02-08-2021, 02:37 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة :
|
|
منهجية تدريس الجغرافيا بين المقاربات البيداغوجية المختلفة
منهجية تدريس الجغرافيا بين المقاربات البيداغوجية المختلفة
د. مولاي المصطفى البرجاوي
تطرح الجغرافيا المدرسية مشاكل على مستوى تعدد الخطابات داخلها، وهذا مشكلٌ من نوع وطبيعة أخرى يمكن أن يواجه مدرس الجغرافيا؛ لأنه يوجد أمام خطابات جغرافية منها ما يرتبط بالكتاب المدرسي في المغرب، أو الكتب المدرسية في دول أخرى، هذه الخطابات تتجدد باستمرار، وهناك خطاب الجغرافيا المدرسية (Géographie Enseigner)، وهناك الخطاب الجغرافي المكتسب فعلاً من طرَفِ المتعلم، وهناك الخطاب الجغرافي الذي تروِّجه الصحف والمجلات التي تعبِّر عن آراء وتصوُّرات المجتمع، خاصة إذا لم تكن متخصصة، كل تلك الاختلافات يمكن أن تُحدِث لدى المدرِّس حالة قلق وحَيْرة، لكن رغم هذه الاختلافات والتنوعات، التي تشمل الجانب المرتبط بالمعرفة الجغرافية الأكاديمية، أو المعرفة الجغرافية المكتسبة من طرَفِ المتعلم فإنها تُعَدُّ عاملَ إغناءٍ، ومصدر ثروة معرفية جغرافية توفِّر للمدرِّس المادة الضرورية والشروط اللازمة للقيام بعملية الانتقاء والاختيار والتكامل والتدرج التي تنبني عليها أسسُ العمل الديداكتيكي في مجال تدريس الجغرافيا [1].
وإذا كان ذلك على مستوى الخطاب الجغرافي، فإن ذلك كان له انعكاسٌ على مستوى منهجية تدريس الجغرافيا وَفْق التطور البيداغوجي من مرحلة الصنافات (المضمون) إلى بيداغوجيا الكفايات، كما سنبيِّن ذلك فيما سيأتي:
1- تدريس الجغرافيا: ومرحلة التركيز على محتوى المادة:
كانت الجغرافيا في هذه المرحلة تركِّزُ على حِفظ المعلومات والأسماء والأعلام الجغرافية، وقد استنَد هذا التوجُّه البيداغوجي الجديد على دعامة ديداكتيكية مزدوجة: من جهة تلخيص معلومات جغرافية وَفْق تصميم نمطيٍّ يُشبه نفسه باستمرار في استعراض المعطيات الطبيعية ثم البشرية بتقسيماتها الكلاسيكية[2]، ومن جهة أخرى "ملخص الدرس"؛ أي: ما يتعيَّن على التلميذ تسجيلُه والاحتفاظُ به من ذلك التعداد، من ملخص منتوج المادة لملخص الدرس كانت ذاكرة التلميذ هي المستهدفةَ إلى حد اعتبار مادة الجغرافيا مرادفًا للذاكرة[3].
لكن الطابع المجرد للصنافات وتجزيئها للتعلم في غياب منطق يدعمها (منطق المادة) "سرعان ما أظهر حدودَها، وأفرَز صعوبةَ نفاذِها إلى القسم"... فتم التفكيرُ في تغيير منهجية التدريس من شحن الذاكرة إلى مرحلة تخطيط أهداف الدرس الجغرافي.
2- تدريس الجغرافيا: ومرحلة تطبيق صنافات الأهداف:
في هذه المرحلة مثلاً اقترح Hugonie لائحة "غايات وأهداف" لتدريس الجغرافيا في أفق مساعدة التلميذ على "معرفة" أماكن ومجالات، و"معرفة وفهم" المشاكل الكبرى لاستعمال وإعداد سطحِ الأرض من طرَف المجتمعات، تحليل وفهم تنظيم مجال الأرض مضمنًا مهارات استعمال خريطة وصف صورة قمر اصطناعي، قراءة مبيان، تحليل منظومات مجالية...
فتمَّ على إثرِ كل درس جغرافي تخطيطُ أهداف جغرافية وتنفيذها، ومن ثَم تقويمها؛ لكن هذا التوجه البيداغوجي هو الآخر لقِي انتقادًا لاذعًا من قِبَل التربويين؛ نظرًا لطابعها الميكانيكي، فطفَتْ على سطح التربية والتعليم في المغرب بيداغوجيا جديدة سُمِّيَت ببيداغوجيا الكفايات.
3 - تدريس الجغرافيا.. والاختراق البيداغوجي الجديد:
يرتبط تدريس الجغرافيا في هذه المرحلة بالجانب التطبيقي- الوظيفي في كثير من الأحيان، وهذا ما جعَلها من أكثرِ المجالات العِلمية تحقيقًا لِما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ومن بين ما يهدف إليه تدريس الجغرافيا في المرحلة الثانوية، استمرار ممارسة المدرسين والمتعلمين لكفايات تدريس ودراسة الجغرافيا، مثل جَمْع المعلومات عن طريق الملاحظة المباشرة في البيئة المحلية، وقراءة وعمل الخرائط، وفهمها، وتفسيرها، وتحليلها، وإعطاء التلاميذ فرص الاستيعاب للمجتمع الذي يعيشون فيه[4] والمساهمة والانخراط فيه، بدل حفظ المعلومات واستظهارها في فترة الامتحانات.
وخلاصة القول: يرتبط هذا التطورُ الذي شهدته الجغرافيا في تدريسها، بالنقلة النوعية والكوبرنيكية التي مسَّتْ مجالاتٍ مختلفةً من الحياة، بما يرتبطُ بالجانب المعرفي، والمهاري، والمنهجي، والتطبيقي، والتكنولوجي، والاتصالي...
[1] الحبيب فقيه، ديداكتيك الجغرافيا في برنامج تكوين أساتذة المرحلة الإعدادية بالمغرب دراسة تربوية تقويمية، بحث لنيل الدكتوراه في علوم التربية تخصص ديداكتيك الجغرافيا، السنة الجامعية 2004 - 2005، كلية علوم التربية - الرباط ص 85.
[2] Giolito P. , 1992, Enseigner la géographie à l’ée, Hachette- Education, Paris, p168
[3] Lefort I . ,1994, le programmede géographie en classe de seconde. In P.Desplaques(coordonné par profession enseignant , la géographie en lége et en lycée, Hachette – EDUCATION, Paris,
[4] فاروق حمدي الفرا،1989، تطوير كفاءات تدريس الجغرافيا باستخدام الوحدات النسقية، الطبعة، سلسلة الرسائل الجامعية، الكويت، ص84
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|