العتاب المستطاب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4441 - عددالزوار : 873601 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3973 - عددالزوار : 405433 )           »          السيرة النبوية لابن هشام 1 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          القهار - القاهر جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          أوليات أشعرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          السحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          مع اسم الله (الوكيل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          القوي - المتين جل جلاله، وتقدست أسماؤه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          اسم الله تعالى: القيوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          بيان خطورة التنكيت بآيات قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-06-2022, 02:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,015
الدولة : Egypt
افتراضي العتاب المستطاب

العتاب المستطاب


محمد بن إبراهيم الحمد



الكلام في العتاب، ومسوغاته، وعوائده، وأساليبه، وما يدور في فلكه يطول. وقد يسر الله أن كتبت في ذلك في مواطن متفرقة. والكلام ههنا سيدور حول نوع لطيف مستعذب من العتاب، وهو مقتبسٌ من بيت شارد لابن سناء الملك في رائعته البائية التي يقول طالعها:
سرىَ طيفُه لا بَلْ سَرى بي سَرابُهُ
وقَد طَارَ مِنْ وَكْرِ الظلام غرابُهُ
وما كان يَدْرِي الطَّيفُ قبلَ طُروقهِ
بأَنَّ انْفِتاحَ الجَفْنِ مِنِّي حِجَابُه
لئِنْ سَرَّ نَفْسي قُرْبُه ودُنُوُّه
لَقد سَاءَها تَشْتِيتُه واغْتِرابُه
ولولا انْغِمارُ القَلْبِ في غَمرةِ الهَوى
لكانَ سَواءً نأْيُه واقْتِرابُه
أَتَتْ مع نِقْسِ اللَّيلِ صفحةُ وجهه
فقلتُ حبيبٌ قد أَتانِي كِتَابُه


ثم قال -وهو الشاهد ههنا-:

وأملى عتاباً يستطاب فليتني
أَطَلْتُ ذنوبي كي يطول عتابُه


وموطنُ الجمالِ في البيت وصفُهُ العتابَ بالمستطاب، وإخباره عن رغبته بمزيد منه، حتى تمنى لو أنه أكثر الذنوب؛ ليحظى بمزيد من العتاب.

وهذا النوع من أعذب العتاب، وأرقِّه، وأرقاه؛ إذ هو عتاب استدعاه سبب معقول؛ ويراد به استدامةُ الود ما بين حبيب وحبيب، ويأتي بقالَبِ لُطْفٍ، ورغبةٍ في إزالة ما علق من شوائب الإخلال والتقصير؛ فلا غرو أن يلقى المحل القابل والقبولَ الحسن على حدِّ قول النابغة الذبياني:
نبئت نُعماً على الهجران عاتبةً
سقياً ورعياً لذاك العاتب الزاري


وقول العباس بن الأحنف:
لو كنتِ عاتبةً لَسَكَّن لوعتي
أملي رضاكِ وزرت غير مراقِبِ

لكن مَللتِ فلم تكن لي حيلةٌ

صَدُّ الملولِ خلاف صدِّ العاتِبِ

بل كلما كان العتاب أكثر رِقَّة كان أنجع وأبلغ أثراً، كما قال أبو الطيب:
ويزيدني غضبُ الأعادي قسوةً
ويُلِمُّ بي عتب الصديق فأجزع


والمحب الصادق العاقل لا يلجأ إلى العتاب، وإن اضطر إليه كان عتاباً يرأب الصدع، ويحفظ سالف الود. والمحب الصادق العاقل - أيضاً - إذا عاتبه محبٌّ له لم يأنف من ذلك العتاب، بل ربما فرح به، واستطعم المعاتِبَ مزيداً منه، كي لا يبقى في نفسه أثراً لكلوم الإساءة أو التقصير؛ فظاهر العتاب -كما في المثل- خير من باطن الحقد.
وكل ذلك نابع من كمال عقله، وحسن ظنه، وثقته بنفسه، ومياسرته لأحبته، ومحافظته على صفاء قلبه، واستبقاء مودَّاته؛ إذ يرى أن المعاتب محب، وأنه لو أراد الصرم لما بادر إلى العتاب.
ولو أن العتاب بين الأحبة سار على هذا الغرار لتوطَّدت العلاقة، ولزالت النفرة، ولكان العتاب سبيلاً للكمال، وذريعة لتلافي التقصير والغفلة والإهمال.
أما إذا سلمك الله من العتاب؛ فَسِرْتَ على حد السماحة، والتغافل، والإعذار _ فذلك من عاجل بشراك، وأمارة سلامة صدرك، وراحة بالك، ونجاتك من غوائل العتاب.
وبالجملة فالعتاب كالدواء يُحتاج إليه أحياناً، ويُحتاج معه إلى مقدار معين، ومحلٍّ قابل؛ فإذا كان كذلك فهو الدواء النافع.
وإن أعطي لسليم، أو زاد المقدار عن الحد، أو كان المحلُّ غيرَ قابلٍ فذاك هو الداء العياء، أو السُّم الناقع، وعليه ينزل قول الحكيم:
فَدَعِ العتاب فربَّ شرٍّ هاج أولُه العتابْ
وقول ابن الرومي:
فَدَعِ الملامةَ للمحبِّ فإنها
بئس الدواءِ لمُوْجَعٍ مِقْلاق
لا تطفئنَّ جوىً بلومٍ إنه
كالريح تغري النار بالإحراق


وقول عمر بن أبي ربيعة:
أردت عتابكم فكَففتُ أني
رأيت الهجر يبدؤه العتاب

وكم قد قُلْتَ من قولٍ لدينا
له لولا محبتكم جوابُ




محافظة الزلفي 29- 10 - 1443هـ









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.08 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]