|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خصائص شهر رمضان د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي الخطبة الأولى الحمدُ لله، الحمد لله الذي فرض الصوم على عباده، الحمد لله الذي بلغنا هذا الشهر الكريم، الحمد لله الذي أعاننا فيه على فعل الخيرات، الحمد لله الذي مصائر الخلائق إليه، والصلاة والسلام على خير من صلَّى وصام، وطاف بالبيت الحرام، وعلى آله وأصحابه المهاجرين منهم والأنصار، ومن سار على نهجه إلى يوم المعاد، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي خير زاد ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197]، وهي خير لباس ﴿ وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ﴾ [الأعراف: 26]. أيها المؤمنون، فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى، إن لله جل وعلا الحكمة البالغة في شرعه وخلقه، فهو الحكيم فيما شرع وخلق، لم يخلق خلقه عبثًا، ولم يتركهم سُدًى، ولم يشرع لهم الشرائع لعبًا؛ إنما خلقهم لأمر عظيم، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الدخان: 38، 39]. شرع لهم من العبادات ما يزداد به إيمانهم، وتكمل به عباداتهم. أيها المسلمون، وإن شرع الله ابتلاء، وامتحان للمكلَّفين، ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، ففيها ابتلاء للعباد، ليظهر من هو صابرٌ لشرع الله، مستجيب منقاد، عبدٌ لمولاه، سامعٌ مطيعٌ، ممن هو عبدٌ لهواه، إنما يتبع ما يوافق هواه. إن الله تعالى شرع العبادات ونظَّم المعاملات ابتلاءً وامتحانًا، فمن قبل بشرع الله، وانشرح بذلك صدره، وطابت نفسه، دل على صدق إيمانه، وعظيم يقينه، ومن قبل من الشرائع بعضًا، وردَّ بعضًا، قبل ما يوافق هواه، ورد سوى ذلك، فهو دليل على أنه عابدٌ لهواه، ليس مطيعًا لمولاه، يريد أن يكون متبوعًا، ولا يريد أن يكون تابعًا، يريد أن يُخضِع الأمور كلها لما تهواه نفسه فقط، ﴿ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 71]. أيها المسلمون، إن الله تعالى نوَّع العبادات على العباد، فمنها عبادة تتعلق بالبدن؛ كأداء الصلوات، وعبادة تتعلَّق بالمال؛ كإخراج الزكاة، وعبادة ما بين المال والبدن جميعًا، بالمال والبدن جميعًا؛ كحج بيت الله، والجهاد في سبيل الله، وعبادة مطلوبٌ بها الكفُّ عن مشتهيات النفس؛ كعبادة الصيام، والمسلم يقبل شرع الله كله إيمانًا ويقينًا، وقد ردَّ الله على من قبلوا بعضًا وردوا بعضًا، ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85]. أيها المسلمون، من تلكم العبادات عبادة الصوم؛ فإن الصوم عبادةٌ لله، عبادة يتقرب بها العباد إلى الله، الصوم- أيها المسلمون- عبادة يتقرب بها العباد إلى الله، ولما كان الصيام عبادة لله، وطاعةً لله، وعنوان الخضوع والذل لله، تعبد الله به الأمم قبلنا، وتعبدنا به كما تعبد من قبلنا، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184]. أيها المسلمون، صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام))؛ أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وأجمع المسلمون على ذلك إجماعًا قطعيًّا لا شك فيه، فرض الله صيام رمضان على أمة الإسلام، في العام الثاني من الهجرة، فصام محمد صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات، قال تعالى مخاطبًا عباده المؤمنين، السامعين المستجيبين، المنقادين لشرع الله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 183، 184]، هذا الخطاب لأهل الإسلام، ليبين لهم وجوب صيام رمضان، وأنه كُتب وفُرض عليهم كما كُتب على من قبلهم؛ لكونه عبادة محبوبة إلى الله، دالة على الإخلاص الحقيقي لله، فتعبَّد الله به من قبلنا، وتعبدنا به جل وعلا. يبين تعالى حكمته من فرض صيام رمضان على أمة الإسلام قوله: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾؛ أي: إنكم تنالون بالصيام التقوى، ويتحقق لكم بصيامكم رمضان تقوى الله جل وعلا، كيف يكون ذلك؟ يكون ذلك بأن المسلم يتعبَّد لله بترك الطعام والشراب، ومواقعة النساء، وتلك من الأمور المحببة إليه، المغروس حبُّها في نفسه، يتركها طاعة لله، مع ميل النفس وحبها لها، لكنه يترك ذلك طاعة لله، وعبادةً يتقرب بها إلى الله، فيحصل الخضوع والطاعة لرب العالمين. أيها المسلم، إن إدراكك رمضان نعمة من الله عليك، فاشكر الله أن بلَّغك رمضان، واسأله أن يمدَّك بعونه وتأييده لأن تصومه وتقوم ليله، طاعةً لله، وإخلاصًا لله، كان سلفكم الصالح يدعون الله قائلين: "اللهم سلمنا لرمضان، وسلم لنا رمضان، وتسلَّم منا رمضان متقبلًا". أيها المسلمون، لهذا الشهر العظيم خصائص عظيمة، تفضل الله بها علينا، فمنها أن صيامه وقيامه سبب لمغفرة ما مضى من الذنوب، يقول صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه))؛متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وكان صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ثم يقول: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه))؛ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. من خصائص هذا الشهر ما بيَّنه صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إذا كان أول ليلة من رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وسُلْسِلت الشياطين))؛ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أيها المسلم، أقبل رمضان فعلى أي شيء العزم؟ هل على نية طيبة وتوبة نصوح، وعزيمة صادقة، وتنافس في صالح العمل؟ إنه شهر في السنة كلها، فاغتنم أيامه ولياليه، واستعن بالله على ذلك، وكن مجتهدًا، وكن صادق العزيمة، صادق التوبة، قويَّ الرغبة في هذا الشهر، فرِحًا به، مستبشرًا به، مستأنسًا به، ترجو أن يكون لك فيه نصيب عند ربك، بتوبة نصوح، ودعوات مرفوعة إلى الله، وإقلاع من الخطأ، وعزيمة على الاستمرار في الطاعة، ورجاء من الله أن يحقق لك ما وعد به الصائمين، وما ذاك على الله بعزيز. فاستقيموا على طاعة ربكم، واسألوا الله إذ قربكم من هذا الشهر أن يبلغنا جميعًا صيامه وقيامه، وأن يجعل لنا فيه حظًّا ونصيبًا، وأن يعيننا فيه على كل خير، وأن يعيذنا فيه من نزغات الشيطان. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، أما بعد:فمن فضائل الصوم: 1- الصائم تقبل دعوته: عن أبي هريرة مرفوعًا: ((ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم)). روى الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا: ((ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)). 2- الصائم يصبح متفائلًا: روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بصومه، وإذا لقي ربه فرح بصومه)). 3- الصائم يطمئن لقبول العمل وذلك بإخراج زكاة الفطر: قال ابن عباس: ((فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين)). 4- والصيام لا عدل له: روى ابن حبان عن أبي أمامة أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: دلني على عمل أدخل به الجنة، قال: ((عليك بالصوم لا مثل له)). 5- الصائم يدخل الجنة ويشرب ولا يظمأ: روى البخاري ومسلم عن سهل مرفوعًا: ((إن في الجنة بابًا يقال له الرَّيَّان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلِق فلم يدخل منه أحد)). وفي حديث ابن خزيمة مرفوعًا: ((فإذا دخل آخرهم أغلق، ومن دخل شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا)). ألا وصلُّوا ـ عباد الله ـ على رسول الهدَى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن الخلفاءِ الأربعة الراشدين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين. اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه. اللهم اجعلنا ممن يعظم شعائرك. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا. اللهم اجعله شفيعًا لنا وشاهدًا لنا لا شاهدًا علينا. اللهم ألبسنا به الحلل، وأسكنا به الظلل. واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين، وعند النعماء من الشاكرين. وعند البلاء من الصابرين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعلنا ممن قبلته في هذا الشهر الكريم. اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وتولَّ أمرنا. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |