أنواع الشفاعة في الآخرة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854746 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389629 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-06-2022, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي أنواع الشفاعة في الآخرة

أنواع الشفاعة في الآخرة
محمد بن عبدالله العبدلي







يوم القيامة يوم عصيب يشتد فيه البلاء بالخلق، ويطول عليهم الوقوف فيه مع ما يحصل لهم من المعاناة؛ من حرٍّ وأهوال وكربات، فيتجه الناس للبحث عمن يخلصهم، فيأتون إلى أبيهم آدم عليه السلام، فيعتذر، ثم ينتقلون إلى نوح عليه السلام فيعتذر، ثم يأتون إبراهيم عليه السلام فيعتذر، ثم موسى ثم عيسى عليهم السلام، وكلاهما يعتذر، ثم بعد ذلك ينتقلون إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول: ((أنا لها أنا لها))، فيشفع لأهل الموقف لفصل القضاء بينهم؛ وذلك هو المقام المحمود الذي وعده ربه تبارك وتعالى في قوله: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء: 79]؛ قال أكثر أهل العلم: "ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس؛ ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم"[1].







روى الإمام الطبري عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "المقام المحمود: مقام الشفاعة"[2]، ونقل ابن كثير عن ابن عباس أنه قال: "إن ربك سيبعثك مقامًا محمودًا؛ وهي الشفاعة، وكل (عسى) في القرآن فهي واجبة"[3].







وروى الإمام الطبري عن مجاهد والحسن بأن المراد بالمقام المحمود شفاعة محمد يوم القيامة[4]، وقال قتادة: "هي الشفاعة، يشفعه الله في أمته"[5].







وقال القرطبي رحمه الله: "اختُلف في المقام المحمود على أربعة أقوال: الأول - وهو أصحها - الشفاعة للناس يوم القيامة، قاله حذيفة بن اليمان، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر قال: ((إن الناس يصيرون يوم القيامة جثًّا كل أمة تتبع نبيها، تقول: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود))، وفي صحيح مسلم عن أنس قال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام؛ فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليم الله، فيؤتى موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى عليه السلام؛ فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأُوتى فأقول: أنا لها))[6] وذكر الحديث، وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه في قوله: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء: 79]، سئل عنها، قال: ((هي الشفاعة))[7]، قال: هذا حديث حسن صحيح.







إذا ثبت أن المقام المحمود هو أمر الشفاعة الذي يتدافعه الأنبياء عليهم السلام، حتى ينتهي الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع هذه الشفاعة لأهل الموقف؛ ليعجل حسابهم ويراحوا من هول موقفهم، وهو الخاصة به صلى الله عليه وسلم؛ ولأجل ذلك قال: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر))[8][9].







وقال ابن بطال رحمه الله: "... والجمهور على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة، وبالغ الواحدي فنقل فيه الإجماع"[10]، ورجح ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد أن ذكر أقوال أئمة التفسير[11].







فالشفاعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، وهي واقعة لمن أذن الله تبارك وتعالى له ورضي عنه وعن المشفوع له، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة: 255]؛ قال القرطبي رحمه الله: "وتقرر في هذه الآية أن الله يأذن لمن يشاء في الشفاعة، وهم الأنبياء والعلماء والمجاهدون والملائكة، وغيرهم ممن أكرمهم وشرفهم الله، ثم لا يشفعون إلا لمن ارتضى؛ كما قال: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء: 28]؛ قال ابن عطية: والذي يظهر أن العلماء والصالحين يشفعون فيمن لم يصل إلى النار وهو بين المنزلتين، أو وصل ولكن له أعمال صالحة"[12].







وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل أنه لا يتجاسر أحد على أن يشفع عنده إلا بإذنه له في الشفاعة؛ كما في حديث الشفاعة: ((آتي تحت العرش فأخر ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تُشفَّع، قال: فيُحَدُّ لي حدًّا فأدخلهم الجنة))[13][14].







ثم إن العلماء اختلفوا في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أقوال متعددة، فذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الواسطية أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات، فقال رحمه الله: "أما الشفاعة الأولى؛ فيشفع في أهل الموقف حتى يُقضَى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء؛ آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه، وأما الشفاعة الثانية؛ فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة، وهاتان الشفاعتان خاصتان له، وأما الشفاعة الثالثة؛ فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصديقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار ألَّا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، ويخرج الله من النار أقوامًا بغير شفاعة؛ بل بفضله ورحمته"[15].







وقال القرطبي رحمه الله: "إذا ثبت أن المقام المحمود هو أمر الشفاعة الذي يتدافعه الأنبياء عليهم السلام حتى ينتهي الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع هذه الشفاعة العامة لأهل الموقف مؤمنهم وكافرهم ليراحوا من هول موقفهم، فاعلم أن العلماء اختلفوا في شفاعاته وكم هي، فقال النقاش: لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث شفاعات: العامة، وشفاعة في السبق إلى الجنة، وشفاعة في أهل الكبائر، وقال ابن عطية في تفسيره: والمشهور أنهما شفاعتان فقط: العامة، وشفاعة في إخراج المذنبين من النار، وهذه الشفاعة الثانية لا يتدافعها الأنبياء بل يشفعون ويشفع العلماء".







قال القاضي عياض: "شفاعات نبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة خمس شفاعات:



الأولى: العامة.







الثانية: إدخال قوم الجنة بغير حساب.







الثالثة: في قوم من أمته استوجبوا النار بذنوبهم فيشفعه فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن شاء أن يشفع ويدخلون الجنة وهذه الشفاعة هي التي أنكرتها المبتدعة الخوارج والمعتزلة، فمنعتها على أصولهم الفاسدة وهي الاستحقاق العقلي المبني على التحسين والتقبيح.







الرابعة: فيمن دخل النار من المذنبين، فيخرج بشفاعة نبينا وغيره من الأنبياء والملائكة وإخوانهم من المؤمنين.







الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وترفيعها، قال القاضي عياض: وهذه الشفاعة لا تنكرها المعتزلة، ولا تنكر شفاعة الحشر الأول"[16].







وذكر ابن أبي العز الحنفي في شرحه على الطحاوية بأن الشفاعة ثمانية أنواع[17] ومنها ما هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله أن الشفاعة ستة أنواع[18]، وكذلك الشيخ عمر بن سليمان الأشقر[19]، فإذا تقرر هذا فإن الشفاعة في الآخرة أنواع:



النوع الأول: وهي الشفاعة العامة: وهي التي يتدافعها الأنبياء آدم إلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام، كل واحد يحيل على الآخر إلى أن يصلوا إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما تقدم الكلام عليها باختصار في بداية المطلب؛ وهي المقام المحمود الذي يحمده عليه الأولون والآخرون؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء: 79]، وثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض، فيأتون آدم فيقولون له: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام؛ فإنه خليل الله، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى عليه السلام؛ فإنه كليم الله، فيؤتى موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى عليه السلام؛ فإنه روح الله وكلمته، فيؤتى عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأوتى فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليه الآن، يلهمينه الله، ثم أخر له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يُسمَع لك، وسل تُعْطَهْ، واشفع تشفع، فأقول: ربِّ، أمتي، أمتي، فيقال: انطلق؛ فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة، أو شعيرة من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: أمتي، أمتي، فيقال لي: فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها، فأنطلق فأفعل، ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدًا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي، أمتي، فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان، فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل))[20]، قال النووي رحمه الله: "والحكمة في أن الله تعالى ألهمهم سؤال آدم ومن بعده صلوات الله وسلامه عليهم في الابتداء ولم يلهموا سؤال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي - والله أعلم - إظهار فضيلة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم لو سألوه ابتداء، لكان يحتمل أن غيره يقدر على هذا ويحصله، وأما إذا سألوا غيره من رسل الله تعالى وأصفيائه فامتنعوا، ثم سألوه فأجاب، وحصل غرضهم، فهو النهاية في ارتفاع المنزلة، وكمال القرب وعظيم الإدلال والأنس، وفيه تفضيله صلى الله عليه وسلم على جميع المخلوقين من الرسل والآدميين والملائكة، فإن هذا الأمر العظيم - وهي الشفاعة العظمى - لا يقدر على الإقدام عليه غيره صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، والله أعلم"[21]، فالحكمة من جعل الناس يترددون على غير النبي صلى الله عليه وسلم فيه بيان إظهار فضله عليه الصلاة والسلام؛ كما يقول السفاريني رحمه الله: وحكمة إلهام الناس التردد إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم قبله، ولم يلهموا المجيء إليه من أول وهلة؛ لإظهار فضله وشرفه صلى الله عليه وسلم"[22].







النوع الثاني: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع ليدخلوا الجنة؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "وظهر لي بالتتبع شفاعة أخرى وهي الشفاعة فيمن استوت حسناته وسيئاته أن يدخل الجنة، أرجح الأقوال في أصحاب الأعراف أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم"[23].







وقال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: "شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم ليدخلوا الجنة، وفي أقوام آخرين قد أُمِرَ بهم إلى النار ألَّا يدخلونها"[24].







النوع الثالث: شفاعته صلى الله عليه وسلم في قوم قد أُمر بهم إلى النار ألَّا يدخلوها[25].







النوع الرابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم في رفع درجات من يدخل الجنة فيها فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم[26]؛ ودليل هذا النوع عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله، فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه))[27]، وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال: ((دعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ به، ثم رفع يديه فقال: اللهم اغفر لعبيد أبي عامر، ورأيت بياض إبطيه، فقال: اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس))[28].







قال القرطبي رحمه الله: "شفاعته صلى الله عليه وسلم في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وترفيعها"[29].







النوع الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب[30].







ويستدل لهذا النوع بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ويدخل من أمتي الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، فقال رجل: يا رسول الله! ادعُ الله أن يجعلني منهم قال: اللهم اجعله منهم، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله! ادعُ الله أن يجعلني منهم قال: سبقك بها عكاشة))[31]، ووجه الدلالة منه دعاؤه لعكاشة بن محصن أن يجعله من أولئك السبعين ألفًا فدعاؤه صلى الله عليه وسلم شفاعة له[32].







النوع السادس: الشفاعة في تخفيف العذاب عمن يستحقه كشفاعته صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب أن يخفف عنه عذابه[33]، ودليله ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: ((لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار، يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه))[34]، قال القرطبي في التذكرة بعد ذكر هذا النوع: "فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر: 48]، قيل له: لا تنفعه في الخروج من النار، كما تنفع عصاة الموحدين، الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة"[35].







وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "((لعله تنفعه شفاعتي)) ظهر من حديث العباس وقوع هذا الترجي، واستشكل قوله صلى الله عليه وسلم: ((تنفعه شفاعتي))؛ بقوله تعالى: ﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر: 48]، وأُجيب بأنه خص ولذلك عدوه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: معنى المنفعة في الآية يخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بها في الآية الإخراج من النار وفي الحديث: ((المنفعة بالتخفيف))"[36]أ.هـ.







وهذه الشفاعة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25-06-2022, 10:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أنواع الشفاعة في الآخرة








النوع السابع: شفاعته صلى الله عليه وسلم في أن يؤذن لأهل الجنة في دخولها[37]، ومن أدلة هذا النوع ما جاء في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعًا))[38].







وفي حديث آخر عنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول: الخازن من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك))[39].







وهذه الشفاعة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن أهل الجنة إذا عبروا الصراط، وقفوا على قنطرة فيقتص بعضهم من بعض، وهذا القصاص غير القصاص الذي يكون في عرصات القيامة، بل هو أخص يطهر الله سبحانه فيه القلوب، ويزيل ما فيها من أحقاد وضغائن، فإذا هُذبوا ونُقوا أُذن لهم في دخول الجنة، ولكنهم إذا أتوا إلى الجنة وجدوها مغلقة لا تفتح لهم الأبواب حتى يشفع لهم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.







النوع الثامن: الشفاعة في أهل الكبائر من هذه الأمة ممن دخل النار فيخرجون منها، ولكن هذا مقيد بأن يكون سالمًا من الشرك والكفر؛ ودليل هذا النوع ما روي عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي))[40]، وروي عنه رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم أرجع فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن، ووجب عليه الخلود، قال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة))[41]، وروى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة))[42]، والأحاديث في هذا كثيرة جدًّا.







قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: "إن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي ذكرت أنها لأهل الكبائر... وأنها لمن قد أدخل النار، من غير أهل النار والذين هم أهلها أهل الخلود فيها، بل لقوم من أهل التوحيد ارتكبوا ذنوبًا وخطايا فأدخلوا النار لتصيبهم سفعًا منها"[43]، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ثبت بالسنة المستفيضة بل المتواترة واتفاق الأمة: أن نبينا صلى الله عليه وسلم الشافع المشفع، وأنه يشفع في الخلائق يوم القيامة، وأن الناس يستشفعون به، يطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربهم، وأنه يشفع لهم، ثم اتفق أهل السنة والجماعة أنه يشفع في أهل الكبائر، وأنه لا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد"[44].







فالشفاعة فضل من الله ومنة على عباده، ولكن عليهم ألَّا يتكلوا فيقعوا في الذنوب والمعاصي، فرب عمل عملته سخط الله عليك به، ولم يرضَ عنك، نسأل الله أن يوفقنا لطاعته ورضاه.







[1] انظر: جامع البيان في تأويل القرآن، لأبي جعفر الطبري (15/ 43).




[2] جامع البيان في تأويل القرآن، لأبي جعفر الطبري (15/ 44).




[3] تفسير ابن كثير (4/ 121)




[4] انظر: جامع البيان في تأويل القرآن، لأبي جعفر الطبري (15/ 45).




[5] انظر: جامع البيان في تأويل القرآن، لأبي جعفر الطبري (15/ 46).




[6] أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، برقم (7510)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (193).




[7] أخرجه الترمذي، كتاب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ومن سورة بني إسرائيل، برقم (3137)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (2639).




[8] أخرجه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، برقم (4308)، وابن حبان في صحيحه، برقم (6242)، وقال محققه الأرنؤوط: " إسناده صحيح على شرط الصحيح"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم (1571).




[9] الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (10/ 309-310).




[10] نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري لابن حجر (11/ 426).




[11] انظر: فتح الباري لابن حجر (11/ 427).




[12] الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (3/ 273).




[13] أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قول الله: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا [البقرة: 31]، برقم (4476).




[14] تفسير القرآن العظيم، للحافظ ابن كثير (1/ 679).




[15] شرح العقيدة الواسطية، للشيخ محمد خليل هراس (ص:215).




[16] التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة، لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (606-607)، تحقيق ودراسة: الدكتور: الصادق بن محمد بن إبراهيم، مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، سنة النشر:1425هـ، بتصرف يسير.




[17] شرح الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي، ط دار السلام (ص:132-233).




[18] أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة (ص:75).




[19] القيامة الكبرى، عمر بن سليمان بن عبدالله الأشقر العتيبي (ص:189)، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ط6، سنة النشر: 1415هـ - 1995م.




[20] أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، برقم (7510)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (193).




[21] شرح النووي على مسلم - (3/ 56).




[22] لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، لشمس الدين، أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (2/ 208)، مؤسسة الخافقين ومكتبتها - دمشق، ط2، سنة النشر: 1402هـ - 1982م.




[23] فتح الباري لابن حجر (11/ 428)، بتصرف يسير.




[24] شرح العقيدة الطحاوية (229)، وانظر: النهاية في الفتن والملاحم، للحافظ ابن كثير (2/ 204)، تحقيق: محمد أحمد عبدالعزيز، دار الجيل، بيروت - لبنان، بدون طبعة، سنة النشر: 1408هـ - 1988م.




[25] انظر: شرح الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (288)، شعيب الأرنؤوط - عبدالله بن المحسن التركي، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط10، سنة النشر: 1417هـ - 1997م، وتفسير ابن كثير (5/ 104)، والقيامة الكبرى، لعمر بن سليمان بن عبدالله الأشقر العتيبي (ص:189)، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ط6، سنة النشر:1415هـ - 1995م، وغيرها.




[26] انظر: شرح العقيدة الطحاوية (229).




[27] أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، برقم (920).




[28] أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الوضوء، برقم (6383).




[29] التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، للقرطبي (ص: 608)، وانظر: شرح النووي على مسلم (3/ 36).




[30] انظر: شرح العقيدة الطحاوية (232)، شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية في ضوء الكتاب والسنة، د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني (ص:44)، مطبعة سفير، الرياض، توزيع: مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان، الرياض.




[31] أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب: يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، برقم (6542)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم (216).




[32] مباحث العقيدة في سورة الزمر، الدكتور: ناصر بن علي عايض حسن الشيخ (ص: 307)، مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط1، سنة النشر: 1415هـ/ 1995م.




[33] انظر: شرح العقيدة الطحاوية (233).




[34] أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، برقم (3885)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه، برقم (210).




[35] التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، للقرطبي (ص:608)، وانظر: شرح الطحاوية، لابن أبي العز (ص:233).




[36] فتح الباري لابن حجر (11/ 431).





[37] مباحث العقيدة في سورة الزمر، ناصر بن علي عايض حسن الشيخ (ص: 308).




[38] أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعًا))، برقم (196).




[39] المصدر السابق نفس الكتاب والباب، برقم (197).




[40] أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في الشفاعة، برقم (4739)، والترمذي، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الشفاعة، برقم (2435)، وأحمد في المسند، برقم (13222)، وقال محققوه: "إسناده صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم (3714)، وقال رحمه الله في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (1/ 376) وهو حديث صحيح، خلافًا لمن يظن ضعفه من المغرورين بآرائهم، المتبعين لأهوائهم!




[41] أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: ﴿ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75]، برقم (7410).




[42] أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (193).





[43] كتاب التوحيد، للإمام ابن خزيمة (2/ 659)، تحقيق: عبدالعزيز بن إبراهيم الشهوان، مكتبة الرشد - السعودية - الرياض، ط5، سنة النشر: 1414هـ - 1994م.




[44] مجموع الفتاوى (1/ 108).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 86.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.76 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]