شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 62 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 855094 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389939 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #611  
قديم 17-06-2022, 12:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أسرف عبد على نفسه حتى حضرته الوفاة قال لأهله: إذا أنا مت فأحرقوني ...)

قوله: [أخبرنا كثير بن عبيد].هو كثير بن عبيد الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن محمد].
هو محمد بن حرب الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[الزبيدي].
هو محمد بن وليد الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري من صغار التابعين، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حميد بن عبد الرحمن].
هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله فلما حضرته الوفاة قال لأهله: إذا أنا مت فأحرقوني ...) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن منصور عن ربعي عن حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله، فلما حضرته الوفاة قال لأهله: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم اذروني في البحر، فإن الله إن يقدر على لم يغفر لي، قال: فأمر الله عز وجل الملائكة فتلقت روحه، قال له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: يا رب، ما فعلت إلا من مخافتك فغفر الله له)].ثم أورد النسائي من حديث حذيفة رضي الله عنه، يعني: في قصة الرجل الذي أسرف على نفسه والذي كان في الأمم السابقة، وحصل منه ما حصل وأوصى بهذه الوصية، وأهله نفذوا هذه الوصية، وفيه، أنه قال: [(فأمر الله الملائكة فتلقت روحه)]، ومن المعلوم أن الملائكة تتلقى الأرواح من الأجساد سواء كانت محسنة، أو مسيئة، وقد جاء ذلك مبيناً في أحاديث إذا كانت طيبة تخرج وتبشر قبل خروجها، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء من سهولة خروجها؛ لأنها تخرج إلى ما بشرت به، وأما إذا كانت بخلاف ذلك -والعياذ بالله- تبشر بالعذاب، فإنها تتفرق في الجسد، ويبين ما أمامها من الوعيد وما أمامها من العذاب، فتستخرج من الجسد كما يستخرج السفود من الصوف المبلول، يعني: الحديدة التي فيها أشواك، ثم تكون في صوف، فإذا جرت فإنه يتمزق من الصوف ما يكون مقابل تلك الأشواك، يعني: معناه شدة الإخراج، فهذا تشبيه لشدة الإخراج، فهي لا تريد الخروج؛ لأنها ستخرج إلى عذاب، فالملائكة تتلقى الأرواح إن كانت طيبة، فتكون في كفن من الجنة وحنوط من الجنة، وإذا كانت سيئة يؤتى بشيء من النار والعياذ بالله فتوضع فيه، كما جاء ذلك مبيناً في حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه في مسند الإمام أحمد وغيره.
فقال هنا: [(تلقت الملائكة روحه)]، وأما الكلام على الحديث فهو مثل الرواية السابقة يعني: من جهة أنه أوصى بأن يحرق، وأن يطحن، وأن يذر في الهواء، وأنه إن قدر الله عز وجل عليه لا يغفر له، فالله عز وجل أمر الذرات بأن تعود كل ذرة إلى مكانها، وقال له: (ما حملك على ذلك، قال: مخافتك فغفر له).

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رجل ممن كان قبلكم يسيء الظن بعمله فلما حضرته الوفاة قال لأهله: إذا أنا مت فأحرقوني ...) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو ممن وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث، فقيه.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو ابن المعتمر الكوفي من أقران الأعمش، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ربعي].
هو ربعي بن حراش الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حذيفة].
هو حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


البعث

شرح حديث: (إنكم ملاقو الله عز وجل حفاة عراة غرلاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [البعث. أخبرنا قتيبة قال: حدثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخطب على المنبر ويقول: إنكم ملاقو الله عز وجل حفاة، عراة، غرلاً)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: البعث، وفي الحقيقة الأحاديث التي مرت هي ألصق بالبعث؛ لأن فيها كيفية البعث، فالأول كون الله عز وجل يعيد الجسد، وأن ابن آدم كذب الله أنه لا يعيده، والله تعالى يعيده، والثاني والثالث في قصة الذي أسرف على نفسه، والله تعالى أعاد تلك الذرات حتى رجعت كل ذرة إلى مكانها، وهذه كيفية البعث، وأن أجسادهم تعود كما كانت، لا أنه يخلق أجساداً جديدة.
وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: [(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر ويقول: إنكم ملاقو الله عز وجل حفاة، عراة، غرلاً)].
سمع ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، على المنبر يقول: [(إنكم ملاقو الله حفاة، عراة، غرلاً)] فهذا فيه: البعث، وأن الناس يلاقون الله عز وجل عندما يبعثون في مكان الفصل بين الناس، ومكان الحشر، حفاة، عراة، غرلاً، حفاة ليس على أرجلهم شيء، وعراة ليس على أبدانهم شيء، وغرلاً غير مختونين، كما خلقوا أولاً يعادون، حتى أنهم لما خلقوا في الأول غير مختونين فإنه يعاد خلقهم غير مختونين على الهيئة التي كانوا عليها؛ لأن الله قال: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )[الأنبياء:104] يعني: نفس الهيئة التي كان عليها عند الإيجاد الأول، يكون عليها عند الإيجاد الثاني من جهة أنه يولد أغرل ويوجد حافياً، ويوجد غير كاس، فكذلك يعاد ويبعث على الهيئة التي كان عليها حافياً، عارياً، أغرل، وهو غير مختون، وليس على رجليه شيء، وليس على جسده شيء، فالناس يبعثون على هذه الهيئة، وعلى هذه الكيفية.

وجاء خلقهم ثانياً غرل؛ لأن الله تعالى وعد بأن يعيد الخلق كما كان أول مرة، ولما كانت العزلة موجودة أول الخلق وجدت عند الخلق الثاني، فيكون الخلق الثاني مطابقاً للخلق الأول حتى في الغرلة التي كان عليها في الخلق الأول: [(إنكم ملاقو الله حفاة عراة غرلاً)].


تراجم رجال إسناد حديث: (إنكم ملاقو الله عز وجل حفاة عراة غرلاً)


قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.


شرح حديث: (يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلاً ...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن سفيان حدثني المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلاً، وأول الخلائق يكسى إبراهيم عليه السلام، ثم قرأ: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )[الأنبياء:104])].أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه [أن الناس يحشرون عراة، غرلاً، وأول من يكسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم قرأ: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )[الأنبياء:104]]، يعني: فيه توضيح لكونهم يخلقون حفاة، عراة، غرلاً، فكذلك يكون بعثهم على هذه الهيئة، وعلى هذه الكيفية.

فهذا الحديث مثل الذي قبله، ولكن فيه زيادة إيضاح أن خلقهم غرلاً، ويعاد خلقهم غير مختونين حتى يكون ذلك مطابقاً لما حصل لخلقهم الأول، والله تعالى قال: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ )[الأنبياء:104] يعني: على الهيئة التي كان عليها تماماً، حتى الغرلة تكون موجودة.

ثم قال: [(أول من يكسى إبراهيم)] أي: بعد ما يخرجون حفاة عراة، فأول من يكسى ويستر جسده هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم يكسى الناس بعده، وقيل في تخصيص إبراهيم بهذه الميزة وتقديمه على غيره أقوال من أحسنها: أنه لما رمي في النار فتجرد لله عز وجل جازاه على صبره، وإيمانه، بأن جعله هو الذي يكسى أولاً، ومثل هذه الفضيلة لإبراهيم لا تعني أن يفضل على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، بل هذا يدل على فضله، ولا يدل على أفضليته على من هو أفضل منه، وهو نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم أن أفضل الأنبياء والمرسلين هو نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ويليه إبراهيم الخليل عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.


تراجم رجال إسناد حديث: (يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلاً ...) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى].هو العنزي البصري الملقب الزمن، والمكنى بـأبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ أصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، ومثله في ذلك شخصان آخران، وهما: محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهؤلاء الثلاثة جميعاً ماتوا في سنة واحدة وهي سنة (252هـ) أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة (256هـ).
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان، وهو ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني المغيرة بن النعمان].
هو المغيرة بن النعمان الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن سعيد بن جبير عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهما.


شرح حديث: (يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً ..) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني عمرو بن عثمان حدثنا بقية أخبرني الزبيدي أخبرني الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال (يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً، فقالت عائشة رضي الله عنها: فكيف بالعورات؟ قال: (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )[عبس:37])].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وأن الناس يبعثون [حفاة عراة غرلاً، فقالت: فكيف بالعورات] أي: كيف يحشرون حفاة، عراة، غرلاً، الرجال ينظرون للنساء والنساء ينظرن إلى الرجال، [فقال عليه الصلاة والسلام: (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )[عبس:37]] يعني: جاءهم ما يشغلهم عن أن يفكروا بالعورات، وأن ينظروا إلى العورات، فالأمر أعظم من ذلك؛ لأن عندهم ما يذهلهم من شدة الخوف، ومن شدة الفزع الذي هم فيه (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ )[عبس:37] يغنيه من أن يفكر بهذه الأمور، وأن ينقدح في ذهنه شيء من هذه الأمور، بل عنده ما يشغله، وعنده ما يغنيه عن أن يفكر في ذلك.


تراجم رجال إسناد حديث: (يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً..) من طريق ثالثة


قوله: [عن عمرو بن عثمان].هو عمرو بن عثمان الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا بقية].
هو بقية بن الوليد الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[أخبرني الزبيدي].
هو محمد بن الوليد الحمصي، أخرج له الجماعة إلا الترمذي.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
أي: خالته عائشة أم المؤمنين، وهي الصديقة بنت الصديق التي حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي أنزل الله تعالى براءتها مما رميت به من الإثم في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، وكان من فضلها ونبلها أنها تحتقر نفسها وترى أنها دون هذا الذي خصت به، وأعطيت إياه، وكانت تقول رضي الله عنها: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله فيّ آيات تتلى) قالت: كنت أتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا، يعني: يحلم في المنام على أنها بريئة، ولكن الله تعالى برأها بقرآن أنزله على رسوله، يتلو الناس فيه على مر العصور والدهور براءتها، وهذا من فضلها، ونبلها، وتواضعها لله عز وجل، تقول: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله فيّ آيات تتلى) يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه: (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام) عندما جاء ذكر الآل، وأن أمهات المؤمنين داخلات فيه، ذكر تراجم مختصرة لهن جميعاً، وذكر شيئاً من مناقب كل واحدة، ولما ذكر عائشة رضي الله عنها، ذكر من مناقبها في هذه الترجمة أنها لتواضعها ونبلها وفضلها كانت تقول هذه المقالة، فقال رحمه الله: (فأين هذا ممن يصوم يوماً، أو يصلي ليلة، ثم يقول: أنا فلان، وأنا فلان). أي: يتبجح بعمله، ويدل بعمله، وهذه الصديقة بنت الصديق يحصل لها ما يحصل من الفضل ثم تقول: (ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله فيّ آيات تتلى)، وهذا شأن أولياء الله عز وجل، أنهم مع كمالهم، ومع شرفهم، ونبلهم يتواضعون لله عز وجل.

شرح حديث: (إنكم تحشرون حفاة عراة ...) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا أبو يونس القشيري حدثني ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنكم تحشرون حفاة عراة، قلت: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: إن الأمر أشد من أن يهمهم ذلك)].ثم أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله إلا أنه قال لما قالت: [(الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض، قال: الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك)]، يعني: عندهم ما يشغلهم، وعندهم من الهول، والفزع، والذعر ما يشغلهم أن يفكر بعضهم في العورات، أو النظر إلى العورات؛ لأن عندهم ما يشغلهم عن ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (إنكم تحشرون حفاة عراة ...) من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى القطان، وهو ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو يونس القشيري].
هو حاتم بن أبي صغيرة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #612  
قديم 17-06-2022, 12:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(361)

- (تابع باب البعث) إلى (باب نوع آخر من التعزية)


ورد في السنة أن الناس يحشرون على ثلاث طرائق راغبين راهبين، وأن أول من يكسى هو إبراهيم عليه السلام. كما ورد فيها استحباب التعزية، والتي فيها دليل على الألفة والتآخي بين المسلمين وقوة الترابط فيما بينهم.
تابع البعث

شرح حديث: (يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب البعث.أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا أبو هشام حدثنا وهيب بن خالد أبو بكر حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين راهبين، اثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسى معهم حيث أمسوا)].
يقول النسائي رحمه الله: باب البعث.
وقد مرت أحاديث في هذه الترجمة تتعلق بقضية البعث، وأن الناس يحشرون حفاة عراة غرلاً، وقد أورد النسائي أيضاً أحاديث في هذه الترجمة منها حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين راهبين، اثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسى معهم حيث أمسوا)]، وهذا الحديث فسر بأن المراد بالحشر فيه: حشر دنيوي، وهو ما يحصل في آخر الزمان، وفي نهاية الدنيا من اجتماع الناس في مكان واحد، وذهابهم إلى جهة واحدة، وأنهم يذهبون إلى أرض الشام، وقد جاء في ذلك أحاديث تدل على هذا، قيل: إن المراد بهذا الحشر الذي في الحديث هو هذا الحشر، حشر يكون في آخر الدنيا، ومما يدل على أنه حشر دنيوي، وليس حشراً أخروياً أن النبي عليه الصلاة والسلام بين في هذا الحديث أنهم يكونون ركباناً وأنهم يركبون اثنين، وثلاثة، وأربعة، وعشرة، وأن بقيتهم تحشرهم النار، تقيل معهم حيث قالوا وتصبح حيث أصبحوا، وتمسي حيث أمسوا، وهذا إنما يكون في الدنيا، وهذه قرائن، وأدلة تدل على أن الحشر إنما هو دنيوي، ومن العلماء من قال: إنه حشر أخروي، وأقرب الأقوال في هذه المسألة: أنه الأول، وأنه حشر دنيوي، وأن ذلك حيث يكون الناس في آخر الزمان يحشرون إلى المحشر، وأن النار تسوقهم حيث يجتمعون في أرض الشام، وفيها يخرج الدجال، وفيها ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء، ويقتل الدجال، وأنه يخرج نار من عدن تحشر الناس إلى المحشر، وتسوقهم، وتقيل معهم حيث قالوا، والأحاديث يفسر بعضها بعضاً ويبين بعضها بعضاً، فأظهر القولين في المسألة أنه حشر دنيوي، وليس حشراً أخروياً.
والثلاثة الطرائق التي جاءت في الحديث جاء في صحيح البخاري أنهم راغبون راهبون، واثنان على بعير، فعلى هذا تكون الأولى من هذه الطرائق الثلاث: راغبين راهبين، والثانية: أنهم يكونون على هذه المركوبات، التي هي: اثنان، وثلاثة، وأربعة، وعشرة، والثالثة: النار التي تحشر بقيتهم، تقيل معهم حيث قالوا، وتصبح حيث أصبحوا، وتمسي حيث أمسوا.

تراجم رجال إسناد حديث: (يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبو هشام].
هو المغيرة بن سلمة وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، أي: ما أخرج له البخاري في الأصول، وإنما خرج له تعليقاً، ولم يخرج له أبو داود.
[حدثنا وهيب].
هو وهيب بن خالد أبو بكر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه على الإطلاق حديثاً رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث: (إن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج ...) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى عن الوليد بن جميع حدثنا أبو الطفيل عن حذيفة بن أسيد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: (إن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حدثني أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج: فوج راكبين، طاعمين، كاسين، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم النار، وفوج يمشون ويسعون يلقي الله الآفة على الظهر فلا يبقى، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة يعطيها بذات القتب لا يقدر عليها)].أورد النسائي حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وفيه: أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج: فوج راكبين، طاعمين، كاسين، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وفوج يمشون، ويسعون يلقي الله الآفة على الظهر أي: على ما يركب، حتى إن الرجل ليعطي الحديقة لذات القتب لا يقدر عليها، يعني: يدفع الحديقة في مقابل ناقة عليها قتب، وهو الرحل الذي يجلس عليه الراكب، والذي يشد فيه المتاع، والحمل الذي يحمل عليها، معناه: أنه تحصل الآفة، ويحصل المرض الذي فيه يقل الظهر، والمراد بالظهر: الدواب التي يركب عليها وهي الإبل، حتى إن الإنسان ليدفع الحديقة في مقابل الناقة ذات القتب الذي هو الرحل الذي يوضع عليها لركوب الراكب، ولشد المتاع عليها، وهذا أيضاً حشر دنيوي، وهذا مثل الحديث الذي قبله هو حشر دنيوي. ومما يوضحه أن قوله فيهم: (فوج راكبين، طاعمين، كاسين)، ومن المعلوم: أن الناس يوم القيامة يحشرون حفاة، عراة، غرلاً؛ يعني: ليس على أجسامهم شيء، وليس على أرجلهم شيء، ويبعثون وهم غرل كما ولدوا غير مختونين، وفي الحديث هنا أنهم راكبون طاعمون كاسون، ثم في آخر الحديث أن الآفة تصيب الظهر، فيقل حتى إن الإنسان يدفع الحديقة، وهذا إنما يكون في الدنيا لذات القتب؛ ليشتري بها ناقة يركب عليها، إنما هذا يناسب الدنيا، ولا يتفق مع الآخرة، فأوله: كونهم طاعمين كاسين، والناس إنما يبعثون يوم القيامة عراة، وفي آخرها أنهم يركبون، وأنهم يقل فيهم الظهر، وأن الواحد يدفع الحديقة التي يملكها في مقابل ناقة عليها قتب يركب عليها، فلا يستطيع أن يحصلها لقلة الظهر، وهذا واضح أنه في الدنيا وليس في الآخرة.


تراجم رجال إسناد حديث: (إن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج ...) من طريق أخرى


قوله: [قال: أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، وهو ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، ناقد، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الوليد بن جميع].
هو الوليد بن عبد الله بن جميع، وهو صدوق يهم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا أبو الطفيل].
هو عامر بن واثلة صحابي من صغار الصحابة، قيل: إنه ولد عام أحد، ورأى النبي عليه الصلاة والسلام، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي سنة مائة وعشر، قيل: إنه آخر من مات من الصحابة رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن حذيفة بن أسيد].
صحابي، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن.
[عن أبي ذر].
هو جندب بن جنادة الغفاري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والإسناد فيه ثلاثة صحابة يروي بعضهم عن بعض: أبو الطفيل عامر بن واثلة، وحذيفة بن أسيد، وأبو ذر الغفاري جندب بن جنادة رضي الله تعالى عنهم، ففيه ثلاثة صحابة يروي بعضهم عن بعض.


ذكر أول ما يكسى

شرح حديث: (أول ما يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن غيلان أخبرنا وكيع، ووهب بن جرير وأبو داود عن شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموعظة فقال: يا أيها الناس! إنكم محشورون إلى الله عز وجل عراة، قال أبو داود: حفاة غرلاً، وقال وكيع، ووهب: عراة غرلاً كما بدأنا أول خلق نعيده، قال: أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام وإنه سيؤتى، قال أبو داود: يجاء، وقال وهب ووكيع: سيؤتى برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: رب! أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي [المائدة:117] إلى قوله: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ [المائدة:118] الآية، فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مدبرين، قال أبو داود: مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)].هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي: أول من يكسى، أي: أن أول من يكسى هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقد مر الحديث من بعض الطرق، وأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو أول من يكسى بعدما يحشر الناس حفاة عراة غرلاً، وسبق أن مر أنه علل بتعليلات، ووجه بتوجيهات، من أقربها أنه لما ألقي في النار جرد وصبر وكان في ذات الله عز وجل، فالله تعالى جازاه على ذلك بأن جعله أول من يكسى بعدما يحشر الناس حفاة، عراة، غرلاً، فهو أول من تحصل له الكسوة وأول من يوارى جسده بالكسوة عليه الصلاة والسلام.
وأورد حديث ابن عباس الذي سبق أن تقدم من بعض الطرق، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قام بموعظة في أصحابه وقال: [أيها الناس! إنكم محشورون إلى الله حفاة، عراة، غرلاً]، وقد ذكر النسائي أن بعض الرواة رواه بلفظ (عراة)، وبعضهم رواه (عراة غرلاً)، وبعضهم (حفاة غرلاً)، وأشار إلى الاختلاف في بعض الروايات في هذا الإسناد، وأن بعضهم رواه على صفة، وبعضهم على صفتين، وبعضهم على صفتين أيضاً فيها التفاوت مع الصفة السابقة، و(أن أول من يكسى إبراهيم)، هذا هو محل الشاهد للترجمة الذي أورد الحديث من أجله، وإلا فإنه قد مر في الحشر وكيفية الحشر، ثم إنه جاء في آخر الحديث: (أنه يؤتى بأناس فيذهب بهم ذات الشمال) يعني: إلى النار، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعرفهم، وهم من أصحابه، فيقول: [أي رب، أصحابي، فيقال: إنهم لم يزالوا مدبرين]، وفي بعض الروايات: [لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم]، والمقصود من هذا بلا شك هم الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وماتوا على الردة، وقاتلهم الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وماتوا قتلى على أيدي الغزاة الفاتحين الذين أرسلهم أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه، هؤلاء هم المعنيون بهذا الحديث، وليس المقصود بهم ما تقوله الرافضة المخذولون من أن المقصود بذلك: الصحابة، وأنهم ارتدوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن هذا لا يقوله من يؤمن بالله واليوم الآخر، وإنما يقوله من خذله الله، وإنما المقصود من ذلك: هم الذين ارتدوا وماتوا على الردة بأيدي الجيوش المظفرة التي بعثها الصديق رضي الله عنه وأرضاه، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرفهم، وفي هذا دليل على أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب ولا يطلع، وأنه ما يجري بعده، وما يحصل بعده لا يعلمه عليه الصلاة والسلام وهو في قبره؛ لأنه قال: [فأقول أصحابي]، وهو لا يعرف الذي حصل لهم، وأنهم ارتدوا وماتوا على الردة، فهو من الأدلة التي يستدل بها على أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يطلع من الغيوب إلا على ما أطلعه الله عليه، وأن هذا من الغيوب التي أخفاها الله عنه، ولم يطلعه عليها صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يعرف أنهم كانوا مسلمين، وأنهم كانوا من أصحابه، ولكنهم غيروا وبدلوا بعده، وارتدوا، وماتوا على الردة، فأخذ بهم إلى النار.

يتبع.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #613  
قديم 17-06-2022, 12:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (أول ما يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام)

قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].هو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[أخبرنا وكيع].
هو وكيع بن الجراح الكوفي الرؤاسي، وهو ثقة، مصنف، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ووهب بن جرير].
هو ابن حازم، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وأبو داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن المغيرة بن النعمان].
هو المغيرة بن النعمان الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن سعيد بن جبير].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.


في التعزية


شرح حديث: (... فلقيه النبي فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التعزية.أخبرنا هارون بن زيد وهو: ابن أبي الزرقاء حدثنا أبي حدثنا خالد بن ميسرة سمعت معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه، فهلك، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه فحزن عليه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي لا أرى فلاناً؟ قالوا: يا رسول الله! بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال: يا فلان! أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك أو لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله! بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي، قال: فذاك لك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: التعزية، والمراد بها: تهوين المصاب بالميت، وذكر الكلام الذي يؤنسه، ويخفف عليه مصابه، هذا هو المراد بالتعزية، وليس لها وقت محدد يعني: بثلاثة أيام، أو أقل، أو أكثر، ولكنها لا تستمر وتكون مع طول الوقت بعد الموت، وفي حال المصيبة، وفي الأيام التي تكون بعد المصيبة، أما إذا مضى زمن طويل، وحصل السلوان، وذهبت الشدة التي حصلت للإنسان والمصيبة التي حلت بالإنسان فإنه لا يعزى في تلك الحال، ولكنه إذا ذكر الميت يدعى له، وأما أن يعزى بعد وقت طويل، وقد حصل السلوان، وذهب ما في النفس من الشدة، وما حصل للإنسان من المصيبة، فإن هذا لا يناسب التعزية، وليس لها تحديد بثلاثة أيام، بل يمكن أن تكون بعد ثلاثة أيام ويمكن أن تكون أقل، لكن بعد دهر طويل ووقت طويل حصل معها السلوان لا يناسب ذلك.
وقد أورد النسائي حديث قرة بن إياس رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام إذا جلس، جلس معه نفر من أصحابه يحدثهم، ويتلقون الحديث منه عليه الصلاة والسلام، وكان فيهم رجل له ولد صغير يأتي من ورائه، ويجلسه في حجره، فهلك ذلك الابن الصغير، فتخلف ذلك الرجل عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يتذكر ابنه، وما يحصل له، فلم يأت، ففقده النبي عليه الصلاة والسلام فسأل عنه فقال: بني، الذي كان يأتي معه، ويجلس في حجره هلك، فالنبي عليه الصلاة والسلام لقيه وعزاه بكلام حسن لطيف أدخل السرور عليه، وقال له: أيما أحب إليك أن تمتع به عمرك؟ يعني: يكون معك في الحياة، ويخدمك، وتستفيد منه، أو يكون أمامك، فلا تأتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وتجده أمامك يريد أن يفتح لك الباب، قال: بل أريد أن يفتح لي باب الجنة، فالرسول عليه الصلاة والسلام هون مصيبته وبين أن فقده إياه سيعود عليه بالخير، وأنه يكون فرطاً له، ويكون شفيعاً له، ويفتح له باب الجنة، فعند ذلك سر ذلك الرجل من كونه يحصل نفعه أمامه، فإن كان فاته النفع الدنيوي الذي يكون معه في حياته فإن ذلك النفع الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو النفع الأتم، وهو النفع الأعظم حيث يجده أمامه، ويفتح له باب الجنة، فهذا كلام فيه تعزية، وفيه تسلية، وفيه جبر للمصيبة، وأن الإنسان على خير، بل هذا الرجل فضل هذه الحالة التي حصلت، وهي: أن يكون أمامه يفتح له باب الجنة على أن يمتع به عمره في هذه الحياة الدنيا بأن يخدمه، ويستفيد منه، وتقر عينه به في هذه الحياة، ففضل تلك الحالة على هذه الحالة.
ومن خير ما يعزى به ذكر الموت، وأن الموت لا بد منه، وأنه مهما طال الأمد لا بد أن يموت الإنسان، وأن هذا الطريق طريق مسلوك، لا مفر منه، إن عاجلاً أو آجلاً، وكذلك أن يقال في التعزية: (لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى)، وكذلك التذكير بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو خير البشر، وخير الناس، وأنفع الناس إلى الناس، ولو كان البقاء لأحد لكان أحق الناس به رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فالحاصل: أن التعزية تكون بالكلام الذي يلقي السرور على المصاب الذي أصيب بذلك الميت يؤتى بالكلام اللطيف الذي يهون مصابه، ويخفف عليه ما حصل له من المصيبة.
ثم في الحديث ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام من اللطف بأصحابه، ومن تفقدهم، وسؤاله عن حال من يتخلف منهم حيث يحصل منه شيء على خلاف ما اعتاده؛ والنبي عليه الصلاة والسلام قد ألف واعتاد أن هذا الرجل يأتي، ففقده، ويشبه هذا ما حصل لـثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، كما في صحيح مسلم، (أنه لما نزل قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ )[الحجرات:2]، وكان جهوري الصوت، خلقة وجبلة -يعني: يتكلم كلامه المعتاد، فيرتفع صوته- فلما نزلت هذه الآية خشي أن يكون ممن عنته الآية، وأن يكون حبط عمله، فجلس في بيته يبكي، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم، فسأل سعد بن معاذ سيد الأوس، وقال: يا أبا عمرو، ما حال ثابت بن قيس؟ قال: أنا آتيك بخبره يا رسول الله، فذهب يبحث عنه، ووجده في منزله يبكي، فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وأخبره بالذي جعله يتخلف فقال له: إنه من أهل الجنة، إنه ليس من هؤلاء إنه من أهل الجنة). يعني: ليس ممن تعنيهم الآية، وإنما هو من أهل الجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فشهد له النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة.
فالحاصل: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتفقد أصحابه، وإذا تغيب أحد منهم أو تخلف سأل عنه، كما حصل في قصة والد هذا الابن الصغير الذي هلك وتخلف ابنه؛ لأنه يجد في نفسه عندما يذكره في تلك الحلقة، وذلك المجلس، وقد ألف أنه يأتي، ويجلسه في حجره فكان يتذكر ابنه فيتأثر فلم يأتِ إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم وسأل عنه حتى علم خبره، ثم عزاه بهذه الكلمات اللطيفة التي أختار فيها ما هو أمامه على ما هو في هذه الحياة الدنيا.


تراجم رجال إسناد حديث: (... فلقيه النبي فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ...)


قوله: [أخبرنا هارون بن زيد وهو: ابن أبي الزرقاء].هو ابن أبي الزرقاء وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وكلمة: (هو: ابن أبي الزرقاء) هذه الذي قالها من دون النسائي؛ لأن النسائي ما يقول (هو: ابن أبي الزرقاء)، بل يقول ابن أبي الزرقاء رأساً دون (هو)؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول (هو)، وإنما الذي يحتاج إلى أن يقول هو من دون التلميذ، وهذا دليل واضح على أن من دون النسائي قد يزيد، يعني: في الإسناد شيء على ما عند النسائي؛ لأن النسائي ما قال: (هو ابن أبي الزرقاء) ولا قال: ابن أبي الزرقاء وإنما هارون بن زيد فقط، فأتى من دون النسائي بكلمة ابن أبي الزرقاء وكلمه (هو) قبلها حتى يبين من هو هارون بن زيد هذا، فهو من شيوخ النسائي، ولا يحتاج النسائي إلى أن يقول (هو فلان)، الذي احتاج إليه من دون النسائي، وهذا مثال من الأمثلة التي يستدل بها على أن من دون النسائي يمكن أن يزيد في الإسناد شيئاً يوضح به رجلاً في الإسناد؛ وذلك بأن يأتي بما فيه الإيضاح والبيان مسبوقاً بـ(هو) أو بكلمة (يعني).
[حدثنا أبي].
أبوه هو زيد بن أبي الزرقاء، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا خالد بن ميسرة].
قال عنه في التقريب: صالح الحديث، وقد أخرج حديثه أبو داود، والنسائي أيضاً.
[سمعت معاوية بن قرة].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو قرة بن إياس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.


نوع آخر


شرح حديث: (أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [نوع آخر.أخبرنا محمد بن رافع عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فرد الله عز وجل إليه عينه وقال: ارجع إليه فقل له: يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت يده بكل شعرة سنة، قال: أي رب، ثم مه؟ قال: الموت، قال: فالآن، فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر)].
ثم أورد النسائي نوع آخر أي: من التعزية تحت هذه الترجمة، وأورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في قصة مجيء ملك الموت في صورة آدمي إلى موسى عليه الصلاة والسلام، وأنه صكه، أو دفعه ففقع عينه، فرجع إلى ربه وقال: إنك أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت، قال: فأعاد إليه عينه، وقال: اذهب إليه، وقل له: يضع يده على متن ثور، يعني: على ظهر ثور، ثم إن له بكل شعرة مما غطت يده سنة، قال: ثم مه؟ قال: الموت، قال: فالآن، وسأل الله عز وجل أن يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية حجر، قال عليه الصلاة والسلام: [(لو كنت، ثم لأريتكم قبره عند الطريق تحت الكثيب الأحمر)].
والمقصود من إيراد الحديث في التعزية من جهة أنه قال في الحديث لما قال: إذا وضع يده على متن ثور، وأن له في كل شعرة سنة قال له: ثم مه؟ قال: الموت، يعني: أنه مهما يكن من شيء فإن الموت لا بد منه، طال الأمد أو قصر، فالموت هو النهاية التي لا بد منها، وما دام أن الموت آتٍ، وأنه هو النهاية، وأنه لا بد من وجوده، فإذاً: إذا جاء الموت في أي وقت فقد جاء الأجل، وفي ذلك تعزية وسلوى.
فالموت لا بد من حصوله، وفي ذلك تعزية لأي إنسان تصيبه مصيبة الموت يصاب بموت قريبه، أو من يعز عليه، فإن الكل سيسلك هذا الطريق، والكل سيصل إلى هذه النهاية، إذاً هذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت هذه الترجمة؛ يعني: من العزاء الذي يعزى به الإنسان: أن الموت لا بد منه طال الأمد أو قصر، وليس البقاء لأحد، بل البقاء لله سبحانه وتعالى.
وفي الحديث: أن الملائكة تتشكل وتأتي على صور مختلفة؛ فتأتي الملائكة على صور الآدميين، كما جاء في هذا الحديث، وأنه جاء على صورة بشر، وكذلك في قصة إبراهيم ولوط جاءتهم الملائكة على صورة بشر حسان الوجوه، وكذلك جبريل كان يأتي إلى النبي عليه الصلاة والسلام على صورة دحية بن خليفة الكلبي، وأحياناً يأتي على صورة رجل غير معروف، كما في حديث جبريل المشهور، (أنهم كانوا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إليهم رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبته إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه، وقال: أخبرني على الإسلام وسأله الأسئلة، وفي آخرها قال النبي عليه الصلاة والسلام: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)، فالله تعالى جعل الملائكة ذوي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، وجبريل له ستمائة جناح، وقد رآه النبي عليه الصلاة والسلام على هيئته التي خلقه الله عليها مرتين؛ مرة في السماء عندما عرج به إلى السماء فوق السماوات رآه على هيئته التي خلقه الله عليها، ومرة وهو في الأرض قد سد الأفق لكبر خلقه.
وهذه الهيئة الكبيرة من الملائكة يتحول فيها إلى صورة رجل، وإلى صورة بشر، فموسى عليه الصلاة والسلام جاءه بصورة بشر، وفاجأه بالموت فدفعه وفقع عينه، وذهب ملك الموت إلى الله عز وجل وقال: إنك أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت، فقال: اذهب إليه، وأخبره بكذا وكذا، فذهب إليه وقال: ثم مه؟ يعني: بعد هذه السنين، قال: الموت، قال: فالآن، أي: ما دام أن الموت لا بد منه، وأنه آت فالآن، ثم سأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة فمات هنالك، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: [لو كنت ثمّ]، يعني: لو كنت هناك [لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر]، الكثيب الذي هو: الرمل الأحمر.
والحديث رواه البخاري وغيره، ووجه إيراده هنا كما ذكرت فيما يتعلق بالتعزية من جهة أن الموت لا بد منه، وأن هذا فيه عزاه.

تراجم رجال إسناد حديث: (أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].هو محمد بن رافع القشيري النيسابوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو مثل الإمام مسلم وطناً ونسباً، الإمام مسلم قشيري من بني قشير ونيسابوري من نيسابور، وشيخه محمد بن رافع من بلده وقبيلته، فهو من نيسابور وهو من بني قشير الذين منهم الإمام مسلم، ولهذا بعض العلماء عندما يذكر البخاري، ومسلم ويذكر نسبته، نسبة هذا وهذا، فيقول: البخاري الجعفي مولاهم، يعني: ينسب إلى الجعفيين ولاءً، ومسلم القشيري من أنفسهم يعني: منهم أصلاً ونسباً، وكلمة من أنفسهم ليست ولاءً وإنما هو منهم ومن هذه القبيلة، وقد أكثر عنه الإمام مسلم في صحيحه.
[أخبرنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، مصنف، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
هو ابن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو شيخ عبد الرزاق، وقد أكثر عبد الرزاق من الرواية عنه بل هو شيخه في صحيفة همام بن منبه الطويلة التي تبلغ مائة وأربعين حديثاً، فالبخاري أورد بعضها، ومسلم أورد بعضها واتفق البخاري، ومسلم على إخراج بعضها وترك أشياء منها، فمعمر هو شيخ عبد الرزاق فيها، ومسلم يروي تلك الصحيفة عن طريق شيخه محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة.
[عن ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس وقد مر ذكره.
[عن أبيه].
قد مر ذكره.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #614  
قديم 17-06-2022, 12:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(362)

- باب وجوب الصيام

تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة التي بينت أركان الإسلام الخمسة، والتي منها: صوم رمضان الذي يجب على كل مسلم ومسلمة بلغ حد التكليف.
وجوب الصيام

شرح حديث: (... أخبرني بما افترض الله علي من الصيام، قال: صيام شهر رمضان...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الصيام، باب وجوب الصيام.حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل وهو: ابن جعفر حدثنا أبو سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه: ( أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال: يا رسول الله! أخبرني بما افترض الله عليّ من الصلاة، قال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً، قال: أخبرني بما افترض الله عليّ من الصيام، قال: صيام شهر رمضان إلا أن تطوع شيئاً، قال: أخبرني بما افترض الله عليّ من الزكاة، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق أو: دخل الجنة إن صدق ) ].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب الصيام، باب وجوب الصوم.
أولاً: المعروف والمشهور عند العلماء من محدثين وفقهاء، أنهم عندما يذكرون أركان الإسلام، يأتون إلى العبادات فيذكرون الصلاة، ويأتون قبلها بالطهارة؛ لأنها شرط لها، ثم يأتون بعد الصلاة بالزكاة، ثم بعد الزكاة الصوم، ثم بعد الصوم الحج، هذا هو الغالب على صنيع العلماء من محدثين وفقهاء، ويأتي أحياناً تقديم شيء على شيء، وجاء على خلاف هذا الأصل المعتاد النسائي رحمه الله في هذا الكتاب، فقدم الصوم على الزكاة، وقيل في تعليل صنيع النسائي وهو تقديم الصوم على الزكاة من جهتين: التعليق الأول: أن الحديث الأول من هذا الباب قدم السؤال عن الصوم على السؤال عن الزكاة.
التعليل الثاني: من حيث المعنى فهو أن الصوم جاء بعد الصلاة؛ لأن كل منهما عبادة بدنية، فالصلاة عبادة بدنية، والصوم عبادة بدنية وأما الزكاة فهي عبادة مالية تؤخذ من الأغنياء وتعطى للفقراء، والأصل المعروف أو الغالب في الاستعمال هو تقديم الزكاة على الصوم، وأنها تلي الصلاة وقد جاء في كثير من الأحاديث تقديم الزكاة على الصوم، بل قد جاء في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة الجمع بين الصلاة والزكاة، وأنها عندما تذكر الصلاة تقرن بها الزكاة، يقول الله عز وجل: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ )[البينة:5] ويقول: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ )[الحج:41] وغير ذلك من الآيات التي فيها الجمع بين الصلاة والزكاة، وقرن الصلاة بالزكاة.
ثم أيضاً ما جاء في كثير من الأحاديث، ومنها حديث ابن عباس في قصة بعث معاذ بن جبل إلى اليمن، وفيه قوله: ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)، فإن هم أجابوا بكذا، ويذكر له الذي يليه، وهذا هو المشهور كما أسلفت، هذا من حيث الترتيب أو كون الزكاة تقدم على الصيام، أو الصيام يقدم على الزكاة.
أما الصيام من حيث اللغة هو: مطلق الإمساك، فالإمساك يقال له صيام، يقول الشاعر:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وخيل تهلك اللجما
يعني: خيل صيام أي: ممسكة عن الأكل، وخيل غير صائمة أي: غير ممسكة، فأطلق على الإمساك عن الأكل صيام، وخيل غير صائمة تحت العجاج وخيل تعلك اللجما.
أما من حيث الشرع فإنه صيام مخصوص ليس مطلقاً، الإمساك عن الأكل، والإمساك عن الكلام كل ذلك يقال له: صيام، لكن في الشرع يطلق الصوم على إمساك مخصوص، وهو الإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، هذا هو الصيام الشرعي.
إذاً: المعنى اللغوي عام، والمعنى الشرعي خاص، وهو جزء من جزئيات المعنى اللغوي؛ لأن المعنى اللغوي للصيام مطلق وواسع، وأما في الشرع فهو إمساك مخصوص محدد وكثيراً ما تأتي المعاني الشرعية جزئيات من جزئيات المعاني اللغوية، بمعنى أن المعنى اللغوي يكون واسعاً، والمعنى الشرعي يكون خاصاً، ويعتبر داخلاً في بعض أجزائه، ومثل هذا الحج والعمرة، فإن الحج في اللغة القصد مطلقاً، وفي الشرع قصد مكة والمشاعر لأداء مناسك معينة، فهو قصد مخصوص، والمعنى اللغوي القصد مطلقاً يقال له: حج، كذلك العمرة يقال لغة: الزيارة مطلقاً، وأما في الشرع، فهي: زيارة أو زيارة البيت العتيق، والطواف فيه، والسعي بين الصفا والمروة، أو زيارة البيت العتيق لأداء نسك مخصوص.
إذاً: هو جزء من جزئيات المعنى اللغوي، فالمعاني الشرعية تأتي خاصة، والمعاني اللغوية تأتي عامة، وهذا في الغالب، وهذا فيما يتعلق بتعريف الصيام لغة وشرعاً.
أما من حيث حكم الصيام فهو فرض فرضه الله عز وجل على عباده وهو شهر واحد في السنة، وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فإن الله تعالى افترض صيامه، وسن النبي صلى الله عليه وسلم قيامه، فهو أحد أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها الدين الحنيف، وقد جاء ذلك مبيناً في أحاديث كثيرة منها حديث جبريل المشهور لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل وقال: (يا محمد! أخبرني عن الإسلام، فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ) وكذلك في حديث عمر: ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) فصيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة التي بني عليها هذا الدين الحنيف.
وقد فرض الصيام في السنة الثانية من الهجرة، وصام النبي صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات؛ لأنه فرض في السنة الثانية، وتوفي عليه الصلاة والسلام في أوائل السنة الحادية عشرة، فكانت السنوات التي صام فيها تسع سنوات.
النسائي رحمه الله أورد هذه الترجمة وهي وجوب الصيام، ثم أورد عدة أحاديث تتعلق بهذا، وهي مشتملة على أنه فرض واجب، وأورد في ذلك حديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه، أن رجلاً ثائر الرأس من أهل البادية جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وسأله أن يخبره عن ما فرض الله عليه من الصلوات، فقال: خمس صلوات في اليوم والليلة إلا أن يتطوع شيئاً، يعني: ليس هناك شيء وراء هذه الخمس مفروض إلا التطوع، وسأله عن الصيام فأخبره بأنه شهر واحد في السنة وهو رمضان، وأنه ليس عليه شيء إلا أن يتطوع بعد ذلك، وسأله عن الزكاة فأخبره بشرائع الإسلام وقال: لا يزيد على ذلك ولا ينقص، فلما أدبر قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق ) لأنه أدى ما عليه، أو قام بما فرضه الله عليه، وأوجب عليه من الصلاة والزكاة والصيام.
فالحديث واضح الدلالة على الترجمة من حيث الوجوب؛ لأنه سأله عما افترض الله عليه وعن ما أوجب عليه من صيام فأخبره بذلك، وهذا معلوم في الدين الإسلامي بالضرورة.

تراجم رجال إسناد حديث: (... أخبرني بما افترض الله علي من الصيام قال: صيام شهر رمضان...)


قوله: [ حدثنا علي بن حجر ].هو ابن إياس السعدي المروزي ، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[ أخبرنا إسماعيل وهو ابن جعفر].
هو إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة: هو ابن جعفر هذه زادها من دون علي بن حجر إما النسائي أو من دون النسائي ، وهذا لأن علي بن حجر لما روى عن إسماعيل بن جعفر لم ينسبه، وإنما قال عن إسماعيل: أو أخبرني؟
[ حدثنا إسماعيل ].
فـعلي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل فقط، ولم يزد عليها شيئاً، وإنما أرادوا أن يوضحوا من هو إسماعيل فقال: هو: ابن جعفر فكلمة (هو ابن جعفر) القائل لها النسائي أو من دون النسائي وليس القائل لها علي بن حجر السعدي المروزي لأنه تلميذه، والتلميذ يذكر شيخه كما يريد، إن أراد أن يختصر اسمه اختصر، وإن أراد أن يطول في نسبه وصفاته وما إلى ذلك فإنه يفعل ذلك، أما غيره فهو الذي يحتاج إلى البيان، ويحتاج إلى مثل هذه العبارة وهي كلمة (هو) من أجل أن يعلم أنها زيادة ليست من التلميذ وإنما هي ممن دون التلميذ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو سهيل ].
هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه].
هو مالك بن أبي عامر المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن طلحة ].
هو طلحة بن عبيد الله التيمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم النبي عليه الصلاة والسلام في حديث واحد سردهم واحداً واحداً، وكل واحد أخبر أنه من أهل الجنة، وقال عليه الصلاة والسلام: ( أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة) ولهذا قيل لهم العشرة، ولم تكن الشهادة بالجنة مقصورة عليهم بل جاء أحاديث فيها الشهادة لأفراد آخرين سواهم كما جاء ذلك في عكاشة بن محصن، وثابت بن قيس بن شماس، والحسن، والحسين، وبلال وأشخاص كثيرين جاء فيهم أحاديث تدل على الشهادة لهم بالجنة، ولكن اشتهر لقب العشرة لهؤلاء العشرة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سردهم في حديث واحد وأخبر عن كل واحد، منهم أنه من أهل الجنة، ما قال: فلان وفلان وفلان في الجنة، بل كل واحد يقول هو في الجنة، فلهذا يقال لهم: العشرة ويطلق عليهم لقب العشرة لهذا السبب.
وحديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه عند أصحاب الكتب الستة.


شرح حديث: (... وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في كل سنة قال: صدق...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن معمر حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (نهينا في القرآن أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية فيسأله، فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد! أتانا رسولك فأخبرنا أنك تزعم أن الله عز وجل أرسلك، قال: صدق، قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله، قال: فمن نصب فيها الجبال؟ قال: الله، قال: فمن جعل فيها المنافع؟ قال: الله، قال: فبالذي خلق السماء والأرض ونصب فيها الجبال، وجعل فيها المنافع، آلله أرسلك؟ قال: نعم قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في كل يوم وليلة قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة أموالنا، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في كل سنة قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا، قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا الحج من استطاع إليه سبيلاً، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فوالذي بعثك بالحق لا أزيدن عليهن شيئاً ولا أنقص، فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: لئن صدق ليدخلن الجنة)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبرهم بشرائع الإسلام بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام يريد أن يأخذ منه، وأن يتعلم منه، وأن يتحقق وأن يتأكد من هذه الفرائض التي فرضها الله عليه، والمقصود من ذلك زيادة التثبت والتحقق، وذكر الزعم في قوله: (زعم رسولك) يراد بالزعم الخبر المحقق، يعني: أخبرنا خبراً محققاً، فإنه يأتي لهذا المعنى، وهذا هو المراد في هذا الحديث وما يشبهه من الأحاديث التي فيها ذكر التعبير بالزعم في مثل هذه الحالات التي ليس فيها تكذيب أو شك أو تردد، وإنما المقصود من ذلك هو الخبر المحقق، وهو يريد أن يتحقق زيادة، وأن يأخذ من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة وبدون واسطة، وأن يطمئن على تلك الأشياء التي بلغ إليها بواسطة رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعوهم إلى الإسلام، فذكر الصلاة، ثم ذكر الزكاة، ثم ذكر الصيام، ثم ذكر الحج وفي كل واحدة منها يقول: (آلله أمرك بهذا؟) يعني: استفهام، وسأله في الأول وقال: (من خلق السماء والأرض، وجعل فيها المنافع) وكان مقصوده من ذلك أن يحلف بالذي خلقها، وجعلها كذلك وهذا توطئة وتمهيد لحلفه بربها الذي خلق السماوات، وخلق الأرض، وجعل فيها المنافع، يسأله عن هذه الأسئلة فيحلف بالله، ويتحقق أن الله تعالى أمره بهذه الأشياء، ثم إن في الحديث نفسه دلالة على قبول خبر الواحد، وعلى العمل به في العبادات والعقائد مطلقاً، وهنا جاء في العبادات في أصول الإسلام الأربعة التي هي الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وقد بلغهم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأمور بل جاء في بعض الأحاديث أن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغون التوحيد، ويبلغون الإيمان، ويبلغون الشهادتين كما جاء ذلك في حديث معاذ بن جبل : ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك بذلك فأعلمهم أنه افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أنه افترض عليهم صدقة في أموالهم تخرج من أغنيائهم وترد على فقرائهم ) ففيه: الدلالة على قبول خبر الواحد والعمل به، وأنه يتعين العمل به إذا بلغت السنة الإنسان عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولو من طريق شخص واحد، فإن عليه أن يعمل بها، وهذا هو الذي جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: ( نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) فإنه يدخل فيه الشخص الواحد الذي يسمع حديثاً ثم يبلغه.
فالحاصل أن خبر الواحد تقوم به الحجة، ويجب العمل بمقتضاه في العقائد، والعبادات، والمعاملات، وفي سائر أمور الدين، هذا هو الذي دلت عليه الأحاديث الكثيرة الثابتة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
[عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (نهينا في القرآن أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء)].
يقصد بذلك قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا )[المائدة:101] المقصود في القرآن هذه الآية.
قوله: [(فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية فيسأله)].
أي: كان يعجبهم, ويتمنون أن يأتي الرجل العاقل من أهل البادية ليسأله، ووصف بالعقل؛ لأنه يسأل الأسئلة ذات الأهمية التي يستفيدون من إجابة النبي عليه الصلاة والسلام عليها.
قوله: [(فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد! أتانا رسولك فأخبرنا أنك تزعم أن الله عز وجل أرسلك، قال: صدق، قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله، قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله، قال: فمن نصب فيها الجبال؟ قال: الله، قال: فمن جعل فيها المنافع؟ قال: الله، قال: فبالذي خلق السماء والأرض، ونصب فيها الجبال، وجعل فيها المنافع، آلله أرسلك؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في كل يوم وليلة قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة أموالنا قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في كل سنة، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا الحج من استطاع إليه سبيلاً قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فوالذي بعثك بالحق لا أزيدن عليهن شيئاً ولا أنقص، فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: لئن صدق ليدخلن الجنة)].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #615  
قديم 17-06-2022, 12:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله



تراجم رجال إسناد حديث: (... وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في كل سنة، قال: صدق...)


قوله: [ أخبرنا محمد بن معمر ].هو محمد بن معمر القيسي البصري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عامر العقدي ].
هو عبد الملك بن عمرو البصري أبو عامر العقدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سليمان بن المغيرة ].
هو البصري أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس ].
هو أنس بن مالك صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.


شرح حديث: (... آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر في السنة؟ قال رسول الله: اللهم نعم...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عيسى بن حماد عن الليث عن سعيد عن شريك بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه يقول: (بينا نحن جلوس في المسجد جاء رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، فقال لهم: أيكم محمد؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم، قلنا له: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك، فقال الرجل: إني سائلك يا محمد فمشدد عليك في المسألة فلا تجدن في نفسك، قال: سل ما بدا لك، فقال الرجل: نشدتك بربك ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، قال: فأنشدك الله! آلله أمرك أن تصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، قال: فأنشدك الله! آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، قال: فأنشدك الله! آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، فقال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر) خالفه يعقوب بن إبراهيم].أورد النسائي هذا الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، في قصة ضمام بن ثعلبة الذي جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وأناخ بعيره وعقله، وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وسأله هذه الأسئلة، وأجابه النبي عليه الصلاة والسلام عليها، وأن الله تعالى أمره بهذه الشرائع التي هي الصلاة والزكاة والصيام، وعند ذلك أخبر هذا الصحابي الذي هو ضمام بن ثعلبة بأنه آمن به، وبما جاء به، ويمكن أن يكون هذا إخبار عن إيمانه، وأنه مؤمن من قبل ذلك، ويحتمل أن يكون إنشاءً، والذي يظهر أنه إخبار، وأنه قال ذلك تأكيداً، وليس أنه دخل في الإسلام يعني: من الآن، وأنه ما حصل منه الإيمان إلا في هذه اللحظة وإن كان ذلك محتملاً إلا أن الأقرب أنه كان مؤمناً من قبل، ولكنه سأل هذه الأسئلة من أجل التحقق، ومن أجل التلقي من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ومن دون واسطة، ثم جاء في آخر الحديث أنه قال: [ أنا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر ].
يعني: أنه جاء منهم، وأنه سيرجع إليهم ويخبرهم بما تلقاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمى نفسه وقال: أنا ضمام بن ثعلبة ، فالحديث دال على ما دلت عليه الأحاديث السابقة من جهة اشتماله على فرض الصيام، وأنه مما افترضه الله سبحانه وتعالى.


تراجم رجال إسناد حديث: (... آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر في السنة؟ قال رسول الله: اللهم نعم...)

قوله: [ أخبرنا عيسى بن حماد ].هو التجيبي المصري الملقب زغبة، وحديثه أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد ].
هو ابن أبي سعيد المقبري ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن شريك بن أبي نمر ].
هو شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، وهو صدوق يخطئ، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أنس ].
أنس وقد مر ذكره.
[ أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ].
خالفه يعقوب بن إبراهيم فبعد أن فرغ من الحديث وذكر إسناده ومتنه قال: خالفه يعقوب بن إبراهيم، ثم ذكر الطريق التي فيها رواية يعقوب بن إبراهيم، ثم ذكر الحديث الذي يليه الطريق التي فيها رواية يعقوب بن إبراهيم.


شرح حديث: (... آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال رسول الله: اللهم نعم...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم من كتابه حدثنا عمي حدثنا الليث حدثنا ابن عجلان وغيره من إخواننا عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد وهو متكئ بين ظهرانيهم؟ فقلنا له: هذا الرجل الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: يا ابن عبد المطلب! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك، قال الرجل: يا محمد إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، قال: سل عما بدا لك، قال: أنشدك بربك ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، قال: فأنشدك الله! آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، قال فأنشدك الله! آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم نعم، فقال الرجل: إني آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر ) خالفه عبيد الله بن عمر ].أورد النسائي حديث أنس بن مالك من طريق أخرى من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف يروي عن الليث والطريق السابقة فيها الرواية عن الليث وهذه طريق أخرى من طريق يعقوب بن إبراهيم، والمتن هو مثل الذي قبله تقريباً يعني: الأسئلة التي وجهها إليه، وأجابه النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره في آخر الأمر بأنه ضمام بن ثعلبة ، وأنه رسول من وراءه من قومه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مثل الذي قبله، وفيه وفي الذي قبله ذكر إدخال البعير إلى المسجد وعقله، وهذا فيه: دليل على طهارة أبوال ما يؤكل لحمه وروثه؛ لأن إدخالها المسجد لا يؤمن أن تبول، وأن يحصل منها الروث، وهو طاهر إذا حصل منها ووقع، فإنه ليس بنجس؛ لأن بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر وليس بنجس، والنبي صلى الله عليه وسلم أدخل البعير في المسجد الحرام وطاف على بعير عليه الصلاة والسلام، وذلك دال على طهارة أبوالها وأرواثها.
وكذلك أرشد العرنيين الذين جاءوا واستوبئوا المدينة فأمرهم أن يذهبوا إلى الصدقة، ويشربوا من أبوالها وألبانها حتى صحوا، ثم حصل منهم ما حصل من قتل الراعي، وأخذ الإبل، فالحاصل أن النبي أرشدهم بأن يشربوا من أبوالها، وهذا يدل على طهارتها، وأنها ليست نجسة، وأنها إذا وقعت على الثياب، أو وقعت في المسجد، أو وقعت في بقعة أنها لا تنجس ذلك لأنها طاهرة، فإدخال البعير في المسجد، وكذلك إدخال النبي صلى الله عليه وسلم البعير في المسجد الحرام وطوافه عليه يدل على هذا، وكونه عقله يعني: حتى لا يحصل منه تشويش واضطراب، حيث لا يكون معقولاً، فإنه قد يحصل ما لا ينبغي مما فيه التشويش على الناس.

تراجم رجال إسناد حديث: (... آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال رسول الله: اللهم نعم...) من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم ].هو عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي .
[ حدثنا عمي ].
هو يعقوب بن إبراهيم الذي جاء ذكره في آخر الحديث الذي قبل هذا، خالفه يعقوب بن إبراهيم هو عمه حيث قال عبيد الله بن سعد بن إبراهيم يحدث عن عمه يعقوب بن إبراهيم أخو سعد ؛ لأن ذاك عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، وهذا يعقوب بن إبراهيم الذي هو عم عبيد الله، ولهذا قال عمي، أي: يعقوب بن إبراهيم، وهو الذي جاء في آخر الحديث الذي قبل هذا، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد وقد مر ذكره.
[ حدثنا ابن عجلان وغيره ].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم ، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس].
وقد مر ذكرهم.


شرح حديث: (... آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثني عشر شهراً؟ قال: اللهم نعم...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا إسحاق حدثنا أبو عمارة حمزة بن الحارث بن عمير سمعت أبي يذكر عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (بينما النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه جاء رجل من أهل البادية قال: أيكم ابن عبد المطلب؟ قالوا: هذا الأمغر المرتفق، -قال حمزة : الأمغر: الأبيض مشرب حمرة- فقال: إني سائلك فمشتد عليك في المسألة، قال: سل عما بدا لك، قال: أسألك بربك، ورب من قبلك، ورب من بعدك آلله أرسلك؟ قال: اللهم نعم، قال: فأنشدك به! آلله أمرك أن تصلي خمس صلوات في كل يوم وليلة؟ قال: اللهم نعم، قال: فأنشدك به! آلله أمرك أن تأخذ من أموال أغنيائنا فترده على فقرائنا؟ قال: اللهم نعم، قال: فأنشدك به! آلله أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثني عشر شهراً، قال: اللهم نعم، قال: فأنشدك به! آلله أمرك أن يحج هذا البيت من استطاع إليه سبيلاً؟ قال: اللهم نعم، قال: فإني آمنت وصدقت، وأنا ضمام بن ثعلبة)].أورد النسائي هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، في قصة قدوم ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مثل الذي قبله عن أنس رضي الله عنه، وهنا المخالفة حتى في الصحابي؛ لأن الصحابي في الطريقين السابقين أنس بن مالك وفي هذا الطريق أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، فهو مثل الذي قبله، يعني: فيما يتعلق بقصة ضمام بن ثعلبة ، وقدومه إلى رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وفي قوله: [(الأمغر المرتفق)] هو من جنس كلمة الأبيض المتكئ في الروايات السابقة؛ لأن الأمغر هو: الأبيض المشرب بحمرة، والمرتفق هي تعادل المتكئ؛ لأنها معناها: متكئ بمرفقه، ولهذا مرتفق على كذا، يعني: معتمد بمرفقه على شيء.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #616  
قديم 17-06-2022, 12:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(363)


- (باب الفضل والجود في شهر رمضان) إلى (باب ذكر الاختلاف على الزهري في خبر فضل شهر رمضان)


أبانت السنة المطهرة فضل رمضان وأنه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار؛ ولذلك كان رسول الله أجود ما يكون في رمضان، وكان جبريل يدارسه القرآن كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبل موته صلى الله عليه وسلم دارسه جبريل القرآن مرتين.
الفضل والجود في شهر رمضان

شرح حديث: (كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الفضل والجود في شهر رمضان.أخبرنا سليمان بن داود عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما كان يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من شهر رمضان فيدارسه القرآن، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل عليه السلام أجود بالخير من الريح المرسلة)].
يقول النسائي رحمه الله: باب الفضل والجود في رمضان، أي: استحباب ذلك في شهر رمضان؛ وذلك لأن شهر رمضان زمن فاضل، فالأعمال الصالحة تكون فيه فاضلة، وقد جاء فيما يتعلق بالجود والكرم في رمضان حديث ابن عباس الذي أورده النسائي، وهو في الصحيحين وفي غيرهما: أن ابن عباس رضي الله عنه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس)، فهو صلى الله عليه وسلم متصف بهذه الصفة، وهي الجود والكرم، فهو أجود الناس على الإطلاق عليه الصلاة والسلام، لا يماثله أحد، ولا يدانيه أحد، وأعماله صلى الله عليه وسلم وسخاؤه وكرمه، والأحاديث الكثيرة التي جاءت دالة على ذلك تبين هذا المعنى، فإنه كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، ومن ذلك قصة الرجل الذي أعطاه غنماً بين جبلين لكثرتها، وذهب إلى قومه وقال: يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. وكذلك ما كان يتصف به من إعطاء من سأله، وأنه كان لا يرد سائلاً، ومن ذلك قصة الرجل الذي سأل النبي عليه الصلاة والسلام البردة التي أهديت للرسول صلى الله عليه وسلم، فلبسها وهو محتاج إليها، فسأله إياها، وكان لا يرد سائلاً، فدخل منزله وخلعها وطواها، وأعطاها إياه، فلام بعض أصحابه ذلك هذا الشخص على كونه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إنما سألته إياها لتكون كفني، فكانت كفنه.
والحاصل: أن الرسول عليه الصلاة والسلام اتصف بكل صفات الكمال التي تليق بالإنسان، فللرسول صلى الله عليه وسلم منها الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر، فهو أشجع الناس، وأجود الناس، وأنصح الناس للناس، وكل صفات تليق بالمخلوقين فللنبي عليه الصلاة والسلام منها أوفر الحظ والنصيب، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وابن عباس رضي الله عنه أراد أن يبين ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام من الجود والكرم في رمضان، وخشي أن يظن أن جوده وكرمه محصور في رمضان، فأتى بجملة تسبقها عامة، وهي احتراز من أن يظن شيء من ذلك فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس)، فهذه قضية عامة، أي: جوده، وكرمه دائماً وأبداً في جميع أيام السنة، ولكنه يزيد في رمضان، ويتضاعف فيه، (وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فيكون أجود بالخير من الريح المرسلة)، الريح هي: التي يكثر نفعها ويعم خيرها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة، وهذا يدلنا على ما اتصف به عليه الصلاة والسلام من الصفات الكريمة، ومنها صفة الجود والكرم، وأن جوده يتضاعف في رمضان، ويزيد في رمضان، وهذا دليل على استحباب كثرة الإحسان، وكثرة الجود في رمضان، اقتداء بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم بين أن من أسباب جوده وكرمه في رمضان، أنه كان يأتيه جبريل فيدارسه القرآن، فمدارسته القرآن، واشتغاله بالقرآن، وتأمله فيه بهذه المدارسة مع جبريل، من أسباب جوده وكرمه عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلنا على أن التفكر في القرآن، والتأمل فيه، والتأدب بما جاء في القرآن ثمراته عظيمة، ونتائجه طيبة، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل، فيدارسه القرآن أجود بالخير من الريح المرسلة)، وكان عليه الصلاة والسلام يأتي إليه جبريل من رمضان إلى رمضان، فيدارسه القرآن الذي تقدم نزوله قبل رمضان في السنوات الماضية، ويدارسه إياه، وفي كل عام كان يعارضه مرة، أي: يقرأ جبريل الرسول يسمع، ويقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم وجبريل يسمع، وفي العام الذي هو آخر أعوامه في رمضان دارسه القرآن مرتين، أو عارضه القرآن مرتين عليه الصلاة والسلام، فالحديث واضح الدلالة على ما ترجم له النسائي من الجود والكرم في رمضان.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان...)

قوله: [أخبرنا سليمان بن داود].هو أبو الربيع المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، المحدث، الفقيه، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس].
هو ابن يزيد الأيلي المصري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وهو: محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، مشهور بـالزهري، ومشهور بـابن شهاب، شهاب جده، والزهري جده الأعلى الذي هو: زهرة بن كلاب أخو قصي بن كلاب، فيلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم، في كلاب، فينسب إلى جده زهرة بن كلاب فيقال له: الزهري، وينسب إلى جده شهاب فيقال: ابن شهاب، وهو مشهور بهاتين النسبتين: الزهري، وابن شهاب، وهو محدث فقيه، من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قام بجمع السنة بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز، وفيه يقول السيوطي في الألفية:
أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمراً له عمر
[عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة].
ابن مسعود وهو ثقة، فقيه، من الفقهاء السبعة المشهورين في المدينة في عصر التابعين، أطلق عليهم هذا اللقب واشتهروا به، فيأتي في بعض المسائل الفقهية التي اتفقوا عليها يقال فيها: وقال بهذا القول الفقهاء السبعة، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وابن القيم رحمه الله، في كتابه إعلام الموقعين ذكر في أوله المعروفين بالفتوى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في مختلف الأقطار، فيأتي مثلاً للبلد فيقول فيها: من الصحابة فلان، وفلان، وفلان، يعني المفتون وأهل الفتوى منهم، وكذلك في عصر التابعين فيها كذا وكذا، ولما جاء عند ذكر المدينة، وذكر أهل الفتوى فيها في عصر التابعين، ذكر أن منهم الفقهاء السبعة، والكتاب اسمه إعلام الموقعين، وليس أعلام الموقعين؛ لأنه ليس كتاب تراجم، وإنما هو كتاب علم، وكتاب فتاوى، وكتاب إيضاح وبيان، فهو إعلام الموقعين الذين يكتبون ويخبرون بشرع الله عز وجل، ويبينون للناس شرع الله، فهم يوقعون بالفتوى في شرع الله، ويبينون الأحكام، ثم ذكر بيتين من الشعر يشتمل ثانيهما على الفقهاء السبعة، على اعتبار أن السابع أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحرٍ روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل هم عبيد الله -هذا الذي معنا- عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم من صغار الصحابة، وعاشوا وأدركهم من لم يدرك كبار الصحابة، فلهذا أطلق لقب العبادلة الأربعة عليهم، وهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير، ومن الصحابة من يسمى عبد الله كثير، مثل: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعدد كبير من الصحابة يقال لهم: عبد الله، لكن الذي اشتهر بهذا اللقب هؤلاء الأربعة من صغار الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهو أيضاً -أي: ابن عباس - أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، الذين هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعائشة أم المؤمنين، هؤلاء السبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رووا من الحديث أكثر مما رواه غيرهم.

شرح حديث: (... كان أجود بالخير من الريح المرسلة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثني حفص بن عمر بن الحارث حدثنا حماد حدثنا معمر والنعمان بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: (ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعنة تذكر، كان إذا كان قريب عهد بجبريل عليه السلام يدارسه، كان أجود بالخير من الريح المرسلة). قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب حديث يونس بن يزيد، وأدخل هذا حديثاً في حديث].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها الذي يتعلق بالترجمة، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أجود بالخير من الريح المرسلة، حين يكون حديث عهد بجبريل، ومدارسته إياه بالقرآن، وفي أوله: (ما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعنة تذكر)، ولما أورده النسائي قال: هذا خطأ، والصواب حديث يونس بن يزيد الأيلي المتقدم، الذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس)، ولهذا قال النسائي: أدخل حديثاً في حديث، يعني: حديث اللعن، مع حديث كونه إذا كان حديث عهد من جبريل يدارسه القرآن، يكون أجود بالخير من الريح المرسلة؛ لأن هذا حديث، وهذا حديث، وكونه عليه الصلاة والسلام أجود بالخير من الريح المرسلة، هو ثابت بالحديث المتقدم، وفي هذا الحديث أيضاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (... كان أجود بالخير من الريح المرسلة)

قوله: [أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري].في بعض النسخ: محمد بن إسماعيل بدون لفظ البخاري، وعند ابن السني كما هنا؛ لأن الرواية التي معنا هي رواية ابن السني في سنن النسائي، ففيها ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، وهو صاحب الصحيح، وهو أمير المؤمنين في الحديث، من الذين وصفوا بهذا الوصف، وهم قلة منهم: البخاري، والدارقطني، والثوري، وشعبة بن الحجاج، وإسحاق بن راهويه، جماعة قليلون من المحدثين وصفوا بهذا الوصف الرفيع، ولقبوا بهذا اللقب العالي، وهو أمير المؤمنين في الحديث، وقال عنه الحافظ في التقريب: جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، وقوله: جبل الحفظ معناه: أنه قمة في الحفظ، وهذا وصف يوصف به من يكون متمكناً في الحفظ، ومما يدل على حفظه ويوضح تمام حفظه: أنه قدم بغداد فأراد أهلها أن يختبروا حفظه، فجاءوا إلى مائة حديث، وأعطوا كل واحد عشرة، جعلوا أسانيد أحاديث لأحاديث أخرى، فجعلوا كل واحد يحفظ له عشرة أحاديث مبنية على خطأ، أسانيدها غير الأسانيد التي هي لتلك الأحاديث، وجاءوا فبدأ واحد من العشرة يقرأ حتى انتهى، ثم أمر الذي يليه أن يقرأ حتى فرغ من العشرة، ثم إنه بدأ بهم من الأول، فقال: أما فلان الأول فقد قلت كذا وكذا، وجاء بالإسناد والمتن المركب، ثم أتى به على الصواب، حتى قيل: ليس العجب من حفظه فإنه حافظ، ولكن العجب من كونه يحفظ الخطأ من مرة واحدة، ثم حفظ هذه الأحاديث بمتونها وأسانيدها على الخطأ، فجعل يخبر بأن الحديث وإسناده كذا، والحديث الفلاني إسناده كذا، والحديث الفلاني إسناده كذا.
أما كونه إمام الدنيا في فقه الحديث، فكتابه الجامع الصحيح تراجمه واستنباطاته، وما فيه من المعاني الدقيقة، والاستنباطات الدقيقة، يدل على تمكنه في الفقه، ولهذا قالوا عن كتابه: إنه كتاب رواية ودراية، ليس كتاب رواية فقط، بل هو مع كونه كتاب رواية، حيث يذكر الأحاديث بأسانيدها ومتونها، فهو أيضاً يذكر التفقه، ويذكر الاستنباطات الدقيقة للتراجم التي أوردها، فأورد الأحاديث التي تحتها في غاية الدقة، وفي غاية الخفاء، وهذا يدل على دقة الاستنباط، فهذا هو معنى قول الحافظ ابن حجر: وإمام الدنيا في فقه الحديث، يعني: في دقة الاستنباط، ولهذا يقولون: فقه البخاري في تراجمه، يعني: من أراد أن يعرف فقه البخاري، فعليه أن ينظر في التراجم، والأحاديث التي جاءت تحت التراجم، أو الآثار التي جاءت تحت التراجم، فهذا هو: الإمام محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري الجعفي مولاهم، توفي سنة ست وخمسين ومائتين، وحديثه موجود في سنن الترمذي، وفي النسائي.
فإذاً البخاري معدود في رجال النسائي، وفي رجال الترمذي.
[حدثني حفص بن عمر بن الحارث].
ثقة، ثبت، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي. وهو شيخ من شيوخ البخاري.
[حدثنا حماد].
هو ابن زيد بن درهم البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر].
هو ابن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[والنعمان بن راشد].
صدوق سيئ الحفظ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وهنا أورده النسائي مقروناً بـمعمر، فالحديث من طريق معمر ومن طريقه، يعني فكونه سيئ الحفظ لا يؤثر على هذا الإسناد؛ لأنه لم يبن عليه الإسناد، بل معه في الرواية من هو ثقة.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين الذين مر ذكرهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق رضي الله تعالى وأرضاها، وهي من السبعة أو من الأشخاص السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وقوله: [وأدخل هذا..]
أي: أحد الرواة في هذا الإسناد هو الذي أدخل حديثاً في حديث، والحديث هو حديث اللعن مع حديث الجود في رمضان.

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #617  
قديم 17-06-2022, 12:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

فضل شهر رمضان

شرح حديث: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل شهر رمضان.أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا أبو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب فضل شهر رمضان، وهو أنه شهر مفضل، أي: له فضل وله شأن، وورد فيه أحاديث تدل على فضله، والله تعالى جعل صيام أيامه فرضاً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سنّ قيام لياليه، فهو شهر فضله الله عز وجل على غيره من الشهور، وميزه على غيره من الشهور، وجاء في أحاديث تدل على فضله، منها: هذا الحديث الذي أورده النسائي عن أبي هريرة، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)، وتصفيد الشياطين فسر بعدة تفسيرات، قيل: إنه على حقيقته، وأنهم لا يخلصون في رمضان إلى ما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان، لكن قيل: كيف جاء في الحديث: أن الشياطين صفدت ومع ذلك توجد المعاصي في رمضان؟ والجواب: هناك شياطين إنس، شياطين جن، وشياطين الجن هم المردة، وهم الذين صُفِّدوا، ومن المعلوم أن المعاصي يكون لها أسباب غير المردة من الشياطين، مثل شياطين الإنس الذين يختلطون بالإنسان ويغوونه، ويحببون إليه المعاصي، وكذلك النفس الأمارة بالسوء، فالنفس الأمارة بالسوء من أسباب الوقوع في المعاصي، وشياطين الإنس الذين هم جلساء السوء، وقرناء السوء أيضاً من أسباب الوقوع في المعاصي، فليس معنى أنه إذا وجد معاص في رمضان، أن هذا يتناقض مع أنهم صفدوا؛ لأن هناك أسباب وعوامل أخرى من أسباب المعاصي، مثل شياطين الإنس، ومثل النفس الأمارة بالسوء، وعلى هذا فإن أحسن ما قيل في الحديث: إنه على حقيقته، وأنهم يصفدون، وأنهم لا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غير رمضان.
وهذا دال على فضله، وعلى تميزه على غيره، ثم أيضاً مما يقلل الشر في رمضان، كون الإنسان يصوم، ويؤدي الصيام، ومن المعلوم أن الصيام فيه كبح للنفس وتقليل لقوة الشهوة، ولهذا جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، عندما أمر الشباب بالزواج، أمر من لم يستطع بالصوم، قال: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء)، فمعناه: أنه يقلل الشهوة والحاجة إلى هذا الذي تميل إليه النفوس، مجاري الدم على الإنسان بسبب عدم التمتع بالأكل والشرب في نهار رمضان، فالرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن بأن الصوم فيه علاج لمن لم يجد القدرة على الزواج، فإنه إذا صام تقل عنده الشهوة، وعلى هذا فإن الصوم يقلل الشهوة عندهم، ففيه تقليل للمعاصي، أو من أسباب الضعف الذي يكون في النفوس، ولا تكون عندهم الشهوة التي تكون في حال تمتعهم وأكلهم وشربهم، (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين).

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة ...)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر]. هو ابن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو سهيل].
هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو مالك بن أبي عامر، وهو ثقة أيضاً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة،
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

حديث: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني حدثنا ابن أبي مريم: أخبرنا نافع بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني أبو سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرني إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني].
هو الجوزجاني، وكلمة: أخبرني وأخبرنا، أخبرني إذا كان سمع منه وحده، فإنه يعبر بهذا التعبير، فيقول: أخبرني، وأما إذا سمع هو وغيره، فإنه عندما يروي يقول: أخبرنا، هذا هو الفرق بين أخبرني وأخبرنا، يعبر المحدث بأخبرني إذا سمع من شيخه وحده ليس معه أحد عند السماع وعند التحديث، أما إذا كانوا جماعة يحدثهم، فإن كل واحد منهم يقول: أخبرنا، يعني: أنا وغيري، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، هو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا ابن أبي مريم].
هو سعيد بن أبي مريم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا نافع بن يزيد].
ثقة، عابد، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. لم يخرج له الترمذي. والبخاري لم يرو له في الأصول وإنما روى له في التعليق.
[عن عقيل].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وعَقيل وعُقيل اسم أبيه وجده وهذا من قبيل المؤتلف والمختلف، يعني تتفق الألفاظ من حيث الرسم، ولكنها تختلف من حيث النطق؛ لأن رسمها واحد عقيل وعقيل، فهو عقيل بن خالد بن عقيل، الرسم واحد، والحروف واحدة، والفرق إنما هو بشكل الحروف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة].
وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم.


ذكر الاختلاف على الزهري فيه

شرح حديث: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الاختلاف على الزهري فيه. أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم حدثنا عمي حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أخبرني نافع بن أبي أنس: أن أباه حدثه: أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: الاختلاف على الزهري في هذا الحديث. وأورد طرقاً عن الزهري، وهذا الاختلاف فيها لا يؤثر؛ لأن الحديث ثابت بها وبغيرها، فلا يؤثر هذا الاختلاف، وإنما المقصود ذكر الطرق التي جاءت وهي مختلفة عن الزهري، ولا يعني أن الحديث ضعيف، فالحديث ثابت وهو صحيح، ومتفق عليه، وجاء من طرق متعددة، كما سبق أن مر بنا كثير من هذا النوع وهو الاختلاف على الشخص، وقد أورد النسائي طريقاً عن أبي هريرة من طرق الحديث المتقدم الذي هو: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين).

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعد بن إبراهيم].ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
وعبيد الله هو الصواب؛ لأنه يوجد في التقريب عبد الله ولكن روى له البخاري وحده، وأما عبيد الله فهو الذي خرج له النسائي، وهو من رجال النسائي، وفي بعض النسخ ذكر عبيد الله، فكان المناسب الذي يثبت هو عبيد الله على الصواب، وإثبات عبد الله خطأ، وترك ما هو الصواب هذا ليس بجيد؛ لأنه لا يوجد في رجال النسائي عبد الله بن سعد بن إبراهيم، وإنما ذاك انفرد البخاري في الإخراج له، ولكونه جاء في بعض النسخ أنه عبيد الله، فالصواب هو عبيد الله وليس عبد الله.
[عن أبيه].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة أيضاً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن صالح].
هو صالح بن كيسان المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب أخبرني نافع بن أبي أنس].
والمراد به نافع بن مالك الذي تقدم هنا قال: نافع بن أبي أنس، والمراد به نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني، فالذي في الإسناد هنا هو الذي في الأسانيد المتقدمة.
[أن أباه حدثه].
هو أبو أبي سهيل، فـأبو سهيل هو نافع بن مالك بن أبي عامر، وأبوه مالك بن أبي عامر ويقال: مالك بن أبي أنس، يعني جاء ذكره هنا بصيغة أخرى، وإلا فهو هو، فهناك ذكر أبوه باسمه، وهنا ذكره بكنيته.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.

شرح حديث: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة...) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن خالد حدثنا بشر بن شعيب عن أبيه عن الزهري حدثني ابن أبي أنس مولى التيميين: أن أباه حدثه: أنه سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)]. أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه هنا قال: أبواب الرحمة، والرحمة: تطلق على الصفة لله عز وجل، وتطلق على أثر الصفة، وصفة الله عز وجل قائمة بذاته، وأما الرحمة التي هي أثر الصفة، أو من آثار الصفة، فالجنة جاء في الحديث أن الله تعالى أطلق عليها الرحمة، قال: (إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء)، فأطلق على الجنة أنها رحمة، وهي من آثار الصفة، كما أن الغيث والمطر من آثار رحمة الله، ( فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا )[الروم:50]، فتأتي الرحمة فيراد بها الصفة المتعلقة بالله عز وجل، وتأتي ويراد بها مخلوق من مخلوقات الله عز وجل، وهو أثر الصفة، وهنا أبواب الرحمة مثل أبواب الجنة؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث: (أنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء).
(فتحت أبواب الرحمة)، أي: أبواب الجنة، أي: أنه جاء في بعض الأحاديث إطلاق الرحمة على الجنة، وأنها رحمة الله عز وجل، (إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء)، وذاك الحديث الذي فيه: (إن الله خلق مائة رحمة، وأن الناس يتراحمون برحمة واحدة، وإذا جاء يوم القيامة تأتي تلك التسعة والتسعون مع تلك الرحمة).
إذاً: الرحمة تطلق على الصفة، وتطلق على أثر الصفة، وتطلق على المخلوقات، التي هي أثر الصفة، فكلمة: أبواب الرحمة، هي: مثل أبواب الجنة؛ لأن الجنة يقال لها: الرحمة، كما جاء في الحديث الذي أشرت إليه.
قوله: [(وسلسلت الشياطين)]، وهي: بمعنى صفدت، وسلسلت بمعنى واحد.
رواه ابن إسحاق عن الزهري، ثم ذكر بعد ذلك الإسناد الذي فيه رواية ابن إسحاق عن الزهري.

حديث: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعد حدثنا عمي حدثنا أبي عن ابن إسحاق عن الزهري عن ابن أبي أنس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين)، قال أبو عبد الرحمن: هذا يعني حديث ابن إسحاق خطأ، ولم يسمعه ابن إسحاق من الزهري، والصواب ما تقدم ذكرنا له].أورد النسائي رواية ابن إسحاق عن الزهري، والحديث هو طريق أخرى من الطرق التي جاء فيها ذكر الحديث.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعد].
وقد مر ذكره.
وكذلك بقية رجال الإسناد تقدم ذكرهم إلا ابن إسحاق، وهو محمد بن إسحاق المدني، وهو إمام في المغازي، وهو صدوق مدلس.

شرح حديث: (هذا رمضان قد جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة...) من طريق سادسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبيد الله بن سعد حدثنا عمي حدثنا أبي عن ابن إسحاق وذكر محمد بن مسلم عن أويس بن أبي أويس عديد بني تيم عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هذا رمضان قد جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتسلسل فيه الشياطين)، قال أبو عبد الرحمن: هذا الحديث خطأ].أورد النسائي الحديث من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه ليس من طريق أبي هريرة؛ لأن الطرق المتقدمة عن أبي هريرة، وهنا من طريق أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنسائي قال عنه: خطأ؛ لأنه ما جاء عن أبي هريرة، وإنما جاء من طريق أنس بن مالك، وهو اختلاف، لكن كما هو معلوم هذا لا يؤثر إلا لو كان الحديث ليس ثابتاً، والحديث ثابت، فهذه طريق أخرى للحديث، وهي تتفق مع الطرق الأخرى التي فيها إثبات أن شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة، وتفتيح أبواب الجنة هذا ثابت بالطرق الكثيرة الثابتة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فلا يؤثر ذلك على صحة الحديث.
وقد تقدم ذكر الرواة إلا أويس بن أبي أويس.
قال الحافظ في التقريب: لعله ابن مالك عم مالك بن أنس، وثقه ابن حبان. خرج له النسائي وحده.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #618  
قديم 17-06-2022, 12:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(364)


- باب ذكر الاختلاف على معمر في خبر فضل شهر رمضان - باب الرخصة في أن يقال لشهر رمضان: رمضان


بيّن الشرع جواز إطلاق (رمضان) بدون شهر، وبيّن ما فيه من الخير والفضل الكبير، وأنه تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النيران، وغيرها من الفضائل.
ذكر الاختلاف على معمر فيه


شرح حديث: (... إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق سابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على معمر فيه.أخبرنا أبو بكر بن علي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير عزيمة، وقال: إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب الجحيم، وسلسلت فيه الشياطين)، أرسله ابن المبارك].
يقول النسائي رحمه الله: ذكر الاختلاف على معمر فيه، أي: في الحديث الذي ورد في فضل شهر رمضان، وأنه تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد الشياطين، وقد أورد قبل ذلك الاختلاف على الزهري فيه، ثم أورد هنا الاختلاف على معمر، ومعمر، هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، تلميذ الزهري، وأورد الحديث من طرق عنه، وأيضاً من طرق ليست عنه، جاءت بعد ذلك، لكنه أورد بعض الطرق عن معمر، وهو الذي أشار إليه بهذه الترجمة: ذكر الاختلاف على معمر فيه، وأورد فيه حديث أبي هريرة الذي مر من طرق عديدة، ومر الكلام عليها، وأن النبي عليه الصلاة والسلام، قال في شهر رمضان: (تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد الشياطين).
وفي أول هذا الحديث قال: (كان النبي عليه الصلاة والسلام، يرغب فيه من غير عزيمة)، أي: في قيام رمضان، وقيام رمضان سنة، سنها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالله تعالى فرض صيام أيامه، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام لياليه، وقد صلى عليه الصلاة والسلام بأصحابه في شهر رمضان في آخره، وتكاثروا في الليالي التي جاءت بعد صلاته لأول مرة، ولكنه عليه الصلاة والسلام، وقد وصفه الله عز وجل بأنه (بِالْمُؤمنين رَءُوفٌ رَحِيمٌ )[التوبة:128]، خشي أن يفرض عليهم قيامه، فلم يفعل، ولم يستمر، ولما روجع في ذلك بين السبب وقال: أنه خشي أن يفرض عليهم قيامه، لكن لما توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وزال الذي كان يخشاه الرسول صلى الله عليه وسلم، من كونه يفرض عليهم؛ لأن الزمان زمن الوحي، فانقطع الوحي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعاد عمر الناس إلى ما كانوا عليه، أي: إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تركه خشية الفرض؛ لأن المحظور الذي خشيه قد زال فبقي استحبابه، وجمع عمر رضي الله عنه، الناس على قيام الليل، فأحيا عمر هذه السنة، وأعاد الناس إلى هذه السنة التي كانوا عليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال: (كان يرغب في قيام رمضان من غير عزيمة)، (يرغب من غير عزيمة)، يعني: من غير أن يعزم عليهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق سابعة

قوله: [أخبرنا أبو بكر بن علي].هو أحمد بن علي بن سعيد المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة].
هو عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان المشهور بـابن أبي شيبة، وأبو شيبة هي كنية لجده إبراهيم بن عثمان؛ لأنه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان، فـإبراهيم الذي هو جده هو الذي يكنى بـأبي شيبة، فهو أبو بكر بن أبي شيبة نسبة إلى جده إبراهيم بن عثمان المكنى بـأبي شيبة، واشتهر بهذه النسبة، وهو مشهور بكنيته أبو بكر، واسمه عبد الله بن محمد، وهو ثقة حافظ مصنف، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، فإنه لم يخرج له شيئاً، وقد أكثر عنه مسلم في صحيحه، ولم يرو عن أحد من شيوخه مثل ما روى عنه في الكثرة، وقل أن يفتح الإنسان صحيح مسلم إلا ويجد فيه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة؛ لأنه مكثر من الرواية عنه، وقيل: إن الأحاديث التي رواها عنه تبلغ ألف وخمسمائة حديثاً، ويذكره بكنيته، ويقول: أبو بكر بن أبي شيبة، وأما البخاري فإنه يسميه كثيراً عبد الله بن أبي شيبة، فـالبخاري يسميه كثيراً، ومسلم يكنيه كثيراً، وهنا روى عنه النسائي بواسطة شيخه أحمد بن علي بن سعيد المروزي، وأبو بكر بن أبي شيبة هذا ثقة حافظ مصنف، له كتاب المصنف لـابن أبي شيبة، وله كتاب الإيمان، وله كتب.
[حدثنا عبد الأعلى].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى، اسمه واسم أبيه متفقان، وهو البصري، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، مشهور بـالزهري، ومشهور بـابن شهاب، وهو ثقة فقيه، من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، أحد هذه الأقوال: أن السابع أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والقول الثاني: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والقول الثالث: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فهذه أقوال ثلاثة في السابع من الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين، في مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
[عن أبي هريرة].
رضي الله تعالى عنه، وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
ثم قال: [أرسله ابن المبارك].
ثم ساق الإسناد الذي فيه أن فيه ابن المبارك وأنه أرسله.

شرح حديث: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق ثامنة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن حاتم حدثنا حبان بن موسى خراساني أخبرنا عبد الله عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، من طريق عبد الله بن المبارك عن معمر، وقد أرسله ابن المبارك في روايته؛ لأنه رواه عن معمر، عن الزهري، عن أبي هريرة.
فـالزهري لم يلق أبا هريرة، فهو مرسل، فالرواية مرسلة، ولهذا هو قال: أرسله ابن المبارك، يعني: أنه رواه عبد الله بن المبارك عن الزهري مرسلاً، وهذا المرسل بالمعنى العام؛ لأن المرسل اشتهر إطلاقه على كون التابعي يضيف ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس فيه ذكر الصحابي، وليس الإشكال في كون الصحابي لا يذكر؛ لأن الصحابة عدول، لكن لاحتمال أن يكون هناك غير صحابي محذوف، فـالزهري روى عن أبي هريرة هنا، هذا على المعنى الآخر للمرسل، وهو رواية الراوي عمن لم يلقه، أو عمن لم يدركه، فيقال له: مرسل بالمعنى العام، وإن كان الذي اشتهر أن المرسل هو ما يقوله التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا عند المحدثين، لكن يطلق أيضاً إطلاقاً عاماً على رواية الراوي عمن لم يدرك عصره، أو أدرك عصره ولم يلقه، ولهذا يقال: أرسل عن فلان، أو روايته عن فلان مرسلة، معناه: أنه لم يسمع منه، بل أسند إليه مرسلاً وليس متصلاً؛ لأنه لم يدرك عصره، أو قد يكون أدركه ولكن لم يلقه ولم يسمع منه، فهذا الذي يسمونه مرسلا خفيا، فرواية الراوي عمن أدركه ولم يلقه، يقال له: مرسل خفي، وإذا كان روى عمن لم يدرك عصره، فهذا مرسل جلي واضح، معناه فيه سقوط، فالسقوط فيه واضح جلي؛ لأنه ما أدرك عصر شيخه الذي أرسل عنه، فهذا هو الإرسال الذي في هذا الحديث.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة...) من طريق ثامنة

قوله: [محمد بن حاتم].هو محمد بن حاتم بن نعيم المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حبان بن موسى].
هو الخراساني المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هوابن المبارك، الذي قال قبل ذكر الإسناد: أرسله ابن المبارك، هذا هو: عبد الله الذي لم ينسبه في الإسناد، بل جاء مهملاً، المراد به ابن المبارك، وعبد الله بن المبارك المروزي هو ثقة، وصفه الحافظ ابن حجر في التقريب بصفات عديدة، فهو جواد مجاهد، عابد ثقة، وذكر جملة من صفاته، وقال: جمعت فيه خصال الخير، وهو مروزي، والثلاثة الذين مروا كلهم مروزيون، الذي هم: محمد بن حاتم بن نعيم، وحبان بن موسى، وعبد الله بن المبارك، هؤلاء الثلاثة مروزيون، وعبد الله بن المبارك حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا بشر بن هلال حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها، فقد حرم)].أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، من طريق أخرى، ولكن ليس فيها معمر، والترجمة التي مرت ذكر الاختلاف على معمر فيه، وهنا ليس فيه معمر، وإنما معمر جاء في الطريقين السابقتين، وأما هذه الطريق فليس فيها ذكر معمر، وليس هذا من الاختلاف على معمر، وإنما هذه الطرق العديدة التي جاء فيها حديث أبي هريرة، ليس من طريق معمر ولا من طريق الزهري، بل من طريق أخرى.
وقوله: [(أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين)].
الحديث قال فيه الرسول: (أتاكم شهر رمضان)، ثم ذكر شيئاً من فضائله، قال: [(تفتح فيه أبواب السماء)]، والأحاديث التي مرت: (تفتح فيه أبواب الجنة)، ولعل ذكر السماء؛ لأن الجنة في السماء وتفتح أبوابها، وكذلك السماء تفتح أبوابها، فالجنة في السماء السابعة، سقفها عرش الرحمن كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، [(وتغل فيه مردة الشياطين)]، وهو من جنس تصفد، [(فيه ليلة خير من ألف شهر)]، هي: ليلة القدر التي أنزل الله فيها سورة: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ )[القدر:1]، [(من حرم خيرها فقد حرم)]، هذا الفضل العظيم الذي هي ليلة واحدة هي خير من ألف شهر، وكون الإنسان يدركها، ويجتهد فيها، ويحصل هذا الخير العظيم من الله سبحانه وتعالى، والذي يحرم هذا الخير هو محروم؛ لأن هذه الليلة تعادل عمر إنسان طويل العمر؛ لأن ألف شهر تساوي اثنين وثمانين سنة، فالأمر ليس بالهين.

تراجم رجال إسناد حديث: (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه...)

قوله: [أخبرنا بشر بن بلال].هو الصواف، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قلابة].
هو عبد الله بن زيد الجرمي، مشهور بكنيته أبي قلابة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.

حديث عتبة بن فرقد: (تفتح فيه أبواب الجنة...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن عرفجة عدنا عتبة بن فرقد رضي الله عنه، فتذاكرنا شهر رمضان فقال: ما تذكرون؟ قلنا: شهر رمضان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر أقصر)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ].أورد النسائي الحديث الذي في فضل رمضان، وأنه تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، أورده من طريق عتبة بن فرقد رضي الله تعالى عنه، وقد عاده عرفجة بن عبد الله الثقفي، وتذاكروا عنده رمضان، فروى لهم هذا الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في فضل شهر رمضان.
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].
هو الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
وهو: ابن عيينة الهلالي المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن السائب].
هو عطاء بن السائب الكوفي، وهو صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عرفجة].
هو عرفجة بن عبد الله الثقفي، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن عتبة بن فرقد].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه النسائي وحده.
قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، لكن من حيث الحديث هو جاء من طرق عديدة، فهو ثابت من الطرق الكثيرة التي جاءت عن غير هذا الصحابي بغير هذا الإسناد، والحديث ثابت كونه تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، هذا ثابت عن جماعة من الصحابة، منهم أبو هريرة، ومنهم أنس، ومنهم عتبة بن فرقد.
وذكر المناداة كما هو معلوم، جاء بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يؤمنون ويصدقون بما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم وإن لم يسمعوا، فالمناداة تفرد بها في هذا السند، أما الأسانيد الماضية فليس فيها ذكر المناداة، ولكن الصفات الثلاث موجودة وهي: تفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، وهذا جاء في الأحاديث الكثيرة.

يتبع.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #619  
قديم 17-06-2022, 12:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله


حديث عتبة بن فرقد: (تفتح فيه أبواب السماء...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن عرفجة قال: (كنت في بيت فيه عتبة بن فرقد، فأردت أن أحدث بحديث، وكان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كأنه أولى بالحديث مني، فحدث الرجل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال في رمضان: تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب النار، ويصفد فيه كل شيطان مريد، وينادي مناد كل ليلة: يا طالب الخير هلم، ويا طالب الشر أمسك)].أورد النسائي حديث عتبة بن فرقد من طريق أخرى، وهي: مثل الطريقة السابقة، إلا أنها تختلف عنها في بعض الألفاظ، كقوله: (يصفد كل شيطان مريد)، وهم: مردة الجن.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا محمد].
غير منسوب، وهو ابن جعفر الملقب غندر، وإذا جاء محمد غير منسوب يروي عن محمد بن بشار أو هو يروي عن شعبة، فالمراد به: ابن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن السائب عن عرفجة بن عبد الله الثقفي عن عتبة بن فرقد].
وقد مر ذكرهم.


الرخصة في أن يقال لشهر رمضان: رمضان

شرح حديث: (لا يقولن أحدكم: صمت رمضان...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [الرخصة في أن يقال لشهر رمضان: رمضان:أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن سعيد أخبرنا المهلب بن أبي حبيبة (ح) وأخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن المهلب بن أبي حبيبة أخبرني الحسن عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا يقولن أحدكم: صمت رمضان ولا قمته كله، ولا أدري كره التزكية أو قال: لا بد من غفلة ورقدة)، اللفظ لعبيد الله].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي الرخصة أن يقال لشهر رمضان: رمضان، أي: أن يذكر رمضان بدون أن يسبقه كلمة: شهر، فهذا سائغ، وهذا هو المقصود من الترجمة، وأنه لا مانع منه، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورد بعض الأحاديث التي فيها ذكر رمضان بدون شهر، فأورد النسائي حديثين: الحديث الأول حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يقولن أحدكم: صمت رمضان أو قمت رمضان كله)، قال: لا أدري، يعني أن الراوي أو أحد الرواة كره التزكية، كون الإنسان يزكي نفسه بأن يقول: إنه صام رمضان كله.
(أو قال: لا بد من غفلة ورقدة)، أي: لا بد من حصول نقص، كون الإنسان يقول: صمت رمضان كله، أو قمت رمضان كله هذا فيه احتمال أن يكون تزكية، وذلك أن الإنسان قد يحصل منه إخلال من جهة الغفلة، وقد يحصل له رقدة، وأنه يفوته شيء من ذلك، فكون الإنسان يقول: صمته كله، أو قمته كله فيه ما فيه، والمقصود من إيراد الحديث أنه قال: (لا يقولن أحدكم: صمت رمضان)، ما قال: صمت شهر رمضان، معناه: أنه ليس فيه ذكر الشهر، فيجوز أن يقال: رمضان بدون شهر، هذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث؛ لأن قوله: [(لا يقولن أحدكم: صمت رمضان)]، يعني: ذكر رمضان بدون لفظ الشهر، ما قال: صمت شهر رمضان، فهذا دليل على جواز أن يأتي ذكر رمضان مسبوقاً بكلمة شهر، ويجوز أن يأتي غيره مسبوقاً بكلمة شهر، والحديث واضح الدلالة على الترجمة.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يقولن أحدكم: صمت رمضان...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أخبرنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا المهلب بن أبي حبيبة].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، ثم أتى بطريق أخرى، فحول وأتى بـ (ح) التحويل، قال: وأخبرنا عبيد الله بن سعيد، هذا شيخ آخر، وطريق أخرى.
[وعبيد الله بن سعيد].
هو اليشكري السرخسي، وهو ثقة مأمون سني، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو القطان، وقد مر ذكره.
[عن المهلب بن أبي حبيبة].
وقد مر ذكره، يعني: أن كلاً من يحيى بن سعيد القطان، والمهلب جاءوا في الطريقين، والفرق إنما هو بالشيخين، الأول: هو إسحاق بن راهويه، والثاني: عبيد الله بن سعيد اليشكري السرخسي.
[أخبرني الحسن].
هو ابن أبي الحسن البصري، وهو ثقة فقيه، يرسل ويدلس، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أبي بكرة].
هو نفيع بن الحارث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث ذكره الشيخ الألباني في الضعيفة وقال: إنه ضعيف، ولكنه أشار إلى سبب الضعف في تعليقه على ابن خزيمة، حيث قال: إسناده صحيح لولا عنعنة الحسن وهو: مدلس، لكن من حيث كون الإنسان يقول: رمضان بدون شهر، هذا ثابت في غير هذا الحديث، كما في الحديث الذي بعده، وأحاديث أخرى جاء فيها ذكر رمضان من غير ذكر الشهر.
قال: [واللفظ لـعبيد الله].
أي: لشيخه الثاني؛ لأنه ذكر شيخين: إسحاق، وعبيد الله، واللفظ الموجود هو لـعبيد الله للشيخ الثاني، وليس للشيخ الأول، معناه: أن الشيخ الأول لفظه يختلف عن هذا اللفظ الموجود، فبين من له اللفظ من الشيخين، بعد أن فرغ من الإسناد والمتن قال: اللفظ لـعبيد الله، أي: لشيخه الثاني.

شرح حديث: (إذا كان رمضان فاعتمري فيه..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن يزيد بن خالد حدثنا شعيب أخبرني ابن جريج أخبرني عطاء سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يخبرنا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لامرأة من الأنصار: (إذا كان رمضان فاعتمري فيه، فإن عمرة فيه تعدل حجة)].أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو: مشتمل على ما ترجم له النسائي من الرخصة بأن يقال: رمضان من غير شهر، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لامرأة من الأنصار: (إذا كان رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة)، ومحل الشاهد منه قال: (إذا كان رمضان)، ما قال: إذا كان شهر رمضان، أتى بكلمة رمضان بدون شهر، فدل هذا على أنه يسوغ أن يقول الإنسان: رمضان دون أن يسبق ذلك بكلمة شهر، والحديث دال على فضل شهر رمضان، وعلى فضل العمرة في شهر رمضان، وهذا الفضل للعمرة إنما هو في الثواب، ولكنها ليس في إسقاط العمرة الواجبة مرة واحدة، وإنما هذا في بيان الفضل والثواب، لا أنها تغني عن العمرة الواجبة التي هي واجبة في العمر على الإنسان، أو يوجبها الإنسان على نفسه بنذر أو غيره، لا، إنما المقصود من ذلك: أن العمرة تعدل حجة في ثوابها، لا أنها تغني عنها لمن كان عليه حجة، فإنها لا تغني عنه، ومن عليه حجة عليه أن يحج، ولا يكفيه أن يعتمر في رمضان، لكن من اعتمر في رمضان يحصل أجر الحجة، وثواب الحجة والحديث كما قلت: أورده النسائي في هذه الترجمة من أجل ذكر رمضان بدون كلمة شهر، (إذا جاء رمضان)، وقد جاء في أحاديث أخرى، منها الحديث الصحيح الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)، (ورمضان إلى رمضان)، يعني: شهر رمضان إلى شهر رمضان، فأتى فيه بذكر رمضان بدون شهر.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا كان رمضان فاعتمري فيه...)

قوله: [أخبرنا عمران بن يزيد بن خالد].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا شعيب].
هو شعيب بن إسحاق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[أخبرني ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عطاء].
وهو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.


الأسئلة

حكم حلق الشارب

السؤال: ما حكم حلق الشارب بالكلية، أي: لا يترك منه شيئاً، ونحن نعلم أن مالك يعزر على ذلك؟

الجواب: السنة هي قصه وليس حلقه؛ لأنه جاء في الأحاديث: (جزوا)، وجاء: (احفوا)، فالسنة هي القص بدون حلق، وبعض العلماء يقول: إنه مثلة، يعني: كون الإنسان يحلقه يعتبر مثلة، فالسنة هي القص وليس الحلق.

ما يفعل من اغتصبت أخته في بلد كافر وهو يعلم المغتصب

السؤال: رجل يسكن في بلد كافر، واغتصبت أخته، وهو يعرف الجاني، ماذا يفعل؟ علماً بأن الأحكام الشرعية معدومة.

الجواب: نسأل الله السلامة والعافية، أقول: ما أدري، لا أقول شيئاً.

مدى صحة القول بسنية التختم بالفضة

السؤال: هل التختم بخاتم الفضة من السنة؟ وما الدليل على ذلك، علماً بأن حديث البخاري فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات أخذ خاتمه أبو بكر إلى أن ضيعه عثمان رضي الله عنه، وهذا خاص بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: التختم بالفضة سائغ فيجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تختم، وجاء ما يدل على ذلك، لكن لا يقال: أنه سنة، وأن الإنسان إذا لم يفعله لم يفعل السنة، بل هو من الأمور السائغة الجائزة، والرسول صلى الله عليه وسلم ما فعله إلا لما قيل له: إنهم لا يقبلون الكتاب إلا إذا كان مختوماً، فاتخذ خاتماً وكتب عليه محمد رسول الله، وكان يختم به، فهو سائغ وجائز، والتختم بالفضة مباح، لكن لا يقال: إنه سنة مستحبة.
هل يقال: التختم يكون إلا لعلة أن يتخذه خاتم يختم به؟
لا ما نقول: أن الإنسان لا يتخذ الخاتم إلا إذا كان يختم، ولا ننكر على من يلبس الخاتم، لكن لا نقول: إن فعله سنة، وأن من لم يفعله لم يفعل السنة، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسه في خنصره عليه الصلاة والسلام، قال أنس: (كنت أرى بريقه في يده صلى الله عليه وسلم، أو في إصبعه)، طبعاً الخنصر، وللحافظ ابن رجب رحمه الله رسالة واسعة، أو كتاب واسع يتعلق بأحكام الخواتيم، فهو من أحسن ما يرجع إليه في بيان الأحكام المتعلقة بالخواتيم.

معنى قول المسندين: الإسناد خراساني

السؤال: ما معنى قوله في الإسناد: خراساني؟
الجواب: خراساني يعني مثل خراسان، ومرو من خراسان؛ لأن النسبة نسبة عامة، ونسبة خاصة، فهو مروزي، وهو خراساني، فنسبته إلى خراسان نسبة عامة، ونسبته إلى مرو نسبة خاصة، وأحياناً يذكر بالنسبة الخاصة، وأحياناً يذكر بالنسبة العامة، مثل أيضاً الأنساب قد يذكر بالنسبة العامة، وقد يذكر بالنسبة الخاصة، مثل أبو إسحاق السبيعي الهمداني، وسبيع جزء من همدان، ومرو جزء من خراسان، ويقول النووي: إن كبريات مدن خراسان أربع، فذكر منها مرو، وبلخ، وهراء.

تصحيح الحديث الضعيف إن ورد من طريق مختلفة صحيحة مع زيادة فيه

السؤال: إذا كان حديثان متساويان في بعض ألفاظ المتن مع زيادة في آخره، ومع اختلاف الطريقين، وأحدهما ضعيف، والآخر صحيح، فهل الحديث يصحح الضعيف؟

الجواب: نعم إذا كانت الزيادة موجودة في الذي فيه ضعف، وموجودة في الذي هو صحيح، فإن تلك الزيادة تكون صحيحة، بسبب وجودها في الصحيح، أما لو كانت الزيادة ما جاءت إلا من طريق ضعيف، وغير هذه الزيادة جاءت من طرق أخرى، فالحكم بالصحة لما جاء فيه موافقة، أما ما لم يأت إلا من طريق ضعيف، فهذه لا يعول عليها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #620  
قديم 17-06-2022, 12:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(365)



- باب اختلاف أهل الآفاق - باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان

إن من حكمة الله تعالى أن علق أوقات العبادات دخولاً وخروجاً بأشياء ملموسة مشاهدة؛ لتشمل كل الناس حتى غير المتعلمين، ومن ذلك: دخول رمضان، فإنه لا يثبت إلا برؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، وإن اختلفت مطالع الهلال فلكل أهل بلد رؤيتهم.
اختلاف أهل الآفاق في الرؤية

شرح حديث: (... أولا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [اختلاف أهل الآفاق في الرؤية. أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا محمد وهو: ابن أبي حرملة أخبرني كريب: (أن أم الفضل رضي الله عنها وأرضاها بعثته إلى معاوية رضي الله عنه بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي هلال رمضان، وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، قال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت: نعم، ورآه الناس فصاموا، وصام معاوية رضي الله عنه، قال: لكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوماً أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)].
يقول النسائي رحمه الله: اختلاف أهل الآفاق في الرؤية، أي: في رؤية الهلال، والمقصود من هذه الترجمة هو: بيان أن الرؤية إذا حصلت في بلد، فهل تكون للناس جميعاً أو أن لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا رأوه صاموا وأفطروا، ولا يكتفون برؤية غيرهم من أهل البلاد الأخرى عندما يرونه؟ اختلف العلماء في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن رؤية أهل بلد رؤية للجميع، وأن على الناس أن يصوموا صياماً واحداً إذا رآه أهل بلد، ويستدلون على ذلك بما جاء في الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، قالوا: وهذا خطاب للجميع، وهو خطاب للأمة، فإذا رآه أحدٌ منهم، فإن على الناس أن يصوموا ويفطروا بناءً على هذه الرؤية في بلد معين.
ومن العلماء من قال: إن لكل أهل بلد رؤيتهم، وأنه لا يلزمهم أن يكتفوا برؤية غيرهم، فإذا رأوه هم صاموا وأفطروا، وإذا رآه غيرهم ولم يروه هم، فإنه لا يلزمهم، ولا يتعين عليهم؛ لأن لكل بلد رؤيتهم.
وقد أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو الدليل الذي عوّل عليه أهل هذا القول حديث ابن عباس الذي معنا، وهو أن كريباً مولى ابن عباس، أرسلته أم الفضل أم ابن عباس، وهي: لبابة بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وإخوانه: عبد الله بن عباس وغيرهم، فهي أمهم، فهي أرسلت كريب مولى ابن عباس إلى الشام في حاجة، فذهب وقضى حاجتها، ودخل عليهم شهر رمضان ليلة الجمعة، ورأوه ليلة الجمعة، فصام الناس، وصام معهم كريب، ولما كان في آخر شهر رمضان، رجع إلى المدينة فسأله ابن عباس: متى رأوا الهلال؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: أما نحن، فرأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين من يوم السبت أو نراه؛ لأنهم رأوه ليلة السبت أي: دخول رمضان، فيكون السبت تسعة وعشرين، وليلة الأحد يصير ثلاثين، فإن رأوه ليلة الأحد وإلا يكملون ثلاثين يوماً بتمام يوم الأحد، قال له: ألا تكتفي برؤية معاوية، وأهل الشام، وأصحابه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن لم يأت نصٌ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه يفيد بأنه لا يكتفي أهل بلد برؤية أهل بلد، ولكن الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، فبعض العلماء حمله على أنه خطاب للأمة جميعاً، وبعضهم حمله على أنه خطابٌ لأهل كل قطر، قالوا: وعلى هذا فهم ابن عباس رضي الله عنه من هذا الحديث أن المقصود: أن لكل أهل بلد رؤيتهم، ولا يكتفون برؤية غيرهم، وإنما يعولون على رؤيتهم هم، أو يكملون ثلاثين يوماً.
فالأمر كله يرجع إلى الاختلاف في فهم قوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، فمنهم من فهمه بأنه خطابٌ للأمة، ومنهم من فهمه بأنه خطابٌ لأهل كل قطر، وأهل كل جهة، فإنهم يصومون برؤيتهم، ويفطرون برؤيتهم، والذي جاء في حديث ابن عباس ليس نصاً صريحاً في أنهم لا يكتفون، ولو ثبت في ذلك نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان التعويل عليه، لكنه حيث لم يثبت نص، فإن الذي يظهر أن قوله: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، أنه خطاب للأمة جميعاً، وعلى هذا، فإن رؤية أهل بلد رؤية للجميع، وعلى الجميع أن يصوموا برؤية أهل البلد، لكن، إذا كان أهل البلد الذين لم يروا الهلال أفتاهم علماؤهم بأنهم يتابعون ذلك البلد أو لا يتابعونه، فإن على أهل البلد أن يكونوا متفقين، ولا يكونون مختلفين بأن يصوم أحد، ويفطر أحد، بل إذا كان علماء البلد أفتوا بأنهم يصومون تبعاً لغيرهم، فإن على الناس أن يتابعوهم، وإذا أفتوا بأنهم يتقيدون برؤيتهم هم، ولا يكتفون برؤية غيرهم، فإن على أهل البلد أن يتابعوهم، ولا ينبغي الاختلاف في البلد الواحد، بأن يكون أحد يصوم وأحد يفطر، بل يكون الصوم والإفطار للجميع، سواءً كانوا متابعين لغيرهم ممن رآه، أو بانين على رؤيتهم هم.

تراجم رجال إسناد حديث: (أولا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد وهو ابن أبي حرملة].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وكلمة: [هو ابن أبي حرملة] هذه زادها من دون تلميذه.
هو علي بن حجر، أو النسائي، أو من دون النسائي، أما إسماعيل بن جعفر فإنه لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن أبي حرملة، بل ينسبه كما يريد.
[أخبرني كريب].
هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما أم الفضل الهلالية، فإنها ليست لها رواية في هذا الحديث، وإنما جاء ذكرها لأنها هي التي أرسلت كريباً إلى الشام، وأنه ذهب لحاجتها، واستهل عليهم شهر رمضان في يوم الجمعة.


قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان، وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك

شرح حديث: (جاء رجل إلى رسول الله فقال: رأيت الهلال... فنادى النبي أن صوموا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان، وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك. أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أخبرنا الفضل بن موسى عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا اله إلا الله؛ وأن محمداً عبده ورسوله؟ قال: نعم. فنادى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن صوموا)].
أورد هذه الترجمة وهي: باب قبول شهادة الواحد على هلال شهر رمضان، يعني: على دخول شهر رمضان، مقصود النسائي من هذه الترجمة هو: التعويل على قبول شهادة الواحد في دخول شهر رمضان، وقد أورد النسائي فيه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه رأى هلال رمضان، فقال: [(أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بأن ينادى في الناس بأن يصوموا)]، أي: أنه ثبت دخول الشهر بشهادة هذا الرجل المسلم الذي تحقق من إسلامه بكونه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، هل يعول على قبول شهادة الواحد أو أنه لا بد من شهادة اثنين؟ فمن العلماء من عوّل على قبول شهادة الواحد، واستدل على هذا بهذا الحديث، وفيه كلام من جهة أنه جاء من طريق سماك بن حرب، وقد جاء موصولاً ومرسلاً، وجاء عنه من طرق مختلفة، وقد قال الحافظ ابن حجر: إن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، فمرةً يرويه مرسلاً، ومرةً يرويه متصلاً، وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: فرأى الناس الهلال فرأيته، فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر الناس بأن يصوموا، ومنهم من قال: إنه لا بد فيه من شهادة اثنين، ويستدل على ذلك بالحديث الذي سيأتي، وهو أنه (إذا شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا، وأمسكوا)، أي: أنه يعول على شهادة اثنين، والمسألة خلافية بين أهل العلم من حيث الاكتفاء في قبول شهادة الواحد، أو أنه لا بد من إضافة شاهد إليه في ذلك.
وحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه فيه الدلالة على قبول شهادة الواحد، حتى ولو كان غير معروف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن سأله: أيشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ للتحقق من إسلامه، وأنه من المسلمين، فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر من ينادي في الناس بأن يصوموا، أي: بناءً على هذه الرؤية.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 278.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 272.48 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]