مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853399 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388555 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 214003 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 18-06-2022, 03:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن"








مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (11)












مثنى محمد هبيان






حول معنى قوله تعالى {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}

السؤال الأول:

لماذا جاءت كلمة (الصراط) معرفة بأل مرة في الآية السابقة، ومضافة مرة أخرى هنا في هذه الآية {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}؟

الجواب:

جاءت كلمة الصراط مفردة ومعرفة بتعريفين: بالألف واللام والإضافة , وموصوفة بالاستقامة ممّا يدل على أنه صراط واحد لا غير، وهو موصوف بالاستقامة؛ لأنه ليس بين نقطتين إلا طريق مستقيم واحد, والمستقيم هو أقصر الطرق وأقربها وصولاً إلى الله، وأي طريق آخر غير هذا الصراط المستقيم لا يوصل إلى المطلوب ولا يوصل إلى الله تعالى. والمقصود بالوصول إلى الله تعالى هو الوصول إلى مرضاته، فكلنا واصل إلى الله وليس هناك من طريق غير الصراط المستقيم {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزَّمل:19] [الإنسان:29] {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود:56] {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} [الحِجر:41].

وقد وردت كلمة الصراط في القرآن مفردة ولم ترد مجتمعةً أبداً بخلاف السبيل، فقد وردت مفردة ووردت جمعاً { سُبُلَ }لأنّ الصراط هو الأوسع وهو الذي تفضي إليه كل السبل { فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } [الأنعام:153] {يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ } [المائدة:16] {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت:69] {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ }[يوسف:108] فالصراط هو صراط واحد مفرد؛ وهو طريق الإسلام الرحب الواسع الذي تفضي إليه كل السبل، واتباع غير هذا الصراط ينأى بنا عن المقصود.

ثم زاد هذا الصراط توضيحاً وبياناً بعد وصفه بالاستقامة وتعريفه بأل بقوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7] فجمعت هذه الآية كل أصناف الخلق المكلفين ولم تستثنِ منهم أحداً فذكر:

1ـ الذين أنعم الله عليهم وهم الذين سلكوا الصراط المستقيم وعرفوا الحق وعملوا بمقتضاه.

2ـ الذين عرفوا الحق وخالفوه{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7] { المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ } ويقول قسم من المفسرين: إنهم العصاة.

3ـ الذين لم يعرفوا الحق وهم الضالون {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا(103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(104)}[الكهف:103-104] وهذا الحسبان لا ينفعهم، إنما هم من الأخسرين.

ولا يخرج المكلفون عن هذه الأصناف الثلاثة؛ فكل الخلق ينتمي لواحد من هذه الأصناف.

السؤال الثاني:

هل كلمة الصراط توحي بالاستقامة؟

الجواب:

كلا، الصراط هو السبيل الواسع؛ لأنّ كلمة (فِعَال) فيها معنى الاشتمال فيشتمل على كل ما فيه ولا يضيق بما فيه , بغض النظر عما إذا كان مستقيماً أو متعرجاً, ولذا لا بدّ من قول : (المستقيم) لعدة معانٍ:

آـ مستقيم حتى يبيّن استقامته فليس فيه اعوجاج .

ب ـ وليبيّن أنه لا يوجد طريق مستقيم آخر بين نقطتين، أي بينك وبين النهاية التي يريدها الله عز وجل لك , فلا يوجد إلا طريق واحد بخط واحد بمستقيم واحد , وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خطّ خطاً في الأرض وقال : هذا صراط الله المستقيم وخطّ خطوطاً على جانبيه وقال: هذه هي السُّبُل، وعلى رأس كل سبيلٍ شيطانٌ يدعو إليه.

لذلك لا يوجد إلا دين واحد، وطريق واحد يوصل إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى, وهوخط مستقيم لا يحتمل التعدد، فإذا قال شخص : منهجي لا يتعارض مع الإسلام، أو يوازي الإسلام فهذا الكلام كله لا ينفع، منهجك هو الإسلام ولا يكون بين نقطتين إلا مستقيم واحد؛ لأنه يمكن أنْ يكون بينهما أكثر من خط متعرج أو منحنٍ لكنَّ هناك مستقيماً واحداً.

السؤال الثالث:

قال تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }[الفاتحة:7] ولم يقل: (تُنعم عليهم)؛ فلماذا ذكر الفعل الماضي؟

الجواب:

اختار الفعل الماضي على المضارع ليتعين زمانه وليبين صراط الذين تحققت عليهم النعمة نحو قوله تعالى : {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69].

وفي الآية {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}إذا قال: (تُنعم عليهم) لأغفل كل من أنعم عليهم سابقاً من رسل الله والصالحين, ولو قال: (تنعم عليهم) لم يدل في النص على أنه سبحانه أنعم على أحد سابقاً، ولاحتمل أنْ يكون صراط الأولين غير الآخرين، ولا يفيد التواصل بين زُمَر المؤمنين من آدم عليه السلام إلى أنْ تقوم الساعة. مثال: اذا قلنا : أعطني ما أعطيتَ أمثالي، فمعناه : أعطني مثل ما أعطيت سابقاً، ولو قلنا: أعطني ما تعطي أمثالي فهي لا تدل على أنه أعطى أحداً قبلي.

ولو قال : (تنعم عليهم) لكان صراط هؤلاء أقل شأناً من صراط الذين أنعم عليهم، فصراط الذين أنعم عليهم من أولي العزم من الرسل والأنبياء والصديقين, أمّا الذين تنعم عليهم فلا يشمل هؤلاء، فالإتيان بالفعل الماضي يدل على أنه بمرور الزمن يكثر عدد الذين أنعم الله عليهم , فمن ينعم عليهم الآن يلتحق بالسابقين من الذين أنعم الله عليهم فيشمل كل من سبق وأنعم الله عليهم , فهم زمرة كبيرة من أولي العزم من الرسل وأتباعهم والصديقين وغيرهم ,وهكذا تتسع دائرة المنعم عليهم.

أما الذين (تنعم عليهم)، فتختص بوقت دون وقت, ويكون عدد المنعم عليهم قليلاً، لذا كان قوله سبحانه {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}أوسع وأشمل وأعم من الذين تنعم عليهم.

السؤال الرابع:

لماذا عبّر عن الذين أنعم عليهم باستخدام الفعل {أَنْعَمْتَ}والمغضوب عليهم والضالين بالاسم؟

الجواب:

الاسم يدل على الشمول ويشمل سائر الأزمنة من المغضوب عليهم والدلالة على الثبوت، أمّا الفعل فيدل على التجدد والحدوث فوصفه أنهم مغضوب عليهم وضالون دليل على الثبوت والدوام.

السؤال الخامس:

إذن فلماذا لم يقل: (المُنْعَم عليهم) للدلالة على الثبوت؟

الجواب:

لو قال: (صراط المُنْعَم عليهم) بالاسم لم يتضح من الذي أنعم , إنما بيّن المنعِم (بكسر العين) في قوله {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}لأنّ معرفة المنعِم مهمة , فالنعم تقدر بمقدار المنعِم (بكسر العين)؛ لذا أراد سبحانه وتعالى أنْ يبين المُنعِم ليبين قدرَ النعمة وعظيمها, ومن عادة القرآن أنْ ينسب الخير إلى الله تعالى وكذلك النعم والتفضل, وينزه نسبة السوء إليه سبحانه كما في قوله تعالى : {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن:10] والله سبحانه لا ينسب السوء لنفسه فقد يقول: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} [النمل:4] لكن لا يقول: زينا لهم سوء أعمالهم {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} [التوبة:37] {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } [آل عمران:14] { زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ } [غافر:37] {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ } [فاطر:8] {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } [الأنفال:48] أما النعمة فينسبها الله تعالى إلى نفسه لأنّ النعمة كلها خير {قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } [القصص:17] {إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ } [الزُّخرُف:59] {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} [فصِّلت:51] ولم ينسب سبحانه النعمة لغيره إلا في آية واحدة {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ } [الأحزاب:37] فهي نعمة خاصة بعد نعمة الله تعالى عليه.

السؤال السادس:

لماذا ذكرت الآية {المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}بصيغة المبني للمجهول و {الضَّالِّينَ} بصيغة اسم الفاعل؟

الجواب:

أولاً جيء بكلٍّ منهما اسماً {المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} و {الضَّالِّينَ} للدلالة على الثبوت , فالغضب عليهم ثابت والضلال فيهم ثابت لا يرجى فيهم خير ولا هدى، والقرآن لم يقل صراط الذين غضب عليهم وضلوا) وإنما المغضوب عليهم ولا الضالين، فجاء بالوصفين بالاسمية للدلالة على ثبوت هذين الوصفين فيهما.

يبقى السؤال : لماذا جاء المغضوب عليهم اسم مفعول ولم يقل: (غاضب) اسم فاعل؟ والجواب: أنّ مغضوب عليهم، اسم مفعول، يعني وقع عليهم الغضب، ولم يذكر الجهة التي غضبت عليهم، ليعم الغضب عليهم من جميع الجهات : غضب الله وغضب الغاضبين لله من الملائكة وغيرهم , فهو لا يتخصَّصُ بغاضب معين , أي لم يغضب عليهم فلان أو فلان وإنما مغضوب عليهم من كل الجهات , بل هؤلاء سيغضب عليهم أخلص أصدقائهم في الآخرة، كما في قوله تعالى:{ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:94] وقوله تعالى {ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [العنكبوت:25] إذن مغضوب عليهم من كل الجهات، وحذفُ جهةِ الغاضب فيه عموم وشمول، أما (الضالين) فهم الذين ضلّوا.

السؤال السابع:

لماذا قال : {المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}ولم يقل: (غضبت عليهم)؟

الجواب:


جاء باسمِ المفعولِ وأسنده للمجهول ليعم الغضب عليهم من الله والملائكة وكل الناس، حتى أصدقاؤهم يتبرأ بعضهم من بعض، وحتى جلودهم تتبرأ منهم، ولذا جاءت (المغضوب عليهم) لتشمل غضب الله وغضب الغاضبين.

السؤال الثامن:

لماذا أضاف النعمة إليه سبحانه وحذف فاعل الغضب ؟

الجواب:

جاء في «التفسير القيِّم» : وأضاف النعمةَ إليه وحذف فاعلَ الغضبِ لوجوه :

1ـ أنّ النعمة هي الخير، والغضب من باب الانتقام , فأضاف إلى نفسه أكمل الأمرين وأسبقهما.

2ـ أنّ الله سبحانه هو المتفرد بالنِّعَمِ , فأضيف إليه ما هو متفردٌ به .

3ـ أنّ في حذف فاعل الغضب من الإشعار بإهانة المغضوب عليه وتحقيره.

إضافة إلى أنّ القرآن جعل كُلاًّ من المغضوب عليهم والضالين اسماً وذلك للدلالة على الثبوت فهو غضب عليهم دائم ثابت لا يزول , واتصافهم بالضلال على وجه الثبوت أيضاً فلا يُرجى لهم خيرٌ ولا هدى .

ثم انظر كيف ذكر (لا) بين المغضوب عليهم والضالين , لئلا يُفهمَ أن المباينةَ لمن جمع الغضب والضلال دون من لم يجمعهما .

ونظير ذلك أن تقول : أنا لا أحب من تكبَّر وبخل , أو : أنا لا أحب من تكبر ولا من بخل , فالجملة الأولى تحتمل أنه لا يحب هذين الصنفين وتحتمل أنه لا يحب من جمع بين الوصفين دون من لم يجمعهما .

السؤال التاسع:

في قوله تعالى{غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} لِمَ ذكر ( لا ) بعد ذكر (غير)؟ أي لوقال مثلاً: (غير المغضوب عليهم والضالين)؟

الجواب:

إذا حذفت (لا) يمكن أن يفهم أنّ المباينة والابتعاد هو فقط للذين جمعوا الغضب والضلالة فقط، أمّا من لم يجمعها {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}فلا يدخل في الاستثناء.

فاذا قلنا مثلا : لا تشرب الحليب واللبن الرائب (أي: لا تجمعهما) أمّا إذا قلنا: لا تشرب الحليب ولا تشرب اللبن الرائب، كان النهي عن كليهما إن اجتمعا أو انفردا.

السؤال العاشر:

ما الحكمة في أنه تعالى جعل المقبولين طائفةً واحدة، والمردودين فريقين : مغضوباً عليهم وضالين ؟

الجواب:

الذين جمعوا بين الحق والعمل به هم {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فإن اختلَّ قيدُ العمل فهم الفسقة { المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وإن اختلَّ قيدُ العلم فهم {الضَّالِّينَ}.

وللعلم فإن مدّ كلمة {الضَّالِّينَ} في التلاوة مداً لازماً مثقلاً مقداره ست حركات توحي بكثرة هؤلاء الضالين ووفرتهم, وهم ( النصارى) ومن ضلّ من الأمم الأخرى , ومن ضلّ من المسلمين أيضاً , وذلك بالمقارنة بـ : {المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وهم اليهود , حيث جاءت بدون مد لتدل على قلة عددهم . والله أعلم .

السؤال الحادي عشر :

فلماذا قدّم إذن المغضوب عليهم على الضالين؟

الجواب:

1ـ المغضوب عليهم الذين عرفوا ربهم ثم انحرفوا عن الحق وهم أشد بعداً؛ لأنه ليس من عَلِمَ كمن جَهِلَ، لذا بدأ بالمغضوب عليهم , وفي معنى الحديث الصحيح: «أنّ المغضوب عليهم هم اليهود، وأما النصارى فهم الضالون».

2ـ المغضوب عليهم أشد ضلالاً وجرماً وعقوبة؛ لأنه علم وجحد, وليس من علم كمن لا يعلم فبدأ بهم . لذلك قيل في العقائد :

وعالم بعلمه لم يَعْمَلَنْ= مُعذَّبٌ من قبل عُبّاد الوَثَن

3ـ جاء في الحديث الصحيح أنّ المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين النصارى, واليهود أسبق فناسب أنْ يُبدأ بهم .

4ـ صفة المغضوب عليهم هي أول معصية ظهرت في الوجود، وهي صفة إبليس عندما أُمر بالسجود لآدم عليه السلام وهو يعرف الحق ومع ذلك عصى الله تعالى, وهي أيضاً أول معصية ظهرت على الأرض عندما قتل ابن آدم أخاه، فهي إذن أول معصية في الملأ الأعلى وعلى الأرض، قال تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ } [النساء:93] ولذا بدأ بها.

أمّا جعل المغضوب عليهم بجانب المنعم عليهم فلأنّ المغضوب عليهم مناقض للمُنعم عليهم والغضب مناقض للنعم.

للبحث تتمة





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 785.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 783.31 كيلو بايت... تم توفير 1.95 كيلو بايت...بمعدل (0.25%)]