اتقوا الله حق تقاته - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الاتفاقيات الدولية وأثرهــا علــى دولنــا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كيفية التعامل مع الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 1169 )           »          التربية على الإيجابية ودورها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          زخرفة المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 70 - عددالزوار : 16857 )           »          لماذا نحن هنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          يغيب الصالحون وتبقى آثارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الهواتف الذكية تحترف سرقة الأوقات الممتعة في حياة الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-09-2021, 06:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,993
الدولة : Egypt
افتراضي اتقوا الله حق تقاته

اتقوا الله حق تقاته


الشيخ عبدالله محمد الطوالة




الحمد لله، كلُّ حمدٍ فإليه، كل خير بيديه، كل فوز فلديه، كل فضل نحن فيه، فهو منه وإليه، نشكر الله عليه، ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تبارك الله في علياء عزته، وجلَّ معنًى فليس الوهم يُدنيه، سبحانه لم يزل فردًا بلا شبه، وليس في الورى شيء يضاهيه، لا كونَ يحصُره، لا عونَ ينصره، لا عين تُبصره، لا فكر يحويه، لا دهرَ يخلقه، لا نقصَ يلحقه، لا شيء يسبقه، لا عقل يدريه، لا عدَّ يجمعه، لا ضدَّ يمنعه، لا حدَّ يقطعه، لا قُطْرَ يحويه، جلاله أزليٌّ لا زوال له، وملكه دائم لا شيءَ يُفنيه، حارت جميع الورى في كُنْهِ قدرته، فليس تدرك معنًى من معانيه، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله، وصفيه وخليله؛ نبي سلَّم الحجر عليه، وحنَّ الجذع إليه، ونبع الماء من بين كفَّيْهِ، وناشده الحمام أن يردَّ عليه فرخيه، ولاح خاتم النبوة بين كتفيه، فصلى الله وسلم وبارك وأنعم عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم نلاقيه، وسلم تسليمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه؛ أما بعد:







فاتقوا الله عباد الله؛ فتقوى الله هي أكرم ما أسررتم، وأحسن ما أظهرتم، وأعظم ما ادَّخرتم، ولله أمر القلوب ما أعجبها! وما أسرع تغيرها! وما أشد تقلبها! وسبحان من خلقها وجعلها ملوكَ الأبدان؛ إذا صلُحت صلُح البدن كله، وإن فسدت فسد الجسد كله؛ جاء في الحديث الصحيح: ((التقوى ها هنا، وأشار صلى الله عليه وسلم إلى صدره))، وفي محكم التنزيل: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [المائدة: 7]، فما هي التقوى يا عباد الله؟ ما فائدتها؟ وكيف نكتسبها، ونكون من أهلها؟ كيف نحقق قول الله جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].







معاشر المؤمنين الكرام، التقوى من التوقِّي؛ أي أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية؛ والتقوى كما يُعرِّفها عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه: "هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل"، وحين سأل الفاروق أبيَّ بن كعب رضي الله عنهما عن التقوى، قال: "يا أمير المؤمنين، أما مررتَ بأرض ذات شوك، قال: بلى، قال: فما صنعت؟ قال: شمرتُ واجتهدت، قال: تلك التقوى"، ويُعرِّفها ابن مسعود رضي الله عنه فيقول: "التقوى: أن يُطاع الله فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر"، ويُعرِّفها طلق بن حبيب رحمه الله فيقول: "التقوى: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله"، وقال سهل بن عبدالله: "من أراد أن تصح له التقوى، فلْيَتْرُكِ الذنوب كلها".









خلِّ الذنوب صغيرها

وكبيرها ذاك التُّقى



واصنع كمَاشٍ فوق أر

ض الشوك يحذر ما يرى



لا تحقرن صغيرةً

إن الجبال من الحصى










إذًا فيمكن أن نقول: إن التقوى هي هيمنة الدين على الحياة كلها؛ هيمنةً تُسلِم النفس كلها لله، محكومةً بأمره ونهيه، فلا تخضع لغير سلطانه، ولا تحكم بغير قرآنه، ولا تستنُّ بغير سنة رسوله، متجردةً من ذاتها وهواها، متعلقةً بخالقها ومولاها، لا يحركها إلا دين الله، فبه تأتمر، وبه تنتهي، حال صاحبها: خضعت نفسي للباري، فسدُّوا الكائنات، أنا عبدالله، لا عبدالهوى والشهوات، إنها طريق العز والكرامة، وسبيل الحياة السعيدة، وجماع الخير كله، وميزان الفضل والتفاضل: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13].







والتقوى في القرآن الحكيم: هي أجمل لِباسٍ يتزين به المسلم؛ قال تعالى: ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: 26]، وهي أفضل زادٍ يتزود به المؤمن؛ قال تعالى: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197]، وقد جاءت كلمة التقوى بمشتقاتها المختلفة في القرآن الكريم أكثر من مائتين وخمسين مرة، والتقوى هي وصية الله للأولين والآخرين: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]، وهي وصية الله الخاصة للمؤمنين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]، وهي وصية المودع، التي أوصى بها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمَّتَهُ؛ جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: قال: ((وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغة، ذَرَفَتْ منها العيون، ووجِلَتْ منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مُودِّعٍ، فأوْصِنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدًا حبشيًّا...))، وفي الحديث المشهور: ((اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتْبِعِ السيئة الحسنة تمحُها، وخالقِ الناس بخُلُقٍ حسن))، وما من نبي إلا ويقول لقومه: ﴿ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾؛ فهي خلاصة دعوة الأنبياء والمرسلين، ومدار الشريعة والدين، وسبب لطيب الحياة وعلوِّ الدرجات في الدارين؛ ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ [النبأ: 31].







وأما ثمرات التقوى، وأما فوائدها وجوائزها، فأمرٌ عجب يا عباد الله، وكيف لا يكون عجبًا ومحبة الله مضمونة للمتقين؛ قال تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 76]، ومعية الله الخاصة للمتقين: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وأكرم الناس عند الله هم المتقون: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [الحجرات: 13]، وأكثر من ينال هِدايات القرآن الكريم هم المتقون: ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]، والقبول محصور في أهل التقوى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، والعلم النافع هِبَةُ الله للمتقين: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، والأمن والحماية للمتقين؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 120]، والرحمة المضاعفة والنور التام للمتقين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28]، والبركة والفتح للمتقين: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، والثواب الخاص من عند الله للمتقين: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 103]، والأمن والأمان لأهل التقوى: ﴿ فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف: 35]، والمتقون موعودون بالوقاية من الفتن، واللطف عند حلول المصائب والمحن، وموعودون بالتوفيق والتيسير، والرزق الوفير، وموعودون بتكفير الذنوب ورفع الدرجات ومضاعفة الأجور: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5]، ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7]، والمتقون هم الناجون يوم القيامة؛ تأمل قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]، وقوله تعالى: ﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61]، وقال تعالى: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴾ [الليل: 17]، وبشَّر الله أهل التقوى بالفوز العظيم في الدنيا والأخرى؛ فقال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64]، كما أنَّ مما وُعدوا به: ﴿ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الأعراف: 128]، ﴿ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ [ص: 49]، وقال تعالى: ﴿ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 35]، وأما أعظم ما سيناله المتقون من الكرامة والنعيم، فرِفْعَةُ الدرجات في الجنات، والرضوان الكبير والقرب منه جل وعلا، وما لا يخطر على قلب بشر من النعيم المقيم والملك الكبير؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]، وقال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55]، ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [المرسلات: 41 - 43]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الدخان: 51 - 53]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النبأ: 31 - 36].







اللهم اجعلنا ومن نحب جميعًا من المتقين، اللهم وما أعددته لعبادك المتقين من النعيم المقيم، والملك العظيم، فاجعل لنا منه أوفرَ الحظِّ والنصيب، برحمتك يا أرحم الراحمين.







أقول ما تسمعون وبارك الله...







الخطبة الثانية



الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه؛ أما بعد:



فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.







معاشر المؤمنين الكرام، كيف نكتسب التقوى، وكيف نكون من أهلها؟ عسى ولعل أن نفوز بموعودها، فعودًا على بدء، فالتقوى من التوقي؛ التقوى كما عرفها طلق بن حبيب رحمه الله: "أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله"، وكما قال سهل بن عبدالله: "من أراد أن تصح له التقوى، فليترك الذنوب كلها".









خلِّ الذنوب صغيرها

وكبيرها ذاك التُّقى



واصنع كماشٍ فوق أر

ض الشوك يحذر ما يرى



لا تحقرن صغيرةً

إن الجبال من الحصى










وأساس التقوى هي التوبة النصوح من جميع الذنوب، ثم الإنابة الصادقة لعلَّام الغيوب، والقصد الجازم والعزيمة الجادة في طلب مرضاة الله، والمحافظة على أداء الفرائض والواجبات، والبعد عن جميع المناهي والمحرمات، وأن يكون المرء سبَّاقًا إلى كل فضيلة، هاجرًا لكل رذيلة، مراقبًا لله تعالى في كل ما يَذَرُه ويأتيه، وتأمل صفات المتقين في كتاب الله تعالى؛ لعلك أن تتشبه بهم؛ فالمتقون في كتاب الله تعالى هم: ﴿ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، والمتقون في كتاب الله تعالى هم: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 134، 135]، فعلامة المتقي أن يكون قائمًا بأصول الإيمان، متمِّمًا لشرائع الإسلام وحقائق الإحسان، محافظًا على الفرائض والواجبات، بارًّا بوالديه، واصلًا للأرحام، محسنًا إلى الجيران والمحتاجين، صادقًا في معاملاته، سليمَ القلب، صادقَ النصيحة، حَسَنَ الخلق، محبًّا للخير لكل أحد.







وبعد، فلا نزال مع أهم وآكد الوصايا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وأختم بآخر وصية من وصايا أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله؛ حيث قال: "أوصيكم بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يُثيب إلا عليها؛ فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعلني الله وإياك من المتقين"؛ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].








ويا ابن آدم، عِشْ ما شئت فإنك ميت، وأحببْ مَن شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به، البر لا يَبلَى، والذنب لا يُنسى، والدَّيَّان لا يموت، وكما تدين تُدان، اللهم صلِّ وسلم على البشير النذير.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.88 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]