سالم بين مطرقة الحلم وسندان طلوع السلالم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-09-2021, 02:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي سالم بين مطرقة الحلم وسندان طلوع السلالم

سالم بين مطرقة الحلم وسندان طلوع السلالم


د. ابتسام الكحيلي





تحقيق المنى ورقي السلالم من منظور شاعر

(حلم سالم )[1]


يَجِيءُ نَهَارٌ وَيَمْضِي نَهَارٌ
وَمَا زَالَ سَالِمْ
يَبِيعُ السَّلَالِمْ
وَفَكَّرَ يَوْمًا: أَلَا أَرْتَقِيهَا؟

فَبَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ
وَقَامَ وَفِي قَدَمَيْهِ جِلَادٌ وَفِي رِئَتَيْهِ زَفِيرٌ مُقَاوِمْ
وَيَرْقَى.. يُتَمْتِمُ: إِنِّيَ عَالِمْ
وَفَاهِمْ
وَغَانِمْ
ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ: وَ"سَالِمْ"
فَتُكْمِلُهَا قَهْقَهَاتُ الزَّمَانِ المُدَاهِمْ:
وَنَادِمْ
..........................

فَيَهْوِي بِهِ دَرَجٌ لَا يُسَاوَمْ
..........................

لِبَعْضِ الْمُنَى أَمَدٌ لَا يَجِيءُ
وَبَعْضُ الْمُنَى عَهْدُهُنَّ السَّلَالِمْ

للشاعر د.عبدالله الرشيد.


"حلم سالِم" مقطوعةٌ شعريةٌ لخَّصت التجرِبةَ الإنسانيةَ الحالمةَ، وافتقارَها لمقوِّماتِ النجاحِ أو تحقيق الحلم.

فالشعرُ مبنًى يعبِّر عن فكرٍ، وتجربةٍ، وحياةٍ.

هذه المقطوعةُ جمالُها أن تتأمَّلها من خارجِها، والنفاذُ في باطنِها يُفِيد الدرسَ النقديَّ فقط، فهي كتابٌ أو مفهومٌ في بناءِ الذاتِ بالمعنى الحديث، لُخِّص في مقطوعةٍ أبطالُها ثلاثةٌ: "الإنسان، الحلم أو الأمنية، الواقع".

المعنى الدَّلالِي القريب: إن سالِمًا بائع الأحلامِ والأمنياتِ، مروِّج الأمل - أو أنه بائعٌ للسلالِمِ حقيقةً - قرَّر يومًا أن يمارسَ ما يقولُ "صعود السلالم".

وهو جلدٌ فَرِح يَعتَقِد أن مركبَه سهلٌ، ومبتغاه وافرٌ، وحلمَه محققٌ.

ولكن الضدية تمثَّلت له في معاندةِ الزمنِ، وقهقهة الأيام عليه؛ فيَهْوِي به درجُ الصعودِ، ويفشلُ في تحقيقِ الأمنياتِ لحقيقةٍ أو فلسفةٍ كونيةٍ تُثبِتُها الحياةُ اليوميةُ في ثنائيةِ المُنَى؛ أحدها لا يتحقَّق أبدًا ولا يأتي زمنُها، والآخر يحتاجُ إلى جهدِ الممارسةِ، وبناء العدَّة، والانطلاق نحو الصعود.

وكأني بالأبياتِ تُشِير إلى قولِ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((بل قيِّدها، وتوكَّل)).
لِبَعْضِ الْمُنَى أَمَدٌ لَا يَجِيءُ
وَبَعْضُ الْمُنَى عَهْدُهُنَّ السَّلَالِمْ

تطالُعنا العتبةُ بثنائيةٍ تتخطَّى الدلاليةَ الحرفيةَ إلى دلاليةٍ سيموليجية؛ فالعنوانُ يَفرِضُ حضورَه باستحضارِ البنَى المعنويةِ خلفَ الظاهرةِ اللفظية؛ فهو يتكوَّن من شقينِ: (الحلم، وسالم)، مسند ومسند إليه، فالدلالةُ المستحضرَة القريبةُ سالِم الإنسان وحلمه (مجرَّد رجل سالِم، ومجرَّد حلم)، لن يستحثَّك بقوَّةٍ لقراءتِه بدلالتِه الظاهرة؛ فهو مجرَّد حلمٍ لمجرَّد إنسانٍ، ولكن حين تتجاوزُ العتبة إلى بنيةِ النصِّ يلفُّك بقوتِه القرائيةِ، بطرافةِ التجربةِ الإنسانيةِ، وعمقِ الخبرةِ الحيويةِ للمشاهداتِ اليوميةِ، التي تَعِجُّ بالأحلام والمنَى التي تخلقُ وتنمو، وقد تنضجُ، ثم تتضاءلُ بفعلٍ قهريٍّ ذاتي، أو من سلطة خارجية.

والثنائيةُ في العنوانِ قائمةٌ على التآلفِ والإضافةِ، لكنها في النصِّ تأتي من التضادِّ في الحدثِ؛ فرح سالِم بطلوعِ السلالِم، ومعاندة الزمانِ ومناهضته لعملية الصعود.

فالمبنى الدراميُّ للمقطوعةِ شخصٌ بحالةٍ ما، ثم حدثٌ برغبةٍ ما، مرتبطٌ بنتيجةٍ ليست اعتباطيةً، ثم أغلق بتدخُّل ذات الخطاب الشعري، بتجسيم القانون أو الحكمة بأسلوب العلامة والرمز.

والعنوانُ يَستَدعِي من ذاكرتي علاقةَ المغايرةِ في الإسنادِ.

قول الشاعر سعد الدين كليب:
"إِيه فَلْيَبْدَأِ الْحُلْمُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ فَلِلْحُلْمِ إِزْمِيلُهُ الْعَبْقَرِي"[2]

فقد عَمَد إلى الانزياحِ في إسنادِ الإزميلِ للحلمِ، على ما في هذه الأداةِ من القسوةِ والحدَّة التي تَستَدعِي التمرُّد والجنوحَ؛ فإن الشاعرَ عبدالله الرشيد أسندَ الحلمَ لسالِم، على ما فيهما من الدَّعَة والتأمُّل، التي تُثِير التأمُّل والتفكيرَ في سبل بناءِ الذاتِ والرقي بها نحوَ المعالي.

فالعَلاقة عَلاقة بناءٍ وتشكيلٍ، وليست عَلاقةَ تمرُّدٍ وفوضى، فقص الشاعر حكايةَ سالِم مع حلمِه؛ ليمكن سيرورتها في جميعِ طبقات المجتمع، وإن لم تكن له القصدية النفعية من الاختيارِ اللُّغَوي، ولكنه حاصلٌ بهذا المنحى الدَّلالي الذي تبنَّاه.

بدأت الحكايةُ - على لسانِ الذاتِ الشاعرةِ - بجملةٍ خبريةٍ استقباليةٍ لوصفِ الحالةِ الزمنية، وسلبيةِ سالِم وفقَ معاييرِ الأهميةِ الزمنية تُجَاه سيرورةِ الزمنِ بالمجيءِ والذهاب، وهو فاقد الحراك إلا من بيع السلالِم، صورةٌ يوميةٌ مستهلكةٌ تناسبُ البداية التمهيدية للا متوقَّع؛ إذ المتوقَّع عندي الفوزُ والنجاحُ كما هو شائع، ويَكمُن التأويلُ هنا على العَلاقة القائمةِ بين النسقِ الخبري الأول، ونسقِ الحَدَث الثاني "ارتقاء السلالم":
"وَفَكَّرَ يَوْمًا" معطوفة على الخبريةِ الأولى "وَمَا زَالَ سَالِمْ".

فسلبيتُه لها شقَّان:
الأول: ديمومته على فعلِ البيعِ.

والثاني: مرتبط بالأول. "وَفَكَّرَ يَوْمًا" و"يومًا" سيمولجيا للظرفيةِ والندرة، وكأن ممارسةَ التفكيرِ أمرٌ طارئٌ، أو ممرٌّ للعبورِ من ديمومةِ السلبيةِ إلى حراكِ التغيير، وندرته في ممارسةِ التفكير إلا في ذاك اليوم؛ فهو مستمرٌّ على فعل البيعِ، نادرٌ في ممارسةِ التفكيرِ، وهنا عقدةُ الحَدَث، وفكَّر في ارتقاء سلالِمه.

فلغةُ الشاعرِ هنا لم تتكوَّن من مجردِ مفهومِ الحلم، بل تكاملت من تصوُّر نفسيٍّ رامزٍ، لا يخلو من التعقيدِ، عن أشياءَ ليست قابلةً للمعاينةِ والتحكيمِ؛ فهي صورٌ متعددةٌ في باطنِ صورةٍ أمٍّ، تُشكِّل الإطارَ النفسيَّ العامَّ، تكشفت عن عمقِ التجربةِ الإنسانية، وتأتِي الجملةُ الخبريةُ: "فَبَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ" متوسطةً بين الفكرةِ الطارئةِ التي تبنَّاها سالم وبين فعل الإقدامِ على تنفيذِها، وكأنها بمثابةِ التقريرِ أو التأكيدِ على أن ما فكَّر فيه أمرٌ محتملٌ وحاصل في الواقعِ، ولعلَّنا - بنظرةٍ من خارجِ الإطارِ - نتساءلُ عن قائلِ العبارةِ: هل هو سالِم، أم السارد لقصتِه؟ وهل هي جزءٌ من القصةِ الشعريةِ، أم تدخُّل من الشاعرِ؟

الأمرانِ مستساغانِ، ولكن إذا رَبَطناها بالشَّطْرَين الآخرينِ، وجدنا أن عمقَ التجربةِ أتى من الشاعر القاصِّ، وليس من صاحبِ الحكايةِ، وحتى يتَّفقَ الكلامُ مع الموقفِ النفسيِّ لصاحبِ القصةِ "سالِم"، وكأن الذاتَ الشاعرةَ تسلِّط منظارًا على الحدثِ وصاحبِه، وتفسِّر التجربةَ، على الرغم من انتفاءِ وجودِ أدواتِ الخطاب التي تشير إلى ذلك؛ فجمالُ الاستعمالِ اللُّغَوي في فتحِ قنواتٍ متعددةٍ للتأويل.

وبدأ الحدثُ يَتَنامَى بتنفيذِ فكرة الصعودِ، ووصف حالةِ الفرحِ، والثقةِ بالنفسِ، والفهمِ، والمقدرةِ على أن يكونَ سالمًا من عدمِ الفهمِ أو الثقة، وجملة من الأوصاف، ويتصاعدُ الحدثُ حتى يصلَ العقدةَ؛ بسقوطِ سالِم ونصرةِ الواقعِ عليه.

ولعله من الفظنةِ الثقافيةِ بَدْءُ المقطوعةِ بالحلمِ، وختمُها بكلمةِ المنَى؛ فإن مفاهيمَ تطويرِ الذاتِ تُشِير إلى الفوارقِ الوصفيةِ بين الحلمِ والأمنيةِ؛ فالحلمُ مرحلةٌ أوليةٌ للشعورِ بالحاجةِ، أو الرغبة في تحقيقِ أمرٍ ما، وإلحاحُه على الإنسانِ موقوتٌ بفترةٍ زمنيةٍ ليست بالقصيرةِ، ولكنها غير ثابتةٍ، وقوةُ الدافعيةِ له أدنى من قوةِ الدافعيةِ في الأماني، بخلافِ الأمنيةِ، هي شعورٌ متكرِّر يلازمُ الإنسانَ من فترةٍ ممتدةٍ؛ فالحلمُ مجرَّد رغبةٍ + تفكير متوسِّط المدى.

فالأمنيةُ عبارةٌ عن رغبةٍ قويةٍ لحدٍّ ما، وتفكير متقطِّع طويل المدى.

فسالِم كانت لديه أحلامٌ لم يَجهَد لكي ترقى لمرحلة الأمنياتِ.

البنية الأسلوبية للقصيدة:
عند القراءةِ الواعيةِ للقصيدةِ، نخرجُ بانطباعينِ:
الأول: الغبطةُ لما تَلْمَسُه الأبياتُ من مكنونٍ نفسيٍّ عبَّرت عنه الأبياتُ لتجاربَ فارقت النجاحَ لنا لسببٍ ما.

الثاني: السيطرةُ على انفعالاتٍ لنا مشابهةٍ لانفعالات سالم.

وكلا الانطباعينِ يدلِّلان على ما تميَّز به الشاعرُ من ملكةٍ واعيةٍ، ترفدُ شاعريتَه المطبوعةَ بتصرفه الدلالي.

فامتلاكُ الشاعرِ هنا ناصيةَ القصيدةِ: لفظًا، وعبارةً، وموسيقا ومفهومًا، شكلاً ومضمونًا، كأني به يَستَدعِي قول المبرِّد في وصفِ الشاعر المطبوع:
"أشد على الكلامِ اقتدارًا، وأكثر تسمحًا، وأقل معاناةً، وأبطأ معاسرةً".

مستوى التنقيط إن جاز لي التعبير:
تحت العنوانِ وضعَ أربعَ نجماتٍ، وقبل غلقِ القصيدِ وضع ثلاثَ نجماتٍ، هي بالممارسةِ العامَّة مثلُ التخطيطِ للفصلِ بين العنوانِ والبنية، ولكن في علمِ "السيمياء" له دَلالة بهذه الشكلية؛ فهي إيحائيةٌ لتأطيرِ العنوان أو بَرْوَزتِه لحملِ التأثيرات النفسيةِ المختلفة للمتلقِّي؛ ليدخلَه في جوِّ النصِّ من الالتفاتةِ الأولى، وليطرح تساؤلاتِه من العنوان أو عتبة النصِّ.

أما أثرُها في نهايةِ الأبياتِ - غير الأثر الميكانيكي الغلق - هو نقل المتلقِّي لجوِّ العبرةِ من القصةِ الشعريةِ، والفصل بين ما حدَث لسالِم وبين الطريقةِ المثلى لرقي السلالِم وتحقيقِ الأحلامِ.

والنقطتان بعد "فَكَّرَ يَوْمًا" ( وعلامة الاستفهام - أدواتٌ تعملُ على إثارةِ الانفعالاتِ المختلفة حول الموقف في القصةِ، وهي من أدواتِ التأثيرِ في القصةِ النثريةِ، فما بالُك في القصةِ الشعريةِ المقروءةِ؟

وهناك تشاكلٌ بين الحلمِ المسائيِّ، وبين الوقوفِ على الظرفيةِ الزمانيَّة النهاريَّة، في قولِه: "يَجِيءُ نَهَارٌ وَيَمْضِي نَهَار".

التعالقُ المتضادُّ بين الحلمِ الذي يرتبطُ عادةً بالنومِ والمساءِ، وبين النهارِ، وكأنه يُشِير لمقدِّمةِ النهايةِ من البدايةِ؛ "فحلمُ سالِم" العنوان متضمِّن حالتَه النهاريةَ السلبيةَ، وكأنه رمزٌ للقطيعةِ المستقبليةِ بين ما يحلم به وبين ممارساتِه النهاريةِ السلبيةِ، فضلاً على ما فيها من طباق السلبِ "يَجِيءُ وَيَمْضِي".

الصورةُ الشعريةُ: (فَبَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ، ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ، فَتُكْمِلُهَا قَهْقَهَاتُ الزَّمَانِ المُدَاهِمْ).

التَّكرارُ:
التَّكرارُ أفقيٌّ داخلَ الشطرِ، كما ورد الشطر الأول: "يَجِيءُ نَهَارٌ وَيَمْضِي نَهَار".

تكرارٌ رَأسِيٌّ داخلَ القصيدةِ: وَمَا زَالَ سَالِمْ، ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ: وَسَالِمْ
لِبَعْضِ الْمُنَى أَمَدٌ لَا يَجِيءُ
وَبَعْضُ الْمُنَى عَهْدُهُنَّ السَّلَالِمْ

وَيَبِيعُ السَّلَالِم

كرَّر الألفاظَ بعينِها؛ لما لها من تأثيرٍ انفعالِيٍّ في نفسِ المتلقِّي.

واستخدم الجملةَ الاسميةَ الإخباريةَ؛ لكونِها ذاتَ طبيعةٍ هادئةٍ ساكنةٍ، تُلائِم الموقفَ وشخصيةَ سالِمٍ الهادئةَ، واسم الفاعلِ "سالِم، وفاهم" يدلُّ على الحدوثِ غير الدائمِ، فلم يَجعَلْها على الصفة المشبهة، التي تدلُّ على ثبوتِ الصفةِ؛ لأنه أراد الدلالةَ التعبيريةَ للكلمةِ، فإن فهم سالِمٍ طارئٌ، وليس مقنَّنًا أو ثابتًا ناتجًا عن التعلم والتدريب والممارسة، ونستطيعُ تلمُّسَ فرقِ الدلالةِ في استخدامِ نبي الله يعقوبَ - عليه أفضل الصلاة والسلام - لما فقد يوسف قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].

فالتعبيرُ بالصفة المشبهة "جميل" يدلُّعلى ديمومةِ الصبرِ عند يعقوبَ - عليه السلام - ولو قال: صبرٌ جاملٌ، لكان المعنىصبر مدةوجيزة، ثم نَسِي بعدها.
فضلاً عن الثنائيةِ المتناغمةِ موسيقيًّا من تكرارِ حرفَي الميمِ والحاء "حلم - سالم"، وتقاربهما في المخرجِ في الهَمْس والترنيم الإيحائي المَرِن، ثم تكرارها في القصيد سبعَ مراتٍ، وموسيقا اسمِ الفاعلِ: "سالم - حالم - مقاوم - فاهم - مداهم – نادم".

وتضافرت الألفاظُ المختارةُ بعنايةٍ فائقةٍ، والتركيب الصرفي والنَّحْوي، والصورة الشعرية في: "بَعْضُ الْحَقِيقَةِ أَشْوَاقُ حَالِمْ".

"ويُتْبِعُهُنَّ بِضِحْكٍ": والصورةُ الكليةُ في النفاذِ من التأثرِ الوجداني إلى المدركَاتِ العقليةِ، التي تتقبَّل التجربة بدرجةٍ عاليةٍ من المنطقية.
القصيدةُ من شعرِ التفعيلةِ على بحرِ المتقاربِ:
يَجِيءُ يجيءُ/نَهَارٌ/ وَيَمْضِي/ نَهَارٌ
فَعُولُ/ فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ
وَمَا زَا/ لَ سَالِمْ
فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ
يَبِيعُ السْ/ سَلَالِمْ
فَعُولُنْ/ فَعُولُنْ

حانَ الإغلاقُ، ولكن القصيدةَ ما زالت نبعًا يفيضُ رؤًى؛ فقد خلقَ الشاعرُ سياقًا لغويًّا خاصًّا بالتجربةِ، وأحاط بها إحاطةَ السِّوَار بالمِعْصَم، فعبَّر عن تجربةٍ إنسانيةٍ مضطربةٍ، بلغةٍ رصينةٍ قويةٍ، احتوت المعنى الجمالِيَّ للنص، وأسهمت في ثراءِ المستودعِ الأدبي، بمضمونِ الفكرِ الحديث والتوجهِ العالمي في بناء الذات، وتلبية المنى والأحلام بالمعرفة والمران والممارسة.

خبر وشاهد، ومارس وعبر؛ فاستنطق.


[1] أوراد العشب النبيل، عبدالله بن سليم الرشيد، نادي الجوف الأدبي، الطبعة الأولى، 1427هـ/2006م، ص41 - 42.

[2] وأشهد هاك اعترافي، سعد الدين كليب، ط1، دار الينابيع دمشق 1993م، ص 14.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.95 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.71%)]