حنان الآباء - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836877 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379389 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191233 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1098 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-12-2020, 11:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي حنان الآباء

حنان الآباء













د. عبدالحكيم الأنيس







(1)


كان إبراهيمُ الخليلُ يزور ابنه إسماعيل في مكة بين حينٍ وآخر.





ويحدِّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم –كما في "صحيح" البخاري-أنه جاء مرة (وإسماعيل يبري نبلًا له تحت دوحةٍ قريبًا من زمزم. فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالدُ بالولد والولدُ بالوالد).





تأملوا في هذا التعبير النبوي، وانظروا كم اختزل من مشاعر عطف اﻷب تُجاه ابنه بعد الغياب، ومشاعر اﻻبن البار تُجاه أبيه!





وكأن الله تعالى جلّى الموقف لنبيه فرآهما وهما يعتنقان تحت شجرةٍ قرب زمزم، ونقل لنا هذا المشهد الحنون.


صلى اللهُ وسلَّم عليهم جميعًا.


◘ ◘ ◘ ◘






(2)


جاء في "التعازي والمراثي" للمُبرِّد ص146-147:


"قال الحسنُ بن عمارة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة قالت:


لما مات عبدُ الله بن أبي بكر وَجَدَ عليه أبو بكر وجداً شديداً.


ثم دخل عليَّ فقال: يا عائشة، واللهِ لكأنما أخِذَ بأذن شاةٍ من دارنا فأُخرِجتْ.


[يقصد أن الله خفَّف عليه شدة الفراق، خفةَ إخراجِ شاةٍ من الدار].


فقلتُ: الحمدُ لله الذي عزمَ لك على رشدك، وربطَ على قلبك.


قالتْ: ثم جاء بعد ذلك فقال: أي بنية، أتخافين أن تكونوا دفنتم عبدَ الله وهو حي؟ فقلتُ: استعذْ بالله يا أبه.


فقال: أستعيذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، أي بنية، إنه ليس أحد إلا وله من الشيطان لمّة.


فرثته عاتكة امرأته، وهي ابنة زيد بن عمرو بن نفيل فقالت:


فآليتُ لا تنفكّ عيني سخينةً = عليك وجلدي آخرَ الدّهر أغبرا".


وقد توفي عبد الله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعين ليلة.





وانظر: الخبر في "المستدرك" (3/543) برقم (6021)، وفي السند الهيثم بن عدي وهو واه كما قال ابن حجر في "الإصابة" (4/27-28)، وانظر: "حياة الصحابة" (3/463).





واللمة: الخطرة تقع في القلب. كما في "النهاية" (4/273).


◘ ◘ ◘ ◘






(3)


وعن الفهري عن أبيه قال: كان عمر بن عبد العزيز يقسم تفاح الفيء، فتناول ابنٌ له صغيرٌ تفاحة، فانتزعها مِنْ فمه فأوجعه، فسعى إلى أمّه مستعبرًا، فأرسلتْ إلى السوق فاشترتْ له تفاحًا، فلما رجع عمرُ وجدَ ريحَ التفاح فقال: يا فاطمة هل أتيتِ شيئًا من هذا الفيء؟





قالت: لا. وقصَّتْ عليه القصة.


فقال: والله لقد انتزعتُها من ابني لكأنما نزعتها عن قلبي، ولكن كرهتُ أن أضيع نصيبي من الله عز و جل بتفاحةٍ من فيء المسلمين.


ينظر: "صفة الصفوة" (2/120).


◘ ◘ ◘ ◘






(4)


قال ابن أبي الدنيا في كتابه "العيال" (1/324): "حدثنا أبو هشام، حدثنا ابن يمان قال: سمعت سفيان يقول: ما في الأرض أحب إليَّ من سعيد، وما في الأرض أحد يموت أحب إلي منه. فمات، فرأيته يبكي، فقلت: تبكي وقد كنت تمنّى موته؟!





قال: أذكرُ قولَهُ: آه جَنْبِي".


◘ ◘ ◘ ◘






(5)


روى إبراهيمُ بن إسحاق أن الخليفة المتوكل على الله العباسي أخذ الرجلَ العلوي الذي سعى بالإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل إلى السلطان (أي وشى به)، وأرسله إلى أبي عبد الله ليقول فيه مقالة للسلطان (بما يشبه الفتوى في أمر الواشي الكاذب، وكأن السلطان عزم على قتله) فعفا الإمامُ أحمدُ عنه وقال: لعله يكون له صبيانٌ يُحزنُهم قتلُه...





ينظر: "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي ص221.


◘ ◘ ◘ ◘






(6)


غضب الخليفة الناصر العباسي على اﻹمام ابن الجوزي عام 590 للهجرة، فنفاه من بغداد، وفرض عليه إقامة جبرية في واسط، وكان الشيخ في الثمانين من عمره أو يزيد.





وأقام في واسط خمسَ سنين في غربة شديدة ومحنة ثقيلة...ﻻ مجال لتفصيل الحديث عنها.





قال الإمامُ ابن رجب في ترجمة الشيخ في "ذيل طبقات الحنابلة" (2/505) نقلًا عن ابن القادسي:


"وذُكِرَ عنه أنه قال: قرأتُ بواسط مدةَ مقامي بها كلَّ يوم ختمة، ما قرأتُ فيها سورة يوسف من حزني على ولدي يوسف.





والذي ذكره أبو الفرج بن الحنبلي عن طلحة العَلثِي: أنَّ الشيخ كان يقرأ في تلك المدة ما بين المغرب العشاء ثلاثة أجزاء، أو أربعة من القرآن".





ولم يُصرَّح باسم القائل الأول، أما طلحة العلثي فهو تلميذ الشيخ، ولعل نقله أدق، ولعل ما ذُكِرَ أن الشيخ لم يقرأ سورة يوسف كان منه في بعض الختمات حين يشتد الحنين، ويثور الشوق، وتحتدم الشفقة على ولده (يوسف) الذي خلفه في بغداد وهو في العاشرة من عمره!





وقد ولد يوسف هذا سنة 580هـ، وقتله هولاكو سنة 656هـ، وكان من أعيان عصره الكبار.


◘ ◘ ◘ ◘






(7)


حجَّ الفقيه الكبير محمد أمين ابن عابدين في حياة أبيه، وفي مدة غيابه لم يدخل أبوه عُمَرُ إلى داخل البيت، وكان ينام في في دار خارجية (لعلها معدة للضيوف) وكأنه لا يستطيع أن ينظرَ إلى سرير ابنه وهو فارغ.





قال الشيخ محمد علاء الدين في ترجمة والده الفقيه محمد أمين في "قرة عيون الأخيار" (11/12-13):


"وكان والده (عمر) -رحمه الله تعالى- شفوقًا عليه، ويحبه محبة تامة، حتى إنه لما حجَّ سيدي سنة خمس وثلاثين [ومئتين] امتنع والدُه من دخول داره الجوانية مدة غياب سيدي، ولم ينم على فراش تلك المدة -وهي أربعة أشهر- بل بقي نائمًا في داره البرانية".





وفي معنى آخر حدَّثني الأخُ الكريمُ الفاضلُ الشيخُ الدكتور قطب عبد الحميد قطب مستشار الوعظ والإرشاد في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي أنه إذا سافر أحدُ أبنائه فإنه ينامُ في فراشه تشوقًا إليه والتماسًا لرائحته.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-08-2021, 11:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حنان الآباء

حنان الآباء (2)
د. عبدالحكيم الأنيس




كان للشيخ تقي الدين علي السبكي (756-683) أربعة أبناء:
محمد: ومات صغيرًا.
أحمد (719-773).
حسين (722-755).
عبدالوهاب (727-771).
وكان (حسين) مِنْ أذكياء العالم، وقد توفي في حياة أبيه، وحزن عليه حزنًا كبيرًا، مرض على أثره مرضًا شديدًا[1].
♦ ♦ ♦ ♦

وكان تقي الدين يحبُّ ابنه (أحمد) حبًّا مميزًا...
قال تاج الدين عبدالوهاب:
"كان الوالد -رضي الله عنه- يجل الأخَ ويعظِّمُهُ، سمعتُهُ غير مرة يقول: أحمد والد. وهذا يشبه قول الأستاذ أبي سهل الصعلوكي في ولده الأستاذ أبي الطيب سهل بن أبي سهل الصعلوكي: سهل والد.
وكذلك سمعتُ الشيخ الإمام -رحمه الله- يقول في مرض موته والأخُ غائبٌ في الحجاز: غَيبةُ أحمد أشدُّ عليَّ ممّا أنا فيه من المرض. وقد قال أبو سهل هذه الكلمة في مرض موته وولدُه أبو الطيب غائبٌ.

وبلغه أنَّ دروسَ الأخ خيرٌ مِنْ دروسه فقال:
دروسُ "أحمد" خيرٌ مِنْ دروسِ علي ♦♦♦ وذاك عند "عليٍّ" غايةُ الأملِ

وأنشدنا لنفسه وكتبَ بهما على الجزء الذي خرجتُهُ في الكلام على حديث المتبايعين بالخيار:
عبدُالوهاب مخرِّجه
مِنْ فضلِ الله عليَّ نشا

يا ربِّ قه ما يحذرهُ
واقدرْ فيه الخيرات وشا"[2]




وقال (تاج الدين):
"وحضرتُهُ وقد جاء إليه بعضُ الفقراء فقال: أريد ثلاثًا:
ولاية ابني هذا (أي عبدالوهاب) موضعي.
ورؤية ولدي أحمد.
وموتي بمصر.
أشهدُ بالله لسمعتُ ذلك منه...
فقال له الفقير: سل الله في ذلك إن كان مصلحة.
فقال: قد تحقَّقتُ أن كل واحد من الثلاثة مصلحة.
فقال له: القضاء مصلحة لهذا؟
فقال: نعم تحقَّقتُ أنه مصلحة له في الدنيا والدين جميعًا.
وقال في ذلك المجلس: أنا في برِّ[3] ولدي أحمد -يعني الأخ أبا حامد-. ووصفَهُ بالعلم الكثير"[4].

وقال تاج الدين أيضًا:
"وكانت أموره في حال مرضه في غاية العجب، وقاسى الشدائدَ ولم يسمعه أحد يقول: آه. ولا يطلبُ العافية، بل غاية ما يطلبُ ولايتي، ورؤية الأخ، والوصول إلى مصر قبل الوفاة. وقُضِيتْ له الحاجات الثلاث"[5].
♦ ♦ ♦ ♦

وكان لأحمد ولدٌ اسمه "محمد" كان أثيرًا عند جدِّه تقي الدين، وكان ريحانته وأنيسه.
وقد رُبّي في حِجْر جدِّه بدمشق لا يكاد يفارقه، وحلَّ مِنْ قلبه بالمنزلة الرفيعة.
ولم يزل عند جدِّه بدمشق إلى أن عرَضَ للجد الضعفُ فسفّره أمامَه إلى القاهرة.
ويبدو أنَّ التقيَّ كان يريد أن يكون حفيدُهُ المحبوب ابن أحمد العزيز إلى جانبه وهو يُفارِق الدنيا.
وقد توفي "محمد" بعد جده بثماني سنين، ولم يستكمل العشرين، ودُفن عند جدِّه بمقابر الصوفية خارج باب النصر[6].


[1] تنظر ترجمته في "موسوعة البيوت العلمية بدمشق" (2/ 2/ 1036).

[2] طبقات الشافعية الكبرى (10/ 190-191).

[3] في نسخة: بركة.

[4] السابق (10/ 210).

[5] السابق (10/ 218).

[6] تنظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى" (9/ 124-125)، و"تاريخ" ابن قاضي شهبة ص235-236، و"موسوعة البيوت العلمية بدمشق" (2/ 2/ 1054).
ولم يزل موقع آثار تربة السبكيين بدمشق معروفًا، بخلاف موقع تربة التقي وآله بالقاهرة فلا يُعرف.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-09-2021, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حنان الآباء

حنان الآباء (3)
د. عبدالحكيم الأنيس



مذهب الأحزان:

في تراثنا أنَّ يعقوب - عليه السلام - حين لقي يوسف في مصر سلَّمَ عليه بقوله: السلام عليك يا مذهبَ الأحزان[1]...





الإمام أحمد بن حنبل وحفيده:

قال محمد بن علي السِّمسار: رأيتُ أبا عبدالله أحمد بن حنبل بالليل قد جاء إلى منزل ابنه صالح، وابنُ صالحٍ تسيلُ الدماءُ من مَنْخِريه، وقد جُمِعَ له الأطباءُ وهم يعالجونه بالفتل وغيرِها والدمُ يغلبهم، فقال له أبو عبدالله: أيّ شيءٍ حالك يا بُنيّ؟ فقال الولد: يا جدّي هو ذا أموتُ، ادعُ الله لي، فقال له: ليس عليك بأسٌ. ثم جعلَ يحرِّك يدَه كأنه يدعو له، فانقطعَ الدمُ، وقد كانوا يئسوا منه، لأنه كان يَرْعُفُ دائمًا[2].




وصالح أكبر أولاد أبيه (203 - 265)، وُلِدَ له وهو في التاسعة والثلاثين من العمر، وكان أحمد يحبه ويكرمه، وابتلي بالعيال على حداثة سنِّه، مما يدل على أنَّ والدَه زوَّجه مبكِّرًا، وذُكِرَ له ولدان: زهير (ت: 303) وأحمد[3]، ولا ندري من المريض المقصود هنا، لكن من الواضح اهتمامُ الإمام أحمد به إذ جاءه ليلًا، ومزيدُ شفقته عليه وحنانُهُ تجاهه، وهو يسمع قوله: هو ذا أموتُ يا جدي، ودعاؤُهُ الخاشع له الذي ظهرتْ إجابتُهُ سريعًا بعد عجزِ الطبِّ عنه.

وأقدِّرُ وقوع هذه الحادثة في حدود سنة (230)، والله أعلم.





شفقة والد ابن العديم:

قال الإمام مؤرخ حلب كمال الدين ابن العديم (ت:660هـ) في تَرْجمة شيخه الشَّيخ تاج الدِّين الكِنْدِي (ت: 613هـ):

"وكان حسنَ الأخلاق، جميلَ الصورة، تامَّ الخَلق والخُلق، وكان يكتبُ خطًّا حسنًا، دخلتُ إليه داره بدمشق في سنة ثلاثٍ وسِتّ مئة مع والدي، وقرأتُ عليه "المقامات الحريريّةَ" وغيرها من كُتُب الأدب، ولمَّا شَرَعتُ في قراءة "المقامات" عليه أعْجَبته قراءتي، وسألني: أتَحْفَظُها؟ فقُلتُ له: لا، فمال إليَّ واعْتَنى بأمري، وكان يأذن لي كُلَّما جئتُ إليه. ولمَّا عزَمتُ على العَوْد إلى حلب قال لي: اجْعَل في نفسك أنْ تعودَ إلينا، فأثَّر كلامُه عندي، وآثرتُ الرِّحلة إليه، وكان والدي - رحمه الله - لا يسمح بمُفارقتي، إلى أنْ سمحَ بأنْ يزور البَيْت المُقَدَّس فاسْتَصْحَبني معه، ووصلتُ معه إلى دمشق، ودخلتُ إلى الشيخ - رحمه الله - فقرأتُ عليه عدَّةً من كُتُب الأدب والحديث في سنة ثمانٍ وسِتّ مئة، ثُمَّ عُدتُ من البيت المُقَدَّس، وكنتُ أتردَّدُ إليه وأسمَعُ منه بقراءتي وقراءة غيري في سنة تسْعٍ وسِتّ مئة"[4].





والد الذهبي:

ومثل هذا الموقف مِنْ والد ابن العديم كان مِنْ والد الإمام الذهبي، فقد كان (الذهبي) يريدُ الرحلة ووالدُه يمنعه، كما ذكرَ في مواضع عدة مِنْ كتبه، ثم سمحَ له بالرحلة حينما بلغ العشرين مِنْ عمره، على أنه سمحَ له برحلاتٍ قصيرةٍ لا يقيمُ في كل منها أكثر مِنْ أربعة أشهر في الأغلب، ويرافقه فيها بعضُ مَنْ يعتمد عليهم، وقد رافقه والدُه نفسُه في رحلته إلى حلب، وسمِعَ الحديثَ معه فيها[5].





حنان ابن العديم:

وهذه أبياتٌ تفيضُ شفقةً وحنانًا وشوقًا أرْسَلها الإمامُ المؤرخُ ابن العَدِيْم من مصر إلى ابْنه مجد الدين عَبْدالرَّحمن في حلب، يشكو فيها تعبَه من السَّفَر والتَّرْحال، وأرقَه في الليل، ويذكرُ شوقه إليه، وأنه لا أربَ له في غير رؤيته [6].



يقولُ فيها:



هذا كتَابي إلى مَنْ غابَ عن نَظَري

وشَخْصُهُ في سَوَادِ القَلْبِ والبَصَرِ



ولا يمنُّ بطَيْفٍ منه يَطْرقني

عندَ المَنام ويأتيْني على قَدَرِ



ولا كتابٌ له يأْتي فأسْمَع مِنْ

أنْبائه عنهُ فيه أَطْيَبَ الخَبَرِ



حتَّى الشّمالُ الَّتي تَسْري على حَلَبٍ

ضَنَّتْ عليَّ فلم تخْطرْ ولَم تَسِرِ



أَخُصُّهُ بتَحيَّاتي وأُخبِرُهُ

أنِّي سَئمتُ من التَّرْحالِ والسَّفَرِ



أَبِيْتُ أرْعَى نُجُومَ اللَّيل مُكْتئبًا

مُفكِّرًا في الَّذي ألْقى إلى السَّحَرِ



وليسَ لي أربٌ في غير رُؤْيَتهِ

وذاكَ عنديَ أقْصَى السُّؤلِ والوَطَرِ[7]








[1] جاء في "زاد المسير" لابن الجوزي (4 /288): "وقيل: إن يعقوب ابتدأه بالسلام فقال السلام عليكم يا مذهب الأحزان".



[2] انظر: "مناقب الإمام أحمد بن حنبل" لابن الجوزي ص397 ط التركي.



[3] يُنظر "مناقب الإمام أحمد" ص411 - 413.



[4] بغية الطلب في تاريخ حلب.



[5] انظر التفصيلَ في كتاب "الذهبي ومنهجه في كتاب تاريخ الإسلام" للأستاذ الدكتور بشار عواد معروف ص 81 - 82.




[6] قال الأستاذ المهدي عيد الرواضية في ترجمة ابن العديم في مقدمة تحقيقه لـ "بغية الطلب في تاريخ حلب"، قال عن هذه الأبيات: "لم نقفْ على مُناسبة نظمها، ونُقَدِّرُ أنَّ توقيتها في أعقاب تَدْمير حلب، وبعد ارْتحاله الأخير إلى مِصْر، اسْتِمدادًا من نَفَس الأبْيات، وشُعُور قائلها بالضِّيْق والغُرْبة".
وتدمير حلب كان في الهجوم التتري سنة (658هـ).



[7] مِنْ "فوات الوفيات" (3 /129).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 96.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 94.19 كيلو بايت... تم توفير 2.80 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]