شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 17 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216089 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7828 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 52 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859623 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393963 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 85 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #161  
قديم 14-11-2022, 06:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [083]
الحلقة (114)


شرح سنن أبي داود [083]

جاءت الأحاديث بجواز مصافة الصبي المميز في الصلاة، أما المرأة فلا يجوز لها أن تصف مع الرجال ولو كانت مع محارمها، ولو كانت مع رجل واحد فإنها تصف خلفه، أما بالنسبة للإمام فإنه بعد أن يسلم ينحرف إلى جهة المأمومين ويستقبلهم بوجهه، كذلك يستحب للإمام أن يتحول عن مكان الفريضة عند أداء النافلة، أما المأموم فعليه أن يتابع الإمام ولا يسابقه ولا يتأخر عنه ولا يوافقه.
كيفية قيام الثلاثة في الصلاة


شرح حديث: (... وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون. حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك : (أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته فأكل منه، ثم قال: قوموا فلأصل لكم، قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف صلى الله عليه وسلم) ]. قوله: [ باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون ]. يعني: إذا كان المصلون ثلاثة كيف يصفون وراء الإمام؟ وإذا كان معهم نساء يصلين وراءهم. أورد أبو داود حديث أنس أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار جدته مليكة وهي أم سليم وهي جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أم أنس بن مالك رضي الله عنه، فقدمت له طعاماً فأكل ثم قال: (قوموا فلأصلِّ لكم، فصلى بهم ركعتين، وكان أنس واليتيم وراءه، والعجوز من ورائهم ) وهذا فيما إذا كانوا ثلاثة فإنهم يكونون خلف الإمام، حيث يصفّون صفّاً والنساء يكن من ورائهم. وفي هذا الحديث دليل على مصافة الصبي المميز، وأنه يمكن أن يكون مع واحد صفاً، والمرأة إن كانت واحدة فهي تصف وراءهم، ولا تصف المرأة بجوار الرجال ولو كانوا من ذوي محارمها، بل لو كان هناك رجل واحد وامراة وصليا جماعة فإن الرجل يكون في الأمام والمرأة تكون وراءه ولا تصف عن يمينه، وإنما الذي يصف عن يمينه الرجل.

تراجم رجال إسناد حديث: (وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ]. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه هو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث من الرباعيات التي هي من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأن بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وهم: القعنبي و مالك و إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة و أنس بن مالك .

شرح حديث: (... ثم قام فصلى بيني وبينه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله فعل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن فضيل عن هارون بن عنترة عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: (استأذن علقمة و الأسود على عبد الله وقد كنا أطلنا القعود على بابه، فخرجت الجارية فاستأذنت لهما فأذن لهما، ثم قام فصلى بيني وبينه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فَعَلْ) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفيه: أنه جاء إليه الأسود و علقمة ودخلا عليه فصلى بهما وكان بينهما، يعني: أن الإمام صار بين المأمومَيْن؛ لأن ابن مسعود جعل واحداً عن يمينه والثاني عن شماله، وهذا يخالف ما تقدّم من الأحاديث التي فيها أن الجماعة إذا كانوا ثلاثة فيتقدمهم واحد منهم، والاثنان يكونان وراءه، حتى لو كان أحد الاثنين صبياً مميزاً فإنه يكون صفاً ويعتد به في الصف. وهذا الذي في الحديث مخالف لما تقدم، لكن حمله العلماء على واحد من أمرين: الأول: إما أنه كان المكان ضيقاً، وليس هناك مجال لأن يتقدم الإمام ويتأخر المأمومون. الثاني: أن ذلك مما كان أولاً ثم نُسخ، مثل: التطبيق الذي جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، وهو كون الإنسان في ركوعه لا يجعل اليدين على الركبتين، وإنما يجمعهما ببعض ويجعلهما بين الفخذين، فهذا يُسمى التطبيق، وقد جاء فيه أحاديث صحيحة ولكنه منسوخ، فيحتمل أن يكون هذا مما أخذه أولاً ثم نسخ. وعلى هذا لا يكون هناك مخالفة في صف الاثنين وراء الإمام، بل السنة هي أن الاثنين فأكثر يصفون وراء الإمام، وما جاء مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحمل على أن المكان ضيق، أو أن الذي أخذه ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نسخ كما نُسخ التطبيق.

تراجم رجال إسناد حديث: (... ثم قام فصلى بيني وبينه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله فعل)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هارون بن عنترة ]. هارون بن عنترة لا بأس به، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة في التفسير. [ عن عبد الرحمن بن الأسود ]. هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو الأسود بن يزيد بن قيس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ استأذن علقمة و الأسود على عبد الله ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في الإمام ينحرف بعد التسليم


شرح حديث: (صليت خلف رسول الله فكان إذا انصرف انحرف)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإمام ينحرف بعد التسليم. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه قال: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم، فكان إذا انصرف انحرف) ]. قوله: [ باب الإمام ينحرف بعد التسليم ]. أي: ينحرف إلى جهة المأمومين ويستقبلهم بوجهه، ولا يبقى إلى جهة القبلة إلا بمقدار ما يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم! أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وهذا هو الذي جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا: فالانصراف لا يكون بعد التسليم مباشرة. والحكمة في هذا تظهر في عدة أمور ذكرها العلماء وهي: أولاً: القبلة إنما هو من أجل الصلاة، ولما فرغت الصلاة انتهت المهمّة. ثانياً: لو استمر الإمام إلى جهة القبلة فقد يأتي البعض متأخراً والإمام مستقبل القبلة فيظن أن الصلاة ما فُرغ منها، ولكنه بانصرافه وباتجاهه إلى المأمومين يُعلم بأن الصلاة قد انتهت. والسنة قد جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بالكيفية التي ذكرنا، فيقتدي الإمام بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام فيما جاء به. أورد أبو داود حديث يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا انصرف انحرف) أي: إذا انصرف من الصلاة فإنه ينحرف إلى جهة المأمومين. والانصراف يطلق على الفراغ من الصلاة، كما في الحديث: (لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف) يعني: ولا بالسلام. وقد جاء أنه كان يقول قبل أن ينحرف: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم! أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام).

تراجم رجال إسناد حديث: (صليت خلف رسول الله فكان إذا انصرف انحرف)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني يعلى بن عطاء ]. يعلى بن عطاء ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم ، وأصحاب السنن. [ عن جابر بن يزيد بن الأسود ]. جابر بن يزيد بن الأسود صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبيه ]. هو يزيد بن الأسود وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي .

شرح حديث: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله أحببنا أن نكون عن يمينه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن رافع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا مسعر عن ثابت بن عبيد عن عبيد عن البراء بن عازب قال: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه، فيُقبِل علينا بوجهه صلى الله عليه وسلم). ثم أورد أبو داود حديث البراء بن عازب وفيه أنهم كانوا يحبون أن يكونوا عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وقصدهم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة يقبل عليهم؛ لأنه كان إذا سلَّم انصرف إلى جهة اليمين، بمعنى أنه ينحرف إلى جهة يساره فيكون أول من يرى الذين هم عن يمينه. وهذا الحديث فيه: أنه كان ينصرف إلى جهة المأمومين، وهذا محل الشاهد من الترجمة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله أحببنا أن نكون عن يمينه...)


قوله: [ حدثنا محمد بن رافع ]. هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أبو أحمد الزبيري ]. هو محمد بن عبد الله بن الزبير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مسعر ]. هو مسعر بن كدام وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثابت بن عبيد ]. ثابت بن عبيد ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أصحاب السنن. [ عن عبيد ]. هو عبيد بن البراء بن عازب وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن البراء بن عازب ]. البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حكم الإمام يتطوع في مكانه


شرح حديث: (لا يصل الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإمام يتطوع في مكانه. حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك القرشي حدثنا عطاء الخراساني عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلِّ الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول). قال أبو داود : عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة بن شعبة ]. قوله: [ باب الإمام يتطوع في مكانه ]. يعني: أنه لا يتطوع في موضع المكتوبة، وإنما عليه أن يتحول إلى مكان آخر، ولكنه عند الحاجة لا بأس بذلك، وكذلك المأموم، فإنه عند الحاجة يتطوع في مكان المكتوبة، ولكن التحول أولى؛ لأنه قد جاء ما يدل على ذلك؛ ولأن فائدة ذلك: أن تشهد له البقاع والأماكن المتعددة، فإن البقاع تشهد على ما يحصل عليها، ومما جاء في تفسير قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4] يعني: تشهد على ما فُعِلَ على ظهرها من خير أو شر. وكذلك جاء في العيدين أن الإنسان يذهب من طريق ويعود من طريق آخر، قالوا: ليشهد له الطريق الذي خرج منه والطريق الذي رجع منه. أورد أبو داود حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يصل الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول). يعني: لا يصلي النافلة في مكان الفريضة حتى يتحول إلى مكان آخر. والحديث هذا الذي أورده المصنف فيه انقطاع، وفيه أيضاً مجهول.

تراجم رجال إسناد حديث: (لايصل الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول)

قوله: [ حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ]. هو أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك القرشي ]. وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا عطاء الخراساني ]. عطاء الخراساني وهو صدوق يَهِم كثيراً ويرسل ويدلس، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن. وهذا الحديث مرسل؛ لأن عطاءً لم يدرك المغيرة ، ولهذا قال أبو داود : عطاء الخراساني لم يدرك المغيرة . وقالوا: إنه ولد في السنة التي مات فيها المغيرة . وعلى هذا فالحديث فيه مجهول وفيه انقطاع. [ عن المغيرة بن شعبة ]. المغيرة بن شعبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الإمام يحدث بعد ما يرفع رأسه من آخر ركعة

.

شرح حديث: (إذا قضى الإمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإمام يُحْدِث بعد ما يرفع رأسه من آخر الركعة. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع و بكر بن سوادة عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قضى الإمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته، ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة) ]. قوله: [ باب الإمام يحدث بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة ]. يعني: إذا انتهى من الركعة الأخيرة سواء كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة، فإذا حصل منه حدث أو كلام بعد ذلك فمعناه أن صلاته تّمّت، وكذلك الذين دخلوا معه من أول الصلاة تكون صلاتهم قد تمّت، أما من كان مسبوقاً فإنه يقوم ويقضي ما فاته. وفيه: أن التشهد ليس بلازم، وكذلك الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن التشهد ركن، وأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ركن من أركان الصلاة، ولكن الذي جاء عن الأحناف أنه إذا فرغ من التشهد فأحدث قبل أن يُسلّم فإن صلاته صحيحة، ولكن الحديث الذي سيأتي بعد هذا يدل على أنه لا ينتهي من الصلاة إلا بالتسليم، وأنه لو أحدث قبل أن يُسلّم فصلاته باطلة، وأن عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة؛ لأن الصلاة لا تتم إلا بالتسليم، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) فكما لا يدخل في الصلاة إلا بالتكبير، فلا تنتهي الصلاة إلا بالتسليم. وهذا الحديث ضعيف ولا يُعَوّل عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا قضى الإمام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته ...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ]. هو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي وهو ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن رافع ]. عبد الرحمن بن رافع ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ و بكر بن سوادة ]. بكر بن سوادة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وفي الإسناد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي وهو ضعيف، وفيه عبد الرحمن بن رافع ، لكن لا يؤثر؛ لأنه مقرون بثقة، والحديث لم يأت عنه وحده، وإنما جاء عنه وعن بكر بن سوادة ، و بكر بن سوادة ثقة، فهو الذي يعوّل عليه، ولكن الإشكال في عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي ، فإنه ضعيف ولا يحتج به.

شرح حديث: (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (مفتاح الصلاة الطهور) يعني: الطهور أول أعمالها؛ لأنه لابد لمن أراد الصلاة أن يبدأ بالوضوء وهو شرط من شروط الصلاة، كما في الحديث: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) ، وهذا الطهور هو الماء أو ما يقوم مقامه الذي هو التيمم. قوله: [ (وتحريمها التكبير) ] يعني: أن الإنسان قبل أن يقول: الله أكبر ويدخل في الصلاة فإنه يحل له الأكل والشرب والكلام والالتفات، فإذا قال: الله أكبر، حرمت عليه الأشياء التي كانت حلالاً له قبل تكبيرة الإحرام، وهذا مثله لو أن الإنسان أحرم بحج أو عمرة فإنه تحرم عليه الأشياء التي كانت حلالاً له قبل ذلك الإحرام. قوله: [ (تحريمها التكبير) ] يدلنا على أن الصلاة لا يدخل فيها إلا بالتكبير، وأنه لا يجوز أن يؤتى بلفظ آخر غير التكبير، فلا يجوز أن يقول: الله أجل، أو الله أعظم، أو الله أكرم وما إلى ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حصر ذلك بلفظ: الله أكبر، كما في الحديث: (إذا كبّر -يعني: الإمام- فكبروا). قوله: [ (وتحليلها التسليم) ]. يعني: الخروج والفراغ منها يكون بالتسليم، وأما قبل التسليم فإن الإنسان لا زال في الصلاة, وهذا يعارض ما تقدم في الحديث السابق الذي هو غير صحيح، وكذلك يعارض ما جاء عن الحنفية: أنه إذا لم يبق إلا التسليم وقد أتى المصلي بالتشهد والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وحصل أنه أحدث فإن صلاته تكون قد تمت وهي صحيحة، وأن بوسعه أن يخرج منها بغير التسليم. فهذا الحديث حجة عليهم، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (وتحليلها التسليم).

تراجم رجال إسناد حديث: (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. قد مرّ ذكره. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو الثوري ، وقد مرّ ذكره. [ عن ابن عقيل ]. هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب وهو صدوق في حديثه لين، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة. [ عن محمد بن الحنفية ]. هو محمد بن علي بن أبي طالب ، المشهور بابن الحنفية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمّة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام


شرح حديث: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإمام. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود، فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت؛ إني قد بدنت) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب ما يؤمر به المأموم من متابعة الإمام. يعني: كونه يأتي بالأفعال بعد الإمام. الحالات التي تكون بين الإمام والمأموم من حيث متابعته أربع حالات: مسابقة, وتخلف، وموافقة، ومتابعة, فهذه الأربع الحالات تجري من المأموم مع الإمام، فإما أن يسابق المأموم الإمام أو يتخلف عنه أو يتابعه أو يوافقه، والمسابقة والتخلف والموافقة كلها لا تفعل، وقد قال العلماء: إن المسابقة والتخلف محرمة؛ لأنها تنافي الائتمام، وأما الموافقة فهي مكروهة وأما المتابعة فهي سنة. والمسابقة: هي أن يركع قبل ركوع الإمام. والتخلف: أن يتخلف عن الإمام بأن يفرغ الإمام من الركوع وهو لم يركع. والموافقة: النزول مع الإمام تماماً لا يتقدم ولا يتأخر. المتابعة: بعدما يشرع الإمام في الركن ويستقر فيه يتابعه فيه، بمعنى أنه إذا استقر راكعاً يبدأ بالركوع ولا يركع معه بحيث يساويه، ولا يتأخر عنه ولا يسابقه, بل يتابعه، فهذه هي السنة. أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبادروني بركوع ولا سجود ..) يعني: لا تسبقوني ولا تفعلوا مثل ما أفعل معي مباشرة، بل إذا أخذت في الركوع فاركعوا؛ لأن الجزء الذي يسبقهم فيه في الأول هم يتأخرون فيه عندما يرفع فيكون مقدار ركوعهم هو مقدار ركوعه تماماً، فلا يزيد الإمام على المأمومين بشيء؛ لأنه استقر راكعاً في الركوع وهم جاءوا بعده، لكنه عندما يرفع هم باقون في الركوع، فصار المقدار الذي فعلوه بعدما رفع يقابل الشيء الذي تقدمهم به، فصار مقدار ركوعهم هو مقدار ركوعه تماماً، فمعنى هذا: أنني إذا ركعت وأنتم جئتم بعدي أنا أرفع وتجيئون بعدي، فيكون مقدار ركوعكم مثل مقدار ركوعي. قوله: [ (فإنه مهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت) ]. يعني: أنتم إذا فعلتم هذا الفعل لأجل أن يحصل لكم مثل ما يحصل لي، فالذي سبقتكم به عند الركوع يعوضه بقاؤكم عندما أرفع فتكونون قد ركعتم مثل ما ركعت؛ لأنني سبقتكم في البداية وأنتم تأخرتم عني في النهاية، وهذا التأخر ليس تأخراً طويلاً، وإنما هو بمقدار شروع الإمام في الركن الذي وراءه. قوله: [ (إني قد بدنت) ]. فسر بأنه قد طعن في السن، أو أنه قد زاد لحمه.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تبادروني بركوع ولا بسجود ...)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا يحيى ]. مر ذكره. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني محمد بن يحيى بن حبان ]. محمد بن يحيى بن حبان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن محيريز ]. هو: عبد الله بن محيريز وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية بن أبي سفيان ]. معاوية بن أبي سفيان ، أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (أنهم كانوا إذا رفعوا رءوسهم من الركوع مع رسول الله قاموا قياماً ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عبد الله بن يزيد الخطمي يخطب الناس قال: حدثنا البراء وهو غير كذوب (أنهم كانوا إذا رفعوا رءوسهم من الركوع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاموا قياماً، فإذا رأوه قد سجد سجدوا) ]. وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه مثل حديث معاوية ، أنهم كانوا إذا صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رأسه من الركوع قاموا قياماً, وإذا قاموا قياماً لا ينتقلون من القيام إلى السجود إلا إذا وصل إلى الأرض وسجد عليها، عند ذلك يلحقونه، ومعنى هذا أنه سبقهم في القيام ثم سبقهم في السجود، فكان مقدار قيامهم مثل مقدار قيامه كما قلنا في الركوع في الحديث السابق.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #162  
قديم 14-11-2022, 06:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أنهم كانوا إذا رفعوا رءوسهم من الركوع مع رسول الله قاموا قياماً ..)
قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. هو: عمرو بن عبد الله الهمداني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن يزيد الخطمي ]. عبد الله بن يزيد الخطمي ، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن البراء ]. البراء بن عازب رضي الله عنه قد مر ذكره.

شرح حديث: (كنا نصلي مع النبي فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي يضع)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب و هارون بن معروف المعنى قالا: حدثنا سفيان عن أبان بن تغلب قال أبو داود : قال زهير : حدثنا الكوفيون أبان وغيره عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم يضع) ]. أورد أبو داود حديث البراء من طريق أخرى، وفيه: أن الواحد منهم إذا صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحنو ظهره إلا إذا وضع الرسول صلى الله عليه وسلم ظهره واستقر في الركوع، فإذا استقر في الركوع فإنهم يتبعونه ولا يفعلون مثل فعله في الزمن وفي الوقت، بل يتأخرون عنه قليلاً وهذا هو المتابعة، فيستمرون واقفين حتى يستقر في الركوع، وهذا فيما إذا كان الإمام يرى، أما إذا كان لا يرى وانقطع صوته فإنهم ينتقلون إلى الركوع إذا كان قد ركع.

تراجم رجال إسناد حديث: (كنا نصلي مع النبي فلا يحنو أحد منا ظهره حتى يرى النبي يضع)

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. هو أبو خيثمة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و هارون بن معروف ]. هارون بن معروف ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود. [ المعنى ]. أي: أنهما متفقان في المعنى مختلفان في اللفظ. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبان بن تغلب ]. أبان بن تغلب ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ قال زهير : حدثنا الكوفيون أبان وغيره ]. يعني: أن لفظ زهير : حدثنا الكوفيون أبان وغيره، فهو ذكر أبان وغيره ولكنهم أبهموا، وأبان هو الذي نص عليه، وأيضاً ذكر أنهم كوفيون. [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن البراء ]. البراء رضي الله عنه قد مر ذكره.

شرح حديث: (أنهم كانوا يصلون مع رسول الله فإذا ركع ركعوا ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الربيع بن نافع حدثنا أبو إسحاق -يعني: الفزاري - عن أبي إسحاق عن محارب بن دثار قال: سمعت عبد الله بن يزيد رضي الله عنه يقول على المنبر حدثني البراء رضي الله عنه: (أنهم كانوا يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده لم نزل قياماً حتى يروه قد وضع جبهته بالأرض، ثم يتبعونه صلى الله عليه وسلم). ]. أورد أبو داود حديث البراء من طريق أخرى، وفيه متابعتهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهم يركعون إذا ركع، ويسجدون إذا سجد، وإذا سجد لا يسجدون حتى يصل إلى الأرض ويضع جبهته عليها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أنهم كانوا يصلون مع رسول الله فإذا ركع ركعوا ...)


قوله: [ حدثنا الربيع بن نافع عن أبي إسحاق يعني: أبو إسحاق الفزاري ]. الربيع بن نافع مر ذكره، و أبو إسحاق الفزاري هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. هو سليمان بن أبي سليمان ، نص عليه في تحفة الأشراف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محارب بن دثار ]. محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال سمعت عبد الله بن يزيد يقول: حدثني البراء ]. عبد الله بن يزيد و البراء قد مر ذكرهما.
ما جاء في التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله


شرح حديث: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما يخشى أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة في التشديد في ذلك، يعني: في عدم المتابعة وحصول المسابقة، فإذا لم توجد المتابعة وجدت المسابقة، فذلك لا يجوز، وورد فيه تحذير ووعيد شديد. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أما يخشى أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو صورته صورة حمار)، يعني: ألا يخشى أن يعاقبه الله عز وجل بأن يحول صورته إلى هذه الهيئة الكريهة لحيوان وصف صوته بأنه أنكر الأصوات، فهذا الفعل ذنب، وكونه يكون على هذه الهيئة الكريهة فهذه عقوبة من الله عز وجل، وهذا يدل على أن المسابقة لا تجوز لا في الرفع ولا في الخفض؛ ولهذا بوب أبو داود رحمه الله فقال: باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله. يعني: سواء كان في قيام أو في نزول، في خفض أو رفع، فالمسابقة لا تجوز لا في كونه وهو يسجد أو يركع، ولا في كونه يقوم من الركوع أو يقوم من السجود أو يقوم من الركعة، بل تجب متابعة الإمام وعدم مسابقته, وقد ورد هذا الوعيد في المسابقة للإمام.

تراجم رجال إسناد حديث: (أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد ...)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن محمد بن زياد ]. حفص بن عمر و شعبة قد مر ذكرهما، و محمد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

إذا سبق المأموم الإمام له أن يرجع

ومن سبق إمامه ولم يرجع وتابعه فإن صلاته لا تصح؛ ولهذا قال بعض أهل العلم: الذي يسابق الإمام إنه لن يخرج من الصلاة إلا بالتسليم؛ لأنه مهما سابقه لن ينصرف إلا إذا انصرف الإمام، وما دام أنه مرتبط بالإمام، ولن يخرج من الصلاة إلا إذا خرج الإمام، فحصول ذلك منه ماله وجه ولا مبرر، ويقول بعض العلماء: لا وحدك صليت ولا بإمامك اقتديت. بمعنى: أنك ما صليت وحدك، ولا صليت مع الجماعة، فإذا كان الشخص سبق إمامه ثم رجع وتبعه فهذا ليس فيه إشكال، لكن إذا كان حصل هذا الفعل فهذا ينافي الائتمام. والتحويل الوارد في قوله: (يحول الله رأسه رأس حمار) تحويل حقيقي.

ما جاء فيمن ينصرف قبل الإمام


شرح حديث: (أن النبي حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ينصرف قبل الإمام. حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص بن بغيل المرهبي حدثنا زائدة عن المختار بن فلفل عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة) ]. قوله: [ باب فيمن ينصرف قبل الإمام ] الانصراف قبل الإمام يحتمل أن يراد به الانصراف من الصلاة بالسلام، وكما هو معلوم هذا مثل بقية الأركان إذا سلم قبل الإمام فعليه أن يرجع إلى الصلاة، ويسلم بعد ما يسلم الإمام إذا كان سلم ناسياً، وأما التعمد فإنه لا يجوز. وإما أن يراد به انصراف الناس قبل أن ينصرف الإمام، يعني: كونهم يبادرون بالانصراف قبل أن ينحرف الإمام ويقوم من مقامه، وقالوا: إن هذا كان المقصود منه أن النساء كانت تصلي معهم فيؤمرون بأن يبقوا حتى تنصرف النساء ثم ينصرفوا مع الإمام، فالإمام يتأخر في الانصراف، وهم ينصرفون إذا انصرفت النساء، قالوا: إن هذه هي الحكمة في ذلك، وعلى هذا فإن الانصراف يحتمل بأن يكون الانصراف من السلام، وهذا لا يجوز؛ لأنه داخل تحت قوله: (لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالانصراف)، ويحتمل المعنى الثاني: وهو أنهم لا ينصرفون قبل الإمام فيما إذا كان معهم نساء حتى تنصرف النساء، ولا يحصل الاختلاط بين الرجال والنساء. أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه. قوله: [ (ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة) ] فقوله: [ (من الصلاة) ] هذا قد يبين أو يرجح أن المقصود هو الانصراف من الصلاة بالسلام. ولا ينبغي للمأموم أن يقوم بعد تسليم الإمام مباشرة، وإنما يمكث ولو فترة وجيزة بحيث ينصرف الإمام إلى المأمومين ويتجه إليهم، وهو لا يبقى إلا مقدار قوله: أستغفر الله! أستغفر الله! أستغفر الله اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي حضهم على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة)

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حفص بن بغيل المرهبي ] . حفص بن بغيل تصغير بغل المرهبي ، وهو مستور، أخرج له أبو داود. [ حدثنا زائدة ]. هو زائدة بن قدامة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المختار بن فلفل ]. المختار بن فلفل ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه وقد مر ذكره.

الأسئلة


وجه عدم حصول الوعيد في قوله: (أما يخشى أحدكم أن يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار)

السؤال: بالنسبة لحديث أبي هريرة في الوعيد فيمن سابق الإمام، فإن كثيراً من الناس يفعلون ذلك ولا يحصل لهم الوعيد في الدنيا؟

الجواب: المهم أن الوعيد موجود، والله على كل شيء قدير، وهو قال: (أما يخشى) ومعلوم أنه ما دام أنه توعد بهذا الوعيد الواجب هو عدم المسابقة.
حكم الدخول مع الإمام في التراويح بنية تحية المسجد
السؤال: هل يجوز الدخول مع الإمام بنية تحية المسجد وهو يصلى بالناس التراويح؟

الجواب: أي نعم، الإنسان إذا دخل المسجد لا يذهب يصلي تحية المسجد، ثم بعد ذلك يدخل مع الإمام، وإنما يدخل مع الإمام وتكون تحية المسجد.
حكم قطع النافلة عند الإقامة
السؤال: في الحديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) فهل يجوز قطع صلاة النافلة؟ ومتى يكون؟

الجواب: إذا كان في آخرها يتمها خفيفة، وإذا كان في الركعة الأولى أو في أول الركعة الثانية، فإنه يقطعها، أما إذا كان في آخرها فإنه يتمها؛ لأن إتمامه إياها لا يتعارض مع الفرض؛ لأنه سينتهي قبل فراغ المؤذن من الإقامة.
معنى قوله: (قوموا فلأصل لكم)
السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: في أول الحديث: (قوموا فلأصل لكم) هل هم أصلاً طلبوا منه الصلاة؟

الجواب: يحتمل أن يكونوا طلبوه لهذا الغرض، وأنه أراد أن يلبي غرضهم، ويحتمل أن يكون أراد أن يعلمهم، وأن تكون النساء اللاتي لا يرينه ولا يحصل لهن الوقوف وراءه في الصلاة، بحيث إنه يحصل لهن مشاهدته عليه الصلاة والسلام وهو يصلى بالناس والعدد قليل؛ لأنه ليس بينهن وبين الرسول صلى الله عليه وسلم إلا شخصان أحدهما كبير والآخر صغير.

معنى قوله: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)
السؤال: ما معنى حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)؟

الجواب: المقصود إذا صلى الإنسان عند الإقامة، وأما إذا كان قد دخل الإنسان في الصلاة فإنه يقطعها إذا كان في أولها بدون سلام، وإن كان في آخرها فإنه يتمها خفيفة.

معنى قول أنس: (فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء)

السؤال: ما معنى قول أنس رضي الله عنه: (فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء)؟

الجواب: هذا فيه أن الافتراش يقال له: لبس، وأن اللبس يطلق على أكثر مما هو غالب في الاستعمال وهو لبس الثياب، والجلوس أو الافتراش يقال له: لبس. قوله: (قد اسود من طول ما لبس) يعني: استعمل حتى حصل منه قسوة، فهو نضحه بالماء حتى يلينه، ويحتمل أن يكون فيه وسخ من طول الاستعمال، فيريد أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم على شيء نظيف ليس فيه وسخ.

حكم الاصطفاف بالطفل غير المميز
السؤال: ما حكم الاصطفاف بالطفل غير المميز؟

الجواب: إذا كان غير مميز لا يصف به، ولا يكون معهم في صف واحد.

حكم الصلاة فوق السطح العلوي من المسجد الحرام

السؤال: هل تجوز الصلاة فوق السطح من المسجد الحرام علماً بأن السطح العلوي في مكة أعلى من الكعبة؟

الجواب: قضية أن الناس يستقبلون الكعبة سواء كانوا أعلى منها أو أخفض منها، فإنه يجوز ولو كانوا أعلى منها.

حكم إكمال الدعاء وقد تحول الإمام إلى ركن آخر

السؤال: من كان يدعو بدعاء وتحول الإمام إلى ركن آخر من أركان الصلاة هل يقطع الدعاء أم يكمله ثم يدرك الإمام؟

الجواب: الدعاء كما هو معلوم إذا كان طويلاً لا يكمله، وإذا كان قصيراً أو بقي له كلمتان أو ثلاث فإنه يأتي بها وذلك لا يؤخره.
حكم بيع ماء زمزم
السؤال: ما حكم بيع ماء زمزم؟

الجواب: الإنسان إذا ملك الماء له أن يبيعه، فإذا أتى به بسيارته أو حازه في حوضه أو في خزانه فله أن يبيعه.

حكم الاصطفاف عن يمين ويسار الإمام عند الضيق

السؤال: هل يستفاد من فعل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مع علقمة والأسود وذلك أنه صلى واحد عن يمينه وواحد عن يساره، فهل يجوز للناس أن يصفوا الصف الأول عن يمين ويسار الإمام مع ضيق المكان وخاصة في الحج؟

الجواب: إذا امتلأ المكان واحتاج الناس إلى أن يصفوا عن يمين ويسار الإمام فلا بأس.

حكم الانصراف قبل الإمام في المسجد الذي ليس فيه نساء

السؤال: بالنسبة للانصراف قبل الإمام في بلادنا النساء لا يصلين في مساجدنا، فهل يجوز لنا أن ننصرف قبل الإمام؟

الجواب: نعم، فالإمام إذا كان يطول فليس بلازم أن يبقى المأموم حتى ينصرف، كأن يبقى الإمام إلى ما بعد طلوع الشمس مثلاً إذا صلى الفجر، فأنتم لستم ملزمين بمتابعته، ولكن المقصود من ذلك هو الانصراف من الصلاة كانصراف الإمام إلى جهة المأمومين، بحيث إن الإنسان لا يسلَّم ويقوم مباشرة.
حكم إخراج الأرز بقشوره في زكاة الفطر
السؤال: هل يجوز إخراج الأرز الذي ما زالت القشور عليه باقية ولم تنق في زكاة الفطر؟

الجواب: لا، ما يجوز حتى ينقى ويكون صافياً، كذلك السنبل كونه يبقى في سنبله ليس للإنسان أن يخرجه في الزكاة، وإنما يخرج شيئاً قد أخرج من سنبله، أما إذا كانت أشياء قليلة وما إلى ذلك فهذا أمره سهل.

كيفية انصراف الإمام إلى المأمومين

السؤال: الإمام إذا انحرف إلى المأمومين: هل يعطي القبلة ظهره أو ينحرف انحرافاً يسيراً؟

الجواب: الذي يبدو أنه يعطي القبلة ظهره، فيستدبر القبلة ويستقبل الناس.

حد الاشتراك في الأضحية في السفر والحضر

السؤال: هل اشتراك سبعة رجال في الأضحية في البقرة وسبعة رجال في الإبل يجوز في الحضر أو أنه خاص بالسفر؟

الجواب: الأضحية والهدي كلها يشترك فيها، فالبقرة تجزئ عن سبعة، والبدنة تجزئ عن سبعة وسواء كان الناس في حضر أو سفر.

حكم وضع اليدين على الصدر بعد الركوع
السؤال: هل وضع اليدين على الصدر بعد الركوع سنة؟

الجواب: نعم، جاء ما يدل عليه، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى)، وأحوال المصلي أربعة: فهو إما قائم، وإما راكع، وإما ساجد، وإما جالس، فهذه أحوال المصلي في الصلاة، والقيام يكون قبل الركوع وبعده, والجلوس يكون بين السجدتين وفي التشهد الأول والأخير. وقوله: (إذا كان قائماً في الصلاة) يشمل ما قبل الركوع وما بعده وبعض أهل العلم يقول: إنه لا يضع يديه بعد الركوع؛ لأن الذين وصفوا صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالتفصيل ما تعرضوا للتنصيص على وضع اليمنى بعد اليسرى بعد الركوع، لكن مادام أنه جاء حديث عام يدل بعمومه على دخول ذلك فإنه يكون سنة.

عدم حاجة الصحابة إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين
السؤال: قول عبد الله بن يزيد الخطمي عن البراء : (وهو غير كذوب) هل يعتبر توثيقاً؟

الجواب: هذا ليس تعديلاً ولا توثيقاً، فالصحابة رضي الله عنهم عدول، ولا يحتاجون إلى تعديل أحد، ولكن المقصود من هذا هو التأكيد بأن الذي أخبركم عنه صادق، وثقوا بأن الكلام الذي يحدثكم به حق وصدق، وهذا من جنس قول الصحابي: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، أي: هو صادق مصدوق ولو لم يخبر بذلك.
مقدار البقاء إذا انصرف الإمام إلى المأمومين
السؤال: إذا انصرف الإمام إلى المأمومين هل هناك مقدار معين للبقاء؟

الجواب: لا، لكن يأتي بالذكر بعد الصلاة والتسبيح، وبعد ذلك إن شاء أن يبقى بقي، وإن شاء أن يقوم قام.
يعامل الناس بالظاهر ويترك الباطن إلى الله
السؤال: هناك من يقول: إن شروط لا إله إلا الله شروط صحة، باعتبار اعتقاد العبد لها فيما بينه وبين ربه؛ لأن أغلبها شروط قلبية، وعلينا بالظاهر، وهي شروط كمال باعتبار حفظ كونها سبعة وتعلم أدلتها ومعرفتها بالتفصيل، فما رأيكم في هذا؟

الجواب: الناس مالهم إلا الظاهر، ولا يعرفون إلا الظاهر، فالمسلم بما ظهر لهم منه يحكمون عليه، والبواطن علمها عند الله؛ فقد يكون الإنسان يظهر الإسلام ويبطن الكفر كالمنافقين الذين كفرهم كفر اعتقاد، وهم في الدرك الأسفل من النار، فالناس لهم الظاهر، والباطن علمه عند الله عز وجل، لكن هذه الشروط يتفاوت الناس فيها، وليس كلهم فيها سواء، فالناس متفاوتون في درجة التصديق واليقين وغيرهما.
حكم طاعة أمراء الجماعات الإسلامية
السؤال: ما حكم إيجاب طاعة أمراء الجماعات الإسلامية، وإلزام الأفراد بآراء الأمير وتقاس طاعته على طاعة أمير السفر؟

الجواب: أمير السفر كما هو معلوم يطاع في حدود السفر فيما يتعلق بالنزول والمسير، وكون أحدهم يريد أن ينصرف أو يذهب يميناً أو شمالاً، فيستأذن الأمير, وإذا كان بعض المسلمين في بلاد كافرة وكونوا جماعة أو جماعات فمادام أنهم كونوا جماعة وجعلوا لهم رئيساً فيسمعوا له ويطيعوا، إذا قال: اذهب للمكان الفلاني وأد فيه العمل الفلاني، فإنه يسمع له ويطيع، وإذا كان لا يستطيع، يقول: والله أنا عندي شغل، أرسل غيري، أنا لا أستطيع، أما إذا لم يجد السمع والطاعة في حدود ما هو سائغ فما فائدة كونه رئيساً لهم؟ فكونه يصبح رئيساً لهم أو مديراً فإنهم يسمعون له ويطيعون.

حكم الجلوس على الحرير
السؤال: هل يجوز الجلوس على الحرير باعتبار أن اللبس يكون على البدن؟

الجواب: لا يجوز افتراش الحرير كما لا يجوز لبسه.
وزن العبد وأعماله يوم القيامة
السؤال: هل يوزن العبد يوم القيامة أو توزن أعماله؟

الجواب: جاء أن الأعمال توزن، وأن الصحائف توزن كما جاء في حديث البطاقة، وجاء أن العبد يوزن كما جاء في حديث ابن مسعود : (لهما في الميزان أثقل من جبل أحد).

فضل التبكير للصلاة في المسجد النبوي
السؤال: هل الأفضل للإنسان أن يصلي في المسجد النبوي وإن فاتته بعض الركعات، أم أنه يصلي في مسجد لا تفوته أي ركعة؟

الجواب: الأفضل له أنه يأتي إلى المسجد النبوي مبكراً ويصلي الركعات كلها.
حكم الذكر بين السجدتين
السؤال: هل الذكر بين السجدتين مستحب أو واجب؟

الجواب: لا، هو واجب، وبعض العلماء يقول: إنه مستحب مثل أذكار السجود والركوع.
أفضل أنواع النسك لمن اعتمر في أشهر الحج
السؤال: من أتى بعمرة في أشهر الحج وأراد الحج فما هو الأفضل أن يفعل من أنواع النسك؟

الجواب: الأولى للإنسان عندما يحرم ذاهباً للحج أن يكون متمتعاً دائماً وأبداً، فهذا هو الأولى والأفضل، سواء أتى بعمرة في أشهر الحج أو لم يأت، فإذا أتى بعمرة لا بأس أن يأتي بعمرة ثانية وهي عمرة التمتع إذا كان قد سافر إلى بلده."





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #163  
قديم 14-11-2022, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [084]
الحلقة (115)


شرح سنن أبي داود [084]

الصلاة عبادة عظيمة لها هيئتها وشكلها الخاص، ولذا جاء الأمر بستر العورة والعاتقين في الصلاة، وجاء النهي عن الصلاة إذا كان العاتقان مكشوفين، لكن يعفى عنه عند عدم القدرة على ثياب تسترهما.

جماع أبواب ما يُصلى فيه



شرح حديث: (... أولكلَّكم ثوبان؟)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب جماع أبواب ما يصلى فيه. حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل عن الصلاة في ثوب واحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أَوَلكُلَّكُمْ ثوبان؟!) ]. أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باب جماع أبواب ما يصلى فيه. يعني: أن هذه الأبواب التي ستأتي تتعلق بالثياب التي يصلى فيها، والمقصود من ذلك ما هو واجب متعين، وما هو أكمل، وما هو أفضل، والواجب المتعين هو ستر العورة، وهي: من السرة إلى الركبة، والكمال يكون في اللباس الذي يكون به الزينة، ويكون به ستر العورة وغير ذلك، وقد قال الله عز وجل: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] ففسر ذلك بأنه عند كل صلاة، وكما ذكرت: المتعين هو ستر العورة، وفي حال السعة والتمكن يأتي الإنسان بما هو أكمل وأتم، من غير إسراف وتجاوز للحد، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في ثوب واحد، فقال: أو لكلكم ثوبان؟!) يعني: أنه لو كانت الصلاة في الثوب الواحد غير سائغة فمن الذي يتمكن من أن يحصل ثوبين؟! ومعنى هذا: أن الصلاة في الثوب الواحد سائغة، وأنه لا بأس بها، ولكن الأكمل هو أن يكون على الإنسان ثوبان، كإزار ورداء، أو سراويل وقميص، أو قطعتان يضم بعضهما إلى بعض فيلتحف بهما، فيتزر ببعضهما في نصفه الأسفل، ويجعل أطرافهما على كتفيه ومنكبيه. فالصلاة في الثوب الواحد سائغة، والمراد بالثوب: القطعة من القماش، كالإزار والرداء، فإنهما ثوبان، والثوب الواحد: القطعة من القماش التي يلفها الإنسان على وسطه بمثابة الإزار، ويجعل أطرافها على كتفيه، والرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصلاة في الثوب الواحد قال: (أو لكلكم ثوبان؟!) يعني: لو كان لازماً أن الإنسان لا يصلي إلا في ثوبين فمن الذي يملك ثوبين؟ وهذا يدل على ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم من قلة ذات اليد، وقلة السعة في المال؛ ولهذا لما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السؤال قال: (أو لكلكم ثوبان؟) يعني: أن الصلاة في الثوب الواحد سائغة، ولكن إذا أمكن أن يصلى في ثوبين فإن هذا هو المتعين، وهذا هو الذي لا بد منه، وأما إذا كان الإنسان لا يستطيع إلا أن يأتزر بإزار فقط يستر به عورته فالله عز وجل يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [ التغابن: 16 ] ويقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

تراجم رجال إسناد حديث: (... أو لكلكم ثوبان؟)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس ، وهو إمام دار الهجرة، المحدث المشهور الإمام، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ، تابعي مشهور، ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة، وهو من الستة الذين لا خلاف فيهم؛ لأن الفقهاء السبعة متفق على عد ستة منهم في الفقهاء السبعة، وواحد مختلف فيه، و سعيد بن المسيب من الستة الذين هم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسى ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق، فرضي الله تعالى عنه وأرضاه.

شرح حديث: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يصل أحدكم في الثواب الواحد ليس على منكبيه منه شيء) يعني: أنه إذا صلى في ثوب واحد متزراً به فإنه يجعل طرفيه على منكبيه إذا أمكن ذلك، أما إذا كان الثوب لا يكفيه إلا للإتزار فإنه يأتزر به فقط، ولا يجعل على كتفيه منه شيئاً، لكن مع القدرة والسعة ومع إمكان أن يكون على عاتقيه منه شيء، أو على منكبيه منه شيء فإنه يجعل على منكبيه منه شيئاً، وفي حال الضيق وعدم السعة وكون ذلك الثوب لا يكفي إلا إزاراً فإنه يأتزر به، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. وفي حال السعة اختلف العلماء في مقتضى هذا الحديث على قولين: الأول: قول الجمهور أن هذا ليس للتحريم، وإنما هو للكراهة، يعني: أنه لو صلى مع القدرة وليس على عاتقيه منه شيء فإن الصلاة صحيحة. الثاني: ذهب الإمام أحمد وبعض أهل العلم إلى أن الواجب هو أن يُغطى الكتفان مع القدرة، وأن النهي للتحريم وليس للتنزيه، ولكنهم متفقون على صحة الصلاة مع العجز ومع عدم القدرة على استعمال الثوب الواحد الذي لا يكفي أن يجعل منه على العاتقين أو على الكتفين شيء، فإن ذلك سائغ، وهذا الشيء هو المقدور عليه، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ويقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].

تراجم رجال إٍسناد حديث: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على منكبيه منه شيء)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينه المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. هو عبد الله بن ذكوان المدني وكنيته: أبو عبد الرحمن ولقبه: أبو الزناد ، وهو لقب على صيغة الكنية وليس كنية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. هو: عبد الرحمن بن هرمز المدني ، وهو ثقة، اشتهر بلقبه الأعرج وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ] أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.

شرح حديث: (إذا صلى أحدكم في ثوب فليخالف بطرفيه على عاتقيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ح وحدثنا مسدد حدثنا إسماعيل المعنى عن هشام بن أبي عبد الله عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم في ثوب فليخالف بطرفيه على عاتقيه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله: (إذا صلى أحدكم في ثوب- يعني: واحد- فليخالف بطرفيه على عاتقيه) يعني: يأتزر به، ويجعل أطرافه على عاتقيه، بحيث يكون أسفله وأعلاه كل منهما مستور؛ لأن هذا هو الأكمل والأفضل، وهو واجب عند بعض أهل العلم مع القدرة على ذلك، وغير واجب مع العجز؛ لأن العجز يسقط الوجوب. قوله: [ (فليخالف بطرفيه على عاتقيه) ]. يعني: يجعل الذي يأتي من الجهة اليمنى يذهب إلى اليسرى والذي يكون في الجهة اليسرى يذهب إلى اليمنى هذه هي المخالفة.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا صلى أحدكم في ثوب فليخالف بطرفيه على عاتقيه)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. مسدد مر ذكره. ويحيى هو ابن سعيد القطان البصري ، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا مسدد حدثنا إسماعيل ]. (ح) وهي للتحول من إسناد إلى إسناد، و مسدد يروي عن إسماعيل ، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بابن علية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ المعنى ]. وهذه كلمة يستعملها أبو داود رحمه الله عندما يذكر طريقين فيذكر بعدها هذه الكلمة (المعنى) يعني: أن هاتين الطريقين متفقتان في المعنى مختلفتان في الألفاظ، فالمعنى واحد والألفاظ مختلفة، فهذا هو معنى هذه الكلمة أي: أن الطريق الأولى والطريق الثانية معناهما واحد ولكن ألفاظهما مختلفة. [ عن هشام بن أبي عبد الله ]. هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن أبي كثير ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.
حكم ستر أحد العاتقين

وجاءت رواية بالإفراد (على عاتقه) لكن لا يعني ذلك: أنه لا يجب إلا ستر عاتق واحد؛ فإن الإمام أحمد يرى وجوب ستر العاتقين، ولا يكفي ستر العاتق الواحد، وأما بالنسبة لصلاة المضطبع فهي صحيحة عند الإمام أحمد لأن أحد العاتقين مستور.

شرح حديث: (رأيت رسول الله يصلي في ثوب واحد ملتحفاً ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد ملتحفاً مخالفاً بين طرفيه على منكبيه) ]. أورد أبو داود حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد ملتحفاً) يعني: ملتفاً به (مخالفاً بين طرفيه على منكبيه) يعني: طرفي الثوب؛ لأنه متزر ببعضه، والطرفان قد خالف بينهما على منكبيه، وهو مثل حديث أبي هريرة المتقدم الذي فيه: (إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه على منكبيه) فهو بمعنى الحديث المتقدم.
تراجم رجال إسناد حديث: (رأيت رسول الله يصلي في ثوب واحد ملتحفاً ..)
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي أمامة بن سهل ]. هو أبو أمامة بن سهل بن حنيف ، واسمه: أسعد ، وهو معدود في الصحابة؛ لأن له رؤية، ولكن ليس له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر بن أبي سلمة ]. عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ابن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي صغير، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (... أوكلكم يجد ثوبين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا ملازم بن عمرو الحنفي حدثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق عن أبيه رضي الله عنه قال: (قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا نبي الله! ما ترى في الصلاة في الثوب الواحد؟ قال: فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاره طارق به رداءه فاشتمل بهما، ثم قام فصلى بنا نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما أن قضى الصلاة قال: أوكلُّكم يجد ثوبين؟) ]. أورد أبو داود حديث طلق بن علي اليمامي رضي الله عنه قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله رجل: هل يصلي الرجل في ثوب واحد، فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاره فطارق به على ردائه، يعني: جعلهما مع بعض كأنهما ثوب واحد، قوله: [فاشتمل بهما] يعني: بالاثنين، وهذا معناه: أنه جعلهما بمثابة الثوب الواحد، بمعنى: أنه جعل هذا ملتصقاً بهذا أو مطبقاً على هذا، يعني: هما ثوبان ولكن كأنهما ثوب واحد من جهة وضع بعضهما على بعض، فلم يجعل واحداً إزاراً والآخر رداءً، وإنما طرق هذا على هذا ثم اشتمل بهما وقال: (أوكلكم يجد ثوبين؟)، يعني: ليس كل شخص يجد ثوبين، ولو كانت الصلاة بالثوب الواحد لا تجوز فمن منكم يجد ثوبين؟ وذلك لقلة ما بأيديهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهذا معناه: أن الإنسان إذا كان عنده ثوبان فيستعملهم، وإذا كان لا يوجد عنده إلا ثوب واحد فيكفيه؛ قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وإن كان الثوب الواحد لا يكفي إلا لستر عورته فيستر به عورته، وإن كان يكفي لستر العورة وزاد ما يلفه على الكتفين أو على أحد منهما فعل ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (... أو كلكم يجد ثوبين)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا ملازم بن عمرو الحنفي ]. مسدد مر ذكره، وملازم بن عمرو بن عبد الله بن بدر الحنفي صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن. [ حدثنا عبد الله بن بدر ]. هو عبد الله بن بدر الحنفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن قيس بن طلق ]. هو قيس بن طلق بن علي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو طلق بن علي الحنفي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب السنن. وهذا الإسناد رجاله كلهم حنفيون يماميون إلا شيخ أبي داود وهو مسدد ، و ملازم يروي عن جده عبد الله بن بدر ؛ لأن اسمه: ملازم بن عمرو بن عبد الله بن بدر .
ما جاء في الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي


شرح حديث: (لقد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: (لقد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأمثال الصبيان، فقال قائل: يا معشر النساء! لا ترفعن رءوسكن حتى يرفع الرجال) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي، يعني: أنه إذا لم يكن عنده إلا إزار واحد، وليس عنده رداء فإنه يعقد طرفيه في عنقه ثم يصلي، وهذا مثل ما تقدم من أنه إذا كان الثوب واحداً فإن الإنسان يجعل على طرفيه منه شيئاً، وإذا كان ضيقاً ولا يمكن وضعه على العاتقين إلا بالعقد من وراء الرأس فيعقده؛ لأنه لو وضعه على منكبه لسقط؛ لأنه لا يستقر إلا بالعقد، ولا يبقى على الكتفين إلا بالعقد، فيعقده حتى يكون على أكمل هيئة. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: (رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر ..) إلى آخر الحديث. قوله: [ (رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر) ]. يعني: سبب ضيق الأزر جعلهم يعقدون أزرهم في أعناقهم كالصبيان، وليس معنى ذلك أن الأزر طويلة بحيث يتزر ببعضها، ثم يبقى منها شيء كثير على الكتفين، وإنما الأزر قصيرة، وهم يشدونها على الوسط، ولا يبقى منها إلا قليل لا يستقر بوضعه على الكتف، فيحتاجون إلى عقده من وراء الرأس والرقبة حتى يبقى ثابتاً. قوله: [ (فقال قائل منهم: يا معشر النساء لا ترفعن رءوسكن) ]. يعني: إذا صلين مع الرجال. قوله: [ (حتى يرفع الرجال رءوسهم) ] يعني: حتى لا تنكشف عورة أحد منهم فيطلعن عليها.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #164  
قديم 14-11-2022, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (لقد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم من ضيق الأزر ...)
قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، وهو ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث, وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي حازم ]. هو سلمة بن دينار أبو حازم الأعرج المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل بن سعد ]. هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكنيته: أبو العباس ويقال: إنه ليس في الصحابة من يكنى بأبي العباس إلا اثنان هما: سهل بن سعد هذا و عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.

ما جاء في الرجل يصلي في ثوب واحد بعضه على غيره


شرح حديث عائشة: (أن النبي صلى في ثوب واحد بعضه علي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يصلي في ثوب واحد بعضه على غيره. حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا زائدة عن أبي حصين عن أبي صالح عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد بعضه علي) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الرجل يصلي في ثوب واحد بعضه على غيره، يعني: أنه قد اتزر به وطرف منه يكون على غيره ممن هو نائم أو جالس بجواره. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد طرفه علي). قوله: [ (طرفه علي) ] هذا هو المقصود بقوله في الترجمة: بعضه على غيره، وجاء في بعض الروايات: (وهي حائض) وهذا يدل على أن الصلاة بجوار الحائض أو بقربها صحيحة، فكون الإنسان يصلي بقرب الحائض أو بعض ثوبه يمس الحائض لا بأس بذلك، وفيه دليل على أن ثياب الحائض طاهرة إلا المكان الذي فيه النجاسة، أو ما وقع فيه نجاسة؛ لأن كون عائشة بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وبعض ثوبه وقع عليها يدل على طهارة ثيابها إلا ما كان فيه نجاسة الدم، فهذا هو الذي يعتبر نجساً، والترجمة معقودة لكون الإنسان يصلي في ثوب واحد وطرفه على غيره، والذي حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طرف ثوبه الذي كان يصلي فيه كان على عائشة رضي الله عنها وأرضاها وهي بجواره.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي صلى في ثوب واحد بعضه علي)

قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زائدة ]. هو زائدة بن قدامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي حصين ]. هو: عثمان بن عاصم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. هو أبو صالح ذكوان السمان ، اسمه: ذكوان ولقبه: السمان ويقال: الزيات وكنيته أبو صالح وهو مشتهر بكنيته، وهو مدني ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنه وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وقد أنزل الله براءتها في قرآن يتلى، ومع ذلك كانت تتواضع لله عز وجل وتقول: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله تعالى في آيات تتلى)، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال وامرأة واحدة، والستة هم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد و أنس و جابر وامرأة واحدة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
الأسئلة


سبب حمل النهي في حديث: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد) على الكراهة
السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد) قلتم: إن الجمهور حملوه على الكراهة، فما هو الصارف لذلك؟

الجواب: لا أعلم له صارفاً إلا أن يكون الحديث الذي فيه أن الرسول طابق بين الثوبين ووضع على عاتقة منها شيئاً.
جواز الصلاة وأحد العاتقين مكشوف دون كراهة
السؤال: هل يكفي أن يصلي الرجل وعلى أحد عاتقيه شيء أم لابد من تغطية العاتقين؟ الجواب: إذا صلى الرجل وعلى أحد العاتقين شيء يكفي، ولا يلزم تغطية العاتقين جميعاً.
اختصاص الله بالكبرياء والعظمة
السؤال: جاء في الحديث القدسي: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) هل يستدل بهذا على إثبات صفة الإزار والرداء؟

الجواب: لا، هذا لا يثبت منه صفه الإزار ولا الرداء، وإنما هذا فيه بيان اختصاص الله عز وجل واتصافه بهما، يعني: مثلما أن الإنسان يستعمل الإزار والرداء، فالله عز وجل موصوف بالكبرياء والعظمة وهما إزاره ورداؤه، لكن لا يقال: إن من صفات الله الإزار أو الرداء، وإنما يقال: العظمة والكبرياء إزاره ورداؤه، وهذا من جنس قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الأنصار (الأنصار شعار، والناس دثار)، معناه: قربهم منه، والتصاقهم به كالتصاق الشعار بالإنسان، والناس الذين وراءهم مثل الثوب، فالمقصود من ذلك التشبيه، وليس المقصود من ذلك أن الله عز وجل له إزار ورداء، وأن من صفاته الإزار والرداء، وإنما اختص الله عز وجل بالعظمة والكبرياء، وأنه اتصف بهما، وأنه لا يشاركه فيهما أحد، فهذا هو الذي يوصف الله تعالى به، ولكن لا يجوز أن يقال: إن الله عز وجل من صفاته الإزار، ومن صفاته الرداء، ويوضح ذلك حديث: (الأنصار شعار، والناس دثار) ومعلوم أن الأنصار ليسوا شعاراً، وإنما هذا تشبيه لقربهم منه، والتصاقهم به، كما يحصل من الشعار الملاصق بالجسد، فالأنصار مثل الشعار، وغيرهم كالدثار، وهو الذي وراء الشعار.
وجوب الاهتمام بالتاريخ الهجري
السؤال: بمناسبة العام الهجري الجديد نرجو أن تنبهوا الطلاب إلى أهمية التاريخ بالهجري، وهل ينبغي لطالب العلم أن يؤرخ بالتاريخ الإفرنجي؛ فبعضهم يقول: إن التاريخ الإفرنجي منضبط ؟

الجواب: كيف ينضبط والتاريخ الهجري لا ينضبط؟! والأحكام الشرعية أنيطت به, و عمر رضي الله عنه جعل التاريخ به، والمسلمون تابعوه على ذلك وعملوا به، فكون الإنسان المسلم يستعمل التاريخ الإسلامي لا شك في ذلك، ولا نقول: إنه أولى من تاريخ النصارى بل هو المتعين, فتاريخ النصارى للنصارى، وتاريخ المسلمين للمسلمين، ومعلوم أن الناس من قديم الزمان كانوا يستعملون التاريخ الهجري، وهو منضبط، ولا إشكال في ذلك, وإنما الفرق: هل يكون الشهر تسعة وعشرين يوماً أو ثلاثين؟ والأمر في ذلك سهل.

حكم الدعاء عند نزول المطر وبعد ركعتي الطواف وبعد الصلاة خلف مقام إبراهيم

السؤال: هل هناك أدلة تدل على استحباب الدعاء في المواطن التالية: عند نزول المطر، وبعد ركعتي الطواف، وبعد الصلاة خلف مقام إبراهيم؟

الجواب: من الأدعية التي وردت عند نزول المطر: (سبحان من سبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته)، فالأشياء التي وردت يؤتى بها، أما كون الإنسان يسأل الله له شيئاً أو يسأل الله أن يغفر له أو يسأله كذا لا نعلم شيئاً يدل عليه، وأما كونه يدعو بالأدعية الخاصة بالمطر وبنزول المطر فلا بأس؛ لأن هذا هو مكانه. وأما بعد ركعتي الطواف: فالإنسان يدعو، لكن لا نعلم دعاءً معيناً في ذلك، وإنما يدعو الإنسان بما شاء من خيري الدنيا و الآخرة. وكذلك بعد الصلاة خلف مقام إبراهيم، فالإنسان يدعو، لكن لا نعلم نصاً على هذا؛ لأن هذا من المواطن المطلقة، والإنسان ينبغي له أن يدعو في هذا المكان، لكن ليس متعيناً؛ لأنا لا نعلم شيئاً يدل على هذا، وأما أنه توجد أدلة تدل على الاستحباب فلا نعلم دليلاً يدل على هذا، ولكن هذا من الأمور المطلقة التي للإنسان أن يدعو وله ألا يدعو، ولكن كون الإنسان يدعو أولى له. وبعض الناس بعد ركعتي الطواف يقعدون عند المقام ويرفعون أيديهم داعين، ولا نعلم شيئاً يمنع من هذا، ولا نعلم شيئاً يدل على الدعاء ورفع اليدين في هذا المكان، فهذه من الأماكن المطلقة التي يمكن للإنسان أن يدعو ويرفع يديه ويمكن ألا يرفع يديه, لأننا لا نعلم شيئاً يدل عليه، والمواضع المطلقة التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات يكون الأمر فيها واسعاً، فإن رفع الإنسان يديه لا بأس، وإن لم يرفعهما لا بأس. وأما كونه مستحب فلا أعلم شيئاً يدل عليه، ولكن كون الإنسان يدعو لا بأس بذلك، ولا نعلم شيئاً يمنعه.
حكم الدعاء عند نهاية الدرس وآخر الخطبة
السؤال: ما حكم الدعاء في نهاية الدرس وفي آخر الخطبة؟

الجواب: لا أعلم شيئاً يدل عليه، لكن دعاء الخطيب في خطبته، والمتكلم بعد كلامه لا بأس به، وقد جاء عن بعض السلف ما يدل على ذلك، وقد جاء في البخاري في آخر كتاب الإيمان حديث جرير بن عبد الله البجلى أنه لما توفي المغيرة بن شعبة وهو أمير على الكوفة قام وخطب الناس وقال: (يا أيها الناس! استغفروا لأخيكم، واصبروا حتى يأتيكم أمير، ثم قال: أستغفر الله لي ولكم ونزل)، فدعا له ولهم بالمغفرة ونزل. وبالنسبة للخطباء أنهم دائماً يختمون الخطبة الأولى بقول: أستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، لا أعلم شيئاً يدل على الالتزام به، لكن كما هو معلوم أن الدعاء في آخر الخطبة الأولى وكذلك الثانية لا نعلم شيئاً يمنع منه.
حكم فعل الساتر بين الرجال والنساء في المسجد أو المصلى

السؤال: قول القائل: في الحديث: (يا معشر النساء! لا ترفعن رءوسكن حتى يرفع الرجال)، أليس هذا فيه دليل على عدم لزوم وضع الحائل الساتر بين الرجال والنساء في المسجد أو في المصلى؟

الجواب: نعم، هو ليس بلازم، ولكن كونه يوجد لا شك أن هذا أتم وأكمل، هذا إذا كانت المساجد فيها سعة، ولكن حيث تكون المساجد ضيقة فليس بلازم، لكن إذا أمكن أن يكون النساء أماكن خاصة تختص بهن، ولا يرين الرجال ولا الرجال يرونهن لاسيما مع وجود مكبرات الصوت التي تصل إليهن وكأنهن مع الرجال لا شك أن هذا هو الأولى والأكمل.

حكم انكشاف العورة في الصلاة


السؤال: هل في حديث سهل بن سعد الأخير دليل على أن انكشاف العورة من الأسفل لا يضر المصلي؟

الجواب: الإنسان عليه أن يستر عورته على قدر طاقته، وإن حصل انكشاف غير مقصود بسبب ضيق الحال فإنه لا يؤثر، وهذا من جنس الذي مر في حديث عمرو بن سلمة الجرمي الذي كان يصلي بالناس، وكان عليه إزار فيه فتق أو شق فكان ينكشف شيء من عورته، فقالت امرأة: غطوا عنا عورة إمامكم، فاشتروا له قميصاً فسر به وفرح.
ضابط المباح وفيما يكون

السؤال: هل يمكن الإطلاق على أن العبادة يوجد فيها حكم الإباحة استدلالاً بحديث (صلوا قبل المغرب.. وفي الثالثة قال: لمن شاء) وقد استدل به بعض الأصوليين في باب الإباحة يعني: على أن هناك عبادة مباحة؟

الجواب: المباح: هو الذي يستوي طرفاه، وهنا حكم هذه الصلاة فيه تخيير وليس فيه إلزام، ولكن من صلى لا شك أنه أفضل ممن لم يصل، ومن صلى حصل أجراً، ومن لم يصل ليس عليه إثم، ولكنه فاته خير كثير، فالقضية ليس هناك تساوٍ بين الطرفين، والمباح يتساوى فيه الطرفان: الفعل والترك، والعبادة الفعل فيها مقدم على الترك.

صلاة الرجال والنساء في مسجد النبي من دون حاجز

السؤال: الحديث الذي فيه نهي النساء عن رفع رءوسهن قبل الرجال لكيلا يقع نظرهن على عورات الرجال، هل يصح أن يستدل به على أن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن منفصلاً بالستار؟

الجواب: نعم, هذا يدل على أنه لم يكن يوجد حاجز؛ ولهذا جاء في الحديث: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) لأن شر الصفوف قريب من شر الصفوف، فالصف الأول للنساء يلي آخر صفوف الرجال، فهذا شر الصفوف، وما كان أبعد فهو خير، وهو الصف الأول للرجال وآخر الصفوف للنساء، فهذا يدل على أنه لم يكن يوجد حاجز، ومن المعلوم أن عدم وجود الحواجز أنه إذا كثر الرجال اختصوا بالمسجد، والنساء لا يكون لهن نصيب في المسجد، فلو امتلأ من الرجال فهم أحق به، لكن إذا جعلت أماكن خاصة للنساء تأتي إلى هذه الأماكن، فسواء امتلأ المسجد أو لم يمتلئ فإنهن يجدن مكاناً.

حكم تقدم المأموم على الإمام عند ضيق المكان

السؤال: في فجر يوم النحر بمزدلفة صلينا مع الإمام بالمشعر الحرام، وكنا متقدمين عن الإمام إلى جهة القبلة، فما حكم صلاتنا؟

الجواب: لا تجوز صلاة المأموم قدام الإمام ولا تصح، والذي يظهر أن مثل هذا عليه أن يعيد مادام أنه صلى أمام الإمام.

وجوب إتمام العمرة على من بدأ فيها

السؤال: أجهل أعمال العمرة حتى لبس الإحرام، فعلمني بعض الناس ذلك ثم ذهبت إلى مكة إلا أنني عدلت عن دخول الحرم المكي وأداء العمرة فماذا علي الآن؟

الجواب: الذي دخل في عمرة يجب عليه أن يكملها إذا كان قد نوى العمرة، ودخل بها، فعليه أن يكملها؛ لقول الله عز وجل: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] ولا يجوز للإنسان أن يتخلى عن العمرة أو الحج بعد الدخول فيها, وإذا كان الإنسان قد اعتمر بعد ذلك فقد فعل الشيء الذي كان قد تركه، وإذا لم يعتمر فعليه أن يذهب ويعتمر، وإذا كان متزوجاً فعليه أن يذبح شاة؛ لكونه جامع وهو متلبس بنسك، ولو عقد بعد رجوعه من الحرم فلا يصح عقده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينكح المحرم ولا ينكح) والعقد لا يصح في حال الإحرام، وإذا وجد العقد يعاد، أما الأولاد فهم أولاد شرعيون؛ لأنه نكاح فيه شبهة.
وقت قول (الصلاة خير من النوم)
السؤال: عندنا بعض الناس في المساجد يقولون: الصلاة خير من النوم حتى في الأذان الأول في صلاة الصبح، وعندما يسمع الناس النداء بهذه الكيفية في رمضان يتركون السحور ظناً منهم بأن الوقت قد حان، فهل هذا صحيح؟

الجواب: التفاوت بين الناس لا يجوز، فإذا كان الناس كلهم على طريقة واحدة يأتون بقول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأول ويفعلون هذا، فالأمر في ذلك سهل، ولكن إذا كان المعتاد عندهم أن قول: الصلاة خير من النوم في الأذان الثاني، ثم يأتي أناس ويقولونها في الأذان الأول ويشوشون عليهم ليس لهم ذلك.
حكم جلسة الاستراحة
السؤال: ما حكم جلسة الاستراحة في الركعة الأولى والثالثة مع أن هذه الاستراحة لا يتحملها بعض الناس ككبار السن؟

الجواب: يبين لهم أن هذه هي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت من حديث أبي حميد ومن حديث مالك بن الحويرث : (أنه كان صلى الله عليه وسلم يجلس بعدما يقوم من الوتر)، يعني: إذا قام من الأولى أو من الثالثة جلس قليلاً، فيكون قيامه عن جلوس لا عن سجود؛ فلا يقوم من السجود واقفاً، وإنما يجلس قليلاً ثم يقوم من جلوس، فيبين لهم أن هذه هي السنة، وأن هذه الجلسة قصيرة لا يطولها، إذا كان يطولها فهذا لا يصلح، وهي جلسة قصيرة ليس فيها دعاء ولا ذكر. وقد ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حميد الساعدي ومن حديث مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنهما. وكون المأموم يجلس للاستراحة دون الإمام ليس فيه مخالفة للإمام؛ لأنها جلسة قصيرة جداً لا يترتب عليها مخالفة، فالإنسان يأتي بجلسة الاستراحة سواءً فعلها الإمام أو لم يفعلها. وأما بالنسبة لتكبير الانتقال فإنه يقوم من الاستراحة مكبراً.
حكم رمي الجمار ليلة الثاني عشر لأجل التعجل
السؤال: هل ثبت ما ينص على صحة من يرمي الجمار ليلة اليوم الثاني عشر من أيام التشريق لأجل التعجل؟ وهل هذا يجزئ عن الرمي لليوم الثاني؟

الجواب: التعجل: هو الرمي بعد الزوال من اليوم الثاني عشر، فإذا كان رميه قبل الزوال من الليلة المتقدمة فلا يجوز؛ لأن الرمي قبل الزوال لا يجوز لا في الليل ولا في النهار. وأما بعد الزوال فهو وقت الرمي، وإذا رمى بعد الغروب من ليلة الثالث عشر تعين عليه أن يبقى ويبيت، ويرمي الجمار بعد الزوال من اليوم الثالث عشر."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #165  
قديم 14-11-2022, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [085]
الحلقة (116)


شرح سنن أبي داود [085]

أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة في الثوبين عند السعة، فإن لم يجد العبد إلا ثوباً فليستر به عورته، ونهى عن الاشتمال في الصلاة كاشتمال اليهود، وعن إسبال الإزار، وشدد في النهي عن الإسبال، وقد جاء الوعيد على الإسبال في غير الصلاة، وفي الصلاة من باب أولى.

ما جاء في الرجل يصلي في قميص واحد


شرح حديث: (يا رسول الله إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد؟ ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يصلي في قميص واحد. حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله! إني رجل أصيد، أفأصلي في القميص الواحد؟ قال: نعم وأزرره ولو بشوكة) ]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يصلي في قميص واحد، يعني: ليس معه شيء آخر، كأن يكون ليس معه إزار أو سراويل، ولاشك أن القميص إذا كان معه سراويل أو معه أزار فإنه يحصل به كمال التستر، ولكن إذا لم يكن معه شيء فإنه يكفي. وقد أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث سلمة بن الأكوع ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إني رجل أصيد، أفأصلي في الثوب الواحد؟ قال: نعم، وأزرره ولو بشوكة). والمقصود من قوله: (وأزرره ولو بشوكة) يعني: أنه إذا كان جيبه واسعاً فإنه يزرره حتى لا تبدو عورته من جهة جيبه؛ لأنه لو ركع أو خفض رأسه وجيبه واسع فإن عورته ترى من جهة جيبه، ولكنه إذا أزرره بشيء ولو كان بشوكة فإن ذلك يكون به ستر العورة، وعدم الاطلاع عليها من جهة الجيب، هذا هو المقصود من قوله: (وأزرره ولو بشوكة)؛ لأنه يكون بذلك ستر العورة من جهة الجيب فلا ترى، يعني: فيما إذا خفض الإنسان رأسه أو كان راكعاً، فإنه إذا كان جيبه واسعاً فسترى عورته من جهة جيبه. ومعنى هذا: أن الصلاة في القميص الواحد سائغة، وأنه لا بأس بها، ولكن إذا كان معه -أي: القميص- شيء يزيده في الستر كالإزار والسراويل فلاشك أن هذا هو الأكمل والأفضل، وإذا لم يجد إلا قميصاً واحداً، والجيب ضيق، ولا تبدو العورة منه فلا إشكال، وإن كان واسعاً قد تبدو منه العورة فإنه يزره ولو بشوكة، كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (يا رسول الله! إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد؟ ..)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة . [ عن موسى بن إبراهيم ]. موسى بن إبراهيم مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سلمة بن الأكوع ]. سلمة بن الأكوع رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث جابر بن عبد الله: (إني رأيت رسول الله يصلي في قميص)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن أبي حومل العامري -قال أبو داود : كذا قال، الصواب أبو حرمل - عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه قال: أمنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قميص ليس عليه رداء، فلما انصرف قال: (إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في قميص) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: (أمنا جابر بن عبد الله في قميص ليس عليه رداء، فلما انصرف قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في قميص). يعني: أن الصلاة بالقميص الواحد سائغة، وهذا الحديث مثل الذي قبله، وكذلك الأحاديث المتعددة في ذكر الصلاة بالقميص، والقميص كما هو معلوم من أحسن الألبسة وأسبغها؛ لأنه يغني عن الإزار والرداء، ولكن إذا كان معه إزار أو سراويل لا شك أنه يكون أكمل في التستر. و جابر رضي الله عنه أمهم في قميص ليس عليه رداء، والمقصود أنه ليس معه شيء آخر، والرداء يكون على القميص يستر جيبه سواء كان ضيقاً أو واسعاً، ولا شك أن وجود شيء مع القميص يكون أكمل، ولكن القميص يكفي إذا كان ساتراً.

تراجم رجال إسناد حديث: (إني رأيت رسول الله يصلي في قميص)

قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ]. محمد بن حاتم بن بزيع ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا يحيى بن أبي بكير ]. يحيى بن أبي بكير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسرائيل ]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي حومل العامري قال أبو داود كذا قال، والصواب أبو حرمل ]. أي: أ، الراوي عنه قال: أبو حومل بالواو، والصواب: أبو حرمل بالراء، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي مليكة ، وهو لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. أبوه هو عبد الرحمن بن أبي مليكة يروي عن جابر ، وذكر أيضاً أنه مجهول، و محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر قال عنه الحافظ : لين الحديث، وقبل ذلك أبو حرمل مجهول، فالإسناد ضعيف، ولو كان هؤلاء قد سلموا فإن أبا حرمل وحده كافٍ في تضعيف الحديث، لكن الحديث متنه صحيح ومعناه صحيح؛ لأن الصلاة في قميص واحد جاء ما يدل عليها، لكن الإسناد هذا غير صحيح. [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة ، و ابن عمر ، و ابن عباس ، و أبو سعيد ، و أنس ، و جابر ، و عائشة رضي الله عنهم وأرضاهم. وفي الحديث الذي قبله: (أزرره ولو بشوكة) فيه: موسى بن إبراهيم مقبول، والشيخ الألباني حسن الحديث، والذي يبدو أن الأحاديث التي تتعلق بالصلاة في القميص الواحد كثيرة، والقميص هو من أستر الألبسة، فكلها يشهد بعضها لبعض. وقوله: (أزرره ولو بشوكة)، يعني: إذا كان الجيب واسعاً تظهر منه العورة فيزرر ولو بشوكة، أما إذا كان الجيب ضيقاً لا تظهر منه العورة فإنه لا يحتاج إلى أن يزر، وإنما يبدو أن سلمة بن الأكوع كان يصيد، والصائد يحتاج إلى شيء واسع من الثياب، ولا يحتاج إلى شيء يعيقه في الحركة، فقال: (أزرره ولو بشوكة)، يعني: حيث يكون واسعاً.
إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به


شرح حديث: (... إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به. حدثنا هشام بن عمار و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي و يحيى بن الفضل السجستاني قالوا: حدثنا حاتم -يعني ابن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً -يعني ابن عبد الله - قال: (سرت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي، وكانت عليّ بردة ذهبت أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي، وكانت لها ذباذب، فنكستها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تسقط، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعاً حتى أقامنا خلفه، قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر، ثم فطنت به، فأشار إليّ أن أتزر بها فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه سلم قال: يا جابر ! قال: قلت لبيك يا رسول الله! قال: إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به. يعني: أنه إذا كان الثوب ضيقاً قصيراً لا يكفي أن يجعل طرفيه على الكتفين بحيث يغطيهما أو يغطي أحدهما، فإنه يكتفي بأن يشده على وسطه ويتزر به فقط، ولو انكشف المنكبان؛ لأنه لا يقدر إلا على هذا اللباس القصير الذي لا يكفي إلا للاتزار، وليس معه سعة بحيث يغطى بها المنكبين، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، أنه إذا كان الثوب ضيقاً فإنه يتزر به فقط، وإذا كان واسعاً يجعل شيئاً منه على كتفيه. وأورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، وكان عليّ بردة أردت أن أخالف بين طرفيها) يعني: على كتفيه فلم تبلغ، يعني: ما كفت لأن تصل إلى هذا الحد وهذا المقدار؛ لضيقها ولقصرها، وكان لها ذباذب، يعني: أهداب؛ لأن هذه الأهداب تتذبذب بالهواء أو بالحركة، فقيل لها: ذباذب، فنكسها وجعل الذباذب تكون في الأعلى، ثم خالف بين طرفيها وتواقص، يعني: لفها عليه حتى تصل إلى وراء العنق أو وراء الكتفين، وعمل هذه الهيئة، فالرسول صلى الله عليه وسلم رآه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فجاء وصف عن يساره، فأداره رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه، فجاء ابن صخر -وهو جبار - فصف عن يساره، فأخذ بأيديهما ودفع بهما فجعلهما يذهبان ويكونان صفاً، فدل هذا على أن المأموم الواحد يكون عن يمين الإمام، وأنه إن صف عن يساره فإنه يديره عن يمينه، ولا يتركه عن يساره مع خلو يمينه، بل يديره إلى اليمين، وإذا كانوا أكثر من واحد فإنهم يكونوا صفاً وراء الإمام، فإما أن يتقدم الإمام حيث يكون هناك سعة، أو يتأخران ويكونان وراءه. قوله: [ (وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني وأنا لا أشعر) ]. أي: جعل ينظر إلى هذه الهيئة التي فيها تواقص، وكونه قد انحنى من أجل هذه البردة حتى تصل إلى المنكبين، وجعل ينظر إليه وهو لا يشعر، ففطن له جابر رضي الله عنه، يعني: تنبه أنه يرمقه وينظر إلى هذه الهيئة. قوله: [ (فأشار إلى أن أتزر به) ]. يعني: أنه أشار إليه بأن يتزر به فقط ولا يتوشح به. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا جابر ! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: إذا كان الثوب واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك). يعني: أنه أمره أن يتزر به، ويشده على وسطه إلى الأسفل، يعني: من السرة وما تحتها، فيشده بحيث يغطي السرة؛ لأن العورة من السرة إلى الركبة، فيستر ما تحت السرة إلى الركبة وما نزل عن ذلك، بحيث لا يصل إلى حد الإسبال الذي يتجاوز الكعبين. ومحل الشاهد من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك)، يعني: اتزر به فقط، ولا يحتاج إلى أنك تخالف بين طرفيه، وتعمل هذه الهيئة التي هي التواقص، بحيث يتمايل أو يلوي عنقه، أو يلم بعضه إلى ما فوق الكتفين.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إذا كان واسعاً فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقاً فاشدده على حقوك)

قوله: [ حدثنا هشام بن عمار ]. هشام بن عمار صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ] . سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ و يحيى بن الفضل السجستاني ]. يحيى بن الفضل السجستاني مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ قالوا: حدثنا حاتم يعني ابن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة ]. يعقوب بن مجاهد أبو حزرة صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود . [ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ]. عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر رضي الله عنه: (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به، ولا يشتمل اشتمال اليهود) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يعزوه إلى عمر يعني: شك هل يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو ينسبه إلى عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه. قوله: [ (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما) ]. يعني: لأن هذا أكمل وأستر، والثوبان إزار ورداء، أو قميص وسراويل، أو قميص ورداء، يعني: أن يكون هناك قطعتان. قوله: [ (فإن لم يكن إلا ثوب واحد فليتزر به) ]. يعني: حيث يكون ضيقاً يتزر به فقط، وإذا كان واسعاً يخالف بين طرفيه كما سبق أن مر في الأحاديث. قوله: [ (ولا يشتمل اشتمال اليهود) ]. قيل: إن اشتمال اليهود هو: أن يتوشح به، أي: يجلل بدنه الثوب ويسبله من غير أن يرفع طرفيه.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما ...)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد بن درهم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ أو قال: قال عمر ]. هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
حكم ما يحصل في الإحرام من إسدال طرفي الرداء
قوله في الحديث: (ولا يشتمل اشتمال اليهود) الآن يحصل في الإحرام أن الشخص يسدل طرفي الرداء ولا يلفه على الكتف بمعنى أنه يجعله كالشماغ مسدلاً ولا يضم طرفيه فهل هذا منهي عنه؟ الذي يبدو أن هذا ليس فيه بأس، والذي يبدو أن اليهود لا يضعونه على الكتفين، وإنما يجلل أحدهم به بدنه ويسبله، ولا يجعل أطرافه ترجع إلى كتفيه. وفي الإحرام أحياناً الإنسان لا يلف الرداء؛ إما لحر وإما لعذر آخر، فيخلي الطرفين، والمهم أن يكون فوق الكتفين؛ لأن الإسبال إذا كان يترتب عليه سقوط لا يجوز، وذلك عندما ينكشف الكتفان، وكونه يلفه على كتفيه يكون هذا سبباً في عدم السقوط؛ لأنه لو سقط انكشف، وهذا هو السدل المنهي عنه في الصلاة، وهو أن يكون على الكتفين رداء، ويسدل بحيث يكون عرضة للسقوط، ولكنه إذا لف الطرف على الكتف فلا بأس، ولا يكون عرضة للسقوط. وهذا الالتحاف الذي ذكر من فعل اليهود لا أدري هل هو مثل هذه الهيئة التي يفعلها المحرم، أم أنه يلتحف أحدهم به على جسده من تحت المنكبين، ويرسله ولا يلف أطرافه على الكتفين. الحاصل: أن المحرم يكون عليه إزار ورداء، فلا يسبل الرداء وهو يصلي، بل يلفه على الكتفين؛ لأن هذا أمكن في عدم السقوط؛ لأنه لو سقط انكشف العاتقان، وقد جاء أن الإنسان لا يصلي في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء. كذلك الجبة لها أكمام، والإنسان يدخل يديه في أكمام الجبة، والجبة مثل المشلح، يعني: توضع على الكتفين ولها أكمام، والمشلح كذلك له أكمام، ولا شك أنه إذا أدخل يديه في أكمامه لا ينشغل به؛ لأنه إذا كانت يداه من الداخل والكم من خارج فإنه ينشغل به من ناحية كونه يظل يمسكه أو يرده.. وما إلى ذلك.

شرح حديث: (نهى رسول الله أن يصلى في لحاف لا يتوشح به ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهلي حدثنا سعيد بن محمد حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح حدثنا أبو المنيب عبيد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في لحاف لا يتوشح به، والآخر أن تصلي في سراويل وليس عليك رداء)، ]. أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في لحاف لا يتوشح به) ]. واللحاف: هو الذي يلتحف به الإنسان في نومه، ومعلوم أن اللحف إذا كانت طاهرة وليس فيها نجاسة فإنها تستعمل، وإذا كانت فيها نجاسة فلا يجوز استعمالها، وهذا هو التوفيق بين ما جاء في كونه يصلى في اللحف أو لا يصلى في اللحف، يعني: أن المنع حيث تكون فيها نجاسة أو عرضة للنجاسة، والإباحة حيث تكون سليمة ولا نجاسة فيها، وقوله: (نهى أن يصلى في لحاف لا يتوشح به)، معناه: أنه يجعل شيئاً منه على كتفيه. قوله: [ (والآخر أن تصلي في سراويل وليس عليك رداء) ] . يعني: أنه ليس على كتفه منه شيء؛ لأن السراويل تكون على النصف الأسفل، والكتفان لا نصيب لهما مع السراويل؛ لأن السراويل لا يكون شيء منها على الكتفين، فكون الإنسان يصلي في سراويل فقط وليس على عاتقيه شيء نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يصلي في سراويل وعليه رداء، فإذا لبس سراويل وعليه رداء، أو صلى في سراويل وعليه قميص حصل المقصود، لكن لا يصلي في سراويل دون أن يكون على كتفيه شيء؛ لأن السراويل مثل الإزار الضيق الذي يتزر به الإنسان، ويجوز للإنسان أن يستعمله حيث لا يقدر إلا عليه، وإذا كان الإنسان لا يقدر إلا على السراويل فإنه يصلي بالسراويل ولو لم يكن عليه شيء مادام أنه لم يحصل إلا هذا، كالإنسان الذي لا يحصل إلا إزاراً ضيقاً يتزر به، ولا يبقى منه شيء يصل إلى كتفيه. فالحاصل: أن السراويل لا يصلى فيهما وحدهما مع القدرة على أن يضاف إليهما قميص أو رداء.

تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله أن يصلى في لحاف لا يتوشح به ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ]. محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا سعيد بن محمد ]. سعيد بن محمد صدوق، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح ]. أبو تميلة يحيى بن واضح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو المنيب عبيد الله العتكي ]. هو عبيد الله بن عبد الله العتكي ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن بريدة ]. هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #166  
قديم 14-11-2022, 08:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

ما جاء في الإسبال في الصلاة


شرح حديث: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإسبال في الصلاة. حدثنا زيد بن أخزم حدثنا أبو داود عن أبي عوانة عن عاصم عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام). قال أبو داود : روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود ، منهم حماد بن سلمة و حماد بن زيد و أبو الأحوص و أبو معاوية ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الإسبال في الصلاة. والمراد بالإسبال: نزول الثياب عن الكعبين، هذا هو الإسبال، وهو الذي جاء التحذير منه، ومن ذلك حديث: (من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه)، وهو حرام مطلقاً في الصلاة وفي غير الصلاة. لكن كون الإنسان يفعله في العبادة، ويؤدي العبادة وهو مرتكب لهذا الذنب لاشك أن في ذلك خطورة، ومن المعلوم أن الإسبال مطلقاً في جميع الأحوال حرام لا يجوز، وسواء كان في القميص أو في الإزار أو في المشلح أو في الجبة أو في السراويل أو في أي لباس يلبس، فلا يجوز للرجل أن يسبل ثيابه، ولا أن ينزل شيئاً من ثيابه عن الكعبين، بل يكون حد ما يصل إليه وينزل إليه هو الكعبان، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار)، فهذا يدلنا على تحريم الإسبال، وهو محرم في الصلاة وفي غير الصلاة، ولكنه إذا كان في الصلاة يكون الأمر أخطر؛ لأن الإنسان يتلبس بعبادة، ومع ذلك هو مرتكب لمعصية وواقع فيها، ففي الوقت الذي هو متلبس بالعبادة هو واقع في المعصية، ومرتكب لها. قوله: [ (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام) ]. المقصود من هذا أن من أسبل إزاره في صلاته خيلاء أنه متكبر ومتصف بهذا الوصف الخبيث الذي هو التكبر. وقوله: (في حل ولا حرام)، فسر بعدة تفسيرات، منها: ليس من الله في حل في أن يحل له الجنة أو يحول بينه وبين السوء، أو ما إلى ذلك. فالمقصود من ذلك ذمه، وأنه ارتكب أمراً خطيراً، وهو أمر خطير في جميع الأحوال لاسيما إذا كان الإنسان في الصلاة، فإن ذلك يكون في غاية الفظاعة والخبث. ثم ذكر أبو داود رحمه الله أنه جاء مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود ، وأن جماعة رووه عنه موقوفاً، ومن المعلوم أن مثل ذلك الموقوف في حكم المرفوع؛ لأن مثل هذا الكلام لا يقال من قبيل الرأي وإنما يصار فيه إلى التوقيف؛ لأن ما يتعلق بالوعيد وبالأمور التي فيها بيان عقاب فإنه لا يكون من قبيل الرأي. فعلى كل: جاء مرفوعاً وجاء موقوفاً، والموقوف في حكم المرفوع، ولا تنافي بين الوقف والرفع.

تراجم رجال إسناد حديث: (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام)

قوله: [ حدثنا زيد بن أخزم ]. زيد بن أخزم ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو داود ]. هو سليمان بن داود الطيالسي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي عوانة ]. هو وضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم ]. هو عاصم بن سليمان الأحول ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عثمان ]. أبو عثمان هو: عبد الرحمن بن مل النهدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : روى هذا جماعة عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود منهم حماد بن سلمة ]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ و حماد بن زيد و أبو الأحوص ]. حماد بن زيد مر ذكره، وأبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و أبو معاوية ]. أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (.. وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا يحيى عن أبي جعفر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ ثم جاء، ثم قال: اذهب فتوضأ، فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال له رجل: يا رسول الله! ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكتَّ عنه؟ فقال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره إذ قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ، ... وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره) ]. هذا يدلنا على خطورة إسبال الإزار والثياب، ولكن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده أبو جعفر المؤذن الأنصاري ، وقد قيل: إنه مجهول، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، ولا يعتمد على من كان كذلك إلا إذا توبع، فالحديث ضعيف، وقيل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يتوضأ لعله يتفكر في حاله ولعل طهارته للظاهر تكون سبباً لطهارة الباطن، وأن يحصل الانتقال من طهارة الظاهر إلى طهارة الباطن، وهو السلامة من الخيلاء والكبر؛ لأن الإسبال يكون بسبب الخيلاء والكبر، ولكن الحديث غير صحيح، وكون إسبال الثياب من الكبائر هذا جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء ما يدل على ذم الإسبال مطلقاً، وقد سبق أن مرت الإشارة إلى ما حصل من عمر رضي الله عنه في مرض موته، وأنه لما جاءه الشاب الذي أثنى عليه، ثم ذهب وإذا ثوبه يمس الأرض، فقال: (ردوا عليّ الغلام، ثم قال له: ارفع ثوبك؛ فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك).

تراجم رجال إسناد حديث: (.. وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي جعفر ]. هو أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني ، وهو مقبول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي في عمل اليوم والليلة و ابن ماجة . [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق فرضي الله تعالى عنه وأرضاه.
الأسئلة


حكم من صلى ساتراً من السرة إلى الركبة مع القدرة على ستر العاتق
السؤال: العلماء يقولون: العورة من السرة إلى الركبة، فلو أن إنساناً ستر هذا الموضع فقط، مع قدرته على الباقي ما حكم صلاته؟

الجواب: جاء في الحديث: (لا يصل أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء)، فصلاة الشخص ساتراً من السرة إلى الركبة مع عدم القدرة ليس فيه إشكال، وأما مع القدرة فهنا الإشكال من ناحية تغطية الكتفين. وأما كون ستر العورة من شروط الصلاة فالعلماء يقصدون أن هذا هو الشيء الواجب، وأنه لا أقل منه، أما أزيد منه وأكثر فهذا شيء مطلوب، قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف:31]. والجمهور يشترطون الستر من السرة إلى الركبة، والإمام أحمد يرى الستر من السرة إلى الركبة وزيادة عليه العاتق. فعند الحنابلة لابد من زيادة على هذا الشرط، لا يكفي أن يقال: من السرة إلى الركبة. فلو صلى الإنسان وستر ما بين السرة إلى الركبة فقط مع القدرة على ستر العاتق فلا شك أن من قال: يعيد الصلاة أنه متعين عنده، وأنه من شرط صحة الصلاة، وأنه يكون تابعاً لستر العورة.
حكم قضاء الصلاة على من تاب من ترك الصلاة
السؤال: أنا شاب امتن الله علي بالهداية قبل ثلاث سنوات، وكنت قبل هذه السنوات الثلاثة لا أصلي ولا أصوم، فهل يلزمني قضاء الصلاة والصوم؟
الجواب: لا يلزمك صلاة ما مضى، وإنما عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، وتندم على ما مضى، واحرص في المستقبل على ألا تعود، وحافظ على الفرائض، وأكثر من النوافل، واجتهد في طاعة الله عز وجل، والتوبة تجب ما قبلها.
حكم من مس ذكره نسياناً
السؤال: ما حكم من مس ذكره نسياناً؟

الجواب: إذا مسه من غير ساتر فإنه ينتقض وضوءه، سواء كان ناسياً أو متعمداً.

حكم مصافحة المبتدع ومقابلته لأجل النصيحة

السؤال: نريد أن نزور مبتدعاً لننصحه، فهل يجوز لنا أن نقابله أو نصافحه، أو ندعوه بلقب الأستاذ؟

الجواب: نعم يجوز، فمادام أنك تريد نصحه فصافحه وادعه بلقب الأستاذ.

حكم هجر بعض الطلاب لأمر منكر

السؤال: إذا قام بعض الطلاب السلفيين بهجران بعض الطلاب فماذا نفعل؟

الجواب: إذا كان الهجر بسبب أمر منكر فقبل الهجران ينبغي النصح، والحرص على التوجيه، والهجران لا يصار إليه إلا إذا ترتبت عليه فائدة، أما إذا لم تترتب عليه فائدة فوجوده مثل عدمه.
حكم ذبح الهدي في اليوم الثالث عشر بعد صلاة العشاء
السؤال: شخص ذبح هديه في آخر أيام التشريق في اليوم الثالث عشر بعد صلاة العشاء، فهل هديه هذا صحيح؟

الجواب: على كل هو قضاء وليس بأداء، إذ كان الواجب عليه أن يذبحه في وقت الأداء، وما دام أنه فعل، فإنه يصح ولكنه قضاء وليس بأداء، ولا أقول: إن حجه يكون باطلاً، ولكنه قصر في عدم الإتيان به في الوقت المشروع، وما دام أنه قد فعل، فإنه يصح قضاءً.
ضعف الحديث الدال على أن على الحاج أن يصلي أربعين صلاة في مسجد النبي
السؤال: صلينا الفجر في جامع آخر في المدينة غير المسجد النبوي، ونحن حجاج، فهل يحسب لنا أجر أربعين صلاة في المسجد النبوي؟

الجواب: أصلاً الصلاة الأربعين ليست بلازمة، فلا يلزم الإنسان أن يصلي أربعين صلاة في المسجد النبوي، والحديث الذي ورد في هذا ضعيف، ولكن صلاتك في المسجد النبوي الصلاة الواحدة بألف صلاة. فإذا صليت أي صلاة في المسجد النبوي فهي بألف صلاة، وكونك صليت في مسجد آخر وما تمكنت من الصلاة في المسجد النبوي ليس عليك شيء، وما كنت تظنه من أن فيه أربعين ليس هناك شيء يدل على ثبوت الأربعين.

حكم من أخذ المسبحة بغير إذن صاحبها بحجة أنها ليست سنة

السؤال: وجدت سبحة نسيها صاحبها في المسجد عدة أيام، فأخذتها لأنها ليست من السنة ولم أخبره، فهل فعلي صحيح؟

الجواب: كان الأولى لك أن تتركها ولا تأخذها، وكونك أخذتها ولم تخبره فكأنك أخذتها منه، وما دمت تعرف صاحبها فأرجعها إليه.
حكم رمق الإنسان غيره في الصلاة
السؤال: كيف نجمع بين الحديث: (وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقني)، وبين الاختلاس الذي يختلسه الشيطان من المصلي عندما ينظر عن يمينه ويساره؟
الجواب: هذا الحديث ليس فيه دلالة على أنه كان يرمقه وهو في الصلاة، وإنما يكون في غير الصلاة، وليس معناه أنه حصل الفعل في نفس الصلاة.
ضابط الحركة الجائزة في الصلاة
السؤال: ما هو ضابط الحركة في الصلاة، وما هي الحركة التي تبطل بها الصلاة؟

الجواب: الحركة للحاجة لا بأس بها، مثل هذا الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم من كونه أولاً: أدار جابر من جهة اليسار إلى جهة اليمين، ثم أرسل الاثنين وراءه، فهذه الحركة من أجل الصلاة لا بأس بها. وليس هناك مقدار معين يقال فيه: إن من فعل كذا فإنه تبطل به الصلاة، ولكن الشيء الذي يكون فيه حركات كثيرة وعدم إقبال على الصلاة فهذا هو الذي تبطل به الصلاة؛ لأن هذا معناه: أن الإنسان غير ساكن في الصلاة، وأما تحديده بثلاث كما يقوله بعض الناس فليس عليه دليل.
حكم إعادة الصلاة لأجل أن الأذان وقع قبل الوقت مع أن الصلاة أديت بعد دخول الوقت
السؤال: هناك أشخاص مؤذنهم أذن قبل المغرب بخمس عشرة دقيقة، ولكن الصلاة كانت بعد دخول الوقت: فهل صلاتهم صحيحة، حيث إن الإمام أخبرهم بأن يعيدوا صلاتهم؟

الجواب: تعاد الصلاة إذا كان الأذان حصل خطأً حيث قدم عن وقته، والصلاة أديت في وقتها، فلا تعاد الصلاة، وإنما تعاد لو كانت أديت قبل وقتها، فلو كانوا صلوا قبل الغروب يعيدونها؛ لأنهم صلوا في غير الوقت. وأما كون الأذان أخطأ فيه المؤذن، وأذن قبل الوقت فلا يدل على إعادة الصلاة، مادام أن الصلاة صليت في الوقت، وكان ينبغي أن يعاد الأذان عند دخول الوقت، فإنه إذا كان في فلاة فالأمر في ذلك سهل، ولكن إذا كانوا في مكان وقد يسمعهم الناس في البيوت فيبنون على هذا الأذان، فيصلون قبل الوقت، فيترتب على ذلك مضرة، فكان المناسب أو المتعين أن يعاد الأذان ، وأما الصلاة مادام أنها حصلت في الوقت فلا تعاد؛ لأنه لو وجدت الصلاة بدون أذان وإقامة صحت ولا تعاد.
تقديم الجماعة الثانية على صلاة الجنازة
السؤال: شخص دخل المسجد وقد فاتته الجماعة، فوجد جماعة أخرى، ووجد الإمام يصلي على الجنازة، فهل الأولى أن يدخل مع الجماعة ثم يصلي على الجنازة؟

الجواب: الجماعة كما هو معلوم تفوت، والجماعة هذه هي الصلاة المكتوبة، فإذا كان صلاته في الجنازة تؤدي إلى فوات الجماعة، فإنه يترك صلاة الجنازة ويصلي مع الجماعة. فلا ينبغي للإنسان أن يتشاغل بصلاة الجنازة التي هي فرض كفاية، ويترك صلاة الجماعة التي هي واجبة عليه.
حكم لبس ثوبين في الصلاة
السؤال: هل لبس ثوبين من ثيابنا الحالية أفضل من لبس ثوب واحد؟

الجواب: كون الإنسان يلبس قميصين لا بأس به، ولكن كونه يلبس قميصاً وسراويل، أو قميصاً وإزاراً، أو مع الفنيلة والسراويل أولى من كونه يلبس ثوبين بدون أن يكون عليه إزار، وبدون أن يكون عليه سراويل؛ لأن هذا سبب في انكشاف العورة، ولكن إذا كان عليه ثوب وسراويل فانكشاف العورة مأمون أكثر. وإذا كان في برد يحصل بلبسه ثوبين دفء فلا بأس.

حكم الصلاة في ثياب تشف البشرة
السؤال: تعلمون الآن أن كثيراً من الناس يلبس هذه الثياب المعروفة، ويلبس أحياناً سراويل قصيرة دون الركبة، وربما تشف هذه الثياب لون البشرة، فما حكم الصلاة؟

الجواب: إذا كانت الثياب تشف البشرة، وكانت غير ساترة، فلا تصح الصلاة مع ذلك، وإنما على الإنسان أن يلبس سراويل كافية تغطي ما بين السرة والركبة، وإذا لبس عليها شيئاً شفافاً لا يضر، وأما كونه تبدو العورة من وراء هذا الشفاف، فهذا الشفاف وجوده مثل عدمه، لكن إذا لبس سراويل طويلة تغطي ما بين السرة والركبة ثم لبس الشفاف فلا بأس. وإذا صلى بدون فنيلة فشف الثياب عن العاتق فلا بأس بذلك."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #167  
قديم 14-11-2022, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [086]
الحلقة (117)


شرح سنن أبي داود [086]

من شروط الصلاة: ستر العورة، ويختلف حد العورة بين الرجل والمرأة، فالمرأة في الصلاة لا يجوز لها أن تكشف غير وجهها وكفيها، فعليها أن تحرص على الستر الكامل في الصلاة، وخاصة إذا بلغت سن المحيض، وأما الرجل فعورته من السرة إلى الركبة.
في كم تصلي المرأة؟


شرح أثر أم سلمة: ( ... تصلي في الخمار والدرع السابغ ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كم تصلي المرأة. حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه أنها سألت أم سلمة رضي الله عنها: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟ فقالت: (تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يُغيَّب ظهور قدميها ) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة وهي: باب في كم تصلي المرأة. يعني: من الثياب، والمقصود من هذه الترجمة: أن المرأة تصلي بما يستر جسمها من الثياب، وتغطي رأسها وسائر جسمها، حتى قدميها وكفيها، وإنما تكشف وجهها، وهذا هو الذي عليها أن تفعله، وليس هناك مقدار من الثياب أو عدد من الثياب يجب عليها أن تلبسه، ولكنها تلبس ما يغطي رأسها من خمار ودرع بحيث يغطي جسدها كله حتى قدميها، هذا هو المراد من هذه الترجمة. وقد أورد أبو داود رحمه الله الحديث عن أم سلمة وهو من بعض الطرق موقوفاً عليها، ومن بعضها مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أن المرأة تلبس خماراً ودرعاً يغطي جسدها حتى ظهور قدميها. وهذا الذي أورده أبو داود في الأول أثر موقوف، وفيه: أن أم محمد بن زيد بن قنفذ سألت أم سلمة رضي الله تعالى عنها عما تصلي به المرأة، فقالت: تصلي في خمار ودرع يغيب ظهور قدميها، يعني: يغطي ظهور قدميها، وهذا هو المطلوب من المرأة، لكن لو صلت وقد بدت قدماها أو كفاها لا يقال: إن عليها الإعادة؛ لأنه لم يثبت حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على أن ذلك لازم ومتعين، ولكن كونها تكون متسترة، وآخذة بما هو أحوط لها في دينها، وبما هو أسلم وأريح لها في نفسها؛ فهذا هو الذي عليها أن تفعله، لكن لو صلت وقد بدت قدماها أو كفاها فإن صلاتها صحيحة؛ لأنه لم يثبت في تغطية ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد أثر أم سلمة: (تصلي في الخمار والدرع السابغ ..)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن زيد بن قنفذ ]. هو محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أمه ]. أمه مستورة، أخرج حديثها أبو داود وحده. [ عن أم سلمة ]. هي هند بنت أبي أمية ، وهي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (.. إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مجاهد بن موسى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله -يعني ابن دينار عن محمد بن زيد بهذا الحديث قال: عن أم سلمة رضي الله عنها: (أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، والأول موقوف على أم سلمة من كلامها، وأما هذا فهو مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن الذي سئل هو رسول الله عليه الصلاة والسلام، سألته أم سلمة ، والذي أجاب بذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجاب بأن المرأة تصلي بخمار وبدرع يغطي ظهور قدميها.

تراجم رجال إسناد حديث: (.. إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)

قوله: [ حدثنا مجاهد بن موسى ]. هو مجاهد بن موسى الخوارزمي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عثمان بن عمر ]. عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن عبد الله -يعني ابن دينار - ]. عبد الرحمن بن عبد الله صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن محمد بن زيد ]. محمد بن زيد وأمه وأم سلمة مر ذكر هؤلاء الثلاثة، وهذا الإسناد فيه بالإضافة إلى أم محمد بن زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وهو صدوق يخطئ.
ترجيح الوقف في حديث: (... إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)

[ قال أبو داود : روى هذا الحديث مالك بن أنس و بكر بن مضر و حفص بن غياث و إسماعيل بن جعفر و ابن أبي ذئب و ابن إسحاق عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها، لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم، قصروا به على أم سلمة رضي الله عنها ]. ذكر أبو داود رحمه الله أن الطريق التي تقدمت فيها أن الحديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يروي عن محمد بن زيد في الطريق السابقة هو عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وهو صدوق يخطئ، فهو الذي جاء من طريقه رفع الحديث عن أم سلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما غيره فإنهم رووه موقوفاً على أم سلمة ، ولم يبلغوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء الذين رووه موقوفاً منهم مالك ، ومعلوم أن الطريقة السابقة التي قبل هذه هي عن مالك وهي موقوفة، ولكنه أشار إلى أن مالكاً في الطريق السابقة جاء عنه موقوفاً، وجاء عن غيره، أي: عن غير مالك مثل ما جاء عن مالك ، يعني: من أنه موقوف على أم سلمة ، وإنما الذي رفعه من طريقه هو عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، وكل من الإسنادين الموصول والموقوف فيه أم محمد بن زيد ، وهي مستورة، كما قال الحافظ ابن حجر . قوله: [ روى هذا الحديث مالك بن أنس و بكر بن مضر ]. بكر بن مضر ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ و حفص بن غياث ]. حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و إسماعيل بن جعفر ]. إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة لم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم ]. يعني: أنهم وقفوا عند أم سلمة ، ولم يبلغوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون موقوفاً؛ لأن الطرق كلها تدور على محمد بن زيد عن أمه، وأمه مستورة، والحكم بأنها مستورة هذا من الحافظ ، وفي النسخة الثانية هذا الكلام غير موجود، وإنما هو عند أبي الأشبال ، ووضعه بين قوسين. فأولئك سكتوا وما ذكروا درجة لها، و أبو الأشبال ذكر ذلك، ولكن جعله بين قوسين، وهذا على الاصطلاح الذي ذكره في المقدمة، فإنه ذكر أنه يدخل بعض الأشياء إذا وقف عليها من كلام الحافظ في غير التقريب. والشيخ الألباني في التعليق على المشكاة قال: إنه لا يثبت من حيث الإسناد لا من الطريق المرفوعة ولا من الطرق الموقوفة، فكلها غير ثابتة من حيث الإسناد، ولعل السبب هو تلك المرأة. يقول أبو الأشبال : والزيادات التي من عندي هي أصلاً من نص كلام الحافظ أو المزي من التهذيبين أو تحفة الأشراف أو النكت إذا مست الحاجة إلى زيادتها بين القوسين، وأحياناً أبين مصدرها في التعليق، وتركت أكثرها؛ لأن مصدرها التهذيبان. يعني: أنها مأخوذة من تهذيب الكمال أو تهذيب التهذيب.
ما جاء في المرأة تصلي بغير خمار


شرح حديث: (لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المرأة تصلي بغير خمار. حدثنا محمد بن المثنى حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا حماد عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار). قال أبو داود : رواه سعيد -يعني ابن أبي عروبة - عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب المرأة تصلي بغير خمار. يعني: أنه لا يجوز أن تصلي بغير خمار كاشفة رأسها، وإنما عليها أن تصلي بالخمار؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقبل صلاة المرأة إذا كانت بالغة إلا بخمار. وأورد أبو داود حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار). والمقصود بالحائض البالغ التي بلغت سن المحيض وليس المقصود به الحائض في وقت الحيض؛ لأن الحائض لا يجوز لها أن تصلي، ولا يجوز لها أن تصوم في أيام حيضها، ولكنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة. إذاً: فالمقصود من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض) يعني: بالغ؛ لأن الحيض من أسباب البلوغ، وكذلك أيضاً إذا بلغت المرأة بدون الحيض بأن أكملت خمس عشرة سنة، فإنها تكون قد بلغت بذلك، وصارت مكلفة، ولكن ذكر الحيض لأن المرأة إذا حصل منها الحيض في أي سن وفي أي وقت ولو كان في وقت مبكر قبل إتمام الخامسة عشرة فإنها تكون مكلفة، وتكون بذلك قد بلغت وصارت من أهل التكليف، وأنه يجب عليها أن تغطي رأسها وألا تصلي إلا وقد لبست الخمار على رأسها، والخمار: هو ما يغطى به الرأس، وكذلك ما يغطى به الوجه؛ لأن التخمير: هو التغطية، وقيل له: خمار؛ لأنه يغطى به الرأس، فقوله: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يعني: بالغ، فلا يقبل الله صلاة بالغ إلا بخمار، ومعناه: أنه لا تصح صلاتها إلا إذا غطت رأسها بخمار.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار)
قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب: الزمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فإنهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وكانت وفاته سنة (252هـ)، قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهو من صغار شيوخ البخاري ، ويوافقه في سنة الوفاة، وكونه أيضاً من شيوخ البخاري الصغار: محمد بن بشار و يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، فإن هؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة (252هـ) قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهم متفقون في سنة الوفاة، وفي كونهم من شيوخ أصحاب الكتب الستة جميعاً. [ حدثنا حجاج بن المنهال ]. الحجاج بن المنهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن سيرين ]. هو محمد بن سيرين البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صفية بنت الحارث ]. صفية بنت الحارث صحابية، وقال ابن حبان : هي من ثقات التابعين، وحديثها أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . والصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم يكفي الواحد منهم شرفاً أن ينص على أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يحتاج إلى توثيق الموثقين، وتعديل المعدلين، بل يكفي أن يذكر أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقول ابن حبان : هي من ثقات التابعين، أي: ليست صحابية، فينص عند الاختلاف على كونه ثقة أو غير ثقة، لكن حيث يكون صحابياً يكفي أن يطلق عليه ذلك الوصف العظيم الذي من ظفر به فقد ظفر بالخير الكثير في هذه الحياة الدنيا، وهو التشرف برؤية النبي صلى الله عليه وسلم وصحبته، والنظر إليه، وسماع كلامه، وسماع صوته صلى الله عليه وسلم، فإن هذا مما اختص به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فلا يذكرون عن الشخص إذا كان صحابياً كلاماً قيل فيه: كذا.. وقيل فيه: كذا.. ولا يقال فيه إلا: إنه صحابي، وحيث قيل له: صحابي يكفي، ولا يضاف إلى ذلك شيء إلا إذا كان شيئاً يتميز به بعض الصحابة على بعض، كأن يكون بدرياً أو يكون ممن شهد الحديبية؛ فإنهم ينصون على ذلك، فيقولون: هذا صحابي من أهل بيعة الرضوان، أو صحابي شهد بدراً، أو صحابي كذا، وإلا فإنهم يكتفون بكلمة: صحابي. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
طريق أخرى لحديث: (لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار)
[ قال أبو داود : رواه سعيد -يعني ابن أبي عروبة- عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. ذكر أبو داود طريقاً أخرى علقها، وهي مرسلة، يعني: لم يذكر فيها الصحابي، وإنما هي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، و هو الحسن البصري ، وإسناد الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم منه يعتبر مرسلاً؛ لأن المرسل عند المحدثين هو الذي يقول فيه التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعريفه بأنه: هو الذي قال فيه التابعي: قال رسول الله، أحسن من قول من قال: المرسل هو: من سقط منه الصحابي؛ لأن سقوط الصحابي لا يؤثر؛ لأنه لو كان ما سقط منه إلا الصحابي فإن ذلك لا يؤثر، وإنما الذي يخشى أن يكون سقط مع الصحابي رجل آخر غير صحابي، وعند ذلك يكون التأثير، فالمرسل عند المحدثين هو ما قال فيه التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أنه أرسله وأضافه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام. وأما في اصطلاح الفقهاء -ويأتي كثيراً استعماله عند المحدثين- فهو: رواية الراوي عمن لم يلقه، أو لم يدرك عصره، فيقال: فلان يرسل، معناه: أنه يسند الحديث إلى شخص لم يلقه ولم يدرك عصره، أي: أنه يوجد سقط، وهذا أعم وأوسع من المرسل في اصطلاح المحدثين، فالمحدثون قصروه على قول الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. وأما اصطلاح الفقهاء فهو: ما تكون فيه رواية الراوي عمن لم يدركه، وسواء كان في أعلى الإسناد أو وسطه، إذ لا يقتصر السقوط على أعلى الإسناد. قوله: [ رواه سعيد يعني ابن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة مر ذكره. [ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة فقيه يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (.. فإني لا أراها إلا قد حاضت أو لا أراهما إلا قد حاضتا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد أن عائشة رضي الله عنها نزلت على صفية أم طلحة الطلحات ، فرأت بنات لها فقالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل وفي حجرتي جارية، فألقى لي حقوه وقال لي: شقيه بشقتين، فأعطي هذه نصفاً، والفتاة التي عند أم سلمة نصفاً، فإني لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا). قال أبو داود : وكذلك رواه هشام عن ابن سيرين ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أنها دخلت على صفية أم طلحة الطلحاتورأت عندها بنات فقالت: (إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل وعندي جارية، فأعطاني حقوه وقال: شقه بشقتين، فأعطي هذه نصفاً وأعطي الفتاة التي عند أم سلمة نصفاً؛ فإني لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا). والجارية قيل: هي التي لم تبلغ، والمقصود من إيراد الحديث هو: أن النبي عليه الصلاة والسلام ظن أنهما قد بلغتا وقد حاضتا، فأعطاهما حقوه -وهو الإزار الذي يشد على الحقو- وقال: اقطعيه بينهما قطعتين، وأعطي كل واحدة منهما قطعة، حتى تستعمله في صلاتها؛ لأن المرأة لا تصلي إلا بخمار إذا كانت قد بلغت كما مر في الحديث السابق، (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار).

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #168  
قديم 14-11-2022, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (... فإني لا أراها إلا قد حاضت أو لا أراهما إلا قد حاضتا)
قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. هو محمد بن عبيد بن حساب الغبري البصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي . [ حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد بن درهم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد ]. هو محمد بن سيرين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو لم يدرك عائشة ، ففي السند انقطاع بين محمد بن سيرين وبين عائشة ؛ لأنه يحكي عن عائشة وهو لم يدركها، ففيه انقطاع، ولهذا الألباني ذكر هذا الحديث في الضعيفة، ولعله من أجل هذا الانقطاع الذي بين محمد بن سيرين وبين عائشة ، لكن هذا الحديث معناه مطابق للحديث السابق من جهة: أن الحائض تحتاج إلى أنها تغطي رأسها كما الحديث السابق، لكن هذا من حيث الإسناد فيه انقطاع. [ قال أبو داود : وكذلك رواه هشام ، عن ابن سيرين ]. لا أدري من هشام هذا، هل هو ابن حسان أو الدستوائي . وعلى كلٍ فكلاهما ثقة.
ما جاء في السدل في الصلاة


شرح حديث: (أن رسول الله نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في السدل في الصلاة . حدثنا محمد بن العلاء و إبراهيم بن موسى عن ابن المبارك عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء قال إبراهيم : عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) . قال أبو داود : رواه عسل عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة) ]. أورد المصنف رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب السدل في الصلاة، والسدل في الصلاة فسر بأنه: ترك الثياب مرسلة ومسدلة دون أن يلفها أو يخالف بينها، وذلك فيما إذا كان الإنسان عليه إزار ورداء، فلا يضم أحد طرفيه على كتفيه أو يلمهما بين يديه عندما يصلي وهو قائم، أو لا ينصب على كتفه حيث يكون راكعاً؛ لأن ذلك عرضة للسقوط إذا كان قد أسدل الأطراف، فينكشف العاتق أو تنكشف المناكب، وقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، فسدل الرداء، وعدم ضم بعضه إلى بعض يكون عرضة لسقوطه وانكشاف المنكب الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كشفه في الصلاة، هذا أقرب التفاسير التي قيلت في معنى السدل. لكن لو كان الإنسان عليه قميص، وعلى القميص رداء فلا يؤثر السدل هنا؛ لأنه لا يترتب عليه شيء؛ لأن المنكبين قد غطيا بالقميص سواء وجد الرداء أو لم يوجد. قوله: [ (وأن يغطي الرجل فاه) ]. يعني: أن يصلي متلثماً قد غطى فاه، فينبغي للمصلي أن يكون كاشفاً وجهه، وإذا غطاه لحاجة أو لأمر اقتضى ذلك فلا بأس به، أما أن يغطيه من غير حاجة فقد جاء النهي عن ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه)

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو: محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وإبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ الحسن بن ذكوان ]. الحسن بن ذكوان صدوق يخطئ ، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن سليمان الأحول ] . سليمان الأحول ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو ابن أبي رباح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال إبراهيم : عن أبي هريرة ]. إبراهيم هو الشيخ الثاني من شيوخ أبي داود ، يعني: أن هذا لفظ إبراهيم ، وليس لفظ الشيخ الأول الذي هو محمد بن العلاء . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. [ قال أبو داود : رواه عسل عن عطاء ، عن أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة) ]. ذكر المصنف طريقاً أخرى رواها عسل ، عن عطاء ، عن أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة). وعسل تميمي، وهو ضعيف، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي . [ عن عطاء ، عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكرهما.
شرح أثر ابن جريج: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً). قال أبو داود : وهذا يضعف ذلك الحديث ]. أورد المصنف هذا الأثر المقطوع الذي ينتهي به الإسناد إلى عطاء ، والمقطوع عند المحدثين هو: المتن الذي ينتهي الإسناد فيه إلى من دون الصحابي، فالمتن إذا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له: مرفوع، وإن انتهى إلى الصحابي قيل له: موقوف، وإن انتهى إلى من دون الصحابي قيل له: مقطوع. والمقطوع غير المنقطع؛ لأن المنقطع من صفات الإسناد، كسقوط راوٍ بين راويين مثلاً، وأما المقطوع فهو من صفات المتن. قال ابن جريج : (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً). وقال أبو داود : وهذا يضعف هذا الحديث؛ لأن عطاءً هو الذي يروي الحديث، ومع ذلك كان يسدل. والصواب: أن هذا لا يضعف الحديث؛ لأنه يمكن أن يكون سدل، وعنده شيء يغطي به منكبيه كالقميص، كأن يسدل رداءً فوق القميص، أو أنه كان يفعل شيئاً آخر، وكما يقول العلماء: العبرة بما روى الراوي لا بما رأى، فإنه يعول على ما أضافه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يعول على رأيه.
تراجم رجال إسناد أثر ابن جريج: (أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلاً)

قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ]. محمد بن عيسى بن الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود و الترمذي في (الشمائل)، والنسائي و ابن ماجة . [ حدثنا حجاج ]. هو ابن محمد المصيصي الأعور ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. وقد مر ذكره.
الأسئلة


مدى صحة قصة إساف ونائلة

السؤال: ذكر محمد بن إسحاق في كتابه السيرة : أن إسافاً و نائلة كانا بشرين، فزنيا داخل الكعبة، فُمسخا حجرين، فنصبتهما قريش تجاه الكعبة؛ ليعتبر بهما الناس، فلما طال عهدهما عُبدا، ثم حولا إلى الصفا والمروة، فنصبا هنالك، فكان من طاف بالصفا والمروة يستلمهما، هل هذا الكلام صحيح؟

الجواب: صحة هذه القصة تنبني على النظر في الأسانيد إذا وجدت، وهل هي سليمة أو لا؟ فلا أدري هل هذا الذي ذكره محمد بن إسحاق مروي بإسناد أو أنه بدون إسناد.
حكم من حج مفرداً، ثم أحرم بالعمرة بعد الانتهاء من مناسك الحج
السؤال: رجل حج مفرداً، ثم أحرم بالعمرة بعد الانتهاء من مناسك الحج، وبعد أيام التشريق اعتمر، فما حكم عمله؟

الجواب: لو اعتمر قبل الحج لكان متمتعاً، ولكان ذلك أتم وأكمل، وحيث لم يحصل ذلك، وإنما حصل هذا الذي ذكره، فنسأل الله أن يتقبل منه، ولكن في المستقبل ينبغي له أن يدخل مكة معتمراً.
كيفية التعامل مع بعض الدعاة وطلبة العلم المخالفين بعد نصحهم
السؤال: كيف نتعامل مع بعض الدعاة وطلاب العلم المسبلين ثيابهم، أو الذين يلبسون البنطلون بعد قيام الحجة عليهم؟

الجواب: على الإنسان أن ينصح ويكرر النصح، ولا ييئس من ذلك، وكذلك ينظر مَن مِن الناس يكون له منزلة عند هذا الشخص؛ حتى ينصحه لعله يستفيد، هذا هو الذي ينبغي أن يعامل به الإنسان.
حكم متابعة الإمام إذا زاد ركعة خامسة
السؤال: دخلت المسجد والناس يصلون صلاة رباعية، وقد فاتتني ركعة واحدة، وصلى الإمام بهم خمس ركعات، فهل أزيد ركعة معه، أم لا؟

الجواب: الركعة التي زادها الإمام ليست معتبرة لا في حقه ولا في حق غيره، وليس للإنسان المسبوق أن يعتبرها، بل يأتي بركعة أخرى سواها.
حكم إخراج زكاة الفطر خارج البلد
السؤال: هل يجوز لي إخراج زكاة الفطر خارج البلد الذي أسكن فيه؟

الجواب: الأصل أنها تخرج في المكان الذي يكون فيه الإنسان، وإن حصل أن أخرجت إلى مكان آخر فلا بأس، مثل إنسان يوكّل آخر في يوم العيد أن يخرج زكاة الفطر نيابة عنه، فيجوز ذلك، لكن الأولى أن تكون في البلد الذي يكون فيه الإنسان.
حكم إمامة من يخطئ في قراءة الفاتحة
السؤال: هل يجوز أن أصلي خلف من يقرأ فاتحة الكتاب ويقرأ: (مالكَ يومَ الدين)؟
الجواب: لا يجوز أن يكون مثل هذا إماماً، وإنما الصواب: (مالكِ يومِ الدين)، فلابد من قراءة الفاتحة وإتقانها، لاسيما ممن يكون إماماً، فعليه أن يتقنها، وأن يضبطها، وليس له أن يكون مقصراً فيها لا لنفسه خصوصاً، ولا لكونه إماماً يصلي بالناس، فمثل هذا لا يصلح أن يكون إماماً، فينبغي للسائل أن يبين له، وأن يُعلّم، وإذا كان مولىّ من غيره فعليه أن يسعى إلى إبداله بمن يتقن القراءة، وبمن لا يحصل منه مثل هذا الخطأ في القراءة.
حكم التفريق بين الحرة والأمة في كشف الرأس في الصلاة
السؤال: ما هو الدليل على التفريق بين الحرة والأمة من حيث إن الحرة لا يجوز لها أن تكشف رأسها في الصلاة، والأمة يجوز لها كشف رأسها في الصلاة؟

الجواب: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يدل بعمومه على التسوية بين الحرائر وغير الحرائر، فلم يفرق بين حرة وأمة، فظاهره يدل على التعميم، ولا أعلم شيئاً يدل على أن المرأة يختلف حكمها من حيث كونها حرّة أو أمة، والأحكام الأصل فيها التساوي إلا إذا جاء شيء يدل على التفريق.
حكم التزين لصلاة الجمعة بمشلح
السؤال: هل الأفضل للإنسان أن يصلي الجمعة بمشلح؟

الجواب: الأفضل للإنسان أن يلبس ما فيه كمال الزينة، وذلك في الجمعة وغير الجمعة، وكذلك أيضاً إذا خصت الجمعة بشيء، مثلما جاء في قصة عمر أنه طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشتري الحلة التي كانت تباع عند المسجد؛ ليتخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم للجمعة وللوفود، وكذلك للعيدين، فهذا يدل على أن الجمعة يستحب أن الإنسان يتجمل فيها. فإذا كان لُبس المشلح يظهر من الجمال، ومن كمال الهيئة، فإنه ينبغي عليه أن يكون كذلك.
حكم انكشاف شيء من قدم المرأة أو شعرها في الصلاة
السؤال: هل تبطل صلاة المرأة بانكشاف شيء من قدمها أو شعرها في الصلاة؟

الجواب: أما فيما يتعلق بالنسبة للقدم فلا نعلم شيئاً يدل على البطلان، وأما بالنسبة لانكشاف الرأس، فإذا حصل شيء غير مقصود ولم تعلم به من خروج بعض الشعر فصلاتها صحيحة.
بيان عدم نقض القيء للوضوء
السؤال: هل القيء ينقض الوضوء؟ وهل هو طاهر أو نجس؟
الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على أنّ القيء ينقض الوضوء، ولا أعلم شيئاً يدل على نجاسته.
حكم إطلاق لفظ (سيدنا) على النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال: بالنسبة لتسييد الرسول صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة، أيهما أفضل التسييد أو ترك ذلك؟
الجواب: الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم -وهم خير الناس- ما كانوا يستعلمون كلمة (سيدنا)، وكلمة (سيدي)، وإنما يوجد هذا عند المتأخرين، ولم يكن معروفاً عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدليل على هذا أنك إذا قرأت (صحيح البخاري) أو (صحيح مسلم) أو (سنن أبي داود) أو (جامع الترمذي) أو ( سننالنسائي) أو (مسند الإمام أحمد) الذي فيه أربعون ألف حديث أو غير ذلك، فإنك تجد الصحابي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ولا تجد أنه قال: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. وإنما يذكرون وصفه عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وقد قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): (إن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكنيته حسن، وذكره بوصف الرسالة أحسن)، فكانوا يذكرونه بوصف الرسالة، وبوصف النبوة صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يقولون: (سيدنا)، مع أنه سيدهم، وسيد الأولين والآخرين، وسيد الناس أجمعين عليه الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر)، وقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة)؛ وهو أيضاً سيد الناس في الدنيا، لكنه نص على الآخرة؛ لأنه يظهر سؤدده على الجميع من لدن آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، فقد ذكر حديث الشفاعة العظمى، ثم ذكر قيامه مقاماً يحسده عليه الأولون والآخرون، وذكر أنه يكون سيدهم عليه الصلاة والسلام، فقال: (أنا سيد الناس يوم القيامة). وأما ما يفعله بعض الناس من كونهم لا يسمعون ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويقولون: سيدنا، ولا يسمعون ذكر صحابي من الصحابة إلا ويقولون: سيدنا، فهذا اللفظ لم يكن من ألفاظ الصحابة، ولهذا من قرأ كتب العلم وكتب الحديث لا يجد ذلك مع كثرتها وكثرت أحاديثها. إذاً: فهذا من الأشياء الجديدة، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو سيدنا وسيد الخلق أجمعين، ولكن هل شرع لنا أن نقول هذا؟ وهل ينبغي لنا أن نفعل شيئاً ونلتزمه ولم يفعله السلف ولم يلتزموه؟ فهم أسبق الناس إلى كل خير، وأحرص الناس على كل خير.
حكم السجود على العمامة أو الطاقية ونحوها
السؤال: إذا غطى جبين المصلي الشعر أو الطاقية، فما حكم هذا الفعل؟ وهل يلزم إلصاق الجبين على الأرض مباشرة دون حائل؟

الجواب: الجبهة والأنف هي التي توضع على الأرض، والإنسان عليه ألا يغطي جبهته، لكن إذا كانت هناك عمامة أو طاقية غطت بعض الرأس، أو بعض الجبهة، وسجد على الجبهة، وعلى بعض العمامة أو بعض الطاقية فإن ذلك لا يؤثر.
حكم إرخاء طرفي العمامة أو الشماغ في الصلاة
السؤال: العمامة أو الشماغ الذي يلبسه بعضهم عند الصلاة يرخون طرفيه عند الركوع، هل هذا يعد من السدل؟

الجواب: لا، ليس هذا منه؛ لأن السدل إنما يكون في شيء يترتب عليه مضرة، كالإنسان الذي يكون عليه رداء، فيتعرض بسبب ذلك للسقوط، أما إذا كان على الإنسان قميص، وعليه غتره، وعليه مشلح ولم يمسك أطرافها، أو لم يلف أطرافها، أو لم يجمع بعضها إلى بعض فإن ذلك لا يؤثر.

حكم تغطية الرأس في الصلاة للنساء الكبيرات

السؤال: بعض النساء الكبيرات يتساهلن في تغطية الرأس عند الصلاة خاصة في البيوت، فيلبسن ما يغطي الرأس، ولكن أحياناً يظهر بعض الشعر والأذن، فهل يدخلن في حديث عائشة رضي الله عنها: (لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار)؟

الجواب: لا شك أنهن داخلات في ذلك؛ لأن هؤلاء قد كبرن وتجاوزن المحيض، والمقصود من ذلك التي بلغت، وكل من تجاوزت البلوغ وما بعد ذلك ولو أيست فإن عليها أن تغطي رأسها بخمار في الصلاة، لكن إذا انكشف شيء من الرأس أو من أطراف الرأس فإنّه لا يبطل الصلاة.
حكم تكرار بعض الآيات في الصلاة الجهرية
السؤال: هل يجوز للإمام في الفريضة أن يكرر بعض الآيات في الصلاة الجهرية؟

الجواب: جاء هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم في النوافل، وأما بالنسبة للفريضة فلا أدري، ولا أعلم شيئاً في هذا.

حكم تلفيق عدة آيات في الفريضة أو النافلة

السؤال: هل يجوز تلفيق عدة آيات في الفريضة أو النافلة، مثال ذلك: أن يقرأ إمام في الصلاة ثم يقف ولم يجد أحداً يفتح عليه، فينتقل من الموضع الذي يقرأ فيه إلى موضع آخر؟

الجواب: إذا لم يجد أحداً يفتح عليه فإنه يركع، ولو كان في أول القراءة، ولا يدخل نفسه في أشياء غير واضحة، وإنما ينتهي بالركوع، فينبغي له أن يقدم على قراءة ما يتقنه ويحفظه، ولا يقرأ ما لا يتقنه. فالرسول صلى الله عليه وسلم صلى بالناس الفجر مرة وقرأ فيها بـ(المؤمنون) ولما وصل إلى قصة موسى وهارون أصابته سعلة فركع صلى الله عليه وسلم، وكان يريد أن يواصل، لكن عندما جاءه السعال قطع المواصلة وركع صلى الله عليه وسلم.

حكم الانتقال من موضع إلى موضع آخر في القرآن في الركعة الواحدة

سؤال: شخص يسأل ويقول: أنا في قيام الليل أقرأ أول البقرة، ثم أنتقل إلى آية الكرسي، ثم بعد ذلك أنتقل إلى آخر البقرة؛ لأن هذا هو الذي أحفظه، فهل يجوز هذا؟

الجواب: لا ينبغي له أن يفعل بالركعة الواحدة هكذا، وإنما في ركعة يفعل كذا، ثم في ركعة ثانية يذهب إلى المكان الآخر الذي يريد. أما كونه في نفس الركعة يقفز من آية إلى آية فلا يفعل هذا.
حكم رفع الصوت بأذكار الصباح أو المساء
السؤال: هل الأفضل لمن يأتي بأذكار الصباح والمساء أن يرفع صوته أو يخفضه؟

الجواب: الذي يبدو أن الإنسان يخفض صوته ولا يرفعه.
حكم إلقاء الكلمات والنصائح في العقيقة، وحكم قصر الدعوة إلى العقيقة على السلفيين فقط
السؤال: أردت أن أدعو أحد المشايخ لإلقاء كلمة للمدعوين في العقيقة، فأنكر عليّ بعض طلبة العلم، فهل يجوز أن أقتصر الدعوة على السلفيين فقط دون غيرهم؟

الجواب: العقيقة لحم قليل، ولا يستفيد منه إلا القليل، وكون الإنسان يدعو أناساً طيبين، وأناساً أتقياء -على حسب علمه- هو الأولى، كما جاء في الحديث: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي). وأما التزام إحضار المشايخ والمحاضرين في هذه المناسبات فليس بوارد، لكن لو فُعل في بعض الأحيان انتهازاً لفرصة معينة للتذكير أو للتنبيه على بعض الأمور بمناسبة الاجتماع فلا بأس بذلك."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #169  
قديم 14-11-2022, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [087]
الحلقة (118)


شرح سنن أبي داود [087]

الصلاة أمرها عظيم، وشأنها جليل، فهي وقوف بين يدي العظيم الجليل، ومناجاة للرحمن الرحيم؛ لذلك فلا يليق فيها كثرة العبث والحركة، ولا السهو والغفلة، ولا غير ذلك مما ينافي الخشوع والذل والانكسار؛ ولذلك فقد وضع الشرع لها آداباً وسنّ لها سنناً، وأحاطها بأحكام تحفظ لها مكانتها، حتى ينتفع بها المصلي في دنياه وآخرته.

حكم الصلاة في شعر النساء



شرح حديث عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة في شُعُر النساء. حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد -يعني ابن سيرين - عن عبد الله بن شقيق عن شقيق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا). قال عبيد الله : شك أبي ]. قوله: [ باب الصلاة في شُعُر النساء ]. الشُعُر: جمع شعار، وهو ما يلي الجسد كالإزار ونحوه، وكذلك ما يوضع على الفراش، أو ما يلتحف به مما يكون له اتصال ومباشرة للجسد. وقد أورد أبو داودحديث عائشة قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)، وهذا شكٌ من معاذ بن معاذ العنبري والد عبيد الله بن معاذ . وقد جاء ما يدل على جواز الصلاة فيها، ويكون الترك مبنياً على ما إذا كان فيها شيء من النجاسة، وجواز استعمالها فيما إذا تحقق من أنها ليس فيها شيء من النجاسة. إذاً: مدار الحكم على حصول النجاسة فيها من عدمه، فإن كان فيها نجاسة فلا يصلي فيها، وإن كانت خالية من النجاسة فإنه يصلي فيها.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو لحفنا)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثني أبي ]. أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأشعث ]. هو أشعث بن عبد الملك الحمراني ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن محمد يعني ابن سيرين ]. محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن شقيق ]. هوعبد الله بن شقيق العقيلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد)، ومسلم ، وأصحاب السنن. [ عن شقيق ]. شقيق غير موجود في الموضع الأول، وعبد الله بن شقيق يروي عن عائشة ، ويروي عمن هو متقدم على عائشة ، فما أدري كيف جاء قوله: (عن شقيق )؟! وشقيق هو ابن سلمة ، وكنيته أبو وائل ، وهو مخضرم، ولا يوجد ذكر شقيق في (تحفة الأشراف)، فلفظة (شقيق) في السند زائدة. [ عن عائشة ]. هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، من أوعية السنة وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال عبيد الله : شك أبي ]. يعني: أن الشك الذي في الحديث: (شُعُرنا أو لحفنا ) حصل من معاذ بن معاذ العنبري كما ذكر ذلك ابنه عبيد الله .
الرجل يصلي عاقصاً شعره


شرح حديث: (ذلك كفل الشيطان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يصلي عاقصاً شعره. حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، حدثني عمران بن موسى ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري يحدث عن أبيه أنه رأى أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه مر بحسن بن علي رضي الله عنهما وهو يصلي قائماً، وقد غرز ضفره في قفاه، فحلها أبو رافع ، فالتفت الحسن إليه مغضباً، فقال أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ذلك كفل الشيطان) يعني: مقعد الشيطان، يعني: مغرز ضفره ]. قوله: [ باب الرجل يصلي عاقصاً شعره ]. أي: أنه قد فتله حتى صار ضفائر، وجعله وراءه، وهذا هو المقصود بعقص الشعر، أي: فتله وليّه وعدم تركه على هيئته منتشراً غير معقوص. وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنع من ذلك، وأن الإنسان لا يفعل هذه الهيئة، قيل: إن السر في المنع هو أن شعر الإنسان يسجد معه، بحيث إذا ترك فإنه يصل إلى الأرض ما يصل منه، بخلاف ما إذا كان مفتولاً ملوياً مجتمعاً في قفاه فإنه لا يسجد مع الإنسان منه شيء، وقد جاء في الحديث: (أمرت أن أسجد على سبعة آراب، ولا أكف ثوباً ولا شعراً) . وقد أورد المصنف حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن حسن بن علي رضي الله تعالى عنهما كان يصلي وقد غرز شعره في قفاه، أي: أنه فتله وجمعه في قفاه، فجاء أبو رافع وهو يصلي، وجعل يحله، أي: يفك هذا العقد، والحسن يصلي، فلما رأى الحسن رضي الله عنه هذا الذي يحرك رأسه، ويقوم بحل شعر رأسه، التفت مغضباً، فقال له أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب، أي: استمر في صلاتك ولا تغضب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ذلك كفل الشيطان) أي: مقعد الشيطان. وفي هذا دليل على منع مثل هذا العمل في الصلاة، وسواء فُعل ذلك في الصلاة، أو كان مفعولاً قبلها ثم جاءت الصلاة وهو على هذه الهيئة، وإضافته إلى الشيطان يدل على منعه، وعدم جوازه. وقد جاء في هذا الحديث: أنّ أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مر بحسن بن علي ، وكُتب: (عليهما السلام)، وهذه العبارة (عليهما السلام) ذكرها الحافظ ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقال: إن هذا من عمل نساخ الكتب، وليس من عمل المؤلفين والمصنفين. ومعنى ذلك: أن الناسخ عندما ينسخ الكتاب ويأتي ذكر علي يكتب: (عليه السلام)، فهو من عمل النساخ، وليس من عمل المصنفين. وقال رحمه الله تعالى أيضاً: إنّ الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يعاملون معاملة واحدة، أي: أنهم يترضى عنهم جميعاً، ولا يخص أحد منهم بعبارة أو بدعاء خاص يميز به على غيره. وقال: ومثل ذلك: (كرم الله وجهه) أيضاً، أي: أن هذه العبارة تقال في حق علي رضي الله عنه، وهذا أيضاً من عمل النساخ. إذاً: العلماء يستعملون الترضي في حق الصحابة رضي الله عنهم، والترحم على من بعدهم، وهذا هو الغالب على استعمال سلف هذه الأمة، ويجوز العكس بأن يترضى عن غير الصحابة، ويترحم على الصحابة، لكن الذي غلب في الاستعمال هو أن يقال: (رضي الله عنهم) في حق الصحابة، مثلما يغلب على استعمال الناس (رحمه الله) على الميت، مع أنها تصح أن تقال للحي والميت، فالأصل هو الترضي عن الصحابة، والترحم على من بعدهم، ويجوز العكس. ثم قال ابن كثير -بعد ذكره أن العمل السابق من عمل النساخ-: ولا يخص أحد من الصحابة بشيء يتميز به، وإنما يعاملون معاملة واحدة في الترضي عنهم. قوله: (مر بحسن بن علي رضي الله عنهما وهو يصلي قائماً وقد غرز ضفره في قفاه) ] ضفره: جمع ضفيرة، وقوله: في قفاه، يعني: في مؤخر رأسه. قوله: [ (فحلها أبو رافع) ]، أي: حلّ هذا الشيء الذي قد رُبط وجُمع، فحله أبو رافع و الحسن يصلي، وعندما أحسّ الحسن هذا الذي يحرك رأسه من الخلف التفت وعليه الغضب، فقال له أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا كفل الشيطان) أي: هذه الهيئة، وفسرها بعض الرواة بأنها مقعد الشيطان، أي: مكان جلوس الشيطان.
تراجم رجال إسناد حديث: (ذلك كفل الشيطان)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحلواني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عمران بن موسى ]. عمران بن موسى مقبول، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي . [ عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ]. سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي رافع ]. هو أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث معناه كمعنى الحديث الذي بعده، فكل منهما يشهد للآخر.

شرح حديث: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكيراً حدثه أن كريباً مولى ابن عباس حدثه أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معكوف من ورائه، فقام وراءه فجعل يحله، وأقر له الآخر، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: (مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي وقد عقص شعر رأسه فجاء إليه وجعل يحله وعبد الله يصلي، فلم يحرك ساكناً، ولم يردّه، بل تركه يحله، ولما فرغ من صلاته أقبل عليه وقال له: مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما مَثل هذا مَثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي: كالذي جمعت يداه وراء ظهره وشدتا، فهذا حينما لم يترك شعره حتى يسجد معه صار كمثْل الذي قد أخذت يداه من وراء ظهره وشدتا فصار مكتوفاً. وهو الحديث يدل على منْع مثل هذا العمل، كما أن الحديث السابق يدل أيضاً على منع مثل هذا العمل. وسواء جعله ضفائر وجمعه وراءه أو جمعه وحزمه من ورائه. وبعض الناس قد يطيل الشعر ويضع الطاقية فتجمع الشعر إلى الخلف، فإذا سجد فإنه يسجد على الجبهة، ولا تسجد معه ناصيته؛ لأنه جمعها في الطاقية، فالذي يظهر من مقتضى الحديث أنه لا يجمعه؛ بل يرسله ويتركه، ولكن هذا يختلف عن ذاك الذي جمع شعره كله وراءه، فالشعر من ورائه منتثر. قوله: [ فقام وراءه فجعل يحله، وأقر له الآخر ] أي: أن عبد الله بن الحارث ترك ابن عباس يحله، ولم يذهب يدافعه، ولما فرغ وانتهى من الصلاة أقبل عليه وقال له: مالك ورأسي؟ بينما نجد أن الحسن في الحديث السابق كان مغضباً، وهذا تركه يحله واستمر في صلاته حتى فرغ منها ثم التفت وقال: مالك ورأسي؟

تراجم رجال إسناد حديث: (إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف)


قوله: [ حدثنا محمد بن سلمة ]. هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة أخرج حديثه مسلم و أبو داود والنسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن عمرو بن الحارث ]. عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن بكير ]. هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن كريب ]. هو كريب مولى ابن عباس ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الصلاة في النعل


شرح حديث: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة في النعل. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج حدثني محمد بن عباد بن جعفر عن ابن سفيان عن عبد الله بن السائب رضي الله عنهما أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره) ]. حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق و أبو عاصم قالا: أخبرنا ابن جريج قال سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول: أخبرني أبو سلمة بن سفيان و عبد الله بن المسيب العابدي و عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن السائب رضي الله عنهما أنه قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر موسى وعيسى -ابن عباد يشك أو اختلفوا- أخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم سعلة فحذف فركع، و عبد الله بن السائب حاضر لذلك) ]. قوله: [ باب الصلاة في النعل ]، الصلاة في النعل سائغة، وقد جاءت فيها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن ذلك حيث لا يترتب عليه مضرة وأذى، كأن تكون الأماكن التي يصلى فيها مفروشة ونظيفة، فإن المشي عليها بالنعل يؤثر فيها، وتظهر آثار النعل على الفراش، فيكون في ذلك مضرة، وأما إذا كان المكان الذي يصلي فيه ترابياً، أو كان الإنسان في سفر؛ فله أن يصلي في النعال، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لا يبالغ في ذلك بحيث إنه يمشي بها على الفرش النظيفة وفي الأماكن النظيفة، أو يصلي فيها بالنعال فيكون في ذلك تأثير على تلك الأماكن، ومن المعلوم أن الناس في منازلهم وفي أماكن أخرى لا يدخلون بنعالهم في مجالسهم المفروشة، ولا يجلسون عليها بنعالهم، بل يخلعون النعال قبل الدخول، فكذلك بالنسبة للمساجد المفروشة لا تستعمل فيها النعال؛ حتى لا تؤثر فيها فيظهر عليها أثر المشي بالنعال، ويكون في ذلك توسيخ لها. وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنعال، وصلى بدون النعال، أي: صلى حافياً ومنتعلاً صلى الله عليه وسلم، فالحاصل أن السنة جاءت بالصلاة بالنعال، لكن لا يقال: إنه يصلى فيها على كل حال، ولا يقال: إنها تترك في كل حال، وإنما يصلى بها حيث لا يترتب على ذلك ضرر، ولا يصلى بها إذا ترتب على ذلك ضرر. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن السائب رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره)، وهذا ليس فيه دلالة على وضع النعال عن اليسار في الصلاة، ولكن فيه ذكر وضع النعال عن اليسار، وذلك حيث لا يكون في اليسار أحد، وأما إذا كان الإنسان في الصف، وكان عن يمينه وعن يساره آخرون فلا يجعل نعاله عن يساره، وإنما يجعلها بين رجليه، كما سيأتي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجعلها عن يساره حيث لا يكون عن يساره أحد. فالحديث ليس فيه نص على الصلاة بالنعال، ولكن فيه دليل على الدخول بالنعال إلى المكان الذي يصلى فيه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل النعال عن يساره، ففيه بيان موضع النعل، وأنه يكون على اليسار، لكن هذا حيث يكون اليسار خالياً، وأما إن كان مشغولاً بالناس فإنه لا يجعلها عن يساره؛ لأنه سوف يؤذي بها جاره، ولكن يجعلها بين رجليه كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في الباب الذي بعد هذا. والحديث الذي بعده ليس فيه ذكر النعال، وهما حديث واحد إلا أن أحدهما مختصر والآخر مطول، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح بمكة فاستفتح سورة المؤمنين) أي: سورة: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)) فلما وصل إلى قول الله عز وجل في قصة موسى وهارون: ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ [المؤمنون:45] ، أو موسى وعيسى وقد ذكرت قصة عيسى بعد موسى بقليل، قال تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً [المؤمنون:49-50]، فإما أنه وصل إلى ذكر موسى وهارون، أو إلى ذكر موسى وعيسى، والآيات متصل بعضها ببعض، فلما وصل إليها أصابته سعلة فترك المواصلة وركع، أي: أنه كان يريد أن يواصل، ولكن لما جاء السعال قطع المواصلة وحذف، أي: ترك الاستمرار في القراءة وركع صلى الله عليه وسلم. قوله: (و عبد الله بن السائب حاضر لذلك) أي: في هذه الصلاة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصل فيها ما ذُكر. وهذا فيه دليل على أن الإنسان إذا كان يقرأ في الصلاة ثم عرض له عارض يقتضي التخفيف أو الاقتصار على ما قد تمّ فإنه يقف ولا يواصل، وقد جاء في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما كان يريد التطويل في الصلاة فيسمع بكاء الصبي فيخفف؛ شفقة على أمه)، ومثل ذلك أيضاً ما إذا كان الإنسان يقرأ ولم يتقن القراءة، ولم يستطع أن يواصل فهنا يقف إذا التبس عليه القرآن، وليس عنده من يفتح عليه. قوله: [ ابن عباد يشك أو اختلفوا ] أي: شك ابن عباد في كونه ذكر موسى وهارون، أو موسى وعيسى عليهم السلام.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #170  
قديم 14-11-2022, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ووضع نعليه عن يساره)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج حدثني محمد بن عباد بن جعفر ]. ابن جريج مر ذكره، وهو محمد بن عباد بن جعفر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن سفيان ]. هو أبو سلمة بن سفيان؛ وهو ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن السائب ]. عبد الله بن السائب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني، وقد مر ذكره. [ عن عبد الرزاق و أبي عاصم ]. عبد الرزاق مر ذكره، و أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وعبد الله بن المسيب العابدي ]. عبد الله بن المسيب العابدي صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود . [ و عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو القاري، وليس عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم وأبو داود . [ عن عبد الله بن السائب ]. عبد الله بن السائب مر ذكره .

شرح حديث: (إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن زيد عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً -أو قال: أذى- وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه، وليصلِّ فيهما) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وعليه نعلاه إذ خلعهما وجعلهما عن يساره، فخلع الصحابة نعالهم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاته قال: ما حملكم على إلقاء نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعلك ففعلنا كما فعلت، فقال: إن جبريل أتاني وقال لي: إن فيهما قذراً أو أذى فخلعتهما)، فقد بين صلى الله عليه وسلم السبب في خلعهما أثناء الصلاة. والحديث واضح الدلالة على الترجمة من جهة أنه صلى فيهما، ولأن فيهما قذراً وأذى جاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك وهو في الصلاة فخلعهما. وفي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا صلى وفي ثوبه نجاسة، وعلم بها في أثناء الصلاة؛ فإن تمكن من التخلص من ذلك الثوب الذي فيه النجاسة بدون أن تظهر عورته، وبدون أن يتكشف؛ فإنه يخلعه ويواصل الصلاة، وإن كان ذلك لا يتأتى إلا بأن يقطع الصلاة، كأن يكون ذلك اللباس لا يمكن خلعه وهو في الصلاة، أو أنه يترتب على ذلك انكشاف العورة؛ فإنه يقطع الصلاة. وفي هذا الحديث دليل على أن الإنسان إذا صلى وعليه نجاسة ولم يعلم بها إلا بعد فراغ الصلاة فإن صلاته صحيحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستأنف الصلاة لما أُخبر بأن نعليه فيهما أذى؛ بل واصل، فهذا الذي كان قبل الإخبار اعتبر ولم يلغ، فدل هذا على أن الإنسان إذا صلى وفي ثوبه نجاسة ولم يعلم إلا بعد فراغ الصلاة فإن الصلاة صحيحة، فإذا صح بعضها ولم تُعد فكذلك لو لم يعلم إلا بعد انتهائها فإنها تكون صحيحة. وأيضاً فيه دليل على أنه إذا تذكر في أثناء الصلاة أن في ثوبه نجاسة وأمكن إزالة ذلك الثوب كأن تكون في الغترة، أو في المشلح، أو السراويل وعليه قميص، وأمكن أن يتخلص من ذلك الذي فيه نجاسة وعورته مستورة فعل، وهذا يختلف عما لو صلى الإنسان وهو على غير وضوء، فإذا صلى وهو على غير وضوء ثم تذكر بعد ذلك فإنه يجب عليه أن يتوضأ، وأن يعيد الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) . وفيه دليل أيضاً على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب؛ لأنه لو كان يعلم الغيب لم يَخْفَ عليه ما في نعليه حتى يحتاج إلى أن ينبهه الوحي بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على بعض الغيب، ولم يُطلعه على كل غيب، والذي يعلم كل غيب هو الله سبحانه وتعالى قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، فهذا الحديث مما يستدل به على أن علم الغيب من خصائص الله سبحانه وتعالى. وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على ما دل عليه هذ الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم الغيب، ومن ذلك حديث: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)، أي: بعد موته صلى الله عليه وسلم، وكذلك في قصة الإفك وما حصل لعائشة ، فقد بقي النبي صلى الله عليه وسلم أياماً كثيرة وهو متألم متأثر، وكان يأتي إليها ويقول لها: (يا عائشة ! إن كنت قد ألممت بذنب فتوبي إلى الله واستغفريه)، ثم أنزل الله براءتها بعد ذلك في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، وكذلك في قصة ضياع عقد عائشة ، فقد كانوا في سفر، وجلسوا يبحثون عنه حتى جاء وقت الصلاة وقد نفد عليهم ماؤهم، فنزلت آية التيمم، فتيمموا وصلوا، فلما أرادوا الارتحال بعدما يئسوا من العقد أثاروا الجمل الذي كانت تركب عليه عائشة فإذا العقد تحته، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لدلهم على مكانه، ولما مكثوا يبحثون عنه حتى نفد عليهم الماء، والأحاديث في ذلك كثيرة. قوله: (فإن رأى في نعليه قذراً أو أذىً فليمسحه) أي: في الأرض، (وليصل فيهما) ، وليس معنى هذا أن الإنسان لابد أن يصلي فيهما، فقد يصلي فيها وقد لا يصلي، ولكن إذا أراد أن يصلي بهما فليصل بهما وهو يعلم أنهما نظيفتان.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد بن درهم ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نعامة السعدي ]. هو عبد الله بن عبد ربه ، وقيل: عمرو ، وهو ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي نضرة ]. هو المنذر بن مالك وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان رضي الله تعالى عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (إذا أتى أحدكم المسجد فلينظر ...) من طريق ثانية وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى يعني ابن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا قتادة حدثني بكر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، قال: (فيهما خبث) قال في الموضعين: خبث ]. يعني: أنه بهذا الإسناد إلا أن هذا مرسل، وفيه أنه قال: (فيهما خبث) بدل الأذى والقذر، وذلك في النعلين. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني بكر بن عبد الله ]. هو المزني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن هلال بن ميمون الرملي عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث شداد بن أوس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم) أي: بأن تصلوا في نعالكم وخفافكم، وليس ذلك على سبيل الدوام، ولكن في بعض الأحيان، فالمهم أن يوجد ذلك فإن فيه مخالفة لليهود. وقد ذكرنا أن ذلك حيث تكون الأماكن التي يصلى فيها لا تؤثر فيها الصلاة بالنعال كأن تكون ترابية، وأما إذا كانت مفروشة فقد ذكرنا أن الإنسان لا يعمل على تقذيرها، ولا على إظهارها بالمظهر الذي لا يليق، فيمكن أن يفعل ما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يتيسر له ذلك، وبدون أن يترتب على ذلك أذى.

تراجم رجال إسناد حديث: (خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ]. مروان بن معاوية الفزاري ثقة يدلس تدليس الشيوخ، والتدليس منه ما هو في الإسناد، وهو رواية الراوي عمن سمع منه مالم يسمعه منه موهماً أنه سمعه منه، وأما تدليس الشيوخ فهو أن يسمي شيخه، أو يصفه، أو يكنيه، أو ينسبه بما لا يعرف ولا يشتهر به، فهذا يسمى تدليس الشيوخ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن ميمون الرملي ]. هلال بن ميمون الرملي صدوق أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن يعلى بن شداد بن أوس ]. يعلى بن شداد بن أوس صدوق أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. أبوه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا علي بن المبارك عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً) أي: أنه كان يصلي أحياناً هكذا وأحياناً هكذا. قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا علي بن المبارك ]. علي بن المبارك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حسين المعلم ]. هو حسين بن ذكوان المعلم، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب صدوق أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو شعيب بن محمد وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري في (الأدب المفرد) و(جزء القراءة) وأصحاب السنن، ويروي شعيب بن محمد هنا عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عباس .
إذا خلع المصلي نعليه فأين يضعهما؟


شرح حديث: (إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المصلي إذا خلع نعليه أين يضعهما؟ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عثمان بن عمر حدثنا صالح بن رستم أبو عامر عن عبد الرحمن بن قيس عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره، إلا ألاّ يكون عن يساره أحد، وليضعهما بين رجليه) ]. قوله: [ باب المصلي إذا خلع نعليه أين يضعهما؟ ] أي: إذا لم يصل فيهما فأين يضعهما؟ وقد جاءت الأحاديث بأنه إذا لم يكن عن يساره أحد فإنه يضعهما عن يساره ولا يضعهما عن يمينه، وإن كان يساره مشغولاً بأن كان بجواره أحد فإنه لا يجعلهما عن يساره، بل يجعلهما بين قدميه؛ لأنه لو جعلهما عن يساره صارتا عن يمين غيره، فآذى بهما غيره. وإذا كان هناك أماكن مخصصة للأحذية فتوضع فيها، وكذلك بين السواري إذا كان المسجد فيه سواري؛ لأن بين السواري ليس محلاً للصلاة إلا عند الضرورة حيث يمتلئ المسجد فإنه يصلى بين السواري.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره)

قوله : [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحلواني ، وقد مرّ ذكره. [ حدثنا عثمان بن عمر ]. عثمان بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة . [حدثنا صالح بن رستم أبو عامر ]. صالح بن رستم أبو عامر صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن قيس ]. هو عبد الرحمن بن قيس العتكي ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن يوسف بن ماهك ]. يوسف بن ماهك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ] هو أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً)


قال المصنف رحمه الله تعالى : [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بقية و شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي حدثني محمد بن الوليد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً، ليجعلهما بين رجليه، أو ليصل فيهما) ]. ذكرنا أنه إذا كان ليس معه أحد، أو لم يكن عن يساره أحد فإنه يجعل نعليه عن يساره، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان عن يساره أحد فإنه لا يجعلها عن يساره؛ لأنه لو جعلها عن يساره فستكون على يمين غيره، فسيؤذي بهما غيره، لذلك فليجعلهما بين رجليه، أو ليصل فيهما، وإذا كان في المسجد أماكن مخصصة للأحذية كالأحواض الموجودة في هذا المسجد فليجعلها فيها، أو تجعل بين السواري إذا كان هناك سوارٍ ليس بينها صفوف، فالمهم أن الإنسان لا يؤذي بهما أحداً كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في هذا الباب. وقوله هنا: (أو ليصل فيهما)، وقوله في الحديث السابق: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حافياً ومنتعلاً)، يبين أن الأمر في ذلك واسع.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحداً)


قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ]. عبد الوهاب بن نجدة ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ و شعيب بن إسحاق ]. شعيب بن إسحاق ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الأوزاعي ]. هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني محمد بن الوليد ]. هو محمد بن الوليد الزبيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن سعيد بن أبي سعيد ]. هو المقبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو واحد من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أكثرهم حديثاً، وهم ستة رجال، وامرأة واحدة."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 282.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 277.03 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]