الكبائر - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836929 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379447 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191303 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2671 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 664 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 951 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1105 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 857 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 20-09-2023, 12:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الكبائر

الكبائر (31)

اللواط

(موعظة الأسبوع)



كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
المقدمة:
- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة، التي ضَمِن الله لمَن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة: قال -تعالى-: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).
- اللواط كبيرة من أعظم الذنوب، تغضب الرب على المربوب، ويحل بها البلاء ومدلهمات الخطوب: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌لَعَنَ ‌اللهُ ‌مَنْ ‌عَمِلَ ‌عَمَلَ ‌قَوْمِ ‌لُوطٍ، ‌لَعَنَ ‌اللهُ ‌مَنْ ‌عَمِلَ ‌عَمَلَ ‌قَوْمِ ‌لُوطٍ) وكررها ثلاث مرات. (رواه أحمد وابن حبان، وقال الألباني: "حسن صحيح")، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
- اللواط... ذلكم الداء الذي عَذَّب الله به قوم لوط أشد العقوبة؛ لقبحه وعظيم خطره (ذكر مواضع من القرآن تلخص القصة): (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ) (الأعراف: 8)، (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ . وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم) (الشعراء: 165، 166)، (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) (النمل: 56)، (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) (العنكبوت: 30)، (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ . مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (هود: 82-83).
- اللواط مخالفة للفطرة: قال الوليد بن عبد الملك: "لولا أن الله -عز وجل- قص علينا قصة قوم لوط في القرآن ما ظننتُ أن ذكرًا يعلو ذكرًا‏" (البداية والنهاية لابن كثير).
(1) خطر اللواط صحيًّا واجتماعيًّا وشرعيًّا:
- يتسبب اللواط في الإصابة بأمراض خطيرة: (مرض الإيدز - فساد أعضاء التناسل - التأثير على المخ - الرغبة عن النساء - التأثير على الأعصاب - مرض السويداء - الاضطراب النفسي - التيفود والدوسنتاريا - وغيرها).
- اللواط أوسع أسباب انتشار مرض الإيدز: أول اكتشاف لمرض الإيدز كان عام 1979م في مدينة نيويورك، كان في رجل يمارس اللواط، ونسبة المصابين بالإيدز بسبب الشذوذ الجنسي في العالم تزيد على 73 %.
- اللواط سبب في نزول النقم والبلايا في مجتمعات المسلمين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مَعْشَرَ المهاجرينَ، خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ: لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا…) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
- اللواط سبب في نزول العقوبة الشرعية التي تقيمها الدولة المسلمة بصاحبه: (القتل على التفصيل الآتي).
(2) عقوبة مَن عمل اللواط، أو السحاق، أو أتى امرأة في دبرها:
حكم اللواط:
- اختلف العلماء في صفة قتله بعد الاتفاق على أنه يقتل: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، وأجمع الصحابة -رضي الله عنهم- على قتله.
- ذهب الشافعي وأحمد وطائفة إلى أنه يرجم بالحجارة حتى الموت؛ لأنه زنا وفجور.
- وذهب بعضهم إلى أنه يقتل بإلقائه من شاهق، ثم يُتبع بالحجارة؛ كما هي عقوبة قوم لوط.
حكم السحاق:
- قال ابن قدامة -رحمه الله-: "إذا تدالكت امرأتان فهما زانيتان ملعونتان؛ لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ؛ فَهُمَا زَانِيَتَانِ) (رواه البيهقي في السنن الكبرى، وضعفه الألباني)... وعليهما التعزير" .
حكم إتيان امرأة في دبرها:
- ملعون في الدنيا، مطرود في الآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وقال فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا: (هِيَ اللُّوطِيَّةُ الصُّغْرَى) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).
- وقال أصحاب أبي حنيفة: "إنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم" (تفسير القرطبي).
خاتمة: هل لمن عمل هذه الفواحش توبة؟
- التوبة مقبولة من الكافر؛ فهي أولى في حق مرتكب اللواط: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ) (الأنفال: 38)، وفي الحديث القدسي: (قَالَ اللَّهُ -تبارك وتعالى-: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ ‌بِي ‌شَيْئًا ‌لَأَتَيْتُكَ ‌بِقُرَابِهَا ‌مَغْفِرَةً) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
- ابتعد أيها التائب عن أماكن المعصية السابقة وأسبابها: قال العالم لقاتل المائة نفس: (انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ، فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ؛ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ) (رواه البخاري ومسلم واللفظ له).
- أكثِر من زيارة القبور وتذكر الموتى، وتخيل نفسك وأنت في عدادهم، وقد فارقت الدنيا، وتركت لذاتها وشهواتها، وفني كل ذلك وبقي الإثم والعار: قال -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى? وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ) (يس: 12).
- الدعاء والالتجاء إلى الله -تعالى-، والانكسار أمام الخالق، وتذكر يوم الحساب، فإن في تذكر يوم الحساب، وتذكر الوقوف بين يدي الخالق الجبار رادع عن المعصية: قال -تعالى-: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران: 30).
فاللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 05-10-2023, 11:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الكبائر

الكبائر (32)

سب الصحابة

(موعظة الأسبوع)




كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
المقدمة:
- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة، التي ضَمِن الله لمَن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة: قال -تعالى-: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).
- سب الصحابة منكر عظيم، وجرم خطير، وكبيرة من الكبائر المهلكة في الدنيا والآخرة: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ ‌سَبَّ ‌أَصْحَابِي ‌فَعَلَيْهِ ‌لَعْنَةُ ‌اللهِ ‌وَالْمَلَائِكَةِ ‌وَالنَّاسِ ‌أَجْمَعِينَ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني)، وفي رواية ابن عمر -رضي الله عنهما-: (‌لَعَنَ ‌الله ‌مَنْ ‌سَبَّ ‌أَصْحَابِي) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
- الإشارة إلى أن هناك طائفة مارقة (الشيعة الرافضة) تتعبد بسبِّ الصحابة: قال الخميني -رأس الدولة الشيعة المعاصرة- في كتابه: "إن مثل هؤلاء الأفراد الحمقى والأفاقون والجائرون غير جديرين بأن يكونوا في موضع الإمامة، وأن يكونوا ضمن أولي الأمر!" "نقلًا عن الفوائد البديعة (ص 107-108)، وكشف الأسرار (ص 108)".
- الإشارة إلى أن هناك جهات إعلامية مأجورة تتخذ من أعراض الصحابة مادة إعلامية للطعن وتشويه صورة الإسلام: قال -تعالى- في إخوانهم المنافقين: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة: 14).
(1) تمهيد تاريخي مهم جدًّا بين يدي الحديث:
- ولادة النبي -صلى الله عليه وسلم- في عام الفيل مِنَّة على البشرية وهداية لها.
- لما بلغ الأربعين بعثه الله مبشرًا ونذيرًا، فعاداه وآذاه كبراء قومه.
- تبعه أقوام باعوا الدنيا واشتروا الآخرة، وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وتحملوا معه الأذى.
- ولما أُمِروا بالهجرة هاجروا وتركوا الديار والأموال والأهل: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ? أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحشر: 8).
- ولما وَصَل النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة آواه أهلها ونصروه وعزروه، وآووا أصحابه المهاجرين بالمال والدور، بل والزوجات: قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر: 9).
- استمر النبي -صلى الله عليه وسلم- يجاهد ويجاهد معه الصادقون والمفلحون، والقرآن ينزل بالثناء عليهم: قال الله -تعالى-: (‌مُحَمَّدٌ ‌رَسُولُ ‌اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح: 29).
- وبعد ثلاث وعشرين سنة من الدعوة والجهاد مع نبيهم -صلى الله عليه وسلم- جاء أمر الله برحيل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الدنيا: قال -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3).
- شدة أمر الوفاة، ولكن استمرت الراية مرفوعة: قول أبي بكر -رضي الله عنه-: "أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران: 144)" (رواه البخاري)، وهكذا انتقلت هذه النسمة إلى بارئها وبقي دين الله يحمله أصحابه.
خلاصة: مما سبق تبيَّن لنا أن عوامل نجاح الدعوة الإسلامية ثلاثة:
- الأول: المنهج الرباني الكامل (شرعًا)، كما قال الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة: 3)، ونصر الله لرسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين (كَوْنًا).
- والثاني: شخصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائد وتفانيه في الدعوة إلى وفاته: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنذِرْ) (المدثر: 1، 2).
- والثالث: الصحابة الذين نقلوا الدين ونشروه في العالم: قال الله -تعالى-: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة: 137).
- الإشارة إلى أن أعداء الدين من المبتدعة والمنافقين والكفرة يحاولون هدم الدعوة الإسلامية من خلال هدم هذه الأصول الثلاثة بطرق مختلفة بحسب عقيدة كل طائفة منهم؛ فالشيعة والمنافقون يسعون لهدم الإسلام بالطعن على الأصل الثالث مخالفين لأهل السنة والجماعة؛ وبهذا يكونون مخالفين في الأصلين الأولين أيضًا.
(2) مكانة الصحابة عند أهل السنة:
- يزكونهم بتزكية الله ورسوله لهم: قال -تعالى-: (‌مُحَمَّدٌ ‌رَسُولُ ‌اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الفتح: 29)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) (متفق عليه).
- يعتقدون براءة أهل بدر وبيعة الرضوان والسابقين الأولين من الكفر والشرك: قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يدخُلَ النَّارَ رَجُلٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ) (رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني)، ولمسلم: (لَا يَدْخُلُ النَّارَ، إِنْ شَاءَ اللهُ، مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا).
- يعتقدون سبقهم وسابقتهم على سائر الناس: قال الله -تعالى-: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة: 100)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَسُبُّوا أصْحابِي، لا تَسُبُّوا أصْحابِي، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لو أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدْرَكَ مُدَّ أحَدِهِمْ، ولا نَصِيفَهُ) (متفق عليه).
- يعتقدون وجوب الإمساك عن ذكرهم بسوء: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا...) (رواه الطبراني، وصححه الألباني)، وقال: (مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلاً) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).
- يدعون لهم ويستغفرون: قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (الحشر: 10).
(3) صورة من سبق الصحابة لغيرهم:
- لقد سبقوا العالمين في كلِّ باب (الاستجابة - المحبة والاتباع - التضحية بالنفس - التضحية بالأهل والوطن -... ).
- صورة من سبقهم في الاستجابة: قال أصحاب موسى لموسى -عليه السلام-: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) (المائدة: 24)، وقال أصحاب عيسى لعيسى -عليه السلام-: (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)، وأما أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) (البقرة: 285)، وقال سعد بن معاذ -رضي الله عنه- يوم بدر: "فَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ، وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ، وَأَعْطَيْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَا أَرَدْتَ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا، إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْدَ الْحَرْبِ، صُدْقٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ، لَعَلَّ اللَّهَ يُرِيكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَسُرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-" (السيرة النبوية لابن هشام).
(4) حكم الطعن على الصحابة:
- قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-: "قال الجلال البُلقيني: مَن سَبَّ الصحابة -رضي الله عنهم- أتى كبيرةً بلا نزاعٍ" (الزواجر). وقال السَّفَّاريني -رحمه الله-: "وكون سَبِّ الصحابة كبيرةٌ هذا بلا خلافٍ، وإنما اختلفوا: هل يكفر مَن سبّهم أم لا؟" (شرح منظومة الكبائر). وقال القاضي عياض -رحمه الله-: "سَبُّ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وتنقُّصهم أو أحدٍ منهم مِن الكبائر المُحرَّمة" (إكمال المعلم).
- وسَبُّ أحدٍ مِن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بُغضه كبيرةٌ؛ لما يأتي:
- لن يصل أحد إلى شرف الصحبة التي نالوها، وإن تفاوتت درجاتهم: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ) (متفق عليه).
اختارهم الله من دون غيرهم ليكونوا الأصحاب والنصراء والخلفاء: روي عَنْ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إن اللَّهَ -تَبَارَكَ وَتعالى- اخْتَارَنِي وَاخْتَارَ بِي أَصْحَابًا، فَجَعَلَ لِي مِنْهُمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا وَأَصْهَارًا، فَمَنْ سَبَّهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفٌ وَلاعَدْلٌ" (رواه الطبراني والحاكم).
- استقر القول بين المسلمين على فساد طوية مَن يسبهم: قال أبو زرعة الرازي -رحمه الله تعالى-: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاعلم أنه زنديق؛ وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابةُ، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة" (الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي).
خاتمة: مِن واجبنا نحو الصحابة:
- محبتهم والتعرف عليهم ومطالعة سيرتهم العطرة؛ فاتباعهم سبب الرضا: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (التوبة: 100).
- نشر فضائلهم والتعريف بمكارمهم، فهم القدوة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال -تعالى- في حقهم: (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا) (البقرة: 137).
- الذود عن أعراضهم والدفاع عنهم بكل مستطاع: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، "مِن وسائل الدفاع عنهم: الرد على الطاعنين، والتشنيع بهم وفضحهم، والمطالبة بمعاقبتهم ومقاطعتهم، وتفعيل كل الوسائل المتاحة مِن: مخاطبة الجهات الرسمية - الحملات الإلكترونية - النشرات - المحاضرات - الخطب -..." .
- الدعاء لهم والترضي عليهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ) (الحشر: 10).
فاللهم ارضَ عن الصحابة، واجمعنا بهم في جنات النعيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة لمَن أراد الزيادة: لماذا كل هذا الحقد والافتراء...؟! الجواب بذكر أسباب تاريخية في نقاط توضِّح ذلك:
- اتساع الفتوحات الإسلامية بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عهد الخلفاء الراشدين.
- انتصار المسلمين في معركة القادسية سنة 14هـ على الفرس، ثم سقوط دولة الفرس سنة 16هـ.
- كثرة الحاقدين الكائدين للدين في شخص حامليه وحماته ورموزه، ومن أبرز الحاقدين: اليهود، والفرس.
- سنة 23هـ قام المجوسي أبو لؤلؤة المجوسي بقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في المحراب (يوم العيد الأكبر عند الشيعة).
- ظهور عبد الله بن سبأ اليهودي في أواخر عهد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- من يهود اليمن مدعيًا الإسلام وزاعمًا محبة آل البيت، وسعى ومَن معه في تأليب الناس على عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وغالى في علي -رضي الله عنه-، وادَّعى له الوصية بالخلافة!
- ومن هنا كانت بداية التشيع الذي تطور مع مرور الزمن إلى أن صار دينًا يخالف دين المسلمين حيث تجاوزوا مِن الطعن على الصحابة إلى عقائد وتشريعات ليست من دين الله.
على سبيل المثال لا للحصر: (الغلو في آل البيت بصورة شركية - سب أمهات المؤمنين - التقرب والتعبد بلعن الصحابة - اعتقاد بعضهم تحريف القرآن - التعبد عند القبور وسؤال أصحاب القبور حتى جعلوا الطواف ببعضها أفضل من الطواف بالكعبة - نشر الفاحشة بما يسمى بزواج المتعة - وغير ذلك من الخرافات والبدع التي غيروا بها دين الله).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 26-10-2023, 06:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الكبائر

الكبائر (33)

الظلم

(موعظة الأسبوع)




كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
المقدمة:
- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة التي ضمن الله لمَن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة: قال -تعالى-: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).
- الظلم من الكبائر العظام، والقبائح الجسام، فهو إثم عظيم، وذنب مرتعُه وخيم: قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا...) (رواه مسلم).
- تعريف الظلم: هو وضع الشيء في غير محله.
(1) ذم الظلم والنهي عنه:
- الله -سبحانه وتعالى- عَدْل ويأمر بالعدل، وينهى عن الظلم: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل: 90)، (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ) (غافر: 31).
- أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لمنع الظلم بأنواعه من الأرض: قال -تعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحديد: 25).
- بيَّن -سبحانه وتعالى- أن الظلم سببٌ للبلاء والهلاك في الدنيا قبل الآخرة: قال -تعالى-: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (يونس: 13)، وقال: (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ) (الحج: 45)، وقال: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ ? إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102).
- وبين -سبحانه وتعالى- أن من عواقب شيوع الظلم في الدنيا، تعميم العقوبة إذا رضي الناس به، مع قدرتهم على منعه: قال -تعالى-: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال: 25)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (‌إِنَّ ‌النَّاسَ ‌إِذَا ‌رَأَوْا ‌الظَّالِمَ ‌فَلَمْ ‌يَأْخُذُوا ‌عَلَى ‌يَدَيْهِ ‌أَوْشَكَ ‌أَنْ ‌يَعُمَّهُمُ ‌اللَّهُ ‌بِعِقَابٍ مِنْهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)(1).
(2) أنواع الظلم:
الظلمُ نوعان: أحدهما ظلمُ النَّفْس، وهو على قسمين:
- الأول: الشِّرْكُ بالله -تعالى-، فإنَّ المُشْرِكَ جَعَلَ المخلوقَ في مَنزِلةِ الخالق، فعَبَدَهُ وتألَّهَه، قال -سبحانه-: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان: 13).
- الثاني: ظُلم النَّفسِ بالمعاصي على اخْتِلاف أجناسِها من كبائر وصغائر، فكُلُّ معصيةٍ يرْتكبُها العبدُ إنما هي ظُلمٌ لنفسه التي أمره الله بحفظها: قال -تعالى-: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (الطلاق: 1)، وقال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس: 44).
والنوع الثاني من الظلم:
- ظُلمُ العبدِ لغيره من الناس، وهو المقصودُ بالترهيب والتحريم في أكثر النصوص التي تربي المؤمنين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ...) (رواه مسلم)، وقال: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ...) (متفق عليه)، وقال: (انْصُرْ أخاكَ ظالِمًا أوْ مَظْلُومًا) فقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، أنْصُرُهُ إذا كانَ مَظْلُومًا، أفَرَأَيْتَ إذا كانَ ظالِمًا، كيفَ أنْصُرُهُ؟ قالَ: (تَحْجُزُهُ -أوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ؛ فإنَّ ذلكَ نَصْرُهُ) (رواه البخاري).
(3) صور من الظلم:
- التطاوُلُ على أموالِ اليتامى والضعفاء: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (النساء: 10).
- التَّسْويفُ والتأخيرُ في قضاء الدين مع القدرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ) (متفق عليه).
- حِرمانُ المرأةِ من حقِّها في الميراث من أبيها أو زوجِها أو مُوَرِّثِها أيًّا كان، أو المماطلةُ في ذلك: قال -تعالى-: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) وقال في آخرها: (آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا) (النساء: 11).
- ظلمُ الأُجَرَاء والمُستَخدَمين من عُمَّالٍ ونحوِهم ببخسِهِم حُقوقَهم، أو تأخيرِها عن أوقاتها، أو تغييرِ الاتفاقِ المُبْرَمِ معَهُم، أو إِهانَتِهم بقولٍ أو فِعْل: قال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: ... ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أَجْرَهُ) (رواه البخاري).
- الأذى الجَسَدي أو اللفظي، أو النَّفْسي للغير: قال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ يُعذِّبُ الذين يُعذِّبون الناسَ في الدنيا) (رواه مسلم).
- ظلم الزوجة بالتَّقْتيرِ عليها، أو سُوءِ مُعامَلتِها أو إهانَتِها أو هَجْرِها أو تَهْديدِها أو عَدَمِ حُسْنِ الخُلُقِ مَعَها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُكُمْ ‌خَيْرُكُمْ ‌لِأَهْلِهِ، ‌وَأَنَا ‌خَيْرُكُمْ ‌لِأَهْلِي) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).
- ظلم الجيران بالاعتداء على حقوقهم وحرمتهم: قال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جَارَهُ) (متفق عليه).
- الغش والتدليس ونحوه في البيع والشراء: قال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي) (رواه مسلم).
- ومِن أظلم الظلم: التحاكم الى غير الله (حكامًا ومحكومين): قال -تعالى-: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة: 45).
- (مدخل للعنصر التالي) لَا يَظُنَّنَّ أحَدٌ أَنَّ ظُلْمَهُ لِلْعِبَادِ سَيَضِيعُ وَيَذْهَبُ دُونَ حِسَابٍ وَلَا عِقَابٍ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) (إبراهيم: 42)، بل قد يجعل الله له من العقوبة العاجلة في الدنيا ما يردعه، أو يكون به عبرة للظالمين(2).
(4) عاقبة الظلم والظالمين في الدنيا والآخرة:
أولًا: في الدنيا:
- الظالم لا يحبُّه الله -تعالى-؛ وهو مصروف عن الهداية محروم من الفلاح: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 57)، (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة: 51)، (إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (الأنعام: 21).
- الظالم تطارده دعوات المظلومين الموعودة بالإجابة، ليلًا ونهارًا: قال -صلى الله عليه وسلم-: (واتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإنَّه ليسَ بيْنَهُ وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ...) (متفق عليه)، وقال: (‌دَعْوَةُ ‌الْمَظْلُومِ ‌مُسْتَجَابَةٌ، ‌وَإِنْ ‌كَانَ ‌فَاجِرًا ‌فَفُجُورُهُ ‌عَلَى ‌نَفْسِهِ) (رواه أحمد، وقال الألباني: "حسن لغيره")، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقوا دعوةَ ‌المظلومِ؛ فإنها تُحملُ على الغَمامِ، يقولُ الله: وعِزَّتي وجَلالي لأَنْصُرَنَّك ‌ولوْ ‌بَعْدَ ‌حينٍ) (رواه الطبراني، وقال الألباني: "حسن لغيره")، وقال معاوية -رضي الله عنه-: "إني لأستحيي أن أظلم مَن لا يجد عليَّ ناصرًا إلا الله" (العقد الفريد لابن عبد ربه).
لا تـظـلـمـن إذا كــنـتَ مـقـتـدرًا فـالـظــلـم آخـره يـأتـيك بالـنـدم
تــنـام عيــــنك والمظلوم منتـبه يدعو عليك وعيــــن الله لم تنمِ
- صور لمَن استعملوا سلاح الدعاء في مواجهة الظلمة: سعيد بن زيد -رضي الله عنه- يدعو على امرأة ظلمته بادعائها لجزءٍ من أرضه، ففوض الأمر إلى الله -تعالى-، وقال: دَعُوهَا وَإِيَّاهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: (مَن أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ بغيرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ في سَبْعِ أَرَضِينَ يَومَ القِيَامَةِ) اللَّهُمَّ، إنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فأعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا في دَارِهَا. قالَ: فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الجُدُرَ تَقُولُ: أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بنِ زَيْدٍ، فَبيْنَما هي تَمْشِي في الدَّارِ مَرَّتْ علَى بئْرٍ في الدَّارِ، فَوَقَعَتْ فِيهَا، فَكَانَتْ قَبْرَهَا. (رواه مسلم).
وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- دعا على أبي سعدة الكوفي لما افترى عليه: "اللَّهُمَّ إنْ كانَ عَبْدُكَ هذا كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وسُمْعَةً، فأطِلْ عُمْرَهُ، وأَطِلْ فَقْرَهُ، وعَرِّضْهُ بالفِتَنِ. وكانَ بَعْدُ إذَا سُئِلَ يقولُ: شيخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ، قالَ عبدُ المَلِكِ: فأنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ علَى عَيْنَيْهِ مِنَ الكِبَرِ، وإنَّه لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي في الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ" (متفق عليه)(3).
- بل الأشد أن يتركه الله يزداد في ظلمه دون عقوبة زمنًا طويلًا يغتر فيه بعمله، ثم فجأة تنزل فوق رأسه المصائب والبلايا غير المتوقعة، فضلًا عما ينتظره في الآخرة: قال -تعالى-: (سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ) (الأعراف: 182)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظّالِمِ، حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) ثم قرأ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102). (متفق عليه).
ثانيًا: في الآخرة:
- بيَّن الحق -تعالى- أن الحقوق إن ضاعت في الدنيا، فإنها لا تضيع في الآخرة، وإن كانت كمثقال الذر: قال -تعالى-: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء: 47).
- وصف الله -تعالى- أحوال الظالمين عند الموت: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (الأنعام: 93).
- تهدَّدهم الكبير المتعال مِن قَبْل بسوء العاقبة، وطردهم من رحمته: قال -تعالى-: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) (الشعراء: 227)، وقال: (فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (المؤمنون: 41).
- يخرج الظالمون من قبورهم في رعب وهلع شديد، قد نسوا كل نعيم في الدنيا، لا يذكرون إلا مشاهد ظلمهم للعباد، وما ينتظرون من العقاب: قال -تعالى-: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ? وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) (إبراهيم: 43).
- وفي عرصات القيامة، هم في فضيحة بما ظلموا، مطردون من رحمة الله بما عملوا: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (غافر: 52)، (وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ ? أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود: 18)، (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (الأعراف: 44).
- ثم يساقون الى أشد ألوان العذاب: قال -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) (الزخرف: 65).
- وأما تفاصيل العذاب؛ فقد جاء في الكتاب والسنة في كلِّ ظلم عقوبته؛ إما صراحة أو ضمنًا، فراجع عواقب الكبائر والمعاصي.
خاتمة:
- أيها الظالم تُبْ قبل فوات الأوان: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن كانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْها، فإنَّه ليسَ ثَمَّ دِينارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِن قَبْلِ أنْ يُؤْخَذَ لأخِيهِ مِن حَسَناتِهِ، مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، ‌فَإِنْ ‌لَمْ ‌يَكُنْ ‌لَهُ ‌حَسَنَاتٌ ‌أُخِذَ ‌مِنْ ‌سَيِّئَاتِ ‌أَخِيهِ ‌فَطُرِحَتْ ‌عَلَيْهِ) (رواه البخاري). وقال سفيان الثوري: "إن لقيتَ اللهَ -تعالى- بسَبعينَ ذَنبًا فيما بَينَك وبَينَ اللهِ -تعالى-، أهونُ عليك مِن أن تَلقاه بذَنبٍ واحِدٍ فيما بَينَك وبَينَ العِبادِ" (تنبيه الغافلين للسمرقندي).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) حكى الطرطوشي -رحمه الله-: "أنه كان بمصر نخلة تحمل تمرًا عظيمًا، ولم تكن نخلة تحمل نصف حملها، فغصبها أحدهم فلم تحمل تمرة واحدة في ذلك العام! قال: وشهدت السمك في الإسكندرية يغلي -يفور- به الماء لكثرته ويصيده الأطفال بالخرق، فحجر عليه أحدهم، ومنع الناس من صيده، فذهب السمك منه حتى لا يكاد يوجد فيه إلا الواحدة " (من محاضرة للشيخ: محمد صالح المنجد).
(2) قال ابن القيم -رحمه الله-: "سبحان الله! كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة، واحترقت كبد يتيم، وجرت دمعة مسكين (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ) (المرسلات: 46)، (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (ص: 88)، ما ابيضَّ لون رغيفهم حتى اسود لون ضعيفهم، وما سمنت أجسامهم حتى انتحلت أجسام ما استأثروا عليه! لا تحتقر دعاء المظلوم، فشرر قلبه محمول بعجيج صوته إلى سقف بيتك... ويحك نبال أدعيته مصيبة، وإن تأخر الوقت، قوسه قلبه المقروح، ووتره سواد الليل، وأستاذه صاحب: (لأَنْصُرَنَّك ‌ولوْ ‌بَعْدَ ‌حينٍ)، وقد رأيت ولكن لست تعتبر.
احذر عداوة مَن ينام وطرفه باكٍ، يقلِّب وجهه في السماء، يرمي سهامًا ما لها غرض سوى الأحشاء منك، فربما ولعلها إذا كانت راحة اللذة تثمر ثمرة العقوبة لم يحسن تناولها، ما تساوي لذة سنة غمَّ ساعة؛ فكيف والأمر بالعكس؟! كم في يمِّ الغرور من تمساح، فاحذر يا غائص، ستعلم أيها الغريم قصتك عند علق الغرماء بك" (بدائع الفوائد).
(3) وقد حكت كتب التاريخ: عن وزير ظلم امرأة بأخذ مزرعتها وبيتها، فشكته إلى الله فأوصاها مستهترًا، وقال: عليك بالدعاء في الثلث الأخير من الليل، فأخذت تدعو عليه شهرًا، فابتلاه الله بمَن قطع يده وعزله وأهانه، فمرت عليه وهو يُجلَد فشكرته قائلة:
إذا حـــاف الــــوزيــر وكــــاتـبــاه وقاضي الأرض أجحف في القضاء
فــــويــل ثــــم ويـــل ثــــم ويــــل لقاضي الأرض مـن قـاضي السماء
(من محاضرة للشيخ محمد صالح المنجد).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 26-10-2023, 06:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الكبائر

الكبائر (34)

قذف المحصنات

(موعظة الأسبوع)




كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
المقدمة:
- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة التي ضَمِن الله لمَن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة: قال -تعالى- : (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).
- قَذْفُ المُحْصَنَاتِ من أكبر الكبائر، وأعظم الجرائم؛ لما له من أثر سيئ على مجتمعات المسلمين: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ)، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وما هُنَّ؟ قالَ: (الشِّرْكُ باللَّهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بالحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبا، وأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المُؤْمِناتِ الغافِلاتِ) (متفق عليه).
- المقصود بقذف المحصنات الغافلات: القذف الرمي البعيد، استعير للشتم والعيب والبهتان كما استعير للرمي، والمحصنات جمع محصنة، بفتح الصاد، اسم مفعول، أي: التي أحصنها الله -تعالى- وحفظها من الزنا، وبكسرها، اسم فاعل أي: التي حفظت فرجها من الزنا. والغافلات: كناية عن البريئات؛ لأن البريء غافل عما بهت به من الزنا. (عمدة القاري).
وقال الذهبي -رحمه الله-: "والقذف أن يقول لامرأة أجنبية حرة عفيفة مسلمة: يا زانية، أو يا باغية. أو يقول لزوجها: يا زوج الزانية... وما إلى ذلك من عبارات" (الكبائر للذهبي).
- الإشارة إلى استهانة كثير من الناس بالقذف بكل أشكاله وألوانه وتنوع ألفاظه، مما امتلأت به حياة الناس عند التعاملات والاختلافات، بل عند التمازح، بل في وسائل الإعلام وسائل الاتصالات الحديثة، وغير ذلك.
(1) خطورة قذف المحصنات:
- قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ يتسبب في فساد المجتمع وشيوع الفاحشة: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ? وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (النور: 19).
- قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ يوجب الطرد من رحمة الله: قال الله -تعالى- : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) (النور: 23-25).
- قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ أَقْبَحُ مِنَ الرِّبَا وَمِنَ الزِّنَا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (الرِّبَا ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، ‌وَإِنَّ ‌أَرْبَى ‌الرِّبَا ‌عِرْضُ ‌الرَّجُلِ ‌الْمُسْلِمِ) (رواه ابن ماجه والحاكم واللفظ له، وصححه الألباني).
- قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ يصل في بعض الأحيان إلى الكفر بالله -تعالى-: الشيعة الرافضة -المنتسبين إلى الإسلام زورًا وبهتانًا-، يحملهم الحقد وعداوة هذا الدِّين على رمي أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالفاحشة، وهذا كفر؛ لأنه تكذيب لصريح القرآن: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 23).
وقال ابن كثير -رحمه الله-: "فَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِالدُّخُولِ فِي هَذَا مِنْ كُلِّ مُحَصَّنَةٍ، وَلَا سِيَّمَا الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ النُّزُولِ، وَهِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ الصَّدِّيقِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّها بَعْدَ هَذَا وَرَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ بَعْدَ هذا الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَانِدٌ لِلْقُرْآنِ" (تفسير ابن كثير)، وسيأتي حديث رمي المنافقين للصِّدِّيقة -رضي الله عنها-.
- ترتب العقوبة الشرعية على القاذف في الدنيا؛ إذا لم يأتِ بأربعة شهداء فإنه يجلد ثمانين جلدة، وترد شهادته أبدًا، ويصبح فاسقًا عند الله وعند الناس: قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَ?ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 4).
(2) وقفة مهمة حول ضوابط ثبوت الزنا:
- صعوبة تحقق ذلك في الواقع (إحضار أربع شهود متفقين من غير اختلاف)، لا تبيح للقاذف القذف لغيره: فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ)، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الأَنْصَارِ: أَهَكَذَا أُنْزِلَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَلا تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ؟) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ رَجُلٌ غَيُورٌ، وَاللَّهِ مَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً قَطُّ إِلا بِكْرًا، وَمَا طَلَّقَ امْرَأَةً قَطُّ، فَاجْتَرَأَ رَجُلٌ مِنَّا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مِنْ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ؟ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَكِنْ قَدْ تَعَجَّبْتُ أَنْ لَوْ وَجَدْتُ لَكَاعًا قَدْ تَفَخَّذَهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ لِي أَنْ أُهِيجَهُ وَلا أُحَرِّكَهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ! فَوَاللَّهِ إِنِّي لا آتِي بِهِمْ حَتَّى يَقْضِي حَاجَتَهُ!
فَمَا لَبِثُوا إِلا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَ هِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ مِنْ أَرْضِهِ عَشِيَّةً، فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَرَأَى بِعَيْنِهِ، وَسَمِعَ بِأُذُنِهِ، فَلَمْ يُهِجْهُ حَتَّى أَصْبَحَ، فَغَدا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عَشِيًّا فَوَجَدْتُ عِنْدَهَا رَجُلًا فَرَأَيْتُ بِعَيْنِي، وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي؟ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: الآنَ يَضْرِبُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَيُبْطِلُ شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ هِلالٌ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِي مِنْهَا مَخْرَجًا، فَقَالَ هِلالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا جِئْتُكَ بِهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ بِضَرْبِهِ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ عَرَفُوا ذَلِكَ فِي تَرَبُّدِ جِلْدِهِ، فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْوَحْيِ، فَنَزَلَتْ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ . وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ . وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ . وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (النور: 6-9)، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (أَبْشِرْ يَا هِلالُ، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا)، فَقَالَ هِلالٌ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَاكَ مِنْ رَبِّي، ثم أمرا بأن يتلاعنا، فذكَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- هلال بن أمية بالله والنار والعذاب، فلما أصر على قوله أمره أن يشهد بالله أربع مرات إنه لمن الصادقين، وفي الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ذكَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجته بالله وبالنار والعذاب، فتلكأت قليلًا، ثم أصرت على تكذيبها لزوجها، فأمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تشهد بالله أربع مرات إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن تقول أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فلما فرغا من اللعان فرَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، فلا تحل له أبدًا. (رواه أحمد بسندٍ حسنٍ).
(3) أعظم جريمة قذف في التاريخ:
- رمى المنافقين الصديقة بنت الصديق بالفاحشة: عن عَائِشَةَ قَالَتْ: كانَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ أقْرَعَ بيْنَ أزْوَاجِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- معهُ، قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْدَ ما نَزَلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِن غَزْوَتِهِ تِلكَ وقَفَلَ، ودَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي وحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِي الذي كُنْتُ رَكِبْتُ، وهُمْ يَحْسِبُونَ أنِّي فِيهِ، وكانَ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما تَأْكُلُ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وليسَ بهَا دَاعٍ، ولَا مُجِيبٌ فأمَمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ به، وظَنَنْتُ أنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ.
فَبيْنَا أنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِن ورَاءِ الجَيْشِ، فأدْلَجَ فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وكانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وجْهِي بجِلْبَابِي، ووَاللَّهِ ما كَلَّمَنِي كَلِمَةً ولَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ علَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بي الرَّاحِلَةَ، حتَّى أتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ، وكانَ الذي تَوَلَّى الإفْكَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، والنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أصْحَابِ الإفْكِ، لا أشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ وهو يَرِيبُنِي في وجَعِي، أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اللَّطَفَ الذي كُنْتُ أرَى منه حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فيُسَلِّمُ ثُمَّ يقولُ: (كيفَ تِيكُمْ؟) ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الذي يَرِيبُنِي، ولَا أشْعُرُ بالشَّرِّ حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ ما نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وهو مُتَبَرَّزُنَا، وكُنَّا لا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وأَمْرُنَا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ وهي ابْنَةُ أبِي رُهْمِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وأُمُّهَا بنْتُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ خَالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ، فأقْبَلْتُ أنَا وأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وقدْ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ قالَتْ: أيْ هَنْتَاهْ أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قالَتْ: قُلتُ: وما قالَ؟ فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا علَى مَرَضِي.
فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، ودَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: (كيفَ تِيكُمْ؟)، فَقُلتُ: أتَأْذَنُ لي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أنْ أسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، قالَتْ: فأذِنَ لي رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ، فَجِئْتُ أبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، ولَهَا ضَرَائِرُ إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ: فَقُلتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أوَلقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟! قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، حتَّى أصْبَحْتُ أبْكِي، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلِيَّ بنَ أبِي طَالِبٍ وأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنْهما- حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَأْمِرُهُما في فِرَاقِ أهْلِهِ، قالَتْ: فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ لهمْ في نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أهْلَكَ ولَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وأَمَّا عَلِيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، والنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ.
قالَتْ: فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَرِيرَةَ، فَقالَ: (أيْ بَرِيرَةُ، هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ؟) قالَتْ بَرِيرَةُ: لا والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أمْرًا أغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ، فَاسْتَعْذَرَ يَومَئذٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وهو علَى المِنْبَرِ: (يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَنِي أذَاهُ في أهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أهْلِي إلَّا خَيْرًا، ولقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ علَى أهْلِي إلَّا مَعِي) فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ أنَا أعْذِرُكَ منه، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ قَبْلَ ذلكَ رَجُلًا صَالِحًا، ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ، ولَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ وهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ.
فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأوْسُ والخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، ورَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا، وسَكَتَ، قالَتْ: فَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ ولَا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، قالَتْ: فأصْبَحَ أبَوَايَ عِندِي وقدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ ويَوْمًا لا أكْتَحِلُ بنَوْمٍ، ولَا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قالَتْ: فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي، وأَنَا أبْكِي فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: ولَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ ما قيلَ قَبْلَهَا، وقدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: (أمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ).
قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأبِي: أجِبْ رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيما قالَ، قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلتُ لِأُمِّي: أجِيبِي رَسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَتْ: ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قالَتْ: فَقُلتُ وأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إنِّي واللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ، لقَدْ سَمِعْتُمْ هذا الحَدِيثَ حتَّى اسْتَقَرَّ في أنْفُسِكُمْ وصَدَّقْتُمْ به؛ فَلَئِنْ، قُلتُ لَكُمْ: إنِّي بَرِيئَةٌ، واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي منه بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لَكُمْ مَثَلًا إلَّا قَوْلَ أبِي يُوسُفَ، قالَ: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ) (يوسف: 18).
قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وأَنَا حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ في شَأْنِي وحْيًا يُتْلَى، ولَشَأْنِي في نَفْسِي كانَ أحْقَرَ مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، ولَكِنْ كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ولَا خَرَجَ أحَدٌ مِن أهْلِ البَيْتِ حتَّى أُنْزِلَ عليه، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وهو في يَومٍ شَاتٍ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي يُنْزَلُ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُرِّيَ عنْه وهو يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا: (يا عَائِشَةُ، أمَّا اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- فقَدْ بَرَّأَكِ) فَقالَتْ أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، قالَتْ: فَقُلتُ: لا واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ، ولَا أحْمَدُ إلَّا اللَّهَ -عزَّ وجلَّ-، فأنْزَلَ اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-: (‌إِنَّ ‌الَّذِينَ ‌جَاءُوا ‌بِالْإِفْكِ ‌عُصْبَةٌ ‌مِنْكُمْ ‌لَا ‌تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 11) الآيَاتِ. (متفق عليه).
خاتمة:
- قذف المحصنات مسألة خطيرة جدًّا قد يتعرَّض لها أحدٌ مِن المسلمين فيهلك بسببها، وقد يتكلم بها عند أحد من الناس أو في جمع من الخلق أو عند أهله، أو يكتبها في الإنترنت، أو في قناة من القنوات الإعلامية، وهو يعلم أو لا يعلم ما يترتب على قوله من الهلاك -والعياذ بالله-؛ فالحذر الحذر، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اجْتَنِبُوا ‌السَّبْعَ ‌الْمُوبِقَاتِ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ) (متفق عليه).
فاللهم استر عوراتنا، وآمِن روعاتنا، واحفظ أعراض المسلمين أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 22-11-2023, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الكبائر

الكبائر (35)

شرب الخمر والمخدرات

(موعظة الأسبوع)



كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
المقدمة:
- الكبائر هي تلك الذنوب المهلكة، التي ضمن الله لمن اجتنبها في الدنيا، الجنة في الآخرة: قال تعالى: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا) (النساء: 31).
- شرب الخمر والمخدرات من كبائر الذنوب، وشنائع السلوك؛ لما لها من مفاسد على عقل الإنسان وسلوكه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لُعِنتِ الخمرُ على عشرةِ أوجُهٍ: بعينِها، وعاصرِها، ومعتَصرِها، وبائعِها، ومُبتاعِها، وحاملِها، والمحمولةِ إليهِ، وآكِلِ ثمنِها، وشاربِها، وساقيها) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
- المخدِّر في التعريف العلمي: مادة تسبب في الإنسان والحيوان فقدان الوعي بدرجات متفاوتة كالحشيش والأفيون. (المعجم الوسيط)، يعني: كل مادة طبيعية أو كيماوية إذا استخدمت تؤدي إلى فقدان كلي أو جزئي للإدراك بصفة مؤقتة، على حسب نوع المخدر والكمية المستخدمة.
- إذًا فكل ما يؤثـِّر على العقل سلبًا -وإن سماه الناس بأسماء ترغيبية- فهو خمر: عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ -وَجَيْشَانُ مِنْ الْيَمَنِ- فَسَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (أَوَمُسْكِرٌ هُوَ؟)، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟! قَالَ: (عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) (رواه مسلم)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ؛ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) (رواه أحمد والنسائي، وقال الألباني: "حسن صحيح")(1).
(1) عاقبة المخدرات في الدنيا والآخرة:
- متناول المخدرات ملعون هو ومَن يشاركه بأي درجة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لُعِنتِ الخمرُ على عشرةِ أوجُهٍ: بعينِها، وعاصرِها، ومعتَصرِها، وبائعِها، ومُبتاعِها، وحاملِها، والمحمولةِ إليهِ، وآكِلِ ثمنِها، وشاربِها، وساقيها) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).
- متناول المخدرات متوعد في الدنيا بالجلد والإهانة، وهو على غير سبيل المسلمين: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن شربَ الخمرَ فاجلِدوهُ) (رواه أحمد، وصححه الشيخ أحمد شاكر)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وهو مُؤْمِنٌ) (متفق عليه).
- متناول المخدرات متوعد في الآخرة بشرب طينة الخبال في النار: قال -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟! قَالَ: (عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) (رواه مسلم).
(2) أضرار المخدرات على الفرد:
- المخدرات محاربة للمقاصد العظيمة التي جاءت الشريعة الإسلامية بالمحافظة عليها: (الضروريات: النفس - المال - العقل - العرض - الدين)، والمخدرات تفسد كل ذلك.
- فالمخدرات قتل للنفس عاجلًا أو آجلًا: (الالتهاب الرئوي - الصرع - الإيدز - الكبد الوبائي - الوفاة بجرعة زائدة)، قال -تعالى-: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء:29).
- والمخدرات إفساد للعقل: (اضطراب خلايا المخ - تغيرات سلوكية وأخلاقية - ...)، وغير ذلك مما يجرئ على ارتكاب المعاصي، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ ملِكًا من بنِي إسرائِيلَ أخذَ رجُلًا فخَيَّرَهُ بين أنْ يَشرَبَ الخمْرَ، أوْ يَقتُلَ صبِيًّا، أوْ يزْنِيَ، أو يأكلَ لحمَ خِنزيرٍ، أو يَقتلُوهُ إنْ أبَى، فاختارَ أنْ يَشربَ الخمْرَ، وإنَّهُ لَمَّا شرِبَها لمْ يمتنعْ من شيءٍ أرادُوهُ مِنهُ) (رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وصححه الألباني).
- والمخدرات إتلاف للمال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). ومتناول المخدرات غالبًا لا يعمل، وعلى ذلك يسعى لجلب المال للتعاطي بأي صورة (سرقة - تفريط في عرض - إلخ).
- المخدرات تضييع للأعراض: (لا غيرة ولا رجولة؛ لأنه أسير شهوته)(2).
- المخدرات تضييع للدين، فالعبادة لها روحانية خاصة لا تناسب حالة المدمن المضطربة: قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) (النساء:43).
(3) أضرار المخدرات على المجتمع:
- تهدد بانهيار البنية البشرية للمجتمع وخصوصًا الشباب: ففي الحديث قيل: يَا رَسُولَ اللهِ ‌أَنَهْلِكُ ‌وَفِينَا ‌الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: (نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ) (متفق عليه).
- إفساد لاقتصاد الأمة (الأموال المهدرة على المخدرات تقيم جيشًا على أحدث نظام، وأرباب المخدرات لا ينتجون، بل يزيدون الأعباء الاقتصادية): (سجون - شرطة وحراسة - قضاة - محاكم - مستشفيات - ...).
- هزيمة عسكرية: (انهزم الصينيون هزيمة نكراء من اليابان؛ لأن الأفيون كان منتشرًا بين صفوف الجيش الصيني).
(4) أسباب انتشار المخدرات:
- ضعف الدين، وتضييع معنى المراقبة لله، والجزاء من جنس العمل: قال -سبحانه وتعالى-: (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا) (الكهف:17).
- سوء التربية أو فسادها في كثير من البيوت: قال -تعالى-: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا) (الأعراف:58).
- أصحاب السوء: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).
- وسائل الإعلام الفاسدة المفسدة: (البطل عندهم إما سارق أو فاسق أو مدخن، إلخ)، قال -تعالى-: (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (البقرة:221).
- تعاطي بعض الأدوية بطريق الخطأ أو مظنة الخير: (المنشطات الجنسية - المثبطات الكثيرة ونحوها...).
- الظروف السياسية بين الدول: مما يجعلها تستهدف خصمها بالإفساد لأفراده.
(5) ما العلاج؟!:
- التوبة والعودة إلى الله، فهي أعظم سبيل للنجاة والعلاج: قال -تعالى-: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) (الطلاق:2)، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق:4)، (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) (نوح:10-12).
- مراقبة الله واستحضار العاقبة في الدنيا والآخرة: قال -صلى الله عليه وسلم-: (... أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ) (متفق عليه).
- الإقبال على المساجد ومجالس العلم، ومصاحبة الصالحين: قال -تعالى-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) (الكهف:28)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا تَشْتَرِيهِ أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً) (متفق عليه).
فاللهم اصلح شباب المسلمين، واحفظهم من كيد الكفرة والمفسدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الإمام الهيتمي بعد ذكره أنواعًا من المخدرات في زمانه: "وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مُسْكِرَةٌ أَوْ مُخَدِّرَةٌ فَاسْتِعْمَالُهَا كَبِيرَةٌ وَفِسْقٌ كَالْخَمْرِ، فَكُلُّ مَا جَاءَ فِي وَعِيدِ شَارِبِهَا يَأْتِي فِي مُسْتَعْمِلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْعَقْلِ الْمَقْصُودِ لِلشَّارِعِ بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ الْآلَةُ لِلْفَهْمِ عَنْ اللَّهِ -تَعَالَى- وَعَنْ رَسُولِهِ وَالْمُتَمَيِّزُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ الْحَيَوَانِ، وَالْوَسِيلَةُ إلَى إيثَارِ الْكَمَالَاتِ عَنْ النَّقَائِصِ، فَكَانَ فِي تَعَاطِي مَا يُزِيلُهُ وَعِيدُ الْخَمْرِ الْآتِي فِي بَابهَا" (الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي).
(2) يحسن أن يذكر الخطيب بعض القصص التي فيها عبرة، مثل: تحدث أحد رجال مكافحة المخدرات عن شاب من هؤلاء الذين أصبحوا أسرى للمخدرات، الذي يسرق أموال أمه وأخته، ثم بدأ يبيع أثاث البيت حتى لم يبقَ شيء يبيعه... أتدرون -عياذًا بالله- ماذا فعل؟! أوقع أخته في الإدمان من غير علمها، ثم أخذ يتاجر بعرضها وشرفها من أجل المال الذي يدمن به المخدرات، ولم يقف عن هذا الحد، بل سولت له نفسه، فكرر ذلك بأمه ليزيد من دخله المالي لأجل الإدمان! وإنا لله وإنا إليه راجعون. (قصة مأساة - إبراهيم الدويش).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 142.60 كيلو بايت... تم توفير 3.77 كيلو بايت...بمعدل (2.57%)]