|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
تربية الأولاد.. قواعد وأصول
تربية الأولاد.. قواعد وأصول (١) تربية الأبناء من المطالب العظيمة التي جاءت الشريعة بالحث عليها والعناية بها ورعايتها فإن الأولاد من جملة الأمانات التي استرعى الله عزوجل العباد عليها في محاضرة له بعنوان: (أصول وقواعد في تربية الأبناء)، بين الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر أن تربية الأبناء من المطالب العظيمة التي جاءت الشريعة بالحث عليها والعناية بها ورعايتها؛ فإن الأولاد من جملة الأمانات التي استرعى الله -عزوجل- العباد عليها وأثنى على من عملوا على رعايتها، كما قال الله -سبحانه وتعالى- في وصف عباده المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}(المؤمنون:8). فإن من رعاية الأمانة رعاية الأبناء بالتربية والتأديب والتنشئة على طاعة الله -عزوجل-، وإهمالهم في هذا الباب يُعد من خيانة الأمانة، كما قال الله -سبحانه وتعالى- في سورة الأنفال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}؛ فلما نهى عن خيانة الأمانة أوصى عقب ذلك بالأبناء. رعاية الأبناء رعاية للأمانة وعناية بها وهذا السياق يدل على أن الرعاية للأبناء والعناية بهم تأديبًا وتنشئةً على طاعة الله -سبحانه وتعالى- يُعد من الرعاية للأمانة والعناية بها، وقد قال الله -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (التحريم:6)؛ وقد عد أهل العلم هذه الآية أصلا في التربية والتأديب والتنشئة للأولاد، قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في معنى الآية: «أي أدِّبوهم وعلِّموهم»، هذا معنى قوله {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. والأولاد من جملة المسؤولية التي أُمِر العبد برعايتها، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وذكر من هؤلاء الأب قال: «وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»، ويدخل في أوائل ذلك الأبناء تربيةً لهم وتنشئةً على طاعة الله -سبحانه وتعالى. الأبناء هبة من الله والأبناء هبة من الله؛ {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا}(الشورى:49-50)، فهم هبة إلهية ومنة ربانية، الله -عزوجل- لما أعطى من أعطى من عباده الأولاد ومنَّ عليهم بهم، أمرهم برعايتهم والعناية بهم لينشؤوا على طاعة الله والاستقامة على أمره -سبحانه وتعالى. ويوم القيامة كما أن الله -عزوجل- يسأل الأبناء عن برهم بآبائهم، فإنه كذلك يسأل الآباء عن رعايتهم لأبنائهم، بل كما قال بعض أهل العلم: إن السؤال للآباء عن الأبناء سابقٌ لسؤال الأبناء عن الآباء؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- كما أوصى الأبناء بآبائهم برا ووفاءً وإحسانا {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}(العنكبوت:8) فإنه -عز وجل- أوصى الآباء بالأبناء، قال -جل وعلا- : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}(النساء:11)؛ فكما أوصى الأبناء بآبائهم أوصى كذلك الآباء بأبنائهم تربية وتأديبا لهم وتنشئة على طاعة الله -سبحانه وتعالى. الأب يُسأل عن أبنائه يوم القيامة ولهذا فإن الأب يُسأل عن أبنائه يوم القيامة سؤال مقدم على سؤال أبنائه عنه، لأن الحال التي يكون عليها الابن في الغالب للأب أثر في ذلك، كما يستفاد من الحديث الذي في الصحيحين: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا»، فالخلل الذي يكون في الأبناء في الغالب راجع إلى تفريط من الآباء في التربية والرعاية والعناية، هذا في الغالب لكن قد يبذل الأب جهدًا عظيما في تربية الولد والعمل على تنشئته على طاعة الله -سبحانه وتعالى- ويكون الله -عز وجل- لم يكتب له صلاحا أو هداية، قد قال -سبحانه وتعالى- لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}(القصص:56)، وقال -سبحانه وتعالى-: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}(يوسف:103) وقال: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ}(النحل:37). الأدب أدب الله ولهذا يقول الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تعالى- (إمام دار الهجرة): «الأدب أدب الله وليس لأدب الآباء والأمهات»؛ يقصد -رحمه الله تعالى-: أن ما يقوم به الآباء والأمهات هو بذل للأسباب، لكن الأدب الذي يحصل للولد هو من الله، هو الذي يهب الولد الصالح، ويهب الولد الطيب المستقيم على طاعة الله، {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}(الصافات:100)، فكما أن الولد في نفسه هبة من الله، فصلاحه كذلك هبة من الله، {هَبْ لِي}،{هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}(الفرقان:74)، هبة هي من الله -سبحانه وتعالى. القواعد والأسس وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على بعض الأسباب والوسائل والقواعد والأسس التي تُراعى لتكون سببًا في استقامة الأبناء على طاعة الله -سبحانه وتعالى-، فهي أسبابٌ ووسائل جاءت النصوص بالحث العناية بها والترغيب فيها، ولها آثارها -بتوفيق الله ومنه- على الآباء صلاحًا واستقامة على طاعة الله -سبحانه وتعالى-، ولعلي أشير في حديثنا هذا إلى عشرة من القواعد والأسس التي دل عليها الكتاب والسنة فيما يتعلق بالوسائل النافعة المفيدة في التربية للأبناء والتنشئة لهم على طاعة الله -سبحانه وتعالى. أولاً: اختيار الزوجة الصالحة أول الأسس والقواعد هو اختيار الزوجة الصالحة المستقيمة على طاعة الله -سبحانه وتعالى-، وقد جاء في الحديث الصحيح أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - قال: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»، وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه أن من سعادة الدنيا المرأة الصالحة، المرأة الصالحة يحملها صلاحها على الإخلاص لله والصدق مع الله والعناية بعبادته -سبحانه وتعالى- وكثرة ذكره -جل وعلا- وشكره، ويحملها على العناية بالأبناء؛ ولهذا كم وكم للأمهات من الأثر على الأبناء في تربيتهم وتأديبهم والاجتهاد في استقامتهم! وينعكس ما في المرأة الصالحة من ديانةٍ وخُلقٍ وأدب على الأبناء في نشأتهم واستقامتهم على طاعة الله -سبحانه وتعالى. ثانيًا: غرس الإيمان والعقيدة جاءت النصوص بالحث على غرس الإيمان والعقيدة في الأولاد منذ الصغر، لأن العقيدة هي الأساس الذي يقوم عليها الإيمان، وهذا الولد الصغير الغض هو أشبه ما يكون بالشجرة التي تنمو مع الأيام، فحقيق أن يُعتنى بتمتين أصول هذه الشجرة كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}(إبراهيم:24-25)، شجرة الإيمان أصلها الإيمان والعقيدة التي يُعمل على تمتينها وتقويتها في قلب الولد؛ بحيث ينشأ على التوحيد والإخلاص على المراقبة لله -عز وجل-، الاستحضار لعظمة الله ومحبة الله والرجاء فيما عند الله والخوف من الله -سبحانه وتعالى-؛ هذه أصول تغرس في قلبه منذ صغره. وصية لقمان الحكيم لابنه في وصية لقمان الحكيم لابنه أول ما أوصاه به العقيدة والتوحيد {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(لقمان:13)، ومن جملة ما أوصاه به تعظيم الله ومراقبته واستحضار عظمته واطلاعه وأنه -سبحانه وتعالى- لا تخفى عليه خافية {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}(لقمان:16)، ما خوَّفه من نفسه ولا قال له «أنا متابع لك، وأنا ما يفوتني أعمالك، وانا أراقبك»! وجَّهه إلى المراقبة لله واستحضار اطلاع الله -سبحانه وتعالى-، وأن الخطيئة لو كانت من أدق ما يكون وعُمل على إخفاءها بأشد ما يكون فإنها لا تخفى على الله -سبحانه وتعالى- الذي جل في علاه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. ومن التنشئة للصغير على الاعتقاد والإيمان: ما جاء في الوصية العظيمة من نبينا -عليه الصلاة والسلام- لابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ»، وهذا الحديث انتظم أمورا عظيمة وجوامع من الكلِم فيما ينشَّأ عليه الولد ويربى عليه، وفيه أيضا قال له: «وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ..» الخ؛ فهذا فيه الوصية بالتوحيد؛ التعظيم لله والمراقبة لله والإيمان بقدر الله -سبحانه وتعالى- والحث على بذل الأسباب النافعة التي تقرب العبد من الله -عز وجل. الحذر من الدعاء على الأبناء مما ينبه عليه في هذا المقام: أن يحذر الأب من الدعاء على ولده؛ لأن بعض الآباء سريع الدعاء على ولده عند أدنى غلط يقع فيه الولد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك قال: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ»؛ فيحذر الأب من أن يدعو على ولده بالشر، قد قال الله -تعالى-: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا}(الإسراء:11) هذا من العجلة التي ينبغي أن يحذر المرء منها.اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: تربية الأولاد.. قواعد وأصول
تربية الأولاد.. قواعد وأصول (٢)
ما زلنا نستعرض معًا محاضرة الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر، التي كانت بعنوان: (قواعد وأصول في تربية الأبناء)، وذكرنا في المقال السابق أن رعاية الأبناء والعناية بهم تأديبًا وتنشئةً على طاعة الله -سبحانه وتعالى- يُعد من الرعاية للأمانة والعناية بها، وأن الأب يُسأل عن أبنائه يوم القيامة، ثم بدأنا في ذكر القواعد التي ذكرها الشيخ، ومنها: اختيار الزوجة الصالحة، غرس الإيمان والعقيدة، واليوم نستكمل الحديث عن هذه القواعد. الأمر الثالث من القواعد والأسس في التربية للأبناء: وهو عظيم الأهمية، كثرة الدعاء لهم، وقد أخبر نبينا -صلى الله عليه وسلم - أن دعوة الوالد لولده مستجابة، والدعاء مفتاح كل خير؛ لأن الخير كله بيد الله {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد:29)، وهذا الخير الذي بيده يُطلب بدعائه، ومن الخير الذي يرجوه المرء لنفسه صلاح ولده؛ فليطلب ذلك من الله. دعاء إبراهيم الخليل -عليه السلام ولهذا ذكر -جل وعلا- في دعاء نبيه إبراهيم الخليل -عليه السلام- قال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} (الصافات:100)، وذكر في دعاء زكريا -عليه السلام-: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}(آل عمران:38)، وذكر في دعاء عباد الرحمن في آخر سورة الفرقان: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ }(الفرقان:74)؛ كل هذه الدعوات صُدرت بـ {هَبْ}؛ «هب لي»، «هب لنا»؛ لأن صلاح الولد هبة من الله وعطية منه -سبحانه وتعالى-؛ ولهذا ينبغي على الوالد أن يكون كثير الدعاء للولد. استمرارية الدعاء والدعاء للولد بالصلاح يكون قبل وجود الولد وبعد وجوده؛ لما قال إبراهيم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، ولما قال زكريا {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} هذا قبل وجودهم، ولهذا مما يوصى به في التربية للأولاد الشاب الذي لم يتزوج بعد أن يدعو بهذا الدعاء ويكثر من هذا الدعاء، حتى فيما بعد إذا أكرمه الله -سبحانه وتعالى- بالولد يكرمه بولدٍ أجاب الله فيه دعوته وكثرة إلحاحه على الله. وهذا أمر يغفل عنه الشباب يظن أنه يبدأ بهذا الدعاء لما تلِد زوجه أو تحمل، في شبابه يكثر من الدعاء وكل شاب يرجو إن رزق ولدًا أن يكون ولده صالحًا، فما الذي يعوقه عن الدعاء في شبابه دعاء الله -عز وجل- أن يصلح ولده وأن يهبه ذرية طيبة وأن يجعل من جملة دعائه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}، أو {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}، أو دعوة عباد الرحمن {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}. الحذر من الدعاء على الولد! ومما ينبه عليه في هذا المقام: أن يحذر الأب من الدعاء على ولده؛ لأن بعض الآباء سريع الدعاء على ولده عند أدنى غلط يقع فيه الولد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك قال: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ»؛ فيحذر الأب من أن يدعو على ولده بالشر، قد قال الله -تعالى-: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا}(الإسراء:11) هذا من العجلة التي ينبغي أن يحذر المرء منها. القاعدة الرابعة: تحصين الولد بالذكر أن يعتني الوالد بتحصين الولد بالأذكار المشروعة المأثورة عن نبينا - صلى الله عليه وسلم -، والتحصين أيضا يبدأ من قبل وجود الولد، وهناك حديث عجيب جدا في تحصين الولد قبل وجوده، وهو ما جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ اللهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ»، هذا تحصين قبل وجود الولد، في المعاشرة التي تكون من المرء لأهله إن قال في تلك المعاشرة: «اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» وقدِّر له ولد أخبر نبينا أن هذا تحصين للولد، وأنه لا يقربه شيطان. ثم بعد مجيء الولد أيضا جاءت النصوص بالحث على تحصينهم، مثل ما في حديث ابن عباس أيضا -رضي الله عنهما- في تعويذ النبي -صلى الله عليه وسلم - الحسن والحسين بالمعوذات، ثم كان يقول -صلى الله عليه وسلم -: «كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ» يقصد أباهم إبراهيم الخليل -عليه السلام-، وهذا يستفاد منه أن تعويذ الأبناء وتحصينهم من سنن النبيين ونهج المرسلين -عليهم صلوات الله وسلامه. فدائما يعوذ الصغير، وأعظم ما يعوذ به المعوذتان، أو «أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ»، فيعوذ منذ صغره يعتنى بتعويذه، ثم إذا بدأ يميز ويحسن يعلَّم الأذكار التي هي تحصين له، وذكر الدخول للمنزل، وذكر الخروج، وذكر الطعام، وأذكار النوم، وبعض الأذكار في الصباح والمساء، وذكر الركوب للدابة، وهكذا يعلَّم وينشأ على هذا التحصين الذي له أثره العظيم على الولد حفظا {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}(الإسراء:65) قال بعض المفسرين: «الذين يذكرون الله»؛ لأن ذكر الله حصن حصين {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}(الزخرف:36) . القاعدة الخامسة: اختيار الأسماء الصالحة الطيبة من الأسس والقواعد المهمة في التربية: اختيار الأسماء الصالحة الطيبة؛ لأن الاسم في الغالب له أثر على المسمى، وقد قيل قديما «لكل من اسمه نصيب» أي حظ، ولهذا جاء الترغيب بالأسماء الصالحة الطيبة، أخبر - صلى الله عليه وسلم - بأن «أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبد الرحمن»، وهكذا الأسماء التي فيها تعبيد لله أعظمها عبدالله وعبد الرحمن لكن أيضا الأسماء التي فيها تعبيد لله -عز وجل- هذه من أعظم الأسماء، فعندما يسمى الولد عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد العزيز أو عبد الرحيم أو عبد الغفور أو غير ذلك من أسماء الله، أو يسمى مثلا صالحا أو يسمى مثلا محمدا أو يسمى الحسن أو الحسين أو عليا أو غير ذلك من الأسماء التي يُعمل على ربطه بمعانيها: من العبودية لله -عز وجل-، والصلاح الاستقامة على طاعة الله ، والحسن في الأدب والخلق والطاعة والعبادة، والعلو في مراتب الخير والرفعة في الأخلاق والآداب والطاعة لله -سبحانه وتعالى. التسمية بأسماء الصالحين ومن هذا الباب أيضا التسمية بأسماء الصالحين من الأنبياء والصحابة، ويُربط هذا الولد بهؤلاء عندما يسمى على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، أو على الصديق عبدالله أبو بكر - رضي الله عنه -، وعثمان - رضي الله عنه - ذي النورين، حتى مما يحسن في هذا المقام أن يسمى الولد ويكنى بكنية من سمي عليه ويُربط به ويعرَّف بشيء من سيرته وسير الصالحين حتى ينشأ محبا؛ لأن محبة الصالحين هذه مهمة حتى لو لم يبلغ المرء عملهم، محبة الصالحين مهمة غاية الأهمية . القاعدة السادسة: العدل بين الأولاد إن أثر العدل على الأولاد صلاحًا واستقامةً وتوادَّ ومحبةً وسلامةً من الشرور عظيم جدا، والإخلال بالعدل بين الأولاد مفسدته عظيمة في بر الأولاد لوالدهم، وفي علاقة الأولاد بينهم، فكم حصل من فساد في أسر بسبب عدم العدل! كأن يميل الأب إلى واحد من الأبناء، ويجعل له مكانة خاصة، ويعطيه من الأعطيات ما لا يعطي أولاده ويخصه بشيء من الهبات ما لا يقدِّم مثله لأولاده؛ فهذا يفسد الأسرة ويوجِد بينهم عداوةً وحسدًا وخروجًا عن البر. ولهذا من أراد أن يكون ولده كلهم في البر سواء، فليعدل بين أولاده، قد جاء في الصحيح من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه -، وهو من صغار الصحابة، مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الثامنة من عمره لكنه - رضي الله عنه - روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث تزيد على المئة؛ منها حديث عدَّه أهل العلم في أحاديث يدور عليها الإسلام؛ حديث «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ».اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |