|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#21
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (21) كتبه/ سامح بسيوني مقومات التوفيق والمعية: المعية لها مقومات وأسباب يستوجب على كل مسئول أن يحصلها إن كان يريد أن يكون من أهل التوفيق والسداد، وقد ذكرها الله -عز وجل- في كتابه، وبيَّنها النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ قال الله -عز وجل-: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (المائدة: 12). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) (رواه البخاري). فتحقيق الولاية بصحة البناء الإيماني التعبدي والسلوكي والعلمي هي أعظم أسباب تحصيل المحبة والمعية من الله للعبد، وهذا مفتاح التوفيق له في كل شيء -كما سيأتي تفصيل ذلك-. المقومات الرئيسة اللازمة للولاية والمعية المحصلة للتوفيق: 1- الإخلاص لله -تعالى-: الإخلاص هو خير ما يصعد من العبد إلى السماء، والتوفيق هو خير ما ينزل على العبد من السماء، واستيفاء العبد لمعالم الإخلاص في قوله وعمله هو أساس حصوله على التوفيق؛ فسره عجيب، وأثره بالغ، وهو أساس القبول والتأييد والسداد، ومعه تتنزل البركات، وتقال العثرات، وتتحقق الفتوحات، وتعم الخيرات. والإخلاص هو طريق الخلاص وهو أصل قبول الأعمال، وبدونه يفقد العمل خشوعه وروحه ويتحول إلى عمل روتيني لا روح فيه ولا ثمرة مرجوة منه، وكما قال ابن الجوزي: "والصدق في الطلب منار أين وجد يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يُخلص" (صيد الخاطر). وقد بيَّن الله -عز وجل- أن الإخلاص هو الأصل الأول في جميع الأعمال؛ فقال -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ) (البينة: 5)، وقال أيضًا: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) (الزمر: 2). وبيَّن رسول -صلى الله عليه وسلم-: أن التوفيق موقوف على النية الصالحة والصدق فيها؛ كما في الحديث: (مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). وكما في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل الذي خرج معه في غزوة ذات الرقاع: (إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ) (رواه النسائي، وصححه الألباني). وتحقيق الإخلاص لا شك أنه أمر ليس باليسير، بل صعب يحتاج إلى مجاهدة مستمرة ومعرفة بدروب النفس البشرية، والعمل على علاج أمراضها أولًا بأول، وتصحيح مسارها كلما ظهرت بوادر وأعراض تنبئ عن ظهور بعض الأمراض القاتلة للإخلاص؛ وهذا ليس أمرًا مستحيلًا، فالله -عز وجل- لا يكلِّف بالمستحيل، كما قال -سبحانه وتعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، وإنما يحتاج إلى صدق ومجاهدة؛ كما قال -تعالى-: (?وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (العنكبوت: 69). ويحتاج الأمر كذلك إلى دربة وخبرة وتنبُّه سريع عند ظهور الأعراض قبل أن يستفحل المرض؛ ولذلك نقول ونكرر: "معرفة الظواهر تنبئ عن الجواهر، وفهم الأعراض يرشد عن الأمراض". وبناءً على ذلك: فمن الأهمية أن نستعرض معًا بعض المظاهر في العمل الإصلاحي المؤسسي التي قد تدل على الإخلاص ليحرص على التحلي بها الفرد المسئول في الكيان الإصلاحي المؤسسي، وكذلك بعض الأعراض التي قد تدل على وجود مرض وخلل في القصد والإخلاص.
__________________
|
#22
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (22) كتبه/ سامح بسيوني مظاهر الإخلاص في العمل المؤسسي: 1- تأدية الدور المنوط بالفرد على الوجه الأكمل دون النظر لنوع العمل المكلف من حيث كونه في صدارة الأعمال أم لا، ودون النظر إلى موقع الفرد من العمل هل هو في الصدارة أم لا؛ فقد مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- من كان هذا ديدنه، وبيَّن عظيم جزائه ونفعه، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ) (رواه البخاري). وهذا المظهر يحتاج إلى دِقَّة من الإنسان في ملاحظته لنفسه وإدراكه لمكنونها؛ فمن الأعراض التي قد تدل على وجود خلل في هذا المظهر من مظاهر الإخلاص: أن يجد الفرد العامل نفسه متحمسًا بشدة إلى الأعمال التي يكون فيها دوره ظاهرًا أو مقدَّمًا، ويكون حريصًا على إتمامها على أكمل وجه، بينما يجد نفسه أقل حماسًا أو أقل اهتمامًا في ذات العمل إن كان دوره فيها ليس ظاهرًا أو لم يكن فيه مصدرًا. 2- عدم الحرص على الرئاسة والتصدر في الأعمال، مع تمام الاهتمام بسد الفجوات التي يحتاج إليها الكيان الإصلاحي؛ فالحرص على الرئاسة والوجاهة والتصدر أمر ليس بالبعيد عن أي إنسان بحكم بشريته كما قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "ما رأيت زهدًا في شيءٍ أقل منه في الرئاسة، ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال والثياب فإن نوزع الرئاسة تحامى عليها وعادى". وقال يوسف بن أسباط: "الزهد في الرئاسة أشد من الزهد في الدنيا". وكتب سفيان إلى صاحبه عباد بن عباد رسالةً فيها: "إياك وحب الرئاسة، فإن الرجل تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة"؛ فهو مرض عضال يفسد الدِّين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ والشرف لدينِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني). لذلك فمن مظاهر الإخلاص الواضحة في الأعمال الإصلاحية في هذا الباب: أن يكون الحرص في العمل على سدِّ الفجوات أولى بكثير عند الفرد العامل من المنافسة على البارز المتاح من المساحات، كما أنه لا يطلب الرئاسة والتصدر فإن جاءته وكلف به رغمًا عنه، استعان بالله على أدائها على أكمل وجه، وهذا امتثالًا لوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمرة حينما أوصاه قائلًا: (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا) (متفق عليه). وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#23
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (23) كتبه/ سامح بسيوني فمن الأعراض التي قد تدل على وجود خلل في الإخلاص في العمل المؤسسي عند الفرد العامل: - الحرص على الوجود في المساحات الإعلامية البارزة مع عدم الاهتمام بسدِّ الفجوات الضرورية المتاحة واللازمة. - لا يعمل إلا إذا صدر للمسئولية والرئاسة، مع الحسرة والغضب إذا أُخذت منه المسئولية والرئاسة وأوكلت لغيره. - إذا عمل في فريق صُدر فيه غيره، فإنه لا يساعد غيره ممن صدر على نجاحه، بل قد يمتنع عن نصيحته ليظهر فشله. - قد يتدثر بثوب النصيحة لمن تصدر للمسئولية عبر قيامه بنشر أوجه القصور والنقائص والعيوب التي يقع فيها غيره ممن كلِّف بالمسئولية ليظهر كماله هو؛ وذلك بأن ينشر ويتكلم بتلك النقائص بين الأعضاء العاملين، دون أن يقوم بواجب النصيحة الحقيقي بأن يبلغ ما يراه من تقصير للمسئول مباشرة كحق من حقوق الإخوة والإعانة، أو يبلغ من هو في المستوى الأعلى للمسئول في حال عدم قبولها منه؛ لذلك كان الإمام أحمد يقول: "من أحب الرئاسة طلب عيوب الناس أو عاب الناس". - يحجب الفضائل التي يعلمها من الآخرين حتى لا يتعلق الناس بهم ويقدمونهم عليه. - الحرص على عدم تقدم أحد من فريق عمله عليه ليظل هو الشيخ المقدم أو المسئول المبرز؛ مبررًا فعله هذا بالسٌنة الإبليسية: "أنا خير منه"؛ منابذًا بذلك طريقة المصلحين المخلصين عبر الزمان والمكان: "أي بني أنت اليوم خير مني". والملمح الظاهر لهذا العرض في بعض أماكن العمل المؤسسي: أننا قد نجد المسئول دائمًا متشبثًا بالمنصب الذي هو فيه، ولا يؤهل من تحته ليحل محله في يوم ما، ولا يسعى لإكساب من وراءه الخبرة والمهارة التي اكتسبها هو. - الحرص على العلوم التجريبية والأعمال التنفيذية التي تساعد على الترؤس والصدارة -وهذا ليس ممنوعًا ولا مستقبحًا في ذاته- مع عدم الاهتمام والحرص على تحصيل العلوم والقيام بالأعمال التي تصلح قلبه وتزيد علمه الشرعي وتحقق النافع له. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#24
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (24) كتبه/ سامح بسيوني من المقومات الرئيسة اللازمة للولاية والمعية المحصِّلة للتوفيق: 2- الحرص على الترقي في البناء الإيماني التعبدي للمسئول: بيَّن الله -عز وجل- أن معية توفيقه مشروطه لمن أقام الصلاة وآتى الزكاة؛ كما جاء في الآية المذكورة عاليه: (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ...) (المائدة: 12)، وهذا تنبيه بالأعلى على ما سواه من عبادات. وقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن استجلاب محبة الله هي أعظم السبل للتوفيق والسداد في كل الأعمال، وبيَّن الله -عز وجل- في الحديث القدسي أن من أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله: الحرص على الفرائض، والإكثار من النوافل كما جاء في الحديث القدسي: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) (رواه البخاري). لذلك يعد حرص المسئول على الفرائض والإكثار من نوافل الصلاة، وتعاهد نفسه بقراءة القرآن، والأوراد من الأذكار وقيام الليل، وصيام النفل، والصدقة من ضروريات توفيقه في المسئولية الإصلاحية، وكلما ثقلت المسئولية والأعمال الإصلاحية كلما احتاج المسئول إلى زيادة جرعة عباداته لا العكس كما يفهم أو يتصور البعض. والمتأمل في حال النبي -صلى الله عليه وسلم- سيجد أنه القدوة العظمى في ذلك: فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يقوم من الليل حتى تتورم قدماه، وكان يصل الصيام، وكان أجود من الريح المرسلة، وقد هيئه ربُّه -سبحانه وتعالى- قبل بعثته بالعبادة والتحنث في غار حراء ليستطيع القيام بتلك المسئولية الإصلاحية الكبرى كما قال -سبحانه وتعالى- في سورة المزمل: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا . نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا . إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا) (المزمل: 1-5). وكذلك كان حال المصلحين عبر الزمان والمكان؛ فهذا شيخ الإسلام ابن تيميه -طيَّب الله ثراه- كما ذكر عنه تلميذه الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "وحَضَرتُه مرَّةً، صلَّى الفَجرَ ثم جلَسَ يذكُرُ اللهَ تعالى إلى قريبٍ مِنَ انتِصافِ النهارِ، ثم التَفتَ إليَّ، وقال: هذه غَدْوتي، ولو لم أتغَدَّ الغَداءَ، سقَطَتْ قُوَّتي. أو كلامًا قريبًا مِن هذا". 3- الحرص على استمرارية البناء العلمي الشرعي الضابط للمسارات التنفيذية: الجهل بالدين ومقاصد الشرع الحكيم هو طريق الفشل وعدو الإصلاح، والعلم بعلوم الشرع ومقاصد الدين على الوجه الصحيح هو سبيل التوفيق وتحصيل الخيرية للأفراد، والنجاح في نشر الخير في المجتمعات إرضاء لرب الأرض والسماوات، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) (متفق عليه)، فالعلماء ورثة الأنبياء؛ وكلما بعد الإنسان عن إرث الأنبياء كان فساده أقرب من صلاحه؛ لذلك فاستمرارية التعلُّم الشرعي للمسئول الإصلاحي واجب حتمي عليه مهما كثرت مسئولياته، أو ضاقت أوقاته. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#25
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (25) كتبه/ سامح بسيوني فإن الإنسان كلما علت رتبته الإدارية الإصلاحية كان مقصدًا للناس للسؤال والاستفسار، وهذا مما يتطلب منه الحرص على بناء نفسه علميًّا باستمرار؛ حتى لا يُفتي أو يوجِّه غيره بغير علم؛ فيكون سببًا في إضلال الناس، وفساد المجتمعات، لا سيما أن الإنسان كلما علت مرتبته الإدارية دخل عليه الشيطان من باب الحرج أن يقول: "لا أدري"؛ خوفًا على مكانته بين الناس، وقد جاء التنبيه على مثل ذلك في صحيح البخاري (باب الاغتباط في العلم والحكمة): "وقال عمر تفقهوا قبل أن تسودوا. قال أبو عبد الله - أي: البخاري - وبعد أن تسودوا. وقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كبر سنهم". قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "قوله: (وَقَالَ عُمَرُ: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا) أي: تُجْعَلوا سادة. زاد الكشميهني في روايته: قال أبو عبد الله - أي: البخاري -: (وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا)، وإنما عقبه البخاري بقوله: (وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا)؛ ليبيِّن أن لا مفهوم له؛ خشية أن يفهم أحدٌ من ذلك أن السيادة مانعة من التفقه، وإنما أراد عمر أنها قد تكون سببًا للمنع؛ لأن الرئيس قد يمنعه الكبر والاحتشام أن يجلس مجلس المتعلمين" (فتح الباري شرح صحيح البخاري). لذلك فليحذر كلُّ مسئول إصلاحي من أن يقع في ذلك؛ وليتَّقِ الله عز وجل في نفسه وفي الأمانة التي بين يديه، وليواظب على بناء نفسه علميًّا مهما علت رتبته الإدارية حتى لا يقع - ولو جزئيًّا - فيمَن ذمهم الله عز وجل بقوله: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103، 104). وقد حَذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجود الرؤوس الجهال، وأثر ذلك على ضياع وإضلال الناس؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) (متفق عليه). وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#26
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (26) كتبه/ سامح بسيوني تحقيق التوازن بين المسئوليات الدعوية والواجبات الحياتية: العمل الإصلاحي التطوعي عمل له تبعاته من حيث الانشغال الوقتي والذهني، بل والبذل المالي الذي يتطلبه العمل الإصلاحي، وهذا - بلا شك - يتعرَّض له جميع الأعضاء العاملين، والأفراد المسئولين عن العمل دائمًا هم في القلب من هذا، بل هم أكثر من يتعرض لهذا؛ نظرًا لمسئوليتهم عمن خلفهم وعن تحقيق المستهدفات الإصلاحية المراد تفعيلها في المجتمع. وفي هذا الصدد لا بد أن نؤكد على أن هذا الانشغال الذي يقوم على الاحتساب لا بد معه من مراعاة الواجبات الشرعية والحياتية اللازمة في حياة المسئول؛ بحكم بشريته، وبحكم مسئوليته عن أهله وعن أسرته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) (متفق عليه). والحقيقة المهمة في هذا الصدد: أن يدرك كل مسئول إصلاحي أن عمله التطوعي الإصلاحي بأهميته الكبرى هذه يحتاج إلى دعم حقيقي من كلِّ الدوائر المحيطة به، وأولها وأولاها: دائرة الأسرة وذوي القربى؛ وقد بدأ الله عز وجل في الأمر لنبيه صلى الله عليه وسلم بالبلاغ بالاهتمام بهذه الدائرة؛ فقال -عز وجل-: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (الشعراء:214). وقد رتَّب الله -عز وجل- أولويات الإحسان المطلوبة للخلق، فقدَّم الوالدين وذوي القربي على غيرهم؛ حيث قال تبارك وتعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) (النساء: 36). لذلك فاهتمام المسئول بدائرة أسرته أولًا بدءًا من والديه، ثم زوجته وأولاده أمرٌ في غاية الأهمية للمسئول؛ فهم أول دوائر الدعم الحقيقي التي تساعده في نجاحه في مسئوليته الإصلاحية، ومن المعلوم من صحيح السيرة النبوية: أن السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي أول من أعانت النبي صلى الله عليه وسلم وعملت على تثبيته، ومن ذلك ما جاء في الصحيحين: لما نزل الوحيُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء لأول مرة، رجع إلى خديجةَ رضي الله عنها فأخبَرَها الخبر وقال: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي)، فقالت له رضي الله عنها: "كَلَّا! أَبْشِرْ، فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، فَوَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ" (متفق عليه). قال ابن حجر -رحمه الله-: "وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة: "وَتُؤَدِّي الْأَمَانَةَ" (فتح الباري). ولذا؛ فنجد دائمًا أنه كلما كانت الأسرة داعمة للمسئول؛ فإن هذا مما يهون عليه كثيرًا ما يجده من عقبات ومصاعب في مسيرته الإصلاحية، والعكس بالعكس؛ فكلما كانت الأسرة غير متعاونة مع المسئول الإصلاحي زادت الصعوبات عليه، وصارت تمثِّل في ذاتها جهة ضغط عليه قد تتسبب -إن لم يوفِّقه الله لحسن التعامل مع الأمر- في انقطاعه والتخلي عن مسئولياته. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#27
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (27) كتبه/ سامح بسيوني إجراءات مهمة داعمة داخل دائرة الأسرة: فهذه الدائرة من الأهمية بمكان، وتحتاج من المسئول عِدَّة إجراءات مهمة تساعده في الوصول بهذه الدائرة إلى مسارات الدعم له، ومن ذلك: 1- إشعار المسئول الأسرة بأهمية مسئولياته الدعوية، وعظم أجر ذلك، وحاجة الأسرة ككل للعمل لخدمة الغاية الكبرى التي من أجلها خُلِقنا، وهي تحقيق العبودية. 2- أهمية كفاية الأسرة بضروريات حياتهم، وحاجياتهم اللازمة لتسهيل أمور معيشتهم؛ فيحتاج المسئول الدعوي أن يؤمِّن لأسرته الضروريات والحاجيات اللازمة لمعيشته، فكفى بالمرء إثمًا أن يُضيِّع مَن يعول، وحتى يستطيع أن يكون ذهنه مفرَّغًا في باقي وقته للعمل الإصلاحي والمسئولية الملقاة على عاتقه في ذلك؛ فالنَّفْس إذا حازت رزقها اطمأنت، لكن لا بد أن يكون ذلك مع الانتباه الشديد للتفريق بين (الضروريات - الحاجيات - التحسينيات)؛ فدائرة التحسينيات دائرة مهلكة للفرد مهما كانت ظروفه جيدة؛ فهي لا تنتهي عبر الزمان والمكان، وهي دائرة مشتتة لأي إنسان، والانشغال بهذه الدائرة -أعني: دائرة التحسينيات- لا يصلح غالبًا مع مَن اصطفاه الله لتلك المسئوليات الإصلاحية اللازمة لتحقيق العبودية، وأراد أن يؤديها بحقها. 3- ضرورة التعاهد الدوري للوالدين، والاهتمام بتلبية احتياجاتهم كأهمية كبرى في ترتيب جدول أعمال المسئول مهما كانت المسئوليات. 4- التعاهد المستمر للزوجة والأبناء، مع عمل جلسة -ولو أسبوعية على الأقل- معهم، والسماع منهم، والتحدث معهم في مشاكلهم وفي هموم الدعوة العامة ومستجداتها، والأوضاع المجتمعية ومخاطرها، فما يكون عند المصلح المحتك من إدراك للواقع لا يلزم معه أن يكون عند أبنائه وزوجته، ولا يمكن أن ينتقل لهم -عبر الأثير مثلًا- بدون مثل تلك الجلسات التعاهدية والتوجيهية. ضبط دوائر العلاقات المجتمعية: من أهمِّ العوامل والسمات الشخصية التي تؤثر في نجاح المسئول الإصلاحي هو حسن سمته الأخلاقي، وحسن تعاملاته السلوكية مع الدوائر الاجتماعية المحيطة به، والتي يتعامل معها بشكل دوري ويؤثر فيها. ومن تلك الدوائر المهمة: دائرة الأفراد المتعاونين معه تحت نطاق مسئوليته أو في نطاق عمله الإصلاحي: تحتاج هذه الدائرة إلى توطيد العلاقات الأخوية الإنسانية؛ لا سيما وأن العمل الإصلاحي عمل تطوعي وليس إلزاميًّا -بمعنى أنه ليس وظيفة يُؤخذ عليها أجر مادي-، وذلك بأن يحرص المسئول على تأدية حقوق الأخوة الإيمانية تجاه إخوانه من فريق عمله، مع الاهتمام والحرص على التفقد لهم ومشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم، وعدم الاكتفاء بالجلسات الإدارية الرسمية الدورية، بل يحتاج المسئول -ولو على فترات- إلى عقد جلسات ودية -فردية أو جماعية- مع فريق عمله؛ لبثِّ الهموم الحياتية أو الشخصية، مع تبادل النصائح اللازمة لتخفيف الهموم وإيجاد الحلول، مع بثِّ الأمل وجبر الخواطر. وهذا النوع من الاهتمام الذي يجب أن يحرص عليه المسئول يساعده -بلا شك- في إدارة فريق عمله بحب وتناغم -كنوع إدارة يمكن أن نسميه بـ(الإدارة بالحب)-، ويكسبه ذلك -بلا شك- الدعم المعنوي، والاستقرار النفسي القوي اللازم للاستمرارية في تحقيق النتائج الإصلاحية المرجوة. وفي هذا الصدد؛ يجب أن يحذر المسئول من أن يصيبه داء المَنِّ على إخوانه، أو أن يكون متشوفًا في نفسه إلى طلب التبجيل والوجاهة منهم مقابل ما يبذله لهم أو معهم، أو يكون ممن يتصف بداء البخل مع إخوانه، أو ممَّن يستغلهم في تحقيق مصالحه الشخصية؛ فإن هذا من أعظم ما ينفِّر الفرد من مسئوله؛ والله -عز وجل- قد حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مَن هو -صلى الله عليه وسلم- من ذلك؛ فقال -سبحانه وتعالى- له في وصايا سورة المدثر التي جاءت كبيان لصفات القائم بالبلاغ اللازم لنشر العبودية: (وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (المدثر: 6). وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#28
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (28) كتبه/ سامح بسيوني فمن أهمِّ العوامل والسمات الشخصية التي تؤثر في نجاح المسئول الإصلاحي هو حسن سمته الأخلاقي، وحسن تعاملاته السلوكية مع الدوائر الاجتماعية المحيطة به، والتي يتعامل معها بشكل دوري ويؤثر فيها. ومن تلك الدوائر المهمة: - دائرة الأفراد المحيطة به في محيط سكنه أو عمله؛ مِن: الزملاء والجيران وأهل الحي؛ هذه الدائرة المكانية القريبة من المسئول الإصلاحي هي المؤشر الأول في نجاحه الدعوي وقبوله المجتمعي، وهذه الدائرة تحتاج من الفرد الصادق في تحقيق العبودية إلى حسن التفاعل المجتمعي من حيث التواجد الخدمي، والإصلاح بين الناس، والتعليم والتعلم، والمواساة في المدلهمات والأحزان، والمشاركة في المناسبات والأفراح. وهذا التفاعل المجتمعي لا بد أن يُبنى على قاعدة الإحسان لا على قاعدة المقابلة، وعلى التعامل مع الناس بالفضل لا بالعدل. فالإحسان الذي هو أن تعبد الله كأنك تراه؛ سيكون في باب المعاملات هنا بمعنى: أن لا تكون معاملاته من باب المقابلة وأداء الواجب فقط؛ فيكرم من يكرمه، ويصل من وصله، ويعطي من أعطاه، ويبذل لمن بذل له، بل ستكون من باب العطاء والبذل من أجل رضا الله وحده، وتحبيب الناس في دين الله؛ فـيصل مَن قطعه، ويعطي مَن حرمه، ويبذل المعروف لمن أساء إليه، مستشعرًا في ذلك لذة العطاء -ولو كان بلا عوض-، مستشعرًا في ذلك استجلاب محبة الله كما قال -تعالى-: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195). فمحبة الله -عز وجل- هي أولى الغايات، وأعظم الواجبات، وهي خيرٌ مِن أي عطاء دنيوي أو عوض بشري، وهي سبب للنجاح في المسار الإصلاحي المحقِّق للسعادة والهناء الأبدي. ثانيًا: المتطلبات المهارية اللازمة للمسئول الإصلاحي: المسئولية -كما أوضحنا في التعريفات السابقة-: هي حالة يكون فيها الإنسان صالحًا لأداء أعماله والمؤاخذة عليها، وملزمًا بتبعاتها المختلفة؛ لذلك فالمسئول الإصلاحي يحتاج إلى زيادة نموه المهاري المستمر بالقراءة والتعلُّم الدائم في مجالات الأعمال الدعوية، والإدارية والفنية المنوطة بعمله الإصلاحي، مع فاعلية التدريب الدائم واللازم في مجالات عمله ومسئولياته. فالمسئولية الإصلاحية الناجحة ليس من مقوماتها ابتداءً مراعاة الأقدمية دون نظر إلى المهارات والسمات الشخصية، ولا يمكن أن تستمر بالذكريات التاريخية، بل تستمر وتنمو وتزداد بزيادة البناء المهاري الفني المستمر مع التحلي بالسمات الشخصية اللازمة للاستمرارية، حيث يعد ذلك من أكبر وسائل جذب والتفاف الناس حول المسئول؛ فكما قيل: "مَن لا ينمو يضمحل". والمسئولية ليست تشريفًا نظريًّا، بل هي تكليف عملي يحتاج صاحبها أن يحرص على تحصيل مقومات نجاحه في مهامه وواجباته. لذا يحتاج المسئول الإصلاحي إلى عِدَّة مهارات؛ منها: أ- الإلمام بالوظائف الإدارية الأساسية والحرص على نشرها وتفعيلها: من الأمور التي قد تهدِّد استمرارية وفاعلية أي كيان إصلاحي هو عدم إدراك الأفراد العاملين فيه -لا سيما القادة والمسئولين- للوظائف الأساسية للعمليات الإدارية التي تمارس بغرض تحقيق نتائج إصلاحية إيجابية أو الاكتفاء بتلك المعرفة للبعض دون الآخر؛ مما يتسبب في وجود تفاوتات في أداء الأفراد والمسئولين داخل الهياكل الإدارية العاملة، بل قد تظهر في بعض الأحيان مقاومة عنيفة من البعض في الاستجابة لتنفيذ تلك الوظائف الإدارية المطلوبة مما يؤدي إلى حدوث اختلافات حركية بين الأفراد في ذات الكيان أو الهيكل الإداري العام تتشتت معها الجهود وتُهدر معها الأوقات وتضعف بسببها النتائج. لذا فإن من المهارات اللازمة للمسئول الإصلاحي الناجح أن يكون هو في نفسه عنده مؤهلات معرفية وعملية قوية بوظائف الإدارة؛ ليس ذلك فحسب، بل يحتاج إلى العمل على نشر تلك الثقافة الخاصة بوظائف العمليات الإدارية عند جميع المدراء والعاملين معه سواء بسواء حتى يتعاون الجميع كلٌّ في دوره في منظومة متناسقة مثمرة. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#29
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (29) كتبه/ سامح بسيوني فمن المهارات والوظائف الإدارية الأساسية التي يحتاجها المسئول الإصلاحي: التخطيط: وهي عملية رفع الواقع، ووضع الأهداف، وتحديد آليات تحقيقها وكيفيتها؛ فالتخطيط في أبسط تعاريفه: هو النشاط الذي يساعدك على الانتقال من وضعك الحالي إلى ما تطمح بالوصول إليه. ويشتمل هذا النشاط أو تلك العملية على عدة مراحل: رفع الواقع: وذلك بما فيه عن طريق عمل الآتي: 1- حصر الموارد البشرية المتواجدة (الأفراد) والمتاحة للعمل. 2- حصر مساحات التأثير المجتمعية المتاحة 3- ملء لنموذج تحليل الواقع swat كأحد نماذج تحليل الواقع المنتشرة من حيث (نقاط القوة - نقاط الضعف - الفرص المتاحة - التحديات الموجودة). وفي ذلك كله يجب أن ننتبه إلى الآتي: - أن يكون هذا الواقع المرفوع واضحًا حقيقيًّا غير مضلل أو مُجَمَّل؛ طلبًا لراحة النفس، وعدم وغز الضمير؛ حتى ولو كان مؤلمًا؛ فـألم الحقيـقة الأنيــة أخـف ضـــررًا على الجميــع من آلام المستقبل الناتجة عن النظرات الخادعة. - رفع الواقع يجب أن يكون مفصلًا يتيح للمخطط تحديد الأهداف اللازمة للانتقال من نقطة حالية معلومة محددة إلى نقطة أخرى مستقبلية مستهدفة؛ فالأزمة الكبرى ليست في وجود واقع ضعيف أو مؤلم، بل الأزمة الحقيقية تتمثل في استمرار هذا الواقع الضعيف المؤلم أو ازدياده بعد مرور سنوات وسنوات بدون عمل، أو بعمل مُجَمَّل خادع. ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حريصًا على ترسيخ أهمية رفع الواقع في مفاهيم أصحابه -رضي الله عنهم أجمعين- كما جاء في الحديث عن حذيفة بين اليمان -رضي الله عنهما- قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: (أَحْصُوا لِي كَمْ يَلْفِظُ الْإِسْلَامَ؟)، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ؟ قَالَ: (إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تُبْتَلَوْا)، قَالَ: فَابْتُلِينَا حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ مِنَّا لَا يُصَلِّي إِلَّا سِرًّا. (متفق عليه). وقد بوَّب الإمام البخاري -رحمه الله- على هذا الحديث بقوله: "باب كتابة الإمام الناس"، وفيه تأصيل شرعي لأهمية الحصر والإحصاء للواقع على ما هو عليه، وما يترتب عليه من أمور مهمة في استشراف المستقبل. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#30
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (30) كتبه/ سامح بسيوني فمن المهارات والوظائف الإدارية الأساسية التي يحتاجها المسئول الإصلاحي، تحديد الأهداف طبقًا للواقع المرفوع والإمكانات المتاحة، ويجب الانتباه هنا إلى أن الأهداف الموضوعة يجب أن تتميز بالآتي: - الواقعية: فيجب أن تكون الأهداف الموضوعة يمكن تحقيقها في الواقع المحيط؛ لا أن تكون حالمة تصيب العاملين بالإحباط؛ نتيجة عدم القدرة على تحقيقها. - الوضوح المبدد للعمومية والقابل في ذات الوقت للتعديل والقياس: والذي يساعد على اختيار الآليات، والوسائل الملائمة والمناسبة لتحقيق إنجاز ملموس يساهم في تحقيق التحفيز المطلوب للأفراد على استمرارية العمل. - الزمنية: بمعنى أنه يجب تحديد مدة زمنية مناسبة لتحقيق الهدف طبقًا للواقع المرصود مسبقًا. تحديد الآليات اللازمة لتحقيق الأهداف ووضع البرنامج الزمني للتنفيذ: نعني بذلك تحديد الأنشطة والوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف الموضوعة في إطار زمني تفصيلي، وهذا الأمر -في الحقيقة- يحتاج إلى خبرات متراكمة، وقدرة على تحديد تلك الوسائل والأنشطة المتاحة -النمطية وغير النمطية- التي تصلح في التخديم على الأهداف المطلوبة بطريقة سهلة ومباشرة قدر المستطاع، مع وضع برمجة زمنية تفصيلية لتلك الأنشطة والوسائل على طول مدة الخطة. ولذلك فقد يحتاج الأمر في بعض الأحيان إلى وجود دليل تشغيلي تراكمي شامل لكل الآليات والأنشطة المتاحة، وكيفية تنفيذها؛ مما يساعد الإدارة التنفيذية المباشرة على القيام بمهمة التنفيذ على الوجه المراد. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |