|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في ضوء الكتاب والسنة الجهاد في الإسلام – مفهومه وأحكامه وضوابطه (1)
باب الجهاد في سبيل الله وأحكامه، باب واسع يحتاج إلى عناية فائقة، ومعرفة مفهومه، وحكمه، ومراتبه، وأهدافه، وضوابطه، والحكمة من مشروعيته، وأنواعه، وشروط وجوب الجهاد، ووجوب استئذان الوالدين في الخروج إلى جهاد التطوع في سبيل الله -تعالى-، وأن أمر الجهاد موكول إلى الإمام المسلم، واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ما لم يأمر بمعصية، ووجوب الاعتصام بالكتاب والسنة ولا سيما في أيام الفتن، وفضل الجهاد في سبيل الله -تعالى-، وأسباب النصر على الأعداء. أولاً: مفهوم الجهاد لغة وشرعًا
ثانيًا: حكم الجهاد في سبيل الله الجهاد فرض كفاية، إذا قام به من يكفي من المسلمين، سقط الإثم عن الباقين، قال الله -تعالى-: {وَمَا كَانَ الـْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى في فرضية الجهاد-: «لابد فيه من شرط، وهو أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال، فإن لم يكن لديهم قدرة، فإن إقحام أنفسهم في القتال إلقاء بأنفسهم إلى التهلكة؛ ولهذا لم يوجب الله -تعالى- على المسلمين القتال وهم في مكة؛ لأنهم عاجزون ضعفاء، فلما هاجروا إلى المدينة، وكوَّنوا الدولة الإسلامية، وصار لهم شوكة أُمروا بالقتال، وعلى هذا فلابد من هذا الشرط، وإلا سقط عنهم كسائر الواجبات؛ لأن جميع الواجبات يشترط فيها القدرة؛ لقوله -تعالى-: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وقوله -تعالى-: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، انتهى كلامه -رحمه الله. متى يكون الجهاد فرض عين؟ يكون الجهاد فرض عين في ثلاث حالات:
جنس الجهاد فرض عين وجنس الجهاد فرض عين: إما بالقلب، وإما باللسان، وإما بالمال، وإما باليد؛ فيجب على المسلم أن يجاهد في سبيل الله بنوع من هذه الأنواع بحسب الحاجة والقدرة. والأمر بالجهاد بالنفس والمال كثير في القرآن والسنة، وقد ثبت من حديث أنس- رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «جاهدوا المشركين بألسنتكم، وأنفسكم، وأموالكم، وأيديكم»، وأضاف العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- حالة رابعة: وهي إذا احتيج إلى المسلم في الجهاد وجب عليه. ثالثاً: مراتب الجهاد في سبيل الله الجهاد له أربع مراتب: جهاد النفس، والشيطان، والكفار، والمنافقين، وأصحاب الظلم والبدع والمنكرات:
جهاد أعداء الله فرع عن جهاد النفس ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث فضالة بن عبيد الله - رضي الله عنه -: «ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب»، كان جهاد النفس مقدَّمًا على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له؛ فإنه ما لم يجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرها الله به وتترك ما نهاها الله عنه ويحاربها في الله، لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصار عليه وعدوه الذي بين جنبيه غالب له وقاهر له؟ ولا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهد نفسه على الخروج. فهذان عدوان وبينهما عدو ثالث لا يمكن للعبد أن يجاهدهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يثبط الإنسان عن جهادهما ويخوِّفه ويخذله، ولا يزال يُخَوِّفه ما في جهادهما من المشاق، وفوات اللذات، والشهوات، فلا يمكنه أن يجاهد هذين العدوين إلا بجهاد هذا العدو الثالث وهو الأصل لجهادهما وهو الشيطان. ضوابط الجهاد في الإسلام للجهاد في الإسلام ضوابط وشروط نذكرها فيما يلي:
لا يجوز الخروج للجهاد إلا بإذن الوالدين ولأهمية ذلك بيَّن العلماء أنه لا يجوز الخروج للجهاد إلا بإذن الوالدين، بشرط أن يكونا مسلمين؛ لأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية؛ فإن تعيّن الجهاد وكان فرض عين فلا إذن؛ لأن الجهاد أصبح فرضًا على الجميع: إما باستنفار الإمام، أو هجوم العدوِّ على البلاد، أو حضور الصف، أما إذا كان الجهاد فرض كفاية فلا يجوز الخروج إليه إلا بإذن الوالدين؛ ولهذا جاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: :رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد»، وجاء في حديث جاهمة أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أردت أن أغزوَ وقد جئت أستشيرك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «هل لك من أمٍّ؟»، قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة تحت رجليها»، وعن أبي الدرداء- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضِعْ ذلك الباب أو احفظه»؛ ولهذه الأحاديث لا يجوز الخروج إلى جهاد التطوع، وفرض الكفاية إلا بإذن الوالدين، والبقاء معهما، والإحسان إليهما أفضل من الخروج بإذنهما، أما إذا تعين الجهاد فلا؛ لأنه أصبح فرضاً على الجميع.
من طاعة ولي الأمر عدم الجهاد إلا بإذنه ومن طاعة ولي الأمر عدم الجهاد إلا بإذنه؛ لحديث عبد الله بن عمر -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد فقال: «أحي والداك»؟ قال: نعم، قال: «ففيهما فجاهد»؛ ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الإمام جُنَّة يُقاتل من ورائه، ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله -عز وجل- وعدل كان له بذلك أجر، وإن أمر بغيره كان عليه منه»، ومما يفسر ذلك قول الإمام ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: «وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك»، وقال الإمام الخرقي -رحمه الله-: «وواجب على الناس إذا جاء العدو أن ينفروا، المقلّ منهم والمُكثر، ولا يخرجون إلى العدوِّ إلا بإذن الأمير، إلا أن يفجأهم عدوٌّ يخافون كلبَهُ - أي شره وأذاه - فلا يُمْكِنهم أن يستأذنوه»، قال الإمام ابن قدامة -رحمه الله-: فإذا ثبت هذا فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير؛ لأن أمر الحرب موكول إليه، وهو أعلم بكثرة العدو وقِلَّتهم، ومكامن العدو، وكيدهم، فينبغي أن يُرجع إلى رأيه؛ لأنه أحوط للمسلمين إلا أن يتعذر استئذانه؛ لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه؛ لأن المصلحة تتعين في قتالهم، والخروج إليه؛ لتعيّن الفساد في تركهم، ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم - فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجاً من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن، فمدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «وخير رجَّالتنا سلمة»، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - سهمين: سهم الفارس وسهم الراجل. الدعوة للجهاد ولا يجوز لأحد من رعية الإمام أن يدعو الناس إلى الجهاد دون إذن الإمام؛ لما في ذلك من المفاسد، والأضرار، ومخالفة إمام المسلمين الذي أمرنا الله بطاعته، وعلى كل مسلم أن يسأل أهل العلم إن لم يعلم؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «والواجب أن يُعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح، في الباطن الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، فأما أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين فلا يؤخذ برأيهم، ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا». أهمية السمع والطاعة ومما يؤكد أهمية السمع والطاعة ما حصل لصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع رسول الله -عليه الصلاة والسلام- في صلح الحديبية، حينما اشتد عليهم الكرب بمنعهم من العمرة، وما رأوا من غضاضة على المسلمين في الظاهر، ولكنهم امتثلوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان ذلك فتحاً قريباً، وخلاصة ذلك أن سهيل بن عمرو قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - حينما كتب: بسم الله الرحمن الرحيم: اكتب باسمك اللهم، فوافق معه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولم يوافق سهيل على كتابة محمد رسول الله، فتنازل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر أن يكتب محمد بن عبد الله، ومنع سهيل في الصلح أن تكون العمرة في هذا العام، وإنما في العام المقبل، وفي الصلح أن من أسلم من المشركين يرده المسلمون، ومن جاء من المسلمين إلى المشركين لا يرد، وأول من نُفِّذ عليه الشرط أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد محاورة عظيمة، وحينئذ غضب الصحابة لذلك، حتى قال عمر - رضي الله عنه - للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ألست نبي الله حقّاً؟ قال: «بلى»، قال: ألسنا على الحقّ، وعدوُّنا على الباطل؟ قال: «بلى»، قال: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: «إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري»، قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً، فلما فرغ الكتاب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا، فدخل على أم سلمة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فشكا ذلك؛ فقالت: انحر واحلق فخرج فنحر، وحلق، فنحر الناس وحلقوا حتى كاد يقتل بعضهم بعضًا، فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح، ودخل في السنة السادسة والسابعة في الإسلام مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر، ثم دخل الناس في دين الله أفواجاً بعد الفتح في السنة الثامنة. وهذا ببركة طاعة الله ورسوله؛ ولهذا قال سهيل بن حنيف - رضي الله عنه -: «اتهموا رأيكم، رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أرد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لرددته»، وهذا يدل على مكانة الصحابة- رضوان الله عليهم- وتحكيمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحصل لهم من الفتح والنصر ما حصل ولله الحمد والمنة. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() في ضوء الكتاب والسنة الجهاد في الإسلام – مفهومه وأحكامه وضوابطه (2)
باب الجهاد في سبيل الله وأحكامه، باب واسع يحتاج إلى عناية فائقة، ومعرفة مفهومه، وحكمه، ومراتبه، وأهدافه، وضوابطه، والحكمة من مشروعيته، وأنواعه، وشروط وجوب الجهاد، ووجوب استئذان الوالدين في الخروج إلى جهاد التطوع في سبيل الله -تعالى-، وأن أمر الجهاد موكول إلى الإمام المسلم، واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ما لم يأمر بمعصية، ووجوب الاعتصام بالكتاب والسنة ولا سيما في أيام الفتن، وفضل الجهاد في سبيل الله -تعالى-، وأسباب النصر على الأعداء. الضابط الرابع: الاعتصام بالكتاب والسنة ولا سيما في أيام الفتن يجب على المسلم أن يعتصم بالكتاب والسنة ولا سيما في أيام الفتن؛ ولهذا حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتن واستعاذ منها، وأمر بلزوم جماعة المسلمين، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يتقارب الزمان، وينقص العمل، ويُلقى الشح، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج» قالوا: يا رسول الله، أيما هو؟ قال: «القتل، القتل»، وفي لفظ: «يتقارب الزمان، وينقص العلم...». وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشرُّ منه، فعن الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج فقال: «اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم» سمعته من نبيكم - صلى الله عليه وسلم . المبادرة بالأعمال الصالحة وحث - صلى الله عليه وسلم - على الأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة؛ فقال: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ستكون فتنٌ القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن تشرَّف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به». المخرج من جميع الفتن والمخرج من جميع الفتن المضلة التمسك بالكتاب والسنة، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم؛ لأن من خالف ذلك فهو من الضالين قال الله -عز وجل-: {وَمَا كَانَ لـِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لـَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا}، وقال -تعالى-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}، وقال -تعالى-: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}، وقال -تعالى- فيمن يخالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم»، وجاء في السنن والمسانيد ما أُثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكة يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرَّمناه، ألا وإني أُوتيتُ الكتاب ومثله معه، ألا وإنه مثل القرآن أو أعظم». عدم التكلم في الدين إلا بما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «فعلى كل مؤمن ألا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعاً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعاً لقوله، وعمله تبعاً لأمره، فهكذا كان الصحابة -رضوان الله عليهم-، ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين؛ فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس ديناً غير ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإذا أراد معرفة شيء من الدين، نظر فيما قاله الله -عز وجل- وما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر، وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة». الاختلاف يسبب الشرور ولا شك أن الاختلاف يسبب الشرور الكثيرة، والفرقة، والعذاب؛ ولهذا قال الله -تعالى-: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لـَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، وقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة»، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: «هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي» وفي لفظ: (الجماعة) أي: هم من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: «كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر؛ مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كُنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم) قلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم وفيه دخن)، قلت: وما دخنه؟ قال: «قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر» فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: «نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: «نعم، قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا»، قلت: يا رسول الله، فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك». وجوب لزوم جماعة المسلمين قال الإمام النووي - رحمه الله -: «وفي حديث حذيفة هذا: لزوم جماعة المسلمين، وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق، وعمل المعاصي: من أخذ الأموال، وغير ذلك فتجب طاعته في غير معصية، وفيه معجزات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها». ولا شك أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا تزال فيهم طائفة على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى تقوم الساعة؛ لحديث معاوية - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمةً بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله، وهم ظاهرون على الناس». اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |