|
|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مقتطفات من الحياة
مقتطفات من الحياة (2) مروة سعيد علي حداد القلب: تُوفي لها الأب، فعالت إخوتها حتى شبوا عن الطوق، تُوفي لها الزوج فجلست في السوق ببعض حزم الخضر لتكفل صغارها وتكفيهم شرَّ السؤال، نعوا لها ولدها الأكبر ومعينها في الحياة، شيعت جنازته ثم عادت لتجلس خلف حزم الخضر، لم يسمع جيرانها نحيب قلبها ووصفوها بالجحود والقسوة، ردَّت بلسان حالها: "لا وقت عندي للحداد"؛ هكذا علَّمتني الحياة. نهاية الألم: عاش بائعًا على الأرصفة، مهدر حقه في الحياة، سريره من الورق المقوَّى، ووسادته قطعة من الحجارة، والغطاء بعض قصاصات من القماش، أصابه المرض فلم يجِد سريرًا يؤوي آهاته في المشافي لأنَّه لا يملك المال، قست عليه قلوب ساكني الأرض فغمرته رحمات السماء وانتقل إلى ربه ومولاه. نهاية الألم 2: عملت منذ تخرجها سنوات وسنوات، سدَّدتْ كلَّ ما عليها من التزامات، هاجمها المرض، رجت صرخاتها السماء، وظلَّت قلوب العاملين بالتأمين الصحِّي متحجرة؛ ترفض صرفَ العلاج لها لأنَّه غير مدرج باللوائح، توقف الصراخ وانتهى الألم. غربة: عاش يعاني من مرارة الغربة بعيدًا عن أبنائه وأهله سنوات طوالاً من أجل لقمة العيش، وعندما عاد وقرَّر البقاء وجد غربتَه تزداد بين الأهل والأصحاب، فعاد من حيث أتى. غربة 2: جلس على المقهى يحتسي كوبًا من الشاي، سمع أصواتًا من الطاولة المجاورة لأناس يَشتكون من لوعة الغربة والبعد عن الوطن، علم مِن لَكنتهم أنهم من بلاد الشام فنظر إليهم مرددًا: • أنتم تشتكون من الغربة بعد أن أُخرجتم من دياركم عَنوة، ونحن نشتكي من الغربة ونحن في أوطاننا وبين ذوينا، ترى أيُّ الغربتين أشد إيلامًا؟! ورحل وعيون المغتربين تلحقه، وقلوبهم عليه مشفقة. خيانة: دامت صداقتهما سنوات طويلة، كانت تَحكي لها كلَّ تفاصيل حياتها؛ فهي الصديقة المؤتمنَة، وداومت على هذه العادة بعد زواجها، استيقظت مِن غفوتها على دفوف عرس صديقتها بزَوجها الذي لم يدم زواجه منها غير عام. الجهل: بالكاد تعلَّمتْ القراءة والكتابة، التحقت بالتمريض، عملت في أحد المستشفيات، تطلَّعت إلى طبيب شاب، تمنَّته زوجًا، فشلت في الوصول لمرادها بالإغواء، قادها الجهل إلى الضَّلال، لجأت إلى أحد الدجالين لتحقيق حلمها، لم تنجح مساعيها. إليكم مجموعة أخرى من أخطاء الآباء تجاه أبنائهم، وكذلك أخطاء الأبناء تجاه آبائهم: وينشأ ناشئ الفتيان... (1) عوَّده أبوه على الضحك وهو ينهال عليه بالسبِّ في صغره، شبَّ عن الطوق وأصبح مفتولَ العضلات، كبر الأب وأصابه الوهن، فأصبح السباب مصحوبًا ببعض الركلات... وتحوَّلتْ ضحكات الأب إلى بكاء. (2) جلسوا ممدِّين أقدامهم أمام شاشة التلفاز، وهي تقف في طابور رغيف العيش، مرَّت سنوات، كست الشوارب وجوههم وصاروا مفتولي العضلات، وهنت عظامها وانحنى ظهرها واقتربت مشيتها من العرج، تغيَّر كل شيء... إلا شيئًا واحدًا؛ وقوفها في طابور رغيف العيش، وهم مستلقون على أسرَّتهم كما اعتادوا. (3) أحبَّ السباحة منذ صغره وتمنى أن يصبح سبَّاحًا... أجبره أبوه على تعلُّم كرة السلة، تفوَّق في دراسته وتمنى الالتحاق بكلية الهندسة... أجبره أبوه على دراسة الطب، رغب في التخصُّص في دراسة طب الأطفال... أجبره أبوه على الجراحة العامة، أحب فتاة ورغب في الزواج منها... أجبره أبوه على الزواج من ابنة عمه... ثم أجبره القاضي على قضاء تسع سنوات بالسجن بتهمة القتل الخطأ لمريض كان يعالجه. جحود: (1) عاتبَتْه أمه المريضة لعدم مساعدته إياها في تَكلفة العلاج كبقية إخوته، وهو الأكبر سنًّا والأكثر دخلًا، فأجبر زوجته على خدمتها وضنَّ عليها بماله. (2) قيَّدها المرض وجعلها حبيسة الفراش، طال بها الوقت، لم تعد قلوب أبنائها ترتجف من أنينها وأصبح يوم فراقها منيتهم، ونسوا ما مضى بها من عمر وهي تقبِّل أقدامهم وتدعو لهم بطول العمر. (3) عاشا لأبنائهما حتى تزوَّجوا واحدًا تلو الآخر، طال بهما الأمد أكثر من بيتهما المتهالك، رفض الأبناء استضافتهما وأودعاهما دارًا للمسنين؛ حتى لا يقيدا حرية زوجاتهم. (4) تزوَّجتْ من رجل رقيق الحال، عاشت تبكي سوء حظها، شجعت ابنتها على الإيقاع بشاب ثري، لم تستطع الابنة أن تحمي نفسها وجرفها التيار، ندمت الأم في الوقت الذي لا يجدي فيه الندم. (5) طلبَتْ من أبيها العيش معه في بيته الفسيح بعد طلاقها، رفض مجيء أولادها بدعوى أنَّهم لا يحملون اسمه، استأجرت حجرة تطل نافذتها على ساكني المقابر.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: مقتطفات من الحياة
مقتطفات من الحياة (3) مروة سعيد علي الحرية شعر بجفافٍ شديد في حَلْقه، التفت يمينًا ويسارًا، فلم يرَ غيرَ وديانٍ جفَّت فيها المياه، سمِع من بعيدٍ صَفِيرَ صاحبه - فهو يعلمه علْمَ اليقين - يُلوِّح له بالماء، تصارع العطشُ بداخله مع ذكرياتٍ ما زالت تَعْلَق مرارتُها في حلقه، كم مرت به الأيام وحيدًا في قفصه، يرى الطيورَ تحوم في الفضاء من حوله، وهو حبيسُ جدرانٍ بلا أبواب! والآن تنفس الصُّعَداء بعدما غفَل مالكُه عنه ولاذ بالفِرار، توقف العصفور عن التحليق بضعَ ثوانٍ، ثم أخذ القرار: أن يواصل الفرار؛ فظمأُ الحلْق أهونُ عنده من ظمأِ الفؤاد. كم تشابكت أسبابُ الخلاف بين الأزواج وزوجاتهم، فلا تستطيع أن تعرِف أيهما المخطئ، وأيهما المصيب، وإليكم بعضًا من هذه الخلافات: أزواج وزوجات 1) تزوَّجها وهو يعلم أنها تعمل ولم يعترضْ، بعد الزواج راوَدها على ترك عملها واعدًا إيَّاها منحَها راتبَها بالكامل.. صدَّقته فلم يَصْدُقْها. 2) تعرَّفا في العمل، أقسم لها أنه مُولَعٌ بها، تقدَّم لخِطبتها، فوجئت وهو يحاوِر أباها أنها مجردُ سلعة، يريد أن يحصل عليها بأقل تكلفة. 3) حمل حقائبَه ورحل لغيرِها بعد زواجٍ دام ربعَ قرنٍ من الزمان، سألتْه عن السبب فردَّ قائلًا: • هاجم الشَّيبُ زواجَنا، كما هاجم شَعَراتٍ من رأسِكِ. 4) تزوجتْه وهي تعلم عنه القسوةَ والحِدَّة، أعمتْها مزاياه المادية، ظنَّت أنها ستُغيِّر من طِباعه، بعد سنوات من الصراع تغيَّرت هي، تعلَّمت منه القسوة. 5) تزوجت زواجًا تقليديًّا، كانت تشكو من حرمانِها من الإحساس بلَوْعةِ الحبِّ والاشتياق، بعد وفاته تمنَّت لو عاد الزمان إلى الوراء للحظاتٍ؛ لتخبرَه كم تهيم به حبًّا، ولا تتحمَّل بدونه الحياة! ولكن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء. 6) اتَّهمها بالتقصير في حقه؛ ذكَّرتْه بأحداثٍ جَمَّةٍ وقفت فيها إلى جِوارِه بتفانٍ وإخلاص، لم يستطعْ أن ينكرَ ما قالته، اتهمها بأنها تمُنُّ عليه. 7) شمرَت عن ساعدِها استعدادًا للصلاة، وقعت عيونُها على آثار حرقٍ قديم، تذكرتْه عندما أطفأ سيجارتَه في ذراعها؛ لأنها تأخرت في صُنع فنجان القهوة، تنهَّدت وابتلعت ريقَها، ثم حمِدت الله لأن زوجها مات.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |