{ وحملها الإنسان } - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191097 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2653 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 658 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 937 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1091 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 853 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 836 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 920 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92811 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-12-2022, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي { وحملها الإنسان }

{ وحملها الإنسان }
الشيخ عبدالله محمد الطوالة


﴿ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾ [الأحزاب: 72]


الحمدُ للهِ، أتــَـمَّ على الأمَّة النــِّـعمةَ وأكملَ لها دِينها، ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ [الفتح: 26]، نَحْمَدُهُ أبلغَ الحمد وأوفاه، عَلَى هِدايَةٍ منحهَا، وعافِيةٍ أسْبغهَا، وشرِيعةٍ أكْملَهَا.. ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا ﴾... وأشـهـدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحـدَهُ لا شريكَ لهُ، شَهادة تُنجي بإذن الله قائِلها ويـَـسْـتـَـظِـلُّ بـظـِـلــِّــها، ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ﴾ [محمد: 10].. وأشهَــدُ أنَّ مُحمــدًا عبـــدُ اللهُ ورســولهُ، جـــاءَ إلى جُمُـــوع الطـُّـغـْـيـــانِ فـفَلــَّـهـــا، وإلى عُـقــَــد الشــِّـرْكِ فـحَـلــَّها، وإلى دَواعِي الخلافِ فــسَـلــَّـها.. وبــشــَّـرَ الأمَّة وأنذَرها ودَلــَّـها، صَـلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ، من حازوا المكارمَ والمفاخِرَ كُلَّها، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يَوم أن تـضَـعَ كـُـلُّ ذاتِ حَمْـلٍ حَـمـْـلــَـها، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عباد الله حق التقوى، اتقوه في كلِّ أحايينِكم تربحوا، وتوكلّوا عليه في كلِّ أحوالِكم تنْجَحوا، والجأوا إليه في كلِّ شؤونِكم تفْلِحوا.. الأمورُ ثلاثةٌ: أمرٌ بانَ لكَ نفعهُ فاتَّبعهُ، وأمرٌ بانَ لك عيبُهُ فدعهُ، وأمرٌ اشتبهَ عليك الحقَّ فيهِ فتوقْف حتى تعلمَهُ.. صِلُوا من قطعكم، وأَعطوا من حرمكم، وأعفوا عمن ظلمكم، وأدوا الأمانةَ لمن ائتمنكم، ولا تخونوا من خانكم، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

معاشر المؤمنين الكرام: جاء في الأثر أنَّ اللهَ جلَّ وعلا عرضَ الأمانةَ على السموات العلا، وعرضها على الأرضينَ السبع، وعرضها على الجبال الصمِّ الصِّلاب، فَقال لَهَم: هَلْ تَحْمِلِونَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا، قَالوا: وَمَا فِيهَا، قال: إِنْ أَحْسَنْتم جُزِيتم، وَإِنْ أَسَأْتم عُوقِبْتم.. فاشفقوا منها وأبوا أن يحملوها، وحملها الانسان، قال جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72].. قَبِلَهَا الْإِنْسَانُ عَلَى ضَعْفِهِ لأنه ظلومٌ جهول، ظَلُومٌ لِنَفْسهِ وللْأَمَانَةِ التي حُمِّلها، جَهُولٌ عَنْ حَقِّهَا وعاقِبَةِ تقصيرة فيها.. إلَّا من وَفَّقَهُ اللهُ تعالى من أهلِ الإيمانِ الذينَ قالَ فيهم: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

عبادَ اللهِ؛ عندما يتأمَّلُ المسلمُ واقعه، وحين يتبصرُ ويتفكر في أحوال مجتمعه، فسيرى أنَّ أمرًا من أهم أُمورِ الدينِ قد فُقِد، أو كاد أن يفقد.. ثم يربط ذلك بقولَ الحبيب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ الْأَمَانَةُ".. فيتبين له بجلاء من أين يؤُتى بُنيانُ المجتمعِ، وكيف ينحدرُ نحو الهاوية.. نسأل الله السلامة والعافية.. نعم يا عباد الله سنتكلمُ عن الأمانةِ، لأن الكلامَ عن الأمانةِ: أمانة.. قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ ﴾ [آل عمران: 187].

وحقًا أيها الكرام، فنحن بحاجةٍ كبيرة لأن نتحدث عن الأمانة: لأن التفريطَ فيها شاع وذاع، ولأنَّ كثيرًا من الناس خانوا الأمانة وضيعوها.

نحتاجُ لأنَّ نتحدث عن الأمانة: لأنَّ كثيرًا من الموظفَين يتساهلَون في أوقات عملِهم، ويفَرَّطَون في أداء وظائفهم، ويعَطَّلَون مصالحَ من يخدمون، وكأنَهم لم يسمعْوا دعاءَ نبيِهم المستجابِ: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ".. بل ويتجاوزُ بعضهم إلى تعقيدِ الأمورِ وتأخيرها.. لينالَ بذلك شيئًا من سُحت المتاعِ، والمال الحرام، وفي الحديث الصحيح: ﴿ لَعنةُ اللهِ على الرَّاشي والمُرتشي ﴾، أو لا يتساءل أحدهم كيف يسلمُ من شؤم اللعنة، والذي دعا عليه هو الرسول صلى الله عليه وسلم..

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأن كثيرًا من الصناعيين والمقاولين وأصحاب الورش يغشون في أعمالهم وصناعاتهم.. ونحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأن كثيرًا من السائقين وعمالِ وعاملات المنازل يئنون من الظلم، ويصرخون من سوء المعاملة.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأننا نرى الرجلَ يأتي مطَأْطِئ الرأس، متلعثمَ اللِسان، يأتي ليطلب من أحدهم قَرْضًا من المال، فيُعطِيه ما يفرجُ همَّهُ، ويقضي حاجتهُ، ولكنه عندما يحينُ موعدُ السداد يتناسى كل ما فاتَ، ويسوِّفُ ويماطلُ مرات ومرات، ثم يتهربُ ولا يُجيبُ على الاتصالاتِ، حتى يُدخِلَ من أقرضهُ في أضيق الإحراجات.

نحتاجُ لأن نتحدثَ عن الأمانة: لأن المجتمع يعاني من السِلع المغشوشة، والمساهمات المشبوهة، والمخالفات الصريحة للنظامِ، ولتعاليمِ الإسلامِ.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأننا نرى الشباب الكفء يتخرجون بنسبٍ عالية، فلا يجدون الوظيفة المناسبة، بينما يحصلُ عليها بالمحسوبيات والواسطة من لا يستحقها.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأننا نقرأ ونسمعُ عن مشاريع طموحة، تكلف مبالغ ضخمة.. فإذا قلبت بصرَك في الواقعِ المريرِ.. انْقَلبَ إِلَيْكَ البصرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأننا نرى المطرَ المُتوَسِّط في بلادِنا يتحول إلى كارثةٍ حقيقية.. فتغرقُ البيوت، وتنجرف الشوارعُ، وتتهدم الجدران، وتنغمر السيارات، ويظهرُ عوارُ المشاريعِ السقيمةِ، وما تخلفهُ من مآسيٍ أليمةِ.. وواللهِ ليس بعد التلاعبَ بأرواحِ البشرِ من جريمة.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأننا نرى التعليمِ في بلادنا، لا يزال أدنى بكثيرٍ من مستوى تَّطَلُّعاتِنا.. ولأن إعلامنا لا يُمثلُ ديننَا ولا قيمنا ولا تقاليدَنا.. ولأن أغلب مستشفياتنا ومراكزنا الصحية، قد فقدت ثقةَ مُراجعيها بالكلية..

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: حين نعاينُ الوضعَ المأساوي لنظافة الإحياء والشوارع، وصيانة المرافق العامة.. ونحتاجُ للحديثِ عن الأمانةِ عندما نرى غلاءَ الأسعارِ، وطَمعِ التجارِ، وجَشِعِ أهلِ العقارِ.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة كثيرًا: لأنه لا يكاد مرفقٌ من مرافق المجتمع إلا وقد ناله من الإهمال والتفريط ما ناله، وشاع عند القاصي والداني أن القائمين على ذلك المرفق قد ضيعوا الأمانة.

نحتاجُ لأن نتحدث عن الأمانة: لأنَّ كَثِيرُونَ نسوا أَو تَنَاسَوا أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ مِن أَمرِ العَامَّةِ يتولاه المَرءُ، فَإِنَّمَا هُوَ تَكلِيفٌ وليس بتَشرِيف، وَمَسؤُولِيَّةٌ كبيرةٌ سيسألُ عنها، وَأَمَانَةٌ ثقيلة يجِبِ عليه أَن يَرعَاها حَقَّ رِعَايَتِهَا، وَأن يَعدِلَ فِيهَا وَيَنصَحَ لها.. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِن عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً فَلَم يُحِطْهَا بِنصحَه إِلاَّ لم يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَا مِن عَبدٍ يَستَرعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ.. وَقَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "مَنِ استَعمَلنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقنَاهُ رَزقًا، فَمَا أَخَذَ بَعدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ" صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

أقول ما تسمعون...

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

معاشر المؤمنين الكرام: يقولُ اللهُ تعالى في محكم كتابه: ﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، فأداء الأمانات يا عباد الله مطلبٌ ربانيٌ واجب، وفرضٌ إلاهيٌ لازم، ففي الحديث الصحيح: قال أَنَسٌ رضي الله عنهُ: قَلَّمَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ قَالَ: "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ".. والأمانةُ خلقٌ أصيل، ومسلكٌ نبيل، وصفَ اللهُ جلَّ وعلا بها صفوةَ ملائكتهِ ورسله، فقد وصفَ اللهُ بها جبريلُ عليه السلام فقال تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193]، وقال عن كليمه موسَى عليهِ الصلاة والسلام: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]، وقال عن نبيه هودٌ عليه السلام: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68]، وقال عن نبيه الكريم يوسفَ عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ [يوسف: 54].. واشتُهرَ بها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حتى لقبهُ قومهُ بالصادق الأمين.. وما من نبيٍّ إلا ويقولُ لقومه: ﴿ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ﴾ [الشعراء: 107-108].. ونصَّ الله تعالى في مطلع سورةِ المؤمنين على أنَّ الأمانةَ من ألزم صفاتِ المؤمنين المفلحينَ، فقال جلَّ وعلا: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المؤمنون: 1]، ثم قال عنهم: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]، وختمَ السياقَ الكريم بذكر جزاءهم فقال: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون:10-11].. والأمانة هي أوُّلُ ما يُفقدُ من الدينِ، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَوَّلَ مَا تَفقِدُونَ مِن دِينِكُمُ الأَمَانَةَ".. وقال عليه الصلاة والسلام: "إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ".. وما هي الأمانة إخوة الإيمان.. الأمانةُ هي أداءُ الحقوقِ الواجبةِ على الوجه المطلوب، وهي تشملُ كلّ ما يجِبُ على الانسان من حقوقٍ وواجباتٍ تجاه ربهِ ومجتمعهِ وأهلهِ ونفسه، فوقتُ المسلم أمانةٌ، وفرائضُ الدين أمانة، وعِرضُه أمانةٌ، وعملهُ أمانه، وعمرهُ أمانه، ومالُهُ ومكسبهُ أمانةٌ، وأهلهُ أمانة، وعِلمهُ أمانة، في الحديث الصحيح: "لا تزولَ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عُمُرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِهِ فيمَ فعلَ فيهِ، وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ"، والدعوةُ إلى الله أمانه، في الحديث الصحيح: "بلغوا عني ولو آية"، والسمعُ والبصرُ واللسانُ وبقية الجوارح أمانةٌ، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، وفي صحيح البخاري: "أَلا كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإِمامُ الذي علَى النَّاسِ راعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى أهْلِ بَيْتِ زَوْجِها، ووَلَدِهِ وهي مَسْئُولَةٌ عنْهمْ، وعَبْدُ الرَّجُلِ راعٍ علَى مالِ سَيِّدِهِ وهو مَسْئُولٌ عنْه، ألا فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ".

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: المُجتَمَعَ سَفِينَةٌ واحدة، وَالحَيَاةُ لا تستقيمُ إلا بتعاون الجميع وأمانتِهم، وكُلُّ تَسَاهُلٍ مِن أيِّ مَسؤُولٍ عَلا شَأنُهُ أَو نَزَلَ، فَإِنَّمَا هُوَ ثُلمَةٌ في بِنَاءِ المجتمع وخرقٌ لسفينته.. وَمَالم يَتَعَاوَنْ كُلُّ مَن في السَّفِينَةِ عَلَى حِفظِهَا وصيانتها، فمآلها الغرق، وحينها سيعم الهَلاك الصَالح وَالطَالِح.

فاتقوا الله عباد الله، وحافظوا على أماناتكم، فإنَّ خيانةَ الأمانةِ وتضييعها، وصمةُ عارٍ مشينة، ولُطخةُ ذُلٍّ مُهينةٍ، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]، وأي عارٍ ومهانةٍ أشنعُ من أن يُشهَّرَ بالخائن يومَ القيامة على رؤوس الخلائق، ففي الحديث المتفق عليه: "لِكُلِّ غادِرٍ لِواءٌ يَومَ القِيامَةِ يُعْرَفُ بهِ".. وأيُّ خيبةٍ وخَسارةٍ أعظمَ من أن يكونَ المسلمُ معدودًا في المنافقين.. ففي صحيح البخاريُّ ومسلمٌ، قال عليه الصلاة والسلام: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ).. اللَّهُمَّ إِنّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ.

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
اللهم صل على محمد...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.77 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]