|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() قصة معركة بدر، المعركة الفاصلة التي استمرت عبادةُ الله في الأرض بسببها فهد عبدالله محمد السعيدي بينما النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة وهم يتذكرون مكة، والعيش فيها، والحنين إليها يملأ صدورهم، ويتذكرون ديارهم وأموالهم التي نهبها أعداؤهم - الذين هم أبناء عمومتهم - الذين لم يراعوا حق قرابة، ولا حق جار، ولا حق صداقة، ولا حق مصاهرة، ولا حق معاملة تجارية، ولا أي حقوق، لا أدناها ولا أعلاها. بينما نفوس الصحابة المهاجرين تغص بسبب ظلم الأقربين لهم، إذ سمعوا بقافلة تقدَم من الشام لقريش، وفيها أموالهم المنهوبة، رأى النبي صلى الله عليه وسلم فرصةً لاستعادة بعض الحق الذي لهم. فخرج مسرعًا ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر، بعضهم مهاجرون، والباقون من الأنصار يعاونون إخوانهم المهاجرين، الذين كانوا للمهاجرين خيرًا من أقاربهم وذوي أرحامهم. فخرجوا مسرعين ليس معهم سلاح لخوض معركة، إلا عند بعضهم؛ إذ القافلة قليلة العدَّة، فلا تحتاج كثيرَ جهدٍ حتى يأخذوها، ولولا أنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكان الخارجون لها قليلًا منهم، ولكنهم أحبوا صحبة خير الخلق، وألَّا يفارقوه في حضَر ولا سفر. فكان هذا العدد بسبب خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، ولكن الله إذا أراد أمرًا، هيأ له أمورًا قبلها. وصل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى ماء بدر؛ حيث تمر قافلة قريش هناك، تسقي رواحلها، وتستريح من سفر طويل من الشام. وليس للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه همٌّ إلا القافلة، لكنها فاتتهم بحيلة فعلها أبو سفيان، فنجا بها؛ حيث عدل بها نحو الساحل، ولم يمر بماء بدر. وكان قد أرسل إلى أهل مكة يستنجدهم بإنقاذ القافلة، فنفرت مكة بجيشٍ كبير على رأسه أكبر صناديد قريش. وما شعر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا بفوات القافلة، وقدوم جيش جرَّار من مكة، معه كل عدة القتال، ومعه من المُؤَن ما تكفيهم لمدة طويلة؛ جيشٍ مستعدٍّ لمعركة، على خلاف جيش النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثرهم ليس معه سلاح لخوض معركة مع جيش متكامل العدة والعتاد، بل كان سلاحهم لأخذ قافلة تجارية، وكان الجوع يفتك بالصحابة رضي الله عنهم على خلاف عدوهم الذي كان كل مائة رجل منهم يأكلون بعيرًا في كل يوم، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين لم يكن معهم إلا قليل من الجِمال، كان يركب الجمل الواحد عدة منهم يتناوبون على ركوبه. فكان البذخ في جيش أبي جهل يملأ ذاك المكان مع كثرة عدد جيشه، وجاهزيتهم للقتال، وشدة حنقهم على قافلةٍ، ربما بذلوا أموالًا على ذاك الجيش تعدل قيمة القافلة، لكنه الاستكبار في الأرض من مشركي قريش وساداتها الحمقى؛ وفي ذلك قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾ [الأنفال: 36]. فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا قرار المواجهة، وعدم الفرار، مع أن المدينة قريبة لهم، بل كانوا يستطيعون طلب المدد من أهل المدينة خلال تلك الأيام، فيأتيهم المدد خلال يومين أو ثلاثة أيام، لكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه علِموا أن الله قد قدَّر لهم أمرًا، وينبغي لهم هم من يبادر العدو، ولا يُمهله الأيام. فعبَّأ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه تعبئة إيمانية أكثر من التعبئة الحسية، ولجأ إلى الذي بيده ملكوت كل شيء يدعوه، يطلبه، يُلِحُّ عليه طول ليلة معركة بدر حتى جاء الصباح. فأشرق الصباح، وبدأ الوقت يضيق لبدء معركة فاصلة في تاريخ أعظم أُمَّة في الدنيا كلها. كانت المعركة التي عبَّر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((اللهم إن تهلِك هذه العصابة، فلن تُعبَدَ في الأرض بعدها أبدًا)). لقد كانت معركة فاصلة لأجل عبادة الله وحده لا شريك له، فاصلة لأجل تحكيم شرع الله في الأرض، وإظهار عدالة الإسلام، فاصلة لأجل تطهير الأرض أو جزءٍ منها من رجس أهل الكفر والنفاق، فكانت المواجهة لا بد منها، وتغيرت نفوس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الحصول على قافلة إلى الدخول في مواجهة جيش عدده كعدد جيش المسلمين ثلاث مرات؛ فآزر بعضهم بعضًا حتى كانوا كالجسد الواحد، وكروح واحدة، فصفَّهم النبي صلى الله عليه وسلم ورتَّبهم، وأمرهم بالثبات مكانهم، وألَّا يبدؤوا الهجوم ويكونوا في محل الدفاع. رغم قلتهم، لكنهم كانوا في القدر والمكانة عند الله أعظم من جميع جيوش الدنيا. فقربت ساعة الحسم، وكأني بأبي جهل وجنوده في أعلى درجات الاستكبار في الأرض، فكأنهم يرَون أنفسهم قد قتلوا الصحابة، وأسروا منهم مَن أسروا، يرَون هذا الأمر يقينًا لا شكَّ فيه عندهم، وخاصة أن الله قد قلَّل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أعينهم، فتقدم منهم ثلاثة من الأشقياء المستكبرين ينادون للمبارزة، فبرز لهم ثلاثة من الأنصار، فرفضوا مبارزتهم، وقالوا: "نريد أبناء عمنا"؛ زيادة في الغطرسة، فكأنهم قد تصدقوا بالرحمة على الأنصار، وبخِلوا بها على أبناء عمومتهم! فبرز لهم ثلاثة من أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم، اختارهم النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يُقال: هذا قائد يُجازف بأبناء الناس، ويترك أهله وأقاربه، وهكذا هم قادة الصدق والإيمان. فبدأت المبارزة، وإذا هي لحظاتٌ وكبراء قريش الثلاثة مجندلون في التراب، هنا ربط الله على قلوب المؤمنين، وعلموا أن الفاتحة كانت لهم، وهنا أرهب الله قلوب الكافرين حين رأوا الفاتحة عليهم، لكنهم حنقوا وشدوا بهجمة على جيش النبي صلى الله عليه وسلم. فالتقى الجمعان، وتداخل الطرفان، حتى صاروا زمرة واحدة ملتحمًا بعضها ببعض، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله ويستغيثه، فاستجاب الله له، فما هي إلا لحظات، وإذا بجبريل ينزل في جند من الملائكة، يخوضون المعركة كما يخوضها بنو آدم بسيف وخيل. وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم قبضةً من تراب، فَرَمَى بها جيش المشركين، فأوصلها الله إلى عينِ وفمِ وأنفِ كلِّ مشرك على مساحة واسعة، فبارك الله فيها رغم قلتها، وبارك في مَدَاها رغم قصرها، فانشغل المشركون بأعينهم ومناخرهم يُخرجون منها التراب، وشدَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم شدتهم، رغم أنهم لم يعلموا بنزول الملائكة إلا بعد انتهاء المعركة، فصبروا وثبتوا، وقُتل من الصحابة المشاركين أربعة عشر رجلًا، وجُرح منهم العشرات، لكنهم قتلوا من أعداء الله سبعين، وأسروا سبعين، وجرحوا منهم الكثير، وغلبت الفئةُ القليلة الفئةَ الكثيرة بإذن الله. فما هي إلا صبرُ ساعة، وإذا بالجيش الكثير ذي العتاد الأكبر ما بين قتيل وأسير، وشارد لا يَلْوِي على شيء. وإذا بصناديد قريش قد ارتمَوا أرضًا من على خيولهم، وصاروا تحت حوافرها مُجندَلين بالتراب والدم، هنا سُلبت منهم القوة، وانمحى استكبارهم، وأوردوا أنفسهم دار البوار، فصار موضع ما رأوه فخرًا لهم ذلًّا لهم في الدنيا والآخرة. أين أبو جهل؟! الذي كان قبلها بأيام يقول: "والله لن نبرح حتى نأتيَ بدرًا، فنشرب بها الخمر، وتعزف علينا القِيان، وتتحدث بنا العرب فيها"، فسُقوا مكان الخمر كؤوس المنايا. أين جيشه؟! الذي فرَّ منهم عدد كبير أضعاف جيش النبي صلى الله عليه وسلم، فلماذا لم يعيدوا ترتيب صفوفهم ليقاتلوا انتقامًا لآبائهم وإخوانهم؟ إنه الذُّلُّ الذي لاحقهم حتى بلغوا مكة، إنه الشَّتات الذي أصابهم بعد جمعهم المهيب، لم يفكروا بتخليص أسْرَاهم ولا بسحب جثث ساداتهم، بل تركوا كل ذلك وزيادةً وراءهم، حتى كانوا يرمون ثقيل ما عندهم خلفهم؛ ليكون الشرود أسرعَ. هناك في بدر بقِيَ محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثلاث ليال، منتظرين كرةً أخرى لعدوِّهم، فليسوا ممن إذا انتصروا، رجعوا سريعًا خوفًا من خسارة أخرى؛ بل مكثوا مكانهم لتسمع بهم العرب، وأنهم أصحاب قوة ومنعة، وقد هزموا طُغاةَ العرب. وفي اليوم الثالث سُحبت جثث صناديد قريش، جثث أربعة وعشرين رجلًا منهم، ورُموا في بئر ليس فيها ماء. وحاولوا سحب جثة رأس الكفر أُميَّة بن خلف فتقطعت أوصاله، فرموا فوقه حجارة؛ لكيلا يؤذي نتن جسده أحدًا من خلق الله، فغيَّب الله في أرض بدر أولئك الذين آذَوا محمدًا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أولئك الذين لم يراعوا حق الله ولا حق الأقربين. فكانت قاصمة للملة الكافرة إلى آخر الزمان؛ إذ بسبب هذه المعركة استمر العابدون لله تعالى يراغمون أعداء الله، إلى أن يشاء الله رب العالمين. وبينما النبي صلى الله عليه وسلم يجهِّز نفسه للرجوع إلى المدينة، إذ نزلت عليه سورة الأنفال تُبين أحكامًا في الجهاد، وتذكر واقعة تلك المعركة لتبقى محفوظة في القرآن الكريم، يعلمها الجميع؛ لأنها كانت المعركة الفاصلة في هذه الحياة، التي لو انتهى فيها المسلمون، لانتهت عبادة الله في الأرض. فحفظها الله في كتابه؛ لتبقى ذكرى للناس؛ للمؤمنين والكافرين والمنافقين. فعاد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه سبعون أسيرًا من أبناء عمه، بل منهم أقرب الناس إليه؛ عمه العباس، وابن عمه عقيل بن أبي طالب، فعُومِلوا معاملة واحدة هم وباقي أسرى قريش، فمشى ولما دنا من المدينة رأى أن يقتل خبيثين من خبثاء قريش، كانا في الأسرى؛ وهما النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي مُعَيط؛ لعلمه أن هذين الرجلين خبثٌ، لا ينفع معهم إلا القتل وتطهير الأرض منهم. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ومعه باقي الأسرى، وأوصى بهم المسلمين خيرًا، ثم قدِمت وفود قريش تُفاوض على أسراهم، فأخذ المسلمون منهم الفداء، حتى العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. فأخلف الله للمسلمين مكان القافلة غنائمَ بدرٍ، وأموال الفداء، وربما كانت أغلى من القافلة. وكبت الله المشركين، فضاعت أموالهم هدرًا في خروجهم إلى بدر، وذهبت فلذات أكبادهم، وغنِم المسلمون أموالًا وأنعامًا كثيرة، وخيولًا وأسلحة كثيرة منهم، بل جاؤوا بأموالهم طوعًا يدفعونها إلى المسلمين؛ لتخليص أسراهم، فتمنَّوا لو ذهبت القافلة ولم يصابوا بمصائب كثيرة، لكن لا ننسى أن هذه المصيبة كانت في نظرهم حينها مصيبة، لكن بعد ذلك وجدوا أن الذين كانوا يمنعونهم من الإيمان قد ذهبوا بلا رجعة. فما هي إلا سنواتٌ عِدة حتى كان أبناء المقتولين في بدر يؤمنون بالله إلهًا لا شريك له، وبمحمد رسولًا ونبيًّا، فعلموا أن هلاك آبائهم الذين قست قلوبهم كان نعمة وافرة عليهم، ولا ننسى مُصاب المسلمين بأربعة عشر رجلًا منهم، اصطفاهم الله شهداء عنده، لكن لن يأتي النصر بدون تضحيات ولا جهود عالية. وبعد هذه المعركة، فتح الله على المسلمين وانتشر صيتهم في الناس، وهابتهم العرب، وتركوا هيبة كفار قريش؛ إذ كان أبو جهل يريد أن يهابه العرب بعد المعركة، فانقلبت الأمور على خلاف ما كان يأمل به أهل العناد والشِّقاق، وهذه حكمة الله؛ فإنه يذل الكافر في مكان وزمانٍ يرى الكافر أنه سيكون في ذاك الزمان والمكان أعظم من قبل. والحَذِر يُؤتى من مأمنه. فهي معركة فاصلة في عبادة الله وحده لا شريك له؛ لهذا السبب فضَّل الله أهل بدر، وجعلهم خير الناس بعد الأنبياء؛ وقال الله لهم: ((افعلوا ما شئتم؛ فقد غفرتُ لكم))، وكذلك فضَّل الملائكة الذين شاركوا في المعركة على باقي الملائكة؛ لأنهم شاركوا في معركة من بعدها قامت عبادة الله في الأرض، ولم تنقطع. والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |