تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 164 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390975 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856438 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1631  
قديم 10-08-2022, 08:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المجادلة - (1)
الحلقة (824)

سورة الحشر
مدنية وآياتها أربع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 298الى صــــ 304)

إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين (20) كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز (21) لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (22)
شرح الكلمات:
إن الذين يحادون الله ورسوله: أي يخالفون الله ورسوله فيما يأمران به وينهيان عنه.
أولئك في الأذلين: أي المغلوبين المقهورين.
كتب الله لأغلبن أنا ورسلي: أي كتب في اللوح المحفوظ أو قضى وحكم بأن يغلب بالحجة أو السيف.
يوادون من حاد الله ورسوله: أي يصادقون من يخالف الله ورسوله بمحبتهم ونصرهم.
ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو: أي يقصدونهم بالسوء ويقاتلونهم على الإيمان كما وقع للصحابة.
إخوانهم أو عشيرتهم
أولئك كتب في قلوبهم الإيمان: أي أثبت الإيمان في قلوبهم.
وأيدهم بروح منه: أي برهان ونور وهدى.
رضي الله عنهم ورضوا عنه: أي رضي الله عنهم بطاعتهم إياه في الدنيا ورضوا عنه في الآخرة بإدخاله إياهم في الجنة.
ألا أن حزب الله هم المفلحون: أي ألا إن جند الله وأولياءه هم الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة.
معنى الآيات:
يخبر تعالى موجها المؤمنين مرشدا لهم إلى أقوم طريق وأكمل الأحوال فيقول: {إن الذين يحادون الله ورسوله} أي يخالفونهما في أمرهما ونهيهما وما يدعوان إليه من الدين الحق {أولئك} أي المخالفون في زمرة الأذلين1 في الدنيا والآخرة. وقوله تعالى {كتب2 الله لأغلبن أنا ورسلي} أي كتب في اللوح المحفوظ وقضى بأن يغلب رسوله أعداءه بالحجة والسيف3. {إن الله قوي عزيز} أي ذو قوة لا تقهر وعزة لا ترام فلذا قضى بنصرة رسوله على أعدائه مهما كانت قوتهم.
وقوله تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون4 بالله واليوم الآخر} يقول تعالى لرسوله لا تجد أناسا يؤمنون بالله إيمانا صادقا بالله ربا وإلها وباليوم الآخر يوادون بالمحبة والنصرة من حاد الله ورسوله بمخالفتهما في أمرهما ونهيهما وما يدعوان إليه من توحيد الله وطاعته وطاعة رسوله ولو كانوا أقرب قريب إليهم من أب أو أبن أو أخ أو عشيرة. وقوله تعالى {أولئك كتب} أي الله تعالى في قلوبهم الإيمان أي أثبته وقرره فيها فهو لا يبرح ينير لهم طريق الهدى حتى ينتهوا إلى جوار ربهم.
{وأيدهم بروح منه5} أي ببرهان ونور منه سبحانه وتعالى هذا في الدنيا وأما في الآخرة فيدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار أي بساتين غناء تجري الأنهار المختلفة من خلال الأشجار والقصور خالدين فيها لا يخرجون منها أبدا، وفوق ذلك رضي الله عنهم بطاعتهم إياه ورضوا عنه في الآخرة بإدخاله إياهم الجنة دار المتقين.
وقوله تعالى: {أولئك حزب الله} أي أولئك العالون في كمالاتهم الروحية حزب الله أي جنده وأولياؤه، ثم أعلن تعالى عن فوزهم ونجاحهم فقال: {ألا إن حزب الله هم المفلحون} 6 أي الفائزون يوم القيامة بالنجاة من النار ودخول الجنة.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- كتب الله الذل والصغار على من حاده وحاد رسوله بمخالفتهما فيما يحبان ويكرهان.
2- قضى الله تعالى بنصرة رسوله فنصره إنه قوي عزيز.
3- 7حرمة موالاة الكافر بالنصرة والمحبة ولو كان أقرب قريب، وقد قاتل أصحاب رسول الله آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وعشيرتهم في بدر. وفيهم نزلت هذه الآية تبشرهم برضوان الله تعالى لهم، وإنعامه عليهم اللهم اجعلنا منهم واحشرنا في زمرتهم.
__________

1 (الأذلين) جمع الأذل وهو: الأكثر ذلا من كل ذليل والذل المهانة والصغار والإحتقار.
2 روي أن مقاتلا قال: قال المؤمنون لئن فتح الله لنا مكة والطائف وخيبر وما حولهن رجونا أن يظهرنا الله على فارس والروم فقال عبد الله بن أبي بن سلول أتظنون أن الروم وفارس مثل القرى التي غلبتم عليها، والله لأنهم أكثر عددا وأشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فأنزل الله تعالى: {كتب الله لأغلبن} أي: قضى الله ذلك.
3 من بعث منهم بالحجة فإنه غالب بالحجة ومن بعثه بالسيف فهو غالب بالسيف بإذنه تعالى.
4 ذكر لنزول هذه الآية عدة أسباب وهي وإن لم تنزل في كلها فإنها منطبقة عليها فقيل: إنها نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول فقد جاء لوالده بفضلة ماء من شراب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يطهر قلبه من النفاق فسأله ما هذا فأخبره فقال عليه لعائن الله: فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها فغضب وجاء يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله فلم يأذن له، وقيل نزلت في أبي بكر الصديق لما ضرب والده بشدة لما سب له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: نزلت في الذين بارزوا أقربائهم يوم بدر.
5 قيل هو جبريل، وقيل: بنصر منه، وقال الربيع بن أنس: بالقرآن وحججه.
6 استدل مالك بهذه الآية (لا تجد قوما..) الخ على معاداة القدرية وترك مجالستهم. إذا كان هذا في القدرية فكيف بالرافضة؟!
7 روي أن داود عليه السلام قال: إلهي: أمن حزبك وحول عرشك؟ فأوحى الله إليه: يا داود: الغاضة أبصارهم النقية قلوبهم السليمة أكفهم. أولئك حزبي وحول عرشي.

***************************

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1632  
قديم 10-08-2022, 08:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة الحشر1
مدنية وآياتها أربع وعشرون آية

بسم الله الرحمن الرحيم
سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم (1) هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم
لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار (2) ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار (3) ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب (4) ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين (5)

شرح الكلمات:
سبح2 لله ما في السموات وما في الأرض: أي نزه الله تعالى وقدسه بلسان الحال والقال ما في السموات وما في الأرض من سائر الكائنات.
وهو العزيز الحكيم: أي العزيز في انتقامه من أعدائه الحكيم في تدبيره لأوليائه.
هو الذي أخرج الذين كفروا من: أي أخرج يهود بني النضير من ديارهم بالمدينة.
أهل الكتاب من ديارهم
لأول الحشر: أي لأول حشر كان وثاني حشر كان من خيبر إلى الشام.
ما ظننتم أن يخرجوا: أي ما ظننتم أيها المؤمنون أن بني النضير يخرجون من ديارهم.
وطنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله: أي وظن يهود بني النضير أن حصونهم تمنعهم مما قضى الله به عليهم من إجلائهم من المدينة.
فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا: أي فجاءهم الله من حيث لم يظنوا أنهم يؤتون منه.
وقذف في قلوبهم الرعب: أي وقذف الله تعالى الخوف الشديد من محمد وأصحابه.
يخربون بيوتهم بأيديهم: أي يخربون بيوتهم حتى لا ينتفع بها المؤمنون وليأخذوا بعض أبوابها وأخشابها المستحسنة معهم.
وأيدي المؤمنين: إذ كانوا يهدمون عليهم الحصون ليتمكنوا من قتالهم.
فاعتبروا يا أولي الأبصار: أي فاتعظوا بحالهم يا أصحاب العقول ولا تغتروا ولا تعتمدوا إلا على الله سبحانه وتعالى.
ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء: أي ولولا أن كتب الله عليهم الخروج من المدينة.
لعذبهم في الدنيا: أي بالقتل والسبي كما عذب بني قريظة إخوانهم بذلك.
ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله: جزاهم بما جزاهم به من عذاب الدنيا والآخرة بسبب مخالفتهم لله ورسوله ومعاداتهم لهما.
ما قطعتم من لينة أو تركتموها: أي ما قطعتم أيها المؤمنون من نخلة لينة أو تركتموها بلا قطع.
فبإذن الله وليخزي الفاسقين: أي فاقطع ما قطعتم وترك ما تركتم كان بإرادة الله وكان ليجزي الله الفاسقين يهود بني النضير.
معنى الآيات:
يخبر تعالى عن جلاله وعظمته بأنه سبحه أي نزهه عن كل النقائص من الشريك والمصاحبة والولد والعجز والنقص مطلقا بلسان القال ولسان الحال جميع ما في السموات وما في الأرض من الملائكة والإنس والجن والحيوان والشجر والحجر والمدر، وأنه هو العزيز الانتقام الحكيم في تدبير حياة الأنام. هو الذي أخرج الذين كفروا من ديارهم يهود بني النضير3 أجلاهم من ديارهم بالمدينة لأول الحشر4 إلى أذرعات بالشام ومنهم من نزل بخيبر وسيكون لهم حشر آخر حيث حشرهم عمر وأجلاهم من خيبر إلى الشام.
وقوله تعالى في خطاب المؤمنين: {ما ظننتم أن يخرجوا} أي من ديارهم وظنوا هم أنهم مانعتهم حصونهم من الله. فخاب ظنهم إذ أتاهم أمر الله من حيث لم يظنوا وذلك بأن قذف في
قلوبهم الرعب والخوف الشديد من الرسول وأصحابه حتى أصبحوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. المؤمنون يخربونها من الظاهر لفتح البلاد وهم يخربونها من الباطن وذلك أن الصلح الذي تم بينهم وبين الرسول والمؤمنين أنهم يحملون أموالهم إلا الحلقة أي السلاح ويجلون عن البلاد إلى الشام وهو أول حشر لهم فكانوا إذا أعجبهم الباب أو الخشبة نزعوها من محلها فيخرب البيت لذلك. وقوله تعالى {فاعتبروا يا أولي الأبصار} أي البصائر والنهي أي اتعظوا بحال بني النضير الأقوياء كيف قذف الله الرعب في قلوبهم وأجلوا عن ديارهم فاعتبروا يا أولي البصائر فلا تغتروا بقواكم ولكن اعتمدوا على الله وتوكلوا عليه.
وقوله تعالى: {ولولا أن كتب الله عليهم5 الجلاء} أزلا في اللوح المحفوظ لعذبهم في الدنيا بالسبي والقتل كما عذب بني قريظة بعدهم. ولهم في الآخرة عذاب النار، ثم علل تعالى لهذا العذاب الذي أنزله وينزله بهم بقوله: {ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله} أي خالفوهما وعادوهما، ومن يشاق الله يعاقبه بأشد العقوبات فإن الله شديد العقاب.
وقوله تعالى {ما قطعتم من6 لينة} أي من نخلة لينة أو تركتموها بلا قطع قائمة على أصولها فقد كان ذلك بإذن الله فلا إثم عليكم فيه فقد أسر به المؤمنون وأخزى به الفاسقين اليهود.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان جلال الله وعظمته مع عزه وحكمته في تسبيحه من كل المخلوقات العلوية والسفلية وفي إجلاء بني النضير من ديارهم وهو أول حشر وإجلاء تم لهم وسيعقبه حشر ثان وثالث.7
2- بيان أكبر عبرة في خروج بني النضير، وذلك لما كان لهم من قوة ولما عليه المؤمنون من ضعف ومع هذا فقد انهزموا شر هزيمة وتركوا البلاد والأموال ورحلوا إلى غير رجعة. فعلى مثل هذا يتعظ المتعظون فإنه لا قوة تنفع مع قوة الله، فلا يغتر العقلاء بقواهم المادية بل عليهم أن يعتمدوا على الله أولا وآخرا.
3- علة هزيمة بني النضير ليست إلا محادتهم لله والرسول ومخالفتهم لهما وهذه سنته تعالى في كل من يحاده ويحاد رسوله فإنه ينزل به أشد أنواع العقوبات.
4- عفو الله تعالى على المجتهد إذا أخطأ وعدم مؤاخذته، فقد اجتهد المؤمنون في قطع نخل بني النضير من أجل إغاظتهم حتى ينزلوا من حصونهم. وأخطأوا في ذلك إذ قطع النخل المثمر فساد، ولكن الله تعالى لم يؤاخذهم لأنهم مجتهدون.
__________

1 وسماها ابن عباس سورة بني النضير لذكر قصة بني النضير فيها وسماها الرسول صلى الله عليه وسلم (سورة الحشر) في حديث الترمذي عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر (هو الله) الخ وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات في يومه مات شهيدا، ومن قرأها حين يمسي كذلك". وقال فيه: حسن غريب.
2 في قوله تعالى: (سبح لله) الخ تذكير للمؤمنين بتسبيح الله تعالى وأنه من الذكر الذي هو علة الوجود، وتركه مهلكة كالتي حلت ببني النضير لتركهم ذلك.
3 بنو النضير: رهط من اليهود من ذرية هارون عليه السلام نزلوا المدينة في فتن بني إسرائيل انتظارا لمحمد صلى الله عليه وسلم وكان من أمرهم ما قص تعالى في هذه السورة.
4 الحشر: الجمع أي: جمع الناس في مكان واحد، والمراد هنا: حشر يهود جزيرة العرب إلى أرض غيرها أي: جمعهم للخروج، ولذا هو يرادف الجلاء إذ كان الجلاء لجماعة عظيمة تجمع من الديار المتفرقة، واللام في قوله: (لأول الحشر) هي لام التوقيت التي تدخل على أول الوقت نحو (فطلقوهن لعدتهن) أي: لأول عدتهن وهو الطهر الذي لم تمس فيه.
5 الفرق بين الجلاء والإخراج أن الجلاء يكون بالأهل والأولاد وأما الإخراج قد يكون بدون ذلك وكلاهما مفارقة المرء وطنه ويقال: جلا المرء بنفسه وأجلاه غيره.
6 كان هذا من باب إلجاء العدو إلى ترك المقاومة والاستسلام واللينة: بمعنى: النخلة، واختير لفظ اللينة دون النخلة: لخفته وهو اللون دون العجوة والبرني.
7 الحشر: أي الجمع الأول هو إجلاؤهم من المدينة، والثاني: هو إجلاؤهم عن الديار الحجازية على يد عمر رضي الله عنه لوصية الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله " لا يجتمع دينان في الجزيرة" والثالث: هو إجلاؤهم من فلسطين بعد تجمعهم فيها وإقام دولتهم. جاء بهذا حديث مسلم "لتقاتلن اليهود ... " الحديث فسوف يتم إجلاؤهم حتى لا يجتمعوا مرة أخرى إلى قيام الساعة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1633  
قديم 10-08-2022, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة المجادلة - (2)
الحلقة (825)

سورة الحشر
مدنية وآياتها أربع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 304الى صــــ 311)

وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير (6) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب (7)
شرح الكلمات:
وما أفاء الله على رسوله منهم: أي وما رد الله ليد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال بني النضير.
1 فما أوجفتم عليه من خيل ولا: أي أسرعتم في طلبه والحصول عليه خيلا ولا إبلا أي لم تعانوا فيه مشقة.
ركاب
ولكن الله يسلط رسله على من يشاء: أي وقد سلط رسول الله محمدا صلى الله عليه وسلم على بني النضير ففتح بلادهم صلحا.
وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى: أي وما رد الله على رسوله من أموال أهل القرى التي لم يوجف عليها بخيل ركاب.
فلله وللرسول ولذي القربى: أي لله جزء وللرسول جزء ولقرابة الرسول جزء ولليتامى جزء وللمساكين
واليتامى والمساكين وابن جزء ولابن السبيل جزء تقسم على المذكورين
السبيل بالسوية.
كي لا يكون دولة بين الأغنياء: أي كيلا يكون المال متداولا بين الأغنياء الأقوياء ولا يناله الضعفاء والفقراء.
منكم
وما آتاكم الرسول فخذوه وما: أي وما أعطاكم الرسول وأذن لكم فيه أو أمركم به فخذوه وما نهاكم عنه
نهاكم عنه فانتهوا وحظره عليكم ولم يأذن لكم فيه فانتهوا عنه.
واتقوا الله إن الله شديد العقاب: أي واتقوا الله فلا تعصوه ولا تعصوا رسوله واحذروا عقوبة الله على معصيته ومعصية رسوله فإن الله
شديد العقاب.
معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في غزوة بني النضير إنه بعد الصلح الذي تم بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تركوا حوائطهم أي بساتينهم فيئا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورغب المسلمون في تلك البساتين ورأى بعضهم أنها ستقسم عليهم كما تقسم الغنائم فأبى الله تعالى ذلك عليهم وقال: {وما أفاء الله على رسوله} أي وما رد الله تعالى على رسوله من مال بني النضير. وكلمة رد تفسير لكلمة أفاء لأن الفيء الظل يتقلص ثم يرجع أي يرد وأموال بني النضير الأصل فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن بني النضير عاهدوا رسول الله وبمقتضى المعاهدة أبقى عليهم أموالهم فإذا تقضوا العهد وخانوا لم يستحقوا من المال شيئا لا سيما وأنهم تآمروا على قتله وكادوا ينفذون جريمتهم التي تحملوا تبعتها ولو لم ينفذوها. وبداية القضية كالتالي:
أن المعاهدة التي تمت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين بني النضير من جملة بنودها أن يؤدوا مع الرسول ما يتحمل من ديات. وبعد وقعة أحد بنصف سنة حدث أن عمرو بن أمية الضمري قتل خطأ رجلين من بني كلب أو بني كلاب فجاء ذووهم يطالبون بديتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو المسئول عن المسلمين فخرج صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير في قريتهم2 التي تبعد عن المدينة بميلين يطالب بالإسهام في دية الرجلين الكلابيين بحكم المعاهدة فلما انتهى إليهم أنزلوه هو وأصحابه بأحسن مجلس وقالوا ما تطلبه هو لك يا أبا القاسم ثم خلوا بأنفسهم وقالوا أن الفرصة سانحة للتخلص من الرجل فجاءوا برحى (مطحنة) من صخرة وطلعوا بها إلى سطح المنزل وهموا أن يسقطوها على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الجدار مع أصحابه، وقبل أن يسقطوا الرحى أوحى الله إلى رسوله أن قم من مكانك فإن اليهود أرادوا إسقاط حجر عليك ليقتلوك فقام صلى الله عليه وسلم على الفور
وتبعه أصحابه وسقط في أيدي اليهود. وما إن رجع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى أعلن الخروج إلى بني النضير فإنهم نقضوا عهدهم ووجب قتالهم فنزل بساحتهم وحاصرهم وجرت سفارة وانتهت بصلح يقضى بأن يجلوا بني النضير عن المدينة يحملون أموالهم على إبلهم دون السلاح ويلتحقوا بأذرعات بالشام فكان هذا أول حشر لهم إلى أرض المعاد والمحشر إلا أسرتين نزلتا بخيبر أسرة بني الحقيق الذين منهم حيي بن أخطب والد صفية زوج الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذه الغزوة بقيت ستأتي عند قوله تعالى {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب} الآيات.
من هنا علمنا أن مال بني النضير هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أفاءه الله عليه فقال وما أفاء الله على رسوله منهم أي من بني النضير. ولما طمع المؤمنون فيه قال تعالى ردا عليهم فما أوجفتم3 عليه أي على أموال بني النضير أي ما ركبتم إليه خيلا ولا إبلا ولا أسرعتم عدوا إليهم لأنهم في طرف المدينة فلم تتحملوا سفرا ولا تعبا ولا قتالا موتا وجراحات فلذا لا حق لكم فيها فإنها فيء وليست بغنائم. ولكن الله4 يسلط رسله على من يشاء بدون حرب ولا قتال فيفيء عليهم بمال الكفرة الذي هو مال الله فيرده على رسله, وقد سلط الله حسب سنته في رسله محمدا صلى الله عليه وسلم على أعدائه بني النضير فحاز المال بدون قتال ولا سفر فهو له دون غيره ينفقه كما يشاء ومع هذا فقد أنفقه صلى الله عليه وسلم ولم يبق منه إلا قوت سنة لأزواجه رضي الله عنهن وأرضاهن. وقوله تعالى {والله على كل شيء قدير} لا يمتنع منه قوى, ولا يتعزز عليه شريف سرى.
وقوله تعالى {ما أفاء الله5 على رسوله من أهل القرى} أي من أموال أهل القرى التي ما فتحت عنوة ولكن صلحا فتلك الأموال تقسم فيئا على مل بين تعالى فلله وللرسول ولذي القربى أي قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم بنو هاشم وبنو المطلب. واليتامى الذين لا عائل لهم, والمساكين الذين مسكنتهم الحاجة وابن السبيل وهو المسافر المنقطع عن بلاده وداره وماله؟ وعلة ذلك بينها تعالى بقوله {كي لا يكون} أي المال {دولة6} أي متداولا بين الأغنياء منكم, ولا يناله الضعفاء والفقراء فمن الرحمة والعدل أن يقسم الفيء لعى هؤلاء الأصناف المذكورين وما لله فهو ينفق في المصالح العامة وكذلك ما للرسول بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والباقي للمذكورين, وكذا خمس الغنائم فإنه يوزع على المذكورين في هذه الآية أما الأربعة أخماس فعلى المجاهدين.
وقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول} من مال وغيره {فخذوه وما نهاكم عنه} أي من مال وغيره فانتهوا عنه واتقوا الله فلا تعصوه ولا تعصوا رسوله وأحذروا عقابه فإن الله شديد العقاب أي معاقبته قاسية شديدة لا تطاق فيا ويل من تعرض لها بالكفر والفجور والظلم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان أن مال بني النضير كان فيئا خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- أن الفيء وهو ما حصل عليه المسلمون بدون قتال7 وإنما بفرار العدو وتركه أو بصلح يتم بينه وبين المسلمين هذا الفيء يقسم على ما ذكر تعالى في هذه الآية إذ قال وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله، وللرسول، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل. وأما الغنائم وهي ما أخذت عنوة بالقوة وسافر إليها المسلمون فإنها تخمس خمس لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل يوزع بينهم بالسوية، والأربعة الأخماس الباقية تقسم على المجاهدين الذين شاركوا بالمعارك وخاضوها للراجل قسم وللفارس قسمان.
3- وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطبيق أحكامه والاستنان بسنته المؤكدة وحرمة مخالفته فيما نهى عنه أمته روى الشيخان أن ابن مسعود رضي الله عنه قال لعن الله الواشمات8 والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله فبلغ ذلك امرأة من أسد يقال لها أم يعقوب كانت تقرأ القرآن فقالت بلغني أنك لعنت كيت وكيت. فقال: مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل؟ فقالت لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته، قال إن كنت قرأته فقد وجدته. أما قرأت قوله تعالى {وما آتاكم9 الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قالت: بلى. قال: فإنه صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه. أي الوشم الخ..
__________

1 (فما أوجفتم) هذه الفاء واقعة في جواب الذي، إذ الموصول فيه معنى الشرط فقوله: (وما أفاء) أي: والذي أفاءه الله على رسوله منهم فما أوجفتم ... ) الخ.
2 وكانت تسمى الزهرة وكان لها خمسة حصون.
3 الإيجاف: ضرب من سير الخيل وهو سير سريع والمراد: الركض للإغارة و (الركاب) اسم جمع للإبل التي تركب.
4 في الكلام حذف اقتضاه الإيجاز إذ التقدير: ولكن الله سلط عليهم رسوله, والله يسلط رسله على من يشاء.
5 هذه الآية بداية كلام مستأنف ابتدائيا فالأولى كانت بخاصة قسمة أموال بني النضير, وأما هذه فهي في بيان حكم الفيء في الإسلام.
6 (دولة) : ما يتداوله المتداولون, والتداول: التعاقب في التصرف في شيء وأصبحت خاصة بتداول الأموال.
7 هذه المسألة خلافية بين الفقهاء وما في التفسير هو الذي عليه الأكثرون منهم وهو الراجح والله أعلم.
8 الوشم معروف، ملعونة فاعلته والمفعول لها، والتنمص نتف الشعر من الوجه والتفلج توسعة ما بين الأسنان بمنشار وغيره للتجمل بذلك.
9 الإيتاء: مستعار لتبليغ الأمر إليهم إذ جعل تشريعه وتبليغه كإيتاء شيء بأيديهم كقوله تعالى: {خذوا ما آتيناكم بقوة} إذ يريد التشريع الذي شرعه لهم في التوراة.

******************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1634  
قديم 10-08-2022, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون (8) والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (9) والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم (10)
شرح الكلمات:
يبتغون فضلا من الله ورضوانا: أي هاجروا حال كونهم طالبين من الله رزقا يكفيهم ورضا منه تعالى.
أولئك هم الصادقون: أي في إيمانهم حيث تركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا ينصرون الله ورسوله.
والذين تبوءوا الدار والإيمان: أي والأنصار الذين نزلوا المدينة وألفوا الإيمان بعدما اختاروه على الكفر.
من قبلهم: أي من قبل المهاجرين.
ولا يجدون في صدورهم حاجة: أي حسدا ولا غيظا.
مما أوتوا: أي مما أوتي إخوانهم المهاجرون من فيء بني النضير.
ويؤثرون على أنفسهم: أي في كل شيء حتى إن الرجل منهم تكون تحته المرأتان فيطلق أحداهما ليزوجها مهاجرا.
ولو كان بهم خصاصة: أي حاجة شديدة وخلة كبيرة لا يجدون ما يسدونها به.
ومن يوق شح نفسه: أي ومن يقه الله تعالى حرص نفسه على المال والبخل به.
والذين جاءوا من بعدهم: أي من بعد المهاجرين والأنصار من التابعين إلى يومنا هذا فما بعد.
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين: أي حقدا أي انطواء على العداوة والبغضاء.
آمنوا
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في الحديث عن فيء بني النضير وتوزيع الرسول صلى الله عليه وسلم له فقال تعالى {للفقراء} أي أعجبوا1 أن يعطى فيء بني النضير للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون أي حال كونهم في خروجهم يطلبون فضلا من الله أي رزقا يكف وجوههم عن المسألة ورضوانا من ربهم أي رضا عنهم لا يعقبه سخط.
إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى فيء بني النضير للمهاجرين ولم يعط للأنصار إلا ما كان من أبي دجانة وسهل بن حنيف فقد ذكروا لرسوله الله صلى الله عليه وسلم حاجة فأعطاهما. فتكلم المنافقون للفتنة وعابوا صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية يعجب منهم الرسول والمؤمنون في إنكارهم على عطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرين دون الأنصار، وهو قوله تعالى {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا2 من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} أي في إيمانهم إذ صدقوا القول بالعمل، وما كان معتقدا باطنا أصبح عملا ظاهرا بهذه الأوصاف التي ذكر تعالى للمهاجرين أعطاهم الرسول من فيء بني النضير. وأما الأنصار الذين لم يعطهم المال الزائل وهم في غير حاجة إليه فقد أعطاهم ما هو خير من المال. واسمع ثناؤه تعالى عليهم: {والذين تبوأوا الدار} 3 أي المدينة النبوية والإيمان أي بوأوه قلوبهم وأحبوه وألفوه. من قبلهم أي من قبل نزول المهاجرين4 إلى المدينة يحبون من هاجر إليهم من سائر المؤمنين الذين يأتون فرارا بدينهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة أي حسدا ولا غيظا مما أوتوا أي مما أعطوا الرسول صلى الله عليه وسلم المهاجرين. ويؤثرون على أنفسهم5 غيرهم من المهاجرين ولو كان بهم خصاصة أي حاجة شديدة وخلة كبيرة لا يجدون ما يسدونها به، وفي السيرة من عجيب إيثارهم العجب العجاب في أن الرجل يكون تحته امرأتان فيطلق إحداهما فإذا انتهت عدتها زوجها أخاه المهاجر فهل بعد هذا الإيثار من إيثار؟.
وقوله تعالى {ومن يوق شح نفسه} 6أي من يقيه الله تعالى مرض الشح وهو البخل بالمال والحرص على جمعه ومنعه فهو في عداد المفلحين وقد وقى الأنصار من هذا الخطر فهم مفلحون فهذا أيضا ثناء عليهم وبشرى لهم.
وقوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم} أي من بعد المهاجرين الأولين والأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان يقولون في دعائهم الدائم لهم {ربنا} أي يا ربنا {اغفر لنا} أي ذنوبنا واغفر {ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان} وهم المهاجرون والأنصار، {ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا} بك وبرسولك {ربنا إنك رؤوف رحيم} أي ذو رأفة بعبادك ورحمة بالمؤمنين بك فاستجب دعاءنا فاغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا في الإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا لهم.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان فضل المهاجرين والأنصار, وأن حبهم إيمان وبغضهم كفران.
2- فضيلة الإيثار على النفس.
3- فضيلة إيواء المهاجرين ومساعدتهم على العيش في دار الهجرة المهاجرين الذين هاجروا في سبيل الله تعالى فرارا بدينهم ونصرة لإخوانهم المجاهدين والمرابطين.
4- خطر الشح وهو البخل بما وجب إخراجه من المال والحرص على جمعه من الحلال والحرام.
5- بيان طبقات المسلمين ودرجاتهم وهي ثلاثة بالإجمال:
6- المهاجرون الأولون.
7- الأنصار الذين تبوءوا الدار "المدينة" وألفوا الإيمان.
8- من جاء بعدهم من التابعين وتابعي التابعين إلى قيام الساعة من أهل الإيمان والتقوى.
__________

1 وقيل: إن (للفقراء) بيان لقوله: {ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} ويكون: (للفقراء) : قيدا لذي القربى بحيث لا يعطى منهم إلا الفقراء، وهذا مردود رده الشافعي على أبي حنيفة ردا عنيفا.
(أخرجوا) : أي: أحوجهم المشركون إلى الخروج وكانوا مائة رجل كذا قال القرطبي.
(تبوءوا الدار والإيمان) لما كان التبوء يكون في الأماكن كان لابد من تقدير لكلمة الإيمان نحو: تبوءوا الدار والتزموا الإيمان أو ألفوا الإيمان على حد قولهم: علفتها تبنا وماء باردا. أي: وسقيتها ماء.
4 في العبارة تجوز أي: من قبل نزول أكثر المهاجرين أو من قبل نزول الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو سيد المهاجرين وسيد جميع العالمين.
5 أخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة "أن رجلا بات به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه فقال لامرأته: نومي الصبيان وأطفئي السراج وقربي للضيف ما عندك" فنزلت هذه الآية: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} .
6 ومما ورد في ذم الشح قوله صلى الله عليه وسلم "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1635  
قديم 10-08-2022, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الحشر - (3)
الحلقة (826)

سورة الحشر
مدنية وآياتها أربع وعشرون آية

المجلد الخامس (صـــــــ 311الى صــــ 316)

ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون (11) لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون (12) لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون (13) لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون (14)
شرح الكلمات:
ألم تر: أي ألم تنظر.
نافقوا: أي أظهروا الإيمان وأخفوا في نفوسهم الكفر.
لإخوانهم الذين كفروا من أهل: أي يهود بني النضير.
الكتاب
لئن أخرجتم: أي من دياركم بالمدينة.
لنخرجن معكم: أي نخرج معكم ولا نبقى بعدكم في المدينة.
وإن قوتلتم: أي قاتلكم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
لننصرنكم: أي بالرجال والسلاح.
والله يشهد إنهم لكاذبون: أي فيما وعدوا به إخوانهم بني النضير.
ولئن نصروهم: أي وعلى فرض أنهم نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون المنافقون كاليهود سواء.
لأنتم أشد رهبة في صدورهم: أي تالله لأنتم أشد خوفا في صدورهم.
من الله: لأن الله تعالى يؤخر عذابهم وأنتم تعجلونه لهم.
ذلك بأنهم: أي المنافقين.
قوم لا يفقهون: لظلمة كفرهم وعدم استعدادهم للفهم عن الله ورسوله.
لا يقاتلونكم جميعا: أي لا يقاتلكم يهود بني النضير مجتمعين.
إلا في قرى محصنة: أي بالأسوار العالية.
أو من وراء جدر: أي من رواء المباني والجدران أما المواجهة فلا يقدرون عليها.
بأسهم بينهم شديد: أي العداوة بينهم شديدة والبغضاء أشد.
تحسبهم جميعا: أي مجتمعين.
وقلوبهم شتى: أي متفرقة خلاف ما تحسبهم عليه.
بأنهم قوم لا يعقلون: إذ لو كانوا يعقلون لاجتمعوا على الحق ولا ما كفروا به وتفرقوا فيه فهذا دليل عدم عقلهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن غزوة بني النضير فيقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {ألم تر} أي تنظر1 يا رسولنا إلى الذين نافقوا وهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة ومالك ابنا نوفل وسويد وداعس إذ بعثوا إلى بني النضير حين نزل بساحتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحربهم بعثوا إليه أن اثبتوا وتمنعوا وإن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم غير أنهم لم يفوا لهم ولم يأتهم منهم أحد وقذف الله الرعب في قلوبهم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة "السلاح" هذا معنى قوله تعالى {ألم تر إلى الذين2 نافقوا يقولون لإخوانهم في الكفر} من أهل الكتاب "يهود بني النضير" لئن أخرجتم من المدينة لنخرجن معكم, ولا نطيع فيكم أي في نصرتكم والوقوف إلى جنبكم أحدا كائنا من كان وأن قوتلتم أي قاتلكم محمد صلى الله عليه وسلم ورجاله لننصرنكم. والله يشهد إنهم لكاذبون فيما قالوا لهم وفعلا لم يقاتلوا معهم ولم يخرجوا معهم كما خرجوا من ديارهم. وهو قوله تعالى {لئن أخرجوا لا3 يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم} وعلى فرض أنهم نصروهم ليولن الأدبار هاربين من المعركة, ثم لا ينصرون اليهود كالمنافقين سواء. وقوله تعالى {لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله} يخبر تعالى رسوله والمؤمنين بأنهم أشد رهبة أي خوفا في صدور المنافقين من الله
تعالى لأنهم يرون أن الله تعالى يؤجل عذابهم، وأما المؤمنون فإنهم يأخذون بسرعة للقاعدة " من بدل دينه فاقتلوه" فإذا أعلنوا عن كفرهم وجب قتلهم وقتالهم.
وقوله تعالى: {ذلك بأنهم قوم لا يفقهون} 4هذا بيان لجبنهم وخوفهم الشديد من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. إذ لو كانوا يفقهون لما خافوا العبد ولم يخافوا المعبود.
وقوله تعالى: {لا يقاتلونكم جميعا5} أي اليهود والمنافقين {إلا في قرى محصنة} بأسوار وحصون أو من وراء جدر أي في المباني ووراء الجدران. وقوله تعالى بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا في الظاهر وأنهم مجتمعون ولكن {قلوبهم شتى} أي6 متفرقة لا تجتمع على غير عداوة الإسلام وأهله، وذلك لكثرة أطماعهم وأغراضهم وأنانيتهم وأمراضهم النفسية والقلبية.
وقوله تعالى {ذلك بأنهم قوم لا يعقلون7} إذ لو كانوا يعقلون لما الحق وكفروا به وهم يعلمون فعرضوا أنفسهم لغضب الله ولعنته وعذابه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير حقيقة وهي أن الكفر ملة واحدة وأن الكافرين إخوان.
2- خلف الوعد آية النفاق وعلاماته البارزة.
3- الجبن والخوف صفة من صفات اليهود اللازمة لهم ولا تنفك عنهم.
4- عامة الكفار يبدون متحدين ضد الإسلام وهم كذلك ولكنهم يما بينهم تمزقهم العداوات وتقطعهم الأطماع وسوء الأغراض والنيات.
__________

1 بعد ذكر ما حل ببني النضير من خزي وعذاب حيث أجلوا عن ديارهم تاركينها وراءهم وذكر ما أفاء الله على رسوله من أموالهم شرع تعالى في تعجيب رسوله والمؤمنين من حال المنافقين وما لحقهم من عار وشنار فقال لرسوله صلى الله عليه وسلم {ألم تر إلى الذين ... } الخ.
2 الاستفهام للتعجب والأخوة هنا هي أخوة التلاقي في الكفر وفي بغض الإسلام ورسوله وأهله. فما هي بأخوة نسب ولا دين.
3 جملة (لئن أخرجوا..) الخ بيان لجملة: (والله يشهد إنهم لكاذبون) .
4 الفقه: إدراك المعاني الدقيقة والأسرار الخفية في كلام أهل الحكمة وذوي البصيرة.
5 الملة بدل اشتمال من جملة (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله) أي: لا يقاتلكم اليهود مع المنافقين مجتمعين في جيش واحد وفي الآية تهديد ليهود بني قريظة أما بنو النضير فقد انتهى أمرهم.
6 (شتى) جمع تشتيت: بمعنى مفارق كقتيل وقتلى.
7 (ذلك) الإشارة إلى ما ذكر من عدم اتفاقهم وتفرق قلوبهم، والباء سببية ونفي العقل عنهم للازمه وهو ما يقود إليه من النجاة والسعادة.

**************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1636  
قديم 10-08-2022, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم (15) كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين (16) فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين (17) ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون (18) ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون (19) لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون (20)
شرح الكلمات:
كمثل الذين من قبلهم قريبا: أي مثل يهود بني النضير في ترك الإيمان ومحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم كمثل إخوانهم بني قينقاع والمشركين في بدر.
ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب: أي ذاقوا عاقبة كفرهم وحربهم لرسول الله ولهم عذاب أليم في الآخرة.
أليم
كمثل الشيطان إذ قال للإنسان: أي ومثلهم أيضا في سماعهم من المنافقين وخذلانهم لهم كمثل الشيطان إذ قال للإنسان.
اكفر فلما كفر قال إني بريء منك: أي قال له الشيطان بعد أن كفره أنا بريء
وذلك جزاء الظالمين: أي خلودهما في النار أي الغاوي والمغوى ذلك جزاءهما وجزاء الظالمين.
ولتنظر نفس ما قدمت لغد: أي لينظر كل أحد ما قدم ليوم القيامة من خير وشر.
ولا تكونوا كالذين نسوا الله: أي ولا تكونوا أيها المؤمنون كالذين نسوا الله فتركوا طاعته.
فأنساهم أنفسهم: أي فعاقبهم بأن أنساهم أنفسهم فلم يعملوا خيرا قط.
لا يستوي أصحاب النار: أي لأن أصحاب الجنة فائزون بالسلامة من المرهوب والظفر بالمرغوب
وأصحاب الجنة المحبوب. وأصحاب النار خاسرون في جهنم خالدون، فكيف يستويان؟.
أصحاب الجنة هم الفائزون
معنى الآيات:
قوله تعالى {كمثل الذين من قبلهم} 1 هذه الآية (15) واللتان بعدها (16) و (17) في بقية الحديث عن بني النضير إذ قال تعالى مثل بنو النضير في هزيمتهم بعد نقضهم العهد كمثل الذين من قبلهم في الزمان والمكان وهم بنو قينقاع إذ نقضوا عهدهم فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذاقوا وبال أمرهم أي عاقبة نقضهم وكفرهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم أي موجع شديد وقوله تعالى {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر2} بوسائله الخاصة فلما كفر الإنسان تبرأ منه الشيطان وقال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين كذلك حال بني النضير مع المنافقين حيث حرضوهم على الحرب والقتال وواعدوهم أن يكونوا معهم ثم خذلوهم وتركوهم حدهم.
وقوله تعالى: {فكان عاقبتهما} أي عاقبة أمرهما أنهما أي الإنسان والشيطان أنهما في النار خالدين فيها، وذلك أي خلودهما في النار جزاء الظالمين أي المشركين والفاسقين عن طاعة الله عز وجل.
وبعد نهاية قصة بني النضير نادى تعالى المؤمنين ليوجههم وينصح لهم فقال {يا أيها الذين آمنوا} أي صدقوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا اتقوا الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، ولتنظر نفس ما قدمت3 لغد أي ولينظر أحدكم في خاصة نفسه ماذا قدم لغد أي يوم القيامة. واتقوا الله، أعاد الأمر بالتقوى لأن التقوى هي ملاك الأمر ومفتاح دار السلام والسعادة، وقوله تعالى: {إن الله خبير بما تعملون} يشجعهم على مراقبة الله تعالى والصبر عليها. وقوله تعالى: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم} أي لا تكونوا كأناس تركوا العمل بطاعة الله وطاعة رسوله فعاقبهم ربهم بأن أنساهم أنفسهم فلم يعملوا لها خيرا وأصبحوا بذلك فاسقين عن أمر الله تعالى خارجين عن طاعته. وقوله تعالى {لا 4يستوي أصحاب النار
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- ضرب مثل لحال الكافرين في عدم الاتعاظ بحال غيرهم.
2- التحذير من سبل الشيطان وهي الإغراء بالمعاصي وتزيينها فإذا وقع العبد في الهلكة تبرأ الشيطان منه وتركه في محنته وعذابه.
3- وجوب التقوى بفعل الأوامر وترك النواهي.
4- وجوب مراقبة الله تعالى والنظر يوميا فيما قدم الإنسان للآخرة وما أخر.
5- التحذير من نسيان الله تعالى المقتضى لعصيانه فإن عقوبته خطيرة وهي أن ينسي الله العبد نفسه فلا يقدم لها خيرا قط فيهلك ويخسر خسرانا مبينا.
6- عدم التساوي بين أهل النار وأهل الجنة، إذ أصحاب النار لم ينجوا من المرهوب وهو النار، ولم يظفروا بمرغوب وهو الجنة، وأصحاب الجنة على العكس سلموا من المرهوب، وظفروا بالمرغوب نجوا من النار ودخلوا الجنان.
__________

1 هذا ضرب مثل للمنافقين واليهود في تخاذلهم وعدم الوفاء في نصرتهم، وحذف العطف لأن الكلام معطوف على سابقه وهو (كمثل الذين من قبلهم) الخ
لن حذف حرف العطف شائع تقول: أنت عاقل أنت كريم أنت كذا بلا حرف عطف.
2 هنا روى غير واحد من السلف حديثا يتضمن قصة تشرح هذه الآية الكريمة كمثل الشيطان إذ قال للإنسان..الخ وهي أن راهبا تركت عنده امرأة أصابها لمم ليدعوا لها فزين له الشيطان فوطئها فحملت ثم قتلها خوفا أن يفتضح فدل الشيطان قومها على موضعها فجاءوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه فجاءه الشيطان فوعده أنه إن سجد له أنجاه منهم فسجد له فتبرأ منه فأسلمه لقاتله وتركه، واسم هذا الراهب، برصيصا.
3 أطلق لفظ الغد وأريد به يوم القيامة جريا على عادة العرب فإنهم يطلقون لفظ الغد كناية عن المستقبل، وقيل إطلاق لفظ الغد هنا إشارة إلى قرب الساعة كما قال الشاعر:
فإن يك صدر هذا اليوم ولى
فإن غدا لناظره قريب
4 هذه الجملة: (لا يستوي ... ) الخ تذييل لما سبقها وهي كالفذلكة لما تقدم من الأمر بتقوى الله عز وجل وبيان حال المتقين الذاكرين والناسين الفاسقين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1637  
قديم 10-08-2022, 08:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الممتحنة
الحلقة (827)

سورة الممتحنة
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 316الى صــــ 323)

لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون (21) هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم (22) هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون (23) هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم (24)
شرح الكلمات:
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل: أي وجعلنا فيه تميزا وعقلا وإدراكا.
لرأيته خاشعا متصدعا: أي لرأيت ذلك الجبل متشققا متطامنا ذليلا.
من خشية الله: أي من خوف الله خشية أن يكون ما أدى حقه من التعظيم.
وتلك الأمثال نضربها للناس1: أي مثل هذا المثل نضرب الأمثال للناس.
لعلهم يتفكرون: أي يتذكرون فيؤمنون ويوحدون ويطيعون.
هو الله الذي لا إله إلا هو: أي الله المعبود بحق الذي لا معبود بحق إلا هو عز وجل.
عالم الغيب والشهادة: أي عالم السر والعلانية.
هو الرحمن الرحيم: أي رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما.
هو الله الذي لا إله إلا هو: أي لا معبود بحق إلا هو لأنه الخالق الرازق المدبر وليس لغيره ذلك.
الملك القدوس: أي الذي يملك كل شيء ويحكم كل شيء القدوس الطاهر المنزه عما لا يليق به.
السلام المؤمن المهيمن: أي ذو السلامة من كل نقص الذي لا يطرأ عليه النقص المصدق رسله بالمعجزات. المهيمن: الرقيب الشهيد على عباده بأعمالهم.
العزيز الجبار المتكبر: العزيز في انتقامه الجبار لغيره على مراده، المتكبر على خلقه.
سبحان الله عما يشركون: أي تنزيها لله تعالى عما يشركون من الآلهة الباطلة.
هو الله الخالق البارئ: أي هو الإله الحق لا غيره الخالق لكل المخلوقات المنشئ لها من العدم.
المصور: أي مصور المخلوقات ومركبها على هيئات مختلفة.
له الأسماء الحسنى: أي تسعة وتسعون اسما كلها حسنى في غاية الحسن.
يسبح له ما في السموات والأرض: أي ينزهه ويسبحه بلسان القال والحال جميع ما في السموات والأرض.
وهو العزيز الحكيم: أي العزيز الغالب على أمره الحكيم في جميع تدبيره.
معنى الآيات:
قوله تعالى {لو أنزلنا هذا القرآن..2} لما أمر تعالى في الآيات السابقة ونهى ووعظ وذكر بما لا مزيد عليه أخبر أنه لو أنزل هذا القرآن العظيم على جبل بعد أن خلق فيه إدراكا وتمييزا كما خلق ذلك في الإنسان لرؤى ذلك الجبل خاشعا ذليلا متصدعا متشققا من خشية الله أي من الخوف من الله لعله قصر في حق الله وحق كتابه ما أداهما على الوجه المطلوب, وفي هذا موعظة للمؤمنين ليتدبروا القرآن ويخشعوا عند تلاوته وسماعه. ثم أخبر تعالى أن ما ضرب من أمثال في القرآن ومنها هذا المثل المضروب بالجبل. يقول نجعلها للناس رجاء أن يتفكروا فيؤمنوا ويهتدوا إلى طريق كمالهم وسعادتهم ثم أخبر تعالى عن جلاله وكماله بذكر أسمائه وصفاته فقال {هو الله الذي لا إله إلا هو} أي لا معبود بحق إلا هو, عالم الغيب والشهادة أي السر والعلن والموجود والمعدوم والظاهر والباطن. هو الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء الرحيم بعباده المؤمنين, الملك الذي له ملك السموات والأرض والمدبر للأمر في الأرض والسماء, القدوس3 الطاهر المنزه عن كل نقص وعيب عن الشريك والصاحبة والولد. السلام ذو السلامة4 من كل نقص مفيض السلام على من شاء من عباده. المؤمن المصدق رسله بما آتاهم من المعجزات المصدق عباده المؤمنين فيما يشكون إليه مما أصابهم, ويطلبونه ما هم في حاجة إليه من رغائبهم وحاجاتهم, المهيمن على خلقه الرقيب عليهم المتحكم فيهم لا يخرج شيء من أعمالهم وتصرفاتهم عن إرادته وإذنه, العزيز الغالب على أمره الذي لا يمانع فيما يريده. الجبار للكل5
على مراده وما يريده, المتكبر على كل خلقه وله الكبرياء في السموات والأرض والجلال والكمال والعظمة.
وقوله تعالى {سبحان الله عما يشركون} نزه تعالى نفسه عما يشرك به المشركون من عبدة الأصنام والأوثان وغيرها
من كل ما عبد من دونه سبحانه وتعالى هو الله الخالق البارئ المصور:
المقدر للخلق الباريء له المصور له في الصورة التي أراد أن يوجده عليها. له الأسماء الحسنى وهي مائة اسم إلا اسما واحدا كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري وأسماؤه متضمنة صفاته وكل أسمائه حسنى وكل صفاته عليا منزه عن صفات المحدثين يسبح له ما في السموات والأرض من مخلوقات وكائنات أي ينزهه ويقدسه عما لا يليق به ويدعوه ويرغب إليه في بقائه وكمال حياته. وهو العزيز الحكيم الغالب على أمره الحكيم في تدبير ملكه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان ما حواه القرآن من العظات والعبر, والأمر والنهي والوعد والوعيد الأمر الذي لو أن جبلا ركب فيه الإدراك والتمييز كالإنسان ونزل عليه القرآن لخشع وتصدع من خشية الله.
2- استحسان ضرب الأمثال للتنبيه والتعليم والإرشاد.
3- تقرير التوحيد, وأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
4- إثبات أسماء الله تعالى, وأنها كلها حسنى, وأنها متضمنة صفات عليا.
5- ذكر أسمائه تعالى تعليم لعباده بها ليدعوه بها ويتوسلوا بها إليه.
__________

1 هذه الجملة في الآيات تذييل لأن ما قبلها سيق مساق المثل فذيل بأن الأمثال التي يضربها الله تعالى في كلامه المراد منها أن يتفكر فيها الناس ليهتدوا إلى ما ينجيهم ويسعدهم.
2 (لو) هذه حرف امتناع لامتناع أي: امتنع إنزال القرآن على جبل فامتنعت رؤيته خاشعا متصدعا من خشية الله, ولو حصل الأول لحصل الثاني.
3 لفظ القدوس: مشتق من القدس بلغة الحجاز وهو: السطل لأنه يتطهر به, ومنه القادوس لواحد الأواني التي يستخرج بها الماء للتطهر وغيره قال ثعلب اللغوي: كل اسم على وزن فعول هو مفتوح الأول نحو سعود, وكلوب, وتنور إلا السبوح والقدوس فإن الضم فيها أكثر من الفتح.
4 لاسم السلام ثلاث معاني صادقة: منها ذو السلامة كما في التفسير ومنها ذو السلام: أي المسلم على عباده في الجنة: ومنها الذي سلم من كل عيب وبرئ من كل نقص.
5 الجبار: قال ابن العباس: هو العظيم وجبروت الله: عظمته وه على هذا القول صفة ذات من قولهم: نخلة جبارة. قال الشاعر:
سوامق جبار أثيث فروعه
وعالين قنوانا من البسر أحمرا
السوامق: مرتفعات, وأثيث: الملتف: والقنوان: العذق.

**********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1638  
قديم 10-08-2022, 08:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سورة الممتحنة1
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم

ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل (1) إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون (2) لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير (3)

شرح الكلمات:
لا تتخذوا عدوي وعدوكم: أي الكفار والمشركين.
أولياء تلقون إليهم بالمودة: أي لا تتخذوهم أنصارا توادونهم.
وقد كفروا بما جاءكم من الحق: أي الإسلام عقيدة وشريعة.
يخرجون الرسول وإياكم: أي بالتضييق عليكم حتى خرجتم فارين بدينكم.
أن تؤمنوا بربكم: أي لأجل أن آمنتم بربكم.
إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي: فلا تتخذوهم أولياء ولا تبادلوهم المودة.
وابتغاء مرضاتي
تسرون إليهم بالمودة: أي توصلون إليهم خبر خروج الرسول لغزوهم بطريقة سرية.
ومن يفعله منكم: أي ومن يوادهم فينقل إليهم أسرار النبي في حروبه وغيرها.
فقد ضل سواء السبيل: أي أخطأ طريق الحق الجادة الموصلة إلى الإسعاد.
إن يثقفوكم: أي أن يظفروا بكم متمكنين منكم في مكان ما.
يكونوا لكم أعداء: أي لا يعترفون لكم بمودة.
ويبسطوا إليكم أيديهم: أي بالضرب والقتل.
وألسنتهم بالسوء: أي بالسب والشتم.
وودوا لو تكفرون: أي وأحبوا لو تكفرون بدينكم ونبيكم وتعودون إلى الشرك معهم.
لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم: أي إن توادوهم وتسروا إليهم بالأخبار الحربية تقربا إليهم من أجل أن يراعوا لكم أقرباءكم وأولادكم المشركين بينهم فاعلموا أنكم لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة.
يوم القيامة يفصل بينكم: أي فتكونون في الجنة ويكون المشركون من أولاد وأقرباء وغيرهم في النار.
معنى الآيات:
فاتحة هذه السورة {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي2 وعدوكم أولياء ... } الآيات. نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة وكان من المهاجرين الذين شهدوا بدرا روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ (موضع بينه وبين المدينة اثنا عشر ميلا) فإن بها ظعينة (امرأة مسافرة) 3 معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا نهادى خيلنا أي نسرعها فإذا نحن بامرأة فقلنا أخرجي الكتاب، فقالت ما معي كتاب. فقلنا لتخرجن الكتاب، أو لتلقن الثياب4 (أي من عليك) فأخرجته من عقاصها أي من ظفائر شعر رأسها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب ما هذا؟ فقال لا تعجل علي يا رسول الله إني كنت امرءا ملصقا في قريش (أي كان حليفا لقريش ولم يكن قرشيا) وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه وأن كتابي لا يغني عنهم من الله شيئا، وأن الله ناصرك عليهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق. فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل الله أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا} أي يا من صدقتم الله ورسوله {لا تتخذوا عدوي وعدوكم} من الكفار والمشركين {أولياء} أي أنصارا {تلقون إليهم5 بالمودة} أي أسرار النبي صلى الله عليه وسلم الحربية ذات الخطر والشأن. والحال أنهم قد كفروا بما جاءكم من الحق الذي هو دين الإسلام بعقائده وشرائعه وكتابه ورسوله. يخرجون الرسول وإياكم من6 دياركم بالمضايقة لكم حتى هاجرتم فارين بدينكم، أن تؤمنوا7 بربكم أي من أجل أن آمنتم بربكم.، أمثل هؤلاء الكفرة الظلمة تتخذونهم أولياء تدلون إليهم بالمودة ... إنه لخطأ جسيم
ممن فعل هذا.
وقوله تعالى: {إن8 كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي} أي إن كنتم خرجتم من دياركم مجاهدين في سبيلي أي لنصرة ديني ورسولي وأوليائي المؤمنين وطلبا لرضاي فلا تتخذوا الكافرين أولياء من دوني تلقون إليهم بالمودة.
وقوله تعالى تسرون9 إليهم بالمودة أي تخفون المودة إليهم بنقل أخبار الرسول السرية والحال أني {أعلم} منكم ومن غيركم {بما أخفيتم وما أعلنتم} . وها قد أطلعت رسولي على رسالتكم المرفوعة إلى مشركي مكة والتي تتضمن فضح سر رسولي في عزمه على غزوهم مفاجأة لهم حتى يتمكن من فتح مكة بدون كثير إراقة دم وإزهاق أنفس.
وقوله تعالى: {ومن يفعله منكم} أي الولاء والمودة للمشركين فقد ضل سواء السبيل أي أخطأ وسط الطريق المأمون من الانحراف يريد جانب الإسلام الصحيح.
وقوله تعالى: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون} أي أنهم أعداؤكم حقا إن يثقفوكم أي يظفروا بكم متمكنين منكم يكونوا لكم أعداء ولا يبالون بمودتكم إياهم، ويبسطوا إليكم أيديهم بالضرب والقتل وألسنتهم بالسب والشتم وتمنوا كفركم لتعودوا إلى الشرك مثلهم.
وقوله تعالى: {لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم10} الذين واددتم الكفار من أجلهم من عذاب الله في الآخرة إذ حاطب كتب الكتاب من أجل قرابته وأولاده فبين تعالى خطأ حاطب في ذلك.
وقوله تعالى: {يوم القيامة يفصل بينكم} بأن تكونوا في الجنة أيها المؤمنون ويكون أقرباؤكم وأولادكم المشركون في النار. فما الفائدة إذا من المعصية من أجلهم؟! والله بما تعملون بصير فراقبوه واحذروه فلا تخرجوا عن طاعته وطاعة رسوله.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- حرمة موالاة الكافرين بالنصرة والتأييد والمودة دون المسلمين.
2- الذي ينقل أسرار المسلمين الحربية إلى الكافرين على خطر عظيم وإن صام وصلى.
3- بيان أن الكافرين لا يرحمون المؤمنين متى تمكنوا منهم لأن قلوبهم عمياء لا يعرفون معروفا ولا منكرا بظلمة الكفر في نفوسهم وعدم مراقبة الله عز وجل لأنهم لا يعرفونه ولا يؤمنون بما عنده من نعيم وجحيم يوم القيامة.
4- فضل أهل بدر وكرامتهم على الله عز وجل.
5- قبول عذر الصادقين الصالحين ذوي السبق في الإسلام إذا عثر أحدهم اجتهادا منه.
6- عدم انتفاع المرء بقرابته يوم القيامة إذا كان مسلما وهم كافرون.
__________

1 قال القرطبي: المشهور في اسم هذه السورة أنه الممتحنة بكسر الحاء اسم فاعل, وه الذي جزم به السهلي, والمراد من الممتحنة الآية التي في هذه السورة إذ بها تمتحن المرأة التي تجيء مهاجرة من بلادها وتترك زوجها. والآية هي قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} الخ ورجح الحافظ ابن حجر فتح الحاء باسم المفعول أي: المرأة الممتحنة.
2 العدو: ذو العداوة وهو فعول بمعنى فاعل من عدا يعدو وأصله مصدر على وزن فعول مثل قبول، ولما كان على وزن المصادر عومل معاملة المصدر فاستوى في الوصف به المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث.
3 تسمى سارة مولاة لأبي عمرو بن صغير بن هاشم بن عبد مناف وهي يومئذ مشركة.
4 في رواية، أو لتلقين الثياب أي: لنجردك من ثيابك..
5 جائز أن تكون جملة: (تلقون) في محل نصب على الحال من ضمير (لا تتخذوا) والإلقاء حقيقته: رمي ما في اليد على الأرض، واستعير لإلقاء الشيء بدون تدبر في موقعه أي: تصرفون إليهم مودتكم بدون تأمل في آثارها الضارة.
6 الجملة: حال من الضمير في كفروا وحكيت بالمضارع لاستحضار الصورة البشعة في الذهن.
7 أي: لأن تؤمنوا بالله ربكم علة وسبب إخراجهم إياكم من دياركم أي: هو اعتداء حملهم عليه أنكم آمنتم بالله ربكم.
8 هذه الجملة شرطية ذيل بها النهي: (لا تتخذوا عدوي) والغرض هو تأكيد الكلام السابق.
9 الجملة بيانية لسابقتها، والجملة: (وأنا أعلم) حالية فيها معنى التعجب بضميمة التي قبلها.
10 (لن تنفعكم..) الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا إذ الذي يسمع جملة: (ودوا لو تكفرون) بتطلع إلى ما يترتب على الكفر فيجاب بجملة: لن تنفعهم أرحامهم ولا أولادهم ولو في قوله: (ودوا لو تكفرون) مصدرية أي: ودوا كفركم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1639  
قديم 10-08-2022, 08:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم (أيسر التفاسير)
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الممتحنة
الحلقة (828)

سورة الممتحنة
مدنية وآياتها ثلاث عشرة آية

المجلد الخامس (صـــــــ 323الى صــــ 328)

قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير (4) ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم (5) لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد (6)

شرح الكلمات:
قد كان لكم: أي أيها المؤمنون.
أسوة حسنة: أي قدوة صالحة.
في إبراهيم والذين معه: من المؤمنين فأتسوا بهم.
إذ قالوا لقومهم: أي المشركين.
إنا براء منكم ومما تعبدون من: أي نحن متبرئون منكم، ومن أوثانكم التي تعبدونها.
دون الله
كفرنا بكم: أي جحدنا بكم فلم نعترف لكم بقرابة ولا ولاء.
وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء: أي ظهر ذلك واضحا جليا لا لبس فيه ولا خفاء.
حتى تؤمنوا بالله وحده: أي ستستمر عداوتنا لكم وبغضنا إلى غاية إيمانكم بالله وحده.
وإليك أنبنا: أي رجعنا في أمورنا كلها.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا: أي بأن تظهرهم علينا فيفتنوننا في ديننا ويفتتنون بنا يرون أنهم على حق لما يغلبوننا.
لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة: أي لقد كان لكم أيها المؤمنون في إبراهيم والذين معه أسوة حسنة.
لمن كان يرجو الله واليوم الآخر: أي هي أسوة حسنة لمن كان يؤمن بالله ويرجو ما عنده يوم القيامة.
ومن يتول: أي لم يقبل ما أرشدناه إليه من الإيمان والصبر فيعود إلى الكفر.
فإن الله غني حميد: أي فإن الله ليس في حاجة إلى إيمانه وصبره فإنه غني بذاته لا يفتقر إلى غيره، حميد أي محمود بآلائه وإنعامه على عباده.
معنى الآيات:
لما حرم تعالى على المؤمنين موالاة الكافرين مع وجود حاجة قد تدعو إلى موالاتهم كما جاء ذلك في اعتذار حاطب بن أبي بلتعة أراد تعالى أن يشجعهم على معاداة الكافرين وعدم موالاتهم بحال من الأحوال لما في ذلك من الضرر والخطر على العقيدة والصلة بالله وهي أعز ما يملك المؤمنون أعلمهم بأنه يوجد لهم1 أسوة أي قدوة حسنة في إبرايم خليله والمؤمنين معه2 فإنهم على قلتهم وكثرة عدوهم وعلى ضعفهم وقوة خصومهم تبرأوا من أعداء الله وتنكروا لأية صلة تربطهم بهم فقالوا ما قص الله تعالى عنهم في قوله {إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله} (من أصنام وأوثان) كفرنا بكم فلم نعترف لكم بوجود يقتضي مودتنا ونصرتنا لكم، وبدا أي ظهر بيننا وبينكم العداوة3 والبغضاء بصورة مكشوفة لا ستار عليها لأننا موحدون وأنتم مشركون،
لأننا مؤمنون وأنتم كافرون، وسوف تستمر هذه المعاداة وهذه البغضاء بيننا وبينكم حتى تؤمنوا بالله وحده ربا وإلها لا رب غيره وإله سواه إذا فأتسوا أيها المسلمون بإمام الموحدين إبراهيم اللهم إلا ما كان من استغفار إبراهيم لأبيه فلا تأتسوا به ولا تستغفروا لموتاكم المشركين فإن إبراهيم قد ترك ذلك لما علم أن أباه لا يؤمن وأنه يموت كافرا وأنه في النار فقال تعالى إلا قول إبراهيم4 لأبيه (آزر) لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء أي غير الاستغفار. وكان هذا عن وعد قطعه له ساعة المفارقة له إذ قال في سورة مريم: {قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا} وجاء في سورة التوبة قوله تعالى {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه} .
وقوله تعالى {ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا} أي رجعنا من الكفر إلى الإيمان بك وتوحيدك في عبادتك، وإليك المصير. أي مصير كل شيء يعود إليك وينتهي عندك فتقضي وتحكم بما تشاء. ربنا لا تجعلنا فتنة5 للذين كفروا أي لا تظهرهم علينا فيفتنونا في ديننا ويردونا إلى الكفر, ويفتنون بنا فيرون أنهم لما غلبونا أنهم على حق ونحن على باطل فيزدادون كفرا ولا يؤمنون. واغفر لنا ربنا أي ذنوبنا السالفة واللاحقة فلا تؤاخذنا بها إنك أنت العزيز الغالب المنتقم ممن عصاك الحكيم في تدبيرك لأوليائك فدبر لنا ما ينفعنا ويرضيك عنا. هذا الابتهال والضراعة من قوله تعالى ربنا عليك توكلنا إلى الحكيم من الجائز أن يكون هذا مما قاله إبراهيم والمؤمنون معه وأن يكون إرشادا من الله للمؤمنين أن يقولوه تقوية لإيمانهم وتثبيتا لهم عليه كما فعل ذلك إبراهيم ومن معه. وقوله تعالى لقد كان لكم فيهم6 أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر تأكيد لما سبق وتقرير له وتحريك للهمم لتأخذ به. وقوله لمن7 كان يرجو بالله واليوم الآخر إذ هم الذين ينتفعون بالعبر ويأخذون بالنصائح لحياة قلوبهم بالإيمان.
وقوله تعالى: ومن يتول أي عن الأخذ بهذه الأسوة فيوالي الكافرين فإن الله غني عن إيمانه وولايته له التي استبدلها بولاية أعدائه حميد أي محمود بآلائه وإنعامه على خلقه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- وجوب الاقتداء بالصالحين في الإيتساء بهم في الصالحات.
2- حرمة موالاة الكافرين ووجوب معاداتهم ولو كانوا أقرب قريب.
3- كل عداوة وبغضاء تنتهي برجوع العبد إلى الإيمان والتوحيد بعد الكفر والشرك.
4- لا يجوز الاقتداء في غير الحق والمعروف فإذا أخطأ العبد الصالح فلا يتابع على الخطأ.
5- وجوب تقوية المؤمنين بكل أسباب القوة لأمرين الأول خشية أ، يغلبهم الكافرون فيفتنوهم في دينهم ويردوهم إلى الكفر والثاني حتى لا يظن الكافرون الغالبون أنهم على حق بسبب ظهورهم على المسلمين فيزدادوا كفرا فيكون المسلمون سببا في ذلك فيأثمون للسببية في ذلك.
__________

1 قرأ نافع (إسوة) بكسر الهمزة، وقرأها حفص بالرفع وهي القدوة الصالحة.
2 هم: سارة زوجه ولوط ابن أخيه فهم المعنيون بقوله تعالى: (والذين معه) .
3 العداوة: هي المعاملة بالسوء والاعتداء والبغضاء نفرة النفس والكراهية للمبغض.
4 الاستثناء منقطع إذ هذا القول ليس من جنس قولهم: (إنا براء منكم) إذ قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك هو رفق بأبيه وهو مغاير للتبرؤ.
5 هم: سارة زوجة ولوط ابن أخيه فهم المعنيون بقوله تعالى: (والذين معه) .
6 (فيهم) : أي في إبراهيم والمؤمنين معه، والأسوة لحسنة: القدوة الصالحة أي: اقتدوا بهم في البراءة من الشرك والمشركيهن.
7 هذه الجملة بدل من جملة: (لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة ... ) .

*************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #1640  
قديم 10-08-2022, 08:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم (7) لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)
شرح الكلمات:
عاديتم منهم: أي من كفار قريش بمكة طاعة لله واستجابة لأمره.
مودة: أي محبة وولاء وذلك بأن يوفقهم للإيمان والإسلام فيؤمنوا ويسلموا ويصبحوا أولياءكم.
والله قدير: أي على ذلك وقد فعل فأسلم بعد الفتح أهل مكة إلا قليلا منهم.
لم يقاتلوكم في الدين: أي من أجل الدين.
أن تبروهم: أي تحسنوا إليهم.
وتقسطوا إليهم: أي تعدلوا فيهم فتنصفوهم.
إن الله يحب المقسطين: أي المنصفين العادلين في أحكامهم ومن ولوا.
وظاهروا على إخراجكم: أي عاونوا وناصروا العدو على إخراجكم من دياركم.
أن تولوهم: أي تتولوهم بالنصرة والمحبة.
فأولئك هم الظالمون: لأنهم وضعوا الولاية في غير موضعها، والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في بيان حكم الموالاة للكافرين فإنه لما حرم تعالى ذلك، وكان للمؤمنين قرابات كافرة وبحكم إيمانهم واستجابتهم لنداء ربهم قطعوهم فبشرهم تعالى في هذه الآية الكريمة بأنه عز وجل قادر على أن يجعل بينهم وبين أقربائهم مودة فقال عز من قائل {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم} أي من المشركين {مودة} 1. وذلك بأن يوفقهم للإسلام، وهو على ذلك قدير وقد فعل وله الحمد والمنة فقد فتح على رسوله مكة وبذلك آمن أهلها إلا قليلا فكانت المودة وكان الولاء والإيخاء مصداقا لقوله عز وجل عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم فقد تاب عليهم بعد أن هداهم وغفر لهم ما كان منهم من ذنوب ورحمهم.
وقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن2 الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم} بمضايقتكم أن تبروهم أي بالإحسان إليهم بطعام3 كسوة أو ركاب وتقسطوا أي تعدلوا فيهم بأن تنصفوهم وهذا عام في كل الظروف الزمانية والمكانية وفي كل الكفار. ولكن بالشروط التي ذكر تعالى. وهي:
أولا: أنهم لم يقاتلونا من أجل ديننا.
وثانيا: لم يخرجونا من ديارنا بمضايقتنا وإلجائنا إلى الهجرة.
وثالثا: أن لا يعاونوا عدوا بأي معونة ولو بالمشورة والرأي فضلا عن الكراع والسلاح.
وقوله تعالى: {إن الله يحب المقسطين} ترغيب لهم في العدل والإنصاف حتى مع الكفار وقوله تعالى {إنما ينهاكم الله} عن موالاة الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا أي أعانوا {على إخراجكم أن تولوهم} أي ينهاكم عن موالاتهم. {ومن يتولهم منكم} معرضا عن هذا الإرشاد الإلهي والأمر الرباني {فأولئك هم الظالمون} أي لأنفسهم المعترضون لعذاب الله ونقمته لوضعهم الموالاة في غير موضعها بعدما عرفوا ذلك وفهموه.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- بيان حكم الموالاة الممنوعة والمباحة في الإسلام.
2- الترغيب في العدل والإنصاف بعد وجوبهما للمساعدة على القيام بهما.
3- تقرير ما قال أهل العلم: أن عسى من الله تفيد وقوع ما يرجى بها ووجوده لا محالة. بخلافها من غير الله فهي للترجي والتوقع وقد يقع ما يترجى بها وقد لا يقع.
__________

1 هذا بعد أن يسلم الكافرون ويوحد المشركون وفعلا فقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة ووالاهم المسلمون كأبي سفيان بن حرب والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو وحكيم بن حزام ومن مظاهر هذه المودة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة بنت أبي سفيان وبذلك لانت عريكة أبي سفيان واسترخت شكيمته في العداوة حتى إنه لما بلغه تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بها قال: ذلك الفحل لا يقدح أنفه أي: لا يضرب أنفه، وهي كلمة مدح.
2 اختلف في هل هذه الآية محكمة أو منسوخة بقتال المشركين؟ والذي عليه أكثر أهل العلم سلفا وخلفا أنها محكمة بما ذكر فيها من شروط وأن العمل بها باق ببقاء الإسلام كما هو في التفسير.
3 روى البخاري ومسلم وأبو داود أن قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر الصديق قدمت عليها أمها في فترة الهدنة بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين وأهدتها قرطا وأشياء فكرهت أن تقبل ذلك فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فأذن لها في قبول هدية أمها واستأذنته في صلتها؟ فقال لها صلي أمك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 246.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 240.28 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]