من يوميات الحصار - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858481 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 392908 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215495 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2022, 09:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي من يوميات الحصار

من يوميات الحصار


محمد كساح






فجر الخميس:
آه! مللتُ من الجوع ومن اشتهاء الأطعمة المختلفة، أطباقُ الحلويات تثير شهيَّتي، والتفكيرُ في الخبز الطري الطازج يبعث في نفسي الحزنَ والاكتئاب!
أفكِّر في الصيام لمدة أسبوع؛ لربما أنسى الطعام والتفكير في الجوع!

المساء منه:
لم أستطع مواصلة الصوم لأكثر من موعد أذان العصر؛ لقد حصل ما لم يكن بالحسبان، فبدلًا من نسيان الطعام صارت مخيِّلتي تعمل بشكل أفضل عشر مرات في رسم الأطباق الشهية للشاورما، والدجاج المقلي، والمشوي، واللحم بالصحن، ناهيك عن أصناف الحلوى اللذيذة التي يسيل ريقي كلما تذكرتُها!
بإمكاني أن أسجِّل هنا أنني ازددت جوعًا، وازداد ولعي بالطعام إلى حدِّ التقديس!
الطعام... آه! شيء رائع، رائع إلى درجة أنني مستعدٌّ لدفع نصف عمري على أن أحيَا شهرًا كاملًا بين المطاعم ومحلات الخبز والحلوى والفواكه.
لم يفلح الصوم أبدًا، فطلبتُ من زوجتي أن تعدَّ لي مائدة الغداء.

أكلت الأرز المطهو بالسمن، أستغفر الله، هل قلت: السمن؟ وهل تكفي ملعقة صغيرة لطهو نصف كيلو من الأرز؟
إنه أرز مسلوق إذًا!
ومع ذلك لم أشبع، بل أحسَسْتُ بجوع رهيب، لو كان بإمكاني الْتهامُ مائدة كاملة عليها جميع أصناف المأكولات التي ابتكرها البشر في كل أصناف الدنيا!

ها قد اقترب أذان العشاء، وبطني لم يملَّ من طلب الطعام، سوف أصلِّي ثم أخلد إلى النوم، ربما يُنسيني النومُ ما أنا فيه من ألم!

فجر الجمعة:
تلك أصعب ليلة أمرُّ بها في حياتي؛ لم تفارقني الأحلامُ التي تتابعت كالفيلم السينمائي تعرض موضوعًا واحدًا؛ هو: الطعام!
نمت جائعًا، وازداد جوعي أضعافًا عند استيقاظي؛ لذلك طلبت من زوجتي تحضير الفَطور الذي كان عبارة عن طبق من الزيتون الأخضر والكشك المطبوخ بالماء.
التهمتُ ما وُضع أمامي من دون خبز.
وهل يوجد في هذه المدينة التي أعيش فيها رغيفُ خبزٍ واحد؟

العصر منه:
اليوم جرى معي حادث مضحك؛ استطعت الحصول على شيء من السكر، يعادل ثلاثَ ملاعق صغيرة؛ لذلك طلبت من زوجتي بعد انتهاء الفطور أن تحضر لي كوبًا كبيرًا من القهوة الحلوة، ولست مضطرًّا لحلف اليمين بأن زوجتي لم تستطع غَلْي القهوة لمدة ساعتين من الزمن؛ فقد رفضت المدفأة - لعنها الله - أن تشتعلَ جيدًا بسبب نوعيَّة القماش الرديئة التي تضعها فيها، فليس لدينا حطَب ولا هم يحزنون!
وبعد التي واللَّتَيَّا تمكنت أخيرًا من غَلْي القهوة، وحين صبَّتْها في الكوب المتفق عليه، والذي اشترطت أن تكون له أُذن، وأن يكون شفَّافًا - صدح المؤذن بالتكبير، أمسكت الكوب لأشربَ منه ريثما تنتهي عبارات الأذان، لكن صديقي شمس الدين والذي يسكن في البناية المقابلة ناداني قائلًا:
انزل فورًا، هيا إلى صلاة الجمعة.
انتظر دقيقتَين، دقيقتين فقط!
ولا دقيقة، هيَّا أنا صرت في الأسفل.
انزل يا ولد.

تركت فنجاني وأنا أنظر إليه نظرة العاشق الوَلْهان! ومضيت إلى المسجد للاستماع إلى خطبة الجمعة، وتأدية الصلاة.
وعندما عدت إلى البيت كان عمي ينتظرُني في الداخل، وكان قد صلَّى في المسجد ثم سبقني بدقيقتين تقريبًا، جلست مع عمي أحدِّثه وعيني على الفنجان، لكن المفاجأة كانت في التالي:
قام عمي من مجلسه ونظر إلى فنجاني ذي الأذنِ والممتلئ بالقهوة المحلاة الراسخ على مكتبي كأجمل تحفة فنية:
ما هذا؟! هل هو قهوة؟ مممم ... إن طعمه حلو!
تفضل، اشرب يا عمي اشرب.
وما هي إلا لحظات حتى كان الكوب فارغًا، ولم أتمالك نفسي من الابتسام ثم الضحك؛ لذلك قمت إلى خارج الغرفة وعندما شاهدتني زوجتي مستغرقًا في ضحك هستيريٍّ، حسبتْ أن عِفريتًا حلَّ في جسمي، فحَوْقلَتْ، ثم رَقَتْني بالمعوِّذتين وسورة الإخلاص!

ظهر السبت:
أفكر حاليًّا في احتساء كميَّات كبيرة من القهوة السادة، آملًا أن يخفِّف ذلك عني شدة الجوع!

المساء منه:
بلغ ما شربتُه اليوم منذ الظهر إلى الآن أربعة وعشرين فنجانًا من القهوة!
زوجتي أنَّبتني طويلًا على هذا الفعل، قائلة: إنني سأمرض من جرَّاء ذلك، لكني سأستمر في احتساء هذا المشروب الساحر؛ لأن نفسي أمسكت عن التفكير في الطعام، وإن كنت لم أشبع على أيَّة حال!

عصر الأحد:
مرضَتْ زوجتي مرضًا شديدًا، وأصابها سعال قويٌّ، والتهاب في الحلق مع ألم حادٍّ في الأذن الوسطى؛ لذلك اقترحت عليها الذَّهاب إلى المشفى.
ولن أطيل في وصف المشادَّات التي جرت بيني وبينها، فقد كانت زوجتي تكره الأطباء ورائحة الأدوية والمشافي، ولكنها وافقت أخيرًا.
وعندما دخلنا إلى المشفى، كان غاصًّا بالأولاد والنساء، ما بين مصابٍ بالرَّشح، وآخر يعاني من التهاب في اللَّوْزتين، وطفلة ثالثة صدعت رؤوسنا بصراخها عندما كانت الممرضة تفحص حلقَها لتشخِّص حالتها.
واللافت في هذا المشهد أن الطبيب كان يطلب من كل هؤلاء المرضى الإكثارَ من السوائل.
يعني لا يوجد دواء.
السوائل تكفي يا عزيزتي.
اسقيه المتة، الشاي، الماء، أي شيء سائل.
وانصرفت الأم حاملةً طفلَها المريض، وهي تلعن وتسبُّ!

وهكذا كان الطبيب يعطي هذه الوصفة السحرية لكل مريض:
الشاي مناسب جدًّا كدواء لابنك يا صديقي.
لكن لا يوجد لدي سكرٌ أيها الطبيب.
طيب، اسقِه الماء، المهم أن يشرب ابنك مادة سائلة.
وعندما جاء دور زوجتي طلب منها الطبيب فتح فمِها، ثم وضع قطعة خشبية فيه قائلًا: إنها حالة التهابية، وختم حديثه بالوصفة المعتادة تلك؛ السوائل.
وعندما خرجت تلفتُ عفوًا إلى الطبيب الذي كان يصف نفس الدواء لمريض آخر، لكني لمحت في عينيه أسًى واضحًا، يظهر حجم المأساة التي تعيشها مدينتُنا!

مساء الاثنين:
قرَّرْتُ عدم الاستحمام بالماء الساخن بعد اليوم، سوف أستعيض عنه بالماء البارد حتى ولو كان الصقيع يملأ الجوَّ، أو كان الهواء البارد يعصف كالزمهرير!

اليوم صباحًا تذكرت كيف كنت أغتسل بالماء الساخن والحمام الدافئ الذي اعتدت عليه قبل هذه الأزمة، فسارعت إلى حشو موقد الحمام بالقماش، وبعد دقائق طويلة من العذاب تمكنت من إشعال الموقد، ولكن هذا اللعين سرعانَ ما أخذ يرسل سحبًا سوداء داكنة، حتى امتلأ الحمام بالدخان الأسود ذي الرائحة الكريهة، وأصبحتْ جدران الحمام داكنةَ اللون بعد أن كانت ناصعة البياض!

وعندما هدأت هذه العاصفةُ، فتحتُ الصنبور وشرعتُ في الاستحمام كأن شيئًا لم يحصل، أو بإمكاني القول: إنني توهَّمت أنني أغتسل في حمام نظيف يتصاعد منه البخار من كل جانب، وتتعاقب الروائح الجميلة للصابون والشامبو كلما "صوبنت" رأسي، وهكذا شرعتُ في الغناء رافعًا صوتي، ولا أكذب إذا قلت: إن صوتي أعجبني بشدة، فقد كانت جدران الحمام تردد صدى صوتي، فينطلق عذبًا حلوًا كصوت المغنِّين، حتى أتت اللحظة الحاسمة، منهيةً هذه الأحلامَ الرائعة، وذلك حين أمسكت بالفوطة لأجفِّف الماء عن جسمي فما راعني إلا بقعة سوداء في الفوطة من بقايا الوسخ الأسود الذي خلَّفه دخان القماش المحترق! وهكذا اسودَّ جسمي ووجهي، وخرجت من الحمام غاضبًا لاعنًا...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.60 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.06%)]