تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 87 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 269 - عددالزوار : 13524 )           »          معيار التغيير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          الفراغ أول طريق الضياع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          الهـــوى وأثره في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 93 )           »          القاضي الفاضل وفضله على أهل مصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          حوار مع كتاب :«الرؤى عند أهل السنـة والجـماعـة والمخالفـين» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 77 )           »          تدخـل الأهــل في نزاعات الزوجين.. تهديد لاستقرار الأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 81 )           »          ثعبان يتحرَّك بخُبْث من تحت أقدامنا ونحن غافلون..التنصـــير ودعوات الكفر والإلحاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          مفهوم البطولة في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 64 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 79 - عددالزوار : 18289 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #861  
قديم 05-01-2022, 05:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (193)
شرح الكلمات:

من نفس واحدة: هي نفس آدم عليه السلام.
وجعل منها زوجها: أي خلق منها زوجها وهي حواء خلقها من ضلع آدم الأيسر.
ليسكن إليها: أي ليألفها ويأنس بها لكونها من جنسه.
فلما تغشاها: أي وطئها.
فمرت به: أي ذاهبة جائية تقضى حوائجها لخفت الحمل في الأشهر الأولى.
فلما أثقلت 1: أي أصبح الحمل ثقيلاً في بطنها.
لئن أتيتنا صالحاً: أي ولداً صالحاً ليس حيواناً بل إنساناً.
جعلا له شركاء: أي سموه عبد الحارث وهو عبد الله جل جلاله.
فتعالى الله عما يشركون: أي أهل مكة حيث أشركوا في عبادة الله أصناماً.
وإن تدعوهم إلى الهدى: أي الأصنام لا يتبعوكم.
معنى الآيات:
يقول تعالى لأولئك السائلين عن الساعة عناداً ومكابرة من أهل الشرك هو أي الله {الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها} الإله المستحق للعبادة لا الأصنام والأوثان، فالخالق لكم من نفس واحدة وهي آدم وخلق منها زوجها حواء هو المستحق للتأليه والعبادة. دون غيره من سائر خلقه. وقوله {ليسكن إليها} : علة لخلقه زوجها منها، إذ لو كانت من جنس آخر لما حصلت الألفة والأنس بينهما وقوله {فلما تغشاها} أي للوطء ووطئها {حملت2 حملاً خفيفاً فمرت3 به} لخفته {فلما أثقلت} أي أثقلها الحمل
{دعوا الله} أي آدم4 وحواء ربهما تعالى أي سألاه قائلين {لئن آتيتنا صالحاً} أي غلاماً صالحاً {لنكونن من الشاكرين} أي لك. واستجاب الرب تعالى لهما وآتاهما صالحاً. وقوله تعالى {فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما} حيث سمته حواء عبد الحارث بتغرير من إبليس، إذ اقترح عليهما هذه التسمية، وهي من الشرك الخفي المعفو عنه نحو لولا الطبيب هلك فلان، وقوله {فتعالى الله عما يشركون} عائد إلى كفار قريش الذين يشركون في عبادة الله أصنامهم وأوثانهم، بدليل قوله بعد {أيشركون ما لا يخلق شيئاً} أي من المخلوقات {وهم} أي الأوثان وعبادها {يخلقون، ولا يستطيعون لهم نصراً} إذا طلبوا منهم ذلك. {ولا أنفسهم ينصرون} لأنهم جمادات لا حياة بها ولا قدرة لها وقوله {وإن تدعوهم} أي وإن تدعوا أولئك الأصنام {إلى الهدى} وقد ضلوا الطريق {لا يتبعوكم5} لأنهم لا يعقلون الرشد من الضلال ولذا فسواء عليكم {أدعوتموهم أم أنتم صامتون} أي لم تدعوهم فإنهم لا يتبعونكم ومن هذه حاله وهذا واقعه فهل يصح أن يعبد فتقرب له القرابين ويحلف به، ويعكف عنده، وينادى ويستغاث به؟؟ اللهم لا، ولكن المشركين لا يعقلون.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان أصل خلق البشر وهو آدم وحواء عليهما السلام.
2- بيان السر في كون الزوج من جنس الزوج وهو الألفة والأنس والتعاون.
3- بيان خداع إبليس وتضليله للإنسان حيث زين لحواء تسمية ولدها بعبد الحارث وهو عبد الله.
4- الشرك في التسمية6 شرك خفي معفو عنه وتركه أولى.
5- التنديد بالشرك والمشركين، وبيان جهل المشركين وسفههم إذ يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يجيب ولا يتبع.
__________

1 قال الفقهاء كمالك: إذا بلغ الحمل ستة أشهر أصبحت الحامل مريضة فلا يصح لها أن تهب من مالها أكثر من الثلث، ومثلها من دخل معركة القتال، وكذا المريض الشديد المرض، والمحبوس للقتل ليس لهم من هبة إلاّ ما كان الثلث فأقل.
2 كل ما كان في البطن أو على رأس النخلة أو الشجرة فهو حمل بفتح الحاء وكل ما كان على رأس أو ظهر إنسان أو حيوان فهو حمل بكسر الحاء.
3 فمرت به لخفَّته فلم نتفطَّن له ولم تفكر في شأنه ومعنى أثقلت أي صارت ذات ثقل من أثقل المريض فهو مثقل فأثقلت صارت مثقلة.
4 ما ذهبت إليه في التفسير هو ماذا إليه إمام المفسرين ابن جرير الطبري وهو مؤيد بقراءة تشركون بالتاء وبحديث خدعهما مرتين خدعهما في الجنة وخدعهما في الأرض وذهب آخرون إلى أن الكلام على جنس الآدميين تبيناً لحال المشركين من ذرية آدم ودل على قولهم قراءة يشركون بالياء والله أعلم.
5 يقول بعضهم: اتبعه: إذا شيء وراءه ولم يدركه، واتّبعه مشددا إذا مشى وراءه وأدركه.
6 نحو: عبد النبي، وعبد الرسول، وعبد الضيف كما قال حاتم الطائي:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ...
وما في إلا تيك من شيمة العبد





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #862  
قديم 05-01-2022, 05:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الاعراف - (28)
الحلقة (439)
تفسير سورة الاعراف مكية
المجلد الثانى (صـــــــ 275الى صــــ 279)


إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198)
شرح الكلمات:
عباد أمثالكم: أي مملوكون مخلوقون أمثالكم لمالك واحد هو الله رب العالمين.
شركاءكم: أصنامكم التي تشركون بها.
ثم كيدون: بما استطعتم من أنواع الكيد.
فلا تنظرون: أي فلا تمهلون لأني لا أبالي بكم.
إن وليي الله: أي المتولي أموري وحمايتي ونصرتي الله الذي نزل القرآن.
وتراهم ينظرون: أي وترى الأصنام المنحوتة على شكل رجال ينظرون إليك وهم لا يبصرون.
معنى الآيات:
هذه الآيات الخمس في سياق ما قبلها جاءت مقررة لمبدأ التوحيد مؤكدة له منددة
بالشرك مقبحة له، ولأهله فقوله تعالى {إن الذين تدعون1} أي دعاء عبادة أيها المشركين هم {عباد أمثالكم2} أي مملوكون لله، الله مالكهم كما أنتم مملوكون لله مربوبون. فكيف يصح منكم عبادتهم وهم مملكون مثلكم لا يملكون لكم ولا لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وإن شككتم في صحة هذا فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين في زعمكم أنهم آلهة يستحقون العبادة. إنكم لو دعوتموهم ما استجابوا، وكيف يستجيبون وهم جماد ولا حياة لهم {ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد3 يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها، أم لهم آذان يسمعون بها} إنه لا شيء لهم من ذلك فكيف إذا يستجيبون، وبأي حق يعبدون فيدعون ويرجون وهم فاقدوا آثار القدرة والحياة بالمرة.
ثم أمر الله تعالى رسوله أن يعلن لهم أنه لا يخافهم ولا يعدهم شيئاً إذا كانوا هم يعبدونهم ويخافونهم فقال له قل لهؤلاء المشركين {ادعوا شركاءكم ثم كيدون4} أنتم وإياهم {فلا تنظرون} أي لا تمهلوني ساعة، وذلك لأن {وليى5 الله الذي نزل الكتاب} أي القرآن {وهو يتولى الصالحين} فهو ينصرني منكم ويحميني من كيدكم إنه ولي ووليُّ المؤمنين. أما أنتم {والذين تدعون من دونه} أي من دون الله من هذه الأوثان {لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون} وشيء آخر وهو أنكم {إن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا} فضلاً عن إن تدعوهم إلى الضلال فكيف تصح عبادة من لا يجيب داعية في الرخاء ولا في الشدة. وأخيراً يقول تعالى لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {وتراهم} أي ترى أولئك الآلهة وهي تماثيل من حجارة {ينظرون إليك6} إذا قابلتهم لأن أعينهم مفتوحة دائماً، والحال أنهم لا يبصرون، وهل تبصر الصور والتماثيل؟.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- إقامة الحجة على المشركين بالكشف عن حقيقة ما يدعون أنها آلهة فإذا بها أصنام لا تسمع ولا تجيب لا أيد لها ولا أرجل ولا آذان ولا أعين.
2- وجوب التوكل على الله تعالى، وطرد الخوف من النفس والوقوف أمام الباطل وأهله في شجاعة وصبر وثبات اعتماداً على الله تعالى وولايته إذ هو يتولى الصالحين.
3- جواز المبلاغة في التنفير من الباطل والشر بذكر العيوب والنقائص.
__________

1 تدعون: بمعنى تعبدون لأن الدعاء هو العبادة أو تدعون: بمعنى تدعونها عبادة فحذف المفعول ليشمل التعبير المعنيين وهو من بلاغة القرآن.
2 أطلق لفظ عباد على الأوثان لأنها مملوكة لله تعالى كعابديها مخلوقة كما هم مخلوقون، ولما اعتقد المشركون أنّ أصنامهم تنفع وتضر عاملها معاملة المقلاء فقال: عباد أمثالكم وقال: {فادعوهم} بدل فادعوهن.
3 اليد والرجل والأذن مؤنثات ولذا يصغّرن بالهاء ويقال: يُدية ورُجلية وأذينة وشدّدت الهاء من: يدية لأنّ الياء المحذوفة من يد، ردّت في التصغير.
4 أصل كيدون: كيدوني بالياء فحذفت تخفيفاً، والكيد:. المكر، والحرب أيضاً يقال: غزا فلم يلق كيداً أي: حرباً.
5 وليّ الشيء: هو الذي يحفظه ويمنع الضرر عنه وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ألا إن آل فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين".
6 النظر: فتح العينين إلى المنظور إليه، وجملة وتراهم مستأنفة وينظرون في محل نصب على الحال وجائز أن يكون المراد بـ تراهم ينظرون إليك المشركون أنفسهم وكونهم لا يبصرون لأنهم لم ينتفعوا بأبصارهم.

************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #863  
قديم 05-01-2022, 05:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ (202)
شرح الكلمات:
العفو: ما كان سهلاً لا كلفة فيه وهو ما يأتي بدون تكلف.
بالعرف: أي المعروف في الشرع بالأمر به أو الندب إليه.
وأعرض عن الجاهلين: الجاهلون: هم الذين لم تستنر قلوبهم بنور العلم والتقوى، والإعراض عنهم بعدم مؤاخذتهم على سوء قولهم أو فعلهم.
نزغ الشيطان: أي وسوسته بالشر.
فاستعذ بالله: أي قل أعوذ بالله يدفعه عنك إنه أي الله سميع عليم.
اتقوا: أي الشرك والمعاصي.
طائف من الشيطان: أي ألم بهم شيء من وسوسته.
وإخوانهم يمدونهم في الغي: أي إخوان الشياطين من أهل الشرك والمعاصي يمدونهم في الغي.
ثم لا يقصرون: أي لا يكفون عن الغي الذي هو الضلال والشر والفساد.
معنى الآيات:
لما علّم تعالى رسوله كيف يحاج المشركين لإبطال باطلهم في عبادة غير الله تعالى والإشراك به عز وجل علمه في هذه الآية أسمى الآداب وأرفعها، وأفضل الأخلاق وأكملها فقال له: {خذ العفو1 وأمر بالعرف2 وأعرض عن الجاهلين} أي خذ من أخلاق الناس ما سهل عليهم قوله وتيسر لهم فعله، ولا تطالبهم بما لا يملكون أو بما لا يعلمون وأمرهم بالمعروف، وأعرض3 عن الجاهلين منهم فلا تعنفهم ولا تغلظ القول لهم فقد سأل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن معنى هذه الآية جبريل عليه السلام فقال له: "تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من حرمك4" وقوله {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ5} أي أثار غضبك حتى لا تلتزم بهذا الأدب الذي أمرت به {فاستعذ بالله} بدفعه عنك إنه سميع لأقوالك عليم بأحوالك. ثم قال تعالى مقرراً حكم الاستعاذة مبيناً جدواها ونفعها لمن يأخذ بها. {إن الذين اتقوا} أي ربهم فلم يشركوا به أحداً ولم يفرطوا في الواجبات ولم يغشوا المحرمات هؤلاء {إذا مسهم طائف6 من الشيطان} بأن نزغهم بإثارة الغضب أو الشهوة فيهم تذكروا أمر الله ونهيه ووعده ووعيده {فإذا هم مبصرون} يرون قبح المعصية وسوء عاقبة فاعلها فكفوا عنها ولم يرتكبوها. وقوله تعالى: {وإخوانهم} أي إخوان الشياطين من أهل الشرك والمعاصي {يمدونهم} أي الشياطين {في الغي} أي في المعاصي والضلالات ويزيدونهم في تزيينها لهم وحملهم عليها، {ثم لا يقصرون} عن فعلها ويكفون عن ارتكابها.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- الأمر بالتزام الآداب والتحلي بأكمل7 الأخلاق ومن أرقاها العفو عمن ظلم وإعطاء من حرم، وصلة من قطع.
2- وجوب الاستعاذة بالله عند8 الشعور بالوسوسة أو الغضب أو تزيين الباطل9.
3- فضيلة التقوى وهي فعل الفرائض وترك المحرمات.
4- شؤم أخوة الشياطين حيث لا يقصر صاحبها بمد الشياطين له عن الغي الذي هو الشر والفساد.
__________

1 قال ابن الزبير هذه الآية: {خذ العفو..} الخ ما أنزلها الله تعالى إلاّ في أخلاق الناس، وقال جعفر الصادق أمر الله رسوله بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية.
2 العرف: المعروف وقرىء العرف: العُرُف بضم العين والراء مثل: الحُلُم والعرف: كل خصلة حسنة ترتضيها العقول وتطمئن إليها النفوس: قال الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العُرف بين الله والناس
3الإعراض عن الجاهلين يكون بعد دعوتهم إلى الحق وإقامة الحجة عليهم فان لم يستجيبوا يعرض عنهم آذوه أو لم يؤذوه.
4 من أحاديث مكارم الأخلاق قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق".
5 النزغ، والنغز والهمز والوسوسة بمعنى واحد، والنزغ: الإفساد والإغراء والإغراء وعلاج الوسوسة، الاستعاذة بالله تعالى.
6 الطيف، والطائف، بمعنى، وقيل: الطيف: الخيال، والطائف: الشيطان. وهو صحيح أيضاً.
7 روي أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أمرني ربي بتسع: الإخلاص في السر والعلانية والعدل في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وأن أعفو عمّن ظلمني وأصل من قطعني، وأعطي من حرمني وأن يكون نطقي ذكراً وصمتي فكراً ونظري عبرة".
8 روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول له من خلق كذا وكذا حتى يقول له: من خلق ربّك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته" فقوله: فليستعذ: الأمر للوجوب إذ لا يدفع الشيطان إلا الله تعالى فهو الذي ينجي منه ويجير.
9 روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما نزلت آية {خذ العفو} الآية قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كيف يا رب والغضب" فنزلت: {وإمّا ينزغنك ... } الخ.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #864  
قديم 05-01-2022, 05:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الاعراف - (29)
الحلقة (440)
تفسير سورة الاعراف مكية
المجلد الثانى (صـــــــ 279الى صــــ 282)


وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)
شرح الكلمات:
قالوا لولا اجتبيتها: أي اخترعتها واختلقتها من نفسك وأتيتنا بها.
هذا بصائر من ربكم: أي هذا القرآن حجج وبراهين وأدلة على ما جئت به وادعوكم إليه فهو أقوى حجة من الآية التي تطالبون بها.
فاستمعوا له وانصتوا: أي اطلبوا سماعه وتكلفوا له، وانصتوا عند ذلك أي اسكتوا حتى تسمعوا سماعاً ينفعكم.
وخيفة: أي خوفاً.
بالغدو والآصال: الغدو: أول النهار، والآصال: أواخره.
من الغافلين: أي عن ذكر الله تعالى.
إن الذين عند ربك: أي الملائكة.
يسبحونه: ينزهونه بألسنهم بنحو سبحان الله وبحمده.
معنى الآيات:
ما زال السياق في توجيه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعليمه الرد على المشركين خصومه فقال تعالى عن المشركين من أهل مكة {وإذا لم تأتيهم} يا رسولنا {بآية} 1 كما طلبوا {قالوا} لك {لولا} أي هلا {اجتبيتها} أي اخترعتها وأنشأتها من نفسك ما دام ربك لم يعطها قل لهم إنما أنا عبد الله ورسوله لا أفتات عليه {وإنما اتبع ما يوحى إليّ من ربي} وهذا القرآن الذي يوحى إلي بصائر2 من حجج وبراهين على صدق دعواي وإثبات رسالتي،
وصحة ما أدعوكم إليه من الإيمان والتوحيد وترك الشرك والمعاصي، فهلا آمنتم واتبعتم أم الآية الواحدة تؤمنون عليها والآيات الكثيرة لا تؤمنون عليها أين يذهب بعقولكم؟ وعلى ذكر بيان حجج القرآن وأنواره أمر الله تعالى عباده المؤمنين إذا قرىء عليهم القرآن أن يستمعوا وينصتوا وسواء كان يوم الجمعة على المنبر أو كان في غير ذلك3 فقال تعالى {فإذا قرىء القرآن فاستمعوا له} أي تكلفوا السماع وتعمدوه {وانصتوا} بترك الكلام {لعلكم ترحمون} أي رجاء أن ينالكم من هدى القرآن رحمته فتهتدوا وترحموا لأن القرآن هدى ورحمة للمؤمنين.
ثم أمر تعالى رسوله وأمته تابعة له في هذا الكمال فقال تعالى {واذكر ربك في نفسك} أي سراً {تضرعاً} أي تذللاً وخشوعاً، {وخيفة4} أي وخوفاً وخشية {ودون الجهر من القول} وهو السر بأن يسمع نفسه فقط أو من يليه لا غير وقوله {بالغدو والآصال} أي أوائل النهار وأواخره، ونهاه عن ترك الذكر وهو الغفلة فقال {ولا تكن من الغافلين} وذكر له تسبيح5 الملائكة وعبادتهم ليتأسى بهم، فيواصل العبادة والذكر ليل نهار فقال {إن الذين عند ربك} وهم الملائكة في الملكوت الأعلى {لا يستكبرون عن عبادته} أي طاعته بما كلفهم به ووظفهم فيه {ويسبحونه وله يسجدون6} فتأس بهم ولا تكن من الغافلين.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #865  
قديم 05-01-2022, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- القرآن أكبر آية بل هو أعظم من كل الآيات التي أعطيها الرسل عليهم السلام.
2- وجوب الإنصات عند تلاوة القرآن وخاصة في خطبة الجمعة على المنبر وعند قراءة الإمام في الصلاة الجهرية.
3- وجوب ذكر الله بالغدو والآصال.
4- بيان آداب الذكر وهي:
1-السرية.
2- التضرع والتذلل.
3- الخوف والخشية.
4- الإسرار به وعدم رفع الصوت به، لا كما يفعل المتصوفة.
5- مشروعية الأئتساء بالصالحين والإقتداء بهم في فعل الخيرات وترك المنكرات.
6- عزيمة السجود عند قوله {وله يسجدون7} وهذه أول سجدات القرآن ويسجد القارىء والمستمع له، أما السامع فليس عليه سجود، ويستقبل بها القبلة ويكبر عند السجود وعند الرفع منه ولا يسلم وكونه متوضأً أفضل.
__________

1 وجائز أن يكون المراد من الآية: آية قرآنية يمدحهم فيها ويمدح أصنامهم ولولا هنا أداة تحضيض مثل هلاّ ولا يليها إلا الفعل ظاهراً أو مضمراً.
2 البصائر: جمع بصيرة وهي ما به يتضح الحق، وفي هذا تنويه بشأن القرآن العظيم وأنه: أعظم من الآيات أي: الخوارق التي يطالبون بها في الدلالة على الحق الذي ضلّوا عنه.
3 أي: كيومي العيدين مثلا، وهذا الأمر بالاستماع والانصات للقرآن عام يشمل المشركين إذ كانوا يأمرون بعدم الاستماع إليه كما قال تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن ... } كما يشمل المؤمنين، إذ سماع القرآن سبيل الهداية، والإنصات: سماع مع عدم التكلم حال الاستماع.
4 الخيفة: أصلها خوفة فقلبت الواو ياءُ لانكسار ما قبلها، وهي مصدر خاف المرء يخاف خوفاً وخيفة ومخافة فهو خائف.
5 تسبيح الملائكة معناه: تعظيمهم لله تعالى وتنزيههم له عزَّ وجلّ عن الشريك والولد.
6 صيغة المضارع في {يسبحون} و {يسجدون} لحصر السجود في الله تعالى وعدم جوازه لغيره عز وجل.
7 ولو سلم منها في غير الصلاة جاز فقد روي عن بعض السلف، ويستحب لمن سجد أن يقول: "اللهم احطط عني بها وزراً واكتب لي بها أجراً واجعلها لي عندك ذخراً" رواه ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
*******************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #866  
قديم 08-01-2022, 09:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الانفال - (1)
الحلقة (441)
تفسير سورة الانفال مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 283الى صــــ 288)


سورة الأنفال
مدنية
وآياتها خمس وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)

شرح الكلمات:
الأنفال: جمع نفل1 بتحريك الفاء: ما يعطيه الإمام لأفراد الجيش تشجيعاً لهم.
ذات بينكم: أي حقيقة بينكم، والبين الوصلة والرابطة التي تربط بعضكم ببعض من المودة والإخاء.
إنما المؤمنون: أي الكاملون في إيمانهم.
وجلت قلوبهم: أي خافت إذ الوجل2: هو الخوف لاسيما عند ذكر وعيده ووعده.
وعلى ربهم يتوكلون: على الله وحده يعتمدون وله أمرهم يفوضون.
ومما رزقناهم: أي أعطيناهم.
أولئك: أي الموصوفون بالصفات الخمس السابقة.
لهم درجات: منازل عالية في الجنة.
ورزق كريم: أي عطاء عظيم من سائر وجوه النعيم في الجنة.
معنى الآيات:
هذه الآيات نزلت في غزوة بدر وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نفل3 بعض المجاهدين لبلائهم
وتخلف آخرون فحصلت تساؤلات بين المجاهدين لم يعطي هذا ولم لا يعطي ذاك فسألوا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله تعالى {يسألونك4 عن الأنفال؟} 5 فأخبرهم أنها {لله والرسول} فالله يحكم فيها بما يشاء والرسول يقسمها بينكم كما يأمره ربه6 وعليه فاتقوا الله تعالى بترك النزاع والشقاق، {وأصلحوا} ذات بينكم بتوثيق عرى المحبة بينكم وتصفية قلوبكم من كل ضغن أو حقد نشأ من جراء هذه الأنفال واختلافكم في قسمتها، {وأطيعوا الله ورسوله} في كل ما يأمرانكم به وينهيانكم عنه {إن كنتم مؤمنين} حقاً فامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي. وقوله تعالى {إنما المؤمنون} أي الكاملون في إيمانهم الذين يستحقون هذا الوصف وصف المؤمنين هم {الذين إذا ذكر الله} أي اسمه أو وعده أو وعيده {وجلت قلوبهم7} أي خافت فأقلعت عن المعصية، وأسرعت إلى الطاعة، {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً} أي قوي إيمانهم وعظم يقينهم، {وعلى ربهم} لا على غيره {يتوكلون} وفيه تعالى يثقون. وإليه تعالى أمورهم يفوضون، {الذين يقيمون الصلاة} بأدائها بكامل شروطها وكافة أركانها وسائر سننها وآدابها، {ومما رزقناهم} أي أعطيناهم {ينفقون} من مال وعلم، وجاه وصحة بدن من كل هذا ينفقون في سبيل الله {أولئك} الموصوفون بهذه الصفات الخمس {هم المؤمنون حقاُ} وصدقاً، {لهم درجات عند ربهم} أي منازل عالية متفاوتة العلو والارتفاع في الجنة، ولهم قبل ذلك {مغفرة} كاملة لذنوبهم، {ورزق كريم} 8 طيب واسع لا تنقيص فيه ولا تكدير، وذلك في الجنة دار المتقين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- الأمر بتقوى الله عز وجل وإصلاح ذات البين.
2- الإيمان يزيد9 بالطاعة وينقص بالعصيان.
3- من المؤمنين من هو كامل الإيمان، ومنهم من هو ناقصه.
4- من صفات أهل الإيمان الكامل ما ورد في الآية الثانية من هذه السورة10 وما بعدها.
__________

1 النفل: بسكون الفاء: اليمين وفي الحديث: "فتبرئكم يهود بنفل خمسين منهم" وهو أيضاً الانتفاء من الشيء وفي الحديث: "فانتفل من ولدها" والنفل: نبت معروف، والنفل: الزيادة على الفرائض في الصلاة.
2 قيل لبعضهم: متى تعرف أنه استجيب دعاؤك؟ قال: إذا اقشعرّ جلدي ووجل قلبي، وفاضت عيناي بالدموع، وقالت عائشة رضي الله عنها: ما الوجل في القلب إلا كضَرَمَة السَعفَة، فإذا وجل أحدكم فليدع عند ذلك.
3 هذا ما ذهب إليه ابن جرير ورجحه محتجاً عليه بشواهد اللغة والتاريخ والجمهور على أن المراد بالأنفال هنا غنائم بدر، والكل محتمل إذ حصل النفل، وحصلت الغنيمة، ولما اختلفوا ردت إلى الله ورسوله ثم حكم الله تعالى فيها بقوله: {واعلموا أنما غنمتم من شيء ... } الآية.
4 السؤال معناه: الطلب فإن عدي بعن: كان لطلب معرفة شيء نحو: {يسألونك عن الأنفال} وإن عدي بنفسه نحو: "سأله مالا فهو: لطلب إعطاء الشيء المطلوب".
5 الأنفال: جمع نفلٌ بفتح النون والفاء معاً كعَمَلٌ وهو مشتق من النافلة التي هي الزيادة في العطاء، وقد أطلق العرب لفظ النفل على الغنائم في الحرب اعتباراً منهم لها على أنها زيادة عن المقصود الأهم الذي هو إبادة العدو، ولذا كان بعض صناديدهم لا يأخذونها وهذا عنترة يقول:
يخبرك من شهد الوقيعة أنني ... أغشى الوغى وأعفّ عند المغنم
6 اختلف في النفل هل يكون من الخمس أو هو خمس الخمس من الغنيمة؟ والصحيح أنه ما يعطيه الإمام من شاء من المقاتلين لبلائه من الخمس.
7 وجل: كضرب، يوجل كيضرب ويجل كيلد بإسقاط فاء الكلمة والمصدر: الوجل كالعسل، وموجل كموعد.
8 لفظ (الكريم) يصف به العرب كل شيء حسن في بابه لا قبح فيه ولا شكوى منه.
9سئل الحسن البصري فقيل له: يا أبا سعيد أمؤمن أنت؟ فقال: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقدر فأنا به مؤمن، وإن كنت تسألني عن قول الله تعالى: {إنما المؤمنون الذين ذكر الله وجلت قلوبهم} إلى قوله: {أولئك هم المؤمنون حقاً} فوالله ما أدري أنا منهم أم لا؟
10 وهما الآية الثالثة والرابعة.

*************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #867  
قديم 08-01-2022, 09:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ1 وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)

شرح الكلمات:
من بيتك: أي المدينة المنورة.
لكارهون: أي الخروج للقتال.
إحدى الطائفتين: العير "القافلة" أو النفير: نفير قريش وجيشها.
الشوكة 2: السلاح في الحرب.
يبطل الباطل: أي يظهر بطلانه بقمع أهله وكسر شوكتهم وهزيمتهم.
ولو كره المجرمون: كفار قريش المشركون.
معنى الآيات:
قوله تعالى {كما أخرجك ربك} أيها الرسول {من بيتك} بالمدينة {بالحق} متلبساً به حيث خرجت بإذن الله {وان فريقاً3 من المؤمنين لكارهون} لما علموا بخروج قريش لقتالهم، وكانت العاقبة خيراً عظيماً، هذه الحال مثل حالهم لما كرهوا نزع الغنائم من أيديهم وتوليك قسمتها بإذننا، على أعدل قسمة وأصحها وأنفعها فهذا الكلام في هذه الآية (5) تضمنت تشبيه حال حاضرة بحال ماضيه حصلت في كل واحدة كراهة بعض المؤمنين، وكانت العاقبة في كل منهما خيراً والحمد لله، وقوله تعالى {يجادلونك في الحق بعدما تبين} أي يجادلونك في القتال بعدما أتضح لهم أن العير4 نجت وأنه لم يبق إلا النفير5 ولا بد من قتالها. وقوله تعالى {كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون} أي إلى الموت عياناً يشاهدونه أمامهم وذلك من شدة كراهيتهم لقتال لم يستعدوا له ولم يوطنوا أنفسهم لخوض معاركه. وقوله تعالى {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين} أي اذكر يا رسولنا لهم الوقت الذي يعدكم الله تعالى فيه إحدى الطائفتين العير والنفير، وهذا في المدينة وعند السير أيضاً {أنها لكم} أي تظفرون بها، {وتودون} أي تحبون أن تكون {غير ذات الشوكة} وهي عير أبي سفيان {تكون لكم} ، وذلك لأنها مغنم بلا مغرم لقلة عددها وعددها، والله يريد {أن يحق الحق} أي يظهره بنصر أوليائه وهزيمة أعدائه، وقوله {بكلماته} أي التي تتضمن أمره تعالى إياكم بقتال الكافرين، وأمره الملائكة بالقتال معكم، وقوله {ويقطع دابر الكافرين} أي بتسليطكم عليهم فتقتلوهم حتى لا
تبقوا منهم غير من فر وهرب، وقوله {ليحق الحق} أي لينصره ويقرره وهو الإسلام {ويبطل الباطل} وهو الشرك {ولو كره} ذلك {المجرمون} أي المشركون الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك، وعلى غيرهم أيضاً حيث منعوهم من قبول الإسلام وصرفوهم عنه بشتى الوسائل.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
1- تقرير قاعدة {عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم} وذكر نبذة عن غزوة بدر الكبرى وبيان ذلك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلغه أن عيراً لقريش تحمل تجارة قادمة من الشام في طريقها إلى مكة وعلى رأسها أبو سفيان بن حرب فانتدب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض أصحابه للخروج إليها عسى الله تعالى أن يغنمهم إياها، لأن قريشاً صادرت أموال بعضهم وبعضهم ترك ماله بمكة وهاجر. فلما خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأثناء مسيره أخبرهم أن الله تعالى وعدهم إحدى الطائفتين، لا على التعيين جائز أن تكون العير، وجائز أن تكون النفير الذي خرج من مكة للذب عن العير ودفع الرسول وأصحابه عنها حتى لا يستولوا عليها، فلما بلغ الرسول نبأ نجاة العير6 وقدوم النفير استشار أصحابه فوافقوا على قتال المشركين ببدر وكره بعضهم ذلك، وقالوا: إنا لم نستعد للقتال فأنزل الله تعالى هذه الآيات {يجادلونك في الحق بعد ما تبين} إلى قوله { ... ولو كره المجرمون} .
2- بيان ضعف الإنسان في رغبته في كل مالا كلفة فيه ولا مشقة.
3- إنجاز الله تعالى وعده للمؤمنين إذ أغنمهم طائفة النفير وأعزهم بنصر لم يكونوا مستعدين له.
4- ذكر نبذة عن وقعة بدر وهي من أشهر الوقائع وأفضلها وأهلها من أفضل الصحابة وخيارهم إذ كانت في حال ضعف المسلمين حيث وقعت في السنة الثانية من الهجرة وهم أقلية والعرب كلهم أعداء لهم وخصوم.
__________

1 الباء للمصاحبة أي: أخرجه إخراجاً مصاحباً للحق ليس فيه من الباطل شيء قط.
2 وكلّ نبت له حدّ يقال له: شرك واحده: شوكة.
3 هذه الجملة حالية: والعامل فيها: أخرجك ربّك.
4 هي قافلة أبي سفيان التجارية التي يصحبها زهاء ثلاثين رجلاً من قريش.
5 النفير: جيش قوى الذي استنفرت فيه قرابة ألف مقاتل.
6 لأنّ أبا سفيان لما بلغه بواسطة بعض الركبان أنّ محمداً قد خرج برجاله يطلب عيره استأجر ضمضم الغفاري فبعثه إلى أهل مكة يخبرهم بخروج الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمرهم أن ينفروا لإنقاذ قافلتهم، وأما الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فإنهم لما بلغوا في مسيرهم وادي ذفران وخرجوا منه أتاهم نبأ خروج قريش ليمنعوا قافلتهم فاستشار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه فقام أبو بكر وقال فأحسن ثم قال عمر فقال فأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال يا رسول الله: امض لما أمرك الله به فنحن معك، والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى: {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون} ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دون حتى نبلغه فقال له الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيراً ودعا له بخير ثم قال: أشيروا عليّ أيها الناس، وهو يريد الأنصار فقال له سعد بن معاذ: كأنك تعنينا يا رسول الله قال: أجل، فقال سعد كلمة سرت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعندها قال: سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #868  
قديم 08-01-2022, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الانفال - (2)
الحلقة (442)
تفسير سورة الانفال مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 289الى صــــ 294)

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)

شرح الكلمات:
تستغيثون1: أي تطلبون الغوث من الله تعالى وهو النصر على
أعدائكم
مردفين: أي متتابعين بعضهم ردف بعض أي متلاحقين.
وما جعله الله إلا بشرى: أي الإمداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر.
إذ يغشيكم النعاس: أي يغطيكم به والنعاس: نوم خفيف جداً.
أمنة.: أي أمناً من الخوف الذي أصابكم لقلتكم وكثرة عدوكم.
منه: أي من الله تعالى.
رجز الشيطان: وسواسه لكم بما يؤلمكم ويحزنكم.
وليربط على قلوبكم: أي يشد عليها بالصبر واليقين.
ويثبت به الأقدام: أي بالمطر أقدامكم حتى لا تسوخ في الرمال.
الرعب: الخوف والفزع.
فاضربوا كل بنان: أي أطراف اليدين والرجلين حتى يعوقهم عن الضرب والمشي.
شاقوا الله ورسوله: أي خالفوه في مراده منهم فلم يطيعوه وخالفوا رسوله.
ذلكم فذوقوه: أي العذاب فذوقوه.
عذاب النار: أي في الآخرة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في أحداث غزوة بدر، وبيان منن الله تعالى على رسوله والمؤمنين إذ يقول تعالى لرسوله {إذ تستغيثون ربكم} أي اذكر يا رسولنا حالكم لما كنتم خائفين لقلتكم وكثرة عدوكم فاستغثتم ربكم قائلين: اللهم نصرك، اللهم أنجز لي ما وعدتني {فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} أي متتالين يتبع بعضهم بعضا {وما جعله الله إلا بشرى} أي لم يجعل ذلك الإمداد إلا مجرد بشرى لكم بالنصر على عدوكم {ولتطمئن به قلوبكم} أي تسكن ويذهب منها القلق والاضطراب، أما النصر فمن عند الله، {إن الله عزيز حكيم} عزيز غالب لا يحال بينه وبين ما يريده، حكيم بنصر من هو أهل للنصر، هذه نعمة، وثانية: اذكروا {إذ يغشيكم} ربكم
{النعاس أمنة منه2} أي أماناً منه تعالى لكم فإن العبد إذا خامره النعاس هدأ وسكن وذهب الخوف محنه، وثبت في ميدان المعركة لا يفر ولا يرهب ولا يهرب، {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان} وهذه نعمة أخرى، فقد كانت الأرض رملية تسوح فيها أقدامهم لا يستطيعون عليها كراً ولا فراً، وقل ماؤهم فصاروا ظماءً عطاشاً، محدثين، لا يجدون ما يشربون ولا ما يتطهرون به من أحداثهم ووسوس الشيطان لبعضهم بمثل قوله: تقاتلون محدثين كيف تنصرون، تقاتلون وأنتم عطاش وعدوكم ريان إلى أمثال هذه الوسوسة، فأنزل الله تعالى على معسكرهم خاصة مطراً غزيراً شربوا وتطهروا وتلبدت به التربة فأصبحت صالحة للقتال عليها، هذا معنى قوله تعالى {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان} أي وسواسه {وليربط على قلوبكم} أي يشد عليها بما أفرغ عليها من الصبر وما جعل فيها من اليقين لها {ويثبت3به الأقدام} ونعمة أخرى واذكر {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم} بتأييدي ونصري {فثبتوا الذين آمنوا} أي قولوا لهم من الكلام تشجيعاً لهم ما يجعلهم يثبتون في المعركة {سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} أي الخوف أيها المؤمنون {فاضربوا فوق4 الأعناق} أي اضربوا المذابح {واضربوا منهم كل بنان5} أي أطراف اليدين والرجلين حتى لا يستطيعوا ضرباً بالسيف، ولا فراراً بالأرجل وقوله تعالى {ذلك 6بأنهم شاقوا الله ورسوله} أي عادوهما وحاربوهما {ومن يشاقق الله ورسوله} ينتقم منه ويبطش به {فإن الله شديد العقاب} ، وقوله تعالى {ذلكم فذوقوه} أي ذلكم العذاب القتل والهزيمة فذوقوه في الدنيا وأما الآخرة فلكم فيها عذاب النار.

هداية الآيات.

من هداية الآيات:
1- مشروعية الاستغاثة بالله تعالى وهي عبادة فلا يصح أن يستغاث بغير الله تعالى.
2- تقرير عقيدة أن الملائكة عباد لله يسخرهم في فعل ما يشاء، وقد سخرهم للقتال مع المؤمنين فقاتلوا، ونصروا وثبتوا وذلك بأمر الله تعالى لهم بذلك.
3- تعداد نعم الله تعالى على المؤمنين في غزوة بدر وهي كثيرة.
4-مشاقة7 الله ورسوله كفر يستوجب صاحبها عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
5- تعليم الله تعالى عباده كيف يقاتلون ويضربون أعداءهم، وهذا شرف كبير للمؤمنين.
__________

1 روى مسلم عن عمر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوم بدر نظر إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر، فاستقبل القبلة ثم مدّ يديه فجعل يهتف بربه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم ائتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فما زال يهتف بربّه مادّاً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم ... } الآية.
2 أمنة: مصدر أمن أمنة وأمناً وأماناً وهو منصوب على الحال، أو المصدرية.
3 هذا عائد على الماء الذي شدّ دهس أرض الوادي، ويصح أن يكون عائداً إلى ربط القلوب، فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في الحرب.
4 هذا الأمر إرشادي للملائكة وللمؤمنين معاً.
5 واحد البنان: بنانة، والمراد بها هتا الأصابع الممسكة بالسيف والرمح حتى تعجز عن قتال المسلمين وضربهم.
6 ذلك: مبتدأ والخبر محذوف تقدير الكلام: الأمر ذلك، والجملة تعليلية لأنّ الباء في قوله: {بأنهم} سببية.
7 أصل المشاقة: العداوة بعصيان وعناد، مشتقة من الشق بكسر السين الذي هو الجانب، فالمشاق يقف عن مشاقه موقف العداء والعصيان، والتمرد في جانب لا يلتقي معه.

***************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #869  
قديم 08-01-2022, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ (15) وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18) إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)
شرح الكلمات:
زحفاً1: أي زاحفين لكثرتهم ولبطىء سيرهم كأنهم يزحفون على
الأرض.
فلا تولوهم الأدبار: أي لا تنهزموا فتفروا أمامهم فتولونهم أدباركم.
متحرفاً لقتال: أي مائلاً من جهة إلى أخرى ليتمكن من ضرب العدو وقتاله.
أو متحيزاً إلى فئة: أي يريد الانحياز إلى جماعة من المؤمنين تقاتل.
فقد باء بغضب: أي رجع من المعركة مصحوباً بغضب من الله تعالى لمعصيته إياه.
وليبلي: أي لينعم عليهم بنعمة النصر والظفر على قلة عددهم فيشكروا.
فئتكم: مقاتلتكم من رجالكم الكثيرين.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن غزوة بدر وما فيها من جلائل النعم وخفى الحكم ففي أولى هذه الآيات ينادي الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين فيقول {يا أيها الذين آمنوا إذا2 لقيتم الذين كفروا زحفاً} أي وأنتم وإياهم زاحفون إلى بعضكم البعض {فلا تولوهم الأدبار3} أي لا تنهزموا أمامهم فتعطوهم أدباركم فتمكنوهم من قتلكم، إنكم أحق بالنصر منهم، وأولى بالظفر والغلب إنكم مؤمنون وهم كافرون فلا يصح منكم انهزام أبداً {ومن يولهم يومئذ دبره} اللهم {إلا متحرفاً لقتال} أي مائلاً من جهة إلى أخرى ليكون ذلك أمكن له في القتال {أو متحيزاً إلى فئة} أي منحازاً إلى جماعة من المؤمنين تقاتل فيقاتل معها ليقويها أو يقوى بها، من ولى الكافرين دبره في غير هاتين الحالتين {فقد باء بغضب من الله} أي رجع من جهاده مصحوباً بغضب من الله {ومأواه جهنم وبئس المصير} 4
وذلك بعد موته وانتقاله إلى الآخرة، وقوله تعالى {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم} يخبر تعالى عباده المؤمنين الذين حرم عليهم التولي ساعة الزحف وتوعدهم بالغضب وعذاب النار يوم القيامة أنهم لم يقتلوا المشركين على الحقيقة وإنما الذي قتلهم هو الله فهو الذي أمرهم وقدرهم وأعانهم، ولولاه ما قتل أحد ولا مات فليعرفوا هذا حتى لا يخطر ببالهم أنهم هم المقاتلون وحدهم. وحتى رمي رسوله المشركين بتلك التي وصلت إلى جل أعين المشركين في المعركة فأذهلتهم وحيرتهم بل وعوقتهم عن القتال وسببت هزيمتهم كان الله تعالى هو الرامي الذي أوصل التراب إلى أعين المشركين، إذ لو ترك الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا لقوته لما وصلت حثية التراب إلى أعين الصف الأول من المقاتلين المشركين، ولذا قال تعالى {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى5} وقوله تعالى {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً} أي فعل تعالى ذلك القتل بالمشركين والرمي بإيصال التراب إلى أعينهم ليذل الكافرين ويكسر شوكتهم {وليبلي6 المؤمنين} أي ولينعم عليهم الأنعام الحسن بنصرهم وتأييدهم في الدنيا وإدخالهم الجنة في الآخرة. وقوله تعالى {إن الله سميع عليم} بمقتضى هاتين الصفتين كان الإبلاء الحسن، فقد سمع تعالى أقوال المؤمنين واستغاثتهم به، وعلم ضعفهم وحاجتهم فأيدهم ونصرهم فكان ذلك منه إبلاء حسناً، وقوله تعالى {ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين} أي ذلكم القتل والرمي والإبلاء كله حق واقع بقدرة الله تعالى {وأن الله موهن} أي مضعف {كيد الكافرين} فكلما كادوا كيداً بأوليائه وأهل طاعته أضعفه وأبطل مفعوله، وله الحمد والمنة. وقوله تعالى {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح، وإن تنتهوا فهو خير لكم} هذا خطاب للمشركين حيث قال أبو جهل وغيره من رؤساء المشركين7 "اللهم أينا كان أفجر لك واقطع للرحم فأحنه اليوم، اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة" أي أهلكه الغداة يوم بدر فأنزل الله تعالى {إن
تستفتحوا} أي تطلبوا الفتح وهو القضاء بينكم وبين نبينا محمد {فقد جاءكم الفتح} وهي هزيمتهم في بدر {وإن تنتهوا} تكفوا عن الحرب والقتال وتنقادوا لحكم الله تعالى فتسلموا {فهو خير لكم وإن تعودوا} للحرب والكفر {نعد} فنسلط عليكم رسولنا والمؤمنين لنذيقكم على أيديهم الذل والهزيمة {ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت} وبلغ تعداد المقاتلين منكم عشرات الآلاف، هذا وأن الله دوماً مع المؤمنين فلن يتخلى عن تأييدهم ونصرتهم ما استقاموا على طاعة ربهم ظاهراً وباطناً.
هداية الآيات
هن هداية الآيات:
1- حرمة الفرار من العدو الكافر عند8 اللقاء لما توعد الله تعالى عليه من الغضب والعذاب ولعد الرسول له من الموبقات السبع في حديث مسلم "والتولي يوم الزحف".
2- تقرير مبدأ أن الله تعالى خالق كل شيء وأنه خلق العبد وخلق فعله، إذ لما كان العبد مخلوقاً وقدرته مخلوقة، ومأموراً ومنهياً ولا يصدر منه فعل ولا قول إلا بإقدار الله تعالى له كان الفاعل الحقيقي هو الله، وما للعبد إلا الكسب بجوارحه9 وبذلك يجزى الخير بالخير والشر بمثله. عدل الله ورحمته.
3-آية وصول حثية التراب من كف الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أغلب عيون المشركين في المعركة.
4- إكرام الله تعالى وإبلاؤه لأولياءه البلاء الحسن فله الحمد وله المنة.
5- ولاية الله للمؤمنين الصادقين هي أسباب نصرهم وكمالهم وإسعادهم
__________

1 الزّحف: الدنوّ قليلاً قليلاً، وأصله، الاندفاع على الإلية، ثم سمي كل ماشٍ إلى حرب آخر زاحفاً، وازدحف القوم: إذا مشى بعضهم إلى بعض والزحاف: من علل الشعر وهو: أن يسقط من الحرفين حرف فيزحف أحدهما إلى الآخر.
2 هذه الجملة اعتراضية بين قوله تعالى: {إذ يوحي ربك} وبين قوله: {فلم تقتلوهم} ومن فوائدها تدريب المؤمنين على الشجاعة، والإقدام والثبات عند اللقاء، وهي خطة محمودة عند العرب فزادها الإسلام تقوية، قال شاعرهم وهو الحصين بن الحمام:
تأخرت أستبقي الحياة فلم ... أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
3 {فلا تولوهم الأدبار} فيه استبشاع الهزيمة بذكر لفظ الدبر، وهو كذلك.
4 الحمد لله أنه لم يقل خالداً فيها بل قال: {مأواه جهنم} ولذا ورد أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فرّ من الزحف".
5 حصل الرمي من الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدّة مرات منها يوم حنين ومنها يوم أحد ومنها يوم خيبر إذ رمى سهما في حصن فسقط السهم على ابن أبي الحقيق فقتله وهو نائم في فراشه، ومنها يوم بدر، وهو المراد هنا إذ السورة مدنية ولم يسبق هذا الرمي إلاّ الذي رمى به الواقفين على بابه في مكة يريدون انفاذ القتل الذي حكمت به قريش عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد روي أنه رماهم بحثية من تراب، فاشتغلوا بمسح أعينهم من التراب حتى نجا منهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
6 {وليبلي} ، الجملة متعلقة بمحذوف تقديره: فعل ذلك أي النصر، والهزيمة للكفار ليبلي المؤمنين ... الخ.
7 قالوا هذا وهم يتجهّزون للقتال في مكة، وقالوه في ساحة بدر قبل القتال.
8 هذا التحريم مقيّد بما في آخر السورة من أنّ ما زاد على المثلين يجوز الفرار معه كالواحد مع أكثر من اثنين، والمائة مع أكثر من مائتين، وألفين مع أكثر من أربعة آلاف.
9 مع ما وهبه الله من حرية الإرادة والقدرة على الاختيار ومع هذا فإنه لا يريد إلا ما أراده الله ولا يقع اختياره إلا على ما كتبه الله له أو عليه وقضى به أزلا وهنا تتجلى عظمة الرب تبارك وتعالى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #870  
قديم 08-01-2022, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الانفال - (3)
الحلقة (443)
تفسير سورة الانفال مدنية
المجلد الثانى (صـــــــ 295الى صــــ 299)


يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)
شرح الكلمات:
ولا تولوا عنه: أي لا تعرضوا عن طاعته إذا أمركم أو نهاكم كأنكم لا تسمعون.
إن شر الدواب: أي شر ما يدب على الأرض الكافرون.
لأسمعهم: لجعلهم يسمعون أو لرفع المانع عنهم فسمعوا واستجابوا.
معنى الآيات:
ينادي الله تعالى عباده المؤمنين1 الذين آمنوا به وبرسوله وصدقوا بوعده ووعيده يوم لقائه فيأمرهم بطاعته وطاعة رسوله، وينهاهم عن الإعراض عنه وهم يسمعون الآيات تتلى والعظات تتوالى في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن نصركم وتأييدكم كان ثمرة لإيمانكم وطاعتكم فإن أنتم أعرضتم وعصيتم فتركتم كل ولاية لله تعالى لكم أصبحتم كغيركم من أهل الكفر والعصيان هذا معنى قوله {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله، ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون} وقوله {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون} ينهاهم عز وجل أن يسلكوا مسلك الكافرين المشركين2 في التصامم عن سماع الآيات الحاملة للحق والداعية إليه، والتعامي عن رؤية آيات الله الدالة على توحيده الذين قالوا إنا عما يقوله محمد في صمم، وفيما يذكر ويشير إليه في عمى، فهم يقولون سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون بقلوبهم لأنهم لا يتدبرون ولا يفكرون فلذا هم في سماعهم كمن لم يسمع إذ العبرة بالسماع الانتفاع3 به لا مجرد سماع صوت وقوله تعالى {إن شرّ4 الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} يعني بهم المشركين وكانوا شر الدواب لأنهم كفروا بربهم وأشركوا به فعبدوا غيره، وضلوا عن سبيله ففسقوا وظلموا وأجرموا الأمر الذي جعلهم حقاً شر الدواب في الأرض فهذا تنديد بالمشركين، وفي نفس الوقت هو تحذير للمؤمنين من معصية الله ورسوله والإعراض عن كتابه وهدي نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقوله تعالى {ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم} أي لجعلهم يسمعون آيات الله وما تحمله من بشارة ونذارة وهذا من باب الفرض لقوله تعالى {ولو أسمعهم لتولوا عنه وهم معرضون} هؤلاء طائفة من المشركين5؟ توغلوا في الشر والفساد والظلم والكبر والعناد فحرموا لذلك هداية الله تعالى فقد هلك بعضهم في بدر وبعض في أحد ولم يؤمنوا لعلم الله تعالى أنه لا خير فيهم وكيف لا وهو خالقهم وخالق طباعهم، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} .
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- وجوب طاعة الله ورسوله في أمرهما ونهيهما، وحرمة معصيتهما.
2- حرمة التشبه بالمشركين والكافرين وسائر أهل الضلال وفي كل شيء من سلوكهم.
3- بيان أن من الناس من هو شر من الكلاب والخنازير فضلاً عن الإبل والبقر والغنم أولئك البعض كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً.
__________

1 لا يجب الالتفات لمن قال: هذا الخطاب هو للمنافقين كأنما قال: يا من آمنتم بألسنتكم ولم تؤمن قلوبكم، إذ الآية في المؤمنين الصادقين بلا شك ولا ريب.
2 واليهود والمنافقين أيضاً، إذ الكل كان هذا موقفهم مما يدعوهم إليه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 في الآية دليل على أن المؤمن إذ أمر أو نهي فقال سمعاً وطاعةً أي: سمعت وأطعت ولم يفعل ولم يترك لا وزن ولا عبرة بقوله بل لابد من الفعل والترك.
4 شرّ أصلها: أشر اسم تفضيل، ولكثرة الاستعمال اكتفوا بلفظ شّر لأنه أخف على اللسان بنقص حرف الهمزة.
5 في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: {إنَّ شرّ الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} قال: هم نفر من بني عبد الدار، والآية عامة في مَنْ تلك حالهم.

***********************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 213.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 207.90 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]