|
|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
نظرية ما بعد الاستعمار
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: نظرية ما بعد الاستعمار
هذا، وقد استند إدوارد سعيد في تعامله مع الخطاب الاستشراقي إلى رؤية ثقافية سياسية قائمة على ثلاث خطوات منهجية، وهي: أولا، التمييز بين المعرفة الخالصة والمعرفة السياسية. وثانيا، الاهتمام بالمسألة المنهجية في التعامل مع الأفكار والمؤلفين والمراحل التاريخية، وذلك بالتركيز على الاستشراق الاستعماري للشرق سواء أكان فرنسيا أم بريطانيا أم أمريكيا. وثالثا، البعد الشخصي الذي يتمثل في الجمع بين الموضوعية والذاتية القائمة على الوعي النقدي، مع الاستعانة بأدوات البحث التاريخي، والسياسي، والإنساني، والثقافي. ويبين إدوارد سعيد في الأخير بأن كتابه:" الاستشراق " موجه إلى مجموعة من القراء، بما فهيم طلاب الأدب والنقد لتبيان العلاقات المتداخلة بين المجتمع، والتاريخ، والنصوص، وفهم الدور الثقافي الذي يلعبه الشرق في الغرب، مع الربط بين الاستشراق وبين العقائدية، والسياسة، ومنطق القوة. كما يقدم الكتاب إلى القارىء العام وقارىء العالم الثالث، حيث تطرح هذه الدراسة بالنسبة له:"خطوة لانحو فهم السياسة الغربية والعالم الغربي في هذه السياسة، بل نحو فهم قوة الخطاب الثقافي الغربي، وهي قوة كثيرا جدا ما تفهم خطأ على أنها زخرفية فقط، أو منتمية إلى البنية الفوقية.إن أملي هو أن أوضح البنية المتينة الصلبة للسيطرة الثقافية والأخطار والإغراءات الكامنة في استخدام هذه البنية، خصوصا بالنسبة للشعوب المستعمرة سابقا، عليهم أو على الآخرين."[11] إذاً، لقد تأثر إدوارد سعيد بفكر ما بعد الحداثة بصفة عامة، وفكر ميشيل فوكو بصفة خاصة، دون أن ننسى تأثره بالتاريخ الجديد، وفلسفة جاك ديريدا التفكيكية والتقويضية. وقد ربط إدوارد سعيد خطابه الاستشراقي بنزعة التباين والاختلاف بين الشرق والغرب، فقد تسلح الغرب بكل مقولاته المركزية وآلياته البنيوية لإخضاع الشرق والهيمنة عليه سياسيا، وعسكريا، واجتماعيا، وثقافيا، وعلميا. ومن ثم، يقوم الاستشراق بدور هام في عملية الإخضاع والاستيلاء والتغريب، مع ربط الشرق بأغراض المصلحة الغربية. ومن ثم، يتبجح الاستشراق الغربي بالصفات الرشيدة للحضارة الغربية التي تتمثل في الديمقراطية على سبيل الخصوص. بينما يعرف الشرق بالصفات الذميمة كالشهوانية والبدائية والاستبدادية. ومن ثم، فالغرب عند إدوارد سعيد هو العقل، والمركز، والاستشراق. ومن هنا، يطرح إدوارد سعيد سؤالا هاما وقيما: هل كتاب السكان الأصليين في إطار النظرية الجديدة يتمثلون النظرية الغربية أم يعارضونها؟ بمعنى هل يرفضون الثقافة السائدة أم يخضعونها لمشرح التفكيك والتقويض بالمفهوم الدريدي نسبة إلى تفكيكية جاك ديريدا؟!! ويرى ديفيد كارتر (David Karter) في كتابه:" النظرية الأدبية" بأن تحليلات إدوارد سعيد:" للخطابات الاجتماعية المختلفة هي بشكل أساسي تفكيكية و" ضد التيار". فقد كان هدفه تهميش الوعي للعالم الثالث، وتقديم نقد من شأنه أن يقوض هيمنة خطابات العالم الأول . وبالنسبة لسعيد، جميع تمثيلات المشرق المقدمة من قبل الغرب تشكل جهدا دؤوبا يهدف إلى الهيمنة والإخضاع. وقد خدم الاستشراق أغراض الهيمنة الغربية (بالمعنى الذي قصده غرامشي): لإضفاء الشرعية على الإمبريالية، وإقناع سكان هذه المناطق بأن قبولهم للثقافة الغربية هي عملية تمدين إيجابية.ومن خلال تعريف الاستشراق للشرق، فإنه يعرف أيضا كيف يتصور الغرب نفسه(وذلك من خلال المعارضات الثنائية). فالتشديد على الشهوانية والبدائية والاستبدادية في الشرق، يؤكد على الصفات الرشيدة والديمقراطية عند الغرب."[12] وما يلاحظ على إدوارد سعيد أنه قد أهمل الاستشراق الإسباني على الرغم من طابعه الاستعماري في المغرب على سبيل الخصوص. كما نعتبره المؤسس الحقيقي للنظرية ما قبل الاستعمار في الحقلين الثقافيين: العربي والغربي على حد سواء، ويعد كذلك الممهد الفعلي للنقد الثقافي. ومن هنا، " يأتي إدوارد سعيد في طليعة محللي الخطاب الاستعماري، بل ويعده بعضهم رائد الحقل، فقد استطاع بمفرده في كتابه:" الاستشراق" كما كتب أحد الدارسين مؤخرا، " أن يفتتح حقلا من البحث الأكاديمي هو الخطاب الاستعماري" (باتراك ويليامز،5). ذلك أن دراسة سعيد للاستشراق دراسة لخطاب استعماري، خطاب تلتحم فيه القوة السياسية المهيمنة بالمعرفة والإنتاج الثقافي.غير أن تحليل سعيد جاء مرتكزا على سياق معرفي وبحثي سابق له يتضمن أعمال اثنين من المفكرين الأوروبيين المعاصرين، هما: الفرنسي ميشيل فوكو والإيطالي أنطونيو غرامشي. ومن الممكن والحال كذلك اعتبار هذين المفكرين ممن وضعوا أسس البحث في الخطاب الاستعماري، بالإضافة إلى بعض فلاسفة مدرسة فرانكفورت مثل: ثيودور أدورنو، وماكس هوركهايمر، وكذلك والتر بنجامين، وحاناه أريندت."[13] ومن هنا، فكتاب:" الاستشراق" لإدوارد سعيد خير نموذج يعبر عن نظرية ما بعد الاستعمار، ما دام هذا الكتاب خطابا مضادا للاستشراق الغربي؛ لكونه يحوي انتقادات واعية ولاذعة للخطاب التمركزي الغربي تقويضا وتفكيكا وتشتيتا. و" هناك شبه إجماع بين الدارسين على الدور المؤسس الذي لعبه كتاب إدوارد سعيد عن "الاستشراق"، في صياغة اللبنات الأولى لنظرية ما بعد الاستعمار. فقد استدعى هذا الكتاب بما طرحه من أفكار، طائفة أخرى واسعة من الكتابات التي ناقشت هذه الأفكار، أو ردت عليها، أو طورتها، سواء كتابات اللاحقين من منظري ما بعد الاستعمار مثل: سلمان رشدي، وهومي بابا، وجاياتري سبيفاك، أو من تصدوا للنظرية من منظور مخالف، وكشفوا عن تناقضاتها، مثل إعجاز أحمد وعارف ديليرك. وقد شارك إدوارد سعيد نفسه بعد ذلك في تطوير النظرية وتأملها،، من خلال كتاباته ومراجعاته المتعددة التالية لكتاب الاستشراق، وخاصة في كتب مثل: "الثقافة والإمبريالية" و " صور المثقف" و "تأملات حول المنفى" وغيرها. وكان أن انتهت هذه الكتابات جميعًا، وفي زمن قصير نسبيًا، إلى بلورة حقل ثقافي جديد يعرف الآن باسم "ما بعد الاستعمار"[14] أما الباحث الهندي هومي بابا (Bhabha, Homi)، فقد تأثر كثيرا بإدوارد سعيد، ومشيل فوكو، وجاك ديريدا، وجاك لاكان ...فقد اهتم بالنصوص التي تكشف هامش المجتمع في عالم ما بعد الاستعمار[15]، مع رصد العلاقات الخفية والمتبادلة بين الثقافات المهيمنة والمستعبدة، ولا سيما في مجلده:" مركز الثقافة" (1994م). ويرى هومي بابا بأن:" التفاعل بين المستعمر (بكسر الراء) والمستعمر(بفتح الراء) يؤدي ليس إلى انصهار المعايير الثقافية التي تؤكد السلطة الاستعمارية فحسب، بل تهدد أيضا في محاكاتها بزعزعة استقرارها. وهذا ممكن لأن هوية المستعمر في حد ذاتها غير مستقرة، إذ توجد في وضع معزول ومغترب، كما توجد هوية المستعمر بحكم اختلافها. فهي تتجسد فقط في الاتصال المباشر مع المستعمر. وقبل ذلك، فإن حقيقتها الوحيدة موجودة في إيديولوجية الاستشراق كما عرفها سعيد"[16] أما الكاتب الهندي سلمان رشدي، فقد استعرض في كتابه:" الإمبراطورية التي ترد كتابة"، مجمل الكتابات التي صيغت في شكل ردود من قبل مثقفي أفريقيا وآسيا كرد فعل على خطابات الثقافة البريطانية المركزية، والتي تشكل ما يسمى بالنظرية ما بعد الاستعمار. أما الناقدة الهندية جي سي سبيفاك[17] (Spivak, Gayatri Chakravorty)، فتعد من المؤسسين الفعليين للخطاب الكولونيالي الجديد، وتعد كذلك أول منظرة نسوية بحق وحقيق في مرحلة ما بعد الاستعمار. فقد انتقدت الحركة النسوية الغربية انتقادا عنيفا من " خلال تركيز اهتماماتها على عالم البيض من الطبقة المتوسطة ومن جنسين مختلفين.وتهتم سبيفاك أيضا بدور الطبقة الاجتماعية، وقد ركزت على ما أصبح يعرف في دراسات ما بعد الاستعمار باسم:"الأتباع"، وهو في الأصل مصطلح عسكري يشير إلى أولئك الذين هم في مرتبة أو مكانة أدنى. وإن استخدام هذا المصطلح في النظرية النقدية مستمد من كتابات الكاتب غرامشي. وتستخدم سبيفاك هذا المصطلح للإشارة إلى جميع المستويات المتدنية من المجتمع الاستعماري وما بعد الاستعماري: العاطلين عن العمل والمشردين والمزارعين الذين يعيشون من مورد رزقهم وما إلى ذلك."[18] وتستند سبيفاك إلى منهجية تحليلية نسوية تفكيكية ماركسية ثقافية، وخاصة في مقالها:" هل يمكن للتابع أن يتحدث؟" (1988م)، مركزة على وضعية المرأة الهندية أو ما يسمى بالإناث التابعات، فتناقش سبيفاك :" أنه في الممارسة الهندية التقليدية كحرق الأرامل على محارق أزواجهن الجنائزية، لم يسمح الهنود ولا المستعمر البريطاني للنساء بالتعبير عن آرائهن الخاصة. "[19] وعليه، فقد اهتمت سيباك بالدفاع عن المرأة الشرقية، ومواجهة الهيمنة الغربية، والدفاع عن المهاجر، والاهتمام بالأدب والثقافة. هذا، وقد قام كثير من المفكرين العرب بتعرية النسق الحضاري الغربي، وتقويض مقولاته المركزية، وتفكيك مقاصده الإيديولوجية كما فعل عبد الوهاب المسيري في كتابه:" موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري وتصنيفي جديد"، وما فعله في كتابه:" الإيديولوجية الصهيونية: دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة" (1983م)، وما أنجزه حسن حنفي في كتابه:" مقدمة في علم الاستغراب" (1981م)، حيث حاول :" فك عقدة النقص التاريخية في علاقة الأنا بالآخر، والقضاء على مركب العظمة لدى الآخر الغربي بتحويله من ذات دارس إلى موضوع مدروس". غير أننا رأينا هذه العقدة، وقد أخذت طريقها إلى الحل فعلا في دراسات إدوارد سعيد وعبد الوهاب المسيري وغيرهما. ولم يكن البحث والتحليل الطريقين الوحيدين اللذين اعتمد عليهما الدارسون لفك العقدة المشار إليها؛ فبالإضافة إلى ذلك لعبت الترجمة دورا حين اعتنت بما يتصل بهذه العقدة، ويؤدي إلى حلها، كما في ترجمة عبد الوهاب المسيري لكتاب المؤرخ الأمريكي كيفن رايلي:" الغرب والعالم" (1985م) الذي يبرز بعض أوجه الخلل في الثقافة الغربية، فيعريها بالتالي مما تبدو عليه أحيانا من تفوق مطلق وصلاحية عالمية."[20] علاوة على ذلك، لا تقتصر نظرية ما بعد الاستعمار على كتاب آسيا وأفريقيا، فهناك باحثون من الغرب، مثل : فرانز فانون (Frantz Fanon)، وهو من الكتاب السابقين الذين ارتبطوا بنظرية ما بعد الاستعمار، كما يظهر ذلك جليا في كتابه:" المعذبون في الأرض"(1961م)، حيث يحلل فانون طبيعة الاستعمار الكولونيالي، ويبين طابعه الذاتي والمصلحي، معتبرا أن الاستعمار مصدر للعنف والإرهاب؛ مما يولد مقاومة مضادة من قبل الشعوب المستضعفة أو البلدان المستعمرة. ومن ثم، ينتقد فرانز فانون الأنظمة الاستعمارية الكولونيالية الغربية. ومن ثم، يثور على المنظومة الغربية التي ينتمي إليها، معتبرا إياها رمزا للتسلط الثقافي، ومنظومة مركزية مبنية على قوة العلم والثقافة والتكنولوجيا، وذلك بغية الهيمنة، والسيطرة، وإخضاع الشرق ماديا ومعنويا. وخير من يمثل الرد الفعلي المباشر على التغريب الاستعماري والتسلط الثقافي المركزي الغربي الحركات الثقافية المضادة، كالحركة الزنجية التي يتزعمها كتاب أفريقيا، مثل: الشاعر السينيغالي ليوبولد سيدار سينغور، وإيمي سيزير (Aimé Césaire) في كتابه:" خطاب حول الكولونيالية" (1950م)، وكوام نيكروما (Kwame Nkrumah) في كتابه:" نظرية الوعي"(1970م)، والمبدعين السودانيين: الشاعر محمد الفيتوري الذي خصص أفريقيا بمجموعة من الدواوين الشعرية الوطنية والقومية كما في ديوان:" أغاني أفريقيا"[21]، والروائي الطيب صالح كما في روايته:" موسم الهجرة إلى الشمال"... هذا، ويرى فرانز فانون أن نظرة الغرب إلى أفريقيا قائمة على صورة استعلائية. وفي هذا السياق، يقول:" كانت تلك القارة المترامية الأطراف (يقصد أفريقيا) في نظر الاستعمار مأوى للمتوحشين، موطنا يحفل بالهرطقة والأباطيل، ومكرسا للازدراء الكبير، للعنة الربانية، موطنا لآكلي لحوم البشر، موطنا للزنوج."[22] ومن هنا، جاءت الحركة الزنجية الأفريقية في الحقيقة لتواجه التغريب، و الاسترقاق، والاستعمار، والميز العنصري من جهة، والتغني بالحرية، والهوية، والثورة، والإنسان من جهة أخرى. ويمكن الحديث أيضا عن الباحث الإنجليزي روبرت يونغ (Robert JC Young) صاحب كتاب:" ميثولوجيات بيضاء: كتابة التاريخ والغرب "(1990م)، حيث يحاول الكتاب تقويض التمركز الغربي، وتفكيك الفكر الماركسي الغربي، من خلال إعادة كتابة تاريخ الفكر الغربي من هيجل إلى ميشيل فوكو، حيث يعتبر التمركز الغربي أسطورة ليس إلا. ويعد روبرت يونغ من رواد الخطاب الكولونيالي الجديد، ومن الفاعلين في مجال النقد والأدب والتاريخ. وقد انتقد يونغ الفكر الماركسي باعتباره المبرر والمسوغ الشرعي والفلسفي لدخول بريطانيا للهند، إذ اعتبر ذلك ظاهرة إيجابية لإدخال الهند في سياق التمدن والتحضر. ومن ثم، فقد اتخذ الفكر الماركسي طابعا هيغيليا يجعل من الغرب مركزا للقيادة والعلم والمعرفة. كما اعتمد يونغ على التفكيكية في تقويض الماركسية. و" هذا يذكرنا بأن تحليل الخطاب الاستعماري والنظرية ما بعد الاستعمارية يتقاطع مع العديد من المناهج وحقول البحث الثقافية الغربية المعاصرة، وذلك بوصفه هو الآخر واقعا تحت مظلة الفكر ما بعد الحداثي وما بعد البنيوي."[23] هؤلاء هم بعض الرواد الذين مثلوا نظرية ما بعد الاستعمار سواء أكان ذلك في الشرق أم في الغرب. وقد بذلوا فعلا جهدا مشكورا في تعرية الخطاب الاستشراقي المركزي، وفضحه تفكيكا وتقويضا وتشتيتا. 4- تقويم نظرية ما بعد الاستعمار: يلاحظ أن نظرية ما بعد الاستعمار قد سخرت كل آلياتها الفكرية والمنهجية والمعرفية لتقويض الرؤية المركزية عند الغربيين، وذلك بإعادة النظر في كثير من الملسمات والمقولات المركزية الغربية بالمراجعة والدرس والتحليل والتقويم، وقد أعيد النظر كذلك في خطاب الاستشراق بالتحليل والتفكيك والنقد الواعي. بيد أن هذه النظرية هي خليط من المناهج والتحليلات، قائمة على الانتقاء والاصطفاء المنهجي، كما أن عينات البحث محدودة كماعند إدوارد سعيد، ولم تأت هذه النظرية بالجديد بالمقارنة مع نظريات الخطاب الاستعماري الكلاسيكي. هذا، وقد تعرض أصحابها لانتقادات عميقة وواسعة بعضها أخلاقي وبعضها علمي، واتهموا هذه النظرية بالفشل، كما تنطوي هذه النظرية على مجموعة من التناقضات والمفارقات، وانفصام بين القول والفعل، وانفصال شاسع بين النظري والواقعي. خلاصات ونتائج: وخلاصة القول، نستنتج مما سبق، بأن نظرية ما بعد الاستعمار نظرية تسلَّحَ بها كُتَّاب العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة كتاب آسيا وأفريقيا لمجابهة التمركز الغربي، وتقويض المقولات الفكرية الأوروبية والأمريكية تقويضا وتشتيتا وتأجيلا، وذلك بآليات منهجية متداخلة : تفكيكية، وثقافية، وسياسية، وتاريخية، ومقارنة... ومن ثم، فنظرية ما بعد الاستعمار هي حركة ثقافية مضادة ومقاومة، ظهرت في مرحلة ما بعد الحداثة للوقوف في وجه التغريب، والتهميش، والتعالي، والهيمنة الغربية المغلوطة. ولم يقتصر كتاب هذه النظرية الكولونيالية الجديدة على كتاب العالم الثالث، فقد توسعت لتضم بشكل من الأشكال كتابا من المنظومة الغربية الذين ثاروا على الثقافة البيضاء، فاعتبروها ثقافة أسطورية حالمة وخيالية، مبنية على خطاب الإخضاع، والاستعلاء، والهيمنة، والاستعمار، والتمييز اللوني والعرقي والجنسي والديني والطبقي. [1] - ديفيد كارتر: النظرية الأدبية، ترجمة: د. باسل المسالمه، دار التكوين، دمشق، سورية، الطبعة الأولى سنة 2010م، ص:125. [2] - Ashcroft, Bill, Gareth Griffiths, and Helen Tiffin: The Empire Writes Back: Theory and Practice in Post-Colonial Literatures, Routledge, London and New York, 1989, p: 2. [3] - د.سعد البازعي ود.ميجان الرويلي: دليل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية سنة 2000م، ص:91-92. [4] - وردت هذه الأسئلة في هذا الكتاب: Deepika Bahri: Introduction to Postonial Studies, Fall 1996. وذلك على موقع بعنوان: www.emory.edu/English/faculty/bahri.htm [5] - Theory, Practice and the Intellectual: A Conversation with Abdul R. Jan Mohamed, by S.X. Goudie, Juvert: A Journal of postonial Studies, published by The College of Humanities and social sciences, North Carolina State University, Volume 1, Issue 2, 1997. [6] - Said, Edward. Representations of The Intellectual, Vintage Books, New York, 1996,P: 5. [7] - إدوارد سعيد: الاستشراق، ترجمة: كمال أبوديب، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، لبنان، الطبعة السابعة سنة 2005م. [8] - ديفيد كارتر: النظرية الأدبية، ص:127. [9] - إدوارد سعيد: الاستشراق، ص:38-39. [10] - إدوارد سعيد: نفسه، ص:41. [11] - إدوارد سعيد: نفسه، ص:57. [12] - دافيد كارتر: نفسه، ص:126. [13] - د.سعد البازعي ود. ميجان الرويلي: نفس المرجع، ص:92. [14] - خيري دومة: (عَدْوَى الرَّحِيل موسم الهجرة إلى الشمال ونظرية "ما بعد الاستعمار")، http://www.ibn-rushd.org/forum/Adwa-al-Raheel.htm [15] - Bhabha, Homi K.: ********s of Culture: Discussing Post-Colonial Culture. London: Routledge, 1996. - Nation and Narration. New York: Routledge, 1990. - Of Mimicry and Man: The Ambivalence of Colonial Discourse, October 28 (1984): 125-33. - The Postonial Critics * Homi Bhabha Interviewed by David Bennett and Terry Collits, Arena 96 (1991): 47-63. [16] - ديفيد كارتر: نفس المرجع، ص:127-128. [17] - Spivak, Gayatri Chakravorty. A Critique of Postonial Reason: Toward a History of the Vanishing Present, Cambridge, MA: Harvard UP, 1999. [18] - ديفيد كارتر: نفس المرجع، ص:128. [19] - ديفيد كارتر: نفس المرجع، ص:128. [20]- د.سعد البازعي ود. ميجان الرويلي: نفس المرجع، ص:94. [21] - محمد الفيتوري: ديوان محمد الفيتوري، المجلد الأول، دار العودة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1972م. [22]- Franz Fanon: Les Damnés de la Terre de la terre,première édition: 1961,p:145. [23]- د.سعد البازعي ود. ميجان الرويلي: نفس المرجع، ص:93.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |