا يُحظر عليه شيء من محظورات الإحرام.

[4] البخاري (1698)، ومسلم (1321)، وأبو داود (1757)، وابن ماجه (3095).

[5] مسلم (1243)، وأبو داود (1752)، والترمذي (906)، والنسائي (5/174)، وابن ماجه (3097).

[6] البخاري (1705)، ومسلم (1321).

[7] مسلم (1324)، وأبو داود (1761)، والنسائي (5/177)، وأحمد (3/317).

[8] نيل الأوطار (5/163).

[9] مسلم (1325)، وابن ماجه (3105)، وأحمد (4/64).

[10] صحيح: رواه أبو داود (1762)، والترمذي (910)، وابن ماجه (3106).

[11] مسلم (1218).

[12] البخاري (1709)، ومسلم (1211).

[13] وقد تقدَّم بيان ذلك في مواضعه عدا النذر.

[14] المحلى (7/427).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 07-12-2019, 03:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تمام المنة - الحج

تمام المنة - الحج (12)

الشيخ عادل يوسف العزازي
الأضحية




يتعلَّق بحكم الأُضْحِية عدَّة مسائل، أوضِّحها فيما يلي:
المسألة الأولى: معنى الأُضْحِية:
الأُضْحِية: ما يُذْبَح يوم الأضحى؛ تقربًا إلى الله - عزَّ وجلَّ - ويقال فيها: أُضْحِيَّة، وإِضْحِيَّة، وضَحِيَّة، وأَضْحَاة.

المسألة الثانية: حكم الأُضْحِية:
الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم أن الأُضْحِية سُنَّة، وهو الثابت عن الصحابة.

فعن حُذَيفة بن أَسِيد - رضي الله عنه - قال: "لقد رأيتُ أبا بكر وعمر وما يضحِّيان؛ كراهية أن يُقْتَدى بهما".

وعن أبي مسعود البَدْري - رضي الله عنه - قال: "لقد هممتُ أن أَدَع الأُضْحِية - وإني لمن أيسرِكم - مخافةَ أن يحسب الناس أنها حتم واجب".

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "الأُضْحِية سنة".

قال ابن حزم: "ولا يصح عن أحد من الصحابة أن الأُضْحِية واجبة"[1].

هذا، وقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الأُضْحِية واجبة، ومال إلى هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال ابن عثيمين: "والقول بالوجوب للقادر قوي؛ لكثرة الأدلة على عناية الشرع واهتمامه بها" [2].

المسألة الثالثة: السِّنُّ المعتبرة في الأُضْحِية:
عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّة، إلا أن يَعْسُر عليكم، فتذبحوا جَذَعة من الضَأْن))[3].

فهذا الحديث يدل على أنه يشترط في الأُضْحِية أن تكون ((مُسِنَّة))؛ أي: ((ثَنِيَّة))، وأنه لا يجزئ الجَذَع من الضَأْن إلا إذا تعسَّر المُسِنَّة.

و((المُسِنَّة)): من الإبل ما له خمس سنوات، ومن البقر ما له سنتان، ومن المَعْز ما له سنة[4].

وأما ((الجَذَع)) من الضَأْن، فقيل: ما له سنة، وقيل: ستة أشهر، وقيل: ثمانية أشهر[5].

فهذا الحديث يدل بظاهره على أن الضَأْن لا يجزئ إلا إذا تعسَّر المُسِنَّة، ويشكل على هذا ما ثبت في الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الجَذَع يُوفِّي مما يُوفِّي منه الثَّنِيُّ))[6].

قال النووي: "ومذهب العلماء كافَّة أنه يجزئ؛ يعني: الجَذَع من الضَأْن، سواء وُجِد غيره أم لا، وحَمَلوا هذا الحديث على الاستحباب والأفضل، وتقديره: يُستَحبُّ لكم ألا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّة، فإن عجزتم فجَذَعة ضَأْن، وليس فيه تصريح بمنع جَذَعة الضَأْن، وأنها لا تجزئ بحال، وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره"[7]، وقوَّى هذا الكلام الحافظ ابن حجر - رحمه الله - وساق الأدلة على جوازه.

المسألة الرابعة: وقت الذَّبح:
عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يومَ النحر: ((مَن كان ذبح قبل الصلاة، فليُعِد))، وفي رواية: ((مَن ذبح قبل الصلاة، فإنما يَذْبَح لنفسه، ومَن ذبح بعد الصلاة، فقد أتم نُسُكَه، وأصاب سُنة المسلمين))[8].

فهذا يدل على أن أول وقت الأُضْحِية يكون بعد صلاة العيد، وأما مَن ذبح قبل ذلك، فلم يُصِب الأُضْحِية، وتكون ذبيحتُه للأكل، وليس فيها ثواب القُربة، ويجب عليه إعادة الذبح بأضحية أخرى.

وقيَّد المالكية الذبح بقَيْدٍ آخر، وهو: أن يكون بعد ذبح الإمام؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن جابر، قال: "صلَّى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر بالمدينة، فتقدَّم رجال فنَحَروا، وظنُّوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نَحَر، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- مَن كان نَحَر قبله أن يُعِيد بنحر آخر، ولا يَنَحروا حتى يَنَحر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم"[9].

ويُحْمَل هذا - والله أعلم - على خصوصيته بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه لم يُشِر -صلى الله عليه وسلم- أن هذا الحُكم لمن يَذْبَح قبل الإمام مطلقًا، ولتَعَذُّر تحقُّقه في هذه الأعصار، والله أعلم.

ولا مانع أن يكون ذلك تقديريًّا، كما قال الشافعي - رحمه الله -: "وقت الأضحى قدر ما يدخل الإمام في الصلاة، وذلك إذا نوَّرت الشمس، فيصلِّي ركعتين، ثم يخطب خطبتين خفيفتين، فإذا مضى من النهار مثل هذا الوقت، حلَّ الذبح"[10].

وأما عن آخر وقت النحر، فقد ثبت في الحديث: ((كل أيام التشريق ذبحٌ))[11].

وهذا يدل على أن أيام الذبح: يوم النحر وأيام التشريق، فتكون الأيام بَدْءًا من يوم النحر حتى غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وسواء في ذلك الليل أو النهار على الراجح.

المسألة الخامسة: ما لا يضحَّى به لعَيْبِه:
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أربع لا تَجُوز في الأضاحي: العَوْرَاء البيِّن عَوَرُها، والمريضة البيِّن مرضها، والعَرْجَاء البيِّن ظَلْعها، والكسير التي لا تُنْقِي))[12]، وفي رواية الترمذي ((العَجْفاء)) بدلاً من الكسير. والمقصود بها: الهَزِيلة التي لا مخَّ لها.

وعن علي - رضي الله عنه - قال: "أَمَرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نَستَشْرِف العين والأُذُن، وألا نضحِّي بمقابَلَة، ولا مُدَابَرَة، ولا شَرْقَاء، ولا خَرْقَاء"[13].
((المقابَلة)): التي قُطِع طرف أذنها.
و((المُدَابَرة)): قطع مؤخر أذنها.
((والشَّرْقَاء)): مشقوقة الأذن طولاً.
و((الخَرْقَاء)): التي في أذنها خرق مستدير.

فدلَّت هذه الأحاديث على أنه لا يُجْزِئ الأُضْحِية إذا كان بها عيب بأُذنها أو عينها، أو أن تكون عَرْجَاء بيِّنًا ظَلْعها، أو مريضة بيِّنًا مرضها، وكذلك الهَزِيلة.

ملاحظات:
1- إذا كان المرض أو العَوَر أو العرج يسيرًا غير واضح، جازت الأُضْحِية؛ لأنه قيِّد في الحديث بكونه (بيِّنًا)؛ يعني: (واضحًا).

2- لا يجوز الأُضْحِية بما كان في معنى ما ذُكِر، وأشد: كالعمياء، والمقطوعة الرِّجل، وشبهه، قاله الشوكاني [14].

3- يُسْتَحبُّ اختيار الأُضْحِية؛ لقوله: "أُمْرِنا أن نَستَشْرِف العين والأذن"، وكذلك ما ثبت في الحديث عن أبي أُمَامَة قال: "كنا نسمِّن الأُضْحِية بالمدينة، وكان المسلمون يسمِّنون"[15].

وأفضل اختيار للأضحية أن يكون سمينًا، وأن يكون كامل القرون، وأن يكون "أملح"، وهو الأبيض، والأفضل فيه: أن تكون قدماه وفمه وعيناه في سواد.

والأدلة على ذلك:
أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – "ضحَّى بكبشين سمينين، عظيمين، أَمْلَحين، أَقْرَنين"[16]، وعن أبي سعيد قال: "ضحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبش أَقْرَن فَحِيل، يأكل في سواد، ويمشي في سواد، وينظر في سواد"[17].

4- ما تقدَّم هو في بيان الأفضل، ولكنه يجوز أن يضحَّى بأي لون، ولكن الأبيض أفضل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((دَمُ عَفْرَاء أحبُّ إلى الله من دَمِ سوداوين))[18].

و((الأَعْفَر)): بياض يعلوه حمرة؛ أي: ليس بشديد البياض.

5- تجوز الأُضْحِية بالفَحِيل والخَصِي:
أما دليل الأُضْحِية بالفَحِيل وهو الذي لم يُخْصَ، فقد تقدَّم في حديث أبي سعيد السابق.

وأما دليل الخَصي، فلما ثبت عن أبي رافع قال: "ضحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أَمْلَحين، مَوجُوءين، خَصِيَّين"[19].

((والمَوجُوء)): منزوع الأُنْثَيين؛ يعني: الخُصْيَتين.

6- إذا كانت بالأُضْحِية عيوب أخرى غير المذكورة في الأحاديث السابقة، جازت الأُضْحِية وأَجْزَأت، وإن كان الأفضل اختيار الأكمل.

وعلى هذا؛ فمكسور القرن كلِّه أو بعضه، ومقطوع الذيل والأَلْيَة، ومكسور الأسنان وغير ذلك، لا يؤثر في جواز الأُضْحِية؛ لأن الأحاديث الواردة في عدم الأُضْحِية بها ضعيفة لا تصح[20].

المسألة السادسة: ما يُجزئ عن الشخص:
تُجْزِئ الشاة عن الشخص الواحد وعن أهل بيته، وتجزئ البقرة، والبَدَنة عن سبعة؛ يعني: وأهاليهم، فيكون نصيب كل واحد سُبع بقرة، أو سُبع بَدَنة.

فعن عطاء بن يَسَار، قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: "كان الرجل في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويُطْعِمون"[21].

وأما دليل البقر والإبل؛ فعن جابر - رضي الله عنه - قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نَشْتَرك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بَدَنة))[22].

و((البَدَنة)): البعير، ويطلق أيضًا على البقر.

المسألة السابعة: فيما يتعلَّق بالذبح:
يُسْتَحبُّ نحر الإبل قائمةً معقولةً؛ يعني: مربوطة اليسرى.

فعن ابن عمرو - رضي الله عنهما - أنه أتى على رجل قد أناخ بَدَنته ينحرها، فقال: "ابعثها قيامًا مقيَّدة؛ سنة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم"[23].

ومعنى (مقيدة)؛ أي: مربوطة.

وأما الغنم، فقد ثبت عن أنس - رضي الله عنه - قال: "ضحَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بكبشين، أملحين، أقرنين، ورأيتُه يذبحهما بيده واضعًا قَدَمه على صِفَاحهما، وسمَّى اللهَ وكبَّر"[24].

ويُشْتَرط للذبح شروط:
1- أن يسمِّي بأن يقول: "بسم الله، والله أكبر"، انظر: الحديث السابق، ويستحب أن يَزِيد: "اللهم هذا عن فلان - ويسمي نفسه - وآل بيته".

أو يقول: "اللهم إن هذا عني وعن أهل بيتي، اللهم إن هذا منك ولك"، وقد ثبت ذلك عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث عائشة - رضي الله عنها[25].

2- أن يُنْهِر الدمَ؛ وذلك بقطع أحد الوَدَجَين على الأقل مع الحُلْقُوم والمَرِيء، وهما العِرْقَان الغليظان المحيطان بالحُلْقُوم، والأكمل في الذبح أن يقطع الوَدَجَين مع الحلقوم والمَرِيء.

3- أن يكون الذابح عاقلاً، ويجوز للمضحِّي أن يتولَّى الذبح بنفسه، ويجوز له أن يوكِّل غيره؛ على أن يكون وكيله مسلمًا[26].

المسألة الثامنة: في الأكل منها وتقسيمها:
وردت الأحاديث بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهاهم في بادئ الأمر عن ادِّخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ثم قال لهم: ((إنما نهيتُكم من أجل الدافَّة التي دفَّتْ، فكُلُوا وادَّخروا وتصدَّقوا))[27].

و"الدافَّة": جماعة قَدِموا المدينة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنهاهم عن الادِّخار؛ لكي يزوِّدوا هؤلاء بالطعام.

فدل ذلك على: جواز الأكل من الأُضْحِية، ووجوب التصدُّق منها، وقد ذهب بعض أهل العلم أيضًا إلى وجوب الأكل منها.

واعلم: أنه لم يحدِّد الشرع تقدير القسمة في الأكل والتصدُّق، بل يصح بكل ما يطلق عليه إتيان المأمور به من الأكل والتصدق، ولو كان بعضها قليلاً جدًّا، والآخر كثيرًا جدًّا.

قال الشوكاني: "فيه دليل على عدم تقدير الأكل بمقدار، وأن للرجل أن يأكل من أضحيته ما شاء وإن كثر، ما لم يستغرق - أي: كل الأُضْحِية - بقرينة قوله: ((وأطعموا)) [28].

المسألة التاسعة: ما يجب على من أراد أن يضحِّي:
عن أم سَلَمة - رضي الله عنها - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليُمْسِك عن شعره وأظفاره))، وفي رواية: ((حتى يضحِّي))[29].

ففي هذا الحديث: دليل على وجوب ترك الشعر والظُّفر لمن أراد أن يضحِّي، بَدْءًا من أول رؤية هلال شهر ذي الحجة حتى يضحِّي، وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى تحريم الأخذ من الشعر والظفر؛ عملاً بهذا الحديث، وهو الراجح.

وهو مذهب أحمد، وإسحاق، وداود الظاهري، وبعض أصحاب الشافعي.

ويتعلَّق بذلك أمور:
1- هل هذا الحكم يَجْرِي على أهل بيته الذين يضحِّي عنهم، أم يختص بالمضحِّي فقط؟
فيه خلاف، ورجَّح ابن عثيمين أن هذا خاص برب البيت فقط الذي يضحِّي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خصَّه به.

2- لو انكسر ظفر، أو نبت في داخل الجَفْن شعر فتأذَّت به العين، فجائز إزالته؛ لأنه لرفْع أذى.

3- لو تجاوز الإنسان وأخذ من شعره، أو بشَرَتِه، أو جلده شيئًا، أَثِم، ولا فدية عليه.

4- لا علاقة بين الأخذ المذكور وصحة الأُضْحِية، فأضحيته صحيحة إذا تمَّت شروطها، حتى لو أخذ شيئًا مما ذكر.


5- ما اشتهر على الألسنة أن هذا النهيَ ليكونَ المضحِّي متشبهًا بالحاج قياس باطل لا دليل عليه، وبناءً على هذا؛ فلا يَحْرُم على المضحِّي شيء من محظورات الإحرام التي يمتنع منها الحاج.

6- إذا لم يَنْوِ الأُضْحِية إلا في أثناء العشر، فإنه يبتدئ تحريم الأخذ من حين نيته في الأُضْحِية.

ملاحظات عامة:
1- ما ورد عن بعض الفقهاء بتقسيم الأُضْحِية إلى ثلاثة أثلاث، لا يعني المساواة في الثلث، ولكن يفهم بأن المراد بأنها تقسم ثلاثة أجزاء: يأكل جزءًا، ويتصدق بآخر، ويُهْدي ثالثًا، ولا يشترط المساواة.

2- ما يفعله كثير من الناس من الذبح ليلاً يوم العيد أو الذبح قبل الصلاة، لا يقع ذبحهم أضحية، ولا يثابون عليها ثواب الأُضْحِية؛ وإنما يثابون ثواب الصدقة لو تصدَّقوا بها، ويجوز أكلها إذا ذُبِحت ذبحًا صحيحًا.

3- الأُضْحِية إذا ذُبِحت لا يُعْطَى الجزَّار منها شيئًا لأجل الأجرة، لا من جلودها ولا من غيره؛ فعن علي - رضي الله عنه - قال: "أمرني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بُدْنه، وأن أتصدَّق بلحومها، وجلودها وأَجِلَّتها، وألا أُعْطِي الجَازِر منها شيئًا، وقال: ((نحن نُعْطِيه من عندنا))[30].

وقوله: (وأجلتها): جمع جلال: ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه أثناء إهدائه للبيت.

4- وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز إعطاء الجازِر بعد توفيته أجرته، إذا كان فقيرًا، ويرى بعضهم المنع عمومًا؛ خشية أن يقع تسامح في الأجرة من أجل الذبح.

وإن أخذ الفقير من جلودها أو لحمها شيئًا، فله حق التصرف فيه ولو بالبيع.

5- إذا فات وقت الأُضْحِية، ولم يتمكَّن من الذبح، فهل يَقْضِيها بعد وقتها؟

قال ابن عثيمين: "والصواب في هذه المسألة: أنه إذا فات الوقت، فإن كان تأخيره عن عَمْد؛ فإن القضاء لا ينفعه، وأما إن كان عن نسيان، أو جهل، أو انفلتت البهيمة وكان يرجو وجودها قبل فوات الذبح حتى انفرط عليه الوقت، ثم وجدها، ففي هذه الحالة يذبحها" [31].

6- في تعيين الأُضْحِية: اختار شيخ الإسلام أنه إذا اشترى الأُضْحِية بنية الأُضْحِية تعيَّن ذلك، ويرى بعض أهل العلم أنه لا تتعيَّن إلا بالقول بأن يقول: "هذه أضحية"، وقد ذهب ابن حزم إلى أنها لا تتعيَّن، ولا تكون أضحية إلا بذبحها أو نحرها، إلا إذا نذر ذلك فيه، فيلزمه الوفاء.

قال ابن حزم: "ولا يلزم مَن نوى أن يضحِّي بحيوان مما ذكرنا أن يضحِّي به ولا بد، بل له ألا يضحِّي به إن شاء إلا أن ينذر ذلك فيه، فيلزمه الوفاء به" [32].

7- بِناءً على ما تقدَّم من قول ابن حزم - وهو الراجح عندي - فيجوز لمن اشترى أضحية ولم يضحِّ بها بعد، أن يتصرَّف فيها كيف شاء: من إبدالها، أو بيعها، أو هِبَتها، أو أن يَجُزَّ صوفها، ويتصرف فيه كيف شاء ولو بالبيع، ويشرب لبنها أو يبيعه، وإن ولدت فله أن يُمْسِك ولدها، أو يذبحه، أو يبيعه[33].

8- إن اشتراها وبها عيب لا يجزئ في الأُضْحِية ثم برئت، فالراجح جواز الأُضْحِية بها، والعكس إن اشتراها سليمة ثم أصابها عيب لا يجزئ في الأُضْحِية، فإنها لا تصح.

9- لا يجوز شراء لحوم والتصدق بها بدلاً من الأُضْحِية، أو التصدُّق بثمنها؛ إذ الأُضْحِية لا تكون قربة إلا بذبحها.

10- إذا أعطاها للفقراء سليمة قبل الذبح، لم تَصِحَّ أضحيته، وله ثواب الصدقة؛ إذ شرط الأُضْحِية الذبح، فلو وكَّلهم أن يذبحوها أجزأت، ولكن لا يفعل ذلك إلا إذا وَثِق بالفقير؛ خشية أن يبيعها ولا يذبحها.

11- لا تُشْرَع الأُضْحِية عن الأموات استقلالاً: كأن يقول هذه الأُضْحِية عن فلان "متوفَّى"، ولو كان قريبًا؛ إنما يَدْخُلون ضمنًا، بأن يقول: هذا عني، وعن أهل بيتي.


[1] المحلى (8/9).

[2] الشرح الممتع (7/519).

[3] مسلم (1963)، وأبو داود (2797)، والنسائي (7/218)، وابن ماجه (3141).

[4] الشرح الممتع (7/460).

[5] نيل الأوطار (5/202)، وفتح الباري (10/5).

[6] صحيح: رواه أبو داود (2799)، والنسائي (7/215)، وابن ماجه (3140).

[7] نقلاً من فتح الباري (10/15).

[8] البخاري (5546، 5561)، ومسلم (1960).

[9] مسلم (1964).

[10] نقلاً من معالم السنن للخطابي على هامش أبي داود (2/234).

[11] حسن لشواهده: رواه أحمد (4/82)، وابن حبان (3854)، والدارقطني (2/284).

[12] صحيح: أبو داود (2802)، والترمذي (1497)، والنسائي (7/214)، وابن ماجه (3144).

[13] صحيح: أبو داود (2804)، والترمذي (1498)، والنسائي (7/215)، وابن ماجه (3142).

[14] نيل الأوطار (5/206).

[15] رواه البخاري تعليقًا (10/9)، ووصله أبو نُعَيم في المستخرج، كما قال الحافظ.

[16] صحيح: رواه أحمد (6/136)، وأصل الحديث في البخاري (5553، 5554) دون قوله: "سمينين".

[17] صحيح: رواه أبو داود (2796)، والترمذي (1496)، والنسائي (7/321)، وابن ماجه (3128).

[18] حسن لغيره: رواه أحمد (2/417)، وانظر: الصحيحة للألباني (1861).

[19] صحيح: رواه أحمد (6/8)، وله شواهد من حديث عائشة، وأبي هريرة.

[20] انظر في ذلك المحلى (8/9 - 13).

[21] صحيح: رواه الترمذي (1505)، وابن ماجه (3147).

[22] مسلم (1318)، وأبو داود (2808)، والترمذي (904)، والنسائي.

[23] البخاري (1713)، ومسلم (1320).

[24] البخاري (5558)، ومسلم (1966)، وأبو داود (2794)، والترمذي (1494)، والنسائي (7/219)، وابن ماجه (3120).

[25] مسلم (1967)، وأبو داود (2792).

[26] رجح ذلك ابن عثيمين، وعلَّل أنها عبادة؛ فلا تصح إلا ممن تصح منه القربة، ورجَّح ابن حزم جواز الذبح من الكتابي أيضًا، وما ذهب إليه ابن عثيمين أَولى وأحوط، وأما ذبيحة الكتابي، فحلال بشروطها.

[27] البخاري (5570) مختصرًا، ومسلم (1971).

[28] نيل الأوطار (5/220).

[29] مسلم (1977)، وأبو داود (2791)، والترمذي (1533)، والنسائي (7/211)، وابن ماجه (3149).

[30] البخاري (1707)، ومسلم (1317)، وأبو داود (1769)، وابن ماجه (3099).

[31] الشرح الممتع (7/504).

[32] المحلى (8/40).

[33] المحلى (8/41)، وهذه المسألة - والمسألتان بعدها - مبنية على ما رجحناه، وإلا ففي هذه المسائل خلاف بناء على الخلاف المذكور في الملاحظة (6).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 07-12-2019, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تمام المنة - الحج

تمام المنة - الحج (13)

الشيخ عادل يوسف العزازي
فضائل في الحج [1]





أولاً: فضل مكة:
اعلم يا أخي أن الله - تعالى - جعل لمكة في الفضل مزايا، وخصَّها ببيته الذي هو قِبْلة للبرايا، وبحجِّه الذنبُ مغفور، وبالطواف به تَكْثُر الأجور.

اختار الله خير الأماكن والبلاد وأشرفَها، وهي البلد الحرام، وجعلها مناسكَ لعباده، وأوجب عليهم الإتيان إليها من القُرْب والبُعْد من كل فَجٍّ عميق، فلا يدخلونها إلا متواضعين، متخشِّعين، متذلِّلين، كاشفي رؤوسهم، متجرِّدين عن لباس أهل الدنيا.

فمن فضائلها:
1- جعلها الله حرمًا آمنًا:
قال - تعالى -: ï´؟إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَï´¾ [النمل: 91].

وليس على وجه الأرض بقعةٌ - يجب على كل قادر السعيُ إليها، والطوافُ بالبيت الذي فيها - غيرها.

وليس على وجه الأرض موضِع يُشْرَع تقبيلُه واستلامه - وتحط الخطايا والأوزار - غير حجرها الأسود، وركنها اليماني.

2- والصلاة في مسجدها الحرام بمائة ألف صلاة:
عن عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((صلاة في مسجدي هذا أفضلُ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجدَ الحرامَ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة))[2].

3- وهي أحب بلاد الله إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -:
عن عبدالله بن عدي - رضي الله عنه - قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته واقفًا بالحَزْوَرة يقول: ((والله إنكِ لخيرُ أرضِ الله، وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أني أُخْرِجتُ منك ما خرجتُ))[3].

((والحَزْوَرة)): موضع بمكة.

4- وهي الحبيبة إلى قلب نبينا - صلى الله عليه وسلم -:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أطيبَك من بلدة، وأحبَّك إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنتُ غيرك))[4].

5- ولقد حرَّمها الله يوم خلق السموات والأرض:
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله حرَّم مكة يوم خلق السموات والأرض؛ فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لم تَحِلَّ لأحد قبلي، ولا تَحِلُّ لأحد بعدي، ولم تَحِلَّ لي قط إلا ساعة من الدهر، لا يُنفَّر صيدها، ولا يُعْضَد شوكها، ولا يُخْتَلى خَلاَها[5]، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لمُنْشدٍ))[6].

وفي رواية: ((فإن أحدٌ ترخَّص لقتالِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، فقولوا: إن الله قد أَذِن لرسوله، ولم يَأْذَن لكم، وإنما أَذِن لي ساعةً من نهار، ثم عادت حرمتُها اليومَ كحرمتها بالأمس، وليُبلغ الشاهد الغائب))[7].

6- ومن خصائصها:
كونها قِبْلةً لجميع المسلمين، فليس على وجه الأرض قبلةٌ غيرها.

7- ومن خصائصها أيضًا:
أنه يَحْرُم استقبالها واستدبارها عند قضاء الحاجة، دون سائر بقاع الأرض.

8- ومما يدل على تفضيلها:
أن الله - تعالى - أخبر أنها أمُّ القُرَى، فالقرى كلها تَبَعٌ لها، وفرعٌ عليها.

وهي أصل القرى، فيجب ألا يكون لها في القرى عَدِيل، كما أن الفاتحة أم الكتاب ليس لها في الكتب الإلهية عَدِيل.

9- ومن خصائصها:
أنه لا يجوز دخولها - لغير أصحاب الحوائج المتكرِّرة - إلا بإحرام، وهذه خاصية لا يشاركها فيها شيء من البلاد، وهذه المسألة تلقَّاها الناس عن ابن عباس - رضي الله عنهما.

10- ومن خصائصها:
أنها يعاقَب فيها على الهمِّ بالسيئات، وإن لم يفعلها، قال - تعالى -: ï´؟ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ï´¾ [الحج: 25].

ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيها، لا كمياتها.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الكبائر تسع: أعظمُهن: إشراكٌ بالله، وقتلٌ بغير حقٍّ، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم، وقذفُ المحصنة، والفرارُ يومَ الزحف، وعقوقُ الوالدين، والسِّحرُ، واستحلالُ البيت الحرام قبلتِكم، أحياءً وأمواتًا))[8].

وقد ظهر سر هذا التفضيل والاختصاص في انجذاب الأفئدة - وهي القلوب - وانعطافها ومحبتها لهذا البلد الأمين، فجذبُه للقلوب أعظمُ من جذب المغناطيس للحديد.

ولهذا أخبر - سبحانه - أنه مثابةٌ للناس؛ أي: يثوبون إليه على تعاقب الأعوام من جميع الأقطار، ولا يقضون منه وطرًا، بل كلما ازدادوا له زيارة، ازدادوا له اشتياقًا.

ثانيًا: فضل الحجر الأسود:
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كان الحجر الأسود أشدَّ بياضًا من الثلج، حتى سوَّدتْه خطايا بَنِي آدم))[9].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يَحُطَّان الخطايا حطًّا))[10].

وعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لولا ما مسَّ الحجرَ من أنجاس الجاهلية ما مسَّه ذو عاهةٍ إلا شُفِي، وما على الأرض شيءٌ من الجنة غيرُه))[11].

عن ابن عباس مرفوعًا: ((إن لهذا الحجر لسانًا وشفتين، يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق))[12].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليَأْتِيَنَّ هذا الحجَرُ يوم القيامة له عينان يُبْصِر بهما، ولسانٌ يَنْطِق به، يشهد على من استلمه بحق))[13].

ثالثًا: فضل الركن اليماني والمقام:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الركن والمقام يَاقُوتَتَان من يَوَاقِيت الجنة))[14].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الركن والمقام يَاقُوتَتَان من يَوَاقِيت الجنة، طَمَس الله نورَهما، ولو لم يَطْمِس نورَهما، لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب))[15].

وفيما مرَّ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطَّان الذنوب حطًّا))، وقد تقدم تخريجه.

رابعًا: فضل زمزم:
الفضيلة الأُولى: غَسْل قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - بماء زمزم:
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أُتِيتُ ليلةَ أُسْرِي بي، فانطلق بي إلى زمزم، فشرح عن صدري، ثم غسل بماء زمزم))[16].

الفضيلة الثانية: ماء زمزم لِما شُرِب له:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ماءُ زمزمَ لما شرب له))[17].

الفضيلة الثالثة: ماء زمزم طعام طُعْم:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((زمزم طعام طُعْم، وشفاء سُقْم))[18].

الفضيلة الرابعة: زمزم شفاء سُقْم:
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحمل ماء زمزم في الأَدَاوِي، والقِرَب، وكان يَصُبُّ على المرضى ويَسْقِيهم"[19].

الفضيلة الخامسة: ماء زمزم يتحف به الضِّيفان.

خامسًا: فضل المدينة، وزيارة المسجد النبوي:
يُستَحبُّ زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه؛ لأن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.

فإذا وصلتَ المسجد؛ فَصَلِّ فيه ركعتين تحية المسجد، أو صلاة الفريضة إن كانت قد أقيمت.

ثم اذهب إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقِفْ أمامه، وسلِّم عليه قائلاً: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، صلَّى الله عليك وجزاك عن أمتك خيرًا"، ثم اخطُ عن يمينك خطوةً أو خطوتين؛ لتقف أمام أبي بكر، فسلِّم عليه قائلاً: "السلام عليك يا أبا بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا"، ثم اخطُ عن يمينك خطوةً أو خطوتين؛ لتقف أمام عمر، فسلِّم عليه قائلاً: "السلام عليك يا عمر أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا".

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 07-12-2019, 03:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تمام المنة - الحج

تمام المنة - الحج (13)

الشيخ عادل يوسف العزازي
فضائل في الحج [1]


الأماكن المشروع زيارتها بالمدينة:
اخرج إلى مسجد قُبَاء متطهِّرًا، وصلِّ فيه.

اخرج إلى البَقِيع، وزُرْ قبر عثمان - رضي الله عنه - وقِفْ أمامه، فسلِّم عليه قائلاً: "السلام عليك يا عثمان أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك، وجزاك عن أمة محمد خيرًا"، وسلِّم على من في البقيع من المسلمين.

اخرج إلى أُحُد، وزُرْ قبر حمزة - رضي الله عنه - ومن معه من الشهداء هناك، وسلِّم عليهم، وادع الله - تعالى - لهم بالمغفرة والرضوان[20].

ومما ورد في فضل المدينة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - تعالى - سمَّى المدينة طَابَة))[21].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله أمرني أن أسمِّي المدينة طَابَة))[22].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن إبراهيم حرَّم بيت الله وأَمَّنه، وإني حرَّمت المدينة ما بين لاَبَتَيْها[23]، لا يُقْطَع عِضَاها[24]، ولا يُصَاد صيدُها))[25].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفَي ما جعلتَ بمكة من البركة))[26].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إن إبراهيم كان عبدَك وخليلَك، ودعاك لأهل مكة بالبركة، وأنا محمدٌ عبدُك ورسولُك أدعوك لأهل المدينة، أن تُبَارك لهم في مُدِّهم وصَاعِهم مِثْلَي ما باركتَ لأهل مكة، مع البركة بَرَكتينِ))[27].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الإيمان ليَأْرِز[28] إلى المدينة كما تَأْرِز الحيَّة إلى جُحْرها))[29].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما المدينة كالكِير تَنْفِي خَبَثها، وتَنْصَع طِيبَها))[30].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنها طَيْبَة، تَنْفِي الرجال كما تَنْفِي النارُ خَبَث الحديد))[31].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أُحَرِّم ما بين لاَبَتَي المدينة، أن يُقْطَع عِضَاها، أو يُقْتَل صيدُها، المدينةُ خيرٌ لهم، لو كانوا يعلمون، لا يَدَعُها أحدٌ رغبةً عنها إلا أبدل الله فيها مَن هو خيرٌ منه، ولا يَثْبُت أحدٌ على لأْوَائها[32] وجَهْدِها إلا كنتُ له شفيعًا، أو شهيدًا يوم القيامة، ولا يريد أحدٌ أهلَ المدينة بشرٍّ إلا أذابه الله في النار ذوبَ الرَّصَاص، أو ذوبَ المِلْح في الماء))[33].

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن استطاع أن يموت بالمدينة فليَمُت بها؛ فإني أَشْفَع لمَن يموت بها))[34].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أخاف أهل المدينة، فقد أخاف ما بين جَنْبَيَّ))[35].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أخاف أهل المدينة أخافه الله))[36].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أراد أهل المدينة بسوءٍ، أذابه الله، كما يَذُوب المِلْح في الماء))[37].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنها حَرَمٌ آمِنٌ، إنها حَرَمٌ آمِنٌ - يعني: المدينة))[38].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((المدينة حرامٌ ما بين عَيْر إلى ثَوْر، فمَن أحدث فيها حَدَثًا، أو آوَى فيها مُحْدِثًا، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين))[39]، ((عَيْر)) و((ثور)): جبلان، هما حدود المدينة.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((على أنقاب المدينة ملائكة، لا يَدْخُلها الطاعون، ولا الدَّجَّال))[40].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَدْخُل المدينة رُعْب المسيح الدَّجَّال، لها يومئذٍ سبعةُ أبوابٍ، على كل باب مَلَكان))[41].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((يأتي الدَّجَّالُ المدينةَ، فيَجِدُ الملائكة يَحْرُسونها، فلا يدخلها الدَّجَّال، ولا الطاعون إن شاء الله))[42].

ملاحظات وتنبيهات:
1- اعلم أن زيارة المدينة لا علاقة لها بأعمال الحج، فلو أتم نُسُكَه، ولم يَشُدَّ رَحْلَه إلى المدينة؛ فحجُّه صحيح، ولا شيء عليه.

2- اعلم أن زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - تابعةٌ لزيارة المسجد، فتكون نية الذاهب إلى المدينة شدُّ الرِّحَال إلى المسجد النبوي، وليس إلى القبر الشريف.

3- ما يقوم به البعض من المَزَارات لا دليل عليه، من ذلك: موقِع الخَنْدَق، ومسجد القِبْلَتين، ومسجد الغَمَامة، والمساجد التي يقال عنها: "المساجد السبعة"، فكل هذه لا دليل على زيارتها، ولا ثواب على ذلك.

4- من الأخطاء كذلك: تحميل الحُجَّاج السلام على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم.

5- من البدع: التزام دعاء معين عند دخول المدينة.

6- من المنكرات الشائعة: استقبال قبره - صلى الله عليه وسلم - عند الدعاء، أو قصد القبر للدعاء عنده.

7- من المنكرات: تقبيل القبر، أو استلامه.

8- من المنكرات: التمسُّح بالمنبر والنحاس الموجود حوله.

9- من الأخطاء: التزام زوَّار المسجد النبوي المقام فيه أسبوعًا؛ حتى يتمكَّن من أربعين صلاة في المسجد.

10- من المنكرات: الخروج من المسجد النبوي القَهْقَرى عند الوداع.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأسأله - سبحانه - أن يجعله خالصًا لوجهه، وأن يجزيَنا بالإحسان إحسانًا، وعن السيئات عفوًا وغفرانًا، وما كان من صواب فمن الله وحده، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان.

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارِك على عبدِك ونبيِّك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] قد استفدت هذه الفضائل، والتعليقات عليها، والحكم على أحاديثها من كتاب "الرياض النضرة" لفضيلة الشيخ الدكتور سيد حسين العفاني - حفظه الله.

[2] إسناده صحيح: رواه أحمد (4/5)، وابن حبان في صحيحه (1620)، (1621)، وصحَّحه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3841)، وصحَّحه الشيخ شعيب الأرناؤوط، والشيخ عبدالقادر الأرناؤوط.

[3] إسناده صحيح: الترمذي (3925)، والنسائي في الكبرى (4252)، وابن ماجه (3108)، وأحمد (4/305)، والحاكم (3/431)، وصحَّحه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

[4] صحيح: رواه الترمذي (3926)، وابن حبان (3709)، والحاكم (1/186)، وصحَّحه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.

[5] النبات الرطب الرقيق.

[6] رواه البخاري (112) (2434) (6880)، ومسلم (1355)، وأبو داود (2017)، والترمذي (1406)، والنسائي في الكبرى (5846).

[7] البخاري (104)، (1832)، ومسلم (1354)، والترمذي (5846)، والنسائي في الكبرى (3859).

[8] حسن: رواه أبو داود (2875)، والحاكم (1/59)، والبيهقي (10/186) من حديث عمير بن قتادة، وله شواهد، والحديث حسَّنه الألباني في صحيح الجامع رقم (4605).

[9] صحيح: رواه الطبراني في الكبير (11/453)، وابن خزيمه (2733)، والترمذي (877)، وأحمد (1/307)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (4449).

[10] صحيح: رواه أحمد في مسنده (2/89)، والترمذي (959)، والنسائي (5/221)، وصحَّحه السيوطي، والألباني في صحيح الجامع برقم (2194).

[11] أخرجه البيهقي (5/75)، وعبدالرزَّاق في مصنفه (8915)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع رقم (5334).

[12] إسناده صحيح: رواه ابن ماجه (2944)، وأحمد (1/266)، والحاكم (1/457)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وفي صحيح الجامع (2184).

[13] صحيح: رواه الترمذي (961)، وأحمد (1/247)، وابن خزيمة (2735)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (5346).

[14] صحيح: رواه الحاكم في المستدرك (1/456) عن أنس وصحَّحه، ووافقه الذهبي، ورواه الترمذي (878)، وابن خزيمة (2731) عن ابن عمرو، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم (3559).

[15] صحيح: رواه أحمد (2/213)، والترمذي (878)، وابن حبان (3710)، والحاكم (1/456)، وابن خزيمة (2731) عن عبدالله بن عمرو، وصحَّحه السيوطي والحاكم، والألباني في صحيح الجامع برقم (1633) وشعيب الأرناؤوط في تحقيق الإحسان برقم (3710).

[16] مسلم (162)، والبخاري (349)، (3207)، (3570).

[17] حسن: رواه أحمد (3/357)، وابن ماجه (3062)، والبيهقي (5/148)، وابن أبي شيبة (3/274)، والطبراني في الأوسط (1/259).

[18] صحيح: أخرجه البيهقي (5/147)، وابن أبي شيبة (3/273)، والبزَّار عن أبي ذر، وكذا رواه الطيالسي (1/61)، والطبراني في الصغير (1/186)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (3572).

[19] صحيح: أخرجه الترمذي (963)، والحاكم في المستدرك (1/660)، والبيهقي (5/202)، والبخاري في تاريخه، انظر: السلسلة الصحيحة رقم (883).

[20] صفة الحج والعمرة؛ للشيخ محمد بن صالح العثيمين ص(35 - 38).

[21] مسلم (1385)، وأحمد (5/97)، والنسائي في الكبرى (4260)، وابن حبان (3726).

[22] رواه الطبراني في الكبير (2/236) عن جابر بن سمرة، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع رقم (1719).

[23] يعني حَرَّتيها: والحَرَّة: الأرض ذات الأرض السوداء، والحجارة السود.

[24] نوع من الشجر.

[25] مسلم (1362) عن جابر، والبيهقي (5/198)، والنسائي في الكبرى (4284).

[26] البخاري (1885)، ومسلم (1369) عن أنس، ورواه أحمد (3/142).

[27] صحيح: رواه الترمذي (3914)، وأحمد (1/115) من حديث علي بن أبي طالب، وله شاهد من حديث أنس: رواه البخاري (1885)، (2130)، (2889)، ومسلم (1365)، (1368).

[28] أي: يجتمع.

[29] البخاري (1876)، ومسلم (147)، وأحمد (2/286)، وابن ماجه (3111).

[30] رواه أحمد (3/306)، والبخاري (1883)، ومسلم (1883)، والترمذي (3920)، والنسائي (7/151) عن جابر.

[31] البخاري (1871)، ومسلم (1382)، وأحمد (3/385).

[32] الضيق في المعيشة.

[33] مسلم (1363)، وأحمد (1/181) عن سعد.

[34] صحيح: رواه أحمد (2/104)، والترمذي (3917)، وابن ماجه (3112)، وابن حبان (3741) في صحيحه عن ابن عمر، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع رقم (6015).

[35] رواه أحمد (3/354)، والبخاري في تاريخه، وابن عساكر عن جابر، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع رقم (5978).

[36] صحيح: رواه ابن حبان (3738) عن جابر، ورواه أحمد (5/54)، والطبراني في الكبير (7/144)، والنسائي في الكبرى (4265)، وعبدالرزاق (9/264)، وابن عساكر عن السائب، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع رقم (5977)، والصحيحة رقم (2671).

[37] مسلم (1386)، وابن ماجه (3113)، وأحمد (2/279)، وابن حبان من حديث أبي هريرة، ومسلم (1387)، والطبراني في الأوسط (9/42) عن سعد بن أبي وقاص.

[38] مسلم (1375)، وأحمد (3/486)، وابن ماجه عن سَهْل بن حنيف.

[39] البخاري (6755)، ومسلم (1370)، والترمذي (2127)، وأبو داود (2034)، وأحمد (1/81) من حديث علي بن أبي طالب.

[40] البخاري (1880)، ومسلم (1379)، وأحمد (2/378) من حديث أبي هريرة.

[41] البخاري (1879)، (7125)، (7126) عن أبي بكرة.

[42] البخاري (7134)، (7473)، والترمذي (2242)، وأحمد (3/123) عن أنس.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 137.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 133.95 كيلو بايت... تم توفير 3.60 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]