أقسام التوحيد وتحريف المبطلين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74441 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-06-2022, 11:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي أقسام التوحيد وتحريف المبطلين



أقسام التوحيد وتحريف المبطلين (1)









كتبه/ أشرف الشريف


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فينقسم التوحيد باعتبار ما يتعلَّق به إلى ثلاثة أقسام؛ لا تنفك ولا تنفصل عن بعضها، ولا بد من الإتيان بها جميعًا ليتحقق معنى التوحيد المنجي لصاحبه، وهي: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.

وهذه الأقسام قامت عليها أدلة كثيرة في الكتاب والسنة، ومنها قوله -تعالى-: "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"، وقد زعم بعض المتعالمين بدعيّة هذا التقسيم الثلاثي للتوحيد، وأنه من مخترعات ابن تيمية؛ ليلبسوا بذلك على أتباعهم الذين خَيَّلوا لهم أن التوحيد ينحصر في إفراد الله بالخلق، وأنه واحد في ذاته، واحد في صفاته، واحد في أفعاله، وهي معاني حقة، لكنها لم تتعرَّض من قريب أو بعيد إلى حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل، وأُنزلت به الكتب، وهو: إفراد الله بالعبادة الظاهرة والباطنة قولًا وعملًا.

حتى صرَّح بعض المعاصرين: أن صرفَ النداء والاستغاثة، وطلب العون والمدد يصح للولي الميت طالما أنك تعتقد أنه لا يجيب طلبك استقلالًا، فيقولون: مدد يا فلان ... ! ويزعمون أنهم ينادونه ويطلبون منه مع اعتقادهم أنه لا ينفع استقلالًا، بل بمددٍ من الله، وصرَّحوا بأنه يجوز ذلك طالما أنك لا تعتقد فيه الربوبية، ومثل هذا تغبيش على حقيقة توحيد الألوهية، وتزيين لخطوات الشرك في العبودية، بدعاوى ساقطة وتأويلات كاسدة وحجج فاسدة لا تقف أمام وصف القرآن لفعلهم وكلامهم بالشرك؛ قال الله تعالى: "وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ . إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ"، فسمَّى عز وجل دعاء الأموات وغيرهم فيما لا يقدر عليه إلا الله شركًا.

فإن قيل: سمَّاه الله شركًا؛ لأنهم كانوا يعتقدون فيهم الربوبية، فما دعوهم إلا لكونهم يعتقدون فيهم الملك، والتصرف والتدبير.

قلتُ: هذا حرث في الماء، وإثارة للغبار على حقيقة أوضح من الشمس في ضحاها، فإن مجرد صرف شيء من العبادات لغير الله هو مِن الشرك الظاهر، فإن كان صرف هذه العبادة لغير الله لاعتقاده الواسطة فيمن صرف له العبادة؛ فهذا شرك في الألوهية، وإن كان يعتقد فيه أن له الأمر والتدبير المطلق؛ فهذا شرك في الربوبية تبعه شرك في الألوهية، فمثلًا: الذي يدعو المخلوق الغائب عنه لينقذه من الغرق بقول: "مدد يا فلان، وأغثني يا فلان ... !" هو بين حالين؛ إما أن يعتقد أنه قادر على إنقاذه بنفسه، وهذا شرك في الربوبية أثمر الشرك في الألوهية، وإما أن يعتقد أن لهذا الغائب الذي يدعوه جاهًا عند الله تعالى، فيسلِّمه الله بسبب جاه هذا الغائب، فكان الغائب واسطة للقبول، وهذا شرك في الألوهية.

وللتأكيد على هذا نسأل سؤالًا: هل كان مشركو العرب حين يدعون وينادون ويستغيثون باللات والعزى، يعتقدون أن تنفع بنفسها استقلالًا أو تقدر على الإجابة استقلالًا؟!

إنهم كانوا يعلمون أنها حجارة وعجوة، لا تجيب استقلالًا، بدليل أنهم عند الشدة كانوا يلجؤون إلى الله وحده دونها، وعند الرَّخاء صرَّحوا بأن هذه الأصنام ما هي إلا واسطة تقرِّبهم إلى الله زلفى؛ قال تعالى: "فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ"، وهذا بيان أنهم كانوا يعلمون أن النفع في مواطن الشدة لا يملكه على الحقيقة إلا الله عز وجل؛ ولذا توجهوا له وحده بالاستغاثة والدعاء، "فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ"، وقال سبحانه: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى"، وهذا بيان أنهم كانوا يدعونها كواسطة بينهم وبين الله، وليس على أنها تنفع استقلالًا بنفسها، وبذا يبطل زعم المبطلين المزينين للشرك وطرائقه، وهو المعنى الذي أكَّد عليه الرازي شيخ الأشاعرة المتأخرين عند تفسيره لقوله تعالى: "أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ . قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"، حيث قال: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ أَوْرَدُوا عَلَى هَذَا الْكَلَامِ سُؤَالًا، فَقَالُوا: نَحْنُ لَا نَعْبُدُ هَذِهِ الْأَصْنَامَ لِاعْتِقَادِ أَنَّهَا آلِهَةٌ تَضُرُّ وَتَنْفَعُ، وَإِنَّمَا نَعْبُدُهَا لِأَجْلِ أَنَّهَا تَمَاثِيلُ لِأَشْخَاصٍ كَانُوا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَنَحْنُ نَعْبُدُهَا لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ أُولَئِكَ الْأَكَابِرُ شُفَعَاءَ لَنَا عِنْدَ اللَّهِ، فَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ قَالَ: "أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ"، وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ؛ إِمَّا أَنْ يَطْمَعُوا بِتِلْكَ الشَّفَاعَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَامِ أَوْ مِنْ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ الَّذِينَ جُعِلَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ تَمَاثِيلَ لَهَا، وَالْأَوَّلُ: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَمَادَاتِ -وَهِيَ الْأَصْنَامُ- لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَا تَعْقِلُ شَيْئًا؛ فكيف يعقل صُدور الشَّفاعة عنها؟!

وَالثَّانِي: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ شَيْئًا، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَيَكُونُ الشَّفِيعُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهَ الَّذِي يَأْذَنُ فِي تِلْكَ الشَّفَاعَةِ، فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِعِبَادَتِهِ أَوْلَى مِنَ الِاشْتِغَالِ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعًا"، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ لَا مُلْكَ لِأَحَدٍ غَيْرُ اللَّهِ بِقَوْلِهِ: "لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (انتهى).

وقال الله سبحانه وتعالى: "وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ".

قال الصنعاني في تطهير الاعتقاد: "ولفظ الشريك يشعر بالإقرار بالله تعالى"، وقال في المقدمة: "الحمد لله الذي لا يقبل توحيد ربوبيته من العباد حتى يُفردوه بتوحيد العبادة كلَّ الإفراد؛ فلا يتَّخذون له ندًّا، ولا يَدْعون معه أحدًا، ولا يتَّكلون إلا عليه، ولا يَفزعون في كلِّ حال إلا إليه، ولا يَدعونه بغير أسمائه الحسنى، ولا يتوصَّلون إليه بالشفعاء".

ثم إن في هذه الآيات مَلْمَح آخر مهم، وهو: أن العِبْرةَ ليست فيما يحمله اللفظ من معانٍ صحيحة؛ فهذا وحده ليس كافيًا في جواز إطلاق الألفاظ، بل العبرة والحكم في الجواز وعدمه مبني -في الحقيقة- على ما يوهمه اللفظ من معانٍ شركية أو مذمومة، وإن لم تكن مقصودة للمتكلم، وهذا ظاهر في نهي نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجاريةَ التي قالت: "وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ!"، فقال: "لاَ تَقُولِي هَكَذَا"، وفي رواية ابن ماجه والطبراني: "فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَلَا تَقُولُوهُ، مَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ"، فنهاها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اللفظ مع كونه يحمل تأويلًا صحيحًا؛ فقد أخبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمور مستقبلية كعلامات الساعة ونحوها، وعلمه بذلك لا شك أنه مما علَّمه الله، فكلام الجارية يحتمل معنى صحيحًا، لكنه في نفس الوقت يحمل في ظاهره معنى باطلًا؛ مقتضاه جعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شريكًا لله في علمه بالغيب، فنهاها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا المعنى الباطل الموهوم، وإن لم يكن مقصودًا.

ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا قال: "مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ"، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجَعَلْتَنِي لِلَّهِ عَدْلًا -أو قال: ندًّا-؟! بَلْ شَاءَ اللَّهُ وَحْدَهُ".

ولا ريب أن الرجل لم يكن يقصد جعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ندًّا لله عز وجل، لكن لمّا كان اللفظ في ظاهره موهمًا لهذا المعنى الباطل؛ بطل هذا اللفظ، وسارع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ردِّه ومنعه؛ لأن العقيدة الصافية الخالصة لا تصلح فيها مثل تلك الألفاظ الموهمات، فلا داعي لتأويلات أبطل الشرع جميع طرائقها، وهدم عليها سراديبها، وجعل إطلاقها من الشركيات التي تعكِّر صفاء التوحيد ونقائه، وتذهب بحقيقته ومنافعه.


وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-06-2022, 11:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أقسام التوحيد وتحريف المبطلين



أقسام التوحيد وتحريف المبطلين (2)

تقسيم التوحيد ليس من مخترعات ابن تيمية









كتبه/ أشرف الشريف


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالحقيقة أن تقسيم التوحيد إلى الأقسام الثلاثة: (توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات) ليس من مخترعات شيخ الإسلام ابن تيمية -كما زعموا!-، بل قال به أئمة وعلماء من السلف قبل ابن تيمية.

فمِن هؤلاء الأئمة: أبو حنيفة (ت: 150هـ) في الفقه الأكبر الذي قال فيه: (وَالله تَعَالَى يُدعى مِن أعلى لَا من أَسْفَل؛ لأنَّ الأَسْفَل لَيْسَ من وصف الربوبية والألوهية فِي شَيْء).

فقوله: "يدعى مِن أعلى لا من أسفل … ": فيه إثبات العلو لله، وهو مِن توحيد الأسماء والصفات، وفيه رد على الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية وغيرهم مِن نفاة العلو.

وقوله: "من وصف الربوبية": فيه إثبات توحيد الربوبية.

وقوله: "والألوهية": فيه إثبات توحيد الألوهية.

ومنهم: القاضي أبو يوسف صاحب أبي حنيفة (ت: 182هـ)، وقد نقل كلامه كل من الحافظ ابن مَنْدَه (ت: 395هـ) في كتابه التوحيد.

ومنهم: الإمام أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني (ت: 535هـ) في كتابه الحجة، وأثر أبي يوسف هذا الذي رواه هذان الإمامان عظيم، القدر مشتمل على أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.

قال الدكتور علي فقيهي في التعليق على هذا الأثر في كتاب التوحيد لابن منده: ( ... وقد ذكر أبو يوسف كلامًا نفيسًا في باب التوحيد هو ظاهر في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات؛ فذكر أنَّ التوحيد لا يكون بالقياس، مبينًا أنَّ القياس لا يكون إلا إذا وجدت علة حيث قال: ألم تسمع إلى قول الله عز وجل في الآيات التي يصف بها نفسه أنَّه عالم قادر قوي ولم يقل إني قادر عالم لعلة كذا، أو أقدر بسبب كذا، قال: ولذلك لا يجوز القياس في التوحيد، ولا يعرف الله إلا بأسمائه، ولا يوصف إلا بصفاته، ثم ذكر أدلة ذلك، ثم قال: لم يقل الله: انظر كيف أنا العالم، وكيف أنا القادر، وإنما قال: انظر كيف خلقت، إلخ، إن ما ذكره رحمه الله لا يحتاج لبيان؛ فراجعه تجد فيه الردَّ على الملحدين في الربوبية وفي الأسماء والصفات مستدلًا بذلك على توحيد العبادة والطاعة لله وحده).

ومنهم: ابن جرير الطبري (ت: 310هـ) في مواطن عديدة من تفسيره، وانظر -على سبيل المثال- كلامه في معنى قوله تعالى: "فاعلم أنه لا إله إلا الله".

ومنهم: أبو جعفر الطحاوي (ت: 321هـ) الذي قال في مقدمة متنه في العقيدة المشهور بالطحاوية: (نَقُولُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ مِثْلُهُ، وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ ... )، فقوله: "إن الله واحد لا شريك له" شامل لأقسام التوحيد الثلاثة؛ فهو سبحانه واحد لا شريك له في ربوبيته، وواحد لا شريك له في ألوهيته، وواحد لا شريك له في أسمائه وصفاته.

وقوله: "ولا شيء مثله" هذا من توحيد الأسماء والصفات.

وقوله: "ولا شيء يعجزه" هذا من توحيد الربوبية.

وقوله: "ولا إله غيره" هذا من توحيد الألوهية.

ومنهم: أبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت: 354هـ) في مقدمة كتابه: "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء"، حيث يقول: (الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، المتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، والعالم بتقلبها وأحوالها، المانِّ عليهم بتواتر آلائه المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته ونفذت فيهم بعزته إرادته ... ).

ومنهم: ابن أبي زيد القيرواني المالكي (ت: 386هـ) حيث قال في مقدمة كتابه الرسالة: (من ذلك الإيمانُ بالقلب، والنُّطقُ باللِّسان أنَّ الله إلَهٌ واحدٌ لا إله غيرُه، ولا شبيهَ له، ولا نَظيرَ له، ولا وَلَدَ له، ولا وَالِدَ له، ولا صاحبة له، ولا شريكَ له، ليس لأَوَّلِيَّتِهِ ابتداءٌ، ولا لآخِرِيَّتِه انقضَاءٌ، لا يَبْلُغُ كُنْهَ صِفَتِهِ الواصفون، ولاَ يُحيطُ بأمرِه المُتَفَكِّرونَ، يَعتَبِرُ المتفَكِّرونَ بآياته، ولا يَتَفكَّرونَ في مَاهِيَةِ ذاتِه، ولا يُحيطون بشيءٍ من عِلمه إلاَّ بِما شاء … إلى أن قال: … تعالَى أن يكونَ في مُلْكِهِ ما لا يُريد، أو يكونَ لأَحَد عنه غِنًى، أو يكون خالقٌ لشيءٍ إلا هو رَبُّ العباد ورَبُّ أعمالِهم، والمُقَدِّرُ لِحَركاتِهم وآجالِهم، الباعثُ الرُّسُل إليهِم لإقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيهم)، فذكر الأقسام الثلاثة.

ومنهم: ابن بطة العكبري (ت: 387هـ) في كتابه: "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة".

ومنهم: الإمام القرطبي (ت: 671 هـ) في تفسيره في مواطن عديدة، قال: (الشِّرْكُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ وَكُلُّهُ مُحَرَّمٌ. وَأَصْلُهُ اعْتِقَادُ شَرِيكٍ لِلَّهِ فِي أُلُوهِيَّتِهِ، وَهُوَ الشِّرْكُ الْأَعْظَمُ، وَهُوَ شِرْكُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ). وَيَلِيهِ فِي الرُّتْبَةِ اعْتِقَادُ شَرِيكٍ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْفِعْلِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مَوْجُودًا مَا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَقِلُّ بِإِحْدَاثِ فِعْلٍ وَإِيجَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ كَوْنَهُ إِلَهًا كَالْقَدَرِيَّةِ مَجُوسِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَقَدْ تَبَرَّأَ مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَيَلِي هَذِهِ الرُّتْبَةَ الْإِشْرَاكُ فِي الْعِبَادَةِ).

ومنهم: أبو بكر الطرطوشي المالكي (ت: 520هـ) في سراج الملوك، حيث قال: (وأشهد له بالربوبية والوحدانية، وبما شهد به لنفسه من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، والنعت الأوفى، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين)، فذكر الأقسام الثلاثة، والنقول في هذا كثيرة.

وقال بهذه الأقسام بعد ذلك: ابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، والشوكاني، والمقريزي، وابن أبي العز، ومحمد بن عبد الوهاب، وجميع تلاميذهم، وملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر حيث يقول: (أقول: فابتداء كلامه سبحانه وتعالى في الفاتحة بالحمد لله رب العالمين يشير إلى تقرير توحيد الربوبية المترتب عليه توحيد الألوهية المقتضي من الخلق تحقيق العبودية، وهو ما يجب على العبد أولًا من معرفة الله سبحانه وتعالى ...).

وللرد على المعاصرين المتكلِّمين المنكرين لهذه الأقسام للتوحيد أقول: إنَّ المتكلمين أنفسهم يقسِّمون التوحيد إلى ثلاثة أقسام، يقول الشهرستاني في "الملل والنحل": (وأما التوحيد فقد قال أهل السنة، وجميع الصفاتية: إن الله تعالى واحد في ذاته لا قسيم له، وواحد في صفاته الأزلية لا نظير له، وواحد في أفعاله لا شريك له).


وتأمل كيف جعل هذه الأمور هي غاية التوحيد، وهذا من طريقة المتكلمين؛ فهم يقررون العقائد والآراء الكاسدة، ثم ينسبون ذلك إلى الحق والسُّنَّة!




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.47 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]