تحت العشرين - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 851031 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 387012 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 228 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28465 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60095 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 854 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 16-03-2023, 09:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

شباب تحت العشرين - 1160


الفرقان

مظاهر التعبير عن الانتماء لدّين الإسلام



من مظاهر الانتماء إلى دين الإسلام:
- أن يحبّ المسلم دينه حبّاً يتملّك قلبه وجوارحه، فالحبّ لهذا الدّين هو الدّافع الذي يحثّ الإنسان على الانتماء إليه حقيقة وليس زيفًا، وهو الحبّ الذي يحمل المسلم على أن يقوم بواجبه تجاه هذا الدّين العظيم، والحبّ تتبعه الطاعة والانقياد للمحبوب، قال -تعالى- {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
- أن يؤمن المسلم بأنّ هذا الدّين هو الدّين الحقّ وما سواه باطل، فالدّين المعتبر عند الله -تعالى- هو دين الإسلام المهيمن على الأديان جميعها.
- أن يُسخّر المسلم جهوده كلها في سبيل رفعة دينه، فلا يتوانى عن الدّعوة إليه في كلّ المحافل وفي جميع المواقف، وإذا ما تعرّض هذا الدّين إلى الإساءة وقف مدافعًا عنه بما يستطيع.
- أن ينبذ المسلم العادات والمعتقدات التي تنافي ديننا، فيكون الفخر بتقاليدنا الإسلاميّة وأعرافنا وقيمنا والتّمسك بها خير معبّرٍ عن الانتماء الحقيقي لهذا الدّين.
الاعتزاز بالانتماء إلى دين الإسلام
يفتخر المسلم بانتمائه إلى دين الإسلام العظيم لأسباب عدّة، فهذا الدّين هو خاتم الأديان السّماويّة، وشريعته نسخت جميع الشّرائع قبلها، وهو الدّين الذي جاء به النّبي محمّد -عليه الصّلاة والسّلام -إلى العالمين دون استثناء، وهو الدّين الذي جاء لصلاح البشريّة وسعادتها في الدّارين، فالإسلام هو شريعة ومنهج ودستور ربّاني ارتضاه الله -تعالى- للبشريّة جمعاء.
واجب المسلم تجاه دينه
إنّ واجب المسلم تجاه هذا الدّين أن يكون منتميًا انتماءً حقيقيا له، فلا يكفي أن يقول الإنسان إنّي مسلم فقط دون أن يكون منتميًا إلى هذا الدين اعتقادًا وسلوكًا ومنهجًا في الحياة، فقد وصف الله -تعالى- الأعراب الذين ادعوا الإيمان بقوله: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}.
التخلق بأخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم
الشابُّ المسلم هو شابٌّ يتخلَّق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم، فقد كان خُلُقه عظيمًا بشهادة الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وكان - صلى الله عليه وسلم - خُلُقُه القرآن، كما قالت أُمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ»، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في التفضيل بين الصحابة: «إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ -أي: أفضلكم - أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا»، فالشابُّ الدَّيِّن يكتسب أخلاقه من أخلاق النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم -؛ لكي يسعد بأخلاقه، ويتأدَّب بآدابه، ولأنها من أكثر الصفات التي يُحبُّها الرسول -صلى الله عليه وسلم - كما قال: {إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا}.
صالح الفوزان: الحياء خلق فاضل
قال الشيخ صالح الفوزان: دلت الأحاديث على أن الحياء خلق فاضل، قال الإمام ابن القيم- رحمه الله-: والحياء من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، وحقيقة الحياء أنه خلق يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق، والحياء يكون بين العبد وبين ربه -عزّوجلّ-، فيستحيي العبد من ربه أن يراه على معصيته ومخالفته، ويكون بين العبد وبين الناس.
عبد الرزاق البدر: طيش الشباب
قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: يكثر الطيش في الشباب؛ وذلك أنَّ الشباب مظنَّة الجهل ومطية الذنوب، ولهذا يقال طيش شباب أو شباب طائش إمَّا على سبيل الانتقاد أو الاعتذار، وما من ريب أنَّ الشاب مسؤول عن سفهه وطيشه يوم يقف بين يدي ربه، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها شبابُه فيم أبلاه، وإذا لم يزمَّ الشاب نفسه بزمام الشرع والعقل والحكمة أوردته المهالك.
الوفاء بالعهد صفة الرجال
الوفاء بالعهد صفة الرجال، وصفة العظماء، هكذا أمرنا الله -تعالى- أن نكون، وعلى هذه الصفة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما كان عليه من مكارم الأخلاق، كان - صلى الله عليه وسلم - يفي بعهده، ولم يعرف عنه في حياته أنه نقض عهدًا قطعه على نفسه، وكان - صلى الله عليه وسلم - ترجمان القرآن قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}.
في 8 نقاط كيف تترك المعاصي؟
1. تذكر دائما أن الله يراك، وردد في نفسك «الله معي، والله يراني والله يسمعني مطلع علي».
2. اقطع كل سبب يوصلك للمعصية.
3. ابتعد عن رفقاء السوء وصحبة السوء.
4. انظر للوجه القبيح للمعصية واستقذرها.
5. تذكر موقفك غدا بين يدي الله -عز وجل-، وماذا لو مُت الآن؟
6. لا تكثر من الخلوة بنفسك إلا في الطاعة.
7. أكثر من الأعمال الصالحة مع نفسك ومع إخوانك.
8. حافظ على الصلاة والدعاء والأذكار.
علمني شيخي
علمني شيخي أنَّ الحياء من الله يعني أنْ نَكُفَّ عن ارتكاب القبائح، ودناءة الأخلاق، ويحثنا على العمل بمكارم الأخلاق؛ لأنه من خصال الإيمان، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَّه قال: من استحيا اختفى، ومن اختفى اتقى، ومن اتقى وُقي»، والحياء لا يأتي إلا بخير كما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 17-03-2023, 07:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

شباب تحت العشرين - 1161


الفرقان


إدراك الشباب لدورهم الحقيقي
مهم جدًا أن يفهم الشباب دورهم الحقيقي في ظل صراع القيم الحالي، وأن يعلم أن ما تمر به الأمة من الهجوم على ثقافتنا ومبادئنا وأخلاقنا. إنما هي سنة من سنن الله في الكون، ألا وهي سنة التدافع، وقد وعد الله -تعالى- بحفظ هذا الدين، يضعف في القلوب لكنه لايزول، وأنه باق ببقاء الدنيا، وكم طاله وناله من أعدائه ما لو كان مع دين آخر لقضي عليه منذ قرون طويلة، ولكن الله كتب لهذا الدين الغلبة، ولأهله النصر إذا تمسكوا به وعملوا بما فيه. من هنا كان على الشباب أن يعوا الدور الخطير الذي تقوم به وسائل الإعلام غير الإسلامية، ومحاولات استقطابهم وتوجيههم إلى الوجهة التي يريدونها لهم، وشغل قلوبهم بملذات النفوس، وشهوات الجسد، وإعطاء صورة سلبية لنا نحن المسلمين، وتضخيم المساوئ والأخطاء التي تقع من بعضنا وتعميمها على الإسلام والمسلمين.
دور الشباب في الإسلام
تبوّأ الشباب مكانةً عظيمةً في الإسلام في مجال بناء الأمة والرقي بحضارتها في مختلف المجالات، الأمر الذي جعل منهم قدوةً لباقي أترابهم، حتّى بعد انقضاء زمانهم، وخلّد أسماءهم وإنجازاتهم إلى يومنا هذا، دلالةً على دور الشباب في ازدهار مجتمعهم، وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- من حملوا راية الإسلام شبابًا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
أعظم أنواع العبادة
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: أعظم أنواع العبادة أداء ما فرضه الله وتجنب ما حرمه الله -تعالى-، قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه -عزوجل-: «وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه»، فأداء الفرائض أفضل الأعمال كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله وصدق الرغبة فيما عند الله»، وذلك أن الله -تعالى- إنما افترض على عباده الفرائض ليقربهم عنده، ويوجد لهم رضوانه ورحمته.
الإمامة في الدِّين
قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: الإمامة في الدِّين رُتبةٌ عليَّة ومنزلةٌ شريفة، إذا أكرم اللهُ -سبحانه- عبده بنيلها فاز بكرامة عظيمة ومنَّة جسيمة، ولا يبلغ العبد هذه الرتبة إلا إذا اجتمعت فيه صفات الخير؛ بحيث يكون قدوةً للصَّالحين وأسوةً لعباد الله يؤتمُّ به في الدِّين، ويؤتسى به في العناية بالفرائض، واجتناب المحرَّمات، وفعل الخيرات، والبعد عن المكروهات، فلا يكون العبد إمامًا للمتقين بعده حتى يأتم بالمتقين قبله، فإذا ائتم بهم ائتمَّ به مَن بعده.
ماذا نريد من شبابنا؟
نريد لشبابنا أن يكونوا نموذجاً في الجمع بين المعرفة بالذات والاعتزاز بها من جهة، والإفادة مما لدى الآخرين من صواب وحكمة من جهة أخرى؛ بحيث يجمعون بين متانة العقيدة والاقتناع بالإسلام دينا خالدا أبديا، وبين الاطلاع الواسع العميق على العلم الحديث؛ فالشباب هم عدتنا، نعدهم لجيل قادم يحمل الراية نحو موقع يتفق ومكانة دينهم ومكانة أمتهم، نريد من شبابنا أن يكونوا قدوة للعالم؛ فهم في نظر العالم قدوة ينظر إليهم ملهمين لتراث أمة توارثوه أبا عن جد؛ فهم أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد بن الوليد، هكذا أنتم يا شباب في نظر أمة الإسلام، فلا غرابة أن تكونوا مستهدفين في عقر داركم بالمخدرات والإباحيات من الصور والأفلام.
صور مضيئة من حياة الصحابة
كان ابن عباس - رضي الله عنه - حبر الأمة رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار يقال له «عفير» فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعواعلى أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف»، فأخذت هذه الكلمات من ابن عباس - رضي الله عنه - كل مأخذ؛ وذلك لأنه شعر أن له قيمة في هذا الوجود، وأنه ليس على هامش الحياة، ولذلك خاطبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأسلوب الرفيع الذي يبني في نفس كل من سمعه ووعاه عقيدة راسخة لا تزحزحها الجبال، ومحبة عظيمة لله الواحد الأحد تملأ القلوب هيبة وإجلالاً، فأثمر ذلك أن كان ابن عباس حبر الأمة وعالمها - رضي الله عنه .
جهاد النفس مقدمة لجهاد العدو
قال الشيخ صفوت نور الدين -رحمه الله-: جهاد النفس مقدمة لجهاد العدو، فمن لم يجاهد نفسه لتلتزم بالشرع فتعمل به وتقف عند حدوده لم يمكنه أن يجاهد عدوه، بل إن خروجه للجهاد قبل بلوغ مواطن النـزال إنما هو من جهاد النفس على ذلك؛ ففي حديث أحمد عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال -في حجة الوداع-: «ألا أخبركم من المسلم؟ من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أَمِنَه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله».
من صور البر بالوالدين
- يروى أنّ أبا هريرة - رضي الله عنه - كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليك يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيراً. - أما عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - فقد طلبت والدته في إحدى الليالي ماء، فذهب ليجيء بالماء، فلما جاء وجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خشية إزعاجها، ولم يذهب خشية أن تستيقظ فتطلب الماء فلا تجده. - أما ابن عون المزني فقد نادته أمه يومًا فأجابها وقد علا صوته صوتها ليسمعها، فندم على ذلك وأعتق رقبتين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 20-03-2023, 08:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - ١١٦٢
الفرقان

من لم يُشغل بالحق شغل بالباطل
سنة الله في عباده أن من ترك الحق، فإنه يُبتلى بالباطل، ومن ترك السنة، فإنه يُبتلى بالبدعة، ومن ترك طاعة الله، ابتلي بطاعة الشيطان والنفس والهوى، ومن ترك تعلم ما ينفعه، ابتلي بتعلم ما يضره، ومن ترك قراءة القرآن والاستماع إليه، ابتلي بقراءة الروايات الخليعة والاستماع إلى الغناء والمعازف المحرمة.
ومن ترك الخلق الحسن، ابتلي بالسيء من الأخلاق، وهلم جرا، قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه (الوابل الصيب صـ١٩٨): «فهي النفسُ إن لم تَشْغلْها بالحق وإلا شَغَلَتْكَ بالباطل، وهو القلبُ إن لم تَسْكُنْهُ محبةُ الله -عز وجل-، سكنَتْهُ محبةُ المخلوقين ولابُدَّ، وهو اللسانُ إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو، وهو عليك ولابدَّ، فاختر لنفسك إحدى الخُطَّتين، وأنْزِلْها في إحدى المنزلتين». اهـ، ويؤيد ذلك كله قول الله -تعالى- عن اليهود: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (البقرة: ١٠١)، فلما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ابْتُلُوا بالباطل وهو اتباع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان -عليه السلام-، كما قال -تعالى- في الآية التي بعدها: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} (البقرة: ١٠٢)، قال العلامة السعدي - رحمه الله في تفسيره-: «ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه، وأمكنه الانتفاع به فلم ينتفع، ابتلي بالاشتغال بما يضره، فمن ترك عبادة الرحمن، ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه، ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه، ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق ابتلي بالباطل. كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلو الشياطين، وتختلق من السحر على ملك سليمان». اهـ. والخلاصة: أن كل من انصرف عن الحق دخل في الباطل، وكان متشبهًا باليهود الذين تركوا كتاب الله (التوراة) لما رأوها تتفق مع القرآن في نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأوصافه، فلما أعرضوا عن الحق، أشغلهم الشيطان بالباطل والافتراء، فاتبعوا ما افترته الشياطين على ملك سليمان.المؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الإنسان من طبيعته التقصيرُ والنقص والعيب؛ فإن الواجب على المسلم نحو أخيه أن يستر عورته ولا يشيعها إلا من ضرورة، فإذا دعت الضرورة إلى ذلك فلابد منه، لكن دون ضرورة فالأَولى والأفضل أن يستر عورة أخيه؛ لأن الإنسان بشرٌ ربما يخطئ عن شهوة - يعني عن إرادة سيئة - أو عن شُبهة؛ حيث يشتبه عليه الحقُّ فيقول بالباطل أو يعمل به، والمؤمن مأمور بأن يستر عورة أخيه.
طرائف ونوادر
يحكى أن رجلاً من الصالحين كان يوصي عماله في المحل بأن يكشفوا للناس عن عيوب بضاعته إن وجدت، وذات يوم جاء يهودي فاشترى ثوباً معيباً و لم يكن صاحب المحل موجوداً؛ فقال العامل: هذا يهودي لايهمنا أن نطلعه على العيب، ثم حضر صاحب المحل فسأله عن الثوب، فقال: بعته لليهودي بثلاثة آلاف درهم، ولم أطلعه على عيبه، فقال: أين هو؟ فقال: لقد رجع مع القافلة، فأخذ الرجل المال معه ثم تبع القافلة حتى أدركها بعد ثلاثة أيام؛ فقال لليهودي: ياهذا، لقد اشتريت ثوب كذا وكذا وبه عيب؛ فخذ دراهمك وهات الثوب، فقال اليهودي: ماحملك على هذا؟ فقال الرجل: الإسلام ؛ إذ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من غشنا فليس منا». فخذ دراهمك وهات الثوب فقال اليهودي: والدراهم التي دفعتها لكم مزيفة، فخذ بها ثلاثة آلاف صحيحة، وأزيدك أكثر من هذا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
الشباب الصالح ينفع الله به الأمة
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: أنتم أيها الشباب لكم مستقبل، واجب عليكم أن تجتهدوا في طلب العلم النافع، والتفقه في الدين، وأن تسألوا الله أن يصلح أحوالكم، وأن يمن عليكم بالتوفيق، وأن يجعلكم هداة مهتدين، حتى ينفع الله بكم الأمةَ، وحتى تكونوا هداةً للأمة في مستقبلها، الشباب تُعَلَّق عليه آمال كبيرة في نفع الأمة، إذا أصلحه الله؛ فالشيوخ يذهبون ويأتي الشباب بدلهم، فإذا أصلح الله الشباب حلوا محل آبائهم وأسلافهم الطيبين، في نصر الحق والدعوة إليه، والقيام بشؤون المسلمين، والتوجيه إلى ما فيه صلاحهم ونجاتهم، والتحذير مما فيه هلاكهم وشقاؤهم.


المسلم ناصح لإخوانه وللمسلمين
قال رئيس جمعية أنصار السنة النبوية الشيخ صفوت الشوادفي -رحمه الله-: المسلم المخلص ينصح لأخيه المسلم ويبيِّن له عيوبه سرًّا، ويستره ولا يفضحه، وأيضًا لا ينافقه ولا يداهنه ظنًّا منه أنه بذلك يُبقِي على المودة والمحبة بينهما؛ فإنه لا مودة ولا حب إلا في الله ولله؛ لذلك ينبغي على المسلم أن يسعى في نصح إخوانه وأقرانه، فللنصيحة أثرٌ عظيم، ونفع كبير؛ فرُبَّ غافلٍ قد سمع آية من كتاب الله، أو حديثًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتبه من غفلته، ورُب عاصٍ سمع مثل ذلك فتاب إلى الله توبة نصوحًا، ورب جائرٍ أثَّر فيه كلام واعظ بليغ فأقلع عن جوره، وأقام العدل في نفسه ومع غيره، وقد ومدح القرآن أمَّتنا بأنها تقيم النصيحة، وتؤدِّي ما أوجب الله عليها من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ قال -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران: 110).
حقيقة التدين وثمراته
أيها الشاب: لا تظن أنَّ الدين هو أن تصلي، وتصوم، وتقرأ القرآن، وتزكي، وتحج، وتنطق الشهادة، فحسب؛ فإنك لن تقطف ثمار هذه العبادات ولن تحقق أهدافها إلا إذا صحَّت (عبادتك التعاملية)؛ فإن حقيقة تدينك هو: استقامتك، ومعاملتك مع جيرانك، وتوقيرك للكبير، ورحمتك بالصغير، وصدقك مع القريب والبعيد، والعدو والصديق، وحقيقة تدينك تظهر في برك لوالديك، وحفظك للسانك، وغضك لبصرك، وحسن خلقك مع الخلق أجمعين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا».
حِفْظ اللِّسَانِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»، بَيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أثرَ الكلمةِ وما يترتَّب عليها مِن أجْرٍ أو وِزر، حتَّى إنَّ العبدَ لَيتكلَّم بالكلمةِ مِمَّا يَرْضاه الله ويحبُّه، لا يَلتفِت لها قلبُه وبالُه لِقِلَّةِ شأنِها عندَه؛ يَرْفَعه الله بها درجاتٍ في الجنَّةِ، وإنَّه لَيتكلَّم بالكلمةِ الواحدةِ مِمَّا يَسْخَطه ويَكْرَهه اللهُ ولا يَرْضاه، لا يَلتفِت بالُه وقلبُه لعِظَمِها؛ فيَهْوِي بها (أي: يَنزِل ويَسقُط بسببِها) في دَرَكاتِ جَهَّنَمَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 27-04-2023, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - 1163
الفرقان

نحو إجازة مثمرة في منتصف العام
إجازة منتصف العام عادة لا تتجاوز الأسبوعين أو تزيد بقليل، أي أنها فترة قصيرة لن تتيح لك الجمع بين الأنشطة المتعددة، لكن لابد من الحرص على الاستفادة من هذه الإجازة القصيرة بالتنظيم الجيد، والعزم المخلص للاستفادة من كل ساعة فيها، واستثمارها أفضل استثمار؛ من أجل تجديد الهمة لمواصلة الفصل الثاني من العام الدراسي بهمة ونشاط. فهي إجازة من أجل الاستعداد والتقاط الأنفاس، وشحذ الهمم للفصل الأخير الطويل الأهم غالبا، أكثر من كونها استراحة من السابق عليه؛ فأوقات الفراغ فرصة لن تعوض، وأوقات ثمينة أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باستثمارها والاستفادة منها، وعدم إهدارها في كسل أو في سفاسف الأمور، ولا سيما في مرحلة الشباب؛ فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، والإجازة نعمة كبيرة، ومع الأسف فكثير منا لا يقدرها حق قدرها؛ فيهدرها في نوم وكسل، أو في أمور تافهة لا تفيد بقدر ما تضر، أمور تُفقدك جزءا من رأس مالك، ألا وهو عمرك، عن ابن عباس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
فوائد الإجازة
- من فوائد الإجازة: أنها علاج من المتاعب، وفرصة للاسترخاء بعيدًا عن الضغوط، وفرصة للترويح عن النفس باللهو المباح حتى يستطيع الإنسان تحمل ضغوط الحياة بعد العودة من الإجازة. -وهي تجديد للنشاط، وكسر لروتين الحياة والملل؛ ذلك لأن النفس عندما تكرر فعل شيء يوميا، يفقد هذا الشيء متعته وطعمه، ويصبح كأنه واجب ثقيل الدم حتى لو كان الفعل محبوباً. - والإجازة فرصة ذهبية للتفكير في تجديد العلاقات مع العائلة والأصدقاء وقضاء وقت ممتع معهم.
الإبداع فى حياة المسلم
يعلّمنا ديننا أن السعي للارتقاء بالنفس إلى معالي الأمور من حسن فهم المرء لدينه، ولما كانت الحياة الكريمة والترقي فيها حلم كل إنسان، فإن آليات الوصول وأبجدياته لذلك، أن يكون الشخص مبدعًا في تفكيره، واسع المدارك، دقيق النظر للأمور. والشخص المبدع هو الذي يحاول توظيف قدراته للخروج بحل بسيط لبعض المشكلات أو المواقف التي تبدو مستحيلة بالنسبة إلى الناس، لكنها بسيطة لديه، وهو الشخص الذي لديه الكثير من المهارات العقلية التي تمكنه من إيجاد الحل المناسب من خارج الصندوق.
الأهداف العليا للإنسان
قال الشيخ د. وليد الربيع: إن القرآن الكريم واضح ومحدد ومباشر في تحديد الأهداف العليا للإنسان؛ فقال -تعالى-: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وقال -سبحانه-: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}، وبين الوسيلة بقوله -عزوجل-: {إياك نعبد وإياك نستعين} وقال -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون}، فالعبادة والاستعانة والدعاء والتقوى والمجاهدة سبيل لتحقيق أعلى الغايات وأسمى المقاصد.
مواقف لا تنسى من حياة الصحابة
أرسل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قبل القادسية ربعي بن عامر رسولًا إلى رستم (قائد الجيوش الفارسية وأميرهم)، فدخل عليه، وقد زيَّنوا مجلسه بالنمارق، والزرابي الحرير، وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة العظيمة، وعليه تاج وغير ذلك من الأمتعة الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي - رضي الله عنه - بثياب صفيقة، وترس وفرس قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد، وأقبل عليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك، قال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت؛ فقال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكَّأ على رمحه فوق النمارق، فخرق عامتها، فقالوا: ما جاء بكم؟ قال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومـن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
الإيمان يزيد وينقص
قال الشيخ عبدالكريم بن عبدالله الخضير: الإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والزيادة ثبتت بالآيات الصريحة كقوله -تعالى-: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} (الأنفال:2)، وفي القرآن ثماني آيات كلها مصرحة بالزيادة، وقد جاء في حديث نقصان دين المرأة: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين» (البخاري: 304)، فدل على أن الدين ينقص، وزيادته بما يقوي الإيمان من الأعمال الصالحة، مثل: كثرة الذكر وتلاوة القرآن وغيرها.
شجاعة فتىً
مر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على مجموعة من الصبيان يلعبون فهرولوا، وبقي صبي مفرد في مكانه، هو عبد الله بن الزبير، فسأله عمر: لِمَ لَمْ تعدُ مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم أقترف ذنباً فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقةً فأوسعها لك.
من معالم الرُّجولة
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ شهود الصَّلاة مع الجماعة في بيوت الله ومساجد المسلمين شعيرةٌ عظيمَةٌ من شعائر الإسلام، ومَعلَمٌ عظيمٌ من معالم الرُّجولة، قال الله -تعالى-: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ} هكذا قال رب العالمين {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} (النُّور:36-37)، فأين هذه الرُّجولة ممَّن يتخلَّف عن الصَّلاة مع الجماعة أو يهون من شأنها ويقلِّل من مكانتها ؟.
من طرائف العرب
سأل هشام بن عمر فتى أعرابيا عن عمره، فدار بينهما الحوار الآتي : هشام: كم تَعُدُّ يا فتى؟ الفتى: أعد من واحد إلى ألف وأكثر. هشام: لم أرد هذا بل أردت كم لك من السنين؟ الفتى: السنون كلها لله -عزوجل- وليس لي منها شيء. هشام: قصدت أسألك ما سنك؟ الفتى: سني من عظم. هشام: يا بني إنما أقصد ابن كم أنت؟ الفتى: ابن اثنين طبعاً أب وأم. هشام: يا إلهي إنما أردت أن أسألك كم عمرك؟ الفتى: الأعمار بيد الله لا يعلمها إلا هو. هشام: ويلك يا فتى لقد حيرتني ماذا أقول؟ الفتى: قل : كم مضى من عمرك؟



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15-05-2023, 04:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - 1164
الفرقان


نصائح وتوجيهات للشباب المسلم تجاه نفسه ودينه وأمَّته


قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: الشباب في أي أمَّة من الأمم هم العمود الفقري الذي يشكل عنصر الحركة، والحيوية؛ إذ لديهم الطاقة المنتجة، والعطاء المتجدد، ولم تنهض أمَّة من الأمم -غالباً- إلا على أكتاف شبابها الواعي، وحماسته المتجددة، ولقد علم أعداء الإسلام هذه الحقيقة، فسعوا إلى وضع العراقيل في طريقهم، أو تغيير اتجاههم، إما بفصلهم عن دينهم، أو إيجاد هوة سحيقة بينهم وبين أولي العلم، والرأي الصائب، في أمتهم؛ لذلك كان على الشباب المسلم دورٌ مهم، وأعمال بالغة الأهمية؛ لينهضوا بأنفسهم تجاه ما يراد بهم، وليكونوا حرَّاساً للدين تجاه ما يُكاد به، ويمكن أن نلخص ذلك الدور، وتلك الأعمال فيما يلي:
(1) العلم الشرعي

قال الله -تعالى-: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر:9)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ»؛ فالعلم واجب شرعي على كل مسلم، ولا يمكن للجاهل أن يفهم دينه، ولا أن يدافع عنه في المحافل، والمنتديات، والجاهل لا تستفيد منه أمته، ولا مدينته، ولا قريته، ولا أهله؛ فلذا كان على الشباب المسلم أن يسارعوا إلى حلقات العلم، في المساجد، والمراكز الإسلامية، وأن يستثمروا نشاطهم وفراغهم في حفظ القرآن، وقراءة الكتب.

(2) الدعوة إلى الله وتعليم الناس

قال -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104)، والدعوة والتعليم: زكاة العلم، وواجب على من تعلَّم العلم الشرعي أن يبلغه لغيره، وأن يساهم في هداية الكفار إلى الإسلام، وهداية العصاة إلى الاستقامة.

(3) الطاعة للأوامر والاجتناب للنواهي

والشاب المسلم مطيع لربه -تعالى-، فلا يسمع أمراً من الشرع إلا ويكون أول المستجيبين له، ولا نهياً إلا ويكون أول المبتعدين عنه، وقد استحق مثل هذا الشاب الثواب الجزيل يوم القيامة في أن يكون في ظل عرش ربِّه -تعالى-، في وقت تدنو الشمس بلهيبها فوق رؤوس الخلائق. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ».
مرحلة الشباب أعظم مرحلة سيسأل عنها الإنسان

مرحلة الشباب قطعة من العمر، وهي أهم مرحلة سيسأل عنها الإنسان، ففي الحديث الذي أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه - وفي رواية: «وماذا عَمِلَ فيم عَلِمَ».

من حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم
الزبير بن العوام -رضي الله عنه

أسلم الزبير بن العوام -رضي الله عنه - وهو ابن ست عشرة سنة، إنه حواريّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وابن عمته صفية، وأول من سلّ سيفه في سبيل الله، وكان فارسًا مغواراً، لم يتخلف عن غزوة واحدة، وكان يسمي أبناءه بأسماء الشهداء من الصحابة. تلقى التعذيب على دينه، من عمه، فكان يصبر ويقول: «لا أرجع إلى الكفر أبداً»، وهاجر إلى الحبشة، وكان في صدره مثل العيون، من كثرة الطعن والرمي، وقَتَلَ يوم بدر عمه نوفل بن خويلد بن أسد، وفي أحد وفي قريظة يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فداك أبي وأمي»! وفي الخندق قال - صلى الله عليه وسلم -: «من يأتيني بخبر القوم»؟ فقال الزبير: «أنا»، فذهب على فرس فجاء بخبرهم، ثم قال الثانية ففعل، ثم الثالثة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لكل نبي حواري، وحواريّ الزبير» (رواه الشيخان)، وكانت له شجاعة نادرة في اختراق صفوف المشركين يوم حنين ويوم اليرموك واليمامة، وكان له دور عظيم في فتح حصن بابليون، وتمكين عمرو بن العاص من استكمال فتح مصر، وكان كريماً سخيّاً، يكثر الإنفاق في سبيل الله، -صلى الله عليه وسلم- وأرضاه.

الشباب والارتباط بالعلماء

قال الشيخ: حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ: إن شبابَ الإسلام اليوم تتقاذَفُ بهم أمواجُ الفتن، من أفكارٍ مُنحرِفة، ومشارِبَ ضالَّة، وشهواتٍ جامِحة، وغزوٍ فكريٍّ لا ساحلَ له، حتى إن أحدَهم ليحمِلُ تلك الوسائل في يدِه فيما يُسمَّى بالجوَّالات، فهم في ضرورةٍ مُلِحَّةٍ إلى الالتِحام بعُلماء الأمة المشهُود لهم في الأمة, بالعلمِ والورَع، والديانة والصلاح، والعقل والثبات. وبحاجةٍ إلى أن يصدُروا عنهم خاصَّةً في قضايا مهمة حصلَ من الخطأ في فهمِها نتائجُ وخيمةٌ عبر تأريخ الأمة المُحمدية، كقضية التكفير، وقضية الولاء والبراء، ومسائل الإنكار، وكالبَيعة والجهاد، ونحو هذه القضايا الخطِرة.

يا شباب، احذروا طول الأمل!

يا شباب، طول الأمل فاحذروا! فالموت يأتي بغتة، ففي صحيح البخاري من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: «خطَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا، وقال: هذا الإنسان، وخطَّ إلى جنبه خطا، وقال: هذا أجله، وخط خطا آخر بعيدًا عنه، فقال: وهذا الأمل، فبينما هو كذلك إذا جاءه الأقرب».

عظم أمنيات الصحابة تدل على عظم نفوسهم

شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: (سل ما تريد)، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود»، ما أعظمها من أمنية! فهيا شبابنا، لتكن همتكم وأمنياتكم مثل الصحابة الكرام.
م الورطات

قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: إن أعظم الورطات أن يقدم المرء على قتل نفس محرمة بغير حق؛ إذ لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، فإن قتل نفسًا واحدة محرمة وقع في ورطة عظيمة لا مخلص له من تبعتها، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إِنَّ مِنْ وَرْطَاتِ الأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ» رواه البخاري. هذا في قتل نفس واحدة فقط، فكيف بقتل الأنفس الكثيرة!
ؤلاء قدواتنا
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - غفر الله لجميعهم، وأوجب لهم الجنة كما في كتابه، إنهم قدوتنا: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} (التوبة:100)، يجب علينا أن نتأسى بهم، وأن نقتبس من أفعالهم الحسنة؛ لأن الله رضي عنهم، رضي عنهم بالإيمان، ورضوا عنه بالثواب، رضي عنهم في العبادة، ورضوا عنه بالجزاء، رضي عنهم بطاعتهم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، ورضوا عنه بقبول وحيه وشرعه، هؤلاء قدوتنا، هؤلاء الذين حملوا الدين، هؤلاء الذين انتشر بهم الإسلام، هؤلاء الذين توسعت بهم رقعة دولة هذا الدين شرقاً وغرباً.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 18-05-2023, 06:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - 1165
الفرقان



سوء الظن وخطره على الفرد والمجتمع
لقد نهى الإسلام عن سوء الظن وحرّمه مثل سوء القول؛ لأنه يُذهِب العلاقات بين الناس، ويُقطّع أواصر المَحبّة بينهم، وينشر السّوء والبغضاء، وأمر الله- عزّوجل- عباده المؤمنين باجتناب كثير من الظن؛ لآثاره السلبية التي قد تعزل الإنسان عن مُجتمعه، وتجعله دائمًا خائفًا ومتوجسًا، ممّا قد يؤذي شخصيّته مع مرور الأيام، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} (الحجرات: 12)، ولخطورة هذه الصفة ولعظم مفسدتها، وسوء أثرها ودوامه، ولأن وجودها يقضي على روح الألفة والمحبة بين الناس، فقد قسمها العلماء إلى أقسام حتى يحذرها الناس، على النحو الآتي:
سُوء الظّن بالله -تعالى
وهو أن يظن الإنسان بالله ظنًا لا يليق بمقامه -تعالى-، أو لا يرضى بقضاء الله وقدره، أو أن يظن المسلم في قلبه أن الله لن يغفر له ولن يصفح عنه، وهذا من اليأس والقنوط من رحمة الله.
سُوء الظّن بالمسلمين
حيث يظن المسلم سوءًا بكل مَن يحيطون به، سواء كانوا من ذويه أم من أصدقائه أم الناس عمومًا دون بيّنة أو برهان أو دليل واضح، إنما حكم بمجرد تهيؤات وخيالات، وهو ما يحمل مسيء الظن على احتقار من أساء الظن به، وعلى عدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان عليه.
علاج آفة الظن السيئ
من الوسائل التربوية لعلاج هذه الآفة حُسن الاستعانة بالله والاستعاذة به والتوقف عن الاسترسال في الظنون، مع معرفة أسماء الله وصفاته حتى يتجنب العبد الظن السيئ، واتهام النفس بالتقصير والعمل على إصلاحها وتنقية القلب وتزكية النفس وشغلها بما هو نافع، وعدم تتبع عورات الناس ولا إساءة الظن بهم، واليقين بأن السّرائر لا يعلمها إلا الله- سبحانه وتعالى- وهو ما يجعلنا لا نسيء الظن بأحد إذا أيقنا هذه الحقيقة.
ذاكرة الصحابي أبي هريرة - رضي الله عنه - في الحفظ
استدعى الْخلِيفة مَرْوان بن الحكم أبا هريرة - رضي الله عنه - فطلب منه أن يحدثه بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحدثه ومروان بن الحكم يكتب أحاديث أبي هريرة، حتى إذا كان رأس السنة استدعاه مرة أخرى، فسأله عن نفس الأحاديث التي سبق وأن حدثه بها قبل عام، فأجاب ولم يخطئ في حديث، فقال مروان بن الحكم: هكذا الحفظ.
تقوى الله
من وصايا الشيخ ابن باز -رحمه الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -سبحانه- في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله ووصية رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال -تعالى-: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبه: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ» (سنن أبي داود 4607). والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله -تعالى-، واجتناب ما حرمه على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد وعد الله عباده المتقين بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات.
أبرُّ الأصحاب
قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إنَّ أبرَّ الأصحاب وخير الرفقاء عمل المرء الصالح، ولن يدخل معه في قبره إلا هذا الصاحب، روى البزار في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ ابْنِ آدَمَ وَمَالِهِ وَعَمَلِهِ مَثَلُ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخِلَّاءَ، قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: أَنَا مَعَكَ مَا دُمْتَ حَيًّا، فَإِذَا مُتَّ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَا أَنَا مِنْكَ، فَذَلِكَ مَالُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ، فَإِذَا بَلَغْتَ إِلَى قَبْرِكَ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ لَكَ، فَذَلِكَ وَلَدُهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَنَا مَعَكَ حَيًّا وَمَيِّتًا فَذَلِكَ عَمَلُهُ»، ونقل ابن القيم -رحمه الله- في روضة المحبين عن أحد الحكماء أنه سُئل: أي الأصحاب أبَرّ؟ قال: «العمل الصالح»؛ فالعمل الصالح صاحب بر بصاحبه، ومن فرط فيه ندم أشد الندامة.
آية وتفسير
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ}، قال العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله في تفسيره-: «{وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم، {وَآثَارَهُمْ} وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو بنى مسجدا، أو محلا من المحال التي ينتفع بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر مثلا بمثل.

التسامح في الإسلام
حث الشرع الحنيف على التسامح والعفو، فجاءت الآيات والأحاديث مُعبّرة عن هذا الخُلُق، وتميزت به صفات النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن بعده السلف الصالح، قال الله -تعالى-: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} (البقرة:178)، وقال- جل وعلا-: {وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(البقرة:237)، وقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: «ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللَّهُ عَبْدًا بعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» (رواه مسلم

الشاب القوي العفيف
من المواقف المؤثرة موقف نبي الله موسى -عليه السلام-، مع النساء العفيفات، قال -تعالى-: {وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، وبالرغم من أن موسى -عليه السلام- كان طريدا لا مأوى له إلا أنه لم يتأخر عن خدمة هاتين المرأتين، فقام بسقاية الغنم عفيفًا مخلصًا؛ فأكرمه الله بزوجة هي ابنة نبي، فوجد السكن والعون لقاء أدبه وموقفه.

__________________
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 19-05-2023, 02:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - 1166
الفرقان


الشباب واستثمار مواسم الطاعات
أمَر اللهُ عبادَه بفعل الخيرات والمسارَعة إليها، ومدح أصحاب هذه الخصال، قال -تعالى-: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}(الْبَقَرَةِ: 148)، هذا توجيه لِهِمَم أُولي الألبابِ للمبادَرة والمسارَعة إلى الصالحات قبل الفوات، وبشَّر اللهُ المسابقينَ بالسبق المحقَّق والفوز بوعد الله الحق.
قال -تعالى-: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}(الْمُؤْمِنَونَ: 61)، وإن المسلم إذا حضرت له فرصة القربة والطاعة فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادَرة إليها، أمَّا المتأنِّي والمتأخِّر فلا حظَّ له في ميدان السباق، وإذا فاتَه الفضلُ في الخير فيَعَضُّ أصابعَ الندم، ولاتَ حين مندم، وقد حثَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على اغتنام الشباب قبل نزول الشيب والهرم، واغتنام الفراغ قبل حلول المشاغل، واغتنام الصحة قبل مفاجأة المرض، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(الْحَشْرِ: 18)، بيَّن -سبحانه- أن الاستعداد لمواسم الخير التي هي فُرَص عابرة دليل على الصدق، قال -تعالى-: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}(مُحَمَّدٍ: 21). لهذه الأمة نفحات في أيام دهرها، يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «اطلبوا الخيرَ دهرَكم كلَّه، وتعرَّضُوا لنفحات رحمة الله -تعالى- فإن لله -عز وجل- نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده».
فضل الإخلاص والمتابعة
من الفوائد التي ذكرها الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر في فضل الإخلاص والمتابعة: قال ابن القيم -رحمه الله-: والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال، وقصد وجه المعبود وحده، دون شيء من الحظوظ سواه، حتى تكون صورة العملين واحدة، وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله -تعالى-، وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة، فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله -تعالى.

الإسلام ليس تقييدًا للحريات
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: الإسلام ليس تقييدًا للحريات، ولكنه تنظيم لها، وتوجيه سليم، حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين عندما يعطى الحرية بلا حدود؛ لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة بلا حدود إلا كانت حريته هذه على حساب حريات الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات وتنتشر الفوضى، ويحل الفساد؛ ولذلك سمى الله الأحكام الدينية حدودًا، فإذا كان الحكم تحريما قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا}، وإن كان إيجابا قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا}.
نصائح لاستغلال مواسم الطاعات
- إذا أراد الإنسان أن يوفق في موسم الطاعة فليستقبله أول ما يستقبله بالتوبة، فيكثر من الاستغفار؛ فإن الذنب قد يحول بين العبد وبين العمل الصالح.
- عليك أن تحس بقصر الأجل وقصر العمر؛ فهي من أعظم الأمور التي تعين على مواسم الخير.
- مما يعين على اغتنام مواسم الخير دعاء الله -تعالى-، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح يومه فيسأل الله التوفيق للطاعة والبر.
- الاهتداء بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه المواسم، فأولى الناس بالرحمة والهدى والبر هو الحريص على التأسي بالكتاب والسنة.
وصايا للشباب في زمن الفتن
- اعمل على صيانة شبابك وحفظه بتجنب الشرور والفساد بأنواعه، مستعينا -في ذلك- بالله متوكلًا عليه وحده -جل في علاه.
- كن محافظًا تمام المحافظة على فرائض الإسلام وواجبات الدين ولاسيما الصلاة؛ فإن الصلاة عصمةٌ لك من الشر وأمَنَةٌ لك من الباطل.
- كن مؤديا حقوق العباد التي أوجبها الله عليك، وأعظمها حق الأبوين؛ فإنه حق عظيم واجب جسيم.
- كن قريبًا من أهل العلم وأهل الفضل، تستمع إلى أقوالهم، وتسترشد بفتاواهم، وتنتفع بعلومهم، وتستشيرهم فيما أهمَّك.
- كن محققًا ما أوجبه الله عليك من سمعٍ وطاعة لولي أمرك؛ فإن في ذلك النجاة.
- اعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا-، فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء.
- ليكن لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عزوجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد:28).
- أكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يثبِّتك على الحق والهدى وأن يعيذك من الشر والردى؛ فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة.
- احرص على مرافقة الأخيار ومصاحبة الأبرار، وتجنب أهل الشر والفساد؛ فإن في صحبة أهل الشر العطب.
تعريف الصحابي
قال ابن حجر -رحمه الله-: «الصحابي من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه: من طالت مجالسته له أو قصرت، من روى عنه أو لم يرو عنه، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى»، ويدخل في تعريف الصحابي: من اجتمع بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو حكما، كالصبي في المهد، وأيضا من اجتمع به - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به، ثم ارتد، ثم آمن ومات على الإيمان.
حب الصحابة عقيدة ودين
إن من عقيدة أهل السنة والجماعة وجوب محبة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتعظيمهم وتوقيرهم وتكريمهم، والاحتجاج بإجماعهم، والاقتداء بهم، والأخذ بآثارهم، وحرمة بغض أحد منهم؛ لما شرفهم الله به من صحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والجهاد معه لنصرة دين الإسلام، وصبرهم على أذى المشركين والمنافقين، والهجرة عن أوطانهم وأموالهم، وتقديم حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك كله، وحبهم -رضي الله عنهم- دين يدان به، وقربى يتقرب بها إلى الله -تعالى.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 19-05-2023, 10:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - 1167
الفرقان




بشريات للشباب الطائعين
أُبَشِّرُك أيها الشاب الطائع بأنك ستكون في أرض المحشر من جملة مَن يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «سبعة يُظِلُّهُم الله -تعالى- في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».
فالناس جميعًا يقفون في أرض المحشر حفاة عراة غرلًا، والشمس فوق الرؤوس بقدر ميل أو ميلين، وكل في عرقه بحسب عمله، ويقفون خمسين ألف سنة، يا له من مشهد مهيب! وفي هذا الموقف يقف الشاب الذي نشأ في طاعة الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، أضف لهذا أنه سيأخذ كتابه بيمينه، ويثقل ميزانه، ويشرب في أرض المحشر من يد الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويمر على الصراط - وهو أحدُّ من السيف وأدق من الشعر- ويصل إلى جنَّةٍ عرضها السماوات والأرض، فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كلُّ أمتي يدخلون الجنَّة إلا مَن أبى، قيل: ومَن يأبى يا رسول الله؟، قال: مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى».

احذروا يا شباب طول الأمل !
يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: «إن من الشقاء طول الأمل، وإن من النعيم قصر الأمل»، وقصر الأمل هو الاستعداد للرحيل في أي وقت وحين، فلا ترى صاحبه إلا متأهبًا لعلمه بقرب الرحيل، وسرعة انقضاء مدة الحياة، وهو من أنفع الأمور للقلب، فإنه يبعث على انتهاز فرصة الحياة التي تمر مرّ السحاب، فاحذروا يا شباب طول الأمل!؛ فالموت يأتي بغتة، ففي (صحيح البخاري) من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: «خطَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطًّا، وقال: هذا الإنسان، وخطَّ إلى جنبه خطا، وقال: هذا أجله، وخط خطًا آخر بعيدًا عنه، فقال: وهذا الأمل، فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب»، فكم من مستقبلٍ يوما لا يستكمله! وكم من مؤملٍ لغدٍ لا يبلغه!.
الشباب في القرآن الكريم
حدَّثنا القرآن الكريم عن نماذج من الشباب والفتيان الذين جاهدوا لنشر دين الله -تعالى-: فها هو ذا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حينما حطَّم الأصنام ثم علَّق الفأس في عنق كبيرهم، ولما رجع قومه ورأوا هذا قالوا: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } (الأنبياء:60)، وها هو ذا إسماعيل يعمل مع والده على بناء بيت الله الحرام، وهو شاب صغير، وحدَّثنا القرآن الكريم عن أتباع موسى -عليه السلام-، فقال -تعالى-: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } (يونس:83)، قال ابن كثير -رحمه الله-: وهؤلاء هم الشباب؛ لأن سنة الله في الدعوة بَدْءًا من نوح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إنما الذين يحملون همها هم الشباب، وحدثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف فقال -تعالى-: { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } (الكهف:13)، وما قصة أصحاب الأخدود عنا بعيد، فبطلها غلام صغير، فما ظهر الدين وما عرف الناس شرائع المرسلين إلا بفضل الله -تعالى- ثم الشباب المصلحين، والتاريخ خير شاهد على هذا.
تقوى الله في السر والعلانية

قال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: أوصيكم بتقوى الله - سبحانه - في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله -عز وجل- ووصية رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما قال -تعالى-: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} (النساء: 131)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبه: «أوصيكم بتقوى الله»، والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله، واجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات.
مكانة العلماء في الإسلام
للعلماء في شريعتنا منزلة سامية منيعة، ومكانة عالية رفيعة؛ «فالعلماء هم خلفاء الرسول في أمته، وورثة النبي في حكمته، والمحيون لما مات من سنته، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، يُحيون بكتاب الله موتى القلوب، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيَوْه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هَدَوْه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم!»، والعلماء هم حراس الدين من الابتداع والتزييف، وحماته من التخريف والتشويه والتحريف؛ وهم العدول الذين يحملون هذا العلم من كل خلف، ينفون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، قيضهم الله لحفظ الدين، وصيانة الملة، ولولا ذلك لبطلت الشريعة، وتعطلت أحكامها، وهم في كل زمان الأصل في أهل الحل والعقد، وهم المعنيون مع الأمراء في قوله -تعالى-: {يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وَأَولي الأمر منكم}(النساء:59).
آثار الذنوب والمعاصي

قال الشيخ ابن جبرين-رحمه الله-: الذنوب لها أثر كبير في حدوث الأضرار والشرور والعقوبات السماوية؛ فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، وقد قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، والمصيبة يدخل فيها المصائب البدنية، كالأمراض والعاهات والحوادث السيئة والموت والفتن وتسليط الأعداء، ومن آثار الذنوب أيضا قسوة القلوب، وعدم تأثرها بالمواعظ والآيات والأدلة والتخويف والتحذير والإنذار؛ بحيث تسمع ولا تفقه ولا تقبل، وتزل عنها الموعظة وهي في غفلة.
يا شباب الإسلام اتقوا الله !
يا شباب الإسلام وقوَّة الأمة، اتَّقوا الله في شبابكم؛ فإنكم مسؤولون ومُحاسَبون، فاغتَنِموا فرصة شبابكم الثمينة؛ فإنَّ فقْدها لا يُعوَّض، فهي قوَّةٌ في كلِّ مجال لِمَن وفَّقه الله في استعمالها لما خُلِقت له، يقول ربنا - جلَّ وعلا -: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } (الذاريات: 56-58)، فالله -سبحانه وتعالى- خلق الخلق ليَعبُدوه، وتكفَّل بأرزاقهم، ومنحهم القوَّة ليستعملوها في طاعته، وحذَّرَهم من عُقوبات استعمالها في مَعاصِيه!.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 20-05-2023, 03:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

تحت العشرين - 1168
الفرقان



الأُخوَّة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان
الأُخوة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان، وتحقيقها عبادة من أعظم العبادات، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» صحيح - رواه أبو داود. فدل على أنَّ مَنْ لم يُحِب لله، ويُبْغِض لله، لم يستكمل الإيمان.
وقد كَثُرَ التعبير عن المسلم بالأخ في القرآن الكريم، وفي سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إنَّ الله -تعالى- سمَّى وَلِيَّ القتيل أخًا للقاتل، فقال -سبحانه-: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } (البقرة: 178)، وسمَّى أهلَ الجنة إخوانًا، فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } (الحجر: 47). وقال -تعالى-: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} (الحجرات: 12)، ويقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
لذلك فإنَّ أعظمَ رابطة تَجْمَعُ الناسَ هي رابطة الدِّين، ليس بين المسلمين فحسب، بل بين كُلِّ قومٍ يجمعهم دين واحد، ولكنَّ المسلمين يمتازون عن غيرهم بأنهم على الحق، وأنهم على صراطٍ مستقيمٍ من الله -تعالى-، والمؤمنون إخوةٌ في جميع الأزمان من أوَّلِ الخليقة إلى آخرها، كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (الحشر: 10)، وهم إِخوةٌ في جميع أقطار الأرض، وإنْ تباعدت ديارهم، يدعو بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض، ويُحِبُّ بعضهم بعضًا، ويُعِينُ بعضهم بعضًا على البِرِّ والتقوى، وينصح بعضهم بعضا، ويحترم بعضهم حقوقَ بعض؛ لأنَّ اللهَ رَبَطَ بينهم برابطة الإيمان.
الأصل في الأُخُوَّة الإيمانية
قال الله -تعالى- {)قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون} (يوسف 69)، وقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: «المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ والمؤمنُ أخو المؤمنِ يَكفُّ عنهُ ضيعتَه ويحوطُه من ورائِهِ»، فالأصل في الأخوة الإيمانية أن يُذهِب الأخ عن أخيه البؤس والحزن، ويبعث في نفسه الطمأنينة بالود والقرب منه، ويعينه على طاعة الله، وما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا فتجد فيها أخاً عزيزاً أو صديقاً حميماً يشاركك أحزانك و يُواسيك في همومك! وأجمل من ذلك حين يُقاسمك، الشراكة في العمل الصالح! {اشدد بهِ أزري وأشركهُ في أمري كي نُسبحك كثيراً ونذكرك كثيرا}؛ فالتعاون على البر والتقوى والإعانة على الطاعة والتذكير بالله أجمل معاني الأخوة.
من صور
الأخوة عند السلف
كان السلف مثالاً وقدوة لغيرهم في الأخوة والحب في الله والتعاون على التقوى، ومن هذه النماذج: في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل، أن عمر - رضي الله عنه - كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل، فيقول: «ما أطولها من ليلة!»؛ فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه، التزمه أو اعتنقه.
مقتضيات الأخوة الإيمانية
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: الأخوة الإيمانية التي رتبها الله -تعالى- في القرآن، ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في السنة يجب أن يكون لها مقتضاها، وهو النصيحة التامة لإخوانك المؤمنين، والقيام بحقوقهم، وأن يكون الأخ المؤمن لك كأنه أخوك من النسب، ولقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حقوق المسلم على أخيه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
من حقوق الأخوة الإيمانية
قال الشيخ صالح الفوزان: من حقوق الأخوة الإيمانية والإسلامية، التعاون بين المسلمين على البر والتقوى، والتعاون على تحصيل مصالحهم ودفع المضار عنهم، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).
واجبات الأخوة في الله
من حقوق الأخوة الإيمانية ما يلي:
• إعانة أخيك في قضاء الحوائج: قال رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ».
• زيارة أخيك ولا سيما عند المرض: «كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مَن يعودُه قال: لا بأسَ، طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ».
• إهداء النصيحة لأخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ».
• حفظ عرض أخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ»، التماس الأعذار؛ فالتماس الأعذار للإخوان من أفضل الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان، فكما يقول الناس: التمس لأخيك سبعين عذراً.
مَثَلُ الأخوة في الله
قال ابن تيمية -رحمه الله-: مثل الأخوة في الله، كمثل اليد والعين، إذا دمعت العين مسحت اليد دمعها، وإذا تألمت اليد بكت العين لأجلها .

كيف تعرف ود أخيك؟
- سئل حكيم: كيف تعرف ود أخيك؟
فقال: يحمل همي، ويسأل عني، ويسد خللي، ويغفر زللي، ويذكرني بربي .
فقيل له: وكيف تكافئه؟
قال: أدعو له بظهر الغيب .

من قصص الصالحين
- جاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟
قال: عليّ أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها، ثم خرج فأعطاه، ثم عاد إلى الدار باكيا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه، إذا كان إعطاؤه يشق عليك؟
فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله، فاحتاجَ أن يقول ذلك.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 27-09-2023, 03:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تحت العشرين

شباب تحت العشريت – 1169

الفرقان


اغتنم خمسًا قبل خمس
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه-: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ».
هنا يُوصينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوصية من أعظم الوصايا، ويحضُّنا أشدَّ الحضِّ، ويدعونا إلى اغتنام الفرص في زمن المهلة، ويخبرنا أنَّ مَن فرَّطَ في ذلك قد يأتي زمان يتمنَّاه، وقد حيل بينه وبينه، فبعد كل شباب هَرَم، وبعد كل صحة سَقَم، وبعد كل غِنى فقر، وبعد كل فراغ شغل، وبعد كل حياة موت، فمن فرَّط في العمل أيام الشباب لم يدركه في أيام الهَرَمِ، ومَن فرَّط فيه في أوقات الصحة لم يدركه في أوقات السقم، ومَن فرَّط فيه في حالة الغِنى لم يدركه في حالة الفقر، ومَن فرَّط فيه في ساعة الفراغ لم يدركه عند مجيء الشواغل، ومَن فرَّط في العمل في زمن الحياة لم يدركه بعد حيلولة الممات، وعنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ»؛ رواه البخاري، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عُمُرِه فيمَ أفناهُ، وعن عِلْمِه فيمَ فَعَلَ، وعن مالِه مِن أينَ اكتَسَبَه، وفيمَ أنفَقَه، وعن جِسْمِه فيمَ أبْلاه».
لذا كان لزامًا على كل شابٍّ أن يغتنم هذه الخمس، وأن يعتبر بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تذهب هذه الخمس، وقبل أن يأتي يوم يتمنَّى فيه الإنسان أن يقدم لنفسه ما يحب من خير وبِرٍّ وصدقة وتطوُّع، وما يرفع منزلته في الدنيا والآخرة فلا يستطيع.
الآ داب الشرعية السامية
التحلي بالآداب الشرعية السامية، والأخلاق النبوية العالية، التي تجمل شخصيتك، وتكسبها التميزَ والتفرد، كالاتصاف بالصدق في الأقوال والأفعال، الذي هو مناط الصلاح، ومآبُ الفلاح، فقد ذكر ربُّنا -عز وجل- في كتابه الحكيم: مُدخَل الصدق، ومُخرَج الصدق، ولسان الصدق، وقَدَمَ الصدق، ومَقعد الصدق، وكأنَّ الصدق يحيط بالمؤمن من كلِّ جانب، فلا مكان للكذب في حياته، ولا موطنَ للتحايل في سلوكه، وقد حثَّ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - على ضرورة التنزه عن الكذب وقال: «اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ»، بل جعل الكذب اضطرابًا في الشخصية، ومَجلَبةً للحزن والقلق، فقال: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ»؛ وجعل جزاء المترفع عن الكذب بيتًا في وسط الجنة، فقال: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ».

الرجوع إلى الحق
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:

كثيرٌ من الناس ينتصر لنفسه، فإذا قال قولًا، لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصواب في خلافه، ولكن هذا خلاف العقل وخلاف الشرع، والواجب أن يرجع الإنسان للحقِّ حيثما وجده، حتى لو خالف قولَه فليرجع إليه، فإن هذا أعزُّ له عند الله، وأعز له عند الناس، وأسلَمُ لذِمَّتِه وأبرأُ ولا يضره، فلا تظنَّ أنك إذا رجعت عن قولك إلى الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس؛ بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنك لا تتبع إلا الحقَّ، أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويرُدُّ الحق، فهذا متكبِّر، والعياذ بالله.
مواقف مشرقة لشباب
الصحابة في تحمل المسؤولية
تميَّز شباب صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحمل المسؤولية، والأعباء، وبتقلد الأمور، وهم في السن المبكرة؛ لأن هذه النفوس الوثابة، كانت تريد فعلاً نصرة الله ورسوله، كانوا يريدون عز الإسلام، وطاعة الرحمن، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحدهم: «يا زيد، تعلم لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمن يهود على كتابي»، قال زيد: «فتعلمت كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب»، فهذا تعلم لغة بأكملها، تعلم لغة في خمسة عشر يوماً لحاجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحاجة الإسلام، وهكذا استمرت معه هذه الخصلة ليقال له بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا زيد» لكن القائل أبو بكر هذه المرة، «إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن فاجمعه»، وهكذا يقول زيد، وهو يشعر بثقل هذه المهمة، والعبء الذي كُلفه: «فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن…، فقمت، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والأكتاف والعُسب، وصدور الرجال»، وهكذا كُلِّف زيد - رضي الله عنه - رئاسة اللجنة التي شُكِّلت من الصديق والفاروق لجمع القرآن الكريم، فأيُّ مهمة تلك التي قام بها ذلك الشاب! نفعت أجيال الأمة إلى أن تقوم الساعة، وكانت من أسباب حفظ الله لكتابه.
عظم أمنيات الصحابة
شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: «سل» اطلب ما تريد، فقلت: أسألك مرافقة في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
فساد الخلق

قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كل من يعبد غير الله خُلقه من أفسد الأخلاق، فأين الخُلق في رجل خلقه الله، وأمدَّه بالرزق، وتفضل عليه بالنعمة، وأمده بالعطاء والصحة والعافية، ثم يلجأ إلى غير الله، ويصرف العبادة لغيره ؟! ولهذا فإن فساد الخُلق ملازم للشرك؛ فكل مشرك فاسد الخلق؛ لأن شركه جزء من فساد الأخلاق، بل هو أشنع ما يكون في فساد الأخلاق، فلا يُغتر ببعض المعاملة الحسنة التي يكون عليها بعض الكفار؛ لأنها لمصالح دنيوية ومقاصد آنيَّة، لا يرجون عليها شيئًا عند الله وثوابًا يوم لقاه -سبحانه وتعالى.

الشباب هو فترة عمرك الذهبية
الشباب هو فترة عمرك الذهبية التي لا تعوضها فترة، كنت طفلاً لا تستطيع أن تقوم فتمشي، ثم قمت لكن لتحبو، ثم سرت لكن لتسقط، ثم أصبحت فتى تسير تهد الأرض، تسرع في مناكبها، وتمشي في طرقها، وتصنع وتصنع، لكن لا تنس أن لك مثل الأولى، ستعود إن أذن الله شيخاً كبيراً هرماً لا تستطيع الركض، بل لا تمشي إلا على عكاز، ثم قد تعود بعدها لا تمشي إلا حبواً، ثم قد تصير بعد ذلك لا تستطيع الحراك، وقد ترهّلت عضلاتك، وضعفت قوتك، وذهب سمعك وبصرك، تذكّر أخي الشاب أن الشباب وقت البناء الحقيقي، وقتٌ تستغله في طاعة الله، ووقتٌ تستثمره في عبادة الله، وأفضل سنين عمرك، فلا تُضيع الشباب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 177.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 171.47 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]