الطي والنشر لفضائل العشر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 774 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 128 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2022, 06:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي الطي والنشر لفضائل العشر

الطي والنشر لفضائل العشر
وضاح سيف الجبزي

الحمد لله أرشد النفوس إلى هداها، وحذَّرَها من رَدَاها، ودعاها وحدَاها، وبيَّن أنه ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9-10]، أحمده سبحانه وأشكره على نِعَمٍ لا تُحْصَى، وآلاء لا تتناهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رضينا به ربًّا ومعبودًا وسيدًا وإلهًا.

وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، أعلى الخلق منزلة، وأعظمهم عنده جاها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ما طلعت شمسٌ وضحاها، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ما أشرقتْ أرضٌ بضياها، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تجلى في الخافقين رباها.

حلَّ في القلب حبُّ طه فتاه
إنَّما الفخرُ كلُّه حبُّ طه
إنَّ مَنْ ذاق حبَّه لم تصِدهُ
ذاتُ حسنٍ بحليها وحلاها
حبُّ طه ينجي النفوس إذا ما
عن قريب داعي المنونِ دعاها
إنَّ أرضًا لم تحوِ طه لأرضٌ
سَئِمَ القلبُ ماءها ونداها


فاللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته، ومن سار على نهجه، واقتفى أثره، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، وبعـــد:

إن شئتَ تبلغُ منتهى الأملِ
ها قد تجلت فرصةُ الأزلِ
فمواهبُ الرحمن أبحرُها
حُشِدت بعشر الحجة الأُوَلِ
هي خير أيام الزمان كما
قال المُشفَّعُ خاتمُ الرُّسُلِ
والأجر فيها ليس يعدِلُه
أجرٌ سواه لصالح العمل
ويفوق فضلَ(القدر) (تاسعُها)
ببهائه من سائر السبُلِ
فبها الملائك أُنزلت وبهِ
يتنزَّل الرحمنُ خيرُ ولي
وإذا ليالي القدرِ خافيةٌ
(عرفاتُ) يومٌ واضحٌ وجلي


عباد الله، المرءُ بحُسن عملِه لا بطُول عُمره، ولقد عوَّضَ اللهُ أمةَ الإسلام عن قِصَر أعمارِها بركَةَ أعمالِها، ومواسِمَ خيراتٍ مِن نفَحَاتِ دَهرِها، في نفَحَاتٍ ومُناسبَاتٍ لا تتناهَى.

والمسلم يعيش مباركًا في العمل وفي الزمن، وأعظم البركة في العمل: الطاعةُ؛ إذ هي بركة على أهلها كما يقول تعالى: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ﴾ [الأنعام: 160].

عباد الله، وأعظمُ الزمن بركةً (عشر ذي الحجة)؛ إذ لها مكانة عظيمة عند الله تعالى، وقد جعلها موسمًا للخيرات، تضاعف فيه الحسنات، وتتنزل الرحمات، وتجاب الدعوات، فالسعيد من تعرَّض لهذه النفحات، واغتنم فيها الأوقات، واشتغل فيها بالصالحات
.
فمن فضائلها: أن الله تعالى أقسم بها فقال: ﴿ وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾[الفجر: 2].

قال ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف: هي عشر ذي الحجة, ولا يقسم تعالى إلا بعظيم، ومما يدل على ذلك أن الله لا يقسم إلا بأعظم المخلوقات كالسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم والرياح، ولا يقسم إلا بأعظم الأزمان: كالفجر والعصر والضحى والليل والنهار والعشر، ولا يقسم إلا بأعظم الأمكنة كالقسم بمكة، وله أن يقسم بما يشاء من خلقه، ولا يجوز لخلقه أن يقسموا إلا به، فالقسمُ بها يدل على عظمتها ورفعةِ مكانتها وتعظيمِ اللهِ لها[1].

ومن فضائلها أن الله تعالى قرَنها بأفضل الأوقات، والقرين بالمقارن يقتدي، فقد قرنها بالفجر، وبالشفع والوتر، وبالليل.

أما اقترانها بالفجر، فلأنه الذي بحلوله تعود الحياة إلى الأبدان بعد الموت، وتعود الأنوار بعد الظلمة، والحركة بعد السكون، والقوة بعد الضعف، وتجتمع فيه الملائكة، وهو أقرب الأوقات إلى النزول الإلهي في الثلث الأخير من الليل، وبه يُعرف أهل الإيمان من أهل النفاق، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا»[2]، فالفجر أشرف وأجل أوقات اليوم، ومبعث النشاط والحركة والانتشار، فأقسَم الله به.

وقرَنها بالشفع والوتر؛ لأنهما العددان المكوِّنان للمخلوقات، فما من مخلوق إلا وهو شفع أو وتر، وحتى العشر فيها شفع وهو النحر، وفيها وتر وهو عرفة.

وقرَنها بالليل لفضله، فقد قُدِّم على النهار، وذُكِرَ في القرآن أكثر من النهار؛ إذ ذُكر اثنتين وسبعين مرة، والنهار سبعًا وخمسين مرة، وهو أفضلُ وقت لنفل الصلاة، وهو أقربُ إلى الإخلاص؛ لأنه زمن خلوة وانفراد، وهو أقرب إلى مراقبة الرب تعالى؛ إذ لا يراه ولا يسمعه ولا يعلم بحاله إلا الله، وهو أقرب إلى إجابة الدعاء وإعطاء السؤال ومغفرة الذنوب؛ إذ يقول الرب في آخره: (مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ)[3].

كما مُيِّز به أهلُ الجنة في قوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات: 17]، وفي قوله: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]، ومُيِّز به عبادُ الرحمن في قوله: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾[الفرقان: 64].

ومن فضائلها أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الزكاة لمن حال عليه الحول فيها، وفيها الصوم لمن أراد التطوع، أو لم يجد الهدي، وفيها الحج إلى البيت الحرام ولا يكون في غيرها، وفيها الذكر والتلبية والدعاء الذي يدل على التوحيد، وغير ذلك من العبادات، واجتماع العبادات فيها شرفٌ لها لا يضاهيها فيه غيرُها، ولا يساويها سواها.

يقول ابن حجر: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يأتي ذلك في غيره[4].

وقد نصَّ بعض الأئمَّة على استحباب صيامِ هذه الأيام استحبابًا شديدًا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-07-2022, 06:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الطي والنشر لفضائل العشر

وكان ابن جبير يقول: لا تُطفؤوا سرجكم ليال العشر[5].
وكان أيضًا إذا دخل أيَّامُ العَشْرِ اجتهد اجتهادًا شديدًا، حتى ما يكاد يُقدَر عليه[6].

ليالي العشر أوقاتُ الإجابة
فبادر رغبةً والْحَقْ ثوابه

من أوقات الليالي العشر حقًّا
فشمِّر واطلبنْ فيها الإنابهْ


ومن فضائلها: أنها أفضل أيام الدَّهر على الإطلاق؛ حيث قال -صلى الله عليه وسلم - فيها: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ العَشْرِ»[7]، فهي أفضل أيام الدَّهر؛ دقائقُها وساعاتُها وأيامُها، بل ولحظاتُها وأنفاسُها.

وفي قوله: ﴿ وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 2]؛ يدلُّ على فضيلَةِ الليالي أيضًا، فينسحبُ فضل الأيَّامِ العشر على لياليها، فالأيَّامُ إذا أُطلِقَتْ دخلتْ فيها اللّيالي تبعًا، وكذلك اللّيالي تدخُلُ أيَّامُها تبعًا.

إذًا هي موسم للربح، طريق للنجاة، وهي ميدان السبق إلى الخيرات، لقوله صلوات ربي وسلامه عليه: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»[8].

وفي رواية: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»[9].

في سنن الدارمي بسند صحيح عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى»، قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»[10]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَمِلٍ أَرْجَا عِنْدَ اللهِ وَلاَ أَعْظَمَ مَنْزِلَةً مِنْ خَيْرٍ عُمِلَ بِهِ فِي الْعَشْرِ مِنَ الأَضْحَى»[11].

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ»[12].

وهذه الأحاديث جميعُها تدلُّ على مضاعفة جميع الأعمال الصالحة من غير تخصيص أو استثناء.




أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة، إنه هو الغفور التواب الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي لا خيرَ إلا منه، ولا فضلَ إلا من لدُنه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، سميعٌ لمن يُنادِيه، قريبٌ ممن يُناجِيه، وأشهد أن نبيَّنا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والسائرين على ذلك السبيل، وسائر المُنتمين إلى ذلك القَبيل.

أي عباد الله: وفضائل العشر كثيرة لا ينبغي للمسلم أن يضيِّعها، بل ينبغي أن يغتنمها، وأن يسابق إلى الخيرات فيها، وأن يشغلها بالعمل الصالح.

أيام العشر هي أيام ذكر الله، قال الله تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28]، وروى الإمام أحمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ»[13].

واستحب الإمام الشافعي رضوان الله عليه إظهارَ التكبير[14].

وأورد الإمام البخاري عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كانا «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا»[15].

وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا»[16].

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما «يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا»[17].

وروى المروزي عن ميمون بن مهران، قال: أدركت الناس وإنهم ليكبِّرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير[18].

ومع الإكثار من التكبير يكون الإكثارُ من التسبيح والتهليل والتحميد والذكر، وقراءة القرآن؛ فإنه أفضل الذكر، وفيه الهدى والرحمة والبركة والعظمة والتأثير والشفاء، وليعلم المسلم بأن الذكر هو أحب الكلام إلى الله تعالى، وهو سبب النجاة في الدنيا والآخرة، وهو سبب الفلاح، وحفظ لصاحبه من الزيغ والهلاك، وبه يُكَر العبد عند الله، ويصلي الله وملائكته على الذاكر، وهو أقوى سلاح، وهو خير الأعمال وأزكاها وأرفعها في الدرجات، وخير من النفقة، وبه يضاعف الله الأجر، ويغفر الوزر، ويثقل الميزان، ومجالسه هي مجالس الملائكة، ومجالس المغفرة والإيمان والسعادة والرحمة والسكينة، ﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾[النساء: 103].

فينبغي يا عباد الله الإكثارُ من الأعمال الصالحة فيها:
فالعمل الصالح محبوب لله (تعالى) في كل زمان ومكان، ويتأكد في هذه الأيام المباركة، وهذا يعني فضل العمل فيها، وعِظَم ثوابه، فعلى المرء أن يعمُر وقته في هذه العشر بطاعة الله (تعالى)، من تعظيم الله تعالى، ومراقبته، وخشيته، والصدق معه، والإخلاص له، والإكثار من الصلاة، والصيام، وقراءة القرآن، والذكر، والدعاء، والصدقة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتفريج الكرب وقضاء الحوائج، وغير ذلك من طرق الخير، وأبواب البر.

فاسرج خيول الصالحات ودعْ
أيقونةَ التسويفِ والكسلِ

صُمْ صلِّ أنفِقْ يا أُخيَّ وكنْ
بدُعاء ربِّك خيرَ مُبتهلِ
سبِّحْ وكبِّرْ راجيًا وجِلًا
واحمدْ وهلِّلْ دونما كللِ
وابحثْ عن الأرحام مجتهدًا
ولَهُمْ بِبِرِّك والعطاء صِلِ
وامسحْ دموع البائسين بما
يُنجيك يوم الحادث الجللِ
يا رب وفقنا بها وأعنّ
ا بالذي يرضيك يا أملي

وعلى محمد صلِّ ما سطعتْ
شمسٌ وما الذكر الحكيم تُلي


عباد الله، فدونكم الفضائل فاغتنموها، وإياكم والتواني والكسل، ولنعلم أن لله جل وعلا نفحاتٍ في أيامه، فلنهتبل الفرصة، ولنستكثر من الحسنات، علَّ الله جل وعلا أن يعفو عن زلاتنا وسيئاتنا.

ختامًا: عبد الله،
فأَسْعِدِ الناسَ تلقَ السُّعدَ بينهمُ
فأَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ قد أَسْعَدَ النّاسا!
أنفِق ولا تخشَ مِن فقرٍ ومسكنةٍ
ولا تخفْ من عظيم الجودِ إفلاسا!


اللهم نسألك أن تبارك لنا في أعمالنا، وتتقبلها منا.

إلهي، هذا ضعفنا وذلُّنا ظاهر بين يديك، وهذا حالنا لا يَخفى عليك، أنت المعافي فعافنا، واعفو عنا، وتولَّى أمرنا.

اللهم ارفَع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا، والزلازل والمِحَن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بَطن، عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

[1] ينظر: تفسير الطبري(24/ 396 وما بعدها)، تفسير المنتصر(255/ 2).

[2] رواه الطبراني في المعجم الأوسط، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (1/ 229)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير (1/ 547).

[3] رواه البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل (2/ 53)، وفي باب الدعاء نصف الليل(8/ 71).

[4] فتح الباري(2/ 460).

[5] الغنية لطالب طريق الحق(2/ 40).

[6] الترغيب والترهيب للمنذري (2/ 127).

[7] رواه البزار في كشف الأستار، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، باب في أيام العشر (2/ 28)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 32).

[8] رواه أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (4/ 33)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 31).

[9] رواه البخاري في صحيحه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب فضل العمل في أيام التشريق (2/ 20).

[10] رواه الدارمي في سننه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب فضل العمل في العشر (2/ 1113)، حسنه الألباني، إرواء الغليل (3/ 398).

[11] رواه أبو عوانة في مستخرجه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب بيان الترغيب في صوم شعبان، وصفة صوم النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يصم في عشر ذي الحجة ولا يوم عرفة، وبيان الترغيب في العمل في عشر ذي الحجة (2/ 246)، حسنه الألباني، إرواء الغليل (3/ 398).

[12] رواه أحمد في المسند، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (9/ 323)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

[13] رواه أحمد في المسند، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (9/ 323)، قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

[14] الحاوي الكبير (2/ 484).

[15] صحيح البخاري (2/ 20).

[16] المصدر نفسه.

[17] المصدر نفسه.

[18] فتح الباري (9/ 9).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.17 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]