#1
|
||||
|
||||
مظاهر المنهج الوصفي عند ابن جني
مظاهر المنهج الوصفي عند ابن جني أ. د. عبدالله أحمد جاد الكريم حسن يلاحظ القارئ لكتاب الخصائص لابن جني وجود الكثير من مظاهر الوصفية وبذورها عند ابن جني؛ أذكر طرفًا منها على النحو الآتي: ♦ مظاهر المنهج الوصفي عند ابن جني: أولاً: انطلق ابن جني من منطلق وصف البنية اللغوية؛ لأن بحثه في "الخصائص" كان يدور بشكل رئيسي في نطاق بنية الكلمة المفردة. فعمد إلى دراسة الأصوات التي تتألف الكلمات منها، وسعى إلى اكتشاف القوانين التي تنظم العلاقة بين الأصوات في الكلمة. فبحث في الاشتقاق وأنواعه، ودرس التقليبات الممكنة للكلمة الواحدة. وبين أن الأمر المشترك الذي يجمع التقليبات هو وحدة المعنى. وأفضى ذلك به إلى القول بوجود علاقة مناسبة طبيعية بين الصوت والمدلول. ويعني هذا أن ابن جني لجأ إلى الوصف التطوري لبنية الكلمة الذي يأخذ بالاعتبار عامل الزمن. ثانيًا: منهجه في جمع اللغة: كان ابن جني يهتم بجمع المادة اللغوية بمشافهة الأعراب والاتصال بالمصدر البشري، وهي الطريقة الوصفية الحديثة في جمع اللغة، " فالاستقراء والتقعيد طريقان من طرق الوصف في دراسة اللغة "[1]. ولكننا لا نزعم أن المنهج الوصفي لدى المحدثين نسخة مكررة مما جاء به ابن جني والنحاة القدامى، فالفارق الزمني ومعطيات التطور العلمي، ومكتسبات التنوع الثقافي خلال مئات السنين؛ جعل من دراسة المنهج الوصفي وتطبيقه عند المحدثين تغاير في كثير من الأوجه ما ورد عند ابن جني، وعلى الرغم من هذه الشوائب التي تصور الوصفيون وجودها في المنهج النحوي القديم، ومن نعتهم لغة النحاة باللاتطورية واللازمانية، فقد اكتفوا بالإشارة السطحية لمفاهيم التطور اللغوي ولم يستطيعوا طرح جوهر مشكل مادة الدراسة. يقول الفاسي الفهري: "حتى الوصفيون الذين انتقدوا النحاة القدامى أشد ما يكون الانتقاد، وعابوا عليهم إفسادهم للنحو؛ بإدخال أدوات ومفاهيم منطقية فيه، وانتصارهم للقياس واصطناع أمثلة وتراكيب كثيرة لم تكن موجودة في اللغة ولم تسمع عن العرب؛ وإنما أوردوها لتزكية أصولهم، حتى هؤلاء اكتفوا بالاحتفاظ بما أتى به القدماء من معطيات، ولم يحاولوا وصف لغة أخرى بالاعتماد على جرد مواد جديدة انطلاقاً من نصوص شفوية أو مكتوبة"[2]، أي: أنهم بالرغم من نقدهم للمنهج النحوي ومعطياته الدراسية، بقوا محافظين على معطيات القدامى، حيث رسخ في اعتقادهم أن إشكال المعطيات قد حل في عصر التدوين. ولا نستطيع إنكار سبق ابن جني وريادته في استخدام المنهج الوصفي في التعامل مع اللغة، والأمثلة على ذلك في الخصائص أكثر من أن تحصى، وأكبر من أن تخفى. وفي هذا الشأن يؤكد العلماء سبق النحاة العرب ـ وفي مقدمتهم ابن جني ـ الغربيين في تحليلاتهم العميقة ومفاهيمهم الدقيقة؛ وبخاصة في مناهج الوصف البنيوي الذي تأثر بها العلماء الغربيون في القرن التاسع عشر[3]، وهناك من يرى أن المنهج الوصفي وجـد عند مؤسسه ابن مضاء القرطبي أولاً، وابن جني ثانيًا [4]. [1] ينظر: الخصائص (1 /242). [2] ينظر: تمام حسان، مناهج البحث في اللغة، القاهرة، مطبعة الأنجلو المصرية، 1955م، (ص201) [3] عبد الرحمن حاج صالح، مدخل إلى علم اللسان الحديث، مجلة اللسانيات، المجلد (2)، ج1، 1972م، (ص9). [4] أنيس فريحة، نظريات في اللغة، بيروت، الشركة العالمية للكتاب، ص (86،116).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |